إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الحج والعمرة والزيارة





مصور مواقيت الإحرام
مصور منطقة الحرم
مصور مشاعر الحج
مصور المدينة المنورة
خلاصة أحكام الحج




المبحث الرابع

المبحث الرابع

العُمرة، وزيارة المدينة المنورة

أولاً: العُمرة

1. العُمرة لغة واصطلاحاً

العمرة في اللغة: الزيارة ، أو القصد. وقيل: إنما اختُص الاعتمار بقصد الكعبة؛ لأنه قصد إلى موضع عامر[1]. وأمّا العمرة اصطلاحاً وشرعاً فالمقصود بها أداء نُسك وعبادة، يُستهل بالإحرام والتلبية، ثم قصد الكعبة والطواف حولها، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير[2].

2. مشروعية العمرة

شُرعت العمرة لقوله تعالى: ]وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ[ (سورة البقرة: الآية 196). وقول رسول الله r ]حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 852).، لمن سأله: "إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لاَ يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلا الْعُمْرَةَ وَلاَ الظَّعْنَ"[3].

3. حكم العمرة

إذا كان الحج فرضا بالإجماع، فقد اختلف العلماء في حُكم العمرة، فذهب جماعة من العلماء إلى أنها فرض كالحج، ودليلهم قول الله تعالى ]وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ[ (سورة البقرة: الآية 196). ومقتضى الأمر الوجوب، وقد عطفها الله تعالى على الحج، والأصل في اللغة التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه.

قال ابن جرير الطبري، في تفسير هذه الآية الكريمة: "فتأويل هؤلاء، في قوله تبارك وتعالى ]وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ[ (سورة البقرة: الآية 196). في أنهما فرضان واجبان، من الله تبارك وتعالى، بأمر إقامتهما، كما أمر بإقامة الصلاة، وأوجب العمرة بوجوب الحج". وقالوا: معنى قوله ]وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه [(سورة البقرة: الآية 196): وأقيموا الحج والعمرة لله.

وذهب الشافعي t إلى أن ظاهر هذه الآية ـ إن لم يكن باطنها ـ يدل على أن العمرة واجبة، قال: والذي هو أشبه بظاهر القرآن وأولى بأهل العلم عندي، وأسأل الله التوفيق أن تكون العمرة واجبة، فإن الله U قرنها مع الحج فقال ] وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ[ (سورة البقرة: الآية 196). وأن رسول الله r اعتمر قبل أن يحج، وأن رسول الله r سنّ إحرامها والخروج منها بطواف وحلاق وميقات. وفي الحج زيادة على العمرة، فظاهر القرآن أولى إذا لم يكن دلالة على أنه باطن دون ظاهر.

وعن أبي رزين t رجل من بني عامر ـ أنه قال: يا رسول الله r، إن أبي شيخ كبير، لا يستطيع الحج ولا العمرة، ولا الظعن. قال: ]‏احْجُجْ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 1545).

قال الإمام أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثاً أجود من هذا، ولا أصح منه. وذهب جماعة من العلماء إلى أن العمرة ليست بفرض. وإنما هي واجبة، أو سنة. قال مالك: العمرة سُنة، ولا نعلم أحدا من المسلمين أرخص في تركها.

عن جابر t أن النبي r سُئل عن العمرة أواجبة هي؟ قال ]‏لا وَأَنْ تَعْتَمِرُوا هُوَ أَفْضَلُ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 853). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول بعض أهل العلم، العمرة ليست واجبة. وعن طلحة بن عبيد الله أنه سمع رسول الله r يقول ]الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 2980). وعن عمرو بن حزم أن رسول الله r كتب إلى أهل اليمن، وكان في الكتاب ]أن العمرة هي الحج الأصغر[.

فوصفها بالصغر دليل على أن رتبتها دون الحج، فإذا كان الحج فرضا، فيجب أن تكون هي واجبة، إذ الواجب دون الفرض.

