إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / التقوى ... والعلم ... والعمل (تفسير آخر الآية 282 من سورة البقرة، والآية 105 من سورة التوبة)









11

11. لِم كان على العمل رقيب؟

هناك آيات ورد فيها الحثّ على العمل، بصيغة الطلب، ولمّا كانت آمرة بالعمل، فلم تقترن بالبشرى، بل اقترنت بإشعار المخاطبين بالرقابة، ومن ذلك قوله تعالى ]قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ[ (سورة الأنعام: الآية 135). وقوله تعالى ]اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[ (سورة فصلت: الآية 40). وإن كانت الآية مثار البحث ]قُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُم[ْ (سورة التوبة: الآية 105) (اُنظر ملحق تفسير الجزء الأول من الآية الرقم 105 من سورة التوبة). قد خلت من البشرى إلاّ أنها موجهة، باعتبار السياق، إلى الذين يريدون استئناف الحياة على المنهج الرباني. وفيها الحثُ على العمل، والتوجيه، بأن التوبة هي بداية الطريق، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، ولكنه في الوقت نفسه، يحتاج إلى عمل صالح يكون مُصَدِّقاً لتلك التوبة، فلا يكفي الندم على ما فات، ولا الإقلاع عن الذنب، أي ترك المعصية في الحال، بل لابد من العزم وعقد النية على ترك المعاصي مستقبلاً، وتدارك ما سبق من تقصير في العمل، بأن يلزم الإنسان نفسه بالعمل الصالح على كل حال. مثال ذلك: لو ارتكب الإنسان كبيرة من الكبائر، فليس معنى ذلك أن يترك العمل الصالح، ظناً منه أن العمل لا يجديه، ففي هذا المسلك يأس من رحمة الله، وهو القائل U: ]قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ[ (سورة الزمر: الآية 53). فالله يغفر الذنوب جميعاً، وكل ابن آدم خطاء. والخطاب "وقل اعملوا" في الآية مثار البحث، يشمل كل المؤمنين باعتبار أنها القاعدة المُجمع عليها، لأن الآية قد نصت على أولية العمل، ولا ينازع العمل هذه الأولية إلا العلم، لأنه مقدم عليه، كما نص على ذلك البخاري في باب (العلم قبل القول والعمل) لقوله تعالى] فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ[ (سورة محمد: الآية 19).  فبدأ بالعلم أولاً. فليس للمؤمن خلاص أو منجاة إلا بالعمل، ولكن بعد علمٍ.