إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / أمن البحر الأحمر





ميناء عصب الإريتري
مضيق تيران
الجزر الجنوبية
تمركز الشيعة في اليمن
دول البحر الأحمر

جزر حنيش



أمن البحـــر الأحمــر

المبحث الأول

بيئة البحر الأحمر والخصائص الجغرافية

للبحر الأحمر بيئته الخاصة، التي شكلتها عناصر التاريخ والجغرافيا والطبيعة وظروف المكان والمتغيرات التي تتناوب على الفعل والتأثير. وقد أدت جميع هذه العناصر إلى أن يكون للبحر الأحمر مكانة إستراتيجية وأهمية اقتصادية خاصتان به.

أولاً: لمحة تاريخية

إن أهمية موقع البحر الأحمر غير قاصرة على العصر الحديث. فقد كان هذا البحر دائماً ذا أهمية، وإن اختلفت نسبتها ودرجتها باختلاف الزمان والظروف. وتمكِن الإشارة إلى ثلاث مراحل تاريخية:

1. المرحلة الأولى: مرحلة البحر الداخلي

حيث كان البحر الأحمر بحراً داخلياً، يصل ما بين اليابسة الإفريقية واليابسة الآسيوية، ويربط ما بين السواحل والدول المطلة عليه. وقد شهد البحر الأحمر في هذه المرحلة أقواماً وشعوباً كثيرة، كالمصريين القدماء، والإغريق، والرومان، والأحباش. وكان لهذا البحر منزلة كبيرة لدى العرب في جنوبي شبه الجزيرة العربية، الذين كانوا يستخدمونه طريقاً لتجارتهم إلى الغرب والشمال. وقامت حضارات عربية عند مدخله الجنوبي وشماله الشرقي، منذ العام 3100 ق.م. (مثل ممالك مَعِيْن، وسبأ، وحِمْـيَر).

وقد تأكدت عروبة البحر الأحمر، في إثر ظهور الإسلام في القرن السادس الميلادي[1]. وارتبطت السيطرة عليه بحماية الأماكن المقدسة في الحجاز، إضافة إلى علاقات العرب التجارية بشرقي إفريقيا. وقد تجذرت إسلامية البحر الأحمر والسيطرة العربية عليه، في إثر الفتح الإسلامي لمصر وشمالي إفريقيا، وفتح جزيرة "دهلك" وميناء "مصوع" في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (641م).

2. المرحلة الثانية: مرحلة الاستعمار الأوروبي

بعد أن كان البحر الأحمر جزءاً من الممر التجاري، ذهاباً وإياباً، بين القارتين آسيا وإفريقيا، ومنهما إلى أوروبا، تقلصت أهمية هذا البحر، في إثر اكتشاف البرتغال، في أواخر القرن الخامس عشر (1498) طريق رأس الرجاء الصالح، إذ أصبح هذا الطريق المعبر المائي المباشر الذي يربط بين الشرق والغرب. وهكذا استحوذ الطريق الجديد على معظم النقل التجاري، الذي كان يستخدم، قبل ذلك، البحر الأحمر والبر الذي حوله. وبذلك، اقتصر دور البحر الأحمر على كونه بحراً داخلياً.

استمر الصراع بين البرتغاليين والدولة الإسلامية في عهد السلاطين العثمانيين، الذين سيطروا على المنطقة، وحرموا السفن الأوروبية من الدخول إلى البحر الأحمر. وتمكنت القوات العثمانية، بعد صراع طويل، من تأمين البحر الأحمر كبحيرة إسلامية خالصة، في العقد الأخير من القرن السادس عشر، بتطهير الخليج العربي وشمالي المحيط الهندي والشاطئ الشرقي لإفريقيا.

وحينما نشط الاستعمار الأوروبي في القرون 16 و17 و18، وخاصة الصراع بين بريطانيا وفرنسا، ازدادت أهمية البحر الأحمر والبر المحيط به. وشهدت المنطقة غزو نابليون بونابرت لمصر (1798 ـ 1801). وقد فكر نابليون في شق قناة بين البحرين الأحمر والمتوسط. وخطط للاستيلاء على البحر الأحمر كله. وحينما أدركت بريطانيا خطر المشروع الفرنسي، بدأت بالاهتمام بهذا البحر، خاصة من أجل السيطرة على الطريق المؤدي إلى الهند. فاحتلت جزيرة سوقطرة (1835)، وعدن (1839)، وجزيرة "بريم" (1847). وبذلك سيطرت على المنافذ التي تتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر (أُنظر شكل دول البحر الأحمر). وبين العامَيْن 1863 و1879، استطاعت مصر، وهي ولاية عثمانية، أن تبسط نفوذها على الساحل الإفريقي للبحر الأحمر حتى "بربرة" جنوباً، وضمت إليها السودان وإريتريا في العام 1865.

3. المرحلة الثالثة: المرحلة البحرية

وفيها اتصل البحر الأحمر بالبحر المتوسط، بعد شق قناة السويس في 17/11/1869. وبذلك اكتمل اتصال مياه البحر الأحمر بمياه محيطات العالم. وارتفعت الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر ارتفاعاً عظيماً. وأصبحت له قيمة "جغراسياسية" Geopolitics و"جغرإستراتيجية" Geostrategy واقتصادية عالمية. وغدا دوره رئيسياً ومهماً في تطور الصناعة والحضارة اللتين شهدتهما أوروبا في العصر الحديث. وبعد أن تدفق النفط في الخليج العربي، تضاعفت أهمية هذا البحر وعظم دوره.

وقد أدّى ذلك كله إلى منافسة حادّة بين القوى الأوروبية الاستعمارية (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا) للسيطرة على البحر الأحمر. وهكذا سيطرت بريطانيا على المدخلَيْن الجنوبي والشمالي للبحر الأحمر، وذلك باحتلال عدن، ومصر (1882)، وجزء من الصومال (الصومال البريطاني ـ 1884)، والسودان (1899). واحتلت فرنسا إقليم عفار وعيسى (جيبوتي) وربطته بأديس أبابا بخط سكة حديد، لاستغلال موارد الحبشة والسيطرة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر من جهـة الغرب. وسيطرت إيطاليا على إقليم إريتريا وجزء من الصومال (الصومال الإيطالي). وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، احتلت بريطانيا إريتريا (1941).

وفي إثر الحرب العالمية الثانية، وتغيُّر موازين القوى العالمية، وظهور الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي كقوتين عظميين، وفي ضوء أهمية هذه المنطقة، بالنسبة إلى مصالحهما الإستراتيجية، بدأ الصراع بينهما على السيطرة على دول المنطقة، وعلى هذا الشريان البحري الحيوي.

وبعد انتهاء الحرب الباردة في مطلع التسعينيات، وتفكك الكتلة الشرقية، وتحلل الاتحاد السوفيتي (السابق)، وظهور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى وحيدة في العالم، ما زالت المشكلة الرئيسية للمنطقة هي الوجود البحري العسكري الأجنبي في البحر الأحمر والبحار المتصلة به (البحر المتوسط، والخليج العربي، والمحيط الهندي)، وهو الوجود الذي يخص بعض الدول الكبرى، مثل: الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، والقواعد والتسهيلات العسكرية التي حصلت عليها هذه الدول لدى بعض الدول المطلة على البحر الأحمر.

