إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / الحملة الجوية، واستخدام صواريخ أرض-أرض




آثار الصواريخ العراقية في تل أبيب
أجيال النظام باتريوت
مدفع الطاقة الحركية
النظام AEGIS البحري
النظام الصاروخي ثاد
صاروخ (أريحا -1)
صاروخ لانس
صاروخ باتريوت
صاروخ فروج -7

أوضاع القوات البحرية للتحالف
أوضاع القوات العراقية
الصواريخ أرض/ أرض بالمسرح العراقي
الصاروخ سكود ـ سي




استخدام الصواريخ أرض/ أرض في حرب الخليج الثانية

المبحث الخامس

ردود الأفعال الإقليمية والعالمية للضربات الصاروخية

    لجوء القيادة العراقية إلى توجيه بعض صواريخ أرض/ أرض إلى قوات التحالف المتمركزة في المملكة العربية السعودية، لا يمكن أن يُعَدّ شكلاً من أشكال الدفاع الإيجابي، كما أنه لا يرقى إلى كونه هجوماً مضاداً.

    كما أن إطلاق صواريخ سكود العراقية على إسرائيل، لم يكن له هدف عسكري، وإنما كان يشكل هدفاً سياسياً وإعلامياً.

    لكن على الرغم من ذلك، كان له تأثير معنوي كبير كما كان له ردود أفعال على المستوى العربي والإسلامي والدولي.

أولاً: ردود الأفعال على المستوى العربي

    تأثرت ردود الأفعال طبقاً لظروف وسياسات الدول العربية التي انقسمت إلى ثلاثة محاور:

المحور الأول:  الدول التي تساند العدوان العراقي على الكويت وتباركه، وقد ضمت تلك المجموعة ثلاث دول عربية على رأسها المملكة الأردنية الهاشمية واليمن، إلى جانب منظمة التحرير الفلسطينية.

                 انضمت إليها الدول التي تأثرت بشكل واضح بقضية عدالة توزيع الثروة العربية التي أطلقها الرئيس صدام كأحد أهدافه من غزو الكويت، ويقود هذا الاتجاه السودان وموريتانيا وهما الدولتان الأشد فقراً في العالم العربي.

المحور الثاني:  الدول العربية التي تعارض الوجود الأجنبي، وبصفة خاصة الأمريكي، لمقارنة مواقفها مع إسرائيل، وقد تبنى هذا الاتجاه كلّ من ليبيا والجزائر.

المحور الثالث:  باقي الدول العربية التي دانت العدوان العراقي على الكويت ورفضت أيّ آثار مترتبة عليه وعدم الاعتراف بتبعاته بأغلبية 14 دولة من إجمالي 21 دولة.

                 وأن الجامعة العربية تشكل الإطار السليم لأيّ مبادرة عربية وفقاً لميثاقها.

    وعلى ضوء ذلك، فإن الأزمة في بداية الأمر قد أحدثت شرخاً كبيراً في التضامن العربي، أصبح هو الإعصار الذي قضى على ما تبقى من آمال وطموحات للأمة العربية في تضامن عربي.

    وفي محاولة لجمع شتات الأمة وتوحيد طاقاتها، كان للجامعة العربية دور رائد من أزمة الخليج الثانية، من خلال ثلاثة اجتماعات رئيسية تحدد التوجه العام للموقف العربي إزاء المحنة:

أولها:    إدانة مجلس وزراء الخارجية للدول العربية في دورته غير العادية التي عقدت بالقاهرة في 3 أغسطس 1990 العدوان العراقي على الكويت، ورفض أيّ آثار مترتبة عليه.

ثانيها:   ما صدر من قرارات عن القمة العربية التي عقدت في القاهرة في 10 أغسطس 1990 من إدانة للعدوان العراقي على الكويت وعدم الاعتراف بقرار العراق ضمها إليه.

ثالثها:   الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية العرب في القاهرة في أغسطس 1990 تنفيذاً لقرارات القمة العربية الطارئة التي عقدت في 10 أغسطس، وقد انتهى هذا الاجتماع إلى خمسة قرارات:

1.   إدانة العدوان العراقي على الكويت.

2.   مطالبة العراق بالإفراج عن الرعايا الأجانب.

3.   دعوة العراق لحسن معاملة المدنيين في الكويت والعراق.

4.   دعوة العراق إلى المحافظة على السفارات والتمثيل الدبلوماسي في دولة الكويت.

5.   تعويض الكويت عن الأضرار والخسائر التي لحقت بها نتيجة الغزو العراقي، وتحميل العراق كافة التعويضات عما ترتب على ذلك.

    ويمكن إلقاء مزيد من الضوء على مواقف الدول العربية الأكثر فاعلية في الأزمة كالآتي:

1. موقف وردود أفعال المملكة العربية السعودية

    تبرز أهمية المملكة من كونها الطرف المباشر في الأزمة، حيث امتد تحركها على أوسع نطاق وأظهرت قدرة دبلوماسية لتأكيد عزل العراق في أضيق مجال ممكن، وشرعية الوجود الدولي بقواه العسكرية والسياسية على أراضيها من منطق أقره الواقع. ومن هنا كانت أرض المملكة العربية السعودية موقعاً لحضور عالمي إلى جانب الحضور العربي، مما عكس تجسيداً لوحدة الشرعية العربية والشرعية الدولية.

    وقد تأثرت ردود الأفعال للمملكة على ضوء  غزو العراق الكويت، ثم استخدام صواريخ أرض/ أرض في قصف أراضيها، بالثوابت الآتية:

أ. إن العراق بحشده لقواته على الحدود الشرقية للمملكة واستخدامه صواريخ أرض/ أرض في قصف مدينتَي الظهران والرياض، قد انتهك مجدداً المواثيق والقوانين الدولية بعد انتهاك الأعراف ونكث الوعود بغزوه للكويت وإعلان ضمها، معرضاً أمن المملكة العربية السعودية والسلم العربي والدولي لبالغ الأخطار.

