إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / تنامي الدور الإيراني، وتأثيره على الأمن القومي العربي





مواقع إيران النووية الأساسية
نظام ولاية الفقيه الملالي
الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة
التقسيم الإداري لإيران
التقسيم العرقي والطائفي




المبحث الثاني

المبحث الرابع

المصالح والاهداف القومية وقوى الدولة الشاملة لإيران

تُعد إيران إحدى الدول المحورية بمنطقة الشرق الأوسط، في ضوء ما تمتلكه من مقومات حضارية وثقافية، وموقع جيوإستراتيجى بالغ الأهمية يضم بداخله جميع مقومات القوى الشاملة للدولة، بما جعلها إحدى القوى الرئيسة التي يصعب تجاهلها.

تعد إيران وستظل إحدى دول التنافس الحضارى التي يغلب على أهدافها ومصالحها بوجه عام، التعارض مع الأهداف والمصالح العربية بصفة عامة، الأمر الذى يزيد من أهمية الدراسة المتعمقة لإيران من حيث الأهداف والمصالح وقدراتها الشاملة.

أولاً: مفهوم الأمن القومى الإيرانى

يأخذ في أبعاده السياسية، والاقتصادية، والأيديولوجية، والأمنية والعسكرية، والمعلوماتية، ضرورة تلبية احتياجات حماية النظام الثوري، وامتلاك قدرات التنمية الذاتية للدولة، واحتلالها مكانة متميزة في النظام الدولى والإقليمى، وينطلق هذا المفهوم من خمس فرضيات أساسية هي:

1. الأولى: أن النظام الدولى يتسم بالفوضى، وتحاول فيه قوى عظمى وحيدة فرض سطوتها وهيمنتها عليه بالقوة من دون وجه حق.

2. الثانية: أن إيران مضطرة إلى العيش في بيئة عدائية على الدوام، لذا فهى لاتملك سوى اعتماد القوة العسكرية لمواجهة هذه البيئة، فضلاً عن توافر هامش محدود لها للمناورة الخارجية بين بعض الدول الكبرى لحماية مصالحها الأمنية.

3. الثالثة: أن إيران تملك عمقاً إستراتيجياً كافياً وحدوداً يمكن الدفاع عنها، لوجود بعض الموانع الطبيعية.

4. الرابعة: أن إيران تشعر بتفرد حضارى وتفوق عرقى، وميل التوازن الإستراتيجى البشرى لصالحها، فضلاً عن أهمية موقعها الإستراتيجى.

5. الخامسة: ترى إيران أنها المسؤولة عن إقامة النظام الإسلامي العالمي، وحتمية تصدير الثورة الإسلامية بعد أن فقدت الدول الإسلامية زخمها الثوري.

ثانياً: المصالح الإيرانية

تتركز المصالح الإيرانية وفقاً لمفهوم الأمن القومى وتطبيقاته في الآتى:

1. حماية النظام الإيراني وتأمينه وفقاً لقيم ومبادئ الثورة الإسلامية، والسعي لنشرها في الخارج تحت شعار مساعدة المستضعفين والتصدي لقوى الاستكبار.

2. تعزيز مكانة الدولة الإقليمية والمشاركة في إدارة شؤون العالم، واستثمار العلاقات الدولية في توفير احتياجات التنمية التكنولوجية والاقتصادية والبشرية.

3. تحقيق الازدهار الاقتصادي وضمان التنمية المستدامة لصالح الأجيال القادمة.

4. تقوية تماسك المجتمع والحفاظ على الهوية الطائفية الشيعية.

5. امتلاك إمكانات الدفاع عن الدولة وتأمين مصالحها على مختلف الأصعدة.

ثالثاً: الأهداف الإيرانية

تسعى إيران لتحقيق مصالحها من خلال العديد من الأهداف، وذلك على النحو الآتى:

1. الهدف السياسى

أ. تعزيز وضع إيران داخل النظام الإقليمى في الشرق الأوسط، وخاصة منطقة الخليج العربي وآسيا الوسطى، وذلك وفق ثلاثة تصورات رئيسة كالتالي:

(1) التصور الأول: إقرار نظام أمني خليجي

حيث يرتبط هذا التصور بمنطقة الخليج العربي (الفارسي) لتضطلع إيران فيه بالدور الرئيس في إقرار نظام أمنى خليجي والاستفادة من المتغيرات الأخيرة بالمنطقة ورفض الاعتماد على قوى خارجية في منظومة الأمن الخليجي.

