إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / موسوعة الحرب الفيتنامية






مناطق الاستشاريين الأمريكيين
مناطق استطلاع 1965
مناطق اعتراض أمريكية
مناطق اعتراض رئيسية
مواقع 1972
مواقع عملية ليا
ممرات التسلل في جنوب فيتنام
منطقة إكس ري
منطقة تاللي هو
وحدات الفيلق الجنوبي الثاني
هجوم الفرقة التاسعة
هجوم بين هوا
مطار تخبون
أكس ري 1967
نظام MSO- Skyspot
معارك 1950-1952
معارك 1950-1954
معارك 1965
معارك 1967
معارك 1969
معارك بحرية 1964
معارك دين بين فو
معارك فيتنامية يابانية
معركة أونج ثانه
معركة هندرا بورا
معركة سوي تري
معركة فوك لونج
مقترح الانسحاب الأول
مقترح الانسحاب الثاني
أقسام لاوس
الوحدات الجنوبية 1975
الهجوم الصيفي
الهجوم في وادي كيم سون
الأيام الأخيرة للحرب
المرحلة الأولى من مدينة الملتقى
المرحلة الثانية من مدينة الملتقى
الأسطول السابع، في بحر الصين
المقاومة 1957-1959
التحركات عند نهر راخ با راي
السيطرة الجوية الأمريكية
الكتيبة 716
الفيلق الثالث الجنوبي
الفيلقين الأول والثاني 1969
الفيلقين الثالث والرابع 1969
الفرق الشمالية 1975
الفرقة 25 مشاة1967
الفرقة الأولى مشاة 1967
الفرقة الأولى فرسان 1966
الفرقة التاسعة 1967
تمركز في 1965
تحركات الكتيبة الثانية
برنامج حارس البوابة
برنامج كريكت
تسلل الفيتكونج
جنوب لاوس 1965
جنوب لاوس مارس 1967
دلتا نهر الميكونج
جيرونيمو
سواحل فيتنام الجنوبية
طبوغرافية فيتنام
شبكة هوشي منه 1967
شبكة طرق هوشي منه، إلى جنوب لاوس
شبكة طرق هوشي منه، في 1964
طرق عملية هزيم الرعد
سقوط المنطقة العسكرية الثانية
سقوط بان مي ثوت
سقوط سايجون
سقوط كسوان لوك
عمليات 1966
عمليات النحاسة اللامعة
عمليات التقاطع الساحلي
عمليات الفرقة الأولى فرسان أبريل -أكتوبر
عمليات الفرقة الأولى فرسان يناير -أبريل
عمليات القوات الكورية
عمليات كريكت في لاوس
عملية لام سون 719
عملية أتليبورو1
عملية أتليبورو2
عملية والوا
عملية هيكوري
عملية هزيم الرعد
عملية اللورين
عملية العربة
عملية بول ريفير
عملية باريل رول
عملية بيرد
عملية جاكستاي
عملية جريلي
عملية Leaping Lena
عملية شلالات الأرز
عملية سام هوستون
عملية كان جيوك
عملية فرانسيس ماريون
عمليتا نهر هود وبنتون
عمليتا النمر الفولاذي وباريل رول
قواعد ثاي وفيتنام الجنوبية
قوة الواجب أوريجون
قيادات شمالية 1966



الفصل الثاني

معركة بان كيو (يسميها الفرنسيون Anne Marie)

بدأ هجوم قوات الفيت منه على مركز بان كيو، الذي يبعد عن مقر قيادة دين بين فو مسافة كيلومترين فقط، في سعت 1500، يوم 17 مارس 1954. وإزاء القصف المدفعي الكثيف، فر الضباط الفرنسيون إلى الملاجئ، ورفعت القوات الفرنسية رايات الاستسلام، وسلمت أسلحتها.

وهكذا انكشفت أمام قوات الفيت منه الجبهات: الشمالية والشمالية الشرقية، والشمالية الغربية، وتهيأت لها الفرصة لشن هجوم ثان على القطاع الأوسط، في محاولة للسيطرة الكاملة عليه.

