إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / منظمات وأحلاف وتكتلات / الاتحاد الأفريقي









المبحث الأول

نشأة الاتحاد الأفريقي ومقاصده

أولاً: نشأة الاتحاد الأفريقي

     الدعوة إلى الاتحاد الأفريقي، ليست جديدة؛ فقد بدأت، منذ سنوات طويلة، على حدِّ قول وزير الوحدة الأفريقية الليبي، عبد السلام التريكي، في حديثه المطول إلى جريدة "الشرق الأوسط" الذي جاء فيه: "حتى قبل إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية، عام 1958، بدأت الدعوة إلى الاتحاد الأفريقي، وأطلقها قادة أفارقة كبار، مثل جمال عبدالناصر، وكوامي نكروما، وجوليوس نيريري وموديبوكيتا، وغيرهم. ومنذ عام 1964، بدأت المطالبة بهذه الوحدة، خاصة من قبل الرئيس نكروما".

    وتتلخص رؤية نكروما في أنه دعا دائماً للوحدة الأفريقية انطلاقاً من وجود بدائل، هي:

1. التوحد وإنقاذ القارة.

2. ضرورة الاستمرار في دعم الوحدة الأفريقية والتكامل المستمر.

    وذلك لتحقيق قدرة على المفاوضة والمساومة مع الشركات الأجنبية والدول المانحة، لإقامة قاعدة صناعية وفقاً للرغبات الأفريقية وليس وفقاً للمصالح الأجنبية.

    وتتلخص مقترحاته في الآتي:

1. وضع سياسة خارجية مشتركة وتمثيل خارجي موحد.

2. عمل تخطيط مشترك في التنمية الاقتصادية والصناعية، وإنشاء سوق أفريقية مشتركة.

3. إصدار نقد مشترك، وإنشاء منطقة تجارية مشتركة، وبنك مركزي أفريقي.

4. إنشاء نظام للدفاع المشترك، وهيئة دفاع مشتركة.

    وقبل هؤلاء، كانت هناك محاولات للوحدة. ونتيجة للظروف، التي يمر بها العالم الآن، ووجود تكتلات كبيرة، أصبح لا بد للأفارقة من الانضمام بعضهم إلى بعض، وتحقيق فضاء أفريقي؛ فالقارة الأفريقية غنية بإمكاناتها، ويوجد بها نحو 800 مليون مواطن. وهناك إمكانية للتوحيد".

    وقد أعد أول مسودة للقانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي؛ (وكذلك، مسودة بروتوكول إقامة البرلمان الأفريقي)، فريق من خبراء القانون والعلوم السياسية والاقتصاد، تابع لأمانة منظمة الوحدة الأفريقية. وركزت عملية تنقيح القانون التأسيسي، بصفة أساسية، في النواحي القانونية، في إطار إعلان سرت.

    وبحلول وقت تبنّي قمة منظمة الوحدة الأفريقية/الجماعة الاقتصادية الأفريقية، التي عُقدت في العاصمة الكونجولية، لومي، الميثاق التأسيسي، كانت تلك النواحي، في أغلبها، قد بُحثت. وبقيت الأسئلة الخاصة بالعلاقة الوظيفية، بين الاتحاد الأفريقي وأجهزة منظمة الوحدة الأفريقية القائمة؛ والخطوات العملية المطلوبة، في الفترة الانتقالية، في خلال التحول من منظمة الوحدة الأفريقية/الجماعة الاقتصادية الأفريقية، إلى الاتحاد الأفريقي؛ وتأكيد وتطوير السياسات، التي نتجت من قرارات قمة منظمة الوحدة الأفريقية/الجماعة الاقتصادية الأفريقية، أي نقاط الضعف، والفرص التي قد تترتب على هذا التحول.