4. وقت العمرة

القول الذي عليه جمهور الفقهاء هو أن العمرة جائزة بلا كراهية، في جميع أيام السنة. قبل الحج وبعده؛ فقد قال ابن عمر t، لا بأس على أحد أن يعتمر قبل الحج، فقد اعتمر النبي r قبل الحج.

وثبت أن عائشة رضي الله عنها، اعتمرت بعد الحج في ذي الحجة. وكان ذلك في حجة الوداع.

عن عائشة رضي الله عنها قالت:]خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ‏r‏ ‏مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحَجَّةِ فَقَالَ لَنَا ‏مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ قَالَتْ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَأَظَلَّنِي يَوْمُ ‏عَرَفَةَ ‏وَأَنَا حَائِضٌ فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ r‏ ‏فَقَالَ ‏ارْفُضِي ‏عُمْرَتَكِ ‏وَانْقُضِي ‏رَأْسَكِ ‏وَامْتَشِطِي ‏وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ ‏الْحَصْبَةِ ‏أَرْسَلَ مَعِي ‏عَبْدَ الرَّحْمَنِ ‏إِلَى ‏التَّنْعِيمِ ‏ ‏فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1658).

وعند الأحناف، تُكره العمرة في خمسة أيام محددة من السنة هي: يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق (ثاني وثالث ورابع أيام العيد) لأن الحاج يكون مشغولاً بأداء الحج إلا إذا قضى القران أو التمتع، فلا بأس بها في حق المُحْرم، من داخل المواقيت.

5. أعمال العمرة وصفتها

أ. الإحرام.

ب. الطواف.

ج. السعي بين الصفا والمروة.

د.  الحلق أو التقصير.

6. تكرار العمرة

اختلف العلماء حول تكرار العمرة في السنة أكثر من مرة؛ فَكِرَه ذلك طائفة منهم، وهو مذهب الإمام مالك. وقال إبراهيم النخعي: ما كانوا يعتمرون في السنة إلا مرة واحدة، وذلك لأن النبي r وأصحابه لم يكونوا يعتمرون إلا عمرة واحدة، لم يعتمروا في عام مرتين، فتكره الزيادة على ما فعلوه، ولأنه في كتاب النبي r الذي كتبه لعمر بن حزم ]‏إن العمرة هي الحج الأصغر[، وقد دل القرآن على ذلك بقوله تعالى]يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ[ (سورة التوبة: الآية 3). والحج لا يشرع في العام إلا مرة، فكذلك العمرة.

ورخص في ذلك آخرون، وهو مذهب الشافعي، وأحمد، وهو المروي عن الصحابة كعليّ وابن عمر وابن عباس، وأنس؛ لأن عائشة اعتمرت في شهر مرتين بأمر النبي r، عمرتها التي كانت مع الحجة، والعمرة التي اعتمرتها من التنعيم بأمر النبي r ليلة الحصبة، التي تلي أيام منى، وهي ليلة أربعة عشر من ذي الحجة، وهذا على قول الجمهور، الذين يقولون لم ترفض عمرتها، وإنما كانت قارنة.

وروى الإمام الشافعي عن علي بن أبي طالب t أنه قال: في كل شهر مرة، وعن أنس أنه كان إذا حمم رأسه خرج فاعتمر، وروى وكيع عن إسرائيل، عن سويد بن أبي ناجية، عن أبي جعفر، قال: قال علي: اعتمر في الشهر إن طقت مرارا. وروى سعيد بن منصور عن سفيان عن ابن أبي حسين عن بعض ولد أنس: أن أنسا كان إذا كان بمكة فحمم رأسه خرج إلى التنعيم، واعتمر.

قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية: "وهذه ـ والله أعلم ـ هي عمرة المحرّم، فإنهم كانوا يقيمون بمكة إلى المحرّم ثم يعتمرون. وهو يقتضي أن العمرة من مكة مشروعة في الجملة، وهذا مما لا نزاع فيه، والأئمة متفقون على جواز ذلك، وهو معنى الحديث المشهور مرسلا: عن ابن سيرين، قال:]وقّت رسول الله r لأهل مكة التنعيم [ وقال عكرمة: يعتمر إذا أمكن الموسى من رأسه، إن شاء اعتمر في كل شهر مرتين، وفي رواية عنه: اعتمر في الشهر مراراً.

7. العمرة في رمضان

ورد في الصحيحين، أن رسول الله r، قال لامرأة من الأنصار: ]مَا مَنَعَكِ أَنْ تَحُجِّينَ مَعَنَا؟[ قَالَتْ: "كَانَ لَنَا نَاضِحٌ فَرَكِبَهُ أَبُو فلانٍ وَابْنُهُ لِزَوْجِهَا وَابْنِهَا، وَتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضَحُ عَلَيْه.ِ قَالَ: ]فَإِذَا كَانَ رَمَضَانُ اعْتَمِرِي فِيهِ، فَإِنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ حَجَّةٌ[ (الناضح: البعير) (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1657).

وفي الصحيحين، عن ابن عباس، عن النبي r، قال لأم سنان الأنصارية ]عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً، أَوْ حَجَّةً مَعِي[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1730). تقضي، تعني: تعدل أو تساوي.

ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذه الأحاديث تبين أنه أراد بذلك، العمرة التي كان المخاطبون يعرفونها، وهي قدوم الرجل إلى مكة معتمراً. وأنه لم يخبر بذلك أهل مكة المقيمين بها، ليعتمروا كل عام في شهر رمضان، وإنما أخبر بذلك من كان بالمدينة، لمّا ذكر له مانعا منعه السفر للحج، فأخبره أن الحج جهاد في سبيل الله، وأن عمرة في رمضان تعدل حجة، وهذا ظاهر، لأن المعتمر في رمضان إن عاد إلى بلده، فقد أتى بسفر كامل للعمرة، ذهاباً وإياباً، في شهر رمضان المعظم، فاجتمع له حرمة شهر رمضان، وحرمة العمرة، وصار ما في ذلك من شرف الزمان والمكان، يناسب أن يعدل بما في الحج من شرف الزمان، وهو أشهر الحج، وشرف المكان.

وقوله r للمرأة ]عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1730). لأن المرأة أرادت الحج معه فتعذر ذلك عليها، فأخبرها بما يقوم مقام ذلك، لها ولمن بمنزلتها من الصحابة. وليس المقصود، أن كل عمرة، سواء من الميقات أو من مكة، تعدل حجة معه ، لأن من المعلوم بداهة، أن الحج التام نُسك أفضل من عمرة رمضان، وغاية ما يحصله الحديث: أن يكون ثواب العمرة من الميقات في رمضان معادلاً لثواب حجه.

8. عمرات النبي r ووقتها

اعتمر النبي r بعد هجرته أربع عمرات، ثلاثاً منها في ذي القعدة، والرابعة مع حجته. وصفها على النحو التالي:

أ. عمرة الحديبية ـ والحديبية مكان وراء الجبل، الذي بالتنعيم، عند مساجد عائشة رضي الله عنها، وقد صدّ المشركون النبي عن البيت، فصالحهم وحل من إحرامه وانصرف. 

ب. وعمرة من العام المقبل، في ذي القعدة، حيث صالح قريشاً، وسميت عمرة "القضية" و"القضاء" لأن النبي قاضى قريشا فيها، وليس لأن العمرة وقعت قضاء، عن العمرة التي صُد عنها. 

ج. عمرة الجعرانة، وسببها أن الرسول r كان قد قاتل المشركين بحنين، وهي من ناحية المشرق جهة الطائف. وبينها وبين غزوة بدر، ست سنين. ثم حاصر المشركين بالطائف، ثم رجع وقسّم غنائم حنين بالجعرانة، حيث أهلّ بالعمرة من الجعرانة داخلا إلى مكة، لا خارجا عنها للإحرام.

