إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / النزاع بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة، حول الجزر الثلاث






موقع الجزر الثلاث



المبحث الرابع

المبحث الرابع

الموقف العربي والخليجي

أولاً: الموقف العربي

كان للتجاوزات والانتهاكات الإيرانية في جزيرة أبو موسى ردود فعل واسعة في الأوساط العربية والأجنبية، وقد تناولت وسائل الإعلام المختلفة ومراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية هذه الأحداث بالبحث والدراسة. وقد أيّدت معظم الدول العربية دولة الإمارات في موقفها العادل في تمسكها بالسيادة على الجزر الثلاث التي احتلتها إيران. وسياساتها الحكيمة لاستعادة هذه الجزر بالطرق السلمية، وذلك كما يلي:

1. موقف مجلس التعاون الخليجي

ندد المجلس الوزاري لوزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، في اجتماعات دورته الرابعة والأربعين التي عقدت في جدة بتاريخ 8/9/1992 واستمرت لمدة يومين، بالإجراءات التي اتخذتها إيران في جزيرة أبو موسى وتطورات الأحداث فيها، لما تُمثله من انتهاك لسيادة ووحدة أراضي إحدى دول مجلس التعاون وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة. (اُنظر ملحق قمة التعاون/ جزر الإمارات)

طالب المجلس الوزاري إيران باحترام مذكرة التفاهم التي توصلت إليها إمارة الشارقة وإيران آنذاك، كما أكد المجلس على أن القسم المحدد في جزيرة أبو موسى لإمارة الشارقة، هو من مسؤولية دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قيام هذه الدولة في الثاني من ديسمبر 1971. كما أعرب المجلس عن أسفه البالغ لاتخاذ إيران تلك الإجراءات غير المبرّرة، التي تعد إخلالاً بالرغبة المعلنة لتطوير وتنمية العلاقات بين الجانبين، وتعارضاً مع المبادئ التي تقوم عليها العلاقات بين دول مجلس التعاون وإيران، واتفاق الجانبين على إقامة علاقات عميقة وصادقة على أساس الالتزام بمبادئ القانون الدولي واحترام استقلال وسيادة ووحدة أراضي الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ونبذ اللجوء إلى القوة أو التهديد باستخدامها وحل المنازعات بالطرق السلمية.

كما أكد المجلس وقوفه الكامل والتام إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة في التمسك بسيادتها الكاملة على جزيرة أبو موسى وجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، وتأييده المطلق لكافة الإجراءات التي تتخذها دولة الإمارات لتأكيد سيادتها على الجزر الثلاث.

في 15 من نوفمبر 1992 عقد بالكويت اجتماع لوزراء الدفاع لدول مجلس التعاون الخليجي، أدان وزراء الدفاع الإجراءات التي اتخذتها إيران في جزيرة أبو موسى بما لا يتفق مع البيانات الإيرانية المعّبرة عن الرغبة في تحسين العلاقات مع دول المجلس، ودعا الوزراء إيران للالتزام بالاتفاقيات المعقودة بينها وبين دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن جزيرة أبو موسى، وأكدوا دعمهم لدولة الإمارات في تأكيد تبعية جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى لدولة الإمارات.

عقدت القمة الخليجية الثالثة عشر في أبو ظبي 27 ـ 29 ديسمبر 1992، حيث أعرب قادة دول مجلس التعاون الخليجي عن أسفهم الشديد للإجراءات الإيرانية في جزيرة أبو موسى، واستمرار احتلالها لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، وطالب إيران بإزالة تلك الإجراءات. وطالبها بإلغاء وإزالة كافة الإجراءات التي اتخذتها في جزيرة أبو موسى، وإنهاء احتلالها لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، وأكد تضامنه التام وتأييده المطلق لموقف دولة الإمارات العربية المتحدة، ودعم كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تراها مناسبة لاستعادة سيادتها على جزرها الثلاث، استناداً إلى الشرعية الدولية وانطلاقاً من مبدأ الأمن الجماعي.

