إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراع التركي ـ اليوناني، ومشكلة قبرص





نيقوسيا والخط الأخضر

الاقتراح التركي
بحر إيجه والجزر
قبرص التقسيم الفعلي



أولى حروب القرن

 

2. الحجج التركية واليونانية، حول السيادة في بحر إيجه

لا يطالب الجانب التركي بملكيته لجزر بحر إيجه، بقدر ما يسعى، وبإصرار، إلى تصفية ادعاءات اليونان بملكيتها لهذه الجزر، إذ إن السياسة الخارجية التركية، تهدف إلى تدويل الجزء الأكبر من البحر، واعتباره مياه دولية، وهو ما يمكن اعتباره حرمان الجانب اليوناني منه فقط.

يستند الجانب التركي إلى العديد من الجوانب، التاريخية والقانونية، للتشكيك في ملكية اليونان لجزر بحر إيجه، إذ يرى الأتراك أنه إبّان احتلال العثمانيين لجزر بحر إيجه، في القرنين، الخامس عشر والسادس عشر، لم يكن هناك أي كيان يوناني، بالمفهوم الحالي، ومن ثم، فإن جزر بحر إيجه، لم تكن تخضع للسيادة اليونانية، وهو الأمر الذي يمكن أن نستنبط منه محاولة الجانب التركي اعتبار هذه الجزر أراضي بلا هوية أو سيادة، وهو ما يطلق عليه "ملكية بالتقادم". غير أن الجانب التركي، من جهة أخرى، لم يحاول فرض سيادته عليها.

أمّا اليونان، فترى أن الثوابت التاريخية، تشير إلى عكس ما يراه الجانب التركي تماماً، إذ إن أجزاء من هذه الجزر، كانت تقع تحت سيادة أثينا، في عصر ما قبل الميلاد، وداخل إطار الإمبراطورية الأثينية، ومعظم شعوبها يونانيون. وكذلك محاولة الإسكندر الأكبر توحيد الشعوب اليونانية كلها تحت إمرته، وهو ما شمل معظم الجزر، الواقعة في بحر إيجه حالياً. ومن ثم، فإن خضوع هذه الجزر للاحتلال الروماني والبيزنطي والعثماني، لم يغير من الوضع شيئاً، ولم يمسح الهوية اليونانية، ثقافة أو لغة أو ديناً.

تولدت من قضية السيادة في بحر إيجه عدة مشكلات، تعد فروعاً للمشكلة الأصل:

1. مشكلة البحر الإقليمي: (اُنظر ملحق قانون البحار)

يعتبر تحديد البحر الإقليمي اليوناني، إحدى المشكلات الكبرى، التي يترتب عليها العديد من المشكلات بين الدولتين، نظراً إلى أنها تحدد السيطرة الفعلية على بحر إيجه. وكانت اليونان، في بادئ الأمر، تطبق المنهج السائد، آنذاك، في معظم دول العالم، والذي اقترحه أحد القانونيين الدوليين، في القرن الثاني عشر، وهو مبدأ الثلاثة أميال بحرية، أو المسافة لطلقة المدفع. وهو ما استمرت اليونان في تطبيقه، حتى قامت، في عام 1936، بمد بحرها الإقليمي إلى ستة أميال بحرية. وأخذت تركيا هذا الأمر بتحسب شديد، ذلك لأن هذا العمل، سيعطي الجانب اليوناني السيطرة السيادية على نحو 43.5% من بحر إيجه، بينما يصبح نصيب الجانب التركي 7.5%، وتشمل المياه الدولية نسبة 48% من هذا البحر.

وهكذا، يتضح أن أي محاولة من قِبل الجانب اليوناني، لمد بحره الإقليمي، يؤثر مباشرة في تضاؤل حجم المياه الدولية في بحر إيجه، مما يحد من قدرة الجانب التركي على الملاحة عبْره. ورأت تركيا في الخطوة اليونانية قراراً استفزازياً، وقبلته على مضض، على الرغم من أنها قامت، عام 1964، بمد بحرها الإقليمي في البحر الأسود، إلى 12 ميلاً بحرياً، وأحجمت عن تطبيق الإجراء عينه في بحر إيجه، نظراً إلى خصائصه المنفردة، التي تتطلب ترتيبات مختلفة.

تم تعديل قانون البحار، بعد الحرب العالمية الثانية، واستمر الوضع في بحر إيجه على ما هو عليه. وعلى الرغم من دخول اليونان في اتفاقية جنيف 1958، لقانون البحار، التي أجازت مد البحر الإقليمي إلى مسافة 12 ميلاً بحرياً، إلا أنها لم تطالب بمد بحرها الإقليمي في بحر إيجه، لعدة أسباب، أهمها: عدم التمادي في استفزاز الجانب التركي، الذي رفض الدخول في هذه الاتفاقية، لكونها تتعارض وأهدافه، الملاحية والسياسية، في بحر إيجه.

مع بداية حقبة الثمانينيات، تغير الوضع لاعتبارين أساسيين، أولهما: دخول اليونان في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار عام 1982، وثانيهما: انتخاب حكومة باباندريو، عام 1981، في اليونان، وهي تُعَدّ حكومة متشددة، من وجهة نظر الجانب التركي، إذ إنها استندت إلى المادة الثالثة من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، واتفاقية جنيف 1958، لتأكيد حقها في مد بحرها الإقليمي 12 ميلاً بحرياً، كباقي الدول البحرية، في حالة الحاجة إلى ذلك. وهو ما رفضت تركيا قبوله.