د. والعمرة الرابعة كانت مع حجته، حين قرن بين العمرة والحج باتفاق الصحابة وأهل العلم بسنته.

روى البخاري عن همام عن قتادة قال: سألت أنسا كم اعتمر النبي ؟ قال: اعتمر أربع عمر في ذي القعدة، إلا التي مع حجته؛ عمرته من الحديبية، ومن العام المقبل، ومن الجعرانة حيث قسم غنائم حنين.

9. فضل العمرة

وردت أحاديث كثيرة تبين فضل العمرة، وما أعده الله لعمار بيته من الثواب، والأجر العظيم، مما يُعد خير حافز للمؤمنين، على المبادرة إلى أدائها والاستزادة منها لمن كان قادرا عليها.

ومن ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال: ]الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ ‏‏لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1650).

وعن عبدالله بن مسعود t قال: قال رسول الله r ]‏تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ الْمَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلاَّ الْجَنَّةُ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 738).

وعن أبي هريرة t عن رسول الله  rقال: ] الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللَّهِ إِنْ دَعَوْهُ أَجَابَهُمْ وَإِنْ اسْتَغْفَرُوهُ غَفَرَ لَهُمْ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 2883).

10. حكمة العمرة وغاياتها

للعمرة حكم بالغة، وغاية عظيمة، ففيها صفاء للنفس، وتطهر للروح. تُجدد الإيمان في القلوب، وتزرع الأمان في النفوس، كما أنها نموذج للوحدة بين الناس، والتساوي بين الخلق، تجدد الذكريات وتحيي النفوس. ومن هذه الحِكم والغايات:

أ. العمرة رحلة الصفاء والتطهر

تبدأ أعمال العمرة بالاغتسال الظاهر، بالنظافة الجسمية التي ستعقبها نظافة روحية. فإذا ما تم ذلك يتوب المسلم لربه توبة خالصة نصوحا، نادما على ما فعل من آثام، مقلعا عن الذنب، عازما عزما لا يلين على ألا يعود إلى ذنب أبدا، متجها بتوبته إلى الله تعالى طالبا منه العون والتوفيق، راجياً مرضاته. ثم يلبس ملابس الإحرام تأكيداً لهذا التطهر، قائلاً: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك، لا شريك لك".

ثم يتجه إلى البيت الحرام، وعند دخوله، فمن السنة أن يقول المعتمر: "بسم الله، وبالله، ومن الله، وإلى الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله r". تعبيراً عن الاستجابة إلى الله.

ويبدأ بالطواف، باسم الله والله أكبر. ويستلم الحجر الأسود. وكأنّ المسلم بهذا الاستلام لهذا الأثر الإبراهيمي، يعاهد الله على ألا ينحرف عن الملة الحنيفية، وأن يكون على ممر السنين تابعا لهذا الرسول العربي الذي بعثه الله رحمة للعالمين.

إنه يطوف معلقا قلبه وبصره وسمعه وكيانه كله برب البيت. إنه يطوف داعياً ومؤملاً لعل الستائر ترتفع، والحجب تنكشف، والأقنعة تزول، والباب يُفتح، وليتفضل رب البيت بالقبول. إنه يطوف خاشعا خاضعا يدعو ويتضرع، لعله يشعر بنسمات الرضا، وهو يردد بين الركنين ]رَبَّنَا ءَاتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار[ِ (سورة البقرة: الآية 201).

ويذهب إلى المسعى مبتدئاً من الصفا، أي من الصفاء، ذاهباً إلى المروة أي إلى الري، وإلى المروءة، يتزود منهما، ويكر ساعياً إلى الصفاء من جديد، ليزداد صفاءً ونوراً ... وهكذا، يظل يسعى من الصفاء إلى الري، ومن الري إلى الصفاء.