(2) التصور الثانى: تصدير نموذج الدولة الإيرانية

حيث يرتبط بمنطقة أسيا الوسطى انطلاقاً من عامل الجوار الجغرافي والاعتبارات الحضارية والثقافية التي تربطها بالدول الإسلامية المستقلة عن الإتحاد السوفيتي السابق، مستندة على قدراتها الاقتصادية والبشرية، وموقعها حلقة ربط بين جناحي العالم الإسلامي، فضلاً عن عضويتها بمنظمة "إيكو" ومصالحها المشتركة مع هذه الدول في بحر قزوين.

(3) التصور الثالث: تكوين كتلة إقليمية قوية من العالم الإسلامي على المدى البعيد تكون إيران مركزاً له

حيث يجمع بين المنطقتين (الخليج وآسيا الوسطي)، وهو ما يرتبط تنفيذه بمدى نجاحها في تحقيق أهدافها بمنطقتي الخليج وآسيا الوسطى، كل على حدة، في مرحلة أولى لتنفيذ هذا النموذج الذي يوفر لها متنفساً على كلا الاتجاهين، والقيام بدور الوسيط بين آسيا الوسطى والعالم العربي.

ب. تحقيق التوازن مع القوى الفاعلة العربية والإسلامية والغربية، وذلك من خلال الآتى

(1) توظيف موقعها الجيوإستراتيجى والجيوبوليتيكي، والقدرات الشاملة للدولة للحصول على دور مؤثر في قلب منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

(2) إرساء أسس علاقات جديدة مع القوى الغربية والولايات المتحدة الأمريكية على أساس من المصالح المتبادلة، بما يسهم في اضطلاعها بدور يتناسب مع ثقلها الإقليمي.

2. الهدف الاقتصادي

تعزيز القدرة الاقتصادية للدولة، وتطوير إمكاناتها التكنولوجية ضماناً لدعم الجبهة الداخلية وتماسكها، وتعظيم قدراتها الشاملة بالمجالات كافة لمواجهة التأثيرات السالبة للعقوبات الدولية والغربية المفروضة على إيران؛ حيث أدى ذلك إلى اتجاه الحكومة لترشيد الإنفاق العام وتقليص الدعم تدريجياً، مع تشكيل تحالفات للتبادل التجارى مع بعض الدول (كوبا ـ زيمبابوى ـ سورية ـ السودان ـ الصين ـ قرقيزيا)، لضمان استمرار الحصول على متطلبات إيران من السلع الأساسية من خلال اتفاقيات للتعاون الزراعى والتجارى، والبدء في تنفيذ عدد من المشروعات بقطاع النفط تستهدف زيادة الاعتماد على الغاز الطبيعي بديلاً عن البنزين.

3. الهدف الأمني والعسكري

امتلاك القوة العسكرية، ببعديها التقليدى وفوق التقليدي، التي تلبى احتياجات تحقيق أهداف الأمن القومى الإيراني؛ حيث تستند أهميته في التصدى لأية تهديدات خارجية أو داخلية، مروراً بتحقيق التوازن مع القوى الإقليمية وامتلاك مقومات المشاركة الإيجابية في تحديد مستقبل أية ترتيبات أمنية في مجالها الحيوي، والقدرة على معاونة حلفائها الإستراتيجيين بالمنطقة.

4. الهدف النووى الإيرانى

إصرار إيران على امتلاك القدرات النووية، هدفاً رئيسياً يعظم من مكانتها على المستويين الإقليمى والدولى، وذلك على النحو التالي:

أ. الثقة والجرأة التي تمنحها القدرة في التعامل مع القوى الغربية خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد يستثمر إبقاء مثل هذا الصراع مع القوى الكبرى لصالح استمرار وجود النظام الإيران ودعم وحدته وتماسكه.

ب. اتخاذ الرئيس الإيرانى "أحمدي نجاد" موقفاً أكثر صلابة في سياساته التفاوضية بشأن البرنامج النووى، انطلاقاً بقناعته بأن سياسة تخفيض التوتر التي اعتمدتها الحكومة السابقة حققت القليل وأضعفت من الموقف الإيراني.

