إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات اقتصادية / البترول (اقتصادياً)، البترول وتأثيره في اقتصاديات الدول









الفصل السادس

ثالثاً: أحداث السنوات التالية لحرب الخليج (1991 ـ 1999 )

          تأثرت أوضاع السوق العالمي للبترول بالنتائج التي أسفرت عنها حرب الخليج الثانية، حيث شعرت الدول الصناعية الغربية والولايات المتحدة الأمريكية بأهمية الإمدادات البترولية وضمان الحصول عليها من منطقة الخليج على الدوام، عن طريق العمل على إضعاف العراق وفرض العقوبات عليه حتى يتم تدمير أسلحته غير التقليدية، والقيام بمحاولة جديدة لإعادة رسم الخريطة السياسية للمنطقة حتى لا تقوم للعراق قائمة بعد ذلك.

          كما تزايدت معدلات إنتاج بعض الدول أعضاء أوبك وغيرها عما كانت عليه قبل الحرب حتى ظهر فائض في السوق أدى بدوره إلى استئناف انخفاض أسعار البترول، الأمر الذي جعل ميزان القوى في العلاقات البترولية الدولية يميل إلى أقصى المدى في صالح المستوردين. وأصبحت العوامل السياسية تلعب الدور الأول في تشكيل سوق البترول العالمي، والتحكم في الاعتبارات الاقتصادية.

          وقد سبق الإشارة إلى العوامل التي أدت إلى التحسن النسبي في أسعار البترول خلال السنوات 1987 و 1988 و 1989 وحتى يوليه 1990، ثم ارتفاع الأسعار خلال حرب الخليج وعودتها إلى الانخفاض بعد انتهائه.

          وهذا يؤكد أن المتغيرات في العلاقات البترولية الدولية، وفي سوق البترول العالمي، وفي موازين القوى بين أطراف هذه السوق (المصدرون ـ المستوردون ـ شركات البترول العالمية) لم تكن في شكل تطور طبيعي وتلقائي، أملته المتغيرات والأوضاع التجارية والاقتصادية فقط، إنما جاءت كآثار ونتائج لأحداث وعناصر سياسية هامة في منطقة أو أخرى من مناطق الإنتاج، وخاصة منطقة الشرق الأوسط.

          وسوف يوالي هذا البحث استعراض ما طرأ على أسعار البترول في ظل الأحداث التي وقعت أثناء السنوات التالية لحرب الخليج. ومهما كانت هذه الأحداث وهذه المؤتمرات التي تعقدها التكتلات البترولية، وما أسفر عنها من نتائج وقرارات فإن لها آثاراً مباشرة وغير مباشرة على صناعة البترول إنتاجاً وتسويقاً وأسعاراً.

          ونوضح مقدماً أن الإنخفاض قد لازم أسعار البترول خلال السنوات 1992 و 1993 و 1994، ثم تحسنت الأسعار خلال عامي 1995 و 1996 وحتى يونيه 1997. ثم تحركت الأسعار هبوطاً من مستواها (في ذلك الوقت) التي كانت 24 دولاراً إلى 18 دولاراً للبرميل الخام نتيجة لتجاوزات بعض دول أوبك لحصصها الإنتاجية المقررة. وعندما قررت أوبك في اجتماعها في 26 نوفمبر 1997 بجاكرتا زيادة سقف الإنتاج (الذي ظل ثابتاً منذ عام 1993) بنسبة 10% ليصل إلى 27.5 مليون برميل يومياً من أول يناير 1998 حدثت الطامة الكبرى. وبدأ تدهور أسعار البترول، ولم يتوقف هذا الانهيار حتى وقت الاجتماع الوزاري العادي لأوبك في 23 مارس 1999 . وهو ما سوف نتعرض له بالتفصيل بإذن الله تعالى.