وتنتهي أعمال العمرة بحلق الشعر أو تقصيره امتثالاً لأمر الله، واتباعًا لسنة رسوله r فتصفو النفس، وتطهر. وكما بدأت أعمال العمرة بالنظافة الجسمية تختم كذلك بالنظافة، قد يكون لباس إحرامه متسخاً وجسده منهكاً مهدوداً، ولكن باطنه طاهر يشع نوراً ويقيناً، وروحه حية يقظة، تزداد شفافية وإيماناً.

ب. العمرة تجدد الإيمان

العمرة تجديد للإيمان، فكأن المعتمر يبايع ربه مباشرة، عندما يحرم من الميقات مردداً لبيك اللهم لبيك. فالإحرام يثير في المعتمر شعوري الجدّ والقصد، ويجعله بعيداً عن الغفلة والعبث والفضول، ويخرجه من زخرف الدنيا الزائلة. ويتجلى ذلك في محظورات الإحرام التي يلتزم بها المعتمر من بداية إحرامه إلى نهايته، وهي أحكام وآداب خاصة تهيئ للعمرة قدسيتها وتعمق لها أثرها.

ج. العمرة نموذج للوحدة والمساواة والانضباط

العمرة في حقيقتها مسيرة نحو الله. ويرتبط تاريخ الحج والعمرة بحياة إبراهيم وإسماعيل ـ عليهما السلام ـ اللذين لم يقبلا نظام الحياة في العراق الذي كان قائماً على الشرك، فهجرا ذلك البلد الخصيب، وقد كان مركز الشرك، لكي يعبدا الله الواحد الأحد. وتوجها إلى الصحراء العربية الجدباء، التي لم يكن شيء فيها يحول بين الخالق ومخلوقه. وهناك قاما ببناء بيت الله، وجعلا الله الواحد مرجعهم الأوحد، ورفعا قواعد البيت بأمر من الله ليكون مقصداً عالمياً لعبادة الله الواحد الأحد، وهذا البيت مركز تلك الوحدة. فالهدف الإلهي لبناء الكعبة هو إعداد مركز لأهل التوحيد يؤمه الناس من قريب ومن بعيد. وقد هيأ الله أسباباً تاريخية حول الكعبة لتنجذب إليها قلوب الناس، فيقصدونها جماعات وفرادى، فبيت الله هو المركز الإسلامي العالمي إلى أن تقوم الساعة.

إن ما يفعله المعتمرون من إحرام، ثم تجمعهم بمكة، وبدئهم بالطواف ثم سعيهم بين الصفا والمروة، ثم الحلق أو التقصير والتحلل، كل هذا إنما يدل على توحد المسلك، وتوحد المشاعر. التوحد في نقطة البدء والختام، في تناغم وحب، تحت مظلة إله واحد قادر.

فحياة المسلم لا بدّ أن تكون حياة منضبطة ومنظّمة، ورحلة العمرة وسيلة لتربية خاصة، على هذه الحياة المنضبطة المنظمة.

فلكل منسك، منذ الدخول في الأرض الحرام، بداية، فمن تعدّى الميقات، من غير إحرام، قدّم الفدية وأراق دم الجزاء، أو رجع إلى الميقات. ومن لم يبتدئ بالحجر والركن، لم يحسب له من أشواط الطواف إلا ما بدأ فيه من الحجر. ومن بدأ أشواط السعي من المروة لم يحسب له منها إلا منذ بدايته من الصفا.

وأروع ما في آداب العمرة، تحريم التدافع، أو الزحام بالأيدي، أو رفع الأصوات، حتى عند الحجر الأسود، الذي يُفضل استلامه أو تقبيله، نجد استلامه سنّة، بينما الكفّ عن أذى الناس واجب، فتُركت السنة لأجل الواجب، وحلّت الإشارة مكان الاستلام، وحلّ الإيماء مكان التقبيل.