ب. إن المملكة ارتكزت في حق دفاعها عن نفسها ضد الاعتداء العراقي بالصواريخ على أراضيها على نص المادة 51 من ميثاق المنظمة الدولية واعتماد معاهدة الدفاع العربي المشترك وميثاق كلّ من مجلس تعاون دول الخليج العربية وميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي، حتى لا يمتد الغزو والقصف الصاروخي إلى أراضيها.

ج. أكدت المملكة أن وجود القوات الشقيقة والصديقة على الأراضي السعودية كان بناء على طلبها وأنه من واجبها حماية هذا الوجود والوقوف بجانبه حتى لا تتكرر كارثة غزو الكويت.

    وقد كان الحسم السعودي نابعاً من فهْم واسع لجوانب تطور العدوان العراقي واستخدام صواريخ أرض/ أرض من طراز سكود B، فقد أطلق العراق 23 صاروخاً خلال الفترة من 20 يناير وحتى 25 فبراير 1991 على مدينتَي الرياض والظهران، ولم يكن للقصفات تأثير مادي فعال، بل كان تأثيرها نفسياً ومعنوياً فقط.

    وكانت ردود أفعال المملكة كالآتي:

·    نشر 21 بطارية باتريوت تتكون من 132 قاعدة إطلاق في المواقع الحيوية من المملكة، وكان وجودها مبعث اطمئنان للمدنيين والعسكريين.

·    حركت القصفات الصاروخية العراقية دوافع الرد في الجانب السعودي، فأصدر الأمير خالد بن سلطان بصفته قائداً لقيادة القوات المشتركة أوامره بوضع قوة الصواريخ الإستراتيجية للمملكة في وضع الاستعداد وتجميع عناصر الصواريخ المختلفة في المواقع المناسبة، وتنفيذ جميع مراحل التجهيز للإطلاق عدا ملء الصواريخ بالوقود السائل، وتوجيه هذه الصواريخ نحو المواقع الرئيسية العراقية.

    ولكن لأسباب تتعلق بعدم رغبة المملكة في تصعيد الصراع، والاحتفاظ بالصواريخ في جعبتها كآخر حل تلجأ إليه، آثرت عدم استخدامها والاكتفاء بالحملة الجوية الصاروخية للتحالف التي كانت تضطلع بالرد الوافي.

2. موقف وردود أفعال جمهورية مصر العربية

    انطلق الموقف المصري من شعار أنه مهما كانت حجم الخلافات فإن مكان بحثها وحلها هو الجامعة العربية، وعلى ذلك سارت معالجة الأزمة في ثلاثة محاور رئيسية:

أولها: عدم شرعية الغزو والاحتلال بالقوة، وما يترتب عليه من آثار فهو باطل.

ثانيها: أن مصر لا تريد أن يتحمل الشعب العراقي ذنب وجريمة الخطأ الكبير الذي ارتكبه حكامه.

ثالثها: أنه إذا تُركت هذه الجريمة دون رادع، فإن ذلك يخلق مبرراً لتكرارها في أجزاء أخرى من الوطن العربي، وبالتالي يكون ذريعة للتدخل الأجنبي بدعوى حماية المصالح الحيوية لبعض الدول في المنطقة.

    وعلى ضوء الثوابت التي حكمت السياسة المصرية في إدارة الأزمة، توالت نداءات مصر إلى القيادة العراقية بالانسحاب بدلاً من الحل العسكري، وضرورة تأكيد الحل السلمي. وفي ظل التعنت العراقي كان قرار مصر إرسال قوات مصرية إلى المملكة العربية السعودية والإمارات، من منطلق ألا ينفرد الحشد الأجنبي وحده بالحل، وضرورة توفير قوات عربية وإسلامية إلى جانبه في المنطقة.

    وقد أثبتت التجربة أن إشراك القوات المصرية بما تملكه من قدرات عسكرية وخبرة في المعدات السوفيتية خاصة صواريخ سكود، كانت له فائدة كبيرة على النحو التالي:

أ. كانت صواريخ سكود هي السلاح الوحيد في ترسانة العراق التي سببت إزعاجاً كبيراً لقوات التحالف، فكلّ قواذف صواريخ سكود متحركة، إذ توضع على عربات ذات هيكل طويل وتُطلق صواريخها من على الطرق أو الأراضي المفتوحة، ثم تسارع إلى الاختباء بعد الإطلاق، وقد هُوجم الكثير من تلك المواقع المجهزة من قِبل قوات التحالف في الأيام الأولى من الحرب، ولكن القواذف المتحركة تمكنت من الهرب بفعل ذكاء الأطقم العراقية لصواريخ سكود وسعة حيلتها، بالإضافة إلى تنفيذ عملية الإطلاق ليلاً وفي الأحوال الجوية الرديئة.

ب. بُذلت محاولات عدة من جانب قوات التحالف لمعالجة جوانب القصور تلك، وتبين أن تحديد مواقع القواذف المتحركة لصواريخ سكود أصعب بكثير مما كان متوقعاً، فكثيراً ما كانت تصل القاذفات فوق منصة الإطلاق التي انطلقت منها الصواريخ قبل قليل ولكنها تجد صحراء خالية، مما أوقع قوات التحالف في حيرة.

