إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / موسوعة الحرب الفيتنامية






مناطق الاستشاريين الأمريكيين
مناطق استطلاع 1965
مناطق اعتراض أمريكية
مناطق اعتراض رئيسية
مواقع 1972
مواقع عملية ليا
ممرات التسلل في جنوب فيتنام
منطقة إكس ري
منطقة تاللي هو
وحدات الفيلق الجنوبي الثاني
هجوم الفرقة التاسعة
هجوم بين هوا
مطار تخبون
أكس ري 1967
نظام MSO- Skyspot
معارك 1950-1952
معارك 1950-1954
معارك 1965
معارك 1967
معارك 1969
معارك بحرية 1964
معارك دين بين فو
معارك فيتنامية يابانية
معركة أونج ثانه
معركة هندرا بورا
معركة سوي تري
معركة فوك لونج
مقترح الانسحاب الأول
مقترح الانسحاب الثاني
أقسام لاوس
الوحدات الجنوبية 1975
الهجوم الصيفي
الهجوم في وادي كيم سون
الأيام الأخيرة للحرب
المرحلة الأولى من مدينة الملتقى
المرحلة الثانية من مدينة الملتقى
الأسطول السابع، في بحر الصين
المقاومة 1957-1959
التحركات عند نهر راخ با راي
السيطرة الجوية الأمريكية
الكتيبة 716
الفيلق الثالث الجنوبي
الفيلقين الأول والثاني 1969
الفيلقين الثالث والرابع 1969
الفرق الشمالية 1975
الفرقة 25 مشاة1967
الفرقة الأولى مشاة 1967
الفرقة الأولى فرسان 1966
الفرقة التاسعة 1967
تمركز في 1965
تحركات الكتيبة الثانية
برنامج حارس البوابة
برنامج كريكت
تسلل الفيتكونج
جنوب لاوس 1965
جنوب لاوس مارس 1967
دلتا نهر الميكونج
جيرونيمو
سواحل فيتنام الجنوبية
طبوغرافية فيتنام
شبكة هوشي منه 1967
شبكة طرق هوشي منه، إلى جنوب لاوس
شبكة طرق هوشي منه، في 1964
طرق عملية هزيم الرعد
سقوط المنطقة العسكرية الثانية
سقوط بان مي ثوت
سقوط سايجون
سقوط كسوان لوك
عمليات 1966
عمليات النحاسة اللامعة
عمليات التقاطع الساحلي
عمليات الفرقة الأولى فرسان أبريل -أكتوبر
عمليات الفرقة الأولى فرسان يناير -أبريل
عمليات القوات الكورية
عمليات كريكت في لاوس
عملية لام سون 719
عملية أتليبورو1
عملية أتليبورو2
عملية والوا
عملية هيكوري
عملية هزيم الرعد
عملية اللورين
عملية العربة
عملية بول ريفير
عملية باريل رول
عملية بيرد
عملية جاكستاي
عملية جريلي
عملية Leaping Lena
عملية شلالات الأرز
عملية سام هوستون
عملية كان جيوك
عملية فرانسيس ماريون
عمليتا نهر هود وبنتون
عمليتا النمر الفولاذي وباريل رول
قواعد ثاي وفيتنام الجنوبية
قوة الواجب أوريجون
قيادات شمالية 1966



الفصل السابع

الأسبوع الحاسم

بين توقيع قائد حملة هو شي منه، ومفوضها السياسي خطة العمليات، في 22 أبريل، وبدء العملية العسكرية، في 26 أبريل، مرت أربعة أيام من الاستعدادات، في ثلاثة اتجاهات:

الأول: إحكام الطوق، عسكرياً، على منطقة سايجون، من أربعة اتجاهات. وفتح طرق المواصلات إلى المدينة أمام القوات النظامية، التي جهزت بأنواع الأسلحة والتجهيزات والمعلومات والوسائط المطلوبة كافة؛ مع تأمين التفوق: البشري والمادي، والحفاظ على سِرية اتجاه الهجوم وتوقيته.

الثاني: التحضير التام للانتفاضة الشعبية، داخل سايجون وضواحيها، عبْر الميليشيا الشعبية، وفصائل العمل الخاص، والجماعات المتحركة، واللجان: الحزبية ة، والشخصيات الوطنية، المزودة بملايين المنشورات والبيانات والأعلام ومكبرات الصوت. وكلف نجوين فان لينه Nguyen Van Linh، قيادة الانتفاضة.