ثانياً: الخصائص الجغرافية للبحر الأحمر

لعب البحر الأحمر، بمجراه وجُزره ومضايقه، دوراً مهماً، منذ أقدم العصور حتى اليوم. وكان طريقاً لنقل الحضارات والأديان من المنطقة العربية إلى مناطق متعددة في إفريقيا وآسيا. واكتسب موقعاً إستراتيجياً، يصل بين شطرَي الوطن العربي: شبه الجزيرة العربية من جهة، والحافة الغربية لشرقي إفريقيا. وتتحكم سيناء في ذراعي البحر الأحمر: خليج العقبة وخليج السويس، وتبني جسراً برياً يصل ما بين مشرق الوطن العربي ومغربه.

يرتبط البحر الأحمر بثلاث مناطق مهمة ارتباطاً وثيقاً مباشراً. ففي الشمال البحر المتوسط، وما يطل عليه من دول عربية وأوروبية. وفي الشرق تقع منطقة الخليج العربي، ذات الثروة النفطية. وفي الغرب منطقة القرن الإفريقي، التي تتحكم في مدخل البحر الأحمر من ناحية الجنوب، وتمثل نقطة تحرك إلى وسط إفريقيا وجنوبيها.

ونظراً إلى هذا الموقع الوسطي، كان البحر الأحمر، ولا يزال، أحد ميادين التنافس والصراع الدولي من أجل السيطرة على مناطق النفوذ والممرات المائية. فهو يتحكم في إحدى الطرق الرئيسية للتجارة العالمية، وبصورة خاصة بالنسبة إلى الإمداد بالنفط والمواد الخام، إضافة إلى دوره كحلقة اتصال بين نصفَي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي.

ويمثل البحر الأحمر عين العرب على المحيط الهندي. وفي أقصى جنوبي البحر باب المندب، ومنه المنفذ إلى المحيط الهندي. وفي شماليه قناة السويس، وهي المنفذ إلى البحر المتوسط. ويشكل البحر الأحمر أقصر وأسرع طريق بحري بين الشرق والغرب. وبذلك، أصبح شريان التبادل التجاري العالمي بين آسيا وإفريقيا من جهة، وأوروبا من جهة أخرى.

يشغل البحر الأحمر مساحة قدرها (438000 كم2). ويمتد من باب المندب جنوباً إلى سيناء شمالاً حوالـي (1900 كم). ويقدَّر اتساعه في الجزء الشمالي منه بحوالي (180 كم). ويزداد اتساعه جنوباً حيث يبلغ عند خط العرض (16) اتساع (370 كم). أمّا خليج العقبة، فيبلغ أقصى اتساع فيه (30 كم)، في حين يبلغ أقصى اتساع في خليج السويس (70 ـ 80 كم).

يبلغ طول سواحل البحر الأحمر، بدءاً من قناة السويس حتى باب المندب، 4938 كم، منها 4244 كم هي سواحل الدول العربيـة الست، في حين تقـع إريتريا على شاطئ طولـه 683 كم، وإسرائيل 11.26 كم (أُنظر ملحق أبعاد البحر الأحمر وسواحله).

ويشكل البحر الأحمر الحد الغربي لشبه الجزيرة العربية، كما يشكل أيضاً الحد الشرقي لمصر والسودان وجيبوتي. ويمنح مصر، بالتقائه البحر المتوسط عبر قناة السويس، موقعاً جغرافياً إستراتيجياً سياسياً متميزاً. ومن الطبيعي أن ينعكس هذا التفرد في الموقع على الوطن العربي كله، ليجعل منه، إضافة إلى ميزات جغرافية واقتصادية أخرى، موقعاً ذا أهمية إستراتيجية عالمية.

ويكاد البحر الأحمر يكون "بحيرة عربية". ذلك أن الدول العربية الست المطلة على مياهه، تشغل 84.2% من سواحله، في حين تشغل إريتريا 15.6%، وإسرائيل 0.2%. كما أن جُزره البالغ عددها (379) جزيرة، يدخل معظمها ضمن المياه الإقليمية للدول العربية الست (253 جزيرة عربية، أي ما نسبته 66.67%)، في حين يدخل الباقي (126 جزيرة، أي ما نسبته 33.24%) في المياه الإقليمية لإريتريا، وكانت قبل استقلال إريتريا جُزراً إثيوبية. وأغلب هذه الجُزر غير مأهولة بالسكان، لفقدان المياه العذبـة، وشدة الحرارة، وعامل المد والجُزر، وصغر مساحتها، وصعوبة تضاريسها (أُنظر جدول جزر المدخل الجنوبي للبحر الأحمر) و(أُنظر جدول جزر المدخل الشمالي للبحر الأحمر).

وتشتمل الأرض العربية المطلة على البحر الأحمر على ركائز جغرافية، أتاحت لها أن تكون مالكة لمفاتيح هذا البحر، ملاحياً واقتصادياً وأمنياً وإستراتيجياً، باعتباره بحراً تغلقه مضايق عربية. وتتضح هذه الركائز في المظاهر التالية:

1. تتحكم مصر في أهم امتداد للبحر الأحمر وطريقه الملاحي، وهو الامتداد الشمالي، حيث ينشطر إلى فرعَيْن دقيقَيْن حول شبه جزيرة سيناء، لكل منهما خصائصه الجغرافية والإستراتيجية والأمنية والاقتصادية. فالشطر الأول يشكل خليج العقبة، الذي تطل عليه المملكة العربية السعودية ومصر والأردن وإسرائيل. وتتحكم مصر في مدخله، بواسطـة شرم الشيخ واستأجرت جزيرتَي ثيران و صنافير من المملكة العربية السعودية لتحكم سيطرتها على مدخله. والشطر الثاني هو خليج السويس، ومدخله عند مضيق جوبال. ويكمن مفتاح البحر الأحمر في أقصى شماليه في قناة السويس (اُُنظر ملحق أحكام إدارة قناة السويس).

2. تتحكم اليمن في المدخل الجنوبي للبحر، "باب المندب"، الذي يبلغ اتساعه (38 كم)، وفيه جزيرة بريم اليمنية، التي تقسّـم المدخل إلى ممرين: أحدهما صالح للملاحة، والثاني ضيق كثير الجُزر، لا يصلح للملاحة.

وإذا استعرضنا الوضع الجغرافي لإسرائيل على ساحلَي البحرين المتوسط والأحمر، فإننا نلاحظ انفراج الساحل الإسرائيلي على المتوسط، في حين يبدو المنفذ الإسرائيلي إلى البحر الأحمر (خليج العقبة) ضيقاً صغيراً. وتحيط به مصر من جانب، والأردن والمملكة العربيـة السعوديـة من جانب آخر. ويرتبط بممر تتحكم فيه جزيرتان سعوديتان (ثيران وصنافير). ويسير خط الملاحة الإسرائيلية في ممر بحري، سواحله وموانئه وجُزره معظمها عربية، حتى إذا أراد أن يخرج من البحر شمالاً أو جنوباً، فعليه أن يمر عبر قناة عربية، قناة السويس، ومن مضيق عربي، باب المندب.

هذا الوضع الجغرافي للدول العربية المطلة على البحر الأحمر، جعل الأمر يسيراً على هذه الدول، حتى إن مصر استطاعت أن تحوز التفوق البحري المطلق في البحر الأحمر طوال مدة حرب 1973، وبالتحديد من 6 ـ 28 أكتوبر 1973.