    عندئذ جاء الأمير خالد بن سلطان بتفسير، ففي أثناء حديث له مع أحد مستشاريه من القوات المصرية، وقد عمل من قبل قائداً لوحدة صواريخ سكود لمدة سنتَين، ومن طريق الاستنتاج المنطقي اكتشف أن شاحنة منصة الإطلاق لا تستطيع أن تمضي أبعد من مسافة ستين دقيقة سواقة بعد إنجاز الإطلاق، وكانت وكالات مخابرات قوات التحالف قد أبلغت بأنها تسير لمسافة 30 دقيقة سواقة فقط، وبالتالي ففي الوقت الذي يُكتشف فيه موقع إطلاق الصواريخ، وينُقل الإحداثي للقاذفات تكون القواذف العراقية قد أخلت الموقع، وأن القواذف المتحركة يلزمها من 7-10 دقائق لإخلاء موقع الإطلاق، بينما يحتاج قمر الإنذار الأمريكي المداري إلى دقيقتَين لإرسال بيانات الإطلاق، وهذا يعني أن لدى التحالف من 5-8 دقائق لقصف مواقع الإطلاق قبل مغادرة القواذف لها.

    وهذا بدوره يعني أن القاذفات المقاتلة للتحالف لا بدّ أن تكون في الجو على بعد لا يزيد على 50-100 كم من مواقع إطلاق الصواريخ التي حُدِّدَت، انتظاراً لإشارة الإنذار حتى تكون أمامها فرصة كافية للوصول إلى مواقع الإطلاق لتمييز القواذف وتدميرها قبل هروبها. أُعطيت هذه الحسابات الدقيقة المنطقية إلى شوارتزكوف واعترف الأمريكيون بأهميتها وفائدتها.

    ولكن تلك الجهود جميعها لم تمكن قوات التحالف من منع بعض صواريخ سكود العراقية من الوصول إلى المملكة العربية السعودية وإلى دولة إسرائيل، حيث وصفها الرئيس المصري محمد حسني مبارك، بأن لجوء نظام بغداد إلى ضرب إسرائيل بالصواريخ هو مجرد (فرقعة) المقصود منها توريط مصر والأردن وسورية والأمة العربية، وتساءل هل يريد صدام أن يشعل الدنيا ناراً؟ أين كان قبل ذلك؟ فإسرائيل موجودة منذ عام 1948 فماذا فعل؟!

3. موقف وردود أفعال الجمهورية العربية السورية

    كانت العلاقات العراقية ـ السورية تحكمها خلافات عميقة بين فرعَي حزب البعث، وزادت هذه العلاقات توتراً من خلال موقف سورية المؤيد لإيران أثناء الحرب العراقية ـ الإيرانية، حيث أعطت سورية صواريخ سكود لإيران، مما دعم الموقف الإيراني في حرب الصواريخ بين البلدَين، لذلك كان من الطبيعي أن تنحاز سورية إلى جانب المملكة العربية السعودية والإجماع العربي في موقفهما من الغزو العراقي، إلا أن ذلك لم يكن بالأمر السهل إذا وضعنا في الحسبان موقف الشارع السياسي في سورية ومشاعر العداء تجاه الولايات المتحدة الأمريكية لكونها الحليف الرئيسي لإسرائيل، ولذلك فقد كان موقف سورية المؤيد للمملكة العربية السعودية مشوباً بالحذر، خاصة في قرارها إرسال قوات عسكرية إلى المملكة، وحاولت إرضاء الرأي العام الداخلي حيث حدد وزير خارجية سورية موقفها خلال حديثه في اجتماع عقدته القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم في سورية بتاريخ 11 فبراير 1991، تضمن الآتي:

أ. تأكيد أن إسرائيل هي العدو الرئيسي وأنها إذا انضمت إلى التحالف أو هاجمت العراق بأيّ صورة فستنحاز سورية إلى جانب العراق.

ب. انتقاد السياسة الأمريكية المؤيدة لإسرائيل ومهاجمة الولايات المتحدة الأمريكية لما تقدمه إلى إسرائيل من أسلحة ومعونات عسكرية تخل بالتوازن في المنطقة.

ج. الإعلان صراحة بأن القوات السورية قد توجهت إلى المملكة العربية السعودية للدفاع عنها وأنها لن تشترك في أيّ عملية هجومية ضد العراق.

د. تأكيد أن سورية موقفها ثابت بشأن رفض الاحتلال العراقي للكويت والمطالبة بضرورة انسحاب القوة العراقية منها كخطوة أساسية لتحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

    هذا وقد أكدت سورية موقفها الثابت بشأن استخدام العراق لصواريخ أرض/ أرض ضد المملكة العربية السعودية وإسرائيل، طبقاً لما صدر في بيان للخارجية السورية بتاريخ 20 يناير 1991، والذي طالب حاكم بغداد بالكف عن اللعب بالنار عبر إطلاق الصواريخ على إسرائيل، ووصفه بأنه عرض مسرحي.

    كما أوضح وزير الإعلام السوري في 19 يناير 1991 أنه إذا قامت إسرائيل بالهجوم على الأردن أو العراق، فإن سورية ستقف إلى جانب أيّ بلد عربي يتعرض للعدوان.

    وكانت تصريحات وكالة الأنباء السورية الرسمية في 20 يناير 1991 في شأن ضرب إسرائيل بالصواريخ العراقية، أن النظام العراقي لا يستطيع أن يخدع العرب بتوجيه حفنة من الصواريخ إلى فلسطين المحتلة، لأن هذه اللعبة لن تحرر أرضاً ولن تعيد شعباً مشرداً، ولكنها سوف توسع نطاق الحرب وتستدرج الدول العربية إلى الحرب، وتخدم بذلك العدو.

    وفي 20 يناير أيضاً، حذر السفير السوري في الجزائر عبدالجبار بهاء في حديث له مع صحيفة جزائرية، أنه إذا عمدت إسرائيل إلى عمليات حربية ضد الأردن بدعوى أن الأردن سمح للعراق باستخدام أراضيه، سوف تقف سورية إلى جانب الأردن، وقال: إن القوات السورية منتشرة على الحدود مع إسرائيل ومستعدة لمواجهة أيّ مؤامرة إسرائيلية.

