إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / العدوان الثلاثي، حرب عام 1956





مسرح الشرق الأوسط
مسرح عمليات حرب العدوان
معركة أم قطف
معركة ممر متلا
معركة رفح
خطة موسكتير المعدلة
خطة موسكتير المعدلة النهائية
خطة الآلاي الثاني

مراحل الهجوم الإسرائيلي
الهجوم على شرم الشيخ
توزيع القوات المصرية



المبحث الثالث

المبحث الخامس

سير القتال على جبهتي سيناء والقناة

بدأ العدوان الإسرائيلي على الأراضي المصرية في سيناء في الساعة الخامسة من بعد ظهر يوم 29 أكتوبر (أُنظر شكل مسرح عمليات حرب العدوان)، وهو نفس موعد المفاوضات المتفق عليها في جنيف. وقد بدأ هجوم إسرائيل بإسقاط كتيبة مظلات فوق الجهة الشرقية لممر "متلا" لتخلق الذريعة للتدخل الأنجلو ـ فرنسي على نحو ما اتفق عليه في بروتوكول سيفر.

كان التحرك العسكري الإسرائيلي مفاجئاً للقيادة المصرية التي لم تجد سبباً واضحاً يبرره في هذا التوقيت بالذات فقد كان الموقف على خطوط الهدنة المصرية ـ الإسرائيلية هادئاً طوال الأسابيع الأخيرة، فمنذ بدأت أزمة القناة ولاح خطر التدخل العسكري الأنجلو ـ فرنسي في منطقتها، تقرر سحب قوة الجيش الرئيسية من سيناء وترك 6 كتائب فيها فقط حتى لا تنعزل قوات سيناء عن الدلتا إذا ما قامت القوات الأنجلو ـ فرنسية بهجوم يستهدف قناة السويس. وجرى توزيع الكتائب الست التي بقيت في سيناء قرب خط الحدود الشرقية حيث تمركزت كتيبتان في منطقة "أم قطف" وكتيبتان في منطقة "الشيخ زويد" مع بقاء كتيبتين في الخلف في منطقة "العريش" فضلاً عن قوات الحرس الوطني وحرس حدود فلسطين الموجود بقطاع "غزة". وكانت المواقع المصرية شبه خالية إلى درجة دفعت الجنرال "بيرنز" كبير مراقبي الهدنة إلى أن يكتب تقريراً لـ "داج همرشلد" السكرتير العام للأمم المتحدة يقول فيه: "إن تقلص حجم القوات على الخطوط المصرية يمثل إغراء شديد لإسرائيل". إلا أن عبدالناصر استبعد أن تنزلق إسرائيل إلى هذا الإغراء في تلك المرحلة.

وكان تقدير عبدالناصر وقت أن اشتد خطر التدخل الأنجلو ـ فرنسي أن إسرائيل سوف تتردد عن التورط فيه حفاظاً على صورتها أمام الرأي العام العالمي، واستبعد أن تقوم بدور التابع لاثنتين من الدول الاستعمارية الكبرى كما كان تقديره بعد تراجع خطر التدخل الأنجلو ـ فرنسي عقب انتهاء مناقشات مجلس الأمن "أن إسرائيل لن تسارع بالعمل المسلح وإلا فإنها سوف تظهر نفسها في صورة من يعيد تعقيد الموقف في الشرق الأوسط بعد أن بدت احتمالات انفراجه خاصة وأن ذلك سوف يعرضها للوم الشديد، ويضعها في موقف سياسي صعب قد تُفضل تجنبه".

توجه عبدالناصر إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة وهو مازال يتساءل عن أهداف الهجوم الإسرائيلي مستبعداً احتمال تواطؤ إسرائيل في عمل مشترك مع بريطانيا وفرنسا، ومن الغريب أنه لم يشك في هذا التواطؤ حتى بعد أن قرأ نص البيان الإسرائيلي عن نزول المظلات الإسرائيلية في منطقة "صدر الحيطان" التي تبعد نحو 65 كم شرق قناة السويس. لم يخطر له التواطؤ ليس لأنه أحسن الظن بـ إيدن وموليه ولكن لأنه كان يعرف أن شبهة التواطؤ مع إسرائيل كانت كفيلة وحدها بإسقاط كل نظم الحكم الموالية لبريطانيا في المنطقة. كما تؤدي إلى زيادة النقمة على فرنسا في شمال أفريقيا. لقد تصور أنه إذا أرادت بريطانيا وفرنسا غزو مصر فإنه من الخير لهما مهما كانت المصاعب والمشاق أن تجيئا إلى مسرح العمليات جهاراً نهاراً في استعراض للقوة واضح وقاطع.

ونفس المقدار أنه إذا أرادت إسرائيل أن تهاجم فما عليها إلا أن تستغل أكداس السلاح الذي حصلت عليه وتخترق الحدود المصرية وحدها في عمل محدود ومحصور. أما أن يتواطأ الثلاثة معاً في خطة سرية على النحو الذي ظهر فيما بعد فهذا ما استبعده من أول لحظة وظل يستبعده لساعات طويلة.