وقد حاولت القيادة الفرنسية تبرير هزيمتها في هذه المعركة، بزعمها أن قوات الفيت منه استخدمت تكتيك الموجات البشرية الانتحارية، المعتمدة على قصف مدفعي كثيف، وأنها قد خسرت في هذا الهجوم 2500 قتيل. وفي الوقت نفسه، كانت قوات الفيت منه ترى أنها نجحت في تجربة حرب المواقع، بسبب الإعداد الجيد والتنسيق بين المدفعية الثقيلة والمدافع المضادة؛ ما نجح في تحييد المدافع الفرنسية، وشل فاعلية الطيران الفرنسي. وكانت أبرز نتيجة هي انتحار قائد وحدات المدفعية الثقيلة الفرنسي، بعد تدمير معظم مواقع المدفعية وشل فاعليتها، وإخراج كتيبتين من المعركة، وتمزيق كتيبة ثالثة.

مع ذلك أخذت القيادة الفرنسية تعزز مواقعها بكتيبتي مظلات من هانوي، ومزيد من المدفعية الثقيلة والعتاد، وتدعم خطوطها الدفاعية، كما أعادت تنظيم دفاعاتها وتقويتها، في المطار. واستبدلت بالقوات المحلية في المواقع الخارجية قوات: أوروبية وإفريقية.

شمل الهجوم الثاني القطاع الأوسط، الذي ضم خمسة مراكز مقاومة بها 30 موقعاً، تدافع عنها سبع كتائب: أوروبية وإفريقية، وكتيبة محلية، وبها كذلك وحدات مظلية، ومواقع مدفعية ثقيلة، ووحدة مدرعة، والمطار الرئيسي، ومقر الإدارة والتموين، ومقر القيادة.

في 22 مارس، شنت كتيبتان، من الفرقة 803 د من الفيت منه، هجوماً ليلياً على جماعة في معسكر مؤقت على الطريق الرقم 7، في بليي رنه Plei Rinh، جنوب بليكو. وأسفر الاشتباك عن سقوط 36 قتيلاً و177 جريحاً، وفقدان 8 من الفرنسيين؛ و39 قتيلاً وأسيرين من الفيت منه.

طور رجال الفيت منه أسلوبهم السابق المعتمد على الهجوم ليلاً، في مناطق جبلية محصنة، إلى القتال في الأرض المكشوفة. فأعدوا مواقع هجومية، ومواقع حصار، ومحاور اتصالات حول المركز؛ بهدف قطع كل اتصال أو تعاون بين القطاعين: الأوسط والجنوبي. ومن ثم، في خلال 12 يوماً، حُفر خلالها نحو مائة كيلومتر من خنادق الاتصالات والخنادق التالية. وقد بذلت القوات الفرنسية جهوداً خارقة لتدمير خطوط المواصلات، ومواقع الفيتناميين، من دون جدوى.

استأنفت قوات الفيت منه هجماتها، في سعت 1700، من يوم 30 مارس، على خمس تلال في القطاع الأوسط، تشكل خطاً دفاعياً متكاملاً، وتمكنت، في غضون أربع ساعات فقط، من احتلال التلال C-1، وD-1، وD-2. وحاول الفرنسيون شن هجمات مضادة عنيفة، في 31 مارس والأول من أبريل، ودارت معارك طاحنة. وقد تدخلت الجماعة الاستشارية العسكرية الأمريكية، وأمر قائدها أو دانييل بقصف مراكز قيادة الفيت منه؛ بهدف فك الحصار عن دين بين فو، من خلال إرسال أرتال قوية من لاوس ودلتا النهر الأحمر. ووضع الأدميرال آرثر رادفورد Arthur W. Radford رئيس هيئة الأركان المشتركة خطة دعم الحامية الفرنسية، باستخدام ست طائرات نقل، من نوع Fairchild Packet، كانت قد قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، حديثاً، إلى فرنسا؛ بحيث يمكنها إسقاط معدات ثقيلة، من أبوابها الخلفية. وأراد رادفورد إنزال بلدوزرات لبناء مطار، على بعد خمسين كيلومتراً من دين بين فو، يمكن حمل الجنود إليه جواً، ليتقدموا براً، بعد ذلك، وينضموا إلى القوات المحاصرة. ولكن هذه الخطة فشلت؛ لعدم توافر القوة البشرية.

وفي 9 أبريل، أنزل الفرنسيون قوات مظلات في التلة C-I، ودارت معارك طاحنة، أسفرت عن اقتسام الفريقين التلة. حاولت القيادة الفرنسية تدبير مسألة التموين والإمداد، بإسقاط المواد المطلوبة من طريق المظلات. ولكن كان معظم المواد يسقط في مناطق سيطرة رجال الفيت منه، الذين تمكنوا كذلك من أسر معظم أفراد كتيبتين فرنسيتين، أنزلتهما الطائرات.