    كما ذكر نائب الرئيس السوري في 28 يناير أن سورية تعي وتدرك أهداف لعبة النظام العراقي لجرها إلى الحرب وتوسيع نطاقها، وأن دمشق لن تُجر إلى هذه الحرب التي يقصد منها النظام العراقي التغطية على جريمة احتلال الكويت. وفي 20 فبراير أعلن نائب الرئيس السوري "أن الصواريخ التي يطلقها النظام العراقي على إسرائيل قد حققت لإسرائيل كلّ ما كانت تسعى إليه من دعم بالمال والسلاح والتأييد الدولي". لا يستطيع أن يخدع ا

4. موقف وردود أفعال المملكة الأردنية الهاشمية

    اتصف الموقف الأردني تجاه حرب الخليج بالتحيز الواضح إلى جانب العراق، مرتكزاً على معيارَين أساسيَّين:

أ.  أن الحرب من جانب الائتلاف الدولي هي حرب ظالمة وغير عادلة وهدفها الرئيسي هو تدمير العراق والإخلال بموازين القوى في الشرق الأوسط لمصلحة دول معينة بالمنطقة.

ب.  الربط بين مشكلة حرب الخليج الثانية ومشكلة الشرق الأوسط، وأن الحل يجب أن يستند إلى عدم الفصل بينهما.

    ومن هذا المنطلق فقد تبنى الأردن وجهة النظر العراقية ـ الإيرانية، والتي تقضي بانسحاب العراق من الكويت وخروج قوات التحالف الدولي من المنطقة، على أن يحل محلها قوات إسلامية والبدء في مفاوضات الحل تحت رعاية منظمة المؤتمر الإسلامي.

    أمّا بالنسبة لردود أفعال المملكة الأردنية الهاشمية على الحملة الجوية الصاروخية لقوات التحالف، فقد صدر بيان عن الموقف الرسمي الأردني في 17 يناير 1991 جاء فيه: "أن الأردن قيادة وحكومة وشعباً يستنكر ما حدث في الساعات الأولى من صباح 17 يناير من هجوم على بلد عربي مسلم، كان دائماً المُسارع إلى نجدة أشقائه العرب ودفع ضريبة الدم والتضحية في كلّ المعارك التي فُرضت على الأمة العربية، وأن الأردن سيحمل كلّ من شارك في هذا الهجوم مسؤوليته أمام الله والناس والتاريخ".

    كما صرح الجنرال "أبو نوار" رئيس الأركان الأردني بأن الحرب لن تكون خاطفة وفق رغبة الولايات المتحدة الأمريكية، غير أنها ستدوم شهوراً عديدة كما وعد الرئيس العراقي صدام حسين الذي أوفى بكلّ وعوده حتى الآن. فلقد سارع أولاً في استيعاب الضربة الأولى، وكانت الصحوة الثانية بمهاجمة إسرائيل بالصواريخ كما سبق وأن قال؛ وأن إستراتيجية العراق واضحة، ففي الأيام الأولى من الحرب لم يشارك بجميع قواته، فهو يحتفظ بهذه القوات في مخابئ آمنة في الوقت الذي يدفع للأمام بمنصات الصواريخ المتحركة، وأن هذه التكتيكات ذات تأثيرات نفسية مدمرة للقوات الدولية التي تهاجم العراق.

    وقد أدت تلك السياسة إلى وقوع الأردن تحت الضغط المستمر من النظام العراقي لتقديم مزيد من التعاون لتقليل تأثير الحصار الاقتصادي عليه، إلى جانب ضغط الجبهة الداخلية التي تعاني أزمة اقتصادية.

    وعلى ضوء ما سبق، فإن السياسة الأردنية في معالجتها للأزمة سعت إلى إرضاء كافة الأطراف، مما أدى إلى عدم إرضاء أيّ طرف منها.

5. موقف وردود أفعال منظمة التحرير الفلسطينية

    اتسمت مواقف الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالانحياز بشكل واضح إلى جانب النظام العراقي. وقد خسرت المنظمة بسبب ذلك تعاطف غالبية الدول العربية المناهضة للعراق. وربما كان موقف المنظمة من أكثر المواقف المحيرة على الساحة العربية؛ فقد كانت العلاقات بين دول الخليج والمنظمة الفلسطينية تتسم بالمتانة والدعم المستمر من جانب دول الخليج للمنظمة التي انحازت لقضية دولة عربية استولت بالقوة المسلحة على دولة عربية مجاورة، وهو الموقف نفسه الذي تعانيه المنظمة تجاه إسرائيل، والمستند إلى الاستيلاء على الأراضي بالقوة.

    وعندما شنت قوات التحالف الضربة الجوية الصاروخية تمهيداً لإعادة الحقوق إلى أصحابها، دعم الزعيم الفلسطيني وقفة الجيش والشعب العراقيَّين، إذ قال في رسالة للرئيس صدام حسين: "أخي الفارس العربي صدام حسين ـ حفظه الله ـ أنت وشعبك وجيشك الباسل البطل تقودون اليوم معركة من أشرف معارك العرب والمسلمين دفاعاً عن العراق، ودفاعاً عن الأمة العربية والإسلامية، وشعوب العالم الثالث، ضد الهيمنة والديكتاتورية الأمريكية التي تريد واشنطن أن تفرضها على العالم أجمع. نتوجه إلى الله العلي القدير أن يؤيدكم بنصره ويثبت أقدام هذا الجيش المجاهد البطل، جيش العراق، جيش الأمة العربية والإسلامية".