          وقد آثر البحث أن يكون تناول (الفصل السادس) تحت عنوان (أحداث السنوات التالية لحرب الخليج) بشيء من التفصيل، فقد يكون من المفيد أن يعيش القارئ عصر التسعينات بأكمله يستعرض خلاله تاريخاً للأحداث والوقائع وفقاً لتسلسلها الزمني عاماً بعد عام، وسجلاًّ لدول منظمة أوبك وسياساتها وتجاربها وما اكتسبته من خبرات وما واجهته من أزمات وسياسات معادية. ومن ذلك كله يستفيد الجيل الجديد من العاملين في مجال صناعة البترول، خاصة الذين لم يعاصروا هذه الأحداث، حتى يستنيروا بخبرات من سبقهم، الأمر الذي يوفر عليهم خوض التجارب، ولكي يتفادوا الوقوع في الأخطاء، ويضيفوا إلى معلوماتهم كيفية مواجهة التحديات والتغلب عليها.

أحداث عام 1991: اتجاهات السوق والأسعار

تشير الدراسة التي أعدتها نشرة  Petro Strategies

          أن أزمة الخليج ومضاعفاتها قد أثرت مرة أخرى في عام 1991 على عائدات الدول الأعضاء في أوبك، حيث سجلت تلك العائدات حوالي 138 بليون دولار في عام 1991 بالمقارنة بنحو 143.7 بليون دولار في عام 1990 بانخفاض بنسبة 4%.

          وأن جميع دول أوبك ـ باستثناء السعودية وفنزويلا ـ حققت انخفاضاً في عائداتها البترولية تراوحت نسبته بين 2% إلى 18% في عام 1991.

          وبالنسبة للعراق والكويت فقد حققتا انخفاضاً بنسبة 95.5% و 90.2% على التوالي بسبب الحظر الاقتصادي على العراق وإحراق آبار البترول في الكويت.

          ويرجع انخفاض العائدات إلى انخفاض متوسط الأسعار الفورية لخامات أوبك من 20.78 دولاراً للبرميل في عام 1990 إلى 17.73 دولاراً للبرميل في عام 1991. بانخفاض بنسبة 14.6%. كما أدى بطء النمو الاقتصادي في معظم الدول الصناعية في عام 1991 إلى انخفاض الطلب على البترول.

          أما السعودية فقد حققت عائداتها البترولية 49 بليون دولار في عام 1991 في مقابل 48 بليون دولار في عام 1990 بزيادة بنسبة 1%. ويرجع ذلك إلى الزيادة في إنتاجها من الزيت الخام من 6.4 مليون برميل يومياً في عام 1990 إلى 8.2 مليون برميل يومياً في عام 1991. وقد عوضت الزيادة في الإنتاج الانخفاض في متوسط السعر الفوري لصادرات البترول السعودي من 21.3 دولاراً للبرميل في عام 1990 إلى 16.81 دولاراً للبرميل في عام 1991.

          وحققت فنزويلا أيضاً زيادة بنسبة 4% في عائداتها البترولية عام 1991، حيث بلغت 13.8 بليون دولار في مقابل 13.3 بليون دولار عام 1990.

          وكان من أسباب هذا الانخفاض سواء في عائدات دول أوبك أو أسعار البترول، أنه في أعقاب اندلاع أزمة الخليج في أغسطس 1990، ارتفعت أسعار البترول نظراً لحالة التوتر والترقب التي سادت الأسواق. وقد أدى ذلك إلى نتيجة حتمية وهي انخفاض الطلب الأمريكي على البترول. وبالتالي إلى انخفاض الواردات البترولية بنسبة 15.2% خلال الربع الأخير من عام 1990، الأمر الذي أدى بدوره إلى انخفاض الطلب العالمي على البترول (لأن الولايات المتحدة الأمريكية تستورد 25% تقريباً من إجمالي الطلب العالمي) وكان هذا أحد أسباب ظهور الفائض البترولي وانخفاض الأسعار بعد انتهاء الأزمة مباشرة.

وفي يومي 11 ـ 12 مارس 1991

          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية التابعة لأوبك لدراسة الطلب على بترول أوبك والعمل على تحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العالمي للبترول. وتوصل الاجتماع إلى اتفاق يقضي بخفض إنتاج أوبك إلى 22.3 مليون ب/ ي. واقترحت اللجنة عقد لقاء بين مصدري البترول ومستهلكيه. وجرى عرضه على الدول المستهلكة للبترول.

