إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / فنون وإعلام




نصار والشريان والشيباني
الأمير خالد ومطر الأحمدي
الأمير خالد والسفير الجزائري
الأمير خالد والسفير السعودي في بريطانيا
الأمير خالد وبيار شويري
الأمير خالد وجهاد الخازن
الأمير خالد وجورج سمعان
الأمير خالد وداوود الشريان
الأمير خالد وروبير جريديني
الأمير خالد وسليم نصار
الأمير خالد وشربل والجعيد والذيابي
الأمير خالد يلقي كلمته
الأمير خالد يتسلم هدية
الأمير خالد يشهد الندوة
الأمير خالد يستقبل الضيوف
الأمير خالد يُسلم هدية للعاملين
الأمير خالد في حديث مع السفير السعودي
الأمير فهد يلقي كلمته
خلال مناقشات الندوة
رئيس تحرير الشرق الأوسط





2

تأسيس جريدة الحياة

باشر كامل مروّة[1] عمله الصحافي، في صيف 1932 في جريدة " النداء "، لسان حزب النداء القومي، التي كان يصدرها كاظم الصلح. وانتقل بعدها إلى العمل في جريدة " النّهار " اللبنانية، عام 1937، تحت رعاية الأستاذ جبران التويني، وإلى جانب زميله القاص توفيق يوسف عواد. واستمر في العمل فيها، حتى نشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939. واضّطر كامل مروّة في صيف عام 1941 إلى مغادرة لبنان هرباً من سلطات الانتداب الفرنسية، بسبب نشاطه السياسي. فلجأ إلى تركيا ثم إلى ألمانيا فبلغاريا حيث التحق بالجماعات السياسية العربية، التي نشطت في بلدان المحور في ذلك الوقت.

وكان كامل مروّة، عندما نشبت الحرب العالمية الثانية، في صيف 1939، قد آنس في نفسه القدرة، على إصدار صحيفة أسبوعية يستقل بها. وقد مرت ثماني سنوات على ابتداء تدرّبه، وعلى انتهائه من دراسته الثانوية. فأصدر، وهو، ما زال يعمل في " النّهار " محرراً، " الحرب الجديدة المصورة ". والأرجح أن كامل مروّة لم يبالغ في امتداح باكورته الصحافية المستقلة، مع أحد أعلام الصحافة الأدبية وصاحب دار المكشوف، فؤاد حبيش، " الشيخ " الماروني، حين كتب في مقالته الاسترجاعية في 1966، أن دوريته المصورة صادفت " رواجاً عظيما ً"، من غير أن يعلل رواجها. وقد يكون السبب في رواجها اعتماد صاحبها، منذ ذاك الوقت، على وسائل الإعلام الصحافي المبتكرة والمتجددة، ومنها الصّورة. وشهدت السنوات، التي توسطت الحربين العالميتين، ولا سيما تلك التي سبقت الحرب الثانية، تطوراً واسعاً لأساليب الدعاوى السياسية. واستفادت الصّحافة من المنافسة على التأثير في الرأي العام، فاستخدمت على نحو مكثّف الصور الفوتوغرافية. وأُخرج الخبر، وجرى تنضيده الطباعي، على شاكلة البيان الحزبي، فعلاه العنوان المكتوب بحروف بارزة، ولُخّص العنوان والخبر، تلخيصاً قوي العبارة، وكُتبت الأخبار بلغة سهلة المأخذ، وقريبة من أفهام الجمهور والعامة. ولم يفتأ منشئ " الحياة "، من بعد، متنبهاً، طوال العقدين اللذين رعى في أثنائهما صحيفته، على كل جديد يطرأ على الصحافة، تحريراً أو طباعة أو إخراجاً.

عاد كامل مروّة إلى بيروت في بداية عام 1945، فاعتقلته السّلطات الفرنسية لمدة شهرين وعشرة أيام، باشر بعدها التحضير لإصدار الجريدة اليومية الرقم 56 في لبنان عام 1945. ولقي تشجيعاً من زملائه الصحافيين، خاصة جبران التويني، الذي أفرد له غرفة لإصدار الجريدة في مبنى جريدة " النهار"، في سوق الطويلة، في ذلك الوقت. أمّا التشجيع الأكبر فكان من زميله وصديقه ناصيف مجدلاني، الذي وضع تحت تصرفه مجلته " الحياة الرياضية "، ذات الامتياز اليومي، بعد أن رفضت وزارة الداخلية اللبنانية منح كامل مروّة ترخيصاً لجريدته الجديدة. وهكذا صدرت " الحياة " في أعدادها الأولى تحت هذا الاسم " الحياة الرياضية "، الذي استمرت تصدر به حتى عام 1946، عندما منحت الحكومة اللبنانية كامل مروّة، امتيازاً جديداً باسم " الحياة ".