    وكانت ردود الأفعال الرسمية للمنظمة، أنه في يوم 20 يناير 1991 صدر بيان لها يقلل بشكل عام من نتائج العمليات العسكرية للقوات الحليفة ضد العراق، ويصف قيادات الائتلاف الدولي بالمبالغة والكذب في تقدير وإعلان نتائج الحملة الجوية الصاروخية؛ ويحذر من أن العراق ما زال يملك قوات جوية وصاروخية وبرية، وأن معظمها ـ من وجهة نظر المنظمة ـ لم يدخل المعركة بعد، وأن العراق ينتظر معركته البرية التي ستحسم الموقف بتعاونها مع صواريخه وقواته الجوية لمصلحة العراق.

    وعلى ضوء ما سبق وطبقاً لنتائج حرب الخليج، اتضح أن المنظمة اتخذت موقفاً دون تقدير واقعي للموقف، كانت له آثار سلبية بالغة السوء على القضية الفلسطينية بشكل عام وعلى قيادة المنظمة بشكل خاص على المستويَين الإقليمي والعالمي.

ثانياً: ردود الأفعال على مستوى الدول الإسلامية

    في 3 أغسطس 1990 أصدرت الدورة التاسعة عشرة لوزراء خارجية الدول الإسلامية المنعقدة في القاهرة، أصدرت بياناً طالبت فيه بانسحاب قوات العراق من الكويت. كما أرسلت باكستان وبنجلاديش قوات رمزية لحماية المملكة العربية السعودية. وأصدرت ست دول إسلامية آسيوية هي باكستان وبنجلاديش وإندونيسيا وبروناي وماليزيا والمالديف بياناً مشتركاً دان العدوان العراقي ودعت فيه إلى انسحاب القوات العراقية. وإلى جانب ذلك كانت ردود أفعال بعض الدول الإسلامية وبصفة خاصة دول الجوار الجغرافي كانت كالآتي:

1. موقف وردود أفعال إيران

    حدد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في 11 أغسطس 1990 الموقف الإيراني من الغزو العراقي للكويت بالنقطتَين التاليتَين:

أ. عدم قبول الاحتلال العراقي للكويت بأيّ شكل من الأشكال.

ب. أن الحل الوحيد يتمثل في الانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات العراقية من الكويت.

    ولم يتطرق الموقف الإيراني حتى هذا التاريخ إلى وجود القوات الأجنبية في المنطقة وتمركزها في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية. كما لم يتطرق إلى قرارات مجلس الأمن الصادرة ضد العراق. واستمر هذا الموقف إلى أن أعلن العراق في 15 أغسطس 1990 قبوله للشروط الإيرانية الخاصة بتسوية مشكلات الحرب العراقية ـ الإيرانية والتسليم بوجهة نظر إيران وتحقيق مطالبها.

    عقب هذه التراجعات العراقية، اتخذ الموقف الإيراني منحى جديداً تمثل في رفض إيران رسمياً للوجود العسكري الخارجي في المنطقة. وقد أعلن المرشد العام للثورة الإيرانية علي خامينئي الدعوة للجهاد المقدس ضد الوجود الأجنبي في منطقة الخليج، ودعوة دول الخليج للتعاون مع إيران واستعادة الأمن في المنطقة.

    وعلى ضوء ما سبق فقد رفضت إيران إرسال قوات إلى منطقة الخليج، حيث صرح الرئيس الإيراني في 7 أكتوبر 1990 أنه لا يستطيع أن يتخيل أن يوجد الجنود الإيرانيون في الخندق نفسه مع الجنود الأمريكيين في الأراضي السعودية.

    كما أكدت إيران ضرورة انسحاب القوات العراقية الفوري من الأراضي الكويتية دون الربط بين هذا الانسحاب وانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة.

    وعلى ضوء ما سبق كانت ردود الأفعال الإيرانية تجاه شن قوات التحالف الضربة الجوية الصاروخية والتي استهدفت مراكز الثقل العراقية، ومن أهمها القوات الجوية ووحدات صواريخ أرض/ أرض، هي استقبال 135 طائرة عراقية ووصولها إلى إيران، فقد هربت أول مجموعة منها في 26 يناير 1991، والأيام الثلاثة التي تلت ذلك وكانت تضم 80 طائرة. ثم حدث هروب جماعي آخر في الفترة ما بين 6-10 فبراير، وكان بين الطائرات التي هربت مقاتلات من نوع MIG-29 وقاذفات للارتفاعات المنخفضة من نوع Fener السوفيتية، إضافة إلى بعض طائرات النقل والميج. وأعلنت طهران بعد انتهاء الحرب أنها لا تنوي إعادتها.

2. موقف وردود أفعال تركيا

    انطلق الموقف التركي من خلال إيجاد معادلة صعبة، فمن ناحية تُعَد تركيا إحدى دول الجوار للمنطقة العربية، بما يجعلها تتأثر تأثراً مباشراً بتطورات الأوضاع في المنطقة، ومن ناحية أخرى فإن تركيا تُعَد الجناح الجنوبي لحلف الناتو ومن ثم فلا بد أن تتأثر بالموقف الغربي من الأزمة، وبالتالي فإن الموقف التركي يتمتع بخصوصية فريدة إزاء الأزمة لارتباطه جغرافياً بالمنطقة من جهة، وارتباطه سياسياً وعسكرياً بالغرب من الجهة الأخرى.

    وقد تأثرت تركيا سلبياً من جراء المقاطعة الاقتصادية للعراق طبقاً لقرارات مجلس الأمن الخاصة بالحصار الاقتصادي على العراق، حيث صرح الرئيس التركي في 7 سبتمبر 1990 أن خسائر تركيا المبدئية من المقاطعة الاقتصادية للعراق بلغت ثلاثة مليارات ونصف المليار من الدولارات.