1. الخطوات العملية

    ركَّز اجتماع رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الأفريقية، الذي عقد في العاصمة الكونجولية، لومي، في تبني قانون لتأسيس الاتحاد الأفريقي (أُنظر ملحق مقرر بشأن مشروع المعاهدة المؤسسة للاتحاد الأفريقي)، في ضوء "إعلان سرت" (أُنظر ملحق إعلان سرت)، الصادر في 9 سبتمبر 1999.

    ثم تبنت القمة الاستثنائية الخامسة للوحدة الأفريقية، التي عُقدت في مدينة سرت، بالجماهيرية الليبية، في الأول والثاني من مارس 2001، قرار تأسيس الاتحاد الأفريقي، بإجماع الدول الأعضاء (أُنظر ملحق مقرر بشأن الاتحاد الأفريقي). وفي ذلك القرار، أكد رؤساء الدول والحكومات على استكمال المتطلبات القانونية لقيام الاتحاد، حال إيداع مستندات تصديق الدولة السادسة والثلاثين، على القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي.

    وأعادت القمة التأكيد، أن القانون التأسيسي، سيدخل حيز التنفيذ، بعد إيداع مستندات التصديق، من ثلثي الدول الأعضاء، في منظمة الوحدة الأفريقية، بثلاثين يوماً. وقد اتخذت القمة السابعة والثلاثون لمنظمة الوحدة الأفريقية، التي عُقدت في العاصمة الزامبية، لوساكا، في 9 و11 يوليه 2001، القرارات الخاصة بتحويل منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي؛ وإعداد مسودات البروتوكولات اللازمة، المتعلقة بأعضاء الاتحاد ومؤسساته (أُنظر ملحق تقرير الأمين العام لمنظمة الوحدة الأفريقية، عن تنفيذ مقررات سرت حول الاتحاد الأفريقي) وقد أودعت جنوب أفريقيا الأمانة العامة لمنظمة الوحدة الأفريقية، مستندات تصديقها على القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، في 23 أبريل 2001، لتصبح بذلك العضو الخامس والثلاثين، الذي يصدق عليه. ويعني تصديق جنوب أفريقيا، وهي واحدة من الدول الأعضاء الست والثلاثين، أنها أصبحت عضواً مؤسساً للاتحاد الأفريقي. وفي 24 أبريل 2001، أبلغت الأمانة العامة لمنظمة الوحدة الأفريقية الدول الأعضاء، أن القانون التأسيسي، قد وقعته جميع الدول الأعضاء. وكانت قد صدقت على القانون، آنذاك، إحدى وأربعون دولة؛ منها سبع وثلاثون أودعت مستندات التصديق. وفي 26 أبريل 2001، أصبحت نيجيريا العضو السادس والثلاثين، الذي يودع مستندات التصديق. وبهذا يُستوفى المطلب الخاص بثلثي الأعضاء، لاستكمال المتطلبات القانونية لقيام الاتحاد؛ فدخل القانون حيز التنفيذ، في 26 مايو 2001.

    وكانت ليبيا قد صادقت على مشروع الاتحاد الأفريقي، في 29 أكتوبر 2000، لتصبح بذلك الدولة العضو الرابعة، التي صادقت على الوثيقة التأسيسية للاتحاد الأفريقي.

ولا يُنكر الدور الليبي في تدشين الاتحاد الأفريقي؛ فالرئيس الليبي "معمر القذافي" ظل يعمل من أجل وجود تكامل سياسي واقتصادي قاري أفريقي قوي. وقد فعل ذلك في لومي، عاصمة توجو، في يوليه عام 2000، وقبل ذلك أيضاً في لوساكا، حيث انتهز الفرصة للدعوة للإسراع بقيام الاتحاد الأفريقي. وقد نبه إلى افتقاد المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، في ظل منظمة الوحدة الأفريقية. كما لعبت المنح الليبية دوراً مهماً في الإسراع في قيام الاتحاد الأفريقي، ويُقدر ما دفعته ليبيا بنحو 18 مليون دولار لتأكيد نجاح قمة لوساكا. ويمكن القول إن زامبيا لم تكن لِتستطيع تنظيم قمة ناجحة في العاصمة لوساكا من دون المساندة المالية الليبية