الثالث: الاستعداد الكامل لإدارة المدينة، وتسيير الحياة الطبيعية فيها، بعد التحرير مباشرة. فشكلت لجنة قيادة للإدارة، يشرف عليها قائد حزبي. وأرسلت جماعة من الإداريين والفنيين، من الشمال، برئاسة نجوين تراي Nguyen Trai ؛ لإدارة العجلة الاقتصادية والخدمية والاجتماعية، في المدينة الكبيرة.

عندما بدأت العملية على الأرض، كان لدى القوات السايجونية خمس فرق نظامية، شكلت سياجاً حول سايجون، من الغرب والشرق والشمال:

- جبهة كو كي Cu Chi، إلى الشمال الغربي، تولتها الفرقة 25

- جبهة بين هوا إلى لشمال الشرقي، تولتها الفرقة 18

- جبهة بنه دونج إلى الشمال، تولتها الفرقة الخامسة

- جبهة فونج تاوVung Tau  والطريق المحلي 15، تولاها اللواء الأول المحمول جواً، مع كتيبة من الفرقة الثالثة، وعناصر مدرعة، وقوات إقليمية وشعبية

- جبهة لونج آن، تولتها فلول وبقايا الفرقة 22د

وتُرك الطريق المحلي 15 مفتوحاً؛ لاستخدامه للانسحاب إلى البحر، عند الحاجة إليه. أمّا سلاح الجو، فلم يتبقَّ منه سوى 120 طائرة أ ـ 37، و70 طائرة ف 5، بعد أن دُمر أو أصيب أو سقط أو هرب القسم الأكبر منه.

أمّا القوات الثورية، فقد كان لديها خمس فرق، بينها الفِرقة 232 المحمولة جواً؛ إضافة إلى الوحدات الإقليمية والقوات الخاصة. وفي الوقت نفسه، كان جيش المتطوعين الهائل، القادم من الشمال، يزحف، مستخدماً الطرق كافة: البحرية والنهرية والبرية، في اتجاه الجنوب، لتغطية احتياجات الساحات القتالية.

في 25 أبريل، قسمت قيادة الحملة إلى جماعتَين: القيادة المتقدمة، بقيادة الجنرال فان تين دونج ؛ يساعده الجنرال تران فان ترا؛ والقيادة الرئيسية، وتضم لي دوك تو وفام هونج (مهمات: سياسية ودبلوماسية). واعتمدت خمسة أهداف إستراتيجية، داخل العاصمة، تضم قيادة الأركان العامة، ومقر الرئاسة، وأركان منطقة سايجون، والمطار، والإدارة السياسية العامة. ولضمان سقوط النظام، وشلل مقاومته؛ وللحدّ إلى أدنى قدر من الخسائر: البشرية والاقتصادية والعمرانية، داخل المدينة، تقرر اعتماد السرعة الفائقة، والضربات الجريئة للأهداف المذكورة؛ بعد تدمير الخطوط الدفاعية حول المدينة؛ وفي الوقت نفسه، محاصرة الجيش الرابع، في دلتا الميكونج، وعزله عن جبهة سايجون.

في سعت 1700، يوم 26 أبريل، بدأت العملية بقصف مدفعي كثيف، ومركز، على الخطوط  الدفاعية كافة. ثم شن الجيش الثاني الهجوم الأول، من الجبهة الشرقية؛ لكي يشل القاعدة الجوية في بين هوا. ثم انطلقت القوات المكلفة تحطيم الجبهات الثلاث الأخرى:من الجنوب الغربي، والجنوب الشرقي، والشمال الغربي. وخلال 48 ساعة، كانت الطريق مفتوحة تماماً إلى المدينة نفسها. وقد شارك في تلك المعارك الحاسمة الطائرات الأمريكية الصنع، التي أمكن الاستيلاء عليها، مؤخراً؛ وكذلك بعض الوحدات البحرية، وجماعة الأسلحة: الشرقية والأمريكية، المتاحة. وهكذا، أصبحت القوات الشمالية والثورية على بعد ثلاثين كم من مركز المدينة (انظر خريطة سقوط سايجون).

أما التكتيك القتالي، الذي استخدم في تلك المعارك، فكان العمل على تحاشي أكبر قدر ممكن من الخسائر؛ وتوفير القوات القادرة، في كلّ محور، على تطويق القوى الجنوبية وتمزيقها بسرعة، ومنعها من الانسحاب المنظم إلى داخل المدينة. واستطراداً، حرمان القيادة السايجونية تشكيلات الفِرق، ووفرة التجهيزات الموجودة على الخطوط الدفاعية الخارجية، في العمليات القتالية داخل أحياء المدينة.