وخلال الفترة من 27 ـ 29 مايو 1991

وإلحاقاً لاقتراح عقد لقاء بين مصدري البترول ومستهلكيه.

وكخطوة أولى من قِبل الدول المصدرة للبترول نحو تفاهم وتعاون أفضل.

انعقد في مدينة أصفهان بإيران خلال هذه الفترة مؤتمر البترول والغاز في التسعينات بهدف التعاون بين المنتجين والمستهلكين من أجل قيام نظام بترولي عالمي يحقق استقرار سوق البترول (تفصيل وقائع هذا المؤتمر في الفصل السابع لدى الحديث عن الحوار بين المنتجين والمستهلكين)

وفي 4 يونيه 1991

          أنهى المؤتمر نصف السنوي العادي لوزراء دول أوبك رقم 89 ـ الذي انعقد في فيينا ـ أعماله، حيث اتفق الوزراء على الإبقاء على سقف الإنتاج للربع الثالث من عام 1991 عند مستوى سقف إنتاج الربع الثاني، الذي يبلغ 22.3 مليون ب/ ي.

          وذلك بهدف منع حدوث انخفاض في متوسط سعر سلة خامات أوبك، الذي يتراوح حول معدل 17 ـ 18 دولاراً للبرميل، للوصول إلى تحقيق حد أدنى للسعر الاسترشادي عند 21 دولاراً للبرميل.

          وقد رحَّب المؤتمر بمبادرة كل من الرئيسين الفرنسي والفنزويلي لعقد اجتماع للمنتجين والمستهلكين في باريس خلال يومي 1 ـ 2 يوليه 1991 بأمل أن يؤدي هذا الاجتماع إلى ترسيخ التعاون واستقرار السوق على المدى الطويل.

في أول يوليه 1991

          بعد شهر واحد من انعقاد مؤتمر إيران في 27 مايو 1991 وانعقاد المؤتمر الوزاري لأوبك في 4 يونيه 1991، حدث لقاء آخر في باريس في هذا التاريخ بين منتجي ومستهلكي البترول في العالم، بناء على دعوة من رئيسي فنزويلا وفرنسا كدولتين تمثلان الدول المنتجة والدول المستهلكة للبترول. (وسوف نتناول هذا اللقاء بالتفصيل في الفصل السابع لدى الحديث عن الحوار بين المنتجين والمستهلكين).

في 24 ـ 25 سبتمبر 1991

          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك في جنيف، حيث تم الاتفاق على زيادة سقف الإنتاج للمنظمة بنحو مليون برميل يومياً للربع الرابع من العام 1991 ليبلغ 23.65 مليون برميل يومياً. وكان الاتفاق بمثابة حل وسط للخلافات التي أثيرت خلال الاجتماع. وجاء منطقياً مع واقع مستوى الإنتاج الحالي القريب من 23.5 مليون برميل يومياً. وتعتبر هذه الكمية معقولة بسبب الغموض الذي لا يزال يحيط بمستقبل الصادرات السوفيتية ودخول فصل الشتاء وازدياد الطلب الموسمي على البترول.

          كما أحيطت اللجنة علماً بالارتفاع التدريجي لأسعار الزيت الخام إبتداء من يوليه حتى سبتمبر 1991 ولم تصل إلى مستوى الحد الأدنى لسعر خام الإشارة المحدد بـ 21 دولاراً للبرميل.

في شهر نوفمبر 1991

          عُقد في لندن مؤتمر النقد والمال، حيث أعلن وزير البترول الكويتي حمود الرقبة أن خطة استعادة بلاده لقدراتها الإنتاجية الكاملة سيكلف ما يتراوح بين 10 ـ 15 بليون دولار. وأن تكاليف إطفاء آبار البترول الكويتية والتي تم إطفاء آخر بئر في السادس من نوفمبر 1991، بلغت 1.5 بليون دولار .