وكانت كل من مالي والسنغال وتوجو، قد صادقت، قبلها، على تلك الوثيقة (أُنظر جدول قائمة بتواريخ توقيع الدول على القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، أو تصديقها عليه، أو انضمامها إليه)

2. مراجعة ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، الصادر عام 1963

    تأسست منظمة الوحدة الأفريقية، في 25 مايو 1963، في أديس أبابا، بموجب توقيع مندوبي 32 دولة، ميثاق المنظمة. ثم انضمت 21 دولة أخرى، تدريجاً، خلال السنوات التالية، كان آخرها جنوب أفريقيا، عام 1994، لتصبح العضو الثالث والخمسين، في منظمة الوحدة الأفريقية.

    وقد أصبحت الحاجة إلى تعديل ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية؛ لتيسير أعمال المنظمة، ودقة استعدادها لتحديات عالم متغير ـ أمراً ثابتاً، وعملية مقبولة، في بداية عام 1979، حينما تأسست لجنة مراجعة الميثاق. وعلى الرغم من الاجتماعات العديدة، التي عقدتها لجنة مراجعة الميثاق؛ إلا أنها لم تتمكن من صياغة تعديلات أساسية فيه، وكانت نتيجة ذلك ثلاثة مؤشرات:

أ. "تعديل" الميثاق، بتعزيزه، من خلال قرارات خاصة، اتخذتها القمة، مثل: إعلان القاهرة، لوضع آلية لمنع الصراعات، وإداراتها، وحلها، الخ...

ب. ازدياد الاعتراف بالحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، لرفع كفاءة المنظمة وفاعليتها.

ج. الحاجة إلى التكامل بين أنشطة المنظمة السياسة، والقضايا الاقتصادية التنموية؛ كما عبرت عنها "معاهدة أبوجا".

    وفيما يتعلق بالمؤشر الأخير، على وجه التحديد، تعمل منظمة الوحدة الأفريقية، منذ بدء سريان معاهدة أبوجا، التي قضت بإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية، على أساس مستندين قانونيين. ذلك أن تلك المعاهدة دخلت حيز التنفيذ، بعد اكتمال النصاب، اللازم للتصديق عليها، في مايو 1994. وقد نصت على إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية، من خلال عملية تدرجية، تتحقق بالتنسيق والتكامل التدرجي، بين أنشطة الجماعات الاقتصادية الإقليمية، القائمة والمستقبلية، في القارة الأفريقية. وهذه الجماعات الاقتصادية الإقليمية مرتبة، مثل لبنات البناء في الجماعة الاقتصادية الأفريقية. وتضم الجماعات القائمة منها:

(1) اتحاد المغرب العربي.

(2) الجماعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا.

(3) السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا.

(4) جماعة تنمية جنوب أفريقيا.

(5) الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.

          ومن المقرر تنفيذ معاهدة أبوجا، على ست مراحل، خلال 34 سنة؛ ليكتمل تنفيذها، عام 2028، كالآتي:

(أ) المرحلة الأولى: تعزيز الجماعات الاقتصادية الإقليمية القائمة، وإنشاء جماعات جديدة، أينما تقتضي الضرورة (خمس سنوات).

(ب) المرحلة الثانية: العمل على استقرار المرور والتغلب على المعوقات، التي تعوق التجارة الإقليمية؛ وتعزيز التكامل القطاعي، لا سيما في الحقل التجاري (ثماني سنوات).

(ج) المرحلة الثالثة: إقامة منطقة تجارة حرة واتحاد جمركي على مستوى كل جماعة اقتصادية إقليمية (عشر سنوات).

(د) المرحلة الرابعة: تنسيق الأنظمة، المرورية وغير المرورية، بين الجماعات الاقتصادية الإقليمية، وتحقيق الانسجام بينها؛ بغية تأسيس اتحاد جمركي، على مستوى القارة (سنتان).