هذا عن جنوبي البحر، أمّا عن شماليه، فإن أهمية جزيرتَي ثيران وصنافير التابعتين للمملكة العربية السعودية ترجع إلى أنهما تتحكمان في الطريق البحري إلى أربع دول، عبر خليج العقبة، هي: المملكة العربية السعودية والأردن ومصر وإسرائيل. ونظراً إلى وجود ميناء إيلات الإسرائيلي، كقاطع بري بين مصر والأردن، فإن الوجود العربي في مضايق ثيران، يحمي ميناء شرم الشيخ، ويؤمن الاتصال البحري بين مصر، من جهة، وكل من الأردن والمملكة العربية السعودية، من جهة أخرى. وهذا ما دعا كل من مصر والمملكة العربية السعودية، منذ بداية الصراع العربي ـ الإسرائيلي، إلى أن تتفقا على أن تشغل قوات مصرية جزيرتَي ثيران وصنافير. ومنذ ذلك الحين، تحولت هاتان الجزيرتان من الوظيفة التجارية إلى الوظيفة الدفاعية، وأصبحت لهما أهمية عسكرية.

تعدّ موانئ البحر الأحمر العميقة، القادرة على استقبال السفن الكبيرة، قليلة، على الرغم من طول سواحله. ويمكن حصر موانئ الساحل الشرقي للبحر الأحمر في: ميناءَي عدن والحديدة (اليمن)، وميناءَي جدة وينبُع وحقل (المملكة العربية السعودية)، وميناء العقبة (الأردن)، وميناء إيلات (إسرائيل). كما يمكن حصر موانئ الساحل الغربي للبحر الأحمر في موانئ السويس والغردقة وسفاجة ورأس بناس والقصير (مصر)، وميناءَي بورسودان وسواكن (السودان) وميناءَي مصوّع وعَصَب (إريتريا)، وميناء جيبوتي (جيبوتي).

وتتصف مياه البحر الأحمر بارتفاع نسبي في درجة الحرارة ونسبة الملوحة، إذا ما قورنت بمياه البحار الأخرى. وفيه قدر كبير من الماء الأُجاج[2] الساخن، الذي يحتوي على نسبة كبيرة من الأملاح المنبعثة من بعض المعادن الثقيلة.

يتصف البحر الأحمر بأن رصيفه القارّي ضيق (يراوح ما بين 9 و 150 كم)، وقد ينعدم في بعض المناطق، غير أنه، بوجه عام، يتسم بالضيق في الشمال والاتساع النسبي في الجنوب. فضلاً عن أنه أضيق على الساحل الإفريقي منه على الساحل الآسيوي. كما أن عدم التناسب بين طول السواحل والمساحة المائية، يعني قدرة السواحل على التحكم في البحر.

يوجد على البحر الأحمر ثلاثة مضايق هي: باب المندب، وجوبال، وثيران (اُنظر شكل الجُزر الجنوبية) و(شكل مضيق ثيران).

1. مضيق باب المندب

يقع جنوبي البحر الأحمر، وتحده من الشرق اليمن، ومن الغرب إريتريا وجيبوتي، ولا يزيد اتساعـه علـى 32 كم. وتتحكم في مدخله جزيرة بريم، وتبلغ مساحتها نحو 13 كم2. وتقسم جزيرة بريم مضيق باب المندب إلى ممرين: الشرقي ويسمى "باب الإسكندر"، وعرضه نحو 1.5 كم. أمّا الممر الغربي، فعرضه نحو 28 كم، وهو الممر الرئيسي للملاحة. ولا يستخدم الممر الشرقي غالباً، لضيقه وانتشار الشعاب المرجانية فيه. ويعتبر باب المندب بوابة البحر الأحمر التي تصله بالخليج العربي وبحر العرب والمحيط الهندي. ويتحكم في المضيق قاعدة عدن البحرية على الساحل الآسيوي، وميناء جيبوتي على الساحل الإفريقي.

2. مضيق جوبال

يتحكم في مدخل خليج السويس، الذي يعدّ الذراع الشمالية الغربية للبحر الأحمر. ويوجد في مدخله مجموعة من الجُزر، مثل: جوبال وطويلة وشدوان، وهي جُزر صخريـة جرداء. ومضيق جوبال هو المدخل إلى قناة السويس.

3. مضيق ثيران

يتحكم في مدخل خليج العقبة، الذي يشكل الذراع الشمالية الشرقية للبحر الأحمر. وتقسِّم جزيرتا ثيران وصنافير المدخل إلى ثلاثة ممرات: واحد منها صالح للملاحة، وهو الواصل بين جزيرة ثيران وسيناء، وعرضه 5.9 كم. أمّا الممران الآخران، فيتميزان بضحل مياههما.

ويثير هذا المضيق أكثر من مشكلة سياسية وقانونية، في آن واحد. فإسرائيل تصرّ على وصف خليج العقبة بأنه من البحار المفتوحة للملاحة الدولية. وهذا ما تم الاتفاق في شأنه في المعاهدة المصرية ـ الإسرائيلية (1979). في حين ترى أطراف عربية أخرى، أن خليج العقبة هو خليج مغلق، ينطبق عليه حكم الخلجان التاريخية، التي تخضع لسيادة الدول المطلة عليه، نظراً إلى أن استخدامه ظل طوال العهود القديمة قاصراً على الدول التي تطل عليه، ولم يستخدم للملاحة الدولية. ويعني هذا أن مضيق ثيران لا يعتبر مضيقاً دولياً، لأنه لا يفصل بين بحرَيْن عامَيْن.

ثالثاً: جُزر البحر الأحمر

1. جُزر المملكة العربية السعودية

للمملكة العربية السعودية أطول ساحل على البحر الأحمر، يقدَّر طوله بحوالي 1811 كم. ويبدأ من رأس خليج العقبة في الشمال عند خطّي العرض 30 و 29 درجة شمالاً حتى حدود المملكة مع اليمن عند خطّـي العـرض 20 و 16 درجة شمالاً، في الجنوب. وتتميز جُزر المملكة العربية السعودية ـ وعددها 144 جزيرة ـ بأنها صغيرة المساحة، معظمها من الرمال والمرجان، منخفضة الارتفاع. كما أن كثيراً منها هي حواجز رملية، كوّنتها الأمواج بموازاة السواحل. وفي ما يلي أهم هذه الجُزر، بدءاً من الشمال إلى الجنوب:

أ. جزيرة "ثيران": تبعد عن ساحل سيناء الشرقي نحو 6 كم. وتبلغ مساحتها 39.5 كم2. وهي مكوّنة من الصخور الجرانيتية. وتمتد فيها سلسلة من التلال، يصل أعلاها، وهو جبل ثيران، إلى 526 م. وتشغل الجزيرة موقعاً إستراتيجياً مهماً. فهي تشرف على ما يعرف بـ "مضيق ثيران"، وتتحكم في المدخل الجنوبي لخليج العقبة، وتسيطر على حركة الملاحة الداخلة إليه والخارجة منه. ويعرف القسم الشرقي من المضيق باسم ممر جرافتون، ويفصلها عن اليابس السعودي، وهو ضحل لا يصلح للملاحة. في حين أن القسم الغربي منه، الذي يفصلها عن سيناء والمعروف باسم ممر إنتربرايز، هو الممر الملاحي الرئيسي إلى خليج العقبة، ويشكل الجزء الصالح للملاحة نقطة اختناق، عرضها يراوح ما بين 500 و 600 م.