تستند الحكومة التركية، في رفضها لأحقية اليونان في مد بحرها الإقليمي إلى 12 ميلاً بحرياً، إذا دعت الحاجة إلى ذلك، إلى العديد من الحجج، القانونية والإستراتيجية، والأمنية والاقتصادية.

أ. الاعتبارات القانونية:

(1) يرى الجانب التركي، أن ما نصت عليه المادة الثالثة من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، الخاصة بإمكانية مد كل دولة بحرها الإقليمي، إلى مسافة 12 ميلاً بحرياً، ليس أمراً ضرورياً، ولكنه الحد الأقصى لتطبيق القانون، وأن ذلك جائز في الحالات الطبيعية للجوار البحري. أمّا في ما يتعلق ببحر إيجه، فإن الوضع يستلزم مراعاة العديد من الاعتبارات، قبل أن تقرر اليونان أحقيتها في تطبيق القانون، لأنه ليس من الضروري تطبيق القانون بحده الأقصى.

(2) في ضوء البند السابق، فإن الجانب التركي، يشير إلى نص المادة الثالثة، وضرورة تنفيذها في إطار المادة 123، التي تنص على تعاون الدول موقعة الاتفاقية، أثناء التنفيذ. وكذلك المادة 300 من المعاهدة عينها، والتي تنص على قيام الأطراف المتعاهدة بتنفيذ الالتزامات الخاصة بها، في ما يتعلق بالحقوق والسيادة والحريات، بطريقة لا تمثل سوء استخدام لها. وهنا، تتهم الحكومة التركية اليونان بسوء استخدام هذه المادة، وكل ما يتعارض مع روح ونص الاتفاقية، التي تستند الحكومة اليونانية إليها في إثبات حقوقها.

ب. الاعتبارات الإستراتيجية

ترى تركيا، أن قبولها لأحقية اليونان في مد بحرها الإقليمي إلى 12 ميلاً بحرياً، في بحر إيجه، سيحوله إلى بحيرة شبة يونانية إذ سيخضع 71.53% من إجمالي البحر للسيادة اليونانية الكاملة. بينما ستصل هذه النسبة إلى 8.76% فقط لمصلحة تركيا. وسوف يصل نصيب البحر الدولي إلى 19.71% فقط لا غير. ومن ثم، يظهر الخطر الأمني والإستراتيجي، الذي لا يقبله الجانب التركي، لا سيما أن الخلافات بين الدولتين، ليست في صدد البحر الإقليمي وحده.

ج. الاعتبارات الأمنية والاقتصادية

(1) يرى الجانب التركي، أن فرض اليونان سيطرتها على بحر إيجه، يمثل تهديداً، نظراً إلى تقارب حدود الدولتين البحرية. ومن ثم، فإن تركيا لا تستطيع استخدام حقها في المنطقة المتاخمة لبحرها الإقليمي، واتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لحمايتها.

(2) من الناحية الاقتصادية، فإن تنفيذ اليونان لمبدأ 12 ميلاً بحرياً، ستزيد مساحة بحر إيجه، بالنسبة إلى الجانب اليوناني، على حساب تركيا. ومن ثم، سيحرم تركيا العديد من الميزات، أهمها الثروات الموجودة في الجرف القاري، من نفط ومعادن. علاوة على أن هذا الإجراء، سيحدّ من حرية تركيا في الصيد، في منطقة تعدّ، حالياً، مياهاً دولية. وهو ما ترفضه تركيا، شكلاً وموضوعاً.

2. مشكلة الجرف القاري

يُعَدّ الخلاف حول الجرف القاري لبحر إيجه، من أهم الخلافات الجوهرية، الذي يتمسك كل طرف بحقه فيه، ومن ثم، فهو يعرقل كافة التسويات الأخرى بين الطرفين، التركي واليوناني، في بحر إيجه.

أ. تعريف الجرف القاري

الجرف القاري هو الامتداد، الفعلي والطبيعي، لقاع الأرض القارية داخل البحار والمحيطات، (الجزء الأرضي الغارق تحت سطح البحر). وقد حددت اتفاقية جنيف، المتعلقة بقانون البحار، الجرف القاري، بمسافة 200 م عمق، في ما بعد البحر الإقليمي. وقد قررت الاتفاقية، كذلك، أحقية الجزر في الجرف القاري.

وحدث تطور علمي في أساليب ومعدات الحفر والتنقيب، في أعالي البحار وأعماق المحيطات، فاستغلت اليونان هذا التطور العلمي، وبدأت في استخدام حقها في استغلال جرفها القاري على نطاق واسع، في البحث والتنقيب عن الثروات المعدنية، خاصة النفط. وكذلك فعل الجانب التركي. مما أدى إلى تصادم مصالح الدولتين، لاختلاف وجهات نظرهما في ما يتعلق بتحديد الجرف القاري، والخط الفاصل بين الدولتين، إذ رأت تركيا، أن هذا الخط يتحدد بمسافة متساوية، بين سواحل هضبة الأناضول وحدود اليونان، متجاهلة تماماً حق الجزر اليونانية في الجرف القاري، وهو الأمر الذي رفضته اليونان.