وقد رفض الشماليون والفيتكونج نداء لوقف إطلاق النار، موجهاً من الرئيس الجديد، دونج فان منه Duong Van Minh مينه الكبير؛ وطالبوا باستسلام قوات فيتنام الجنوبية غير المشروط. وفي 29 أبريل 1975، هرب رئيس أركان الجيش الجنوبي، الجنرال فينه لوك؛ ومساعد الجنرال، نجوين كانج.

وصدرت الأوامر للقوات الشمالية والفيتكونج باقتحام المدينة، والسيطرة على الأهداف الخمسة المحددة. بينما صدرت الأوامر للوحدات الخاصة، وقوات الميليشيا، ووحدات الدفاع السِّرِّية، وقوى الانتفاضة، داخل المدينة، بالاستيلاء المسبق على الجسور والنقاط الإستراتيجية، على المداخل؛ والاستعداد للقضاء على العملاء، وتسلُّم السلطة والإدارة الثورية، فور دخول القوات الشمالية والفيتكونج. وشهدت الساعات الأولى من الهجوم كمية نيران مكثفة، من اتجاهَين:

- نيران المدفعية والصواريخ أرض أرض، المركزة نحو الأهداف الخمسة، لعزلها.

- نيران المدفعية المضادة للطائرات والصواريخ (أرض/جو) الرأسية، لتأمين شبكة حماية للقوات المتقدمة على الطرق البرية.

وخلال 28-29 أبريل، تمكنت القوات الشمالية والفيتكونج من الاقتراب إلى مسافة، تراوح بين 10 و20 كم من مركز المدينة. وفي سعت 1800، يوم 28 أبريل، قصفت ثلاث طائرات A-37 قاعدة المطار الإستراتيجي، تان سون نهوت Tan Son Nhot، ثم منطقة هوك مون: وجسر بنه تريو، ودمرت قاعدة بين هوا الجوية. وفي سعت 0400 ، يوم 29 أبريل،شمل القصف معظم أجزاء المدينة. وفي غرب المدينة هوجمت جماعتا الرماة الثامنة والتاسعة الجنوبيتان، وبلغت خسائرهما أكثر من 50 بالمائة من الأرواح. وفي سعت 0900، يوم 29 أبريل، أعيد قصف قاعدة مطار تان سون نهوت، ومعظم النقاط العسكرية. هجم الشماليون على الأركان العامة للجيش، واحتلت الوحدة الخاصة 232 أركان منطقة سايجون. واستولت وحدات أخرى على وزارة الدفاع والإذاعة والميناء. كما تمكنت من الوصول إلى قصر الرئاسة، في سعت 1100، يوم 30 أبريل،واعتقال الرئيس مينه الكبير ووزرائه، الذين حضروا لتأدية اليمين الدستورية؛ فأعلن، في خطاب مذاع، استسلام الجمهورية، دون قيد أو شرط؛ وطلب من قواته إلقاء السلاح؛ وقبل شروط الشماليين والفيتكونج. بعد استسلام الرئيس مباشرة، نيطت بالقوات الثورية ثلاث مهامّ عاجلة:

الأولى: إحكام السيطرة على الأهداف الإستراتيجية الخمسة، والقضاء على بؤر المقاومة، واعتقال ضباط  الجيش السايجوني وجنوده، داخل المدينة وضواحيها. وعُهِد بها إلى العميد كيونج، نائب رئيس الأركان.

الثانية: حماية المؤسسات والمنشآت: الاقتصادية والخدمية والحكومية، وتأمين الكهرباء والماء والمواد الغذائية، ومساعدة الهيئات: الحزبية والإدارية، القائمة على المدينة.

الثالثة: دعم القوات الموجودة في مناطق دلتا الميكونج، للانتقال إلى حالة الهجوم العام؛ فتمكنت، في نهار 30 أبريل وليلته، وصباح الأول من مايو، من تدمير الفِرق النظامية الثلاث للجيش الرابع، وتشتيت القوات المدرعة والنهرية، بمساعدة الوحدات الإقليمية، وقوى الانتفاضة الشعبية في أقاليم ومدن الدلتا.

