إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / موسوعة الحرب الفيتنامية






مناطق الاستشاريين الأمريكيين
مناطق استطلاع 1965
مناطق اعتراض أمريكية
مناطق اعتراض رئيسية
مواقع 1972
مواقع عملية ليا
ممرات التسلل في جنوب فيتنام
منطقة إكس ري
منطقة تاللي هو
وحدات الفيلق الجنوبي الثاني
هجوم الفرقة التاسعة
هجوم بين هوا
مطار تخبون
أكس ري 1967
نظام MSO- Skyspot
معارك 1950-1952
معارك 1950-1954
معارك 1965
معارك 1967
معارك 1969
معارك بحرية 1964
معارك دين بين فو
معارك فيتنامية يابانية
معركة أونج ثانه
معركة هندرا بورا
معركة سوي تري
معركة فوك لونج
مقترح الانسحاب الأول
مقترح الانسحاب الثاني
أقسام لاوس
الوحدات الجنوبية 1975
الهجوم الصيفي
الهجوم في وادي كيم سون
الأيام الأخيرة للحرب
المرحلة الأولى من مدينة الملتقى
المرحلة الثانية من مدينة الملتقى
الأسطول السابع، في بحر الصين
المقاومة 1957-1959
التحركات عند نهر راخ با راي
السيطرة الجوية الأمريكية
الكتيبة 716
الفيلق الثالث الجنوبي
الفيلقين الأول والثاني 1969
الفيلقين الثالث والرابع 1969
الفرق الشمالية 1975
الفرقة 25 مشاة1967
الفرقة الأولى مشاة 1967
الفرقة الأولى فرسان 1966
الفرقة التاسعة 1967
تمركز في 1965
تحركات الكتيبة الثانية
برنامج حارس البوابة
برنامج كريكت
تسلل الفيتكونج
جنوب لاوس 1965
جنوب لاوس مارس 1967
دلتا نهر الميكونج
جيرونيمو
سواحل فيتنام الجنوبية
طبوغرافية فيتنام
شبكة هوشي منه 1967
شبكة طرق هوشي منه، إلى جنوب لاوس
شبكة طرق هوشي منه، في 1964
طرق عملية هزيم الرعد
سقوط المنطقة العسكرية الثانية
سقوط بان مي ثوت
سقوط سايجون
سقوط كسوان لوك
عمليات 1966
عمليات النحاسة اللامعة
عمليات التقاطع الساحلي
عمليات الفرقة الأولى فرسان أبريل -أكتوبر
عمليات الفرقة الأولى فرسان يناير -أبريل
عمليات القوات الكورية
عمليات كريكت في لاوس
عملية لام سون 719
عملية أتليبورو1
عملية أتليبورو2
عملية والوا
عملية هيكوري
عملية هزيم الرعد
عملية اللورين
عملية العربة
عملية بول ريفير
عملية باريل رول
عملية بيرد
عملية جاكستاي
عملية جريلي
عملية Leaping Lena
عملية شلالات الأرز
عملية سام هوستون
عملية كان جيوك
عملية فرانسيس ماريون
عمليتا نهر هود وبنتون
عمليتا النمر الفولاذي وباريل رول
قواعد ثاي وفيتنام الجنوبية
قوة الواجب أوريجون
قيادات شمالية 1966



الفصل الأول

موجز تاريخي

فيتنام هي أقدم بلاد جنوب شرقي آسيا. تعود حضارتها إلى أربعة آلاف عام. ويقال إن سكانها الأوائل جاءوا من الصين، وقيل كذلك إن سكانها الأوائل، كانوا جماعات زنجية، وفدت من أستراليا، وجزر المحيط الهادي، عُرفت بالزنوج الأستراليين Austrolo-Negroid؛ مع جماعات أخرى منغولية جنوبية Southern Mongoloid. أمّا جماعات الخمير Khmer الذين أطلق عليهم، فيما بعد، اسم الكمبوديين، فقد وفدوا من غربي الهند. وجاءت جماعات اللاو Lao، الذين ارتبطوا، عرقياً، بالثاي Thai، من أعالي محافظة يونان Yunnan الصينية. وجاء الفيتناميون من الجنوب، من وادي يانجتز Yangtze. واحتل القادمون الجُدُد الأراضي والسواحل الخصبة.