          وقد لجأت الكويت إلى المزيد من القروض من أسواق النقد الدولية لإكمال إصلاح المنشآت التي تعرضت للتلف أثناء حرب الخليج، حيث حصلت على قرض جماعي بلغ 5.5 بليون دولار من البنوك الأجنبية في ديسمبر 1991.

أحداث عام 1992

اتجاهات السوق والأسعار ووجود فائض في العرض

في بداية عام 1992

          شهدت السوق العالمية للبترول انخفاضاً في أسعار البترول على الرغم من تراجع الإنتاج فيما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي منذ عام 1989.

وتوقف صادرات العراق، وعدم وصول الإنتاج الكويتي إلى مستوياته قبل حرب الخليج.

          وبسبب الركود الاقتصادي الذي شهدته معظم دول العالم، وما تبعه من زيادة طفيفة في الطلب العالمي بنسبة 0.6%.

          كما شهد السوق العالمي فائضاً في العرض بسبب قيام بعض دول أوبك بزيادة إنتاجها بعد إطلاق حرية الإنتاج لأعضائها لتعويض توقف إنتاج كل من العراق والكويت أثناء حرب الخليج.

وكانت اللجنة الوزارية لأوبك قد وافقت في سبتمبر 1991 على زيادة سقف الإنتاج للمنظمة بنحو مليون برميل ليبلغ 23.65 مليون برميل يومياً.

          وقد أدى فائض العرض إلى الضغط بشدة على أسعار البترول العالمية حيث سجل سعر سلة خامات أوبك نحو 17 دولاراً للبرميل بانخفاض 4 دولارات عن السعر المستهدف لأوبك.

          وإزاء هذا الوضع قامت بعض دول أوبك فرادى بخفض إنتاجها بغرض الحد من انخفاض الأسعار، والحفاظ على معدلات الأسعار عند مستوياته المناسبة. وعلى الرغم من أن إجمالي الخفض الذي أعلنته دول أوبك يقدَّر بنحو 400 ألف برميل يومياً إلاّ أنه لم يؤثر تأثيراً محسوساً على أسعار البترول العالمية.

خلال الفترة من 12 ـ 15 فبراير 1992

          اجتمعت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك في جنيف، حيث أشارت إلى الضعف الذي يشهده سوق البترول نتيجة للتباطؤ النسبي في الاقتصاد العالمي مما أدى إلى تراخي الطلب على البترول وانخفاضه عن العرض منذ نوفمبر 1991.

          كما أوضحت اللجنة أن الطقس الدافئ في ذلك الموسم أدى إلى تخفيض السحب من المخزون الذي يجري بناؤه عادة للموسم مما أدى إلى ضعف الأسعار.

          وقد قررت اللجنة ـ لذلك ـ ألاّ يزيد سقف إنتاج أوبك ويظل على مستوى 22.98 مليون برميل يومياً. وقد أعقب هذا الاتفاق انخفاض في مستويات الأسعار حتى وصلت إلى 16.32 دولاراً للبرميل خلال الربع الأول من عام 1992.

وفي 24 أبريل 1992

          عقدت اللجنة الوزارية لأوبك اجتماعاً في فيينا، وقررت تثبيت إنتاج أوبك من الزيت الخام عند 22.98 مليون برميل يومياً للفترة الباقية من الربع الثاني لعام 1992.

          وعلى أثر ذلك، ارتفع سعر سلة خامات أوبك من 16.32 دولاراً للبرميل في مارس 1992 إلى حوالي 17.7 دولاراً للبرميل في أواخر أبريل 1992. وبلغ متوسط السعر الفوري لسلة خامات أوبك في شهر يونيه 1992 حوالي 20.2 دولاراً للبرميل بزيادة 1.5 دولاراً للبرميل عن شهر مايو 1992.

خلال الفترة 21 ـ 22 مايو 1992

اجتمع مؤتمر أوبك الوزاري العادي الحادي والتسعون، الذي عقد في فيينا، النمسا.

          وتم الاتفاق على استمرار العمل بسقف الإنتاج المتفق عليه في فبراير 1992، الذي يبلغ 22.98 مليون برميل يومياً، خلال الربع الثالث من عام 1992.

