إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / اليمن... الثورة والحرب (1962 ـ 1970)، حرب اليمن من وجهة النظر المصرية





ميناء الحديدة
ميناء صليف
إجراءات تأمين قاعدة الحديدة
أعمال المقاومة الملكية
أعمال قتال الجانبين على المحور الشرقي
أعمال قتال الجانبين في المنطقة الشمالية
أعمال قتال الجانبين، يوليه 1967
أعمال قتال الجانبين، يونيه 1967
التوزيع الجغرافي للقبائل
السيطرة على المحور الساحلي
العملية نسر
العملية اكتساح
العملية صقر
العملية قادر
القوات المصرية والجمهورية، يوليه 1967
القوات المصرية والجمهورية، يونيه 1967
القوات المصرية، نهاية أبريل 1966
القوات الجمهورية، مايو 1967
توزيع قوات الجمهوريين بمنطقة الجوف
تطهير صحن العقبة
تضاريس اليمن
عمليات الجانبين للسيطرة على المحور
عملية جبل اللوز
فتح وتطهير طريق السر
فتح طريق المطمة ـ الحميدات
قتال المنطقة الشمالية
قتال الجمهوريين لتأمين منطقة أرحب
قتال الجانبين للسيطرة على منطقة السوده
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الأوسط
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الشمالي
قتال الجانبين للسيطرة على طريق الحديدة
قتال الجانبين للسيطرة على ذيبين
قتال الجانبين بمنطقة الجوف
قتال الجانبين بالمنطقة الشمالية
قتال الجانبين بالمنطقة الشرقية
قتال الجانبين على المحور الأوسط
قتال الجانبين على المحور الشرقي
قتال الجانبين على المحور الشرقي 1962
قتال الجانبين في المنطقة المركزية
قتال الجانبين في المنطقة الغربية
قتال الجانبين في جبلي حرم ورازح
قتال الجانبين في قطاع جبل رازح
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على مأرب
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على الحزم

منطقة العمليات البحرية
مسرح الحرب اليمنية
المسرح اليمني
الجمهورية العربية اليمنية
القصف الجوي 1963
القصف الجوي 1964
القصف الجوي 1965
القصف الجوي يناير ـ مايو 1967
القصف الجوي يونيه ـ ديسمبر 1967
طرق التسلل



الفصل الأول

رابعاً: الجمود العسكري، وثبات خطوط المواجَهة (من أكتوبر إلى ديسمبر 1963)

1.    محاولات الملكيين الفاشلة استعادة المبادأة في مسرح العمليات[1]

اتّسمت هذه المرحلة بثبات خطوط المواجَهة، وتمسُّك كل من الجانبين بمَواقعه، على الرغم من محاولات الملكيين الفاشلة تحسين أوضاعهم، خلال هذه المرحلة. ففي شهر أكتوبر، استمر نشاط أمراء أُسرة حميدالدين في إثارة القبائل الزيدية، التي يوجدون وسطها، وتوزيع الأسلحة والأموال عليها وحثها على القتال. وقد تركزت الأعمال القتالية لتلك القبائل في جيوب المقاومة، في المنطقة الشمالية، قرب مجز، والمنطقة الوسطى، في السود والزافن، والمنطقة الغربية حول حجة والمحابشة. كما استمرت أعمال الإمداد للملكيين، من "نجران" إلى "بويع" و"الخنجر" و"السايلة"، وفي منطقة الجوف، قرب الحدود السعودية، بينما انحسرت أعمالها القتالية، نسبياً، في المناطق الأخرى.

وبحلول شهر نوفمبر، نشطت الأعمال القتالية للقبائل الملكية، واتخذ بعضها شكلاً تعرضياً ضد مَواقع القوات المصرية، في ثلاء، في المنطقة الوسطى، ووادي علف، في المنطقة الشمالية. ففي المنطقة الأولى، بدأت القبائل الملكية في التجمع في قُرى عيال سريح وجبل حضور الشيخ، بدءاً من 13 نوفمبر. وفي مساء 19 نوفمبر، شنت هجومها على مَواقع القوات المصرية في ثلاء، مستخدمة الهاونات والمدافع الصاروخية. إلا أن ذلك الهجوم انتهى إلى الفشل. ولم يكن هجوم القبائل الملكية على القوات المصرية، في وادي علف، يوم 23 نوفمبر، بأفضل حالاً، إذ انتهى، كذلك، إلى الفشل.