(هـ) المرحلة الخامسة: إقامة سوق أفريقية مشتركة، وتبني سياسات مشتركة (أربع سنوات).

(و) المرحلة السادسة: تحقيق التكامل بين جميع القطاعات، وإقامة مصرف مركزي، واتحاد نقدي أفريقييْن، وإنشاء برلمان أفريقي، وانتخاب أعضائه (خمس سنوات).

    وبتوقيع معاهدة أبوجا، في 3 يونيه عام 1991، في العاصمة النيجيرية، أصدر مجلس رؤساء الدول والحكومات بالمنظمة توجيهاته، إلى لجنة مراجعة الميثاق، بمراجعة ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية؛ بُغية اتساقه مع معاهدة الجماعة الاقتصادية الأفريقية. غير أنه، كما حدث سابقاً، لم تتمكن اللجنة من الوصول إلى مقترحات أساسية.

3. القمة غير العادية، المنعقدة في سرت، في 9 سبتمبر 1999

    أثناء قمة الجزائر، التي عُقدت في يوليه 1999، وافق مجلس رؤساء الدول والحكومات على دعوة، تقدم بها العقيد معمر القذافي، لعقد القمة غير العادية الرابعة في مدينة سرت الليبية، في سبتمبر 1999. كان الغرض من القمة غير العادية، تعديل ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية؛ لرفع كفاءة المنظمة وفاعليتها. وكان موضوع قمة سرت "تعزيز قدرة منظمة الوحدة الأفريقية، لتمكينها من مواجهة التحديات، في الألفية الجديدة". واختتمت هذه القمة أعمالها، في 9 سبتمبر 1999، بإعلان سرت، الذي يهدف إلى:

أ. التعامل الفاعل مع الحقائق، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الجديدة، في أفريقيا والعالم.

ب. تحقيق طموحات الشعوب إلى تحقيق وحدة أكبر، تتلاءم مع مقاصد ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، ومعاهدة إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية.

ج. تنشيط المنظمة الأفريقية، لتؤدي دوراً أكثر فاعلية، في التعامل مع حاجات الشعوب.

د. القضاء على شبح الصراعات.

هـ. مواجهة التحديات العالمية.

و. تسخير الموارد، البشرية والطبيعية، في القارة، لتحسين أحوال المعيشة.

     ولتحقيق هذه الأهداف، قررت القمة، من بين ما اتخذته من قرارات:

(1) إقامة اتحاد أفريقي، يتمشى مع منتهى مقاصد ميثاق منظمة القارة الأفريقية؛ ومع نصوص المعاهدة، التي تقضي بإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية.

(2) تعجيل عملية تنفيذ المعاهدة، التي تقضي بإنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية.

(3) اختصار فترات تنفيذ معاهدة أبوجا.

(4) ضمان سرعة إقامة جميع المؤسسات، المنصوص عليها في معاهدة أبوجا ولا سيما المصرف المركزي الأفريقي، والاتحاد النقدي الأفريقي، ومحكمة العدل الأفريقية، والبرلمان الأفريقي.

(5) إقامة البرلمان الأفريقي، بحلول عام 2000، ليوفر منبراً مشتركاً، يتيح لشعوب أفريقيا ومنظماتها الشعبية، المشاركة في صنع القرارات، المتعلقة بالمشكلات والتحديات، التي تواجه القارة.

(6) تعزيز الجماعات الاقتصادية الإقليمية وتوحيدها؛ لتكون أعمدة أساسية، في تحقيق مقاصد الجماعة الاقتصادية الأفريقية، والوصول إلى الاتحاد المبتغى.

(7) عقد مؤتمر وزاري أفريقي، يتناول الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون، في القارة، في أسرع وقت ممكن.