ج. هناك منظور آخر لحرص إيران على امتلاك التكنولوجيا النووية، وهو توفير مصادر بديلة للطاقة النفطية، كما يتيح لها فرصة تصدير هذه التكنولوجيا في مرحلة مقبلة.

رابعاً: ركائز الإستراتيجية القومية الإيرانية

ترتكز الإستراتيجية القومية لإيران في تحقيق أمنها القومي على الركائز التالية:

1. إن البعد الدينى الشيعى يمثل أحد أهم مرتكزات الأمن القومى الإيرانى، وبذلك يصبح الحزام الأمني الشيعي هو الضامن الرئيس لأمنها القومي الخارجي، أما المرتكز الآخر للأمن القومي هو القومية الفارسية وانعكاساتها التاريخية.

2. المزج بين الدين والأمن للحفاظ على أمنها الداخلي، والتغلب على تركيبتها العرقية والدينية المعقدة.

3. ضرورة هيمنة إيران على (الخليج العربي)، والاعتراف إقليمياً ودولياً بذلك، ما يفرض عليها امتلاك قدرات ذاتية عسكرية واقتصادية وتقنية تفوق حاجتها الدفاعية، والذى بدوره يفرض التوازن الإستراتيجي الإقليمي لتصبح قوة إقليمية مهيمنة.

4. إن البعد الدولي للأمن الإيراني هو الفاعل الأساس المؤثر على الرؤية الوطنية الأمنية للجمهورية الإسلامية، حيث تسعى إلى فرض مصالحها الحيوية الأمنية بالأساليب والوسائل الممكنة لتواجه العدائيات الدولية، بغض النظر عن مصالح الآخرين الأمنية.

5. ترى إيران أن سلامة حدودها ومصالحها وقيمها الدينية والثقافية معرضة لمخاطر كبيرة، وقد تكون هذه المخاطر خارجية من قبل الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تكون داخلية نتيجة لتعقد التركيبة العرقية والدينية الداخلية، ومن جيل الشباب، الأمر الذي يفرض ضرورة توافر كل ما يلزم من قدراته لمواجهتها، والحيلولة دون اجتياح الدولة من الخارج، وإحباط عمليات تجسس وتخريب لدول خارجية على أنه نشاط من أجل ضمان الأمن القومى للجمهورية الإسلامية.

6. إن الإتحاد والتضامن والتعاون بين دول منطقة الخليج هو الأساس الذى يمكن، من وجهة النظر الإيرانية، أن يقوم عليه أمن المنطقة، ويتحقق من خلال القضاء على الخلافات بين هذه الدول أو خفضها إلى أدنى مستوى، خاصة بشأن (الخلافات الحدودية ـ الخلاف المذهبي ـ الخلاف العرقي ـ الخلافات الايديولوجية).

7. تعد إيران نفسها دولة ثورية، ونموذجاً يمكن تطبيقه على نطاق واسع في المنطقة، وترى أن ثورتها تجسد قيمتها الدينية واستقلالها واعتمادها وزعامتها، وأن مجتمعها مثالي تسوده العدالة الإجتماعية، وتملك حرية نشر قيمها ومبادئ ثورتها، ولكن يظل شعور إيران بالتهديد والظلم وبأنها ضحية السبب الكامن وراء قناعتها بمبدأ "المؤامرة"، مما يزيد من صعوبة التكيف مع العالم الواقعى من جانب، ويجعلها تتمسك بالمواجهة والمبادرة وإقامة "الأمة المسلمة" من جانب آخر.

8. ترى إيران ضرورة توافر عناصر المشروع الأمني الإقليمي، ومن أهمها الإدراك المشترك لارتباط الأمن القومى الإيراني بالأمن العالمى، وإبعاد الدول الأجنبية عن المنطقة، والتعامل مع إسرائيل بصفة كيان دخيل يجب محوه.

9. أهم أبعاد الأمن القومي الإيراني هو الأمن الاقتصادي الذى يعد حجر الزاوية في التعامل مع باقي عناصر الأمن.

خامساً: قوى الدولة الشاملة لإيران

تُعد إيران أحد القوى الرئيسة في معادلة توازن القوى لمنطقة الشرق الأوسط، وبصفة خاصة للدائرة الحيوية التي تضم منطقتى "الخليج العربى وآسيا الوسطى"، ارتباطاً بما تحظى به من مقدرات القوى الشاملة، بدءاً بما يتسم به موقعها الجغرافى ومروراً بمواردها البشرية وإمكاناتها الاقتصادية، وديناميكية وفاعلية نظامها السياسي، وتَمكنها من تطوير قدراتها العسكرية في بعديها التقليدي وفوق التقليدي.