          لم يحضر السيد هشام ناظر وزير البترول السعودي وحضر بدلاً منه الدكتور فايز بدر، الذي حاول أن يتقبل المؤتمر حصة مقدارها 8 مليون برميل يومياً للسعودية ولكن الأعضاء الآخرين رفضوا ذلك وأصروا على الحصة السابقة المحددة لها من قبل وهي 7.887 مليون برميل يومياً.

          كما رفض المؤتمر تقرير حصة جديدة للكويت تمشياً مع سياسة الإبقاء على سقف الإنتاج السابق. ولكنه سمح للكويت بأن تنتج على قدر طاقتها الإنتاجية لتعويضها عن فترة التوقف عن الإنتاج بسبب الغزو العراقي وتدمير حقولها البترولية.

          وقد قدِّر إنتاج الكويت في أبريل 1992 بحوالي 900 ألف برميل يومياً .

خلال الفترة من 16 ـ 17 سبتمبر 1992

          انعقد الاجتماع التاسع للجنة المراقبة الوزارية التابعة لأوبك في جنيف بسويسرا وقررت أن تكون حصة أوبك من السوق 24.2 مليون برميل يومياً خلال الربع الرابع من عام 1992. وأشارت إلى أن التباطؤ النسبي في تحقيق الانتعاش الاقتصادي العالمي انعكست آثاره على السوق العالمي للبترول.

          كما أكدت اللجنة على العمل من أجل بلوغ السعر الاسترشادي المتفق عليه بحد أدنى 21 دولاراً للبرميل .

          من الملاحظ أن ما أسفر عنه اجتماع اللجنة الوزارية لمراقبة السوق السابق ذكرها يبدو غريباً بعض الشيء. حيث يؤكد البيان الصادر عنها على أهمية الوصول إلى السعر المستهدف الذي يبلغ 21 دولاراً للبرميل، وذلك من خلال تحديد حصة أوبك في السوق التي تدور حول 24.2 مليون برميل يومياً دون تحديد سقف للإنتاج أو حصص للدول الأعضاء، الأمر الذي قد يؤثر على مستوى الأسعار ويحول دون الوصول إلى السعر المستهدف، على الرغم من أن القرار السابق لمؤتمر أوبك الوزاري (في 21 ـ 22 مايو 1992) يؤكد على تثبيت إنتاج أوبك من الزيت الخام عند 22.98 مليون برميل يومياً.

وفي 25 نوفمبر 1992

          انعقد المؤتمر الوزاري للمنظمة في ظل ما قررته المراقبة الوزارية في سبتمبر 1992

          من تخلي أوبك عن سياسة تحديد سقف للإنتاج وحصص للأعضاء، والاكتفاء بتحديد حصتها من السوق وتدور حول 24.2 مليون برميل يومياً. وقد كان لهذه السياسة أثر سلبي على الأسعار حيث توالى انخفاضها حتى وصل إلى نحو 18.7 دولاراً لبرميل سلة خامات أوبك، قبيل انعقاد هذا المؤتمر الوزاري للمنظمة، في مقابل 19.3 دولاراً للبرميل في أغسطس 1992. وقد جاء ذلك كنتيجة طبيعية لغياب الانضباط وارتفاع إجمالي إنتاج أوبك إلى 25.3 مليون برميل يومياً في شهر نوفمبر 1992.

          وعندما سيطرت الخلافات بين الدول الأعضاء حول حجم خفض الإنتاج وكيفية توزيعه، تناقلت وكالات الأنباء هذه الخلافات، وأدت الشائعات أثناء انعقاد المؤتمر إلى انخفاض في الأسعار. وعند هذا الحد تحول الخلاف إلى اقتناع سريع بأهمية الاتفاق على خفض الإنتاج والعودة إلى نظام الحصص وذلك للحيلولة دون انهيار الأسعار.

          وقد تم الاتفاق على حل وسط يقضي بالعودة إلى اعتماد سقف إنتاجي جديد عند مستوى 24.9 مليون برميل يومياً على أن يبدأ تطبيقه اعتباراً من شهر ديسمبر 1992 ويسري على الربع الأول من عام 1993.