ثانياً: مقاصد الاتحاد الأفريقي

    تُعد مقاصد الاتحاد الأفريقي، بصفة عامة، مختلفة، وأكثر شمولية، من مقاصد منظمة الوحدة الأفريقية.فقد أدت منظمة الوحدة الأفريقية مهمتها، وحان وقت استبدالها بهيكل، يمكنه التعامل مع حاجات القارة السائدة. ذلك أن أهداف منظمة الوحدة الأفريقية، حين قيامها، تمثلت في:

1. تعزيز الوحدة والتضامن بين الدول الأفريقية.

2. تنسيق التعاون وتعزيزه، بين دول القارة، وجهودها في تحقيق حياة أفضل لشعوبها.

3. الدفاع عن سيادة دول القارة، وسلامة أراضيها واستقلالها.

4. القضاء على كافة أشكال الاستعمار في أفريقيا.

5. تشجيع التعاون الدولي.

     وقد أولى ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، اهتماماً ملائماً؛ وتعهدت دولها، فضلاً عن ذلك، بالتنسيق بين توجهات أعضاء المنظمة.

تتمثل مقاصد الاتحاد الأفريقي، التي اشتمل عليها الميثاق التأسيسي، في:

1. تحقيق مزيد من الوحدة والتضامن، بين الدول الأفريقية وشعوب القارة.

2. حماية سيادة الدول الأعضاء، وسلامة أراضيها واستقلالها.

3. الإسراع بعملية التكامل، السياسي والاجتماعي ـ الاقتصادي، في أفريقيا.

4. تعزيز المواقف الأفريقية المشتركة، حيال قضايا مصالح القارة وشعوبها، والدفاع عنها.

5. تشجيع التعاون الدولي، مع إيلاء ميثاق منظمة الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الاهتمام المناسب.

6. تعزيز السلام والأمن والاستقرار، في القارة.

7. تعزيز المبادئ والمؤسسات الديموقراطية، والمشاركة الشعبية، والحكم الرشيد.

8. حماية حقوق الشعوب والإنسان تعزيزها، وفقاً للميثاق الأفريقي لحقوق الشعوب والإنسان، وغيره من أجهزة حقوق الإنسان الأخرى.

9. وضع الشروط اللازمة، التي تمكن القارة من أداء الدور المنوط بها، في الاقتصاد العالمي.

10. تعزيز التنمية المستدامة، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي؛ وكذلك التكامل بين الاقتصاديات الأفريقية.

11. تعزيز التعاون، في كافة مجالات النشاط الإنساني؛ لرفع مستوى معيشة الشعوب الأفريقية.

12. تنسيق سياسات الجماعات الاقتصادية الإقليمية، القائمة والمستقبلية؛ لتحقيق مقاصد الاتحاد، تدريجاً.

13. دفع تنمية القارة، بتشجيع البحث، في كافة المجالات، ولا سيما في مجالي العلوم والتقنية.

14. العمل مع الشركاء الدوليين ذوي العلاقة، للقضاء على الأمراض، التي يمكن مكافحتها، وتعزيز الصحة الجيدة في القارة.

    ويُلاحظ أن مبادئ ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، قد استُبقيت في إعلان سرت، كجزءٍ من الأساس التوجيهي للاتحاد الأفريقي.

وقد نصت المادة الرابعة من القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي على مبادئه، حيث يعمل الاتحاد الأفريقي وفقاً للمبادئ الآتية:

1. مبدأ المساواة والترابط بين الدول الأعضاء في الاتحاد.

2. احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال.

3. مشاركة الشعوب الأفريقية في أنشطة الاتحاد.

4. وضع سياسة دفاعية مشتركة للقارة الأفريقية.

5. تسوية الخلافات بين الدول الأعضاء بوسائل مناسبة يقررها المؤتمر.

6. منع استخدام القوة أو التهديد باستخدامها بين الدول الأعضاء.

7. عدم تدخل أي دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى.

8. حق الاتحاد في التدخل في دولة عضو طبقاً لقرار المؤتمر في ظل ظروف خطيرة، متمثلة في جرائم الحرب ـ الإبادة الجماعية ـ الجرائم ضد الإنسانية.