في بداية القرن السابع قبل الميلاد، أنشأ دونج سون  Dong Sonمملكة فان لانج Van Lang، على ضفاف النهر الأحمر ودلتاه. ثم امتدت إلى المناطق الجبلية المتاخمة، وشكلت حكومة مركزية، عرفت باسم آو لاك Au Lac.

عام 208 ق.م، زحف القائد الصيني، تشاو تو Chao To (أو تريو دا Trieu Da ) إلى آو لاك Au Lac، في الجبال الشمالية لفيتنام، وتغلب على مقاومتها الشرسة، وأسَّس مملكة مستقلة، سميت نام فيت Nam Viet (أيْ فيت الجنوبية). واتخذ عاصمة، بالقرب من مدينة دانانج Danang الحالية، وأعلن نفسه إمبراطوراً للمملكة.

عام 111 ق.م، وبعد سلسلة من الغزوات الشمالية، من جانب قبائل: تان Tan، وهان Han، الصينية، سادت الأخيرة، بعد أن قضت على نام فيت.

خلال القرن الأول ق.م، فرضت أُسْرة هانHan  سلطانها على البلاد. وضمت نام فيت إلى الإمبراطورية الصينية، ومدت حدودها، عبر آسيا، من تركستان إلى كوريا، تحت اسم جياو تشي Giao Chi.

عام 58 ق.م، ضم ثوك فان Thuk Van، بعد إطاحته أُسْرة هان، هذه المملكة إلى الأجزاء الساحلية، واتخذ كو لوا Co Loa عاصمة له.

عام 39م، قادت الشقيقتان ترونج Trung Sisters الفيتناميتان، ثورة ناجحة على الحكم الصيني، فقضت عليه، وأسست دولة مستقلة، امتدت من هوي إلى جنوب الصين. ولكن الجنرال الصيني، مافين Mavin، تمكن، عام 43م، من القضاء على الثورة، واستعاد السيطرة على المنطقة؛ ما دفع الشقيقتَين إلى الانتحار، في مايو 43م، بإلقاء نفسيهما في أحد الأنهار.

عام 248م، قادت الثائرة تريو آو Trieu Au، في محافظة ثانه هوا Thanih Hoa، حركة مقاومة شرسة ضد الصينيين، وأحرزت بعض الانتصارات؛ ولكنها هُزمت، إزاء الحصار الصيني، فانتحرت.

عام 542م، قاد لاي بون Ly Bon حركة تمرد واسعة على أُسْرة تانج  Tang الصينية الحاكمة؛ منتهزاً انشغال الجنرالات الصينيين بمعارك ضارية مع مملكة شامبا Champa، جنوباً. ونجح في إنشاء دولة مستقلة، باسم فان سوان Van Soan، استمرت أربع سنوات، ثم أزالتها القوات الصينية، عام 546م.

عام 722م، قاد ماي لوانMy Loan  حركة مقاومة للصينيين، متخذاً الجبال والغابات قواعد له؛ وأعلن نفسه إمبراطوراً. ولكن الصينيين نجحوا في القضاء عليه.

عام 766م، قاد فونج هونج Fung Hung، حركة مقاومة، في منطقة دونج لام Dung Lam؛ ما لبثت أن امتدت إلى المناطق المجاورة. ولكن الصين نجحت في القضاء عليه، وأسرت ابنه، آن Ann.

في يناير 938م، تخلصت أُسْرة نجو كوين Ngo Quyen، الفيتنامية، من الحكم الصيني، بعد معركة طاحنة، عند نهر باتش دانج Batch Dang.