          وترجع أهمية هذا المؤتمر بالمقارنة بمؤتمرات أوبك خلال السنوات السابقة إلى أنه يستبعد العراق تماماً من قراراته، وبذلك يكسر العلاقة التاريخية التي تربط بين حصته وحصة إيران، التي ارتفعت بنحو 10% عن حصتها التقليدية .

          هذا إضافة إلى إطلاق الإنتاج الكويتي للتعويض عن خسائر الحرب.

          كما أنه يتضمن اعتراف أوبك وموافقتها على الزيادة في حصة إنتاج السعودية بنحو 3 ملايين برميل يومياً وذلك منذ حرب الخليج. وهذا يعني أن إنتاج السعودية أصبح يمثل نحو ثلث إنتاج أوبك .

المؤتمرات والاجتماعات الهامة خلال عام 1992

في يومي 30 و 31 يناير 1992

عُقد الاجتماع الوزاري لرابطة منتجي البترول الأفارقة (آبا)

The African Petroleum Producers Association (APPA) في أبيدجان (كوت ديفوار).

          وقد تم توقيع اتفاقية إنشاء هذه الرابطة في لاجوس (نيجيريا) في 27 يناير 1987 وتضم في عضويتها (في ذلك الوقت) إحدى عشرة دولة أفريقية هي: مصر ـ الجزائر ـ ليبيا ـ نيجيريا ـ الجابون ـ أنجولا ـ بنين ـ الكاميرون ـ الكونغو ـ كوت ديفوار ـ زائير. وقد انضم إلى الرابطة جمهورية غينيا الاستوائية في 30 مايو 1996 واتخذت الرابطة من برازافيل بالكونغو مقراً لأمانتها التنفيذية.

          ومن المعروف أن بعض هذه الدول لم يصل بعد إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من البترول وتلجأ إلى الاستيراد.

وتتلخص أهم أهداف هذه الرابطة فيما يلي:

  • تنشيط التعاون بين الدول الأعضاء في مختلف مجالات صناعة الهيدروكربونات.
  • تنمية وتطوير المساعدة الفنية فيما بينها في المجالات التي قطعت بعضها شوطاً فيها.
  • التنسيق بين سياسات التسويق عن طريق تبادل المعلومات، والتشاور بينها بشأن أوضاع وسياسات الطاقة، والتعاون لتلبية احتياجاتها منها.
  • دراسة وسائل مساعدة الدول الأفريقية المستوردة للبترول في تأمين احتياجاتها من الطاقة.

          وتُعقد اجتماعات دورية لوزراء البترول في الرابطة كل ستة شهور للنظر في جدول الأعمال الذي تعدُّه لجنة من كبار الخبراء في الدول الأعضاء.

وتتناوب الدول الأعضاء رئاسة واستضافة الاجتماعات حسب الترتيب الأبجدي لأسماء الدول.

وتقوم الدول المضيفة باستضافة المشاركين وإعداد الدراسات بالتعاون مع الأمانة الفنية للرابطة.

          ويلاحظ أنه من بين أعضاء هذه الرابطة أربع دول هي ليبيا والجزائر ونيجيريا والجابون، أعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، ومن بينهم أيضاً أربع دول هي ليبيا ومصر والجزائر وتونس، أعضاء في منظمة الدول العربية المصدرة للبترول (أوأبك). ومعنى ذلك أن اجتماعات وزارء هذه الرابطة الأفريقية يدور خلالها مناقشات ومشاورات حول تطورات السوق العالمية للبترول وحول سياسات الأوبك والأوابك وما يتقرر في المؤتمرات بشأن الإنتاج والأسعار وكافة ما يتعلق بشؤون البترول. ولا بد أن يسفر عن هذه الاتصالات تكوين رأي عام أفريقي عربي بل وعالمي يؤثر على سياسة كافة الدول الأعضاء في هذه المنظمات.