9. التعايش السلمي بين الدول الأعضاء وحقها في العيش في سلام وأمن.

10. حق الدول الأعضاء في طلب التدخل من الاتحاد لإعادة السلام والأمن.

11. تعزيز الاعتماد على الذات في إطار الاتحاد.

12. تعزيز المساواة بين الجنسين.

13. احترام المبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون والحكم الرشيد.

14. تعزيز العدالة الاجتماعية لضمان تنمية اقتصادية متوازنة.

15. احترام الحياة البشرية وإدانة ورفض الاغتيالات السياسية والأعمال الإرهابية والأنشطة التخريبية والهدامة والإفلات من العقوبة.

16. إدانة ورفض التغييرات غير الدستورية للحكومات.

    وللتمييز بين مقاصد منظمة الوحدة الأفريقية، ومقاصد الاتحاد الأفريقي، ولتقدير الزخم الجديد، في منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية، الذي أدى إلى تبني القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، لا بد من الرجوع إلى الإعلان، الذي صدر، في العاصمة البوركينية، واجادوجو، في 10 يونيه 1998؛ للعمل على إقامة نظم ديموقراطية فاعلة وتعزيزها، بإشراك جميع العاملين في المجتمع المدني. وقد عُدَّ هذا تغيراً في اتجاه منظمة الوحدة الأفريقية/ الجماعة الاقتصادية الأفريقية؛ إذ كان التعاون مع المنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الأكاديمية والمجتمع المدني، مرفوضاً، قبل ذلك.وقد تعزز الاعتراف بهذا التغيير، في إعلان سرت، حيث يشير إلى "...شعوبنا ومنظماتهم الشعبية ...".وقد ركز إعلان واجادوجو، بصفة خاصة، في التعامل مع القضايا، الاقتصادية والتنموية؛ بينما تميزت القمم السابقة بتركيز قوي في القضايا السياسية.

    عقب إعلان واجادوجو، أشارت قمة منظمة الوحدة الأفريقية/الجماعة الاقتصادية الأفريقية، التي عُقدت في الجزائر، عام 1999، إلى نقطة تحول حاسمة في تاريخ المنظمة.كما تميزت اجتماعاتها بإحساس جديد، بالعجلة والرغبة في إعداد المنظمة للقرن المقبل، وإنشاء إطار جديد للألفية الجديدة.وقد ركزت قمة الجزائر في موضوعين، هما:

الأول: الأمن الجماعي، ومشكلة الصراعات في أفريقيا (قدمه الرئيس النيجيري، أوباسانجو).

الثاني: تحدي العولمة، وإقامة الجماعة الاقتصادية الأفريقية (قدمه الرئيس الجنوب أفريقي، تابو مبكي).

     وهكذا، أبدى الزعماء الأفارقة عزماً متجدداً، وإرادة مشجعة، لمواجهة القضايا والمشكلات المهمة، ببسالة، في أسلوب كلي ومتكامل.وأصبحت المساندة القوية للمبادرات والمناهج الجماعية؛ لإقامة قيادة أفريقية جديدة، ثاقبة الرؤى، وعملية ـ أكثر وضوحاً.وانعكست الروح الجديدة، في إعلان الجزائر، الذي رحب بالعمل الأفريقي المخطط، في القارة الأفريقية. ويمكن، في إيجاز، تلخيص الإعلان في الآتي:

أ. دعا الإعلان الأمم المتحدة إلى تحمل كامل مسؤولياتها؛ لكونها راعٍيا للسلم والأمن الدوليين.كما دعا الدول الأفريقية إلى تعزيز حقوق الإنسان؛ والحريات الأساسية؛ ووضع قوانين لها وتنفيذها.

ب. أقر الزعماء الأفارقة، في الإعلان، توحيد رغباتهم، وتجميع جهودهم ومواردهم، حتى يتمكنوا من مواجهة تحديات الألفية الجديدة، مثل: العولمة، ونزع الأسلحة النووية، والقضاء على أسلحة الدمار الشامل الأخرى، والإرهاب، وتجارة المخدرات، والجريمة المنظمة، والاتجاهات السّائدة في الاقتصاد العالمي.