عام 939م، أصبح نجو كوين، بعد أن تمكن من إلحاق هزائم متتالية بالقوات الصينية، ملكاً على مملكة نام فيت المستقلة، الناشئة.

عام 966م، أعلن دنه بو لينه Dinh Bo Linh، وهو من أُسْرة دنه Dinh، نفسه إمبراطوراً على البلاد، وأسمى إمبراطوريته داي كو فيت Dai Co Viet، أيْ مملكة "الصقر اليقظ"؛ وأَسَّس جيشاً قوياً من المزارعين. واستمر حكم أُسْرته عقداً من الزمان. واعترفت به الصين، مقابل دفعه جزية إليها.

عام 981م، أصبح لي Le إمبراطوراً، فأكمل توحيد البلاد، وأحكم السيطرة عليها؛ وتمكن من رد هجمات صينية متكررة. وأصدر، عام 983م، أول عملة وطنية فيتنامية.

عام 1009م، أصبح لاي ثاي تو Ly Thai To إمبراطوراً، وأَسَّس أُسْرة لاي، التي أسمت المملكة داي فيت Dai Viet، أيْ فيتنام الكبرى، وخاضت معارك طاحنة مع مملكة شامباChmpa ، والكمبوديين، والصينيين. ونقلت العاصمة إلى ثانج لاونج Thang Laong، مكان هانوي الحالية.

عام 1075م، قاد الجنرال الفيتنامي، نجو آن Ngu Ann، حركة مقاومة ناجحة، حملت الأُسْرة الحاكمة على ضمه إلى نسبها، وأسمته لي كيت Le Ceit. وقاد القوات الفيتنامية، عابراً مملكة نونج Nung، في الشمال الغربي، ماخراً بحر الصين الجنوبي؛ ولكن القوات الصينية هزمته، عام 1076م، وتقدمت إلى هانوي، متعرضة لمقاومة شرسة، وخسائر فادحة. وانتهت المواجهات إلى توقيع تسوية سلمية، عام 1079م، نصت على انسحاب القوات الصينية.

عام 1225م، حلت أُسرة تان Tran محل أُسرة لاي. وانتشر العمران. وانتعشت الزراعة والتجارة. وازدادت القوات المسلحة، فقويت على صد هجمات مغولية عديدة، قادها الإمبراطور المغولي، قوبلاي خان Kublai Khan؛ للاستيلاء على طرق قوافل التوابل، القادمة من الأرخبيل الأندونيسي.

في أبريل 1288م، دارت معركة طاحنة، عند نهر باك دانج Bac Dang، حيث تمكن الفيتناميون، بقيادة الإمبراطور تران هونج داو Tran Hung Dao، من هزيمة الغزاة المغول، وإجبارهم على الانسحاب إلى شمال النهر الأحمر. ولكنهم هزموه، مرة أخرى؛ ما اضطره إلى إرسال بعثة إلى الصين، تطلب حمايتها لقاء جزية، استمر دفعها حتى عام 1293م.

عام 1350م، بعد أن تخلص الفيتناميون من التهديد المغولي، تحركوا جنوباً؛ لغزو مملكة شامبا الهندية. وظلت المعارك بين الطرفَين سجالاً، في القرنَين الرابع عشر والخامس عشر. وبلغت ذروتها، عام 1471م، حينما تمكن الفيتناميون من اجتياح عاصمة شامبا، هندرابورا Indrapura، وقتل أربعين ألفاً من سكانها (انظر خريطة معركة هندرابورا).