ب. جزيرة "صنافير": تقع شرق جزيرة ثيران بمسافة 2.2 كم. وتبعد عن "رأس قصبة" على ساحل المملكة العربية السعودية نحو 11.3 كم. ومساحة الجزيرة 17.8 كم2. وهي مماثلة لجزيرة ثيران، من حيث تركيبها الجيولوجي. ويشكل المضيق، الواقع بين ساحلها الشرقي وساحل المملكة العربية السعودية أرخبيلاً متصلاً من الجزر، فيه جزيرة شوشة وجزيرة برقان وجزيرة أم قصور، وفيه ممر ضيق، صالح لملاحة السفن محدودة الحمولة، إذ لا يتجاوز عمقه 50 م. وهي تماثل شقيقتها جزيرة ثيران في أهميتها الإستراتيجية، من حيث سيطرتها على حركة الملاحة الخاصة بخليج العقبة.

ج. جزيرة "الحميدات": تقع إلى الجنوب مباشرة من مدينة حقل. وهي صغيرة المساحة. وتكوّن مع جزيرتَي "ثيران" و"صنافير" السعودتين ما يشبه أرخبيل "جوبال"، المواجه لها في مدخل خليج السويس. ومن جُزر هذه المجموعة التابعة للمملكة العربية السعودية: "إيريمان" و"شوشا" و"برقان" و"أم قصور". وهي جُزر متوسطة الارتفاع.

د. إلى الجنوب من المجموعة السابقة، تقع مجموعة أخرى، جُزرها أصغر مساحة، أهمها: "يوبعا" و "جليجلة" و "سيلا". وهي جُزر مرجانية.

هـ. إلى الشمال من خط العرض 27 درجة شمالاً، توجد جزيرة كبيرة نسبياً، هي جزيرة "النعمان" (ارتفاعها 120م). وهي مستطيلة الشكل، تحدّها الشعاب المرجانية من جميع النواحي.

و. وعلى طول الساحل في الاتجاه جنوباً، تظهر بعض الجُزر الصغيرة والمستطيلة الشكل، بعضها بلا أسماء. وعند رأس العبيد، توجد جزيرة "النبقية" الصغيرة، ثم بعض الجُزر المستطيلة، وأكبرها جزيرة "العوبيدة".

ز.     شمال خط العرض 26 درجة، توجد مجموعة جُزر "الريخة"، وهي جُزر صغيرة قريبة من الساحل. وتتغير الصورة، ويزداد عدد الجُزر فيما بين "رأس كركوما" في الشمال، ومدينة "حنك" في الجنوب، ويقدَّر عددها بحوالي 60 جزيرة، أكبرها مساحة جزيرة "شيبارة". وكثير من جُزر هذه المجموعة هي جُزر صغيرة المساحة، وبلا أسماء، فضلاً عن أنها رملية تقع بين حاجزين مرجانيين.

ح. عند خط العرض 25 درجة شمالاً، توجد مجموعة أخرى مؤلفة من خمس جُزر، أكبرها جزيرة "الحساني". وهي ذات سطح مرتفع (146 م). وإلى الغرب منها، توجد جزيرة "لبانة" الصغيرة. في حين توجد جزيرة "أم سحر" إلى الجنوب الشرقي منها.

ط. في القطاع الذي يلي الساحل من رأس "أبو ماد" حتى مدينة "جدة"، تقل أعداد الجُزر، وتصغر مساحاتها، وتقترب الشعاب المرجانية من خط الساحل، ويضيق نسبياً اتساع الرصيف القارّي. وكل ما نجده بعض الجُزر القليلة، مثل تلك الواقعة جنوب خط العرض 23 درجة، وعددها 11 جزيرة، وتحيط بها جميعاً حواجز المرجان.

ي. في القطاع الممتد من مدينة جدة إلى مدينة "الليث"، ينعدم وجود الجُزر تماماً أمام الساحل، وتظهر بدلاً منها الحواجز الرملية والحلقات المرجانية، على الرغم من اتساع نطاق الرصيف القارّي في اتجاه الجنوب. وإلى الشمال الغربي من مدينة الليث، يوجد حاجز رملي (Sand Bar) ضيق وطويل، يعرف باسم جزيرة "قشران".

ك. إلى الجنوب، وبين خطّي العرض 19 و 20 درجة شمالاً، تبدأ الجُزر في الظهور مرة أخرى، ولكن بأعداد قليلة، وذلك حتى مدينة "القنفذة". وتبدو الحلقات المرجانية أكثر عدداً من الجُزر.

ل.     أمام القطاع الذي يلي الساحل بين خطّي العرض 18 و 19 درجة شمالاً، تزداد أعداد الجُزر (23 جزيرة)، ويزداد اتساع الرصيف القارّي. ومنها جُزر "تذكار"، و"موسكه"، و"شاكر"، و"جبل الصبايا".

م. عند خط العرض 17 درجة شمالاً، يبدأ "أرخبيل فرسان" في الظهور، ويستمر حتى خط العرض 16 درجة شمالاً. ويعدّ هذا الأرخبيل أكبر مجموعات الجُزر السعودية. وفيه عدد من السكان قدِّر، في العام 1974، بحوالي 3350 نسمة، يعيش 40 منهم في مدينة فرسان، الواقعة في وادٍ يخترق أكبر جُزرها، المعروفة باسم "فرسان الكبير". ويتكون الأرخبيل من حوالي 170 جزيرة، تحيط بها مستعمرات المرجان، مما يجعل الممرات الواقعة بين الجُـزر خطـرة على الملاحـة. وأكبر جُزر المجموعة "فرسـان الكبير" ومساحتـها 432 كم2. وتبعـد عن مدينة "جيزان" حوالي 75 كم. وعدد سكانها حوالي ثلاثة آلاف نسمة، وفي الجزيرة 18 قرية. ويليها، من حيث المساحة والسكان، جزيرة "السجيد" 178 كم2، ويذهب إليها سكان "فرسان" في موسم جَني التمور. وفيها مياه عذبة وثلاث قرى صغيرة. ومن جُزر الأرخبيل أيضاً جزيرة "قماح" 16 كم2، وفيها قرية آهلة بالسكان ومزارع للنخيل.

2. الجُزر اليمنية

يبلغ طول ساحل اليمن على البحر الأحمر 442 كم. وعلى الرغم من قلة أعداد الجُزر الواقعة على الساحل، نسبياً، إلاّ أن هذه الجُزر اليمنية ـ وعددها 41 جزيرة ـ أدّت دوراً تاريخياً منذ أقدم العصور، من الناحيتَيْن التجارية والعسكرية. وفي ما يلي أهم هذه الجُزر:

أ. مجموعة جُزر "كمران": وأكبرها جزيرة "كمران"، التي تبلغ مساحتها 205 كم2، وتبعد عن الساحل اليمني 12 كم. وسطح الجزيرة منخفض لا يزيد ارتفاعه على 24 م. وهي مأهولة بالسكان، وقد قُدِّر عدد سكانها، عام 1974، بحوالي 3500 نسمة. ويروَى أن تسميتها جاءت من اعتقاد بأنه تحت ظروف معينة، فإن انعكاس القمر على المياه المحيطة بالجزيرة، يمكن رؤيتـه على كلا جانبي الجزيـرة في وقت واحد. ويوجد في الجزيرة أربع قرى.