وقد شهد الأسبوع الأخير من نوفمبر بعض الأعمال القتالية المحدودة، من القبائل، بغرض الإزعاج، تمثّلت في تراشقات النيران، وقصفات الهاون على مَواقع القوات المصرية، في الصفراء ومجز والجبل الأسود ووادي علف والقفلة، في المنطقة الشمالية، وعلى طريق عمران ـ كحلان في المنطقة الوسطى. أما في منطقة الجوف، فقد استمرت عمليات تسريب الإمدادات للملكيين، من نجران إلى السايلة وبويع وشمال لوز.

وخلال شهر ديسمبر، اقتصرت أعمال قتال الملكيين على بعض الهجمات المحدودة الفاشلة على مَواقع القوات المصرية، شرق الصفراء في المنطقة الشمالية، فضلاً عن بث الألغام في بعض الطرق، في المنطقتين، الشرقية والوسطى، والتراشق بالنيران، في منطقة ثلاء. كما استمر تسرب إمدادات الملكيين، ليلاً، بقوافل الجِمال، عبر منطقة الجوف، إلى قبائل أرحب وخولان ونهم.

2.    ردود الفعل، المصرية والجمهورية، خلال هذه المرحلة[2]

اقتصرت القوات المصرية والجمهورية، خلال هذه الفترة، على ثلاث عمليات تطهير محدودة. وتركز باقي جهودها في الحفاظ على مَواقعها، وبسط سيطرة النظام الجمهوري حتى هذه المَواقع. وعلى ذلك، اتّسمت أعمال قتالها بردود الفعل تجاه الأعمال القتالية للملكيين. فقد واجهت تلك الأعمال، خلال شهر أكتوبر، بالنيران والإغارات، البرية والجوية، مع الاستطلاع الجوي المسلح، لطرق إمداد الملكيين، في منطقة الجوف والمنطقة الشمالية، وتدمير تلك الإمدادات، ووسائل نقْلها، فور اكتشافها.

وقد نجحت القوات المصرية في صد كافة هجمات الملكيين، خلال شهر نوفمبر، بالتعاون مع القوة الجوية والقوات الجمهورية. وكبَّدت القبائل والقوات الملكية خسائر فادحة، وأجبرتها على التراجع. كما واجهت القوات المصرية أعمال الإزعاج من جانب الملكيين، بالإغارات والقصف الجوي على المناطق والقُرى، التي تنطلق منها تلك الأعمال العدائية. في الثالث والعشرين من نوفمبر، بادر احتياطي المنطقة الوسطى إلى عملية تطهير ناجحة، قضت على المَواقع الملكية في منطقة ثلاء، بعد التمهيد لها بالقصف الجوي، لمدة يومين.

وخلال شهر ديسمبر، استمرت الأعمال الدفاعية الناشطة للقوات المصرية والجمهورية. فلم تكتفِ بأعمال الصدّ الناجحة لهجمات الملكيين الفاشلة، وتكبيدهم خسائر جسيمة، وإنما بادرت، كذلك، إلى عمليتَي تطهير ناجحتين، قضت فيهما على المَواقع المعادية، في جبلَي الزافن وحضور الشيخ. ففي العملية الأولى، انبرت قوة من قبائل حاشد، قوامها 1500 فرد، للهجوم على جبل الزافن، في 8 ديسمبر، بعد تمهيد القوة الجوية، والمدفعية لهذا الهجوم. وبعد ثمانية أيام، هاجمت قوة أخرى من القبائل الجمهورية، في منطقتَي ثلاء وكوكبان، جبل حضور الشيخ، بعد تمهيد مدفعي وجوي، كذلك.

وهكذا، توضح التطورات السابقة في المسرح اليمني، منذ ربيع عام 1963، أن روح اتفاقية فضّ الاشتباك، التي وافق عليها كل من مصر و المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية اليمنية، قد تأكلت. وهو ما سجّله كبير مراقبي الأمم المتحدة، في تقريره إلى الأمين العام. ويوضح جدول موقف الطرفين من تنفيذ اتفاقية فض الاشتباك موقف كل من مصر والمملكة العربية السعودية، تجاه تنفيذ ما جاء في تلك الاتفاقية، طبقاً لما سجّلته تقارير بعثة الرقابة الدولية.