عام 1407م، تمكن الإمبراطور الصيني، مينج، من هزيمة الملك الفيتنامي، هو كوي لاي Ho Quy Ly؛ وأعاد احتلال مملكة داي فيت (فيتنام الكبرى)، وأسماها جياو تشي Giao Che، وعَدَّها محافظة صينية. وكان عهده أشد فترة في تاريخ فيتنام؛ إذ سُخِّر المزارعون الفيتناميون في مناجم الذهب، والأحجار الكريمة، وقطع الخشب، وجمْع التوابل، والعاج، واللآلئ؛ ليُحمل كلّ ذلك إلى الصين. كما سادت الثقافة الصينية، وأُجبرت المدارس على التدريس باللغة الصينية، كما منعت جميع الشعائر الدينية، إلا عبادة آلهة الصين. وفرض اللباس الصيني على النساء، وحظر على الرجال حلق رؤوسهم. وفرضت الضرائب على الجميع.

عام 1413م، ظهر القائد لي لوي Le Loi، من محافظة تانه هوا Tanah Hoa، وقاد أتباعه لمقاومة سلطات الإمبراطور مينج. وأعلن نفسه، عام 1418م، إمبراطوراً على البلاد، باسم بنه دنه فونج Bnh Dinh Fung. وتمكنت قواته، عام 1420م، من التمركز في ضفاف نهر ما  Ma، ومطاردة قوات مينج، واستخدام فنون حرب العصابات، ونشر فصائل من الفيلة في مواجهة الخيول الصينية. واستمرت المعارك سجالاً حتى عام 1425م.

عام 1426م، هَزم لي لوي الصينيين، في وادي توت دونج Tot Dong، غرب هانوي؛ وحرر بلاده منهم، وتولى مُلكها، مؤسساً أُسرة لي، التي توسعت، جنوباً، نحو مملكة شامبا، وأصبحت أقوى دولة في المنطقة. اتخذ لي لوي هانوي عاصمة لمملكته، وأسماهها دونج كنه Dong Kinh، الذي اشتق منه اسم تونكين Tonkin، أيْ فيتنام الشمالية. ووزع الأراضي على فقراء الفلاحين، وأقطع النبلاء المخلصين له إقطاعيات كبيرة. وشيد السدود، وشق الترع، واستحدث نُظُماً للري، ونفذ مشروعات لزيادة الإنتاج الزراعي.

عام 1428م، اعترفت الصين باستقلال فيتنام، ووقَّعتا اتفاقية سلام.

بين عامَي 1460م و1498م، حكم فيتنام لي ثانه تونج Le Thanh Tong ، وهو سليل لي لوي؛ فأحدث إصلاحات شاملة: تشريعية واقتصادية ومدنية. ومد حدود البلاد جنوباً، ورسم للدولة هيكلها: السياسي والمدني والإداري. وشكل ست وزارات. وشق شبكة مواصلات، امتدت إلى ثلاث عشرة محافظة، تضم نحو ثمانية آلاف مركز وقرية. ونشر المفتشين والمراقبين في البلاد؛ لمتابعة أحوالها، ونقْل شكاوى سكانها. كما حشد جيشاً قوياً، من مائتَي ألْف رجل، في خمس مناطق عسكرية. واهتم بالتعليم، وأنشأ جامعة وطنية.

عام 1535، احتل البرتغاليون مناطق مختلفة في جنوب شرقي آسيا، ووصلوا إلى أنجور Angkor، إحدى المدن الباقية من الحضارة الكمبودية السالفة. وأسسوا قاعدة لهم في ماكاو Macao، في أقصى حدود جنوب الصين. ثم أسَّس البرتغالي أنطونيو دا فاريا Antonio Da Faria، عام 1557، ميناء في فايفو Faifo، قرية في جنوب توراني Tourane، وهي مدينة دانانج الإستراتيجية، حالياً. وقد أطلق البرتغاليون على المنطقة اسم: كوشي شينا Cauchichina، الذي نحتوه من الاسم الأول من جاو شي Giao Chi، الذي كان الصينيون يطلقونه على فيتنام؛ ومن اسم: شينا China؛ ليميزوها عن كوشين Cochin، إحدى مستعمراتهم في الهند.