1. العناصر الملموسة (المادية)

أ. الكتلة الحيوية

(1) الأرض

(أ) تقع إيران في غرب آسيا، بين دائرتي عرض 29°، 40° شمالاً، وخطي طول 40°، 63° شرقاً تقريباً، ويحدها تركمانستان وأذربيجان من جهة الشمال، وتركيا والعراق من جهة الغرب، وأفغانستان وباكستان من جهة الشرق، والخليج العربي من جهة الجنوب، حيث تطل عليه إيران بجبهة بحرية طولها 1660 كم تقريباً، ولها جبهة بحرية أخرى شمالاً على بحر قزوين طولها 800 كم.

(2) يغلب على أراضيها الطابع الصحراوي بمساحة 1.648.000 كم2، وهو ما يعادل 634 ألف ميل تقريباً، ويُعد 8.7% منها أراضٍ صالحة للزراعة. (اُنظر شكل التقسيم الإداري لإيران )، و(جدول المؤشرات الأساسية للكتلة الحيوية (الإقليم) بين إيران ودول الجوار بالخليج العربي)

ب. السكان

بلغ آخر تعداد لإيران حوالي 74 مليون نسمة (تعداد 2010) ، وتشكلت خصائص التركيبة السكانية في إيران من نتاج معادلة ثلاثية أبعادها هي (العرق ـ الدين ـ اللغة)، وذلك على النحو التالي:

(1) التركيبة العرقية

تتسم التركيبة العرقية الإيرانية بالتنوع، حيث كان موقعها الإستراتيجي عامل جذب لهجرات بشرية متعددة ومتنوعة عبر مراحل التاريخ المختلفة، إذ تضم أكثر من ثمانية أعراق رئيسة (اُنظر شكل التقسيم العرقى والطائفى للسكان في إيران).

(2) اللغة

الفارسية هي اللغة الرسمية للدولة، ويتحدث بها حوالى 50% من السكان، في حين تجمع النسبة الباقية من السكان بين الفارسية وبعض اللغات الأخرى، وتحظى اللغة العربية بوضع خاص حيث تُدرس لغة إلزامية بجانب كونها اللغة الأولى بالحوزات العلمية.

(3) الدين

حوالى 98 % من الشعب الإيرانى يدينون بالإسلام، والمذهب الشيعي هو المذهب الرسمي لإيران منذ عهد الدولة الصفوية في القرن الخامس عشر الميلادي (اُنظر جدول المؤشرات الأساسية للكتلة الحيوية (السكان) بين إيران ودول الجوار بالخليج العربي).

ج. بتحليل عنصر السكان في إيران تبرز النقاط الرئيسة التالية:

(1) يُعد عنصر السكان بوجه عام من حيث التعداد، عنصر قوة لإيران مقارنة بدول الشرق الاوسط، وبما يمثل عامل ضغط ديموجرافي على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عدا المملكة العربية السعودية، نتيجة لعامل الهجرة وفائض العمالة الإيرانية، وما ترتب عليه من تعددية إثنية وقومية ببعض هذه الدول، خاصة البحرين. فضلاً عن تضافره مع عامل الأرض (الإقليم) ليجعلها أكثر الدول المطلة على الخليج ثقلاً، من حيث الكتلة الحيوية بوجه عام.

(2) يُعد الخليط الديني أقل تعقيداً في إيران مقارنة بالتركيبة العرقية واللغوية، فبقدر ما أسهمت الفروقات العرقية واللغوية في افتقاد التركيبة السكانية للتجانس، فإن الشعب الإيراني ينفرد بخاصة مهمة، وهي كونه مسلماً شيعياً، الأمر الذى يوظفه النظام الإيراني، ليس فقط لتحقيق أهدافه على الساحة الداخلية، ولكن كأداة لدعم أهدافه الخارجية، من خلال علاقاته بالأقليات الشيعية بمنطقة الشرق الاوسط.

