إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / الصراع في جنوبي السودان





موقع منطقة إبيي
المناطق الحدودية المختلف حولها

مناطق النفط جنوب السودان
أماكن معسكرات الفصائل
الموقع الجغرافي للسودان
التوزيع القبلي
التقسيم الإداري للسودان
التقسيم الإداري لجنوب السودان
تضاريس السودان
قناة جونجلي



المبحث الثامن

المبحث الخامس عشر

تطور الصراع عام 2002

أولاً: الصراع المسلح

في أواخر العام الماضي وحتى الثالث من يناير 2002، قامت حركة التمرد في منطقة غرب النوير، بالاعتداء على مجموعة فنيين يعملون على طريق اللير ـ بانتيو (تحت التشييد) واشتبكت مع قوة الحراسة العاملة في الطريق وقتلت 3 منهم وجرحت آخرين. واتهم أحد مسؤولي الحكومة السودانية، قوات تابعة للدكتور رياك مشار (أحد معاوني قرنق) وتعبان دينق باحتلال منطقة في غرب النوير بولاية الوحدة. وأشار إلى أن القوات المسلحة تصدت للهجوم الغادر وأجبرتهم على الفرار، وأضاف «هذه الاعتداءات تهدف إلى إيقاف مسيرة التنمية والتعمير الجاري تنفيذها»، مؤكدا أن السودان قام برفع شكوى لآلية تنفيذ مذكرة التفاهم في نيروبي الثلاثاء وما زال في انتظار رد اللجنة. وقالت الحركة الشعبية أن القوات الحكومية شنت هجوما واسع النطاق بالدبابات وطائرات الهليكوبتر على مواقع خاضعة لسيطرتها في مناطق منتجة للنفط وقصفت أيضا المدنيين. وأشارت في بيان إلى أن قوات النظام تنفذ تصريحات قادتها وتشن هجوما واسعا على مواقعنا في مناطق البترول.

ثانياً: الموقف الإقليمي والدولي

1. الموقف الإقليمي

أ. منظمة الإيقاد

بدأت في الخرطوم أعمال قمة الإيقاد، في 9 يناير 2002، وشارك فيها رؤساء: الصومال وجيبوتي وإريتريا وكينيا وإثيوبيا وأوغندا، ووزراء خارجية مصر وقطر، بوصفها الرئيس الحالي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ووزير شؤون الوحدة الأفريقية الليبي، والأمين العام لجامعة الدول العربية.

وناقشت القمة قضايا إحلال السلام في السودان والصومال، ومكافحة الإرهاب، والتعاون الاقتصادي، والقضايا السياسية والإنسانية، والأمن الغذائي، وحماية البيئة.

بدأت مفاوضات السلام السودانية بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان في ضاحية ماشاكوس بالقرب من العاصمة الكينية نيروبي في 17 يونيه 2002. ودخل الطرفان في البداية في حلقة مفرغة من المناقشات، مما دفع الإدارة الأميركية بالتعاون مع حكومة النرويج إلى إعداد مشروع اتفاق مكتوب قدم إلى طرفي الصراع في الثلاثين من يونيو/ حزيران. وأرفقت الولايات المتحدة الأمريكية نص الاتفاق بتهديدات للطرفين تحملهما مسؤوليات وتبعات رفضهما التوقيع عليه.

في 20 يوليه 2002، اتفقتا الحكومة السودانية وحركة جيش التحرير الشعبي السوداني، على إطار عام لمفاوضات مستقبلية بينهما بهدف إنهاء الصراع في جنوب البلاد والذي مضى عليه حوالي عقدَين من الزمن. وجاء هذا الإعلان في أعقاب أسبوعين من المحادثات بين الطرفين برعاية الأمم المتحدة والتي استضافتها كينيا.

وقال أعضاء الوفود المشاركة في المحادثات إنه لم يتم بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، إلا أنه تم التوصل إلى إطار عام للمحادثات التي ستجرى الشهر القادم والتي يتوقع أن توضع خلالها مسودة اتفاق سلام نهائي.

وقال سامسون كواجي الناطق باسم الجيش الشعبي إنه بعد مضي فترة ستة أعوام على توقف الأعمال العسكرية اتُفِق على إجراء استفتاء شعبي في جنوب السودان بشأن الإدارة الذاتية واستثناء الجنوب من تطبيق الشريعة الإسلامية في سياق القوانين.

وقد صرح ياسر عرفان المتحدث باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان للقسم العربي في الـبي بي سي بأن المفاوضات تناولت إقامة ثلاثة كيانات سودانية وهي الشمال والجنوب والكيان المركزي. حيث أن الاستفتاء المعروض على الشعب السوداني في الجنوب قد يطرح خيار الحكم الذاتي، كما قد يذهب إلى حد طرح الانفصال النهائي عن السودان كخيار أيضا. (اُنظر ملحق بروتوكول مشاكوس، كينيا في 20 يوليه  2002)

ب. ليبيا

في 21 يوليه 2002، يصل الزعيم الليبي معمر القذافي إلى القاهرة، لإجراء مباحثات مع الرئيس المصري حسني مبارك، قيل إنها تتناول الوضع في الشرق الأوسط وتطورات الاتفاق بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان.