في أواخر القرن السادس عشر الميلادي، ضعفت الأُسرة المالكة؛ فتنازعت البلاد أُسْرتان: ترينه Trinh، الإقطاعية، في شمالي البلاد؛ ونجوين Nguyen، في الجنوب. ودام اصطراعهما على السلطة حتى القرن السابع عشر.

دنت دول أوروبا، وخاصة فرنسا، إلى منطقة الهند الصينية. وازدادت، في أواخر القرن الثامن عشر، تحركاتها العسكرية نحو الشرق؛ للاستيلاء على ثرواته؛ تحدوها عبارات الرحالة الأوروبي، ماركو بولو Marco Polo: "في الشرق معابد مكسوة بالذهب السميك". و"رمال السواحل الهندية، تتلألأ فيها الجواهر والأحجار الكريمة". و"إضافة إلى الكنوز الهائلة، هناك فائض التوابل والحبوب والنباتات العطرية".

عام 1627، قدمت بعثة فرنسية، يقودها ألكسندر دي رودس Alexander de Rhodes. تمكنت من استبدال الحروف اللاتينية بالحروف المحلية، في الكتابة؛ ممهدة لمزيد من النفوذ الفرنسي في البلاد.

في خلال القرن السابع عشر، حدثت أزمات: زراعية وإدارية، في المناطق الشمالية. وثار الفلاحون في جبال تام دو Tam Dao؛ ما أسفر عن إضعاف أُسرة ترينه، وتولِّي العسكريين السلطة الفعلية. بينما سقطت أُسرة نجوين، في الجنوب؛ وتولَّى ترونج لوان Trung Luan السلطة.

تقلص نفوذ البرتغاليين في آسيا؛ مع انهيار مركزهم في أوروبا، ومنافسة قوى أخرى، سابقتهم إلى الاستيلاء على الثروات الآسيوية. إذ استولى الألمان على جزر إندونيسيا؛ واستحوذ الإنجليز على الهند؛ وأسَّس الفرنسيون، عام 1676، مستعمرة في بوند شيري Pondicherry، على الساحل الشرقي للهند، جنوب مدراس Madras.

عام 1771، نشبت ثورة تاي سون Tay Son، بقيادة نجوين هوي Nguyen Hue، الذي تمكن، في ديسمبر 1778، من توحيد البلاد، وأعلن نفسه إمبراطوراً.

في يناير 1779، هجم نجوين هوي على القوات الصينية، وأنزل بها هزيمة ساحقة، في ثانج لونج Thang Long (عند هانوي).

عام 1783، تمكن أحد الأمراء، واسمه نجوين آن Nguyen An، من تكوين جيش قوي، في غربي دلتا الميكونج. وهجم على العاصمة، واستولى عليها؛ ولكنه طرد، ثم عاد، بمساعدة من ملك سيام (تايلاند)، ومن كمبوديا؛ غير أن القوات الوطنية، بزعامة نجوين هوي، هزمته.

في يونيه 1802، دعمت البعثة العسكرية الفرنسية، بقيادة بينو دو بيهان Pigneau de Béhaine، أحد أفراد أُسرة نجوين، ويدعى نجوين أنه Nguen Anh؛ فتمكن من السيطرة على المناطق الجنوبية، ثم تقدم إلى الشمال. وأعلن نفسه إمبراطوراً على البلاد، واتخذ هوي Hue عاصمة له، تحت اسم جيا لونج Gia Long. ومنح فرنسا ميناء دانانج Dananag، وجزيرة بولو كوندور Polu Koandor؛ وأباح البلاد للأنشطة الفرنسية: التبشيرية والتجارية؛ ما مهد، فيما بعد، للغزو العسكري الفرنسي.

عام 1810، حاول الأباطرة، الذين خلفوا جيا لونج، وهم: منه لانج Minh Lang، وثيو تري Thieu Tri، وتو دوك Tu Duc، الحدّ من النفوذ الفرنسي، وعرقلة نشاط البعثات التبشيرية التنصيرية، من دون جدوى.