2. القدرة الاقتصادية

يرتكز الاقتصاد الإيرانى على العديد من الركائز في الآتى: 

أ. الناتج القومي

يُقدر إجمالي الناتج القومي الإيراني، طبقاً لإحصائية عام 2010، بحوالي 386 مليار دولار، كما يبلغ نصيب الفرد، طبقاً لمعامل القوة الشرائية، حوالي 7898 دولار، وتبلغ نسبة نمو الناتج المحلي حوالي 6.6%، كما يبلغ الإحتياطي النقدي والذهب حوالي 26.1 مليار دولار. أما التضخم فقد وصل إلى نسبة حوالي 16.4% ويواصل ارتفاعه، ما حدا بالمرشد العام للثورة الإيرانية "على خامنئى"، إلى توجيه نظر الرئيس "أحمدى نجاد" إلى ذلك.

ب. إحتياطي النفط والغاز الطبيعي

يمثل إحتياطي النفط الإيراني ثالث أكبر إحتياطي عالمي، بعد المملكة العربية السعودية وكندا، ويصل حجم هذا الإحتياطي ما بين 10% - 11% من الإحتياطي العالمي. ويمثل إحتياطي الغاز الطبيعي في إيران حوالي 15% من إجمالي الإحتياطي العالمي.

ج. وجود قاعدة صناعية مناسبة

تعتمد إيران على العديد من الصناعات المتقدمة تكنولوجياً في مجال النفط والكيماويات والصناعات التعدينية، والصناعات التي تعتمد على الإنتاج الزراعي، ويمثل الإنتاج الصناعى حوالي 45.3% من الناتج الإجمالي القومي لإيران.

د. وفرة الأراضى الصالحة للزراعة

تصل مساحتها إلى حوالي 22.6 مليون هكتاراً، يُزرع منها حالياً ما بين 14 - 15 مليون هكتار، إلى جانب توافر المياه، ويشارك القطاع الزراعي بحوالي 11% من الناتج القومي لإيران.

هـ. قطاع الخدمات

يعد أكبر القطاعات التي تسهم في الناتج القومي الإجمالي، ويصل إسهام هذا القطاع إلى حوالي 43.7%، كما تمثل الاستثمارات المؤكدة في المجالات المختلفة حوالي 28.4% من الناتج القومى.

و. تعتمد إيران على القدرة البشرية  

تتوافر من خلالها الكوادر الفنية والعلمية القادرة على إدارة الاقتصاد الوطني بمجالاته المختلفة، ويمثل تعاونها مع روسيا، والصين، وباكستان، ودول آسيا الوسطى، هدفاً في بناء مجالات اقتصادية عديدة تدعم الاقتصاد الإيراني، وتكسر حلقات الحصار المفروضة عليه من الغرب (اُنظر جدول المؤشرات الأساسية للقدرة الاقتصادية بين إيران ودول الجوار بالخليج العربي).

ز. بتحليل القدرة الاقتصادية الإيرانية، يبرز الآتي:

(1) يعتمد البناء الاقتصادى الإيرانى اعتماداص رئيساً على عائدات قطاع البترول والغاز الطبيعي، حيث بُدئ في توظيف عائدات هذا القطاع منذ عقد السبعينيات من القرن الماضي، وفق خطط متوسطة المدى (5 - 8 سنوات)، لتحقيق معدلات نمو سريعة بباقى القطاعات.

(2) امتلاك إيران للعديد من عناصر القوة الاقتصادية التي لم تستثمر استثماراً كاملاً حتى الآن، والتى تجعلها تحتل مركزاً اقتصادياً متقدماً مقارنة بدول الشرق الأوسط، رغم الدخول المرتفعة لهذه الدول نتيجة لعائداتها النفطية. وفى هذا الإطار نشير للآتي:

(أ) امتلاك إيران ثالث احتياطي من النفط داخل الأوبك بعد المملكة العربية السعودية وكندا، وثاني احتياطي عالمي من الغاز الطبيعى بعد روسيا الإتحادية، الأمر الذى يزيد من الأهمية الإستراتيجية للدولة ويعزز من موقفها السياسي، ويربط المصالح الإيرانية بمصالح العديد من القوى الدولية.

(ب) الإنفراد بامتلاك الحديد الخام والكروم بين الدول الخليجية، والذى يمثل الركيزة الأساسية للتطور الصناعي، وامتلاك قاعدة إنتاج متطورة في هذا المجال.

(ج) قدرات واعدة بمجال الزراعة بين الدول المطلة على الخليج، حيث نجحت في تحقيق الإكتفاء الذاتي من بعض المحاصيل والسلع الإستراتيجية، مثل: القمح، والذرة، والسكر، والزيوت النباتية، وحوالى
85% من إحتياجاتها من باقي السلع الأساسية الأخري.

