إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / الأوراق المالية والتجارية





السهم
الشيك
الشيك المسطر
الشيك السياحي




الفصل الأول

الفصل الأول

مفهوم الأوراق التجارية

إن الأوراق التجارية، ليست من اختراع المشرع؛ وإنما اخترعتها البيئة التجارية، وتعارف التجار على استخدامها، إلى جانب النقود، لتسوية ما بينهم من معاملات تجارية. ثم جاءت التشريعات المختلفة، بعد ذلك، لتضمن استخدامها.

 

المبحث الأول

ماهية الأوراق التجارية

أولاً: تعريف الأوراق التجارية

      أوردت القوانين، في كثير من دول العالم، الأحكام الخاصة بالأوراق التجارية، من دون أن تعمل على إيجاد تعريف محدد بها. ويهدف المشرع من ذلك، إلى ترك مجال الاجتهاد واسعاً، أمام الفقه والقضاء، لاختيار التعريف الأكثر ملاءمة، مع إمكانية تطويره، وفقاً لتطورات الأعراف التجارية وعاداتها.

      ويمكن تعريف الأوراق التجارية، من حيث وظيفتها، على أنها صكوك محررة، مستوفية لبيانات معينة، وفقًا لأوضاع، يحددها قانون كل دولة، وتتضمن التزاماً تجارياً بدفع مبلغ نقدي واحد، مستحق الوفاء في تاريخ محدد، مع إمكان نقل الحق، في اقتضائه، من شخص إلى آخر، من طريق التظهير أو المناولة.

      ولقد سعت النظُم القانونية، في مختلف الدول، إلى دعم التعامل بهذه الأوراق وتقويته وحمايته، حتى تحظى بالقبول بين المتعاملين في الأسواق، وتحل محل النقود في الوفاء بالديون.

      وتهدف هذه القوانين، إلى الاقتصاد في استعمال النقود، وتحقيق السرعة في إبرام الصفقات، وتسوية الالتزامات.

ثانياً: التوحيد الدولي لقانون الورقة التجارية

      تتسم القواعد والقوانين، التي تحكم الورقة التجارية، بالاختلاف والتنازع؛ ما اقتضى توحيدها، ليخضع تداول الأوراق التجارية لقواعد موحدة.

      ولقد بذل فقهاء القانون التجاري، جهوداً كبيرة، في سبيل هذا التوحيد. فكان أول مؤتمر، عقد في لاهاي، عام 1910، وحضره ممثلو 32 دولة، ونجح في وضع مشروع قانون موحد للكمبيالة،  والسند الإذني ـ مكوناً من (87 مادة)، ومشروع معاهدة، مكون من (26 مادة).

      وعُرض هذان المشروعان، على الدول، بهدف دراستهما، وإبداء ملاحظاتها عليهما، حتى يمكن الوصول إلى مشروع قانون، تتفق عليه الدول، ليعرض في مؤتمر لاحق.

      ثم انعقد مؤتمر آخر، في لاهاي، عام 1912؛ أمكن التوصل، خلاله، إلى اتفاق مبدئي، على مشروع معاهدة، ومشروع قانون موحد للكمبيالة والسند الإذني، يتلافى الاعتراضات، التي أثارها بعض الدول.

      وبعد انتهاء المؤتمر، عرض مشروع القانون الموحد، على برلمانات الدول، للتصديق عليه. فرفض بعضها قبوله؛ مما أدى إلى فشل مشروع التوحيد.

      وبسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى، ركدت فكرة التوحيد. وما إن انتهت الحرب، حتى تجددت المحاولات في سبيل ذلك.

      وقد كُلِّلت جهود التوحيد، بعقد مؤتمر جنيف، في 13 مايو 1930، الذي انتهى إلى توقيع ثلاث معاهدات، في 7 يونيه 1930، من جانب مندوبي 22 دولة.

المعاهـــدة الأولي

      اشتملت على قانون الكمبيالات والسندات الإذنية. وتعهدت الدول الموقعة، بمقتضاها، إدخال القانون الموحد في تشريعاتها الداخلية. وأرفق بالاتفاقية ملحقان:

الملحق الأول: يتضمن نصوص القانون الموحد، لقواعد الكمبيالة والسند الإذني.

الملحق الثاني: خاص بالتحفظات، أي المسائل التي يجوز فيها للتشريعات الوطنية، أن تخرج عن نصوص القانون الموحد.

المعاهدة الثانية

      تضمنت حلولاً لتنازع القوانين، في بعض مسائل الكمبيالات والسندات الإذنية.

المعاهدة الثالثة

      تتعلق بضريبة الختم (الدمغة) على الكمبيالات والسندات الإذنية.

      وأعقب هذا المؤتمر، مؤتمر دولي آخر، في جنيف عام 1931، لوضع قانون موحد للشيكات. وقد انتهى إلى الاتفاق على ثلاث معاهدات، أفضت إلى نتائج، تماثل تلك التي أسفر عنها مؤتمر جنيف، عام 1930. ووقع الاتفاقية ممثلو عشرين دولة، في 19 مارس 1931.

      ولقد نظم قانون التجارة الموحد، لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الأوراق التجارية، ضمن مواده. (اُنظر ملحق المواد التي تعني بالأوراق التجارية)

المبحث الثاني

الخصائص العامة للأوراق التجارية

      ورد في المبحث الأول، تعريف الأوراق التجارية، من حيث وظيفتها، بأنها صكوك محررة، مستوفية لبيانات معينة، وفقاً لأوضاع، يحددها قانون كل دولة؛ وتتضمن التزاماً تجارياً بدفع مبلغ نقدي واحد، مستحق الوفاء في تاريخ محدد، مع إمكان نقل الحق في اقتضائه، من شخص إلى آخر، من طريق التظهير أو المناولة.