ويرى الجانب التركي أحقيته في رسم حدوده القارية، حتى منتصف بحر إيجه، مستنداً إلى أحقية تركيا في الجرف الطبيعي لهضبة الأناضول. وبناءً عليه، فإن الجرف القاري التركي، سيصل حتى غرب العديد من الجزر اليونانية في بحر إيجه.

وفي محاولة لتسوية هذا الخلاف، وافقت تركيا على التفاوض في هذا الشأن، في فبراير 1974. إلا أنها قامت بإرسال سفينة أبحاث إلى منطقة متنــازع عليهــا، تصحبها 32 سفينة حربية، لحمايتها في حالة تدخل القوات اليونانية لوقفها، مما أدى إلى قيام اليونان بالاحتجاج لدى الحكومة التركية. ثم تفاقم الخلاف بينهما، بغزو تركيا لشمالي قبرص، في صيف 1974.

وبحلول عام 1975، تقدمت اليونان بفكرة عرض الخلاف على محكمة العدل الدولية. وقد وافق رئيس الوزراء التركي عليها، آنذاك. إلا أنه مع ولاية حكومة سليمان دميريل، في أبريل 1975، تراجع الجانب التركي عن موقفه، وأعلن ضرورة التفاوض في هذا الشأن، مع الحفاظ على اجتماعات الخبراء القانونيين، التي لم تسفر عن شيء. إلا أن الموقف عاد إلى التوتر من جديد نتيجة قيام تركيا، مرة أخرى، بإرسال سفينة أبحاث إلى المنطقة المتنازع عليها، مما أدى إلى بعض التحرشات العسكرية بين الجانبين، وتشكيل تركيا لما يسمى بـ "جيش إيجه"، أي قوات خاصة للعمل في بحر إيجه، مكونة من وحدات عسكرية تابعة للجيش الرابع، ومتمركزة في أزمير.

تفادياً لمزيد من الخلاف بين الجانبين، اقترحت الحكومة اليونانية عدم استخدام القوة، لفض المنازعات بين الجانبين. غير أن تركيا، رفضت ذلك، تخوفاً من قيام اليونان باستغلال هذا الاتفاق، في مد بحرها الإقليمي إلى 12 ميلاً بحرياً، وعدم تمكن الجانب التركي، بناء على هذا الاتفاق، من استخدام القوة لوقف ذلك. واستمر الجانب التركي في إرسال سفن أبحاث إلى بحر إيجه، حيث المناطق المتنازع عليها، لإثبات حقه، وعدم ضياعه بالتقادم، الأمر الذي أدى إلى لجوء اليونان، في أغسطس 1976، إلى مجلس الأمن.

أصدر مجلس الأمن قراره الرقم 395، عام 1976، حول ضرورة قيام الجانبين بمراعاة مبادئ حل المنازعات بالطرق السلمية. وحث على ضرورة وقف الأعمال الاستفزازية، من أجل تسهيل عملية التفاوض، مستقبلاً. ولم يستبعد القرار إمكانية مشاركة محكمة العدل الدولية في حل الأزمة.

تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الرقم 395، قام الطرفان بتوقيع اتفاقية "برن"، في الحادي عشر من نوفمبر 1976، والتي أكد الطرفان، بمقتضاها، استمرار المفاوضات بينهما، حتى يتم التوصل إلى تحديد للجرف القاري لكل منهما. كما أكدت الاتفاقية عدم قيام أي من الطرفين بأي إجراءات من شأنها فرض سيادته على بحر إيجه.

استناداً إلى قرار مجلس الأمن الرقم 395 عام 1976، لجأت اليونان إلى محكمة العدل الدولية، غير مبالية بموافقة الجانب التركي طالبة من المحكمة التدخل لحماية المصالح اليونانية، المعرضة لخطر، لا يمكن مواجهته، وكذلك استصدار حكم بتحديد الجرف القاري.

جاء رد محكمة العدل الدولية مخيباً للآمال اليونانية، إذ رفضت المحكمة الطلبين اليونانيين، على أساس أن الأعمال التركية في الجرف القاري، محور الخلاف، لا تؤثر سلباً في المصالح اليونانية. كما أعلنت المحكمة، من ناحية أخرى، عدم الاختصاص والولاية في هذه الدعوة اليونانية، نظراً إلى الأسباب التالية:

(1) إن اليونان وافقت على الانضمام إلى اتفاقية تسوية النزاعات، الموقعة عام 1928، (اتفاق دول الباسفيك). مع التحفظ من أن هذه البنود، لا تدخل في ترسيم حدودها الإقليمية. ومن ثم، فإن هذا يُعَدّ سنداً قانونياً لعدم الولاية من قبل المحكمة.

(2) إن تركيا لم تبدِ موافقتها على قبول ولاية المحكمة. ومن ثم، لا يمكن قيام اختصاص لمحكمة العدل الدولية عليها في هذه المشكلة.

(3) استمر الوضع السابق بين الدولتين، خلال الثمانينيات، ثم تجدد الاستفزاز التركي لليونان، مرة أخرى، بإرسالها سفن الأبحاث في مجال الجرف القاري لجزر اليونان، عام 1988، للضغط على أثينا، كي تقبل التفاوض، سعياً إلى إيجاد حل لهذه المشكلة.