واللسان من أكثر الأشياء التي يتأذى منها الناس، في حياتهم، فلا يجرح عواطفهم شيء، قدر ما تجرحها ألسنة بعضهم.. ويحدث خلال أعمال العمرة، بسبب تجمع عدد كبير من الناس، في مكان واحد، أن تزلّ ألسنة بعضهم، فتجرح مشاعر الآخرين. ولذلك جُعل موسم العمرة، مناسبة خاصة لتربية المسلمين، مع مراعاة الحذر في الكلام. وقد قال رسول الله r: ]من قضى نسكه وسلم المسلمون من لسانه ويده، غُفر له ما تقدّم من ذنبه[.

د. العمرة إحياء لأخلد ذكريات عرفها البشر

العمرة موسم عبادة تصفو فيه الأرواح، وهي تستشعر قربها من الله في بيته الحرام. وهي ترف حول هذا البيت وتستروح الذكريات التي تعد أخلد ذكريات عرفها البشر.

ذكريات تحيط به وترف كالأطياف من قريب ومن بعيد، طيف إبراهيم الخليل u وهو يُودِعُ البيت فلذة كبده إسماعيل u وأمه، ويتوجه بقلبه الخافق إلى ربه ]رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ[ (سورة إبراهيم: الآية 37).

وطيف هاجر، وهي تستروح الماء لنفسها، ولطفلها الرضيع، في تلك الحرة الملتهبة، حول البيت، وهي تهرول بين الصفا والمروة وقد أعياها العطش، وهدها الجهد. وأضناها الإشفاق على الطفل. ثم ترجع في الجولة السابعة وقد حطمها اليأس لتجد النبع يتدفق بين يدي الطفل الرضيع الوضيء. وإذا هي زمزم ينبوع الرحمة في صحراء اليأس والجدب.

وطيف إبراهيم وإسماعيل ـ عليهما السلام ـ وهما يرفعان القواعد من البيت، في إنابة وخشوع ]رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[ (سورة البقرة: الآيتان 127، 128).

ثم تتواكب الأطياف والذكريات، من محمد r، وهو يدرج في طفولته وصباه، فوق هذا الثرى، حول هذا البيت ... وهو يرفع الحجر الأسود بيديه الكريمتين، فيضعه موضعه، ليطفئ الفتنة التي كادت تنشب بين القبائل، وهو يصلّي ... وهو يطوف ... وهو يخطب ... وهو يعتكف. وإن خطواته r لتنبض حية في الخاطر، وتتمثل شاخصة في الضمير، يكاد المعتمر هناك يلمحها، وهو مستغرق في تلك الذكريات. وخطوات الحشد من صحابته الكرام، وأطيافهم، ترف، وتدف فوق هذا الثرى، حول ذلك البيت، تكاد تسمعها الآذان وتكاد تراها الأبصار.

ثانياً: زيارة المدينة المنورة (اُنظر شكل مصور المدينة المنورة)

1. فضل المدينة المنورة

المدينة، هي البلد الذي اختاره الله تعالى لهجرة نبيه r، واستيطانه ومدفنه، واكتمال تنزيل الوحي. وهي تشتمل على أفضل بقاع الأرض بالإجماع، وهو الموضع الذي ضم الجسد الطاهر، على صاحبه أفضل الصلاة والسلام.

والصلاة في مسجد النبي r، تربو على الصلاة في غيره، بألف صلاة. فعن أبي هريرة t، عن النبي r قال: ]صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاّ الْمَسْجِدَ الْحَرَام[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 2469). ومن أجل مضاعفة الثواب تشد الرحال إليه. فعن أبي هريرة t، عن النبي r قال ]لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى ‏وَمَسْجِدِي [(صحيح البخاري، الحديث الرقم 1122).

وقد رغّب r في المقام بالمدينة، ودعا لها بالبركة، وأحب r العيش بها.

عن أنس t ]أَنَّ النَّبِيَّ ‏r‏ كَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَنَظَرَ إِلَى جُدُرَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى دَابَّةٍ حَرَّكَهَا مِنْ حُبِّهَا [ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1753).