ج. سعى الزعماء الأفارقة سعياً حثيثاً، إلى إيجاد حلول لحالات الصراع في أفريقيا، التي منها: جمهورية الكونغو الديموقراطية، وأنجولا، وبوروندي، وجزر القمر، وإثيوبيا/إريتريا، وغينيا ـ بيساو، وسيراليون والصومال.كما أكد قادة منظمة الوحدة الأفريقية/الجماعة الاقتصادية الأفريقية، أنهم سيقفون أنفسهم، من جديد، للقضاء على الصراعات المسلحة في أفريقيا، بنهاية عام 2000.ولهذا الغرض، أُعلن هذا العام، عام سلام، وأمن، وتضامن، في أفريقيا.

د. قُبل اقتراح بطرد الزعماء، الذين جاءوا إلى السلطة، من طريق الانقلابات العسكرية، بدءاً من قمة عام 2000، إذا لم يعيدوا بلدانهم إلى الحكم الدستوري.وكان هذا القرار علامة على تعهد واضح من منظمة الوحدة الأفريقية/الجماعة الاقتصادية الأفريقية، بعدم التسامح تجاه التغيرات القسرية، وغير الدستورية، في الحكم، في المستقبل.

هـ. اتخذت منظمة الوحدة الأفريقية/الجماعة الاقتصادية الأفريقية، موقفاً صارماً من جرائم الإرهاب، وانتشار الأسلحة الخفيفة.ويمكن ملاحظة ذلك، في تبنيها معاهدة مكافحة الإرهاب ومنعه؛ وقبول قرارٍ خاص، تبنته جنوب أفريقيا، يحظر انتشار الأسلحة الخفيفة، وتداولها، والتجارة فيها.

و. وأخيراً، اتفقت منظمة الوحدة الأفريقية/الجماعة الاقتصادية الأفريقية، على أن قضية العولمة، تمثل تهديداً خطيراً، لسيادة الشّعوب الأفريقية، ومحافظتها على هوياتها، الحضارية والتاريخية. كما أنها تعمل على إضعاف فرص التنمية في أفريقيا ضعفاً شديداً.وفي هذا الصدد، أعلنت منظمة الوحدة الأفريقية/الجماعة الاقتصادية الأفريقية، أن تحديات العولمة، يمكن مواجهتها، من خلال التكامل الاقتصادي الأفريقي، وفقاً لنصوص معاهدة أبوجا، التي تقضي بإقامة الجماعة الاقتصادية الأفريقية.

    تبعت القمة الاستثنائية الرابعة، التي عقدت في سرت، في 9 سبتمبر 1999، قمة الجزائر.وقد تبعت قمة سرت، بدورها، القمة الأوروبية ـ الأفريقية، التي عقدت تحت رعاية منظمة الوحدة الأفريقية والاتحاد الأوروبي، في القاهرة، في يومي 3 و4 أبريل عام 2000.وتُعد جنوب أفريقيا عضواً في الجماعة الأساسية، التي نيط بها إجراءات المتابعة.ولم تخرج موضوعات هذه القمة عن الموضوعات المشتركة للمؤتمرات الدولية الأخيرة؛ مثل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD، واجتماع رؤساء حكومات الكومنولث CHOGM، وقمة الجنوب، وقمة وزراء دول حركة عدم الانحياز NAM، وقمة الأمم المتحدة للألفية. وتضمنت الموضوعات التالية:

1. الإعفاء من الديون: على الرغم من التقدم، الذي أُحرز، من خلال مبادرة الدول الفقيرة، المثقلة بالديون HIPC، كان هناك تعبير عن الاهتمام باستمرار الديون الخارجية، وعلاقتها بنقص التنمية.وخلال مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD، أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، عن نيتهما إلغاء جميع ديون الدول الأقل نمواً؛ وغالبيتها في قارة أفريقيا.

