ملاحظات على التورط الأمريكي في فيتنام

كشفت الدراسة السرية، التي أجراها البنتاجون لحرب فيتنام، تورُّط السياسة الأمريكية في هذه الحرب، وكان من نتائجها: أن السياسة الأمريكية، خلال الفترة من 1940 حتى 1950، تميزت "بسوء فهم كبير"، وبالتردد وعدم القدرة على الحسم. كما أوضحت الدراسة، أن الرئيس فرانكلين روزفلت Franklin D. Roosevelt ، لم يحسم موقفه أبداً، فيما إذا كان سيؤيد رغبة فرنسا في استعادة مستعمراتها في الهند الصينية من اليابانيين، عند نهاية الحرب، أمْ لا. كما أن السياسة الأمريكية نحو الهند الصينية، ظلت في "حالة من الفوضى"، حتى وفاة فرانكلين روزفلت.

وحينما تولى الرئيس هاري ترومان Harry S.Truman الحكم، لم يكن لدى حكومته موقف محدد من النزاع، الذي انفجر عامي 1945 و1946، بين الفرنسيين والفيتناميين، والذي ترتب عليه نشوب حرب واسعة النطاق. وظلت السياسة الأمريكية مترددة في التدخل. وقد أوضحت إحدى البرقيات، التي لا تزال تحتفظ بسريتها في ملفات وزارة الخارجية، المأزق الذي واجهته الحكومة الأمريكية؛ فقد وصف جورج مارشال George C. Marshall، وزير الخارجية الأمريكي لسفيره في باريس، هذا المأزق، بقوله: "لقد قدمنا اعترافاً كاملاً بوضع فرنسا دولة ذات سيادة، ولا نرغب في الظهور بأننا نحاول بأي حال النيل من مركزها. وفي الوقت نفسه لا نستطيع أن نغمض أعيننا عن الحقائق. هناك مشكلتان تبينهما تقاريرنا: افتقار الفرنسيين إلى فهم الجانب الآخر، واستمرار وجود النظرة الاستعمارية والأسلوب البالي والخطر في المنطقة. ومن الناحية الأخرى لا يمكننا أن نتجاهل حقيقة أن لهوشي منه ارتباطات شيوعية مباشرة، ويجب أن يكون واضحاً، أننا لن نرضى أن يحل محل الحكومة الإمبراطورية الاستعمارية فلسفة وتنظيم سياسيان، يُوجَّهان من الكريملين، ويخضعان لسيطرته. وبصراحة، ليس لدينا حل نقترحه للمشكلة".

وفي عامي 1948 و1949، ومع تزايد اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بالتوسع السوفيتي في شرقي أوروبا، ازداد قلق واشنطن من ارتباطات هوشي منه الشيوعية، وبدأت تضغط علي باريس كي تمنح دول الهند الصينية مزيداً من الاستقلال. وكانت الحكومة الأمريكية تأمل بذلك في تشجيع التأييد الشعبي الفيتنامي للإمبراطور باو داي بديلاً غير شيوعي لهوشي منه والفيت منه. ومع ذلك فحتى عندما اتفقت فرنسا مع الإمبراطور باو داي، في مارس 1949، على منح فيتنام الاستقلال في نطاق الاتحاد الفرنسي، استمرت حكومة ترومان، في تحفظها من أن يكون باو داي ما زال ضعيفاً، ومتعاطفاً مع الاستعمار الفرنسي. لكن عندما طردت جيوش ماوتسي تونج الجنرال تشانج كاي تشيك من الصين، في أواخر 1949، انتهى تردد واشنطن، ووافق الرئيس ترومان، في 30 ديسمبر 1949، على التدخل لوقف التوسع الشيوعي في آسيا.