وعنه t، عن النبي r قال: ]اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا بِمَكَّةَ مِنْ الْبَرَكَةِ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 2432).

وخُصّت المدينة، بتلك البقعة المباركة، التي بين القبر الشريف والمنبر، فهي روضة من رياض الجنة. فعن أبي هريرة t عن النبي r، قال: ]مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي‏[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6790).

من أجل كل هذا الفضل، يُسنّ للحاج والمعتمر، قَصْدُ المدينة المنورة، بغرض زيارتها والسلام على النبي عند قبره، والصلاة في مسجده.

وزيارته ، من سنن المسلمين مجموع عليها، وفضيلة مرغب فيها، وهي مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة والقياس. قال تعالى: ]وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا[ (سورة النساء: الآية 64).  

2. آداب الزيارة

إذا توجه المسلم إلى زيارة الرسول r، فليُكثر من الصلاة والتسليم عليه .فإذا وقع بصره على أشجار المدينة، وحرمها، وما يعرِّف بها، زاد من الصلاة والتسليم عليه r، وسأل الله تعالى أن ينفعه بهذه الزيارة وأن يقبلها منه.

ويستحضر شرف المدينة بقلبه، وأنها أفضل بقعة في الأرض، وأشرفها بعد مكة، ويمتلئ قلبه من هيبته ، وتعظيمه، وإجلاله، كأنه يراه ويشاهده.

3. صفة الزيارة ومستحباتها

يستحب لمن دخل المسجد النبوي، أن يقدم رجله اليمنى، ويخرج باليسرى كالسنّة في كل مسجد، ويستحب أن يقول ذكر الدخول للمسجد. وليكن على أحسن مظهر، من نظيف الثياب، وجميل الطيب.

فإذا دخل الزائر المسجد، يصلي ركعتين في الروضة الشريفة، إذا أمكنه ذلك، وإن لم يتمكن ففي أي مكان من المسجد، ويتحرى أن يكون قريبا من الروضة ما أمكن. قال القاضي عياض: وإن كانت ركعتاك في غير الروضة أجزأتاك، وفي الروضة أفضل.

وصفة الزيارة أن يأتي القبر الشريف من ناحية قبلته ، فيقف عند محاذاة تمام أربعة أذرع، ناظراً إلى أسفل ما يستقبله من جدار القبر، غاضاً الطرف، في مقام الخشوع، والإطراق، والإجلال، متذكراً فضل النبي ، وكيف جعله الله رحمة للناس كافة، ويستشعر حبه، والعمل بسنته، ولزوم هديه، والتضحية في سبيل ما جاء به؛ ليكون بذلك مجدداً عهداً، وباعثاً أملاً. ويُشرع له أن يُسلِّم بقوله: "السلام عليك يارسول الله، السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خير خلقه، ورحمة الله وبركاته". وله أن يزيد مثل "السلام عليك يا حبيب الله، ياسيد المرسلين، ياخاتم النبيين، ياشفيع المذنبين، يا قائد الغرّ المحجلين"، أو أن يصلي عليه بالصيغة الإبراهيمية، مثل "اللهم صلي على محمد r وعلى آل محمد r كما صليت على إبراهيم  uوعلى آل إبراهيم وبارك على محمد r وعلى آل محمد r كما باركت على إبراهيم u وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميدٌ مجيد"، أو بغيرها من الصيغ الواردة.

ثم يدعو لنفسه، وللمؤمنين، والمؤمنات، ثم يتقدم إلى يمينه نحواً من ذراع، ويسلم على أبي بكر الصديق، ثم نحواً من ذراع، ويسلم على عمر بن الخطاب t، ويدعو الله تعالى ويسأله أن يجازيهما على نصرة رسوله r، والقيام بحقه.