ب. جزيرة "زقر": توجد مجموعة من الجُزر بالقرب من مدخل البحر الأحمر، أكبرها جزيرة "زقر"، ويبلغ ارتفاعها 827 م. وهي جزيرة بركانية قاحلة، فيها عدد من المخاريط المرتفعة، وشكلها غير منتظم.

ج. مجموعة جُزر "حنيش": وعددها 32 جزيرة، وأهمها "حنيش الكبرى". وهي أعلى جُزر البحر الأحمر قاطبة. أمّا جزيرة "حنيش الصغرى"، فتقع إلى الشمال الشرقي منها، وهي مرتفعة أيضاً. وكلتاهما من الجُزر البركانية. (اُنظر خريطة جزر حنيش)

وتعدّ الجُزر اليمنية: "حنيش الكبرى" و "حنيش الصغرى" و "زقر"، ذات أهمية إستراتيجية، بسبب قربها من باب المندب، وإشرافها على خطوط الملاحة في جنوبي البحر الأحمر.

يقدر طول "حنيش الكبرى" بحوالي 70 كم، وأقصى ارتفاع فيها 407 م. أمّا الجزيرة الثانية "حنيش الصغرى"، فإن مساحتها أصغر من مساحة الجزيرة الأولى، وأقصى ارتفاع فيها 191 م. وهي تبعد 3 كم عن جزيرة "زقر"، وحوالي 65 كم غرب "رأس موتانا" على الساحل اليمني.

د. جزيرة "بريم": تقع في مضيق باب المندب. وتبلغ مساحتها 12.8 كم2. وتغطي سطحها الصخور البركانية. وفيها عدد قليل من السكان. ولا يوجد فيها مياه عذبة. وتعرف الجزيرة، جغرافياً، باسم "مفتاح باب البحر الأحمر" (The key of the door to the Red Sea).

هـ. مجموعة جُزر "الزبير": تقع إلى الشمال من جُزر "زقر" و "حنيش"، وجنوب غرب جُزر "كمران"، وعلى بعد 54 كم منها. ويبلغ عددها 9 جُزر، أكبرها مساحة جزيرة "جبل الزبير".

3. الجُزر المصرية

توجد في المياه الإقليمية المصرية في البحر الأحمر ست وعشرون جزيرة، تتفاوت مساحاتها، ويختلف تكوينها الجيولوجي. ويقع أغلبها قريباً من خط الساحل المصري، وعند مداخل خليجَي العقبة والسويس، حيث تزداد أهميتها الدفاعية. وفي ما يلي أهم هذه الجُزر:

أ. جُزر "جوبال": هي مجموعة صغيرة من الجُزر، أهمها "جوبال الكبيرة" و"جوبال الصغيرة". وتبعد المجموعة عن "رأس جمسة"، على الساحل المصري، 18 كم. وتبلغ مساحة جوبال الكبيرة 9.6 كم2، ويصلها بجوبال الصغيرة حاجز مرجاني ضحل. والجزيرتان تسيطران على ممرات الملاحة الرئيسية، عند المدخل الجنوبي لخليج السويس.

ب. جزيرة "طويلة": تقع جنوب جزيرة جوبال بنحو 3.2 كم. ومساحتها 19.2 كم2. وهي ذات أهمية عسكرية، نظراً إلى وقوعها بين جزيرة جوبال الكبيرة وجزيرة شدوان، وقربها من خط الملاحة الرئيسي، ووجود مرفأ صغير ونقطة حراسة فيها.

ج. جزيرة "شدوان": مساحتها 38.4 كم2. وتتألف كتلتها الرئيسية من الصخور الجرانيتية. وفيها سلسلة جبلية، يبلغ أقصى ارتفاع لها 300 م. وتمثل الجزيرة بداية المدخل الجنوبي لمضيق جوبال، بين خليج السويس والبحر الأحمر. ويقع في طرفها الغربي الممر الملاحي الرئيسي، الذي تبعد عنـه جزيرة جوبال الكبيرة مسافة لا تزيد على كيلومترين. وهي محاطة بمياه عميقة (200 م). وفيها منارة بحرية ومنشآت عسكرية ومهبط للطائرات ومرسى بحري. وللجزيرة أهمية إستراتيجية كبيرة. فهي تتحكم في الحركة الملاحية المتجهة إلى مضيق جوبال. كما تتحكم في الممرات المائية الصالحة للملاحة، التي تتخلل الشعاب المرجانية.

د. جُزر "الجفاتين": هي ثلاث جُزر في مواجهة الساحل، عند مدينة الغردقة. أهمها جزيرة "جفتون الكبير"، التي تبلغ مساحتها 12.8 كم2، وتبعد عن مدينة الغردقة 5 كم.

4. الجُزر السودانية

توجد في المياه الإقليمية السودانية ست وثلاثون جزيرة، متفاوتة المساحة. أكبرها جزيرة "مكور"، التي تبلغ مساحتها 16.5 كم2. وأهم هذه الجُزر:

أ. مجموعة جُزر "سواكن": وهي مجموعة كبيرة من الجُزر صغيرة المساحة. وتبتعد عن الساحل السوداني مسافات متفاوتة، يبلغ أقصاها 160 كم شرقاً. وتنتشر فيما بين هذه الجُزر الشعاب المرجانية والصخور، التي تشكل عقبات ملاحية. ولكنها تشكل، في الوقت نفسه، مانعاً طبيعياً ضد أي اعتداء، يأتي من جهة البحر، وذلك لصعوبة الملاحة فيها.

ب. جزيرتا "سواكن" و"قوارنتين": جزيرتان صغيرتان قريبتان من مدخل ميناء سواكن. وقد تم وصلهما بالميناء بسكة حديد وطرق معبدة. وأصبحت الجزيرتان موضعاً لأحياء سكنية تابعة لمدينة سواكن.

5. الجُزر الإريترية

لإريتريا في البحر الأحمر 126 جزيرة، متفاوتة في مساحاتها، ومتغايرة في تكوينها الجيولوجي. وفي ما يلي أهمها:

أ. جزيرة "دهلك الكبير": هي أكبر الجُزر الإريترية. فمساحتها تزيد على 700 كم2. وتبعد عن الساحل حوالـي 43 كم شرقاً. وعلى ساحلها عدد من المراسي للسفن التي تتجه إلى ميناء مصوّع، وأراضيها صالحة للزراعة. وأغلب سكانها مسلمون من أصل عربي (اليمن والسودان)، ويعملون في الزراعة والصيد والرعي. وفي الجزيرة عدة قرى، منها: دهلك الكبير، كوباني، دوبيلو، سلات، دروبوشات، مملا.

ونظراً إلى موقع الجزيرة الإستراتيجي، القريب من باب المندب، ومن خطوط الملاحة الرئيسية في البحر الأحمر، فقد حاولت القوى العالمية الكبرى التمركز فيها، لإنشاء قواعد عسكرية، خاصة أن في الجزيرة مطاراً ومهبطاً للطائرات العمودية وأرصفة عائمة ومحطات للاتصالات ومنارات (فنارات) لإرشاد السفن، إلى جانب ثروات اقتصادية، كالزراعة ومصايد الأسماك واللؤلؤ.