وصلت تركيا واليونان إلى شفا الحرب، بسبب النزاع القائم في بحر إيجه، وذلك في مارس 1987. وجرى لقاء بين تورجوت أوزال Turgut Ozal، رئيس وزراء تركيا، وأندرياس باباندريو، رئيس وزراء اليونان، في مدينة دافوس Davos، شرقي سويسرا، في أوائل فبراير 1988. وهو اللقاء الثاني بينهما، بعد اللقاء الأول، الذي جرى في المدينة عينها، عام 1986. وعقب الاجتماع، صدر بيان مشترك، يُعَدّ مهماً في التوصل إلى إزالة التوتر بين الدولتين، والاتجاه نحو تسوية المشكلات العالقة بينهما. ووافق الطرفان على إنشاء لجان مشتركة، لتحديد الخلافات بين الدولتين، واقتراح الحلول المناسبة، في شأنها. ولم تفلح هذه اللجان في حل أي من تلك الخلافات.

ب. الموقف التركي

يرى الجانب التركي أحقيته، في رسم حدود الجرف القاري، حتى منتصف بحر إيجه، مستنداً إلى أحقية تركيا في الجرف الطبيعي لهضبة الأناضول. وبناءً عليه، فإن الجرف القاري التركي، سيصل حتى غرب العديد من الجزر اليونانية في بحر إيجه. وأكدت الحكومة التركية، في كثير من المناسبات، أن الأبحاث العلمية، أثبتت وجود مرتفعات في قاع بحر إيجه، قرب الجزر، تثبت الامتداد الطبيعي للجرف الأناضولي إلى ما بعد الجزر اليونانية. وهو الأمر الذي ترفضه اليونان، وتؤكد أحقية جزرها في امتلاك جرف قاري، بناءً على المادة (121) من قانون البحار، عام 1982. وقد جددت اليونان مطالبتها برسم الخط الفاصل للجرف القاري اليوناني، شرق الجزر اليونانية، في منتصف المسافة بين هذه الجزر وهضبة الأناضول، وهو ما جدد الجانب التركي رفضه.

مما سبق، يتضح أن هناك تبايناً في موقف الدولتين من الحل السلمي لهذا الخلاف. فبينما تتجه اليونان نحو الحل القانوني، استناداً إلى المادتين (73 و84) من قانون البحار الأخير، واللتين تنصان على ضرورة إيجاد حل للخلافات إزاء حدود الجرف القاري بين الدول، بناءً على مبادئ القانون الدولي. وتشيران إلى إمكانية إعمال المادة 38 من ميثاق محكمة العدل الدولية. وترفض تركيا ذلك، للاعتبارات القانونية التالية:

(1) من الناحية القانونية، ترى تركيا، أن المادتين (73 و84)، تؤكدان أهمية التوصل إلى حل، عبْر المفاوضات السلمية. وأن إدخال المادة (38) من ميثاق محكمة العدل الدولية، يؤكد صحة الموقف التركي، المطالب بإيجاد حل عادل للجرف القاري بين الدولتين، وذلك لأن الجزء الثاني من هذه المادة، يجيز للمحكمة بت الأمور، بناءً على مبدأ التساوي والتقسيم المنطقي. وتهدف تركيا إلى الحصول على موافقة اليونان على هذا المبدأ. ويعد الشرط الوحيد لقبول تركيا ولاية المحكمة في هذا الخلاف. وفي هذه الحالة، يحق للمحكمة بت الأمر بعين التساوي والتقسيم المنطقي، وليس بالقانون فقط. وهو ما ترفضه اليونان.

(2) إن تركيا تخشى قبول الحل القانوني، لما يحمله بين طياته، من خطر كبير، ومجازفة غير محسوبة العواقب، يمكن أن تذهب بحقوقها المشروعة في الجرف القاري لبحر إيجه، والإضرار بموقفها من الخلافات الأخرى، والتأثير في ميزان المصالح في هذا البحر، لمصلحة اليونان. وهو ما لا تقبله تركيا.

(3) ترى تركيا، أن خلافات بحر إيجه كثيرة ومتداخلة، وتؤثر في أمنها ومصالحها، ومن ثم، يجب إيجاد حل شامل لكافة هذه الخلافات.

3. الخلاف حول تسليح جزر شرقي إيجه:

نظراً إلى الأهمية الإستراتيجية لجزر شرقي بحر إيجه، سواء للملاحة الدولية أو لمبدأ توازن القوى في هذا البحر، فإن تلك الجزر تقع تحت طائلة العديد من الاتفاقيات الدولية، التي تحدد موقفها العسكري، وذلك على النحو التالي:

أ. جزيرتا ليمنوس وساموتراكي، تقعان تحت طائلة المادة 4 من اتفاقية لوزان (1923)، التي نصت على أن تكونا منزوعتَي السلاح تماماً، نظراً إلى تحكمها غير المباشر، في الملاحة عبْر مضيق الدردنيل  الحيوي. كما نصت الاتفاقية، أيضاً، على نزع سلاح العديد من الجزر الأخرى، التركية، للأسباب عينها.