2. موقف دول إعلان دمشق

أعرب وزراء خارجية دول إعلان دمشق، في اجتماعهم السادس الذي عقد يومي 9، 10 سبتمبر 1992، بالعاصمة القطرية الدوحة، عن استنكارهم الشديد للإجراءات غير القانونية التي اتخذتها إيران في الجزيرة منتهكة بذلك وحدة الأراضي الإقليمية لدولة الإمارات، ومبادئ القانون الدولي. وطالب الوزراء إيران باحترام مذكرة التفاهم السابقة، مؤكدين أن جزيرة أبو موسى أصبحت من مسؤولية حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قيام الاتحاد عام 1971، كما أعربوا عن رفضهم القاطع لاستمرار احتلال إيران لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى.

وأكدوا وقوفهم التام إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة في التمسك بسيادتها الكاملة على جزيرة أبو موسى، وتأييدهم المطلق لكافة الإجراءات التي تتخذها لتأكيد سيادتها على جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى.

3. موقف جامعة الدول العربية

أكد مجلس جامعة الدول العربية في ختام اجتماعات دورته الـ 98 التي عقدت في القاهرة في 14 سبتمبر 1992، وقوف الدول العربية إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة احتلال إيران لجزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، واستنكر المجلس الاحتلال غير المشروع لهذه الجزر الذي يعّرض الأمن والاستقرار في المنطقة لأشّد المخاطر. ودعا المجلس الأمم المتحدة إلى مطالبة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، باحترام المواثيق والعهود الدولية الموقعة بين دولة الإمارات وإيران وحقها وسيادتها على الجزر الثلاث، وكلف المجلس في قراره الأمين العام لجامعة الدول العربية بمتابعة هذا الموضوع، وتشكيل لجنة من الأمانة العامة للجامعة لمتابعة تطورات القضية.

اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن رد الفعل العربي إزاء ما أثير حول جزيرة أبو موسى مؤخراً، هو دليل واضح على تضامن الدول العربية مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وأبدى أسفه لاتخاذ إيران هذا الموقف على الرغم من أن الدول العربية تنظر إليها كدولة شقيقة وصديقة. وفي 19 إبريل 1993، أكد مجلس جامعة الدول العربية في ختام اجتماعاته الدورية، وقوفه إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة في التمسك بسيادتها الكاملة على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وأيد المجلس اتخاذ الإجراءات اللازمة لعرض هذا الموضوع على الأمم المتحدة، واعتباره بنداً دائماً على جدول أعمال مجلس الجامعة.

أصّدر مجلس جامعة الدول العربية في ختام دورته المائة في سبتمبر 1993، وبعد دراسة وافّية ومتعمقة لقضية الجزر، قراراً يتضمن ما يلي:

أ. الوقوف إلى جانب دولة الإمارات العربية المتحدة في التمسك بسيادتها الكاملة على جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، واستنكار احتلال إيران غير المشروع لهذه الجزر.

ب. تأييد المجلس المطلق لكافة الإجراءات التي تتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة لتأكيد سيادتها على هذه الجزر، ورفض الانتهاكات الإيرانية التي تعرّض الأمن والاستقرار في المنطقة لأشّد المخاطر.

ج. مطالبة إيران باحترام العهود والمواثيق الموقعة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وحقها وسيادتها على كل من جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى.

4. موقف وزراء الإعلام العرب

أعلن وزراء الإعلام العرب في ختام اجتماعهم الذي عقد بالقاهرة يومي 19، 20 سبتمبر 1992، تأييدهم الكامل لموقف دولة الإمارات العربية المتحدة وحقها الكامل في جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وطالبوا إيران بالعمل على سرعة حل القضية بالطرق الودّية والسلمية، وأكدوا التزام الإعلام العربي بأداء دوره القومي بشأن هذه القضية، والتصّدي للادعاءات والحملات الإعلامية الإيرانية.