أوضح كامل مروّة في افتتاحية العدد الأول، من جريدة " الحياة "، ضمن زاويته اليومية " قل كلمتك وامش "، أنه كان يعتزم إصدار هذه الجريدة تحت اسم " الجلاء "، إلاّ أن وزارة الداخلية اللبنانية حظرت عليه استخدام اسم جديد، يختلف عن الاسم، الذي يحمله الامتياز، الذي صدرت الجريدة على أساسه. أمّا اسم زاويته اليومية " قل كلمتك وامش "، فقد ذكر مروّة أن صاحب العبارة هو أمين الريحاني وأنه سمعها منه خلال حوار مع عدد من الزملاء الصحافيين، عندما كان مروّة يعمل في جريدة " النداء " عام 1932. وقد رسخت العبارة في ذهنه حتى صدرت " الحياة "، واستخدمها عنواناً ثابتاً دائماً لمقالته اليومية. ويذكر كامل مروّة أن الريحاني حينها، دافع عن عبارته أمام الصحافيين موضحاً أنه قصد بعبارته: " حث أصحاب الرأي على الجهر برأيهم "، والمشي في طريق هذا الرأي. إلى جانب هذه الزاوية اليومية، كتب مروّة باباً يومياً ثانياً بعنوان " عيون وآذان " (انظر ملحق عيون وآذان)، خصصه إلى الملاحظات السريعة والدقيقة، على مظاهر الحياة الاجتماعية اليومية. وكتب كذلك مقالاً أسبوعياً وقعّه بقلم هانس مولارد، جمع مادته من دوريات صادرة باللغات الأجنبية، التي كان يتقن منها الإنجليزية والألمانية والفرنسية.

أمّا شعار الجريدة: " إن الحياة عقيدة وجهاد "، فهو عجز البيت المشهور، لأمير الشعراء أحمد شوقي. وقد صدر العدد الأول من " الحياة "، واسم أحمد شوقي ممهوراً تحت الشعار. وفي المقدمة، التي كتبها أكرم زعيتر لمجموعة " قل كلمتك وامش "، يؤكد ذلك، ويورد البيت الشعري الكامل، الذي أُخذ منه الشّعار:

قف دون رأيك في الحياة مجاهداً                       إن الحيـاة عقيدة وجهـاد

تولى كامل مروّة رئاسة التحرير في جريدة " الحياة "، منذ مرحلة التأسيس. واستمر كذلك حتى تاريخ اغتياله في مكتبه، في مبنى الجريدة الكائن في منطقة الخندق الغميق، في وسط بيروت مساء الإثنين 16 مايو 1966م، الموافق 20 محرم 1386هـ. وفي 24 من الشهر نفسه، صدر الحكم الظني في قضية الاغتيال بحق أربعة أشخاص، اشتركوا في العملية، وهم: القاتل عدنان سلطاني، والمحضر إبراهيم قليلات، والمشاركان محمود الأروادي، وأحمد المقدم، واستمرت المحاكمة حتى 15 مارس 1968. وقضت بالإعدام لسلطاني الموقوف، والأروادي الهارب. أمّا أحمد المقدم فحُكِم عليه غيابياً بالسجن 15 عاماً، وبرئ إبراهيم قليلات، من تهمة الاشتراك في العملية.

وفي مارس 1969، أصدر رئيس الجمهورية اللبنانية آنذاك، شارل الحلو، مرسوماً قضى بتخفيف عقوبة سلطاني إلى السجن 15 عاماً. وهكذا مكث سلطاني في سجن الرّمل في بيروت حتى مارس 1976، عندما فرّ من السجن مع الهاربين، نتيجة اندلاع الحرب الأهلية في لبنان وتداعي نفوذ الدولة، والتحق بميليشيا " المرابطون "، التي أسسها قليلات عند بداية الحرب، وهي ميليشيا ناصرية شاركت في الحرب الأهلية اللبنانية، وانكسرت أمام تحالف الحزب التقدمي الاشتراكي، وحركة أمل، في معركة السيطرة على بيروت الغربية عام 1984. وغادر بعدها قليلات بيروت إلى أوروبا، ليعيش فيها.