ب. في ما يتعلق بجزر ليسبوس وشيوس Chios وساموس Samos  وايكاريا Ikaria ، فقد حددت اتفاقية لوزان، في المادة (13) الوضع العسكري لهذه الجزر، إذ حرمت استخدام هذه الجزر في التحصينات العسكرية أو القواعد البحرية، ومن ثم، يكون موقفها العسكري مقصوراً على التسليح العادي لمجنديها.

ج. بالنسبة إلى جزر دوديكانس، الواقعة في الجنوب الشرقي لبحر إيجه، فقد نصت المادة (14) من اتفاقية باريس، الموقعة بين الحلفاء، عام 1947، على نزع السلاح الكامل لهذه الجزر، لخطرها، من الناحية الأمنية، على تركيا.

بدأت الخلافات بين الجانبين، التركي واليوناني، مع بداية السبعينيات، حين اتهمت تركيا الحكومة اليونانية بتسليح هذه الجزر، وهو ما ينقض الاتفاقات والمواثيق الدولية منذ عام 1967. بينما ترى الحكومة اليونانية، أن هذا التسليح أمر طبيعي وحق سيادي، نظراً إلى التهديد التركي وخطره على سلامة هذه الجزر وأمنها، خاصة بعد الاحتلال التركي لشمالي قبرص.

يرى الجانب اليوناني، أن قيامه بتسليح هذه الجزر، لا يتنافى ومبادئ القانون الدولي والاتفاقات الدولية، استناداً إلى الاعتبارات التالية:

أ. يؤكد الجانب اليوناني، أن اتفاقية لوزان، وموادها المتعلقة بتسليح جزر شرقي بحر إيجه، انتهت بحلول اتفاقية مونترو Montreux عام 1936، محلها. وأن الجانبين يعتبران مشاركين في اتفاقية مونترو، والتي تُعَدّ الوريث الشرعي لمعاهدة لوزان، ومن ثم، تبطلها، وتلغي كل موادها وقراراتها في شأن الجزر، وموادها لا تعارض تسليح الجزر. لذا، فإنه لا يوجد ما يمنع قيام الجانب اليوناني بتسليح هذه الجزر.

ب. تنص القاعدة القانونية على عدم أحقية تركيا، في الاعتراض على تسليح جزر دوديكانس، لأنها ليست عضواً في اتفاقية باريس عام 1947، لأن أي اتفاقية في القانون الدولي، لا تفرض واجبات، ولا تعطي حقوقاً، إلا للدول التي وقعتها، ونتيجة لذلك، لا يحق لتركيا التدخل في سياسة اليونان، في هذه الجزر.

ج. ترى اليونان، أن من حقها الطبيعي القيام بجميع الترتيبات، لتأمين أراضيها، وترسيخ سيادتها القومية، إذا تعرض أمنها للخطر، خاصة بعد الغزو التركي لشمالي قبرص.

في ضوء هذه المبررات، قامت اليونان بتسليح العديد من هذه الجزر، بأسلحة ثقيلة، كالدبابات والمدفعية بعياراتها المختلفة (جزيرة ليسبوس). أو قامت  بإنشاء مطارات عسكرية في جزر أخرى. الأمر الذي أدى إلى تفاقم الخلاف، وقيام الحكومة التركية بتجهيز "جيش إيجه".

د. الموقف التركي يتلخص في رفض تركيا سقوط الاتفاقات الدولية، التي حددت الوضع العسكري لهذه الجزر، لعدم وجود أي قرائن، أو مواد، في اتفاقية مونترو، تشير أو تنص على إلغاء معاهدة لوزان. وهددت بإعلان حالة الحرب بين الدولتين، إذا قامت الحكومة اليونانية بإنزال قوات عسكرية تابعة لها، في هذه الجزر، التي تقرر نزع سلاحها. وأكدت تركيا، أن أي خطوة في هذا الطريق تعدّ سبباً مباشراً للحرب.

4. الخلاف حول المجال الجوى وخطوط الطيران فوق بحر إيجه

مشكلة تحديد المجال الجوي اليوناني، فوق بحر إيجه، هي واحدة من المشكلات المعلقة بين تركيا واليونان. وهي فرع لمشكلة بحر إيجه، ويدور حولها جدل كبير كما يلى:

أ. . الخلاف حول مسافة المجال الجوي، أفقياً، نجم عن المادتين (1 و2) من اتفاقية شيكاغو Chicago لطيران المدني، الموقعة عام 1942، اللتين نصتا على أن المجال الجوي لأي دولة، هو ما فوق بحرها الإقليمي، وإقليمها الأرضي. وبما أن الجانب اليوناني، يدّعي أحقيته في مد بحره الإقليمي 12 ميلاً، إذا استدعى الأمر، فإنه يحق له، من ثم، مد مجاله الجوي 10 أميال، أفقياً، فوق بحره الإقليمي. وهو ما يرفضه الجانب التركي، بناءً على معارضته لأحقية اليونان في مد بحرها الإقليمي إلى 12 ميلاً بحرياً.

ب. أكدت تركيا، أنه لا حل للخلاف حول المجال الجوى، إلا بحسم مشكلة امتداد البحر الإقليمي. وأعلنت عدم موافقتها على مد اليونان مجالها الجوي لمسافة عشرة أميال.