أكد المجلس تمسّكه وتأييده لقرار مجلس جامعة الدول العربية بهذا الشأن والصادر عن الدورة الـ 98 للمجلس بتاريخ 14/9/1992، ولبيان اجتماع وزراء خارجية دول إعلان دمشق في اجتماعهم السادس في الدوحة في 10/9/1992، ولقرار وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في دورته الرابعة والأربعين والذي عقد في جدة 9/9/1992.

5. مواقف عربية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

تناولت وفود بعض الدول العربية والأجنبية في كلماتها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الـ 47 خلال الفترة بين شهري أكتوبر وديسمبر 1992، موضوع الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث والتجاوزات الإيرانية لمذكرة التفاهم الخاصة بجزيرة أبو موسى.

وفي الدورة الثامنة والأربعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ألقى راشد عبدالله النعيمي وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، كلمة في 4 أكتوبر 1993، أشار فيها إلى أهمية حل المنازعات بالحوار والطرق السلمية بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي من أجل بناء الثقة وتعزيز السلم والأمن والاستقرار والتعايش وحسن الحوار بين دول المنطقة.

وفي الجلسة المسائية ألقى المندوب الإيراني لدى الأمم المتحدة، كلمة ردّ فيها على كلمة وزير خارجية دولة الإمارات، وركز في خطابه على النقاط التالية:

أ. أن بلاده حاولت خلال السنوات الماضية أن تتوّصل للسلام مع دول المنطقة، وتم الإعلان في عدّة مناسبات بأنه لا بد من التوصل إلى اتفاقيات أمنية.

ب. بخصوص النزاع مع دولة الإمارات، حاولت حكومة إيران عام 1992 إزالة سوء التفاهم بين البلدين وتأكيد أهمية التفاوض بينهما، وفي سبتمبر 1992 أرسلت إيران مندوباً عنها للإمارات، وقد وضع الطرف الآخر شروطاً مسّبقة في المفاوضات غير المقبولة على الإطلاق مما أدى إلى وقف المباحثات الثنائية.

ج. إن السياسة الإستراتيجية لحكومة إيران في المنطقة، تبنى على استعدادها للمفاوضات الثنائية والسلمية لحل كافة المسائل المعلقة، وعلى عدم تصعيد الموقف، انطلاقاً من علاقات حسن الجوار.

وعقّب وزير خارجية دولة الإمارات على كلمة مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، بأن بلاده تؤكد مرة أخرى استعدادها التام لتسوية هذا النزاع بأي من الطرق السلمية التي نص عليها الميثاق، بهدف استعادة سيادتها على الجزر الثلاث التي هي جزء لا يتجزأ من أراضيها. وينطلق هذا الموقف من إيمان دولة الإمارات العربية المتحدة، بأن الاستقرار والأمن في منطقة الخليج يسّتلزم التعاون فيما بين دولها واحترام كل دولة لسيادة الأخرى، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير وضرورة تسوية النزاعات بالطرق السلمية، خاصة في ضوء المستجدات الإقليمية والدولية، "وبناء على ذلك نناشّد جمهورية إيران الإسلامية مرة أخرى، الاستجابة لدعوتنا هذه".

6. موقف الاتحادات المهنّية العربية

أصدر اتحاد المعّلمين العرب بياناً تضامنياً مع دولة الإمارات، في ختام اجتماع رؤساء المنظمات الأعضاء المنعقد في مدينة تونس في الأول من أكتوبر 1992. كما أصدر الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بياناً باسم الأمانة العامة للاتحاد يؤيد فيه موقف دولة الإمارات العادل بشأن قضية الجزر الثلاث.