ج. مصر

اعتبرت مصر أن بند حق تقرير المصير الوارد في البروتوكول سيؤدي إلى انفصال جنوب السودان وهو ما تعتبره مساسا بأمنها القومي، كما تعتقد ـ ضمن تحفظات أخرى ـ أن هذه الخطوة ستشجع مناطق أخرى في شرقي السودان وجبال النوبة وأبيي على الانفصال وتكوين دويلات مستقلة أيضا، مما قد يؤدي إلى تقسيم جديد لمياه نهر النيل.

في 15 أغسطس 2002، كرر وزير الخارجية المصري أحمد ماهر مخاوف بلاده من احتمالات تقسيم السودان خلال محادثات أجراها مع مبعوث الولايات المتحدة الأمريكية، جون دانفورث، في القاهرة، في محاولة، كما يقول المراسلون، لتهدئة المخاوف المصرية حيال اتفاقية السلام الجديدة التي أبرمتها الخرطوم مع المتمردين في الجنوب.

وأكد ماهر أن مصر لم تقم بأي دور في إعداد البروتوكول الذي تم توقيعه في العشرين من الشهر الماضي في كينيا وساعد دانفورث في وضعه.

وقد ابلغ ماهر دانفورث أن هناك الكثير الذي لا يزال يجب عمله لضمان ان الخيار النهائي للشعب السوداني سيكون الإبقاء على وحدة السودان.

ويعتبر الموقف إزاء السودان أحد النقاط الخلافية التي تعكر صفو العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.

د. كينيا

وكان الرئيس الكيني "دانيل أراب موي" قد حث الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان استثمار التقدم الكبير الذي أحرزاه يوم 20 يوليه 2002، في المحادثات الرامية لإنهاء الحرب الأهلية طويلة الأمد في جنوب البلاد.  وقال الرئيس الكيني، الذي قاد محادثات الوساطة بين الجانبين طيلة السنوات العشر الماضية لإنهاء النزاع، إن على الجانبين أن ينظرا إلى معاناة المواطنين وتدمير الموارد وسقوط الضحايا نتيجة استمرار الحرب.

وقال موي إنه سيشعر بالسعادة إذا جعل الجانبان من تحقيقهما السلام هدية له عند انتهاء فترة رئاسته في وقت لاحق من العام الحالي.

2. الموقف الدولي

أ. بريطانيا

في 21 يوليه 2002، قال وزير خارجية بريطانيا جاك سترو إن نداء الرئيس الكيني للجانبين بإنهاء النزاع يلقى الدعم الكامل من جانب لندن. وحث الوزير البريطاني طرفي النزاع على إبرام اتفاق سلام في أقرب وقت ممكن.

ب. الولايات المتحدة الأمريكية

دخل السودان العام الجديد 2002، وقد صمتت أصوات السلاح في منطقة جبال النوبة التي تشبه مناطق جنوب السودان من حيث كونها خضعت أيضا لقانون المناطق المقفولة الذي وضعه الاستعمار البريطاني. وذلك فضلا عن كونها تعيش التهميش نفسه الذي يلقاه جنوب السودان.

النجاح النسبي الذي تحقق في جبال النوبة أغرى المبعوث الأميركي بالاستمرار في جهوده والولوج إلى الملف الصعب في جنوب السودان، وقام في هذا الإطار بزيارة المناطق المتأثرة بالحرب، والتقى كبار القياديين في الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، كما التقى قادة دول الجوار المؤثرة في الصراع مثل كينيا وأوغندا ومصر. وأخيرا بحث المسألة السودانية مع شركاء "مبادرة الإيقاد" الأوروبيين.

وفي 26 من أبريل، قدم القس جون دانفورث تقريره الشهير عن الأزمة في السودان إلى الرئيس الأميركي جورج بوش، وخلص التقرير إلى القول "إنه يتعذر على أي طرف أن يكسب الحرب" في جنوب السودان، وإنه لا مناص من مسعى دولي لتحقيق تسوية لهذا الصراع.

وأكد المبعوث الأمريكي في تقريره أن للولايات المتحدة مصالح إستراتيجية واقتصادية حيوية في السودان بما يتطلب وقف الحرب، زاعما أن ما يتم فيها هو إبادة للمسيحيين في الجنوب. ولكنه أكد أيضا أن تقسيم السودان بفصل الجنوب حل غير واقعي لمشكلة الحرب الأهلية، وأنه لن يقود إلى سلام، ومن الأفضل توافر آليات لضمان الحقوق السياسية والدينية والمدنية في إطار دولة موحدة.

وأبدى دانفورث وجهة نظره فيما أسماه القضايا الجوهرية، وهي البترول وتقرير المصير وقضية الدين و"الحكومة" ونظام الحكم. وقد اعتبر المبعوث الأميركي أن اكتشاف البترول في السودان وتوظيف عائداته أثرا على الحرب في الجنوب، ولذلك فإن أي حل لموضوع الحرب ينبغي أن يتناول قضية البترول والتوزيع العادل لهذه الثروة.