ولهذا كانت قراراته عندما وصل إلى القيادة العامة للقوات المسلحة أن تُدفع القوات المصرية لمواجهة هجوم إسرائيل[1].

أولاً: خطة الهجوم الإسرائيلي " قادش" (أُنظر خريطة مراحل الهجوم الإسرائيلي)

كانت الخطة الإسرائيلية تتلخص في إسقاط كتيبة مظلات من اللواء 202 مظلات فوق "صدر الحيطان" ثم يزحف باقي اللواء على محور "الكونتيلا ـ نخل ـ صدر الحيطان" لينضم إلى الكتيبة التي أسقطت شرق ممر "متلا".

وبعد تنفيذ الضربة الجوية الأنجلو ـ فرنسية تتقدم المجموعة 38 عمليات بقيادة البريجادير "يهودا والاش"، المكونة من اللواء السابع المدرع واللواء الرابع المشاة، واللواء السابع والثلاثين الميكانيكي للاستيلاء على "أم قطف" بينما تتقدم المجموعة 77 عمليات بقيادة البريجادير "حاييم بارليف ـ Haim Bar Lev" والمكونة من اللواء السابع والعشرين المدرع واللواء الأول المشاة، واللواء الحادي عشر المشاة لاحتلال "رفح" و"العريش" ثم تواصل  المجموعتان الزحف حتى يصلا إلى 16 كم شرق القناة حيث يتوقفا هناك وفي الجنوب تتقدم مجموعة اللواء التاسع الميكانيكي بقيادة البريجادير "إبراهام بوفيه ـ Avraham Yoffe من "إيلات" إلى "شرم الشيخ".

ثانياً: الإنذار الأنجلو ـ فرنسي (أُنظر ملحق أهم البيانات والرسائل والإنذارات الصادرة عن الحكومات أثناء حرب السويس الفترة من 28 أكتوبر إلى 7 نوفمبر1956)

حتى صباح يوم 30 أكتوبر كان عبدالناصر لا يزال يستبعد احتمال التواطؤ. ولم تمض غير ساعات قليلة حتى دعيا السفيران المصريان في لندن وباريس إلى وزارتي الخارجية في العاصمتين لكي يتسلم كل منهما إنذاراً بريطانياً ـ فرنسياً يطالب كلاً من مصر وإسرائيل بالانسحاب بعيداً عن قناة السويس لمسافة عشرة أميال حتى لا يتعرض هذا المرفق الدولي المهم للخطر من جراء القتال الدائر بالقرب منه، وبناء على ذلك فإنهما يطلبان من حكومة مصر أن:

1. توقف فوراً كل الأعمال الحربية في البر والبحر والجو.

2. تسحب كل القوات المصرية إلى مسافة عشرة أميال غرب القناة.

3. تحتل القوات البريطانية والفرنسية مواقع رئيسة في بورسعيد والإسماعيلية والسويس، حتى يمكن ضمان حرية مرور سفن جميع الدول في القناة، وحتى يمكن فصل القوات المتحاربة.

كما طلبت حكومتي بريطانيا وفرنسا رداً على هذه المكاتبة خلال اثنتي عشرة ساعة. وإذا انتهى هذا الوقت قبل أن تتعهد إحدى الحكومتين أو كلتاهما بتنفيذ هذا الإنذار، فإن قوات بريطانيا وفرنسا ستتدخل بأية قوات تراها ضرورية لضمان التنفيذ.

استدعى عبدالناصر "تريفليان" سفير بريطانيا وقال له: "أهذا هو إنذاركم"؟ فأجابه "تريفليان" "لم يقل أحد إنه إنذار بل هو مجرد رسالة ترمي إلى التدخل لوقف القتال وحماية القناة". ورد عبدالناصر" إن بإمكاننا أن ندافع عن القناة، ولسوف ندافع عنها غداً ضد إسرائيل، وضد آخرين".

ثالثاً: مصر ترفض الإنذار

رفضت مصر الإنذار الأنجلو ـ فرنسي بعد مناقشات في مجلس الوزراء، تبين خلالها أن عبدالناصر لم يأخذه مأخذ الجد، إذ كان يرجح أن الغرض منه أن تحتفظ مصر بالجزء الأكبر من قواتها المسلحة دون دفعها إلى أرض المعركة في سيناء فتتيح لإسرائيل بذلك أن تحقق النصر نتيجة ضعف وقلة القوات التي تواجهها.

ثم أصدرت القيادة العامة المصرية بلاغاً رسمياً من الإذاعة المصرية، بعد منتصف الليل عن سيطرة القوات المصرية على الموقف الذي نشأ عن عدوان إسرائيل، وأكدت عدم تعرض قناة السويس لأي تهديد عسكري، وأن قوافل السفن تعبر القناة بأمن كامل وسلامة تامة، وأن القوات المسلحة قادرة على حماية قناة السويس تحت كل الظروف.