3.    دور القوات الجوية، خلال مرحلة الجمود العسكري[3]

انعكست عمليات الجانبين، خلال هذه المرحلة، على أعمال قتال القوات الجوية، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 1963، حين كان على هذه القوات  الاستمرار في تنفيذ المهام التالية في المسرح اليمني:

    ‌أ.    الاستطلاع الجوي المسلح، لطرق إمداد الملكيين، والبحث عن وسائل إمدادهم وتدميرها.

    ‌ب.   قصف حشود الملكيين وتكديساتهم المكتشَفة.

    ‌ج.   معاونة الأعمال الدفاعية للقوات المصرية والجمهورية، وقصف تجمعات الملكيين التي تهددها.

    ‌د.    معاونة الأعمال الهجومية للقوات المصرية والجمهورية، لتطهير المناطق، التي تنطلق منها الأعمال العدائية ضد هذه القوات.

(1) الاستطلاع الجوي المسلح وتدمير وسائل إمداد الملكيين المكتشفة

تكثفت أعمال قتال الاستطلاع المسلح، خلال هذه المرحلة، وخاصة في منطقة الجوف، والمنطقتين الشمالية والغربية. فمع بداية شهر أكتوبر، نشطت أعمال قتال الاستطلاع الجوي المسلح، في منطقة الجوف، شمال بويع. ثم تحولت الجهود الرئيسية للاستطلاع المسلح إلى المنطقة الشرقية، على أثر ورود معلومات عن اتجاه الأمير عبدالله بن الحسن إلى خولان، وفي رفقته 400 جمَل، محملة بالأسلحة والذخائر. ونظراً إلى عدم تأكيد المعلومات السابقة بوساطة الاستطلاع الجوي، قرر قائد القوات العربية في اليمن، استمرار الاستطلاع المسلح، ليلاً ونهاراً، لطريقَي نجران ـ بويع ونجران ـ الصفراء، وواديَي عظلة ومذاب.

ومع بداية نوفمبر، رُكّزت جهود الاستطلاع الجوي المسلح في منطقة الجوف، والمنطقة الغربية. إلا أن هذه الجهود، لم تسفر عن شئ يذكَر، حتى 13 نوفمبر، باستثناء اكتشاف طريق إمداد جديد إلى منطقة وشحة، لم تظهر عليه أي تحركات. وبدءاً من 14 نوفمبر، بدأت جهود الاستطلاع الجوي المسلح تؤتي ثمارها، إذ اكتشف، في ذلك اليوم، قافلة جِمال محملة بالإمدادات، في منطقة الجوف، فجرى تدميرها، من الفور. وبعد ثلاثة أيام، اكتُشفت قافلتان أخريان، شرق الصفراء تم تدمير معظَمهما.

وعلى أثر ذلك، قررت قيادة القوات العربية في اليمن، تمركُز عدد من طائرات "الياك 11" بصفة مؤقتة، في أرض هبوط عبس، بدءاً من 19 نوفمبر، مع تكثيف الاستطلاع الجوي، في المنطقتين، الشمالية والشرقية، لاكتشاف أي تحركات معادية، إلى كل من وشحة وقارة، وتدميرها. وخلال الأسبوع الأخير من نوفمبر، اكتشفت طائرات الاستطلاع عدة أرتال عربات وقوافل جِمال، في منطقة الجوف والمنطقة الشمالية، فانبرت لها طائرات الاستطلاع المسلح، من الفور، وأوقعت بها خسائر جسيمة.

وقبل انتهاء هذه المرحلة، كانت طائرات الاستطلاع المسلح، تقضي على قافلة جِمال كبيرة (حوالي 100 جَمَل)، محملة بالإمدادات، شرق جبل "براش".

(2) قصف حشود الملكيين وتكديساتهم

تزايدت أعمال قتال القوات الجوية ضد حشود الملكيين وتكديساتهم، خلال شهرَي أكتوبر ونوفمبر. ففي البداية، تركز القصف الجوي ضد تجمعات الملكيين، في منطقة الخنجر، التي تُعَدّ مركز الأمير محمد بن الحسن، في شمال الجوف. إلا أنه في ضوء تزايد أعمال قتال الملكيين، في المنطقة الوسطى، قررت قيادة القوات العربية في اليمن، تركيز القصف الجوي، بدءاً من 9 أكتوبر، ولمدة 5 أيام، ضد تجمعات الملكيين، في الزافن والسود والأهنوم.