كما أصدر اتحاد المحامين العرب، في ختام اجتماعهم الطارئ في عّمان يومي 15، 16 أكتوبر 1992، بياناً أكد فيه على عروبة الجزر الثلاث وسيادة دولة الإمارات عليها، ودعا المكتب الدائم للاتحاد إيران إلى احترام تعهداتها، ومراعاة حسن الجوار، وتعزيز الأمن والسلام في منطقة الخليج العربي. وفي اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد التي انعقدت في تونس عام 1994، أصدر المكتب تأكيداً لقرارات دوراته السابقة في استنكار المخططات الإيرانية الرامية إلى إحكام استيلائها على الجزر العربية الثلاث، وأكد المحامون العرب على عروبة هذه الجزر، وجاء في بيانهم ما يلي:

"إن المكتب الدائم يعلن دعمه بغير حدود لجهود دولة الإمارات لاستعادة الجزر الثلاث بالطرق السلمية ومن خلال الاتجاه إلى التحكيم ووساطة الأمم المتحدة، كما يطالب جامعة الدول العربية وملوك ورؤساء العرب باتخاذ ما يلزم لتدعيم مسعى دولة الإمارات في استعادتها للجزر باعتبارها حق عربي خالص".

ثانياً: القمة الخليجية الثامنة عشر

بعد أيام من انتهاء قمة طهران الإسلامية، عقد بدولة الكويت الفترة من 20 ـ 22 ديسمبر 1997 مؤتمر القمة الخليجية الثامنة عشر، وحضره قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وسيطرت تحولات النهج السياسي للقيادة الإيرانية على فاعليات القمة في استجابة واضحة ـ وإن كانت حذرة ـ للإشارات الإيجابية التي حرصت حكومة طهران في إطلاقها، وأهمها دعوة الرئيس محمد خاتمي لحل القضايا المعلقة بين الطرفين، وإعلان استعداده للذهاب لدولة الإمارات لاستئناف المفاوضات بشأن الجزر موضع الخلاف، وقد ترددت بالفعل تصريحات حول اقتراح إيراني من أجل التوصل إلى حل وسط في هذه القضية يتضمن إعادة جزيرة طنب الكبرى إلى إمارة رأس الخيمة وتقاسم الوجود في جزيرة أبو موسى، مما يمثّل مدخلاً إيجابياً لإغلاق هذا الملف وتفعيل التعاون المشترك بين إيران ودول مجلس التعاون.

وبالرغم من صدور بعض التحذيرات ـ كويتية المصدر ـ مما أُطلق عليه بالهرولة باتجاه إيران، إلا أن التطورات الأخيرة في الخطاب السياسي الإيراني ودعاوى المصالحة التي صاحبتها تمثل تعاملاً إيجابياً مع غالبية المطالب الخليجية السابقة، والمتعلقة أساساً بالتخلي عن مبدأ تصدير الثورة، وحل أزمة الجزر  الإماراتية، فيما يظل الشرط الثالث والأخير والمتعلق بفهم العلاقة العضوية بين طهران والشيعة في الخليج العربي قابلاً لتسّوية ما.

وجاء في نصّ البيان الختامي للقمة الخليجية الثامنة عشر ما يلي:

قضية الجزر الثلاث

استعرض المجلس الأعلى تطورات قضية الجزر الثلاث، وكرر أسفه الشديد لاستمرار الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الامتناع عن الاستجابة للدعوات المتكررة الجادة الصادرة عن دولة الإمارات العربية المتحدة، وعن المنظمات والهيئات والتجمعات الإقليمية والدولية الأخرى، الداعيّة إلى حل هذا النزاع حلاً سلمياً.