رابعاً: مجمل سير القتال في جبهتي سيناء والقناة (أُنظر ملحق تسلسل الأحداث على المحور الجنوبي "الكونتلا ـ متلا" ومعركة ممر متلا) و (ملحق تسلسل الأحداث على المحور الأوسط) و (ملحق تسلسل الأحداث على المحور الشمالي وقطاع غزة) و (ملحق الطريق إلى شرم الشيخ)

لقد دارت الحرب طبقاً لتطوراتها السياسية والعسكرية في أربع مراحل متتالية، واستغرق القتال مائتي ساعة، وتراوحت شدته بين التوتر النسبي، والمعارك المحتدمة، وأعمال الاقتحام الرأسي وعمليات الغزو البحري. وبدأت الحرب (أُنظر خريطة توزيع القوات المصرية) في الساعة الخامسة عصر يوم الاثنين 29 أكتوبر، عندما أسقطت الأركان العامة الإسرائيلية الكتيبة 890 مظلات بقيادة المقدم "روفائيل إيتان" فوق المدخل الشرقي لممر "متلا" على مسافة 60 كم شرق قناة السويس لتخلق المبرر للقوات الأنجلو ـ فرنسية للتدخل في الحرب الدائرة، تحت زعم الحرص على حماية هذا المرفق الدولي المهم من أخطار الحرب المشتعلة على مشارفها. وانتهى القتال في الساعة الثانية بعد منتصف ليلة 6/7 نوفمبر 1956، بصدور قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النيران، ورضوخ كافة الأطراف المتحاربة له.

إن أبسط الحروب يصعب متابعة وقائعها وتحديد أمكنتها وأزمنتها بدقة، وكذلك كان حال حرب العدوان الثلاثي، التي تميزت باستقلال كل اتجاه تعبوي تقريباً عن الآخرين بدرجة غير عادية. فمحاور الهجوم الإسرائيلي الأربعة في سيناء لم يكن يربط بينها إلا أقل درجات التعاون المشترك، سواء على المستوى التكتيكي أو التعبوي، أما الارتباط  بينها وبين محور الغزو البحري الأنجلو ـ فرنسي فلم يكن يحكمه سوى دواعي إخفاء التواطؤ بقدر ما تسمح به الظروف، ولهذا كان تأخير الضربة الجوية الشاملة الأنجلو ـ فرنسية لحين أن تخلق إسرائيل ذريعة التدخل، ثم يصدر الإنذار الأنجلو ـ فرنسى للطرفين بالابتعاد عن قناة السويس، وعندما ينتهي الأجل الذي حدده ذلك الإنذار، والذي حرص محور العدوان على صياغته بقدر كبير من الإجحاف بها، والتهديد السافر الذي لن تقبله مصر قطعاً، تبدأ طائرات "الكانبرا" البريطانية والطائرات " F- 84" الفرنسية العمل.

وهكذا فرض التواطؤ الأنجلو ـ فرنسي قيوداً على توقيتات الحرب ومراحل القتال، جعلتها تختلف عن التوقيتات والمراحل العادية. كما أنها على خلاف باقي الحروب التي تبدأ بأعنف درجات القتال شدة، إذ اقتصرت مرحلتها الافتتاحية على بعض المناوشات التي لم يتجاوز هدفها مجرد خلق الذريعة للتدخل الأنجلو ـ فرنسي طبقاً لحبكة مخطط العدوان، كما اتفق عليه ليلاً أطرافه الثلاثة في معاهدة "سيفر"، التي وقعت مساء 24 أكتوبر 1956 بضاحية باريس.

فالجيش الإسرائيلي يصر على القتال تحت سماء يملك السيطرة الجوية عليها بلا منازع، بينما سلاحه الجوي لم يصل بعد إلى القدرة على تحقيق ذلك بمفرده، ولن تستطيع الطائرات الأنجلو ـ فرنسية أن تقوم بتلك المهمة نيابة عنه، إلا بعد توفير المبرر لهذا التدخل العدواني، الذي يجب أن يسبقه إصدار إنذار للطرفين المتحاربين بالكف عن القتال على مشارف القناة حتى لا يتعرض استمرار الملاحة فيها للخطر، وذلك للظهور بمظهر الحريص على سلامتها، الأمين على مصالح الأسرة الدولية في أن تظل مفتوحة أمام  جميع السفن بلا تمييز.