3. القدرة العسكرية

تعد التوجهات الإيرانية لامتلاك قدرات عسكرية متميزة، هي توجهات تاريخية، نظراً لإختلاف الحضارة الفارسية عن الحضارة العربية، ومن خلال ذلك تحاول إيران تأكيد قدرتها الذاتية، وتحقيق تفوق في التوازن الإستراتيجى على المستوى الإقليمي (على الأقل)، وقد بنت إيران عقيدتها العسكرية، بما يتواكب مع هذا التوجه، وتتحدد أهم مرتكزات العقيدة العسكرية الإيرانية من المنظور الجيوبوليتيكى في الآتى:

أ. ترى إيران أنها قوة إقليمية مؤثرة، لها مصالحها في المنطقة، التي يجب أن تحافظ عليها، إلى جانب أنها دولة ثورية، لازالت تسعى إلى نشر ثورتها على مستوى المنطقة.

ب. امتلاك قدرة ذاتية تمكنها من مواجهة الحصار المفروض عليها من النظام العالمى، واتخاذ الاحتياطات الأمنية لمجابهة الوجود العسكري الأجنبي الكثيف في المنطقة.

ج. امتلاك أسلحة الردع المناسبة، للتصدي لإسرائيل، حيث ترى إيران أن وجود إسرائيل في المنطقة يمثل خطراً إستراتيجياً، وأن إبرام سلام معها ضد مبادئ الثورة.

د. تسخير إمكانات القدرة البشرية، في إنشاء جيش ضخم، يمكنه تحقيق الأهداف الثورية الإيرانية، وذلك طبقاً لتوصية الإمام الخوميني ببناء جيش العشرين مليوناًً.

هـ. امتلاك القدرة في تحقيق الإكتفاء الذاتي من الأسلحة المتقدمة بأنواعها واستخداماتها المختلفة، من خلال بناء قاعدة صناعات عسكرية ضخمة.

و. استثمار القوى المضافة التي تتمثل في بناء التحالفات (إيران ـ سورية، إيران ـ حزب الله، إيران ـ حماس)، وذلك لتحقيق فكرة حماية النظام والدولة ودورها داخل الإقليم (اُنظر جدول المؤشرات الأساسية للقدرة العسكرية بين إيران ودول الجوار بالخليج العربي).

ز. القدرات والإمكانيات

(1) تقدر قوة إيران العسكرية بحوالي 450 ألف فرد، تعمل تحت قيادتين رئيستين، هما: قيادة الحرس الثوري، وقيادة القوات المسلحة النظامية.

(2) يحظى الحرس الثوري بالاهتمام الرئيس من جانب القيادة الإيرانية، انطلاقاً من عامل الولاء والإنتماء، ودوره في تأمين أركان الحكم.

(3) تحظى القوات البحرية الإيرانية باهتمام رئيسي من جانب القيادة الإيرانية، مقارنة بباقي الأفرع، وذلك لطول السواحل الإيرانية، وتقدير إيران لإتجاهات التهديد الرئيسة من اتجاه الخليج.

(4) تتجه إيران لامتلاك السلاح النووى أو امتلاك المعرفة والمكونات، حداً أدنى، انتظاراً للقرار السياسي، خاصة بعد نجاحها في امتلاك دورة الوقود النووي.

(5) تمتلك إيران برامج متعددة لإنتاج وتطوير الصواريخ أرض/ أرض بمديات مختلفة بالتوازي، مع استمرار جهود تطوير برنامجها النووي.

(6) اتجهت إيران للحصول على قدرات كيميائية وبيولوجية خلال القرن الماضي، بهدف سرعة امتلاك قدرة ردع بوصف ذلك إحدى الخبرات المكتسبة خلال حربها مع العراق، وقد حقق البرنامج الكيميائي الإيراني تطوراً سريعاً (اُنظر ملحق القدرات العسكرية الإيرانية التقليدية)، و(شكل الهيكل التنظيمي للقوات المسلحة الإيرانية).

ح. بتحليل مؤشرات القدرة العسكرية لإيران يبرز الآتي

(1) تفوق إيران في القدرات العسكرية التقليدية على دول الخليج العربي كافة، خاصة بعد غياب القوة العسكرية العراقية في حين تأتي في المرتبة الثانية بعد تركيا.