وعلى أثر تزايد حشود الملكيين، في المنطقتين، الشمالية والغربية، في منتصف أكتوبر، انتقلت الجهود الرئيسية للقوة الجوية في المسرح اليمني، إلى هاتين المنطقتين، خلال الفترة من 15 إلى 18 أكتوبر. وتركز القصف الجوي ضد تجمعات الملكيين، في قارة، وحول مجز، وفي جبل ابن توة والحظائر في وادي علف، مما أوقع بقوات الملكيين خسائر جسيمة. وبجزء من مجهودها، قصفت القوة الجوية في اليمن حشود وتكدسات الملكيين وتكديساتهم، في الخشم والسايلة، في منطقة الجوف، خلال الأسبوع الأخير من نوفمبر.

(3) معاونة الأعمال الدفاعية للقوات المصرية والجمهورية

إزاء تزايد نشاط الملكيين، خلال هذه الفترة، ومحاولاتهم استعادة المبادأة في مسرح العمليات، تزايدت جهود القوة الجوية في المسرح، لمعاونة الأعمال الدفاعية للقوات المصرية والجمهورية، وردْع الأعمال القتالية للقبائل الملكية. وقد رُكزت هذه الجهود في المنطقتين الشمالية والغربية، حيث جرت العمليات الهجومية للملكيين.

ففي البداية، رُكزت الجهود الرئيسية للمعاونة الجوية في المنطقة الشمالية، حيث قصفت القوة الجوية تجمعات الملكيين، في ساقين وشرق الصفراء ووادي عظلة ومجز، خلال الأسبوع الثاني من أكتوبر. ودعمت القوة الجوية، خلال الفترة عينها، الأعمال الدفاعية للقوات المصرية، حول الظفير وحجة، في المنطقة الغربية.

واستمر تركيز أعمال المعاونة الجوية في هاتين المنطقتين، خلال النصف الثاني من أكتوبر، ضد تجمعات الملكيين، في مبين والشغادرة وشامة والمصانع وحجة والمحابشة، في المنطقة الغربية، فضلاً عن تجمعاتهم، شرق الصفراء وواديَي مذاب وعظلة، وقُراهم في قطابر والساحة والدربين، في المنطقة الشمالية.

وإزاء تزايد النشاط التعرضي لقوات الملكيين، خلال شهر نوفمبر، في المنطقتين الشمالية والغربية، تزايدت جهود المعاونة الجوية فيهما، إذ رُكز القصف الجوي، من 9 حتى 14 نوفمبر، في قريتَي جماعة وقطابر، وشرق الصفراء، وحول مجز، فضلاً عن كتاف ووايلة، في المنطقة الشمالية.

وفي 13 نوفمبر، قرر قائد القوات العربية في اليمن، الاعتماد اعتماداً كاملاً على القصف الجوي، لردْع الأعمال القتالية للقبائل، التي انقلبت على النظام الجمهوري، في المنطقة الغربية، حول حجة، مع تخيير شيوخها بين التسليم أو استمرار عمليات القصف الجوي. وفي اليوم التالي، قصفت القوة الجوية "مبين" و"بني العوام" في المنطقة عينها.

وبعد ثلاثة أيام، تحولت الجهود الرئيسية للقوة الجوية إلى المنطقة الشمالية، لمعاونة قواتها على صدّ هجوم الملكيين على وادي علف. فرُكزت جهود القاذفات التكتيكية، يوم 19 نوفمبر، في قصف تجمعات الملكيين، شمال غرب مجز. في الوقت الذي قصفت فيه المقاتلات القاذفة مَواقعهم، شرق الصفراء. واستمر تركيز مجهود المعاونة الجوية في المنطقة الشمالية، خلال الأسبوع الأخير من نوفمبر، إذ دعمت القوة الجوية صد هجوم الملكيين على الملحة، يوم 23 نوفمبر، بقصف منطقتَي الحظائر وابن توه.

وحيال استمرار أعمال قتال الملكيين، في المنطقة الشمالية، قرر قائد القوات العربية في اليمن، إلحاق عدد من طائرات "الياك 11" على تلك المنطقة، للعمل من أرض هبوط صعدة، لمدة ثلاثة أيام، مع تركيز مجهود القاذفات التكتيكية في قصف مناطق الحظائر وساقين وابن توه، خلال الأسبوع الأخير من نوفمبر.