    وعلى الرغم من احتفاظ تركيا بعلاقات طيبة مع العراق قبل الغزو، إلا أن أثر الآلة العسكرية العراقية المتطورة على الأمن القومي التركي، تُعَد إحدى محددات الموقف التركي، خاصة وأن النظام العراقي الحالي يعمد إلى تغيير تحالفاته واتجاهاته بصورة سريعة وغير مأمونة العواقب، كما حدث مع إيران. ومن ثم فإن هذه القوة العسكرية في ظل هذا النظام تمثل تهديداً لتركيا، ومن هنا جاءت ردود الأفعال التركية معارضة للغزو ومطالبة القوات العراقية بالانسحاب من الكويت وأن الاتجاه التركي يؤيد الحل سلمياً، إلا أنها لا ترفض الحل العسكري في حالة فشل الحل السلمي.

    وعلى ضوء ما سبق كانت ردود الأفعال التركية الرسمية هي موافقة البرلمان التركي في 6 سبتمبر 1990 على مشروع قانون بإرسال قوات عسكرية خارج الأراضي التركية، وبناءً على ذلك حشدت تركيا على طول الحدود المشتركة مع العراق والتي تبلغ 340 كم، وضعت 135 ألف جندي، 50 دبابة، 154 طائرة مقاتلة.

    وفي مجال مؤازرة الحملة الجوية الصاروخية لقوات التحالف، فقد سمحت تركيا للقوات الجوية الأمريكية بالانطلاق من تركيا في هجماتها على العراق طبقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي. وفي مقابل ذلك، أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية وهولندا وحدتَي صواريخ باتريوت المتطورة لتعزيز دفاعاتها في مواجهة صواريخ أرض/ أرض طراز سكود العراقية في حالة تعرض تركيا لها، أسوة بالمملكة العربية السعودية وإسرائيل، هذا إلى جانب تعهد حلف شمال الأطلسي بالدفاع عن تركيا في حالة تعرضها لأي هجوم عراقي.

3. موقف وردود أفعال باكستان

    ينطلق الموقف الباكستاني من أزمة الخليج من عدة معايير كالآتي:

أ. أن باكستان تحتفظ بعلاقات صداقة وتعاون قوية مع دول الخليج، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، وذلك منذ حكم الجنرال ضياء الذي احتفظ لباكستان بعلاقات اقتصادية وعسكرية مع دول الخليج.

ب. احتفاظ باكستان بعلاقات قوية بصفة خاصة مع المملكة العربية السعودية لمكانتها الإسلامية ومن خلال دورهما في إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي، والذي تضطلع المملكة وباكستان بإسهام مهم في نشاطه.

ج. أن لباكستان عمالاً في الخليج يقدَّرون بـ100 ألف باكستاني يعملون في العراق والكويت، وكانوا يمثلون آنذاك مورداً هاماً من موارد النقد الأجنبي لباكستان.

د. التأييد الشعبي الباكستاني للعراق وخروج مظاهرات غاضبة معادية لتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في حرب الخليج، وقد واجهت الحكومة الباكستانية احتجاجات متزايدة لتأييدها لهذا التدخل.

    وقد انعكست هذه المعايير على موقف باكستان من الأزمة، حيث نددت حكومة بينظير بوتو في 2 أغسطس 1990 بالغزو العراقي للكويت، وطالبت بالانسحاب العراقي منها وعودة الشرعية.

    ومع نجاح التحالف الإسلامي في الانتخابات النيابية في 24 أكتوبر 1990 وتولي نواز شريف رئاسة الحكومة، قررت الحكومة الجديدة إرسال قوات عسكرية إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في الدفاع عنها قوامها حوالي 4 آلاف جندي، انضمت في ديسمبر 1990.

    ومع بدء الحملة الجوية الصاروخية على العراق، تزايدت حدة الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية المعادية لتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في حرب الخليج، كما تعرض رئيس الوزراء نواز شريف للهجوم من جانب بعض الحلفاء السياسيين للحكومة على قرارها إرسال قوات للمساعدة في الدفاع عن المملكة العربية السعودية.

ثالثاً: ردود الأفعال على المستوى الدولي

1. موقف وردود أفعال الولايات المتحدة الأمريكية

    اتسم الموقف الأمريكي منذ بداية الأزمة بالثبات والوضوح، فقد دان الغزو فور حدوثه، ونجح في استصدار العديد من قرارات مجلس الأمن الدولي، بدءاً بالإدانة ومروراً بالحصار الاقتصادي، وانتهاءً بجواز استخدام القوة لتنفيذ الإرادة الدولية، بدءاً بالقصف الجوي الصاروخي لمدة ثمانية وثلاثين يوماً متصلة، وانتهاءً بشن حرب تحرير الكويت.

    وقد حددت الإدارة الأمريكية موقفها من الأزمة في ثلاث نقاط:

أُوْلاها: خروج القوات العراقية من الكويت وعودة الحكومة الشرعية لها.

ثانيتها: ضمان سلامة المملكة العربية السعودية وأمن منطقة الخليج بصفة عامة.

ثالثتها: الحفاظ على أرواح الرعايا الأمريكيين في الخارج وضمان سلامتهم.

    ولتحقيق هذه الأهداف، فقد اهتمت الإدارة الأمريكية بحشد أكبر عدد ممكن من دول العالم ضد الغزو العراقي، وأدارت الأزمة على النحو التالي:

أ. التنسيق مع الاتحاد السوفيتي منذ اليوم الأول للغزو في 2 أغسطس 1990، من أجل التوصل إلى موقف مشترك، حيث صدر البيان الأمريكي ـ السوفيتي المشترك في 3 أغسطس 1990 محدداً المطالب الآتية: سحب العراق لجميع قواته من الكويت دون شرط مسبق، واسترداد السيادة والاستقلال الوطني والشرعية ووحدة التراب لدولة الكويت.