خلال مسيرته الصحافية، أيّد كامل مروّة ثورة الضباط الأحرار في مصر عام 1952. لكن هذا التأييد ما لبث أن تحول إلى فتور، بعد تولي الرئيس جمال عبد الناصر مقاليد السلطة، وتبنّيه سياسة عربية صِدامية، وجنوحه نحو الاشتراكية واليسار. وقد ساندت " الحياة " فكرة انضمام الدول العربية، إلى مشاريع التحالف، التي اقترحها الغرب في الخمسينات، للحدّ من انتشار الشيوعية، فيما عرف بحلف بغداد عام 1955، ومبدأ أيزنهاور عام 1957. ورأت لهذا الانضمام مردوداً يعزز الموقع الدولي للعرب، في صراعهم مع إسرائيل ونددت " الحياة "، بشدة، بالحركات الانقلابية، في كل من سورية والعراق واليمن خلال الخمسينات والستينات من القرن العشرين، معتبرة أن اتجاهها الماركسي يخنق اقتصاديات تلك البلدان، ويؤذي الوحدات الوطنية، ويزيد العلاقات العربية، تعقيداً على تعقيد. كما شجبت تدخل العسكر في الحكم، وإلغاءهم المؤسسات الدستورية الشرعية، وتقليصهم الحريات الشخصية، لشعوب تلك البلدان.

وقفت " الحياة " على الحياد في ثورة 1958 في لبنان التي اندلعت بعد سعي الرئيس كميل شمعون، إلى تجديد ولايته ست سنوات إضافية. وكانت " الحياة " تعارض فكرة التجديد، لكنها في الوقت نفسه، تؤيد السياسة الخارجية لشمعون، المعادية للتيار الثوري في المنطقة. وقد غابت افتتاحية كامل مروّة ومقالات الرأي الأخرى، عن صفحات الجريدة فترة ستة أشهر، إلى أن هدأ الوضع السياسي في البلاد. وعام 1963، وقفت " الحياة " إلى جانب المملكة العربية السعودية في حرب اليمن منددة بالتدخل العسكري المصري فيها. وناصر كامل مروّة الملك فيصل بن عبدالعزيز في دعوته، إلى إقامة تضامن إسلامي، لبناء عمق إستراتيجي للعرب، في مواجهة إسرائيل ولاحتواء الحركات الثورية اليسارية في المنطقة. وكان من الساعين إلى إدخال إيران في دائرة ذلك التضامن 



[1] كامل بن جميل (أو ابن محمد جميل) مروّة، شهيد الصحافة في لبنان ومن كبار كتّابها. ولُِد في قرية الزرارية، من أعمال صيدا. وتخرج في مدرسة الفنون الأمريكية، في صيدا عام (1932). قام برحلته إلى أفريقيا الغربية عام (1937)، وضع على أثرها كتابه `نحن في أفريقيا` وبعد سنة أصدر `مجلة الحرب الجديدة المصورة`. خرج من لبنان (1941 ـ 1945) وأقام في أوروبا. وعندما عاد، اعتقلته السلطة الفرنسية شهرين وعشرة أيام. أصدر جريدة `الحياة` في بيروت عام 1946، فكانت، ولا تزال، من أمهات الصحف العربية. وأضاف إليها جريدة باللغة الإنجليزية باسم `الدايلي ستار` أي النجمة اليومية. وبينما هو في عمله، في مكتب `الحياة` مساء 26 محرم 1386هـ، الموافق 16 مايو 1966، فاجأه بيروتي بإطلاق الرصاص عليه، فقتله. واعتُقِل القاتل. وجُمعت مقالات كامل مروّة، المنشورة في `الحياة`، عام 1965، في كتاب `قل كلمتك وامش` ووضعت أخته، السيدة دنيا مروّة، كتاباً في سيرته ودراسات عنه لبعض عارفيه، سمّته `كامل مروّة كما عرفته.