وبناء على ما سبق، فقد اتفقوا على إسقاط كتيبة المظلات فوق ممر "متلا" على مشارف القناة، لتكون الذريعة للتدخل الأنجلو ـ فرنسي في الحرب بقواتهما العسكرية على أن يعقب ذلك صدور الإنذار الأنجلو ـ فرنسي للطرفين المتحاربين على مشارف القناة، وبعد 24 ساعة من إسقاط تلك الكتيبة، كما حددت تلك الخطة وقت شن الضربة الجوية الشاملة الأنجلو ـ فرنسية بعد 12 ساعة من صدور الإنذار، (إلا أنها تأجلت 12 ساعة أخرى لتتم ليلاً)، لتكون هي نفسها بمثابة الإشارة الخضراء للقيادة الجنوبية الإسرائيلية للتحول بالقتال من مستوى المناوشات إلى مستوى المعارك المحتدمة، التي بدأت صباح 1 نوفمبر بالهجوم الرئيسي على الدفاعات المصرية في "أم قطف" و"رفح" على حدود سيناء الشرقية، بينما تواصل الطائرات الأنجلو ـ فرنسية قصف عمق مصر، مع التركيز على شاطئ الغزو الذي اعتزمت اجتياحه، وذلك لتليين ما به من دفاعات وموانع هندسية قبل الهجوم عليها.

ودارت خلال تلك الساعات المائتين خمس معارك برية في شبه جزيرة سيناء، وعملية غزو بحري في منطقة بورسعيد، كما تخللتها أيضاً الضربة الجوية الأنجلو ـ فرنسية الشاملة ليلة 31 أكتوبر، والتي حطمت طائرات ومطارات وعناصر الدفاع الجوي المصري قبل أن ينبلج فجر يوم 1 نوفمبر، فحققت للقوات البرية الإسرائيلية مطلبها للقتال، وهو أن تتمتع بمزايا التفوق الجوي، بل والسيادة الجوية المطلقة[2].

ثم انتهى العدوان الثلاثي على مصر بانسحاب القوات الأنجلو ـ فرنسية من شاطئ الغزو يوم 22 ديسمبر، الذي أعقبه انسحاب القوات الإسرائيلية من سيناء وقطاع "غزة" يوم 6 مارس 1957، وقد حفلت الفترة بين وقف إطلاق النيران في مسرح العمليات وبين جلاء أخر جندي من الأعداء عنه بنشاط العمل الفدائي المصري والفلسطيني لمدة 120 يوماً ضد قوى العدوان، مع التركيز بصفة خاصة على شاطئ الغزو البحري ببورسعيد، الذي تكبد فيه الأعداء خسائر كبيرة، دفعتهم إلى الإسراع بالرحيل قبل موعده المحدد.

وانفردت تلك الحرب أيضاً عن سائر الجولات التي سبقتها أو أعقبتها بأنها كانت الوحيدة التي اشتركت فيها قوات مسلحة من خارج منطقة الشرق الأوسط بصورة سافرة، مما أدى إلى تعدد اتجاهات العدوان التي اشتملت أيضاً على كل أوجه المعركة الحديثة للأسلحة المشتركة من تقدم إلى أرض المعارك، وهجوم، ودفاع، وانسحاب منها، فضلاً عن الغزو البحري، والاقتحام الجوي الرأسي، والقتال الجوي والبحري المنفرد، والعمل الفدائي النشط.

إلا أن ضعف التنسيق بين قيادات العدوان الثلاثي، واختلاف المرامي التي تسعى حكوماتها إلى تحقيقها، إلى جانب اختلاف المذاهب العسكرية والتنظيم والتكتيك، بل ولغة الحوار بين أطراف العدوان أدت جميعها إلى إثارة بعض الظنون، ووقوع عدة ارتباكات خلال سير القتال صبغته بالبطيء والتخبط، كما حدثت عدة مشاحنات وتعارض في الآراء بين قادة قوات العدوان حتى أوشكت إحداها أن تحل رباط التعاون بينهم، بينما كانت المواقف السياسية تتطور بسرعة على الساحة المحلية والدولية في مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة بما جعل ديناميكية المساعي السياسية والدبلوماسية وقراراتها تسبق ديناميكية القتال في المسرح، فتكشف عن خبيئة التواطؤ للعالم أجمع رغم ما بذلته الأطراف الثلاثة من جهد كبير لإخفائه، فترتب على انكشافه دمغ هذا العدوان بسوء السلوك، واجتماع الكلمة على ازدرائه وتجريمه، مع الإصرار على وقفه وإزالة كل أثاره.

وعلى كثرة ما وقع من تلك المشاحنات طيلة أيام القتال، فإن العلاقات السياسية والعسكرية بين فرنسا وإسرائيل ظلت متينة، كما استمر تدفق المعونات الفرنسية إليها، فإلى جانب الطائرات "Mysteres" الستين التي أهدتها فرنسا لإسرائيل في شهر أغسطس قبيل العدوان، فقد وعدتها أيضاً بثلاث أسراب من المقاتلات بطياريها الفرنسيين لتقوم تلك الطائرات الخمس والأربعين بدعم أعمال قتال القوات البرية الإسرائيلية في سيناء وتأمين سماء إسرائيل، بينما يؤمن الأسطول الفرنسي سواحلها ويشترك الطراد "جورج ليجوس" في تليين الدفاعات المصرية قرب الساحل في "رفح" و"العريش" بنيران مدافعه الضخمة.