كما استعرض المجلس الأعلى تصريحات الرئيس محمد خاتمي، التي عبّر فيها عن رغبته باللقاء الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، واستمع إلى ترحيب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بهذا التوجه، ورحّب المجلس الأعلى بأي لقاء يعّقد بين قيادتي البلدين. وأكد سيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جزرها الثلاث، ودعمه المطلق لكل  الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها لاستعادة سيادتها على هذه الجزر، وكرر المجلس مطالبته الحكومة الإيرانية بإنهاء احتلالها للجزر الثلاث، والكفّ عن ممارسة سياسة فرض الأمر الواقع بالقوة، والتوقف عن إقامة منشآت إيرانية في الجزر بهدف تغيير تركيبتها السكانية، وإلغاء كل الإجراءات وإزالة كل المنشآت التي سبق تنفيذها من طرف واحد في الجزر الثلاث، واتباع الوسائل السلمية لحل النزاع القائم عليها وفقاً لمبادئ وقواعد القانون الدولي، بما في ذلك القبول بإحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية.

وقد أعرب المجلس عن أمله بأن تشهد المرحلة القادمة تطوراً إيجابياً وعملياً في العلاقات بين الجانبين من أجل بناء الثقة المتبادلة وتأسيس العلاقات على قواعد ثابتة بما يحقق الأمن والاستقرار في المنطقة.

ثالثاً: تطور العلاقات والزيارات المتبادلة

اعتباراً من عام 1997، شهدت العلاقات الإيرانية ـ الخليجية انفتاحاً وزيارات متبادلة تهدف إلى تطوير مجالات التعاون المختلفة بين طهران ودول مجلس التعاون الخليجي. وقد صرح الأمين العام لجامعة الدول العربية في خطابه أمام الدورة 109 لمجلس جامعة الدول العربية التي عقدت بالقاهرة في 24 مارس 1998، بما يلي:

"إن ما أعلنته إيران تحت قيادته الحكيمة والواعية من توجهات جديدة لإقامة علاقات طيبة مع الوطن العربي، يعّد في نظرنا بادرة تستحق الثناء ويمكن البناء عليها، وفي هذا الإطار فإنني أناشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية الاستجابة لتسوية النزاع حول جزر دولة الإمارات العربية المتحدة الثلاث بالمفاوضات المباشرة وبالوسائل السلمية، وذلك بغية النهوض بالعلاقات العربية الإيرانية ودعم أواصر الثقة والتعاون بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والدول العربية".

أجمع المحللون أن تطبيع العلاقات والتقارب بين طهران ودول مجلس التعاون الخليجي، هو المسار المنطقي والفاعل لحل قضية الجزر الإماراتية في إطار سلمي، حيث لا يمكن لإيران أن تحسن من علاقاتها مع بقية الدول العربية، دون حصولها على امتياز انضمامها لعضوية "النادي الخليجي".

ويمكن إيجاز تطور العلاقات الإيرانية ـ الخليجية على النحو التالي:

1. مع المملكة العربية السعودية

شهدت العلاقات الاقتصادية بين إيران والسعودية تقدماً ملحوظاً، بداية بافتتاح خط للرحلات الجوية المباشرة بين البلدين في 14 سبتمبر 1997، ومشاركة إيران لأول مرة في معرض جدة للسلع الاستهلاكية في أكتوبر من العام نفسه. واتفقت الدولتان على ضرورة مضاعفة قيمة مبادلتهما التجارية من 400 مليون دولار عام 1997 إلى ثلاثة أضعاف تلك القيمة، مع ملاحظة أنها كانت لا تتجاوز 200 مليون  دولار عام 1996. ثم جاءت مشاركة ولي العهد السعودي في اجتماعات قمة طهران الإسلامية في ديسمبر 1997، وبعد زيارة رافسنجاني للرياض في فبراير من العام نفسه، لتعطيا دفعة أكبر لعلاقات البلدين.

وافق مجلس الوزراء السعودي في اجتماعه في مايو 1998، على توقيع اتفاقية للتعاون مع إيران في المجالات الاقتصادية والعلمية والفنية والثقافية والرياضية، وأُعلن في حينه أن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي سيقوم بتوقيع مذكرة التعاون بين البلدين خلال زيارته القادمة إلى طهران خلال أيام محدودة من اجتماع مجلس الوزراء السعودي.