تدخلت الطائرات الأمريكية، من قاذفات وطائرات نقل، نوع C 119، محاولة نجدة الفرنسيين، كما استخدم الفرنسيون نحو ثلثي سلاحهم الجوي الموجود في الهند الصينية. وبلغ عدد الغارات الجوية على مواقع الفيت منه، 250 غارة يومياً. وأرسلت القيادة الفرنسية توجيهها إلى قواتها في حوض نهر نام، تأمرها بشن هجوم خلف قوات الفيت منه. ولكنها لم تستطع تنفيذ تلك المهمة، حتى نهاية المعركة. كذلك، حاولت القيادة الفرنسية توجيه هجمات من جبهات أخرى، في توين كوانج، وبين باي وتو دوان، لضرب مؤخرة قوات الفيت منه ؛ لكن القيادة الفرنسية تراجعت عن ذلك، تحاشياً لمزيد من الهزائم.

في 4 أبريل، سقطت سرية من الكتيبة الأولى الكورية في مكمن، عند الكيلو 15 من الطريق الرقم 19، في أيدي كتيبتين من الفيت منه. ولم ينقذها إلا وصول فصيلة دبابات، وقنابل النابالم، التي ألقتها القاذفات ب 26 B-26. وقد فقدت الجماعة 100 المتحركة 90 قتيلاً وجريحاً، بينما قُتل 81 من الفيت منه.

وفي 17 أبريل 1954، كذلك هجم مقاتلو الفيت منه على الموقع 106، غربي المطار، وتمكنوا من احتلاله، ثم واصلوا هجومهم، في الليلة التالية، فاحتلوا الموقع 105، شمال المطار، في ليلة 18 أبريل. ثم احتلوا الموقع 206 غرب المطار، في ليلة 22 أبريل. وهكذا أصبح المطار مكشوفاً من جهات ثلاث، فتقدم رجال الفيت منه منها، وتمكنوا من السيطرة على المطار في 23 أبريل. وحاولت القوات الفرنسية، برية وطيراناً، في 24 أبريل، شن هجمات مضادة عنيفة لاسترداد المطار، ولكنها باءت بالفشل، وتكبدت خسائر فادحة.

زحفت قوات الفيت منه، بمدافعها المضادة، إلى داخل المطار، لتشل قوة الطيران الفرنسي. بينما تقدمت الجماعات القتالية المختلفة إلى مواقع جديدة لها. وذكرت مصادرها أن الفرنسيين، إلى ذلك الوقت، كانوا قد أصيبوا بخسائر فادحة؛ إذ خرجت ست كتائب من المعركة، منها ثلاث دمرت تماماً. وتقلصت المنطقة الخاضعة للسيطرة الفرنسية في دين بين فو، إلى نحو كيلومترين فقط، فأصبحت في مرمى جميع أنواع الأسلحة، وانهارت الحالة المعنوية للفرنسيين وانتابهم الخوف والهلع.

في ذلك الوقت، ظهر لدى الفرنسيين اتجاهان:

الأول: يرى ضرورة التوصل، بأي ثمن، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، قبل أن يظهر للعالم كله سيطرة الفيتناميين على الموقف العسكري. وليكن ذلك بالتفاوض مع حكومة هوشي منه؛ تمهيداً لبدء مؤتمر جنيف.

الثاني: يرى أصحابه ضرورة حشد جميع الإمكانات، واستخدام الوسائل كافة لإنقاذ الموقف العسكري، بأسرع ما يمكن، وضرورة التدخل الأمريكي المباشر؛ لإنقاذ حامية دين بين فو.

وكان على رأس أصحاب هذا الاتجاه كبار الساسة الفرنسيين، ومنهم رئيس الوزراء جوزيف لانييل Joseph Laniel. ومن ثم ألح على جون فوستر دالاس، وزير الخارجية الأمريكي، لدى قدومه باريس، في 21 أبريل 1954، في ضرورة سرعة التدخل العسكري الأمريكي؛ فقد أوشكت دين بين فو على السقوط، وستتبعها الهند الصينية كلها. ولكن دالاس أكد لهم أنه لا يمكن التدخل العسكري الأمريكي، إلا بعد موافقة الكونجرس، ودعم بريطانيا. وفي الوقت نفسه، صرح رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرشل، بأن الحكومة البريطانية، ليست مستعدة لاتخاذ أي عمل عسكري في الهند الصينية، قبل مؤتمر جنيف. وهكذا أخذ موقف القوات الفرنسية يسوء في دين بين فو، وأصبح استيلاء قوات الفيت منه عليها، مسألة أيام فقط.