ب. التنسيق مع الدول المحيطة بالعراق، ومع الحلفاء الأوروبيين واليابان، حيث حصلت الولايات المتحدة الأمريكية على موافقة تركيا على استخدام قواعدها في تنفيذ الحملة الجوية الصاروخية، مقابل تقديم الدعم الكامل لتركيا إذا ما تعرضت للقصف العراقي بصواريخ أرض/ أرض، كما تحقق التنسيق مع إيران وسورية لمشاركة المجتمع الدولي في تنفيذ العقوبات الاقتصادية ضد العراق. كما استهدف هذا التنسيق دفع الحلفاء في جهود الحشد العسكري بالقوات أو بالأموال.

ج. مساهمة الولايات المتحدة الأمريكية في استصدار قرارات على مستوى الأمم المتحدة تدين العدوان وتطالب بالانسحاب العراقي وعودة الشرعية الكويتية وفرض العقوبات لإضفاء الشرعية في حالة استخدام القوة المسلحة. وقد ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية في استصدار اثنتَي عشر قراراً من مجلس الأمن الدولي ضد الغزو العراقي للكويت.

    وقد ساهمت الولايات المتحدة الأمريكية بفاعلية لم يسبق لها مثيل في حرب تحرير الكويت، وذلك بتنفيذ الحملة الجوية الصاروخية في 17 يناير 1991، حيث كانت نسبة الطلعات التي نفذتها القوات الأمريكية 83.6% من إجمالي المهام الجوية التي نفذتها قوات التحالف الدولي.

    ومنذ تفجر أزمة الخليج وتهديد صدام حسين باستخدام صواريخ أرض/ أرض، عملت القيادة الأمريكية على توفير الحماية لدول الجوار والتي تقع في مدى الصواريخ العراقية سكود B المطورة، فبادرت إلى نشر صواريخ باتريوت المضادة لصواريخ أرض/ أرض في كلّ من المملكة العربية السعودية وإسرائيل وتركيا والبحرين. وكان أول اختبار فعلي لنظام باتريوت الذي حقق فاعلية كبيرة، إذ أسقط أكثر من 20 صاروخاً انطلقت من العراق ودمرها في الجو خلال الأسبوع الأول من الحرب.

    وكانت ردود الأفعال الأمريكية على إطلاق العراق صواريخ سكود على إسرائيل والمملكة العربية السعودية كالآتي:

في 18 يناير 1991: يعرب الرئيس الأمريكي بوش عن غضبه الشديد لإطلاق العراق خمسة صواريخ من طراز سكود باتجاه الظهران وتل أبيب. ومتحدث باسم التحالف يؤكد أن المقاتلات انطلقت بالفعل في مهمة تستهدف تدمير منصات إطلاق هذه الصواريخ.

في 4 فبراير 1991: أعلن وزير الدفاع الأمريكي ديك تشيني أن القوات الدولية المتحالفة في الخليج تعمل لتحقيق إزالة القدرة العسكرية للعراق، خاصة أسلحة التدمير الشامل والصواريخ، سواء متوسطة أو طويلة المدى.

في 7 فبراير 1991: أعلن السفير الأمريكي بالقاهرة فرانك ويزنر أن بلاده مستعدة لتزويد مصر بصواريخ باتريوت إذا ما هدد العراق بضرب السد العالي بصواريخ سكود من السودان.

في 9 فبراير 1991: قال الجنرال كولين باول رئيس هيئة الأركان المشتركة: يجب ألا نخدع أنفسنا ونظن بأن القوات العراقية سوف تستسلم بين عشية وضحاها لقوات التحالف الدولي. وأضاف: علينا ألا نسمح للعراق بأن يجرنا إلى قتال وفقاً لشروطه.

في 14 فبراير 1991: الرئيس الأمريكي جورج بوش أعلن أن صدام حسين يحاول إقناع العالم بأن القصف الجوي والصاروخي الذي تنفذه قوات التحالف يصيب المدنيين في العراق، وهذا غير صحيح؛ وأن الرئيس العراقي يحاول التغطية على ما يمارسه هو من أعمال وحشية، سواء في معاملة الأسرى أو إطلاق صواريخ سكود على المدنيين في المملكة العربية السعودية وإسرائيل.

في الأول من مارس 1991: الرئيس الأمريكي جورج بوش يؤكد أن العراق لقي هزيمة نكراء وأن الحلفاء سوف يردون بعنف على أيّ خرق لوقف إطلاق النار، وكذلك على أيّ محاولات عراقية لإطلاق صواريخ سكود.

2. موقف وردود أفعال الاتحاد السوفيتي

    ينطلق موقف الاتحاد السوفيتي من أزمة الخليج من عدة معايير كالآتي:

أ. قرب منطقة النزاع من الحدود السوفيتية وتأثير الحشد العسكري في الخليج في التوازن الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية.

ب. المرحلة الحرجة التي يمر بها التحول السياسي والاقتصادي داخل الاتحاد السوفيتي.

ج. العلاقات السوفيتية ـ العراقية سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.

    جاء الموقف السوفيتي مؤيداً للانسحاب العراقي الفوري من الكويت وتجنب الصدام المسلح، ووضع البلدَين على طريق الحوار السياسي والعمل من أجل حل سياسي لمعالجة الأزمة، مع الالتزام بالحصار الذي قرره مجلس الأمن حول العراق، مع تصعيد العقوبات.

    ولم يعترض الاتحاد السوفيتي على تشكيل تحالف دولي واشترط عدم الاشتراك فيه، مع إحياء اللجنة العسكرية لمجلس الأمن وإقامة اتفاقات بين المجلس والدول المشاركة في الائتلاف الدولي.