عام 1820، وصل أول ضابط أمريكي إلى فيتنام، على متن سفينة عابرة؛ وهو النقيب جون وايت سالمJohn White of Salem ، من ولاية ماساشوسيتس Massachusetts. وسرعان ما وصلته رسالة استغاثة، من أحد القساوسة الكاثوليك الفرنسيين، المسجونين في سايجون. ولكن السلطات الأمريكية، أمرته بتجاهل تلك الرسالة؛ غير أنها التفتت، منذئذٍ، إلى فيتنام، والاهتمام بها.

عام 1843، نشر مزيد من قطع الأسطول الفرنسي؛ ليصبح وجوداً دائماً للأسطول الفرنسي، قرب سواحل الهند الصينية.

عام 1847، وصلت سفينتان حربيتان فرنسيتان، بقيادة النقيب لابيير Lapiere، إلى ميناء توراني Tourane، التي تسمى، الآن، دانانج Da Nang. وطلب القائد الفرنسي من السلطات الإمبراطورية السماح له بالدعوة للكاثوليكية في بلادها، وإطلاق أحد المطارنة المسجونين. ثم بادر، من دون انتظار لأي رد، إلى الهجوم على الأسطول الفيتنامي، وأغرق خمس سفن، وقصف قلعة المدينة.

عام 1850، هجم الأسطول الفرنسي، بقيادة آدم ريجول دي جنويي Adam Rigault de Genouilly، على توراني.

عام 1857، قررت السلطات الفرنسية، في باريس، احتلال المدن الرئيسية في فيتنام. وطلبت من الإمبراطور الفيتنامي، تو دوك Tu Duc، إطلاق حرية اعتناق المسيحية، وحرية جماعات التبشير في أداء عملها، ومنح فرنسا مزيداً من الامتيازات: الاقتصادية والسياسية. وعلى الرغم من موافقة الإمبراطور، بادرت القوات الفرنسية إلى قصف ميناء دانانج، وإشعال النار فيه. كما هجمت على سايجون، حيث لقيت مقاومة شرسة، من رجال العصابات خاصة؛ فضلاً عن تفشي الأوبئة والأمراض بجنودها؛ ما اضطرها إلى التقهقر، والعودة إلى فرنسا.

في يوليه 1861، توغلت القوات الفرنسية، بقيادة الأدميرال ليونارد كارنيه Leonard Charner، في الأراضي الفيتنامية، ووصلت إلى سايجون وسيطرت عليها، وأعلنتها محافظة فرنسية.

عام 1862، أُجبر الإمبراطور تو دوك على إبرام اتفاقية سلام مع فرنسا، نصت على تخلِّيه عن ثلاث محافظات متاخمة لسايجون، وإحدى الجزر؛ والسماح للإرساليات التنصيرية بحرية الدعوة.

في أغسطس 1863، رابطت حامية فرنسية في كمبوديا، أجبرت ملكها على إعلان فرض حماية فرنسا على بلاده. وعمدت فرنسا عام 1867، إلى احتلال ثلاث محافظات في كوشين شينا؛ فتصدت لها المقاومة الفيتنامية، بقيادة نجوين تري فونج Nguyen Tri Phong. ولكن الفرنسيين أخمدوها، واستولوا على أراضٍ أخرى.

عام 1873، أبرمت فرنسا اتفاقية، مع الإمبراطور تو دوك، نصت على السيطرة الفرنسية غير المشروطة على جميع أنحاء الهند الصينية؛ وضمانها حرية التجارة؛ وإنشاء قنصليات فرنسية في ثلاث مدن فيتنامية؛ ومساعدة الإمبراطور على الدفاع عن بلاده، ضد أيّ عدوان خارجي. وفي الوقت نفسه، بدأت القوات الفرنسية سلسلة غارات على منطقة خليج تونكين Tonkin.

عام 1879، نُصِّب أول حاكم مدني، فرنسي، لفيتنام.