2. مساعدات التنمية الرسمية: كان هناك اتفاق عريض، على الحاجة إلى عكس اتجاه هبوط مساعدات التنمية الرسمية، وحث الدول المانحة على الوفاء بالمستهدف، المتفق عليه دولياً، وهو 0.7% من مجمل الناتج المحلي، لحل قضية تخفيف الفقر الملحة، في أفريقيا.

3. التجارة الدولية: أقرت القمة الأفريقية ـ الأوروبية، التزام الاتحاد الأوروبي بالبدء بعملية، خلال عام 2000، تضمن وصول الدول الأقل نمواً إلى السوق الحرة، بحلول عام 2005. كما أكدت الحاجة إلى عقد جولة أخرى، لمفاوضات منظمة التجارة العالمية، في خلال اجتماعات القمة.

4. تدفق الاستثمارات والتقنية إلى الدول النامية: قررت القمة الأفريقية ـ الأوروبية تشجيع زيادة الاستثمار، ونقل التقنية؛ وكذلك، دفع تنمية التقنيات المحلية.

5. تطوير البنية الأساسية الاجتماعية: من المعلوم، أن اجتماعات القمة كانت إقراراً بالحاجة الملحة إلى تطوير وضع المرأة وتعزيزه، في حياة الدول الاقتصادية.

6. الحاجة إلى إصلاح المؤسسات المتعددة الجنسيات: في ضوء أحداثٍ، مثل الأزمة المالية الدولية، وقمة سياتل الفاشلة لمنظمة التجارة العالمية، خلال السنوات الثلاث الماضية، تتزايد الحاجة إلى ضرورة إصلاح المؤسسات الدولية، الاقتصادية والمالية، مثل: منظمة الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية. وفي هذا الصدد، كُلفِّ رئيس قمة الجنوب، بالتعاون مع رئيس حركة عدم الانحياز، ومشاركة دول مجموعة الثماني الصناعية G-8، والاتحاد الأوروبي، وغيرها من المنظمات الدولية ذات العلاقة، بإعلان الحاجة إلى تمثيل الجنوب تمثيلاً عادلاً، في مداولات تلك المؤسسات.

7. الحكم الرشيد والاستقرار: تقر الدول النامية بأهمية تعزيز الديموقراطية، وحسن إدارة الحكم، بالنسبة إلى تحقيق السلام والاستقرار، في المستقبل.وقد قُدِّم قرار قمة منظمة الوحدة الأفريقية/الجماعة الاقتصادية الأفريقية، التي عُقدت في الجزائر، عام 1999، تبني أسلوب إنذار الدول، التي تتغير حكوماتها بطرق غير دستورية، أو طردها، بدرجة معينة، إلى قمة رؤساء حكومات الكومنولث، والمؤتمر الوزاري الثالث عشر لحركة عدم الانحياز.

8. التعاون الإقليمي: جرى تأكيد التعاون الجنوبي ـ الجنوبي، والتعاون الجنوبي ـ الشمالي، في جميع اجتماعات القمة.ولمزيد من تعزيز المشاركة البناءة، مع الدول المتقدمة، كما اتفقت القمة الأفريقية ـ الأوروبية، على تعزيز مساندة التعاون الإقليمي والتكامل، في أفريقيا.

    وقد أُقر عنصر مهم في عملية تنشيط الهياكل التنظيمية للقارة كلها، في إعلان سرت، بتبني "مؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون في أفريقيا" "CSSDCA"، بصفته جزءاً لا يتجزأ من آليات القارة وهياكلها. وقد اعتُرف، ضمناً، بوجود مؤتمر الأمن والاستقرار والتنمية والتعاون في أفريقيا بصفته عملية مستقلة، ينبغي أن تكون حافزاً على تطوير سياسات هذه العناصر الأربعة: الأمن، والاستقرار، والتنمية، والتعاون.