    وقد كان دور الاتحاد السوفيتي في إدارة الأزمة هو التركيز على التحركات السياسية والدبلوماسية للبحث عن سبل تؤدي إلى حل سياسي للأزمة كالآتي:

أ. استقبال مسؤولين عراقيين للبحث عن سبل تؤدي إلى حل سياسي للأزمة.

ب. إيفاد مبعوث خاص ممثل للرئيس جورباتشوف إلى الرئيس العراقي صدام حسين لإقناعه بتجنب الصدام المسلح.

ج. إعادة العلاقات بين الاتحاد السوفيتي والمملكة العربية السعودية وإنشاء علاقات دبلوماسية مع البحرين.

د. الاتصال بالقمة العربية الطارئة المنعقدة بالقاهرة، وإصدار بيانات مشتركة مع الأطراف الخارجية.

هـ. إعطاء الأمم المتحدة دوراً هاماً يصل أن يكون الدور الرئيسي والملزم لجميع أطراف النزاع.

و. عدم الربط بين أزمة الخليج ومشكلات الشرق الأوسط الأخرى، ومحاولة العراق جر إسرائيل لإخراج الدول العربية من التحالف الدولي.

    وكانت ردود الأفعال السوفيتية تجاه الحملة الجوية الصاروخية وقصف الصواريخ العراقية للمملكة العربية السعودية وإسرائيل كالآتي:

في 19 يناير 1991: أصدرت وزارة الخارجية السوفيتية بياناً وصف لجوء العراق إلى ضرب إسرائيل بالصواريخ بأنه محاولة لتحويل طبيعة النزاع من احتلال الكويت إلى أزمة تعصف بالمنطقة، وإشعال حريق هائل في الشرق الأوسط.

في 11 فبراير 1991: وجه الرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف في بيان أذاعه التليفزيون، نداء إلى حاكم بغداد دعاه فيه إلى إبداء نظرة واقعية والعمل على تجنيب المنطقة المزيد من الدمار، وأعلن عزمه إرسال مبعوثه الشخصي إلى بغداد لإجراء مباحثات مع القيادة العراقية.

في 12 فبراير 1991: وصف نائب وزير الخارجية السوفيتي ألكسندر بيلوفوغوف، موقف النظام العراقي من الوضع في منطقة الخليج بأنه غير عقلاني، وقال إن صدام يجني الآن ثمار سياسته العدوانية التي ينتهجها منذ فترة.

3. موقف وردود أفعال إسرائيل

    كانت صواريخ سكود هي السلاح الوحيد في ترسانة العراق، التي سببت إزعاجاً كبيراً لقوات التحالف، فإن هذه الصواريخ لم تكن من الناحية الفعلية سوى أسلحة إرهابية، تستخدم ضد المناطق السكانية أكثر من استخدامها ضد الأهداف العسكرية. وقد استخدم صدام هذه الصواريخ من قبل ضد إيران، حيث أطلق 200 صاروخ من نوع الحسين على المدن الإيرانية، وتسبب هذا القصف بهجرة أعداد كبيرة من سكان طهران إلى الريف، ولذلك كان من المتوقع أن يسعى صدام إلى استخدام صواريخ سكود ضد إسرائيل، وهو السلاح الوحيد لديه الذي يستطيع اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

    ولما كانت هذه الإستراتيجية واضحة ومحتملة، فقد أعدَّت قيادة الائتلاف نفسها لمواجهة هذا الاحتمال، الذي نُفذ فعلاً منذ بداية الساعات الأولى من يوم 18 يناير 1991، وهو اليوم الثاني للحرب، والذي أطلق فيه العراق سبعة صواريخ سكود على تل أبيب وحيفا، وفي اليوم التالي سقطت أربعة صواريخ أخرى على تل أبيب وبالقرب منها.

    وعلى الرغم من أن صواريخ سكود كانت أمراً متوقعاً، إلا أن تأثيرها المعنوي لم يكن في الحسبان، حيث إن مراكز إسرائيل السكانية لم تتعرض لأيّ هجوم صاروخي من قبل، باستثناء بعض صواريخ كاتيوشا التي كانت تُطلق على المستوطنات الحدودية الإسرائيلية من قبل.

    مارست إسرائيل ضغطاً كبيراً على واشنطن كي توقف خطر هذه الصواريخ، مما دفع واشنطن بدورها إلى الضغط على قيادة قوات التحالف لاتخاذ التدابير اللازمة. وأصبحت بذلك مجموعة من الصواريخ البدائية التي لم تكن تهديداً بقدر ما كانت إزعاجاً، سبباً لكثير من التوتر، كما أنها أظهرت أن إسرائيل لا تمتلك دفاعات فعالة ضد الصواريخ الباليستية.

    وهكذا اتخذت قوات التحالف قراراً يقضي بتحويل 25-30% من إجمالي الطلعات الجوية لاصطياد صواريخ سكود العراقية، مما أربك خطط الحملة الجوية، حيث كانت عملية اصطياد صواريخ سكود أقل العمليات نجاحاً وأكثرها إحباطاً.

    لكن واشنطن أصرت على إعطاء عملية اصطياد صواريخ سكود الأولوية القصوى كرد فعل لتهديدات إسرائيل باستخدام سلاحها النووي ضد العراق، إذا لم توقف الهجمات الصاروخية عليها، وذلك على الرغم من معاهدة الأسلحة المضادة للصواريخ (اُنظر ملحق معاهدة الأسلحة المضادة للصواريخ).

    ومن هنا كانت صواريخ سكود هي السبب الرئيسي الذي دفع إسرائيل إلى التحدث صراحة عن قنبلتها النووية، والتلويح باستخدامها كأداة للضغط على حليفها القوي. ويتبين أن الأسلحة النووية تصلح كأداة للضغط على الأصدقاء قدر صلاحها كأداة ردع للأعداء.