في أغسطس 1883، بسطت فرنسا قواعدها وحامياتها العسكرية، إلى أنّام Annam، وتونكين Tonkin، بمقتضى معاهدة هوي؛ ومن ثم سيطرت فرنسا على فيتنام، وأدارتها على أنها مستعمرة فرنسية.

في صيف 1885، قاد الإمبراطور هام نجهي Ham Nghi، مقاومة شرسة ضد الفرنسيين، استمرت ثلاث سنوات، قبل أن يتمكنوا من القضاء عليها.

عام 1887، أسست فرنسا اتحاد الهند الصينية، الذي ضم تونكين وأنام وكوشين وكمبوديا.

عام 1893، رابطت حامية فرنسية في لاوس، تصدت لمقاومة شرسة، شنها ترونج دنه Troung Dinh، على رأس ستة آلاف مقاتل. وتمكنت من قمعها، وقتل قائدها، بعد خسائر فادحة. واحتلت محافظة فينه لونج Vienh Lung، واعتقلت الإمبراطور نفسه. فتولَّى فان دنه فونج Phan Dinh Phong قيادة المقاومة، واضطلع بمركز نجو سو Ngu Su، أيْ الرقيب الإمبراطوري، الذي تطاول سلطته جميع كبار رجال الإدارة في الدولة، بل الإمبراطور نفسه. وحشد جيشاً من رجال العصابات، تمركز في جبل، يشرف على القلعة الفرنسية في هاتينه Hatinh، في وسط فيتنام. وقد أفسد على الفرنسيين حياتهم، حتى أمكنهم، بعد سبع سنوات، عام 1895، من قتله، وأَسْر جميع رجاله، ثم قتلوهم جميعاً.

عام 1914، اندلعت الحرب العالمية الأولى، ورُحِّل مئات الآلاف من الفيتناميين إلى معسكرات عمل، في فرنسا.

في أكتوبر 1918، اندلعت الثورة الروسية، منذرة بالتحول إلى الشيوعية، وتكوين معسكر شرقي.

عام 1919، استمات هوشي منه Ho Chi Minh ، في مؤتمر فرساي للسلام Versailles Peace Conference، في إقناع الرئيس الأمريكي، وودرو ويلسونWoodro Wilson ، منح فيتنام استقلالها في صورة حكم ذاتي.

عام 1927، أُسَّس الحزب الوطني الفيتنامي، على غرار حزب الكومنتانج الصيني؛ وضم كلّ التيارات الوطنية، التي تتعاون على التخلص من الاستعمار الفرنسي.

عام 1930، قاد الحزب الوطني الفيتنامي، بتحريض من الحزب الشيوعي الهندو صيني، الذي أسسه هوشي منه، في هونج كونج؛ انتفاضة "يين باي Yen By"، التي اعتمدت على هجوم جماعات عسكرية سرِّية، منتشرة في مختلف أرجاء البلاد، في لحظة واحدة، على المواقع والمراكز العسكرية، للسيطرة عليها؛ تمهيداً لإسقاط السلطة الفرنسية، وإقامة نظام حكم وطني. وكان رد الفرنسيين قاسياً، إذ قبضوا على المنتفضين وقادتهم، وأعدموهم.

عقب ذلك، أسَّس هوشي منه الحزب الشيوعي للهند الصينيةIndochinese Communist Party ، في هونج كونج. وفي مايو 1930، قاد هذا الحزب انتفاضة نجهي- تينهNeghi  Tinh ، أيْ الانتفاضة الكبرى، التي نجحت في السيطرة على محافظتَي نجهي آن وهانينه، واستبدلت مجالس "سوفيت" بإدارتهما الاستعمارية؛ وحاكمت القوى المعادية للثورة؛ وألغت الضرائب؛ ووزعت الأراضي؛ وأطلقت الحريات؛ ونشرت التعليم.