نفذت فرنسا الوعد لإسرائيل بإمداد المظليين بممر "متلا" بالمدافع المضادة للدبابات والذخائر والمياه والأغذية، وكذلك لأي وحدات مقاتلة إسرائيلية أخرى تحتاج إلى المساعدة.

خامساً: مراحل سير العمليات

سير العمليات مر بأربع مراحل هي:

1. المرحلة الأولى 29 ـ 31 أكتوبر (مرحلة العدوان الإسرائيلي)

مرحلة العدوان الإسرائيلي. وقد استغرقت هذه المرحلة 50 ساعة فيما بين الخامسة عصر يوم 29 أكتوبر، والسابعة مساء يوم 31 أكتوبر، عندما صدر الإنذار الأنجلو ـ فرنسي لمصر بوقف النيران تحت زعم الرغبة الحميدة في حماية قناة السويس، وانحصر القتال خلال تلك المرحلة داخل سيناء بين القوات الإسرائيلية التي يدعمها مجهود جوي وبحري فرنسي متفوق، وبين القوات المصرية.

وقد بدأ بإسقاط قوة من المظلات في منطقة تخلو من أي بشر، وعلى مسافة نحو 60 كم من قناة السويس، ثم زجت إسرائيل باسم القناة عمداً في بيان أذاعه المتحدث الرسمي للجيش الإسرائيلي في الساعة التاسعة ليلاً، للإيهام بوجود حالة صراع مسلح على مشارف قناة السويس تهدد سلامة وانتظام سير القوافل البحرية فيها.

وانتهت تلك المرحلة بنجاح القوات المصرية في حصر العدوان الإسرائيلي ودفع الاحتياطات التعبوية إلى سيناء، وتأهبها لتوجيه ضربة لاستعادة الأوضاع في سيناء.

2. المرحلة الثانية 31 أكتوبر  ـ 4 نوفمبر (اكتشاف التواطؤ وسحب القوات المصرية)

اكتشاف التواطؤ، والعمل على سرعة سحب القوات المصرية من سيناء. واستغرقت هذه المرحلة 84 ساعة فيما بين الساعة السابعة مساء يوم 31 أكتوبر، والساعة السادسة من فجر يوم الأحد 4 نوفمبر، عندما بدأ التمهيد الجوي الأنجلو ـ فرنسي لعملية الغزو البحري.

فقد كانت الساعة السابعة من مساء 31 أكتوبر هي اللحظة الحاسمة في سجل حرب العدوان الثلاثي، عندما انقضت الطائرات الأنجلو ـ فرنسية بغتة على مطارات مصر لتدمير ما بها من طائرات، فانكشفت للتو حقيقة المؤامرة الثلاثية التي حيكت أطرافها ليلاً بضاحية "سيفر"، وما بيته محور العدوان لندن ـ باريس ـ تل أبيب من نوايا حقودة ضد مصر وجيشها وزعامتها لتحطيم ذلك الجيش، وإسقاط تلك الزعامة التي أعلن إيدن أن عليها أن تختفي.

وصدر قرار توحيد الجبهة المصرية غرب قناة السويس في الساعة العاشرة من مساء نفس اليوم لإنقاذ القوات الموجودة في سيناء من الشرك المدبر لها هناك، بعد أن استدرجها جيش إسرائيل داخل أعماق سيناء، لتنزل قوات الغزو الأنجلو ـ فرنسي في ظهرها. وتقفل عليها المؤخرة على امتداد القناة حتى تفقد الزعامة المصرية جيشها فلا يصبح أمامها بعد ذلك إلا الرضوخ لرغبات المعتدين وشروطهم المجحفة.

ولتجنب ذلك صدر قرار سحب قوات مصر من سيناء وتوحيد جبهة القتال غرب القناة، لتحقيق الاتزان الإستراتيجي في مسرح العمليات والاستعداد لمواجهة الغزو الأنجلو ـ فرنسي المتوقع، بتركيز حشد الجيش وقوى النضال الشعبي داخل مثلث الدفاع الحيوي "بورسعيد ـ السويس ـ القاهرة".

وبمجرد صدور هذا القرار، تحولت الصورة العامة للحرب من مجرد قتال داخل منطقة محدودة إلى صراع مسلح على صعيد مصر كله، ففقدت خطة العدوان أهم ركائزها وهي القضاء على غالبية القوات المسلحة المصرية بعد استدراجها بواسطة جيش إسرائيل داخل الشرك، الذي أعده لها في أعماق سيناء الشرقية.

واستهلت مصر أعمالها العسكرية في تلك الفترة بسحب قواتها من سيناء مع ترك عناصر خفيفة الحركة لستر عملية الانسحاب السريعة، وقد صاحب ذلك عملية إخلاء بعض طائرات القوات المصرية من قواعدها الجوية المعرضة إلى قواعد أخرى أقل تعرضاً في صعيد مصر، ثم إلى قواعد دول صديقة.