وإن كان أحدٌ قد أوصاه بالسلام على رسول الله r، قال: "السلام عليك يا رسول الله r من فلان ابن فلان". ولا أصل لِما يقرأه الناس من كتب، وردت فيها صيغ محددة للسلام، على الرسول r، عليه أفضل الصلاة والسلام.

ويكره إلصاق الظهر أو البطن بجدار القبر، ويكره مسحه باليد وتقبيله، بل الأدب أن يبعد منه احتراماً وإجلالاً.

وبعد الزيارة، يأتي الروضة ويصلي ركعتين، ويكثر من الدعاء ما استطاع. ويدعو عند المنبر؛ لقوله r: ]وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي[(صحيح البخاري، الحديث الرقم 6790).

والأفضل للزائر، أن يصلي مدة إقامته بالمدينة، الصلوات كلها في المسجد النبوي، إن تيسر له ذلك، كما يفضل له أن يعتكف فيه، إن تهيأت له سُبل الاعتكاف.

ويستحب أن يخرج كل يوم إلى مقبرة البقيع، خصوصاً يوم الجمعة، ويكون ذلك بعد السلام على رسول الله r، فقد كان، يزور "بقيع الغرقد" ويستغفر لمن فيه من الأموات، ويدعو لهم.

عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ r يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَيَقُولُ r ]السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَدًا مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا ـ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ـ بِكُمْ لاَحِقُونَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 1618).

ويستحب للزائر أن يأتي مسجد قباء، ويصلي فيه ركعتين، فقد ورد عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: كان النبي r، يأتي مسجد قباء ماشياً وراكباً. فيصلي فيه ركعتين.

وعن أسيد بن ظهير الأنصاري، وكان من أصحاب النبي يحدث عن النبي r، قال: صَلاةٌ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ كَعُمْرَةٍ . وعن سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ t، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: ]مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى مَسْجِدَ قُبَاءَ فَصَلَّى فِيهِ صَلاةً كَانَ لَهُ كَأَجْرِ عُمْرَة[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 1402).

ويستحب أن يزور قبور الشهداء بِأُحُد، ويبدأ بحمزة t. وأُحد هو الجبل الذي دارت عليه ثاني موقعة في الإسلام، بعد غزوة بدر، وفيه يقول المصطفى r ]وَهَذَا أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 3106).

ويستحب أن يصوم بالمدينة ما أمكنه، وأن يتصدق على جيران رسول الله r وهم المقيمون بالمدينة والغرباء.

4. الحكمة من الزيارة

أن يستشعر الزائر جلال هذه البقعة، وأنها البلدة التي اختارها الله تعالى لهجرة نبيه r، واستيطانه ومدفنه، وتنزيل الوحي، ويستحضر تردد الرسول r فيها، ومشيه في بقاعها، وتردد جبريل u فيها، باللوح الكريم، وغير ذلك من فضائله.

وإذا أراد الزائر السفر من المدينة، استحب أن يودع المسجد بركعتين، ثم يدعو بما يحب. ثم يأتي القبر الشريف، ويعيد السلام والدعاء الأول ويقول: "اللهم لا تجعل هذا آخر العهد بحرم رسولك، ويسر لي العود إلى الحرمين سبيلاً سهلة، وارزقني العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وردنا سالمين غانمين. "اللهم صلّ على محمد r، وعلى آل محمد، ولا تجعله آخر العهد بنبيك، وحُطّ أوزاري بزيارته، واصحبني في سفري السلامة، ويسّر رجوعي إلى أهلي ووطني سالماً، يا أرحم الراحمين".



[1] العمرة مأخوذة من الاعتمار، وهو الزيارة، ومعنى `اعتمر` في قصد البيت، أنه إنما خُصَّ بهذا لأنه قصدٌ بعملٍ في موضع عامر، لذلك قيل للمُحرِم بالعمرة معتمر.

[2] وهو في الشرع زيارة البيت الحرام، بالشروط المعروفة المخصوصة، والطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة.

[3] الظعن الرحلة والانتقال من مكان إلى آخر.