ج. طالبت اليونان تركيا، رسمياً، بتسليمها خرائط الطيران المتعلقة بالسلاح الجوي التركي، حتى تتمكن أثينا من تنفيذ التزاماتها نحو تنظيم الملاحة الدولية، فوق مياهها الإقليمية، ومجالها الجوي، بمسافة 10 أميال بحرية، أفقياً. ورفضت تركيا، مستندة إلى الآتي:

(1) إن الأربعة أميال، بعد الستة أميال، المجال البحري الإقليمي لليونان، تُعَدّ مجالاً جوياً دولياً. ولن تسلم أي خرائط أو خطوط طيران. ويقتصر تنفيذ ذلك على الستة أميال للبحر الإقليمي فقط.

(2) إن اتفاقية شيكاغو (1942)، لتنظيم الملاحة الجوية، تنص على إعفاء الطائرات المملوكة للدولة، رسمياً، من شروطها، إذ إنها تقتصر على الطيران المدني فقط، وهو ما يؤكد عدم أحقية اليونان في طلبها.

5. جهود الوساطة في مشكلة بحر إيجه

أول هذه الجهود هو محاولة السكرتير العام لحلف شمال الأطلسي، اللورد كارينجتون، الذي قدّم اقتراحاً لحل النزاع الإقليمي. إلا أن الحكومة اليونانية، أعربت عن اعتراضها على تحكيمه. أمّا رئيس وزراء تركيا، تورجوت أوزال، فقد أعلن أن البلدين ليسا في حاجة إلى وسيط. وكانت تركيا  تفضل تسوية المشكلة من خلال مباحثات ثنائية، بدلاً من التوجه إلى محكمة العدل الدولية، خشية أن يكون حكمها في غير مصلحة تركيا.

وجّه البرلمان الأوروبي نداءً، من مقره في ستراسبورج، طالب فيه الطرفين بإبرام اتفاق فوري، يستهدف عرض المشكلة اليونانية، المتعلقة بتعيين الجرف القاري لبحر إيجه، على محكمة العدل الدولية، في لاهاي. ورحبت اليونان بالنداء، بينما رفضته تركيا أيضاً، لأنه كان، في نظرها، متحيزاً، ولا يعكس إلا وجهة نظر أثينا.

طالب الأمين العام للأمم المتحدة، دى كويلار، بممارسة أقصى درجات ضبط النفس في تلك الأزمة.

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، أنها لن تقف إلى جانب أي من الطرفين، في ذلك النزاع . ولن تفرض أي حل غير مقبول منهما.

سابعاً: المشاكل العرقية والدينية

طبقاً لاتفاقية لوزان، الموقعة في 24 يوليه 1923، وما نصت عليه من التبادل السكاني، انتقل اليونانيون المقيمون بأراضي تركيا إلى اليونان، وكان عددهم مليوناً ومائتي نسمة. كذلك، انتقل المسلمون الأتراك المقيمون باليونان إلى تركيا، وكان عددهم 450 ألف نسمة، مع استثناء أقلية صغيرة في كلتا الدولتين، كانت تزيد قليلاً على المائة ألف.

وعلى مدار العقود التالية، انخفض عدد اليونانيين في تركيا، حتى وصل إلى عدة آلاف فقط. بينما ازداد الأتراك المقيمون باليونان بنسبة 50%، مع ارتباطهم، ثقافياً ودينياً، بدولتهم الأمّ، بل إنهم كثيراً ما يتوجهون إلى الجامعات والمعاهد التركية، طلباً للعلم.

وتعمد الحكومة اليونانية، بين الفينة والأخرى، إلى إثارة مشاعر الأتراك القاطنين في إقليم تراقيا الغربية،  Trakya أوThrace في الشمال الشرقي، على الحدود، داخل اليونان، ويبلغ تعدادهم 150 ألف نسمة تقريباً. فتعمد إلى الحدّ من حريتهم في العبادة، وحرمانهم من التعليم الديني الإسلامي، والتضييق على الجمعيات الخيرية، ومصادرة الأوقاف الإسلامية، ومصادرة ممتلكات الأتراك، بإلغاء حجج تملكهم للأراضي، بل إحراق المساجد أو هدمها، بحجج واهية.

وكثيراً ما تثور المشاكل بين تركيا واليونان، بسبب الحقوق، السياسية والدستورية، للأقلية التركية في اليونان، وتمثيلهم في المجالس، المحلية والنيابية، مما تعده اليونان تدخلاً في شؤونها الداخلية.

وينظر اليونانيون إلى ما حدث في قبرص، من تدخل عسكري تركي، أسفر عن الاستيلاء على ثلث الجزيرة، بدعوى حماية الأقلية التركية، على أنه نموذج، يمكن تكراره في الشمال اليوناني، مستقبلاً.