ب. جزيرة "مصوّع": تقع بجوار الساحل الإريتري، قريباً من ميناء مصوّع. ونظراً إلى أهميتها، فقد تم وصلها بالميناء بسكة حديد وطريق معبد. وفيها قاعدة بحرية وقاعدة جوية.

ج. جزيرة "فاطمة": تقع عند مدخل خليج عَصَب. وتبعد عن الساحل 10 كم، وعن جزيرة بريم اليمنيـة حوالـي 60 كم. ومساحتها 8 كم2. وهي ذات أهمية إستراتيجية، لمجاوَرتها الممر الملاحي في جنوبي البحر الأحمر، وهي تصلح للاستخدام كميناء عسكري، وفيها مطار.

د. جزيرة "حالب": أكبر جُزر خليج عصب. وتقع جنوبي جزيرة فاطمة بمسافة 5 كم. وتبلغ مساحتها 22 كم2، وتكسوها الأشجار. وفيها قاعدة بحرية، ولهذا، فهي ذات موقع إستراتيجي مهم.

هـ. جزيرة "دوميرا": هي أبعد الجُزر الإريترية جنوباً في البحر الأحمر. وتقع على بعد 24 كم شمال غربي باب المندب. وتشرف على الممرات الملاحية، شماله. وتشكل تهديداً مباشراً لجزيرة "بريم" اليمنية.

رابعاً: الرصيف القاري للبحر الأحمر

يقصد بالرصيف القاري ذلك الجزء من اليابس الفائض بمحاذاة الساحل، والذي يمتد من خط الأساس حتى حد العمق الذي يظهر عنده ازدياد واضح في الانحدار نحو أعماق أكبر (وهو ما يسمي بالانحدار القاري)، والذي ينتهي إلى قاع البحر.

ويتحدد الرصيف القاري طبقا لاتفاقية جنيف عام 1958 بالأرض التي تتصل بالشاطئ، وتقع على عمق 660 قدم (200 متر) أو أكثر، بقدر ما تسمح باستغلال الموارد الطبيعية. في حين يحدده قانون البحار بشرط ألا يتجاوز بعده عن شاطئ البحر بما لا يزيد عن 200 ميل بحري. كما أن للدول الساحلية دون غيرها حقوق السيادة الكاملة على الامتداد القاري، بقصد اكتشافه واستغلال موارده الطبيعية. وفي سبيل ذلك يمكن لهذه الدول إقامة المنشآت اللازمة لذلك، إلا أن الفقرة السادسة من المادة الخامسة من الاتفاقية المشار إليها، تقدم حق المرور في المجاري الملاحية المنتظمة والضرورية للملاحة الدولية على حق الدولة الساحلية في إقامة منشأتها على رصيفها القاري.

ويتميز الرصيف القاري للبحر الأحمر بالضيق بصفة عامة، حيث يراوح اتساعه بين 6 ـ 100 ميل. وقد يتلاشى أو يكون مبتوراً في بعض أجزائه. كما يضيق في الشمال ويتسع في الجنوب (جنوب خط عرض 17 شمالاُ تقريباُ)، وهو أكثر ضيقا على الساحل الإفريقي منه على الساحل الآسيوي. ويبلغ الضيق أدناه في القطاع الأوسط، حيث يبلغ القاع مداه في العمق. ويرجع ضيق الرصيف القاري أمام سواحل البحر الأحمر إلى طبيعة تكوين حوض البحر كأخدود صدعي ذي سواحل انكسارية، تنحدر بمعدل شديد وسريع نحو القاع.

ويمتاز الرصيف القاري بأهمية اقتصادية كمصدر للغذاء، خاصة للاستغلال البشري؛ فضلاً عن وجود الثروات المعدنية التي تسمح الأعماق بالتنقيب عنها واستغلالها؛ إلا أن وجود الثروات المعدنية، التي تغطي أجزاء كبيرة من الرصيف القاري للبحر الأحمر ـ خاصة في الجنوب ـ تقلل من ارتباط السكان بمياه البحر، فضلاً عن أن معظم دول البحر الأحمر من الدول النامية، الأمر الذي يحد من قدراتها على اكتشاف واستغلال ثروات القاع، إضافة إلى عدم توافر وسائل الحماية اللازمة للثروات غير المستغلة.

خامسا : مواني البحر الأحمر

يتميز البحر الأحمر بقله المواني الجيدة والعميقة القادرة على استقبال السفن الكبيرة، على الرغم من طول سواحله. ويمكن حصر مواني البحر فيما يلي:

1. مواني الساحل الشرقي

أ. المملكة العربية السعودية

(1) ميناء جدة.

(2) ميناء ينبع.

ب. جمهورية اليمن

(1) ميناء عدن.

(2) ميناء الحديدة.

ج. المملكة الأردنية الهاشمية

د. إسرائيل

2. مواني الساحل الغربي

أ. جمهورية مصر العربية

(1) ميناء السويس.

(2) ميناء الغردقة.

(3) ميناء سفاجة.

(4) ميناء رأس بناس (برنيس).

(5) ميناء القصير

ب. السودان

(1) ميناء بورسودان.

(2) ميناء سواكن.

ج. إريتريا

(1) ميناء مصوع.

(2) ميناء عصب.

د. جيبوتي

هـ. الصومال

سادساً: الأحوال الهيدروجرافية والجومائية السائدة في منطقة البحر الأحمر

1. القاع والأعماق

يتميز البحر الأحمر بقاع وعر غير منتظم. ويرجع عدم انتظام القاع إلى طبيعة حوض البحر الأحمر كجزء من الأخدود الإفريقي. ويمتد أكثر الأجزاء عمقاً بين خطي عرض 17 – 25 شمالاً، ويصل عمقه إلى أكثر من 660 قدماً (200 متر) جنوب خط عرض 17 شمالاً. وتقل الأعماق تدريجياً كلما اتجهنا جنوباً، حيث يصل بالقرب من جزيرة حنيش إلى 120 قدماً، ثم تزيد الأعماق مرة أخرى فيما بين المخا (في اليمن) وعصب (في إريتريا) لتصل إلى 660 قدماً مرة أخرى، ثم تقل الأعماق في اتجاه باب المندب حيث تصل إلى 500 قدم بالقرب من رأس دميرا، التي تبعد حوالي 12 ميلاً شمالاً عن جزيرة بريم. وتبلغ الأعماق في المضيق الشرقي لباب المندب نحو 85 قدماً، وفي المضيق الغربي نحو 99 قدماً. ويوجد بقاع البحر الأحمر تلال مرتفعة يظهر منها فوق سطح الماء أجزاء على شكل جزر، وأجزاء أخرى تبقي تحت سطح الماء. كما توجد الجزر المرجانية الحلقية، وهي جزر تتألف من شعاب مرجانية قديمة ذات ارتفاع محدود، فوق سطح مياه البحر.

2. الظواهر الجوية

ثمة ثلاث ظواهر جوية، هي:

أ. الانكسار: ويوجد بالبحر الأحمر انكسار غير عادي، ما يتسبب في رؤية فنارات الساحل على بعد مسافات أكبر بكثير، مما هو مدون على الخرائط.