وقد تعرضت مصر خلال تلك المرحلة للقصف الجوي المركز من جانب القوات الجوية البريطانية والفرنسية، شمل معظم أرجاء مصر في مرحلته الأولى، قبل التركيز على شاطئ الغزو البحري ببورسعيد قبيل عملية الإبرار وأثناءها.

ولم يكن ساحل بورسعيد يوفر في نظر الجنرال "هيوستوكويل" قائد قوات الغزو البرية المكان الأمثل لتنفيذ عملية "الفارس النهائية المعدلة"، فالقوات التي تنزل إلى الساحل لن يكون من السهل انطلاقها من جيب بورسعيد الضيق نحو الجنوب، نظراً لانحصار الطريق الوحيد بين قناة السويس وبحيرة "المنزلة" بما لا يترك سوى عشرات الأمتار فقط للتحركات العسكرية الضخمة التي يمكن عرقلتها، بل وإيقافها تماماً ببعض الكمائن والحفر وحقول الألغام.

3. المرحلة الثالثة 4 ـ 7 نوفمبر (تركيز الدفاع غرب قناة السويس)

اتُخذ قرار تركيز جهد الدفاع في اتجاه جبهة قناة السويس، استعداداً لمواجهة الغزو الأنجلو ـ فرنسي الوشيك. وقد استغرقت هذه المرحلة 68 ساعة فيما بين الساعة السادسة من فجر يوم الأحد 4 نوفمبر والساعة الثانية من فجر يوم الأربعاء 7 نوفمبر، وبدأت بالتمهيد الجوي لعملية الغزو البحري الأنجلو ـ فرنسي لشاطئ بورسعيد، ثم تنفيذ الاقتحام الجوي والبحري لإنشاء رأس شاطئ فيما بين منطقة "الجميل" غرباً و"بورفؤاد" شرقاً، توطئة للانطلاق منه في محاولة يائسة نحو الإسماعيلية، والسويس ثم القاهرة على نحو ما فعل الجنرال "ولسلي" في عدوان سبتمبر 1888، الذي انتهى باحتلال مصر وكبت الثورة العرابية.

وانتهت تلك المرحلة بتأمين رأس الشاطئ في بورسعيد، وما أعقبها من صدور قرار وقف إطلاق النار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثم رضوخ حكومات دول العدوان لهذا القرار بعد تسويف ومماطلة هزيلة، ومن ثم توقف القتال في مسرح العمليات.

4. المرحلة الرابعة 7 نوفمبر 1956 ـ 6 مارس 1957 (الضغط السياسي والعسكري وانسحاب العدوان)

مورست الضغوط السياسية والعسكرية على حكومات محور التواطؤ. وقد استغرقت هذه المرحلة 120 يوماً فيما بين 7 نوفمبر 1956 و6 مارس 1956، عندما أتمت القوات الإسرائيلية الانسحاب من شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة، بعد أن كانت القوات الأنجلو ـ فرنسية قد سبقتها بالانسحاب من رأس الشاطئ ببورسعيد يوم 22 ديسمبر 1956.

خلال تلك المرحلة حسمت القضية لصالح مصر فيما عدا قبولها وضع قوة طوارئ دولية في مدخل خليج العقبة عند شرم الشيخ، لتقوم بتأمين حرية الملاحة في الخليج لجميع السفن بما فيها الإسرائيلية أو تلك التي تحمل بضائع لإسرائيل.

سادساً: ملخص سير الأحداث

كان التوتر الشديد الذي أثاره تأميم شركة قناة السويس قد بدأ يهدأ شيئاً ما، عندما توالت البلاغات على القيادة الشرقية المصرية في الساعة السابعة من مساء الاثنين 29 أكتوبر، والتي جاء أولها من نقطة الحدود قرب "الكونتلا" عن تحرك نحو 50 لوري مُعَادِ في "وادي جرافي" المواجه "للكونتلا"، مع سماع أصوات طائرات كثيرة تعبر سماء المنطقة متجهة غرباً.

ثم أعقبه مباشرة بلاغ آخر من منطقة "نخل" عن تعرض عربتي تموين وهما آتيتان من ممر "متلا" لنيران مدافع الماكينة عند المدخل الشرقي للممر.

أما ثالث البلاغات فجاء من عمال تمهيد الطرق قرب ممر"متلا" عن إسقاط قوة من المظليين فوق منطقة "صدر الحيطان"، كانوا قد شاهدوها رأى العين.  

وكان هؤلاء المظليون يشكلون في حقيقة الأمر الكتيبة 890 مظلات من اللواء 202 المظلي قيادة العقيد "أرييل شارون ـ Ariel Sharon" ، التي قفزت بمظلاتها من 16 طائرة "داكوتا" كانت قد أقلعت من مطار"عُقير" في الساعة الرابعة والنصف عصراً، لتسقطهم في تمام الخامسة على مشارف قناة السويس، حتى توفر الذريعة للتدخل الأنجلو ـ فرنسي تحت زعم الرغبة الحميدة في وقاية القناة من أخطار القتال الدائر قربها، والذي يهدد بتوقف الملاحة فيها.