وإلحاقاً بالمشكلات الدينية والعرقية، تظهر مشكلة دينية عرقية، خامدة حالياً، تنتظر الظروف الملائمة لتصعيدها، وتتلخص في أنه إذا كان تزايد عدد الأتراك في شمالي اليونان، يعدّ مشكلة، فإنه على الجانب الآخر، يعدّ تناقص عدد اليونانيين في إستانبول مشكلة أخرى، لا تقلّ عن المشكلة الأولى، إذ ترتبط هذه المشكلة بالبطريركية اليونانية الأرثوذكسية، في إستانبول، التي يشترط في البطريك المختار لها، أن يكون يونانياً أرثوذكسياً، متمتعاً بالجنسية التركية. ولأن عدد اليونانيين في تناقص مطّرد، فإنهم يشعرون بأن يوماً ما، لن يكون في وسعهم إيجاد بطريرك، يتولى أقدم وأهم كنيسة أرثوذكسية يونانية في العالم. وهذه الكنيسة ترجع إلى الإمبراطورية البيزنطية،التي أجهز عليها الأتراك في القرن الخامس عشر الميلادي. وتعدّ هذه القضية من الأمور الحساسة جداً على الصعيدَين، الرسمي والشعبي، لليونان. ولذلك، لم يكن غريباً أن يطرح رئيس الوزراء اليوناني السابق الشروط الواجب استيفاؤها في بطريرك القسطنطينية، حين التقى الرئيس الأمريكي "بيل كلينتون" في البيت الأبيض، عام 1994، ومطالبته بالتدخل لدى الأتراك، لقبول اختيار البطريرك لليونانيين عامة، من دون اشتراط الجنسية التركية .

ثامناً: آخر تطورات الصراع التركي اليوناني

وفي تطور إيجابي مفاجئ، اتفق الطرفان، اليوناني والتركي، إبّان اجتماع الرئيس التركي، سليمان دميريل، ورئيس الوزراء اليوناني، كوستاس سيميتيس، علـى هامش اجتماعات قمة حلف شمال الأطلسي، في مدريد، خلال يوليه 1997، اتفقا على ست نقاط، مثلت بصيص أمل لحل الأزمة بينهما، خاصة أن الاتفاق جاء برعاية أمريكية. والنقاط الست هي:

1. تحقيق السلام والأمن.

2. استمرار جهود تحسين العلاقات بين البلدين.

3. الاحترام المتبادل للأراضي والحقوق المشروعة لكل جانب.

4. احترام القانون والمعاهدات الدولية.

5. احترام حقوق الجانبين في بحر إيجه.

6. البعد عن استخدام العنف، أو التهديد باستخدامه لحل المشكلات المستقبلية.

مشكلة قبرص

في 18-22 مايو 1998م زار رئيس أركان القوات المسلحة التركي الجنرال إسماعيل حقي قراداي موسكو لثني الزعماء الروس عن عزمهم اتمام صفقة الصواريخ الروسية.ولكنه فشل في مساعاه،لأن روسيا ترى لها مصلحة اقتصادية في إتمام الصفقة التي بلغت قيمتها 420 مليون دولار،ويقلل حكام الكرملين من شأن التهديد الذي يمكن أن ينتج عن هذه الصواريخ على الأمن القومي التركي.

وفي تطور مثير في حلقة الصراع التركي اليوناني على قبرص،أرسلت اليونان فجأة أربع طائرات مقاتلة من طراز إف 16 وطائرة شحن عسكرية سي 130 إلى قاعدة جوية قبرصية أنشئت حديثاً قرب بافوس في الشطر اليوناني من الجزيرة.

وردت أنقرة على الفور بإرسال ست طائرات إف 16إلى مطار في شمال قبرص الواقع تحت سيطرة القوات التركية.وتبارت الدولتان في تبادل التصريحات شديدة اللهجة،وأرسلتا رسائل إلى الأمم المتحدة.وانتهت الأزمة كالعادة بعدما استنزف الطرفان غضبهما،وبعدما تدخلت الولايات المتحدة لوقف تطور النزاع، وأرسلت حاملة الطائرات إيزنهاور إلى المنطقة.

وعقب هذا قام وزير الدفاع القبرصي ياناكيس أوميرو بزيارة لموسكو في يوم 7يوليو 1998م استمرت أربعة أيام،لمباحثات تتعلق بالتعاون العسكري بين روسيا وقبرص الموقّع اتفاقه في عام 1996م.وأعلنت روسيا اكتمال تدريب القوات القبرصية على استخدام الصواريخ إس 300.وأنه أجريت تجارب ناجحة لإطلاق الصواريخ على أهداف طائرة. وهذا دعا رئيس الوزراء التركي مسعود يلماز إلى التصريح بأن نشر الصواريخ الروسية في جنوب جزيرة قبرص سيدفع الحكومة التركية إلى عمل مماثل،ونشر صواريخ في القطاع التركي من الجزيرة لحماية القبارصة الأتراك، وحماية مجالها الجوي.

وقام الرئيس القبرصي جلافكوس كليريديس في 11يوليه 1998م، بزيارة لموسكو لحضور دورة ألعاب رياضية للناشئين، ولكنه سوف التقى بالرئيس الروسي بوريس يلتسين وتباحثا في شأن الصواريخ. وصرح كليريدس أن نشر الصواريخ إس 300 المتوقع في شهر نوفمبر 1998م سيلغى إذا حصل تقدم على طريق نزع الأسلحة في الجزيرة ،أو في حال استئناف المفاوضات وتقدمها مع رؤوف دنكتاش زعيم القبارصة الأتراك، حتى لا يقلب وصول هذه الصواريخ الأمر رأساً على عقب.