وفي موضوع تقرير المصير اعتبر دانفورث أن سكان الجنوب ظلوا يعانون من سوء المعاملة من الحكومات في الشمال، بما في ذلك التمييز العنصري وعدم التسامح الديني والحرمان من الموارد القومية. ورغم ذلك رأى أن الأجدى للجنوبيين هو أن يظل السودان موحدا "مع التأكيد على إزالة هذه المظالم بضمانات دولية".

وحول موضوع الدين يقول دانفورث إن ضمانات الحرية الدينية يجب أن تكون داخلية وخارجية، الأولى تتحقق ـ حسب قوله ـ بوجود عدالة في ممارسة الحرية الدينية "والتي ربما لا تكون واقعية في المدى القصير"، أما الخارجية فتعني الرقابة الدولية لحرية الأديان "على نظام العصا والجزرة" لفرض الحقوق الدينية.

وفي شأن موضوع الحكم يرى دانفورث أن صياغة اتفاق سلام شامل، يضمن الحريتين الدينية والثقافية والتوزيع العادل للواردات النفطية ويحدد الوظائف الأخرى للحكم، وهو أمر يتطلب تفكيرا متأنيا، ويجب أن يأخذ في الاعتبار تقاسم السلطات بين الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية.

حرص المبعوث الأميركي على التأكيد مرارا على أن على الولايات المتحدة الأمريكية ألا تطرح مبادرتها الخاصة بشأن السلام في السودان، بل يجب أن تدعم وتعزز المبادرات الراهنة. ويقصد تحديدا المبادرة المشتركة المصرية الليبية ومبادرة الإيقاد، ولكنه تبنى عمليا المبادرة الثانية.

وبعد التشاور مع أطراف الصراع والدول المجاورة المعنية وشركاء الإيقاد الأوروبيين، طرح دانفورث على الفرقاء السودانيين أربعة مقترحات تختبر مدى التزام الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان. وتركز هذه المقترحات على تطبيق وقف إطلاق النار، وإرساء فترة أيام من الهدوء لإتاحة إيصال معونات إنسانية إلى المناطق المتضررة من الحرب، ووضع حد للهجمات على المدنيين، وإلغاء ما أسماه ظاهرة "ممارسة الرق".

وقبل طي ملف جنوب السودان في عام 2002، لا بد من الإشارة إلى ما يعرف بقانون سلام السودان (انظر ملحق نص قانون "سلام السودان" الذي أجازه الكونغرس الأمريكي) الذي وقعه الرئيس الأميركي جورج بوش في أكتوبر 2002، الذي ينص على فرض عقوبات أميركية على السودان إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام، يستند إلى بروتوكول ماشاكوس في غضون ستة أشهر من تاريخ التوقيع على الاتفاق.

واستخدم بوش في بيانه بعد التوقيع على القانون عبارات شديدة، قال فيها إن هذا القانون وضع لمخاطبة "الشرور التي أوقعتها الحكومة السودانية على شعبها، بما في ذلك المعاناة واستخدام الغذاء سلاحا في الحرب وممارسة الرق". وإنه وضع أيضا للضغط على الأطراف المعنية خاصة الخرطوم لإكمال "حسن النية" في المفاوضات من أجل إنهاء الحرب.

ومن بين نصوص القانون خفض العلاقات الأميركية مع السودان والتقدم بطلب إلى الأمم المتحدة بحظر السلاح على السودان، والسعي لمنع الحكومة السودانية من استخدام عائدات النفط. وأعقب صدور القانون قرار بتجميد أصول 12 مؤسسة وطنية سودانية.

ج. سويسرا

وفي الوقت الذي تعقد دول الإيقاد أعمال قمتها في الخرطوم أعلنت وزارة الخارجية السويسرية يوم 10 يناير 2002، أن الحكومة السويسرية قدمت دعوة للحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان لإجراء مفاوضات في الأسبوع الثالث من يناير 2002 برعاية مشتركة منها والولايات المتحدة الأمريكية، وأوضحت أن الدعوات سلمت يوم 9 يناير 2002 إلى الطرفين، في ختام اتصالات متعددة.

وفي 13 يناير 2002، أكدت السلطات السودانية أنها تلقت دعوة الحكومة السويسرية وقال غازي صلاح الدين مستشار الرئيس السوداني لشؤون السلام ـ في تصريحات لوكالة السودان للأنباء: إن ممثلين من الحكومة والحركة الشعبية (قطاع جبال النوبة) سيعقدون محادثات مباشرة في العاصمة السويسرية (بيرن) برعاية أمريكية. وطالب صلاح الدين الولايات المتحدة الأمريكية بانتهاج أسلوب بناء بصورة أكبر تجاه إنهاء الحرب الأهلية في السودان إذا كانت راغبة في القيام بإجراءات جادة لإنهاء الصراع المندلع منذ 18 عاماً. وأضاف قائلاً: إذا استغلت الولايات المتحدة الأمريكية نفوذها بحكمة وبطريقة بناءة فبإمكانها المساعدة في إحلال السلام.