والواقع أن منطقة "صدر الحيطان" لم تكن تصلح لإقناع أحد بما ساقه الإعلان الإسرائيلي من مزاعم، فهي تبعد عن القناة بأكثر من 60 كم بما لا يجعل للقتال الدائر فيها كل هذا الخطر على الملاحة فيها، وقد وقع الاختيار الأول لرئاسة الأركان العامة الإسرائيلية على المدخل الغربي لممر "متلا" الذي لا يبعد عن القناة سوى 30 كم فقط، إلا أن طائرة الاستطلاع التي حامت فوقه بالأمس شاهدت عدة خيام منصوبة حوله فعمدت رئاسة الأركان الإسرائيلية إلى تغيير منطقة الإسقاط إلى المدخل الشرقي للممر، إذ كان الإصرار على أن يتم في منطقة خالية من البشر. وعندما دفع أحد ضباط الأركان بأن بُعد المنطقة الجديدة يفقد الذريعة حجيتها، نصحه "موشي ديان" رئيس الأركان بأَلا يشغل باله بتلك التوافه، فوقت المعارك تتوه الحقائق.  

وبينما كانت الطائرات "الدكوتا" تسقط المظليين فوق "صدر الحيطان"، كانت عشر طائرات طراز "ميتيور" تقوم بحراستها، واثنتا عشرة طائرة فرنسية من طراز"المستير" تراقب منطقة القناة وهي على استعداد لمطاردة أي طائرة مصرية تحاول التدخل فيما يحدث "بصدر الحيطان".

وقد وقع الاختيار على ممر "متلا" لخلق ذريعة التدخل الأنجلو ـ فرنسي في الحرب للأسباب التالية:

1. خلو المنطقة من القوات المصرية بما يؤمن قوة المظليين من خطر الإبادة فتنهار ذريعة العدوان.

2. قرب المنطقة من قناة السويس، وهو الشرط الأساسي لخلق حالة صراع مسلح على مشارفها، يبرر التدخل الأنجلو ـ فرنسي لحمايتها مما تتعرض له من أخطار.

3. طبيعة أرض الممر التي تتميز بالوعورة الشديدة والضيق بما يتيح لقوة صغيرة نسبياً ذات تسليح خفيف، فرصة التمسك بالأرض لمدة طويلة نسبياً لحين وصول القوات البرية اللاحقة، وهو مالا توفره الاتجاهات التعبوية الأخرى في سيناء بنفس تلك المزايا.

4. عدم صلاحية أرض الممر لاستخدام المدرعات، مما يؤمن قوة المظليين ذات الأسلحة الخفيفة من مخاطر التعرض للدبابات المصرية التي لا تملك دفاعاً وهجوماً حيالها.

5. بُعد أقرب قوة مصرية عن منطقة الإبرار بما يجعل احتمال تدخلها السريع في القتال أمراً بعيد الاحتمال، خاصة وأن مثل تلك القوات سوف يتعين عليها أن تعبر القناة أولا مما سوف يعرقل وصولها إلى منطقة الإبرار لمدة كافية ليستكمل المظليون فيها تجهيز موقعهم الدفاعي على أفضل وجه. وقد عملت بريطانيا وفرنسا على زيادة عدد السفن العابرة للقناة طيلة ليلة  29/30 أكتوبر، لتعطيل عبور أي قوات مصرية إلى سيناء.

6. خلو الاتجاه التعبوي الجنوبي فيما بين "الكونتيلا" و"متلا" من الدفاعات المصرية القوية، مما يكفل للقوات البرية اللاحقة المشكلة من باقي كتائب اللواء 202 المظلي سرعة الوصول إلى كتيبته المنعزلة "بصدر الحيطان"، لتمدها بالدعم القتالي والإداري الكافي لمواجهة مختلف المواقف المحتملة، لا سيما وأن روح الزمالة سوف تدفعهم إلى الإسراع بالانضمام إلى كتيبتهم المسقطة في الأمام.

7. البدء بالأعمال التعرضية عند "صدر الحيطان" سوف يجذب أنظار القيادة العامة المصرية إلى اتجاه مخادع بعيداً عما إعتزمته الأركان العامة الإسرائيلية من شن الهجوم الرئيسي في وسط وشمال سيناء، على امتداد محوري "العوجه ـ الإسماعيلية"، "رفح ـ القنطرة ".

سابعاً: إجراءات قيادة المنطقة الشرقية العسكرية

تعددت الاحتمالات إزاء مقاصد الإبرار الإسرائيلي بمنطقة "صدر الحيطان" في نظر قيادة المنطقة، إلا أن عمق الإبرار الكبير وما سبقه من نشاط كثيف للقوات الإسرائيلية قرب الحدود الشرقية في مواجهة "رفح" و"أبوعجيلة" و"الكونتلا" دفع القيادة الشرقية إلى ترجيح عزم إسرائيل على شن عملية هجومية رئيسية ضد سيناء.