ب. لمعان سطح البحر: وتحدث هذه الظاهرة فجأة في البحر الأحمر، حيث يصبح الماء لامعاً ليلاً، ويرجع ذلك إلى ظهور بعض الكائنات الحية ذات الجسم اللامع ليلاً، ويحدث ذلك غالباً خلال فترة الرياح السكوني.

ج. فقد المغناطيسية: وتتواجد هذه الظاهرة (فقد المغناطيسية)، بالقرب من جبل الطور وخليج العقبة.

3. التيارات السائدة

سرعة التيارات السائدة في البحر الأحمر حوالي عقدة واحدة، وقد تزيد عن عقدتين في النصف الجنوبي وباب المندب.

4. تيارات المد والجزر

اتجاه تيارات المد والجزر في خليج السويس يكون شمالاً عندما يصبح المد مرتفعاً في السويس، وجنوباً عندما يكون المد منخفض. ويكون تأثير التيارات في كلتا الحالتين من منتصف الخليج، حيث يبلغ من نصف عقدة إلى عقدة واحدة. وعموماً يكون البحر هائجاً عندما تكون الرياح ضد اتجاه المد والجزر.

5. الأمطار

الأمطار قليلة سنوياً، ويغلب على جو البحر الأحمر في الصيف شمس ساطعة، وقد تحجبها السحب. وتهطل معظم الأمطار في صورة رخات لفترات قليلة، والعواصف الرعدية نادرة وغير ثابتة على الساحل. ومعظم الأمطار التي تهطل على سواحل البحر تكون في ميناء مصوع وحوله.

6. الضباب والرؤية

لا تتعدى نسبة الضباب الذي يقلل الرؤية (حتى 1100 ياردة) 2% على كل البحر الأحمر، والرؤية في معظم الأجزاء جيدة وجيدة جداً. وتكون الرؤية الضعيفة (أقل من خمسة أميال) بدرجة عالية خلال الصيف، وقد تحدث رؤية جيدة جداً نتيجة للانكسار.

7. الرياح

وهناك ثلاثة أنواع من الرياح، كالآتي:

أ. رياح الخماسين: وهي رياح شديدة تهب بين شهري فبراير ومايو، وتسبب في بعض الأحيان عواصف رملية تهب على مصر.

ب. رياح الهبوب: وهي رياح توثر بصفة خاصة على السودان، وبالتحديد على ميناء بورسودان، وتسبب عواصف ترابية أو رملية.

ج. رياح الخريف: وهي رياح شديدة تصل إلى قوة الإعصار، وتؤثر على الشاطئ الشرقي لإفريقيا المطل على خليج عدن، وعلي ميناء بربرة، بصفة خاصة. وهي تثير الغبار والرمال. ومدة تأثير هذه الرياح حوالي تسعة عشر يوماً خلال شهر يوليه، ومن أحد عشر إلى ثلاثة عشر يوماً، خلال شهري يونيه وأغسطس.

8. الرطوبة

الرطوبة النسبية ليست عالية في البحر الأحمر، ومتوسطها أقل من 80%، وتصل إلى 20% في بعض المواني مثل بربرة. أما في المواني الشمالية للبحر الأحمر، فتكون الرطوبة فيها أقل ما يمكن في الشتاء والصيف.

9. درجة حرارة سطح البحر

أقل درجة حرارة في خليج السويس 19 درجة مئوية في شهر أغسطس. وترتفع درجة الحرارة تدريجياً كلما اتجهنا جنوباً حتى تصل إلى 26 درجة مئوية، عند خط عرض 17 شمالاً، ثم تبدأ في التناقص تدريجياً في باب المندب وخليج عدن.

10. شفافية المياه والملوحة

تُعد شفافية المياه في البحر الأحمر عالية، بصفة عامة. وهي تزيد عن 30 م وتصل إلى 50 م. وتُعد ملوحة البحر الأحمر عالية نظراً لعدم وجود أي أنهار تصب فيه. كما تسبب درجات الحرارة بخراً شديداً لمياه البحر، ولا تعوض هذا النقص الشديد مياه الأمطار نظراً لقلتها.

11. سواحل البحر الأحمر

يبلغ إجمالي طول ساحل البحر الأحمر (متضمنا خليج السويس وخليج العقبة) حوالي 3069 ميلاً، ويزيد إلى حوالي 4347 ميلاً إذا ما أضيف إليه سواحل خليج عدن. وقد تعني هذه السواحل الطويلة ارتباط سكان الدول المشاطئة بالبحر الأحمر، خاصة أن معظم هذه الدول ليست لها منافذ بحرية أخرى (باستثناء مصر، والمملكة العربية السعودية، واليمن، وإسرائيل، والصومال)؛ إلا أن ذلك لا يبدو صحيحاً من عدة مظاهر، أهمها تخلخل الكثافة السكانية على ساحل البحر الأحمر، وقلة مراكز العمران والطرق الرئيسية (خاصة السكك الحديدية)، التي تربط ساحل البحر بداخل البلاد. ويمكن تفسير ذلك بعد أسباب، أهمها:

أ. أن سواحل البحر الأحمر انكسارية شديدة الاستقامة، ما يقلل فرص وجود مرافق طبيعية يمكن تحويلها إلى مواني رئيسية بتكلفة مناسبة.

ب. أن معظم السواحل صحراوية قاحلة، تحفها حوائط صخرية عالية يتراوح ارتفاعها بين 2000 - 3000 قدم على الساحل الإفريقي، وبين 3000 – 7000 قدم على الساحل الآسيوي. ويشكل ذلك عقبة في ربط سواحل البحر الأحمر بداخل الدول المشاطئة له (خاصة السكك الحديدية)، التي تقل بشكل واضح على الرغم من طول الساحل. ويستثني من ذلك خط سكك حديد جيبوتي ـ أديس ابابا، الذي يتسلق الأخدود الإفريقي صاعداً إلى هضبة الحبشة، والخط الإيطالي الممتد من مصوع وحتى منسوب 8000 قدم فوق هضبة الحبشة، والخط بين ميناء بورسودان والنيل.

12. ويعطينا طول سواحل البحر الأحمر عدة مؤشرات، أهمها:

أ. أنه من البحار ذات الامتداد الطولي الكبير؛ لذا تتميز سواحله بالطول مقارنة بمساحته، ذلك أن كل ميل من الساحل يقابله 5.79 ميل2 من المساحة، ما يبعد البحر عن الشكل الحوضي، ما يفتقد البحر الأحمر ميزة ما يطلق عليه "الملاحة في العمق".

ب. أن طول الساحل مقارناً بالمساحة يعطي مؤشراً مهماً، وهو إمكانية السيطرة على المجري الملاحي من مواقع ساحلية حاكمة، بما يحد من حرية الملاحة والمناورة بعيداً عن سيطرة الساحل، الذي يمكن أن يتمثل في صورتين:

(1) رسوم عبور، أو خدمات، أو جمارك، في حالة الملاحة التجارية.

(2) حق الزيارة والتفتيش، أو الأخطار المسبق بالعبور، أو إثبات براءة المرور، في حالة الملاحة الحربية.