(2) ميل ميزان القوى لصالح إيران مقارنة بباقي دول الجوار الإقليمي في مجال الأسلحة فوق التقليدية (توازن الرعب) في ضوء امتلاكها برنامج صاروخى متطور.

(3) تركيز إيران على إنتاج منظومات تسليح تخدم أهدافها في إدارة أعمال قتال غير نمطية ضد قوات متفوقة حالة إقحامها في مواجهة عسكرية.

ثانياً: العناصر الغير الملموسة (الغير المادية)

1. القدرة الدبلوماسية

أ. السياسية الداخلية

(1) عقب قيام الثورة الإيرانية عام 1979، وإنهيار مؤسسات نظام حكم الشاه السابق، اتجهت الثورة الإيرانية إلى وضع دستور جديد استند في جوهره على نظرية الولاية العامة للفقيه الخاصة بالمذهب الشيعى، وما أفرز نظام حكم يتسم بالخصوصية والتباين عن النظم المتعارف عليها بدول منطقة الشرق الأوسط خاصة، وباقي دول العالم عامة، حيث تتداخل فيه سلطات المؤسستين الدينية والسياسية، رغم استقلال كل منهما من الناحية التنظيمية والإدارية (اُنظر ملحق النظام السياسى وأسلوب صنع القرار في إيران)، و(شكل هيكل النظام السياسي "ولاية الفقيه" في إيران).

(2) بتحليل مكونات النظام السياسي الداخلي في إيران، يبرز الآتي:

(أ) يُعد نظام الحكم في إيران القائم على نظرية الولاية العامة للفقيه الخاصة بالمذهب الشيعى، هو النظام الوحيد بالعالمين العربي والإسلامي الذي يقوم على أساس ديني مذهبي (اُنظر ملحق دور المؤسسة الدينية في الحياة السياسية).

(ب) يمثل الولى الفقيه (مرشد الجمهورية) قمة نظام الحكم، ويجري اختياره من رموز المؤسسة الدينية بمجلس الخبراء (الأوصياء) لفترة ولاية ممتدة وغير محددة، طالما لم يخل بشروط الولاية، كما يسيطر على مؤسسات الدولة كافة (التنفيذية ـ التشريعية ـ القضائية)، من خلال التبعية المباشرة لمجلس الأمن القومى والمؤسسة العسكرية إليه، واحتفاظه بتسمية رئيس السلطة القضائية ووزراء الدفاع، والخارجية، والإستخبارات، وتعيين ممثلين له بمجلسي صيانة الدستور، وتشخيص مصلحة النظام، وذلك ما يفسر الإزدواجية في سياسة إيران الخارجية، في ضوء محدودية دور وزارة الخارجية ورئيس الدولة.

(ج) محدودية سلطات رئيس الجمهورية، حيث لا تتعدى صلاحياته الدستورية الممنوحة له صلاحيات رئيس الوزراء بالنظم الديموقراطية المتعارف عليها، ويجري انتخابه بالإقتراع المباشر لفترة رئاسية مدتها أربع سنوات، ولا يجوز انتخابه أكثر من دورتين متعاقبتين.

(د) تعدد المرجعيات بالسلطة التشريعية، حيث تتكون من ثلاثة مجالس، تتباين في تشكيلها وأسلوب اختيار أعضائها وطبيعة مهامها، هي: مجلس الشورى الإسلامى "البرلمان"، ومجلس صيانة الدستور، ومجلس تشخيص مصلحة النظام، وأن هذه التعددية استهدفت في الأساس حماية النظام، حيث إن أحد المهام الأساسية لمجلس صيانة الدستور وتشخيص مصلحة النظام هو الإنتقاء والاختيار لمرشحي المؤسسات التشريعية ومن ثم التصفية لصالح النظام.

ب. السياسة الخارجية

(1) تتحدد الركائز في بناء القدرة السياسية على الآتي:

(أ) ركائز تتأسس على عوامل تاريخية

حيث تمتد هذه الركائز بدءاً من الفتح الإسلامي لإمبراطورية فارس، ثم سيطرة الاستعمار على المنطقة، في القرن السادس عشر والتعاون بين الحكام العرب والإيرانيين في التصدى لهذا الإستعمار،  وفى كل العصور كان هناك اتصال بين العرب والإيرانيين، سواء في مجال التصادم أو التنسيق.