من الأحداث الملحوظة التي أسهمت في تحسين علاقات البلدين الزيارة الناجحة التي قام بها الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وفي صحبته الأمير خالد بن سلطان ونخبة من كبار المسؤولين السعوديين إلى إيران في 1999، والتقى فيها الرئيس الإيراني وكبار المسؤولين الإيرانيين.

2. مع دولة الكويت

تطورت العلاقات الكويتية ـ الإيرانية تطوراً ملموساً خلال الفترة الأخيرة أكدتها زيارات متبادلة قام بها مسؤولون من كلا البلدين، فقد استقبل أمير الكويت رئيس مجلس الشورى الإيراني علي أكبر نوري خلال زيارته للكويت، كما قام وزير الداخلية الكويتي بزيارة إيران وأجرى هناك محادثات مع المسؤولين. وتم توقيع اتفاقية تعاون أمني بين البلدين بهدف تعزيز ودعم العلاقات الثنائية، كما تم افتتاح خط ملاحي بين الكويت وإيران لأول مرة بعد حرب الخليج الثانية.

3. مع سلطنة عُمان

على صعيد العلاقات الإيرانية ـ العمانية أكد السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان ضرورة توسيع آفاق التعاون ليس فقط بين مسقط وطهران، بل بين إيران وجميع الدول الخليجية السّت.

زار عُمان العديد من المسؤولين الإيرانيين، حيث استقبل السلطان قابوس رئيس مجلس الشورى الإيراني علي أكبر نوري، والذي يعّد أكبر شخصية إيرانية تزور مسقط منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979.

4. مع دولة قطر

اتفقت الدولتان على إقامة مركزين تجاريين لتسويق منتجات الدوحة، تم بالفعل وضع أساسهما. كما تم إنشاء خط طيران مدني جديد بين البلدين، يرفع عدد رحلاتهما الجوية إلى خمسّ رحلات أسبوعياً، إضافة إلى ثلاث رحلات بحرية.

5. مع دولة البحرين

في أعقاب رفع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين من مستوى قائم بالأعمال إلى مستوى السفراء في 13 نوفمبر 1997، قامت السيدة معصّومة ابتكار، نائبة خاتمي للبيئة وشؤون المحيط، بزيارة  البحرين لحضور اجتماعات اللجنة التنفيذية للمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية، المناط بها تحقيق التنسيق البيئي بين دول الخليج العربي.

رابعاًً: القمة الخليجية التاسعة عشر

بحضور شخصيات دولية ووسط اهتمام خليجي مكثف، عقد قادة دول الخليج العربي قمتهم التاسعة عشر في أبو ظبي المدة من 7 ـ 9 ديسمبر 1998، شارك في الدورة التاسعة عشر للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربي كل من قادة الإمارات والكويت وعُمان والبحرين وقطر وولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز.

استعرض المجلس الأعلى مستجدات قضية الجزر الثلاث، وجدّد تأكيده على أحقية سيادة دولة الإمارات على جزرها المحتلة، ودعمه لكل الإجراءات والوسائل السلمية لحل النزاع وفقاً لمبادئ وقواعد القانون الدولي. وأعلن الرئيس نيلسون مانديلا الذي شارك في الاجتماع تضامنه مع حق الإمارات في السيادة على الجزر الثلاث موضوع النزاع، مما أدى إلى إضفاء مزيد من الشرعية على هذا الحق في مواجهة الرؤية الإيرانية لهذه القضية، كما تم دعوة إيران إلى ترجمة ما تعلنه من حسن نوايا تجاه دولة الإمارات ودول مجلس التعاون إلى فعل حقيقي، من أجل تحقيق أمن واستقرار منطقة الخليج العربي.

وفي هذا الإطار عرض كوفي عنان سكرتير عام الأمم المتحدة، الوساطة بين دولة الإمارات والجمهورية الإسلامية الإيرانية، لحل النزاع على الجزر الثلاث.