وخلال شهر ديسمبر، رُكز القصف الجوي في ردْع القبائل الملكية، في المناطق الشمالية والوسطى والشرقية. وقد أدى القصف الجوي، في المنطقة الأولى، إلى تدمير ساقين، وهروب الأهالي منها. كما تكبدت القبائل الملكية، في المنطقة الثانية خسائر جسيمة، نتيجة القصف الجوي لقريتَي شهارة وبيت عذاقة. أما في المنطقة الأخيرة، فقد أدى القصف الجوي لبلدة الشرقا، شمال جيحانة، التي كان يجتمع فيها الأمير عبدالله بن الحسن ببعض مشايخ القبائل، إلى وقوع خسائر كبيرة، وهروب المجتمعين.

(4) معاونة العمليات التعرضية للقوات المصرية والجمهورية

شاركت القوة الجوية في اليمن في عمليات التطهير الثلاث، التي قامت بها القوات المصرية والجمهورية، خلال هذه المرحلة، بالتمهيد الجوي لهذه العمليات، ومعاونة القوات والقبائل القائمة بها. ففي العملية الأولى، مهدت القوة الجوية بالتمهيد لهجوم احتياطي المنطقة الوسطى، في 23 نوفمبر، إذ رُكز القصف الجوي، لمدة يومين، في مواقع الملكيين، شمال ثلاء. ومع بدء الهجوم، تحولت نيران القصف الجوي إلى منطقة حضور الشيخ.

وقبْل أن تقوم قبائل حاشد بهجومها الناجح على جبل الزافن، في 8 ديسمبر، مهدت له القوة الجوية بقصف مَواقع الملكيين في الزافن، مما أدى إلى إنهيار القوة المدافعة، نتيجة الخسائر الكبيرة، التي لحقت بها.

وفي 11 ديسمبر، مهدت القوة الجوية للهجوم، الذي كان على عيال يزيد القيام به، لتطهير منطقتَي السود وحصن الطليلي. إلا أن تقاعس المهاجمين، أدى إلى عدم إتمام العملية. وبعد خمسة أيام، مهدت القوة الجوية لهجوم القبائل الجمهورية، في ثلاء وكوكبان، لتطهير جبل حضور الشيخ.

  هـ. الإمداد الجوي للقوات المصرية في المسرح اليمني[4]

استمرت أعمال النقل والإمداد الجوي، خلال هذه المرحلة، عبْر الجسر الجوي، لنقْل الاحتياجات العاجلة، من قواعد الإمداد الرئيسية، في مصر، إلى المسرح اليمني. في الوقت الذي استمر فيه تدفق الإمداد الجوي، داخل المسرح، إلى المحاور المختلفة، مع تأمين أعمال المناورة بالوحدات، لدعم المناطق المهدَّدة. وقد رُكزت أعمال الإمداد الجوي، خلال هذه الفترة، في مناطق برط وصعدة، في الشمال، ورأس العرقوب وصرواح ومأرب، في الشرق، وحجة وعبس، في الغرب.

وقد سمح اكتمال ممر الهبوط الجديد، غرب صعدة، باستقبال أولى طائرات النقل المتوسط، من نوع أنتونوف 12، في 1 نوفمبر، حاملة بعض أفراد الكتيبة السابعة المشاة. وخلال الخمسة أيام التالية، نقلت طائرات أليوشن 14، باقي قوة الكتيبة، من الحديدة إلى صعدة.

وخلال هذه المرحلة، قامت طائرات الجسر الجوي بما يقرب من 130 طلعة طائرة. بينما قدر مجهود النقل الجوي والطائرات العمودية في المسرح، بما يقرب من 1100 طلعة.

    ‌و.   المجهود الجوي، المنفَّذ خلال مرحلة الجمود العسكري

زادت طلعات القوات الجوية المصرية، خلال هذه المرحلة، على 2430 طلعة طائرة في المسرح اليمني. منها نحو 2300 طلعة، بوساطة القوة الجوية في اليمن. وما يزيد على 130 طلعة، بوساطة طائرات الجسر الجوي، موزعة على مهام تلك القوات، بالنسب المئوية التالية:

15% لمهام الاستطلاع الجوي المسلح.