ومن ناحية أخرى عرضت الولايات المتحدة الأمريكية خطة لتأجيل نشر الصواريخ الروسية لفترة إضافية تتراوح بين 6و8 أشهر لإتاحة الفرصة أمام واشنطن لتجنيب المنطقة أية مواجهات عسكرية وبخاصة في ظل الإصرار التركي على توجيه ضربة إلى نيقوسيا في حالة تسلمها الصفقة. وتقضي الخطة الأمريكية بإلغاء عملية نشر الصواريخ على الأراضي القبرصية مقابل تطبيق وقف تحليق الطيران العسكري التركي واليوناني في الأجواء القبرصية.وتقضي بوضع مراقبة دولية للتأكد من تطبيق الخطة.وتنظر قبرص بعين الرضا لهذه الخطة،ولكن بشرط أن تدرج ضمن إطار موسع لنزع السلاح من الجزيرة القبرصية المقسمة.

اقتراح نشر الصواريخ الروسية في جزيرة كريت.

وفي يوم الخميس 25 يونيه 1998م، وصل الرئيس اليوناني كوستيس ستيفانوبولس في أول زيارة لرئيس يوناني إلى جزيرة قبرص منذ الغزو التركي لها عام 1974م.وقال الرئيس القبرصي جلافوس كليريدس وهو يرحب بالضيف اليوناني "إن وجودكم في قبرص يوجه رسالة مهمة هي أن اليونان بصفتها قوة ضامنة لجمهورية قبرص تقف إلى جانبنا".وقال الرئيس اليوناني بالمقابل : إن اليونان تقف إلى جانب قبرص ولن تتخلى عنها في نضالها من أجل السلام والاستقلال والعدل".وعبر عن تصميم الحكومة اليونانية على تعزيز تعاونها العسكري مع قبرص طالما استمر التهديد التركي.

وأصدر مجلس الأمن في 6يوليه 1998م نداء لإجراء حوار مباشر بين زعماء الطائفتين التركية واليونانية في قبرص بعدما أحاط مبعوث الأمم المتحدة دييجو كوردوفيز أعضاء المجلس بآخر تطورات المشكلة.

وإلى هذا الوقت يونيه 1999م، لم يحدث أي تقدم في سبيل الحل،وإنما هي مساع سلمية تقوم بها دول ومنظمات دولية،وشروط مسبقة تفرضها الأطراف المتنازعة.

فقد أكد مسؤولون بالحكومة التركية أن إحراز أي تقدم في المفاوضات حول القضية القبرصية مرهون باعتراف كل من الحكومتين اليونانية والقبرصية بجمهورية شمال قبرص التركية.وأن أي مفاضوات او مباحثات دون الاعتراف بالجمهورية التي أعلنت عام 1983م، هو مضيعة للوقت،ولن تخدم القضية.

ورحبت من جانبها الحكومة القبرصية اليونانية بالنداء الذي أطلقته دول مجموعة الثماني والذي يدعو للتفاوض دون شروط لتوحيد الجزيرة المقسمة منذ 25 عاماً.

وناشد المتحدث باسم الحكومة القبرصية سبيروس أروتيس الدول الغربية الضغط على القبارصة الأتراك للقبول بتسوية تقوم على أساس قرارت الأمم المتحدة.

وكان وزراء خارجية الدول الثمانية الصناعية السبع الكبرى علاوة على روسيا -قد دعوا في مؤتمرهم في كولونيا في 6 يونيو 1999م دعوا الأمم المتحدة.

مشاكل بين تركيا واليونان

تأثرت العلاقات التركية اليونانية بسبب دعم اليونان لحزب العمال الكردستاني PKK المحذور في تركيا، والذي يقاوم الحكومة التركية منذ 1984م، ويقود نضالاً مسلحاً لتحقيق آمال الأكراد في دولة مستقلة في شرق الأناضول.وقد أقامت اليونان معسكرات للتدريب في أراضيها،وآوت عناصر قيادية من الحزب في أراضيها.

وقد زاد التوتر بين البلدين عقب استقبال اليونان لطائرة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوج آلان، وسمحت لها بالهبوط في قاعدة عسكرية يونانية وزودتها بالوقود،بعد أن رفضت عدة دول أوربية استقباله.وزودت اليونان عبدالله أوج آلان بجوار سفر دبلوماسي قبرصي، وغادر اليونان إلى كينيا حيث دخلها بطريقة غير مشروعة في 3 فبراير 1999م. وأقام مدة أسبوع في مقر السفارة اليونانية في نيروبي .ثم تمكنت الاستخبارات التركية من إلقاء القبض على الزعيم الكردي وسيق إلى تركيا حيث أدلى في اعترافاته بالدعم اليوناني الذي كان يقدم لحزب العمال الكردستاني.


 



[1] دييجو كوردوفيز Diego Cordovez   هو وزير خارجية الإكوادور الأسبق، والذي سبق أن رعى المفاوضات التي أسفرت عن اتفاق لانسحاب القوات السوفيتية من أفغانستان، عام 1988.

[2] كان مساعداً لوزير الخارجية الأمريكي، وقام بمساع صعبة ومكثفة خلال أزمة البوسنة والهرسك، تكللت باتفاقية دايتون، في 14 ديسمبر 1995.