(ب) ركائز تتأسس على العقيدة الدينية

وتعد إيران هي الدولة الحاضنة للمذهب الشيعي، حيث يتصف بأنه مذهب ديني/ سياسي، لذا فإن التوجه السياسى لإيران نحو الدول الحاضنة للمذهب الشيعي، يتصف بالخصوصية، إلى جانب تكثيف التعاون معها.

(ج) ركائز تتأسس على القدرات الذاتية الإيرانية

بالمجالات كافة خاصة (النفط ـ الصناعة ـ الزراعة ـ القدرات البشرية).

(د) ركائز تتأسس على فاعلية القدرة الدبلوماسية

تحرص إيران دوماً على إيجاد موقع قدم لها في مناطق التوترات، أو المناطق ذات الاهتمام بالنسبة لها، لكي تستخدمها عند الضرورة في التأثير من أجل تحقيق الأهداف الإيرانية.

(2) بتحليل السياسة الخارجية الإيرانية، يبرز الآتـي

لعبت العقيدة التي تنتهجها إيران، والتي تتأسس على فكر تصدير الثورة، دوراً حيوياً في علاقة إيران بجاراتها من دول الشرق الأوسط، حيث سعت إيران دوماً لتحقيق أهدافها السياسية، والخروج من العزلة المفروضة عليها، ببناء دولة إسلامية شيعية تتجه نحو الأقليات الشيعية خارج إيران، مع إهتمامها بالحركات الأصولية السنية.

(3) شهدت السياسة الإيرانية انفتاحاً في عهد الرئيس "محمد خاتمى"، إلا أن وصول الرئيس "أحمدي نجاد" إلى السلطة، وإعلانه عن ضرورة إزالة إسرائيل، وصدامه مع النظام العالمي الجديد بشأن البرنامج النووي الإيراني، أدى إلى ردود فعل شديدة، ومحاولات أمريكية لفرض حصار وعقوبات على إيران، إلى جانب تهديدات مستمرة بشن ضربات عسكرية على منشآت إيران النووية تتصاعد من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

2. القدرة الثقافية والإعلامية

أ. تهدف السياسة الإعلامية الإيرانية إلى طرح القرار السياسي على الرأي العام وتوضيحه وتفسيره، بل وتعليله أحياناً، مع التأكيد على القيم والمفاهيم المتضمنة فيه بهدف ترسيخها وتحويلها إلى قناعة أيديولوجية لدى الإيرانيين، بما يحمل تعليلاً للنظام الاجتماعي والسياسي القائم. وتعمل السياسة الإعلامية على مناهضة التيارات المضادة للمبادئ الإسلامية الشيعية والفلسفات المعادية لولاية الفقيه، وإبراز خطرها على المجتمع الإيراني، والعمل على ترسيخ التقاليد الفارسية أساساً لحماية الأمن القومي الإيراني. وتمتلك إيران حوالي 12 إذاعة مسموعة وتسع قنوات تليفزيونية محلية وفضائية، وحوالي 75 جريدة ومجلة دورية.

ب. تسعى إيران إلى التقدم التكنولوجي من خلال المعرفة والتطبيق، سواء في المجال النووي أو الفضائي أو العسكري.

ج. سجل الباحثون الإيرانيون تقدماً في مجال البحث العلمي على سواهم من الباحثين في دول المنطقة، خلال عام 2012، حيث نجحوا في تدوين 13.500 مقالة علمية، مما أتاح الارتقاء بإيران من الدرجة السابعة عشرة إلى الدرجة السادسة عشرة بين دول العالم في هذا المضمار. وتُعد إيران حالياً من أوائل الدول المتقدمة علمياً في منطقة الشرق الأوسط.

د. بتحليل القدرة الثقافية والإعلامية، يبرز الآتى:

(1) يمتاز الإعلام الإيرانى بالتركيز على القضايا الداخلية تركيزاً رئيساً، وتحتل المسائل الثقافية والسياسية الداخلية الأولوية في الإهتمام.

(2) يتجنب الإعلام الإيراني كل ما يمس الأمن القومي والقوات المسلحة والحرس الثوري ورجال الدين، والتمسك بعدة ثوابت، مثل زعامة إيران للإسلام، وفارسية الخليج، والولايات المتحدة الأمريكية الشيطان الأكبر، ولا سلام مع إسرائيل.