20% لمهام المعاونة الجوية بالنيران للقوات البرية، المصرية والجمهورية.

15% لقصف تجمعات الملكيين وقواعدهم وتكديساتهم، داخل اليمن.

45% للنقل والإمداد الجوي، داخل المسرح اليمني.

5 % للنقل الجوي بين مصر واليمن (الجسر الجوي).

وقدرت الأوزان، الأفراد والاحتياجات التي نُقلت، جواً، خلال هذه المرحلة، بنحو 5500 طن. منها حوالي 2100 طن، عبْر الجسر الجوي، و3400 طن، بوساطة طائرات النقل والطائرات العمودية، داخل المسرح اليمني.

ويوضح جدول المجهود الجوي وتوزيعه على مراحل الحرب اليمنية (أكتوبر 1962 ـ ديسمبر 1963) إجمالي المجهود الجوي للقوات الجوية المصرية في المسرح اليمني، وتوزيعه على مراحل الحرب المختلفة، منذ بدايتها وحتى نهاية عام 1963. كما يوضح جدول إجمالي أوزان الأفراد والاحتياجات التي تم نقلها جواً (أكتوبر 1962 ـ ديسمبر 1963)إجمالي الأوزان، التي نُقلت، جواً وتوزيعها على المراحل السابقة.

4.    أعمال قتال القوات البحرية، خلال عام 1963[5]

    ‌أ.    مهام القوات البحرية

اضطلعت القوات البحرية المصرية، خلال المراحل الثلاث، التي مر بها القتال، عام 1963، بثلاث مهامّ رئيسية، هي

- تأمين ميناء الحديدة.

- تأمين ومعاونة القوات المصرية والجمهورية ومعاونتها، في المحور الساحلي.

- تنظيم أعمال النقل البحري من المسرح اليمني وإليه.

(1)      تأمين ميناء الحديدة (انظر شكل إجراءات تأمين قاعدة الحديدة البحرية (أكتوبر ـ ديسمبر 1962))

نظراً إلى الأهمية القصوى لميناء الحديدة، الميناء الوحيد، الذي تسمح تجهيزاته، في ذلك الوقت، باستقبال سفن الجسر البحري، بين مصر واليمن، فقد كان على القوات البحرية تأمين هذا الميناء، لضمان تدفق حركة النقل البحري من المسرح اليمني وإليه.

وعلى ذلك، أصدرت قيادة القوات البحرية تعليماتها، في يناير 1963، في خصوص إنشاء قاعدة الحديدة البحرية، ومكوناتها التنظيمية ووحداتها، التي اشتملت على مدمرة، وكاسحتَي ألغام، وزورقين مسلحين، إضافة إلى زورقَي إنزال، ومحطة إشارة بحرية، وسرية مدفعية ساحلية.

ولضمان سيطرة قاعدة الحديدة البحرية على الساحل، وعلى نطاقها التكتيكي، داخل البحر، فقد تحددت منطقة مسؤولية تلك القاعدة بخطَّي العرض 40َ 514، 5َ 515 شمالاً بمواجَهة 25 ميلاً بحرياً (46.3 كم) بحذاء الساحل، بعمق 20 ميل بحري (37.4 كم) داخل البحر.

ولتأمين الميناء، اتخذت قيادة قاعدة الحديدة البحرية الإجراءات التالية:

                (‌أ) استخدام الزوارق المسلحة اليمنية، بعد إصلاحها، لتأمين الممر الملاحي، مع وضع سرية مدفعية ساحلية، عيار 122 مم ومصابيح إضاءة في الميناء. وبذلك، أمكن إنارة الممر، طوال الليل، مما سمح لزوارق الحراسة بأداء مهامّها. كما كُلفت سرايا المدفعية المضادّة للطائرات، عيار 85 مم، في المنطقة، بواجب الدفاع الساحلي عن جنوب الحديدة (كواجب فرعي).

               (‌ب) إنشاء محطة إشارات بحرية، في منطقة الجبانة. وتزويدها بالأجهزة والمعدات، اللازمة للتعرف والسيطرة على السفن، الخارجة من الميناء والدخلة إليه. وتدريب بعض اليمنيين على تشغيلها. مع تخصيص قوة بحرية للتفتيش، في المدخل الشمالي للميناء.