ج. أن سيطرة المواقع الساحلية تزداد على مياه البحر الأحمر كلما اتجهنا شمالاً أو جنوباً من منتصفه، حيث يزداد ضغط اليابس على الماء الذي قد يصل عند الأطراف إلى حد الاختناق؛ يصاحب ذلك غالباً أعماق ضحلة، ما يزيد من ضيق الممرات الصالحة للملاحة، ويقلل من فرص استخدام أسلحة تحت الماء (الغواصات)، والقطع البحرية الكبيرة.

د. أن سواحل الدول المطلة على البحر الأحمر تقل أطوالها، بصفة عامة، كلما اقتربنا من نقطة الاختناق شمالاً أو جنوباً، وكأن تلك الدول عندما رسّمت حدودها على الخريطة السياسية تزاحمت كي تجد لها منفذاً إلى تلك المواقع الإستراتيجية الحاكمة.

هـ. أن اعتماد معظم الدول المطلة على البحر الأحمر منفذاً لها على العالم الخارجي، يجعلها شديدة الحساسية لكل ما يمكن أن يؤثر على التوازن في البحر الأحمر (الذي يرتبط بدوره بالتوازن العالمي). كما أن هذا الاعتماد من شأنه أن يعرّض أمن هذه الدول للخطر وسلامتها، خاصة إذا حدث احتلال الساحل الذي تنتهي إليه كل المواصلات الإستراتيجية تقريبا، أو أمكن السيطرة على نقاط الاختناق الرئيسية والثانوية، التي تتحكم بقوة في تنظيم حركة الملاحة بالبحر الأحمر.

ومن جهة أخرى، فقد أثرت الشّعب المرجانية (كأحد العوامل الجيوبوليتيكية) على البحر الأحمر من عدة زوايا، يمكن إجمال أهمها في الآتي

(1) أدى وجود الشعب المرجانية كحاجز أمام الساحل، إلى ضعف ارتباط السكان في حوض البحر الأحمر بمياهه.

(2) اصطبغ وجود الشعب المرجانية في البحر الأحمر عبر التاريخ بطابع الخطورة.

(3) زادت الشعب المرجانية من ضغط اليابس على الماء، الأمر الذي أدي إلى ضيق المجري الصالح للملاحة في البحر الأحمر، خاصة في المضايق، وأوضح ما يكون ذلك في مضيق باب المندب، إذ أدي وجود الشعب المرجانية إلى أن يصبح العرض الحقيقي للممر الغربي لا يتجاوز تسعة أميال، في الوقت الذي تكاد فيه الشعب أن تسد الممر الشرقي أمام السفن، خاصة الكبيرة منها.

13. أهمية الموقع الجغرافي للبحر الأحمر

يتميز البحر الأحمر بموقع حيوي، بكل المقاييس السياسية والاقتصادية والعسكرية والإستراتيجية؛

أ. فالبحر الأحمر يمتاز بموقعه المتوسط بين القارات

فهو همزة الوصل بين قارتي آسيا وإفريقيا على الرغم من سواحله الصحراوية القاحلة الطاردة، وذلك لكونه بحراً ضيقاً تنتشر به الجزر، التي تزيد من تقارب الساحلين الآسيوي والإفريقي؛ فضلاً عن أن مضايق البحر الأحمر كانت بمثابة معابر أرضية انتشرت عبرها أنواع من النباتات والحيوانات البحرية. كما كانت، أيضاً، طريقاً مرت عبره الغزوات واللغات والهجرات والثقافات والديانات والأجناس، ذلك إضافة لتوسط البحر للطريق بين قارتي أوربا واستراليا، والطريق الملاحي بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب.

ب. البحر الأحمر يمتاز بموقعه الوسط بين البحار والمحيطات

فهو يربط بين البحار الشرقية والبحار الغربية، بصفة عامة، وبين البحر المتوسط والمحيط الهندي، بصفة خاصة. وهو أشبه ما يكون بجسر عائم يمتد بانحراف بين الشمال والجنوب. ويشغل البحر الأحمر من خطوط العرض ثماني عشرة درجة (12 – 30 شمالاً)، ومن خطوط الطول إحدى عشرة درجة (32 – 43 شرقاً)، وبهذا يتحقق له صفة أقصر وأسرع طريق بين الشرق والغرب، بصفة عامة، وبين المحيط الهندي والبحر المتوسط، بصفة خاصة.

(1) فالمحيط الهندي: تتمثل أهميته في وجود سياج مرتفع من اليابس حول مياهه من جهة الشمال، تتخلله مجموعة من الممرات المائية، التي تخترق هذا الحصار المضروب من قبل اليابس. ومن هنا تأتي أهمية المحيط الهندي للبحر الأحمر، إذ يتحكم في مجموعة الممرات الإستراتيجية مثل: طريق رأس الرجاء الصالح، وقناة موزمبيق، وباب المندب، ومضيق هرمز، ومضيق مقا، وكلها مؤثرة إستراتيجياً وجيوبوليتيكياً وجيوستراتيجياً على البحر الأحمر.

(2) أما البحر المتوسط: فهو بحر مغلق يحيط به اليابس المرتفع، ويتوسط قارات العالم القديم: أوروبا وآسيا وإفريقيا. وتكمن أهمية البحر المتوسط في تحكمه في عدة ممرات مائية مهمة مثل: مضيق جبل طارق، والمضايق التركية (الدردنيل والبوسفور ومرمرة) وقناة السويس، وكلها تؤثر، بشكل أو بآخر، استراتيجياً وجيوبوليتكياً وجيوستراتيجياً، على البحر الأحمر.

ج. البحر الأحمر يمتاز بموقعه الانتقالي بين العروض المناخية

البحر الأحمر، كما ذكرنا ينتقل بين ثماني عشرة درجة من خطوط العرض، وبذلك تتناوب عليه عروض انتقالية؛ فهي دافئة حارة في الجنوب، ودافئة باردة في الشمال؛ وبذا يعتبر البحر الأحمر منطقة انتقال بين مناطق تستقبل الطاقة الشمسية طوال الوقت، ومناطق أخرى تستقبلها بعض الوقت. ومن الملفت للنظر أن توزيع الطاقة المعدنية نفسها (النفط) يكاد يتطابق مع توزيع الطاقة الشمسية.

د. البحر الأحمر يمتاز بموقعه الوسيط بين أكبر مناطق النفط في العالم

ونعني بذلك أكبر مناطق إنتاج النفط وفوائض النفط (منطقة الخليج)، وهي التي تنتج نسبة عظمى من احتياجات النفط العالمية (خاصة للدول الصناعية الكبرى). وفي الوقت نفسه تحتفظ في باطنها بأكبر معدلات للفائض، الذي يغطي حاجة العالم لفترات طويلة قادمة. ويتميز موقع البحر الأحمر بتوسطه بين هذه المناطق المهمة، ومناطق استهلاك النفط في الدول الصناعية، التي في حاجه إليه، وخاصة دول أوروبا، وهي الدول التي تتميز بكونها أكبر مناطق استهلاك النفط في العالم. ومن هنا كان اكتساب البحر الأحمر لأهميته الإستراتيجية والجيوبوليتيكية الجيوستراتيجية، وكذلك أهميته السياسية والاقتصادية والعسكرية.

 



[1] يرى بعض الباحثين "أن البحر الأحمر لم يكن يوماً ما بحراً عربياً، فهو فقط بحر إسلامي.

[2] الأُجاج: ما يلدغ الفم بملوحته أو مرارته.