واجهت قوات الفيت منه، في أثناء المعارك، خاصة في شهر أبريل، مشكلة عنيفة، تمثلت في نقص شديد في الإمدادات والمؤن؛ بعد أن بذلت القوات: الفرنسية والأمريكية، جهوداً جبارة، مستخدمة أنواعاً من القذائف، لضرب طرق الإمدادات والمواصلات، وحولت الممرات والطرق إلى جحيم يومي. يضاف إلى ذلك بطء وسائل النقل الفيتنامية وتخلفها، ما سبب تأخر وجبات الإمداد، ونقصاً حاداً في المخزون الموجود في جبهات القتال. وزاد الطين بلة غزارة الأمطار والسيول التي تعرضت لها منطقة القتال، وبقاء المقاتلين، فترات طويلة، داخل الخنادق والملاجئ؛ واستمرار الاشتباكات أياماً متواصلة، من دون توقف؛ ما أثر في أحوالهم: الصحية والمعنوية.

حاولت حكومة فيتنام المركزية حل مشاكل الإمداد والتموين والذخيرة، فشنت حملة واسعة، جندت لها مئات الآلاف من المواطنين، للعمل على توفير الدعم لعشرات الآلاف من المقاتلين، في خطوط إمداد، يراوح طولها بين 300 و500 كيلومتر. كما سحبت القيادة العسكرية بعض الوحدات إلى المؤخرة، لإعادة تنظيمها، أو لاستكمال النقص، بسبب شدة خسائرها، أثناء القتال.

بعد ذلك، بدأت المرحلة الثالثة، من الهجمات الفيتنامية، التي تشمل احتلال التلال الشرقية الباقية، والمراكز الغربية، والتقدم إلى الأمام؛ تمهيداً لضرب مركز القلب، وإغلاق المجال الجوى نهائياً، وتنفيذ الضربة الأخيرة. وقد بدأ الهجوم، ليلة الأول من مايو، على التلة C-I ، حيث تمكن رجال الفيت منه من السيطرة على الجزء الباقي منها. وتمكنوا كذلك من السيطرة على موقعي 505  و505 A   في التلال الشرقية، على الضفة الشرقية من نهر نام روم. ثم تمكنوا من احتلال الموقع 311 A، على الجانب الغربي للنهر. كما تمكنت عمليات القطاع الجنوبي، من إخراج القوات الفرنسية من شمال شرق هونج كوم.

فى الثالث من مايو، تمكنت قوات الفيت منه من السيطرة على الموقع 311 B، في القطاع الغربي، وبذلك حاصرت مقر القيادة، الذي أصبح على بعد 300 متر فقط. وفي مساء 6 مايو، تمكنت قوات الفيت منه من تسريب متفجرات داخل موقع مقر القيادة، ثم شنت هجومها عليه، من جميع الاتجاهات، فلاذت القوات المدافعة عنه بالفرار، وسقط الموقع. وتمكنت القوات الفيتنامية، فى الليلة نفسها، من احتلال التلة C-2 ، التي تعد موقع التخزين بين التلة C-1 ونهر نام روم. ثم تمكنت من الاستيلاء على الموقعين: 506، شمال جسر مونج ثانه Moung Thanh؛ و 310،  جنوبه. وهكذا سقطت جميع التلال الشرقية، ومعظم القوات: الفرنسية والمحلية. ولم يبق من المنطقة سوى أقل من كيلومتر واحد. وفى الوقت نفسه، لم تصل المساعدات الأمريكية المطلوبة إلى القوات الفرنسية، التي تأزم موقفها، وساء إلى درجة كبيرة، أمست غير قادرة على استخدام المطار الرئيسي؛ بسبب عنف القصف الفيتنامي، وتوقف وصول الذخيرة والإمدادات والتموين، وتعسر إخلاء الجرحى. وراحت وحدات من الفيت منه تزحف، عبر الممرات والأنفاق، لتضييق الخناق على الفرنسيين. وأدى سقوط الأمطار الغزيرة المتواصلة، في أواخر أبريل، إلى تحويل معسكر دين بين فو إلى أوحال، وأصبحت الملاجئ والخنادق قبوراً للجنود الفرنسيين.