رد الفرنسيون بحملة شرسة، استخدمت فيها الطائرات والمدفعية، ضد الفلاحين العزل؛ فقتلوا نحو عشرة آلاف، واعتقلوا وشردوا الآلاف. وقبضوا على قيادات الحزب، وأعدموهم، كما اعتقلوا المئات من أعضائه، وفرّ الباقون إلى الصين.

عام 1932، عاد الإمبراطور باو داي Bao Dai ، من فرنسا إلى فيتنام، ليعتلي العرش، تحت حماية فرنسا.

عام 1936، نفذت حكومة الجبهة الشعبية، وهي شيوعية التوجه، إصلاحات متنوعة، قصيرة المدى، في أنحاء فيتنام.

في سبتمبر1939، اندلعت الحرب العالمية الثانية، وسرعان ما هزمت ألمانيا فرنسا، ثم احتلت اليابان منطقة الهند الصينية،عام 1940؛ لتحل محل فرنسا الدولة المنهزمة؛ مع الحفاظ على الإدارات الفرنسية في المحافظات، وذلك بالاتفاق مع حكومة فيشي Vichy الفرنسية، "حكومة المارشال فيليب بيتان Philippe Petain، الخاضعة للسيطرة الألمانية". كما أجبرت طوكيو، باريس على منحها امتيازات خاصة: اقتصادية وعسكرية. وقد استولت اليابان على معظم محصول الأرز الفيتنامي؛ فأمدت به القوات اليابانية، عبر جنوب شرقي آسيا. ما تسبب في مجاعة، وهلاك نحو مليوني فيتنامي.

عاد هوشي منه من الصين، ليستأنف مقاومة الفرنسيين. وانتُخِب ترونج تشنه Trung Chinh أميناً عاماً للجنة المركزية للحزب الشيوعي، في نوفمبر 1940؛ فاتخذ قراراً، يجعل القوات، التي شاركت في الانتفاضة السابقة، هي أول وحدة فيتنامية رسمية لحرب العصابات؛ وعهد بتنظيمها إلى هوانج فان ثوHoang Phan Thu . وأذاع هوشي منه نداء وطنياً، طالب فيه الشعب بتوحيد الصفوف؛ لإطاحة المستعمرين كافة: الفرنسيين واليابانيين .

في يونيه 1941، أسَّس هوشي منه الجبهة الثورية لاستقلال فيتنام، باسم: دوك ـ لاب دونج منه هوي Doc – Lap Dong Minh Hoi، التي عرفت باسم: الفيت منه The Viet Minh؛ وتتبعها روابط الإنقاذ الوطني، وجيش الإنقاذ الوطني، وقوامه ثلاث فصائل. وحدد هوشي منه الهدف الرئيسي بمقاومة كلٍّ من اليابان وفرنسا.

في 6 يونيه 1944، غزا الحلفاء أوروبا. وشكل فو نجين جياب Vo Nguen Giap جيش الفيت منه.

في مارس 1945، قررت فرنسا حملة عسكرية شاملة، تقضي على القواعد والفصائل المسلحة؛ تمهيداً للقضاء المبرم على الفيت منه. غير أن القوات اليابانية، جَبَهَت القوات الفرنسية، واستولت على قواعدها، ونزعت أسلحتها، واعتقلت الآلاف من رجالها؛ وأزالت سلطات الحكم الفرنسي تماماً. وسارع باو داي ، أحد القادة الموالين لليابانيين، وإمبراطور آنام السابق، إلى إعلان فيتنام المستقلة، تحت الحماية اليابانية. وانتشرت في البلاد شعارات، مثل: "عاشت اليابان العظمى". وشُكِّلت حكومة موالية لطوكيو، في هوين، برئاسة تران كيم Tran Kim، الذي خلفه، في 17 أبريل 1945، الإمبراطور باو داي. أمّا الحزب الشيوعي، فقد انبرى يعبئ القوى والفصائل المسلحة، لمقاومة القوات اليابانية (انظر خريطة معارك فيتنامية يابانية).