وفي 17 يوليه 1992

          عقد مجلس وزراء رابطة منتجي البترول الأفارقة آبا ـ APPA دورته العادية بالقاهرة (جمهورية مصر العربية) وشارك فيها جميع الدول الأعضاء.

          ومن أهم ما تم بحثه مشروع اتفاقية العون المتبادل الذي تم إعداده كإطار عام للتعاون والعون الفني المتبادل فيما بين شركات القطاعين العام والخاص بالدول الأعضاء في رابطة منتجي البترول الأفارقة. كما نظر المجلس في التقرير الخاص بتوفير الإمدادات من البترول الخام والمنتجات البترولية للدول الأفريقية المستوردة للبترول في أوقات الأزمات.

وفي 23 أبريل 1992 (انظر ملحق البيان الختامي للاجتماع المشترك أوبك/ أيبك، فيينا 23 أبريل 1992)

          عقد اجتماع مشترك بين وزراء بترول منظمة أوبك والدول المستقلة المصدرة للبترول (أيبك) Independent Petroleum Exporting Countries (IPEC)

          وهي أنجولا ـ أذربيجان ـ الصين ـ كازاخستان ـ ماليزيا ـ المكسيك ـ النرويج ـ كولومبيا ـ روسيا ـ ألبرتا (ولاية كندية) ـ مصر ـ عمان. في مدينة فيينا بالنمسا.

في ذلك الوقت كان يسود سوق البترول العالمي متغيرات تتمثل فيما يلي:

  • دعوة المفوضية الأوربية بفرض ضريبة الكربون للحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون بدعوى المحافظة على البيئة.
  • فرض الحظر الاقتصادي والجوى على ليبيا والمخاوف من امتداد الحظر إلى صادرات ليبيا البترولية.
  • عدم وصول المفاوضات بين العراق ومجلس الأمن إلى اتفاق مشترك مما يضع علامة استفهام حول توقيت استئناف صادرات العراق.

          وقد تضمن البيان الختامي للاجتماع أن قضية حماية البيئة هي الموضوع الرئيسي المدرج في جدول الأعمال، بهدف تبادل المعلومات وتعزيز التفاهم على نحو افضل فيما بين منتجي البترول، قبل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية (قمة الأرض) في يونيه 1992 في البرازيل.

          وأشار البيان إلى أن ممثلي الدول المشاركة في المؤتمر أعربوا عن استعدادهم للتعاون مع الدول الصناعية والمراكز العلمية لدعم الأبحاث الجديدة، حول قضية ارتفاع درجة حرارة الأرض من حيث طبيعتها ومداها والتوقيت الزمني.

وأشار الاجتماع إلى أهمية تعزيز الجهود التي تبذلها الدولة المنتجة للبترول للحفاظ على البيئة.

          وناقش المؤتمر الحاجة إلى بحث التعاون مع منتجي البترول الآخرين في إطار تطوير وزيادة الإدراك والوعي العام بقضية حماية البيئة وتأثير السياسات المقترحة للتقليل من مشكلة تدهور البيئة. وفي هذا المجال اقترح الاجتماع إيجاد آلية عمل لتنسيق الجهود لتحقيق الأهداف المرجوة.




[1] خامات أوبك السبعة تشمل: خليط صحارى (الجزائر) ـ ميناس (أندونيسيا) ـ بوني الخفيف (نيجيريا) ـ العربي الخفيف (السعودية) ـ دبي (الإمارات) ـ تياجوانا (فنزويلا) ـ أيسموز (المكسيك).

[2] السعودية لن تعود إلى لعب دور المنتج المرجح` جريدة `الحياة`، العدد الصادر في 12 مارس 1999. معنى المنتج المرجِّح كانت سياسة المملكة العربية السعودية أن تقوم بدور المنتج المرجح منذ عام 1978. وذلك بتعويض السوق العالمي عن النقص الناشئ في إمدادات البترول في حالة قلة العرض، وفي تخفيض إنتاجها في حالة زيادة العرض. وذلك من منطلق مسؤولياتها تجاه الاقتصاد الدولي ومحاولة لتجنيب سوق النفط العالمي أي هزات مدمِّرة.