                (‌ج) تخصيص قوة من الضفادع البشرية، لتفتيش منطقة الغاطس والممر الملاحي، الموصل إليها، تفتيشاً مستمراً، مع تدعيم الميناء بزوارق للضفادع البشرية.

(2)    تأمين ومعاونة القوات المصرية والجمهورية ومعاونتها في المحور الساحلي

لتأمين ومعاونة القوات المصرية والجمهورية ومعاونتها في المحور الساحلي، خُصصت قوة بحرية مشكلة من مدمرة (أو فرقاطة)، وكاسحتَي ألغام كبيرتين، إضافة إلى ناقلتَي جند، وزورقين مسلحين (يمنيَّين).

ونظراً إلى عدم حدوث أي أنشطة بحرية للملكيين، تهدد القوات العاملة في المحور الساحلي، خلال مرحلتَي التصعيد والجمود، عسكرياً، اللتين سبقت الإشارة إليها في هذا الفصل، فقد اقتصر عمل هذه القوة، خلال هاتين المرحلتين، على دوريات المرور بحذاء الساحل اليمني، لإظهار الوجود البحري، واستطلاع الممر الملاحي الداخلي، من اللحية إلى ميدي[6].

(3)    النقل البحري من المسرح اليمني وإليه

استمرت أعمال النقل البحري بشكل منتظم، بين ميناءَي الأديبية والحديدة، طوال عام 1963. وراوح عدد السفن المشاركة في أعمال النقل البحري ما بين 8 و10 سفن، شهرياً، كان بعضها مجهزاً لنقْل الأفراد[7]، والبعض الآخر معداً لنقْل المعدات والاحتياجات. وقد قام ما يقرب من نصف هذه السفن بغير رحلة واحدة، شهرياً، إذ كانت دورة النقل البحري (زمن التحميل والتفريغ في ميناءي المغادرة والوصول، ورحلتا الذهاب والعودة) لسفن نقْل المعدات والاحتياجات، تحتاج إلى ما يقرب من 17 يوماً، بينما كانت دورة سفن نقْل الأفراد، لا تزيد على 15 يوماً.

5.    محصلة جهود الجانبين، في نهاية مراحل التصعيد العسكري

بنهاية عام 1963، كانت القوات المصرية، قد نجحت في تثبيت النظام الجمهوري في اليمن، على الرغم من كافة الجهود المستميتة للملكيين. فبنهاية ذلك العام، كانت القوات المصرية والجمهورية، قد بسطت سيطرة النظام الجمهوري على كافة المناطق الحيوية، وكل مدينة مهمة في اليمن. وإنحصرت تجمعات الملكيين في عدة جيوب، تحتمي بالمناطق الجبلية الداخلية، في الشمال الزيدي، وعلى الحدود، الشمالية والشرقية، كما يلي:

‌أ.       المنطقة الشرقية: شمال الوتدة وقُرى النعمان.

‌ب.      المنطقة الوسطى: واديا عظلة وأملح، وجبل عنان والسودة وحصن الطليلي.

‌ج.      منطقة الجوف: السايلة وإمارة والخنجر، قرب الحدود السعودية.

‌د.       المنطقة الشمالية: شرق صعدة والصفراء، حتى مذاب.

    هـ . المنطقة الغربية: المحابشة وأسلم وطريق وشحة.

وعلى الجانب الآخر، فإنه على الرغم من فشل الملكيين في إيقاف المدّ الجمهوري، شمالاً وشرقاً، إلا أنهم نجحوا في توصيل قضيتهم إلى العالم الخارجي. وزادوا من نفقة الوجود العسكري المصري في اليمن. وهو ما كان له انعكاساته على السياسة المصرية، تجاه ذلك الصراع.

ــــــــــــــــــــــــ



[1]   المصادر المصرية الرسمية.

[2]   المصادر المصرية الرسمية.

[3]   المصادر المصرية الرسمية.

[4]   المصادر المصرية الرسمية.

[5]   المصادر المصرية الرسمية.

[6]   كان متوسط حمولة سفينة الركاب حوالي 1200 فرد  و20 مركبة، إضافة إلى 10 مدافع  و5 مقطورات و800 طن احتياجات.

[7]   كان متوسط حمولة سفينة نقل المعدات حوالي 12 دبابة، و65 مركبة، إضافة إلى 20 مدفع، و 5 مقطورات، و3000  طن احتياجات  و550 فرد.