ولسبب عدم كفاية القوات المتمركزة لمواجهة مثل هذا الهجوم، فقد بادرت القيادة الشرقية المصرية إلى اتخاذ قرار بإغلاق المدخل الغربي لممر "متلا"، توطئة للتقدم خلاله بقوة كبيرة وتكليفها بالقضاء على قوة المظلات المتمركزة شرقه في تعاون وثيق مع الأورطة الثانية استطلاع، التي كلفتها بأن تلتف خلفها عبر"وادي المليز" لتشكل الطرف الشمالي من حركة المطرقة، بينما تشكل مجموعة اللواء الثاني المشاة السندان لها، وبذلك يتم الإطباق على المظليين من الجانبين بما يضمن تدميرهم.

وبتتابع وصول المعلومات من نقط المراقبة والإنذار المصرية قرب حدود مصر الشرقية عن تحرك أرتال العدو المدرعة والميكانيكية قرب تلك الحدود، عزمت القيادة الشرقية على دعم قوات الدفاع عن سيناء بحشد احتياطاتها التعبوية المشكلة من قيادة الفرقة الرابعة المدرعة، والمجموعة الثانية المدرعة، واللواءين 30، 426 من جيش التحرير الوطني، وكذا الألاي الثاني استطلاع عدا الأورطة التي دُفعت عبر "وادي المليز" إلى "صدر الحيطان"، لتحتل جميعها خط الدفاع الثاني عن سيناء حول منطقة "بئر روض سالم".

وسعياً إلى توفير احتياطي تكتيكي مناسب للفرقة الثالثة المشاة القائمة بالدفاع عن المثلث "أبوعجيلة ـ رفح ـ العريش"، فقد قررت القيادة الشرقية دفع مجموعة لواء مشاة إلى العريش لتخلي اللواء الرابع المشاة المتمركز فيها للعمل كاحتياطي لتلك الفرقة.

كما خصصت القيادة الشرقية المجهود الجوي المناسب لمساندة تلك الأعمال البرية، واطمأنت إلى أنه بمجرد إتمام تلك التحركات سالفة الذكر سوف يتحقق التوازن التعبوي في جبهة سيناء بالقدر المنشود، كما تتهيأ الظروف المناسبة في الوقت نفسه للتحول للهجوم المضاد العام، عندما يحين وقته لتدمير العدو الذي اخترق الحدود.

ثامناً: إجراءات القيادة العامة المصرية

ترتب على تصديق القيادة العامة على قرارات القيادة الشرقية سالفة الذكر، أن عمدت القيادة العامة بدورها إلى دفع جزء من احتياطاتها الإستراتيجية من منطقة القاهرة إلى منطقة قناة السويس حفظاً للاتزان الإستراتيجي بمسرح العمليات، واستعداداً لما تكشف عنه الأيام المقبلة من أحداث.

كما دفعت وحدات منتخبة من جيش التحرير الوطني إلى سيناء، وخصصت المجهود الجوي المناسب لدعم وحدات القيادة الشرقية، وقصف الأهداف الحيوية داخل إسرائيل، خاصة مطاراتها الحربية وأماكن تمركز قواتها البرية قرب الحدود، ثم كلفت الأسطول المصري بقصف قاعدة "حيفا" البحرية بمدفعية المدمرات، كما أمرت الكتيبة 75 مظلات بالاستعداد لقطع مؤخرة العدو إذا ما تقدم على الاتجاه التعبوي الجنوبي ليلحق بكتيبة المظليين التي أسقطها عند "صدر الحيطان"، مع القيام بإغارة فدائية محدودة ضد هدف عسكري منتخب في منطقة "بئر السبع".

تاسعاً: التنسيق مع القيادة العربية المشتركة

استكملت القيادة العامة المصرية آخر الإجراءات بتنسيق خططها مع القيادة العربية المشتركة لحشد قوة مناسبة من المدرعات والمشاة في منطقة متاخمة لحدود إسرائيل على جبهة الأردن صباح 31 أكتوبر لشن هجوم يفصل شمال إسرائيل عن جنوبها، مع دفع مجموعات من الفدائيين للعمل على شل وإرباك التحركات الإسرائيلية على الطرق، بينما تقوم القوات الجوية السورية بقصف مطارات شمال إسرائيل. وقد أعلنت كل من الأردن وسورية التعبئة العامة فور إبلاغهما بتلك القرارات.



[1] لقد تكرر نفس المشهد عام 1967 عندما تمكنت أمريكا وروسيا من إيهام عبد الناصر باحتمال هجوم وشيك على سوريا وحشدت مصر قواتها المسلحة في سيناء في يونيه 1967 وقامت إسرائيل بالعدوان.

[2] تكررت نفس الواقعة عام 1967 ببدء العمليات العسكرية بتنفيذ ضربة جوية ضد القوات الجوية المصرية صباح 5 يونيه 1967 ولم تستوعب القوات المسلحة المصرية درس 1956 بتوفير الوقاية لطائراتها لإشراكها في العمليات.