      لذا، يمكن استخلاص العديد من الخصائص، التي تميز الأوراق التجارية، من خلال التعريف السابق، شكلاً وموضوعاً واستحقاقاً وقابلية للتداول وحماية للدائن.

أولاً: من حيث الشكل

      استوجبت قوانين الدول الكتابة، لتمثل الشكل، الذي يجب أن تكون عليه الورقة التجارية، أي أن تكون الورقة صكًا مكتوبًا دائمًا؛ وتحديد البيانات، التي تمثل الحد الأدنى، الذي يجب أن تشتمل عليه كل ورقة تجارية.

      أي أن المشرِّع، رسم قوالب محددة، أوجب أن تصاغ الأوراق التجارية وفقًا لها. وشكلية الورقة التجارية، تختلف باختلاف نوعها (كمبيالة أو سند أو شيك). وتستهدف الشكلية تيسير تداول الأوراق التجارية وتشجيعها؛ ذلك لأنها توفر على من سيتلقى الورقة، مشقة البحث والاستقصاء، للتحقق من صلابة الحق المثبت فيها، وخلوّها من العيوب التي تهدره. فشكلية الأوراق التجارية، تجعله يكتفي بمجرد إلقاء نظرة عاجلة على الورقة، ليتأكد أنها اشتملت على جميع البيانات اللازمة لقيمتها. واستوفت بذلك الشكل المطلوب.

ثانياً: من حيث الموضوع

      يجب أن يكون الحق، الثابت في الورقة التجارية، ممثلاً لمبلغ معين من النقود؛ لذلك، لا تُعَدّ الصكوك، التي يكون موضوعها بضاعة، مثل سندات الشحن[1] ـ أوراقاً تجارية؛ إذ إن حامل هذه الصكوك، لا يطمئن إلى الحصول على مبلغ معين من النقود، في تاريخ محدد، لأنه ربما لا يجد مشترياً للبضاعة؛ وإن وجد فربما لا يدفع الثمن الذي يتوقعه البائع عند شراء البضاعة؛ وذلك لأنها تكون عُرضة لتقلبات الأسعار، في فترة تداولها.

      إضافة إلى ذلك، فإن المبلغ الثابت في الورقة التجارية، يجب أن يكون معيناً (معرّفاً) أو قابلاً  للتعيين. أما بالنسبة لميعاد استحقاق الورقة، فقد يكون بمجرد الاطلاع أو مضافاً إلى أجل.

ثالثاً: من حيث التداول وحماية الدائن

1. من حيث التداول

تقوم الأوراق التجارية مقام النقود، في المعاملات. وبذلك، فهي تؤدي الوظيفة نفسها، التي تؤديها النقود، من حيث استخدامها كوسيلة للوفاء بالديون والالتزامات. ولذلك، فإنها لا بدّ من أن تكون ميسرة للتداول بين الأفراد، وأن تكون محاطة بالضمانات، التي تجعل الأفراد يطمئنون إلى قبولها في تعاملهم، كوسيلة للوفاء.

فإذا كانت الورقة التجارية لحاملها، فإن الحق الثابت فيها، ينتقل إلى الدائن الجديد، بمجرد المناولة، أو تسليم الورقة.

وإذا كانت الورقة لإذن، أو لأمر شخص معين، فإن الحق الثابت فيها، ينتقل إلى المُظهر إليه، بمجرد كتابة مختصرة على ظهر المحرر، تفيد انتقال هذا الحق إلى شخص آخر، ومستوفية لتوقيع المُظهر.

2. من حيث حماية الدائن

تستخدم الورقة التجارية، كوسيلة للائتمان، من طريق تسييلها، أي الحصول على قيمتها نقدًا، قبل حلول ميعاد استحقاقها، وذلك نظير حصول المصارف على نسبة بسيطة من قيمتها[2]. ويعرف ذلك الإجراء بخصم الأوراق التجارية، الذي يمثل وظيفة رئيسية من الوظائف التي تؤديها المصارف.

ولتحقيق وظيفة الأوراق التجارية، كوسيلة للائتمان، شرّعت القوانين في مختلف الدول، لتحقق للدائن حماية خاصة. فلجأ المشرع إلى الشدة والقسوة في معاملة الملتزمين بالورقة التجارية، قاصداً من ذلك رعاية حقوق الحامل حسن النية.

رابعاً: من حيث الاستحقاق

      لحلول أوان الحق، الثابت للدائن في الورقة التجارية، فإنه لا بدّ من وجود  الورقة التجارية في يد هذا الدائن، الذي يطالب بالوفاء.

      وتكون الورقة التجارية مستحقة الدفع، لدى الاطلاع، أو مضافة إلى أجل، أي بعد فترة محددة من تاريخ تحريرها.

      ويبدو أنه من الصعب تحديد هذا الأجل بمدة معينة؛ إذ إن الأمر في ذلك، راجع إلى ما يجري التعارف عليه، في الأوساط التجارية. ومع ذلك، يرى بعض الشرَّاح، أن الأجل القصير، يراوح بين ثلاثة وستة أشهر.



[1] سند الشحن هو الدليل على عقد نقل بضاعة نظير أجر معلوم ودليل على استلام الناقل للبضاعة واجبة الشحن.

[2] تمثل هذه النسبة الفوائد المستحقة على المبلغ المدفوع لصاحب الحق المكتتب في الورقة (مقابل تنازله في هذا الحق للبنك) من تاريخ خصم الورقة التجارية إلى تاريخ استحقاقها.