كان الحسم، وعدم التردد، والمضي في تنفيذ الخطة المقررة حتى النهاية، من العوامل المهمة، التي قادت إلى الهزيمة النهائية للنظام الجنوبي، في آخر أبريل. فقد عزمت قيادة الحملة، قبل بدء الهجوم، على عدم التوقف في منتصف الطريق، مهْما كانت الصعوبات أو الإغراءات؛ وإنما المضي في:

- مَحْو الجيش السايجوني؛ بقيادته ومقراته.

- تحطيم الجهاز الأمني للسلطة، بشرطتها: العلنية والسِّرِّية.

- القضاء على الإدارة، بمستوياتها: المركزية والدنيا.

لم تتمكن القيادتان: الأمريكية والسايجونية، من التأثير في وتيرة الهجوم، على الرغم من محاولاتهما، التي استمرت أربعة أيام. وسارت التطورات كالتالي:

- نصّب الأمريكيون دونج منه رئيساً للبلاد، خلفاً لهونج مينه، الذي لم يكمل أسبوعه؛ على افتراض أن الرئيس الجديد شخصية مقبولة للحوار مع الشيوعيين، من أجل تسوية سياسية.

- دفع عدد من السياسيين والعسكريين المتقاعدين إلى التحرك المفاجئ؛ لإنقاذ البلاد من التدمير. وطالبوا بوقف إطلاق نار، يعقبه مفاوضات لتشكيل حكومة انتقالية.

- طلبت حكومة سايجون من العميد هوانج ثوان، رئيس الجانب الثوري في اللجنة العسكرية المشتركة، التفاوض في وقف إطلاق النار؛ ولكنه اعتذر.

- حاول السفير الأمريكي جراهام مارتن Jraham Martin، مقابلة الوفد العسكري المذكور، إلا أن طلبه رفض.

- طلبت حكومة سايجون السماح لها بإرسال وفد إلى هانوي، للتفاوض من أجل وقف إطلاق النار، والتسوية السلمية، إلاّ أن طلبها رُفض.

- قبيل سقوط سايجون، جرت مناورات أخرى، لكسب الوقت، وإطالة فترة الصراع؛ لفرض تسوية سياسية، وعرقلة عملية التحرير الشاملة. ثم جرت آخر مناورة دبلوماسية، عندما سجل الرئيس بياناً للإذاعة، يطلب فيه من الثوار وقف إطلاق النار، من أجل العمل على نقل السلطة.

رفض قائد الحملة العسكرية العروض كافة؛ مشيراً إلى أن أنها "ترافقت مع تهديدات أمريكية بالتدخل، أُرسلت عبْر وسطاء"؛ الأمر الذي دفع قيادة الحملة إلى عدم إضاعة أيِّ دقيقة، قبل تحقيق النصر الكامل.

وهكذا، غادر السفير الأمريكي سايجون، بعد أن انتهت آخر عملية أمريكية لالتقاط ما أمكن، من الأمريكيين والجنوبيين، الذين تجمعوا على سطوح ثلاثة عشر بناء؛ انتظاراً للطائرات العمودية الموعودة!

12 مايو 1975: سقطت السفينة التجارية الأمريكية ماياجيز Mayaguez في أيدي الشيوعيين، في خليج سيام Siam.

وبعد ساعتَين ونصف على انسحاب آخر جندي أمريكي من سايجون، كانت دبابات الشماليين والفيتكونج قد أصبحت في ضواحي المدينة. وسرعان ما دخلت إليها في هدوء، باستثناء معارك صغيرة، للقضاء على بعض المقاومين، الذين لم يستجيبوا نداء الرئيس بالاستسلام. ورفع علم جبهة التحرير فوق مبنى وزارة الدفاع، معلناً بذلك نهاية الحرب، التي استمرت 30 عاماً. وما لبث إذاعة سايجون، أن استأنفت بثها، باسم جبهة التحرير. وأعلن أن المدينة أصبحت تسمى مدينة هوشي منه؛ مردداً عبارة هذا الزعيم الشهيرة: "ليس هناك ما هو أثمن من الاستقلال والحرية".

العلاقات الكمبودية الفيتنامية

لم يعان شعب، في الهند الصينية، مثلما عانى الشعب الكمبودي؛ من جراء الحرب الأمريكية ـ الفيتنامية. فحتى 1970، كان الأمير نوردوم سيهانوك، قد استطاع الحفاظ على التوازن بين الاتجاهين: اليساري واليميني، داخل البلاد، وبين واشنطن وهانوي، خارجياً. بغض النظر عن انتشار مراكز ومستعمرات للشماليين والفيتكونج، على طول الحدود، وبدء القصف الأمريكي المركز عليها، في 1969. وبذلك حافظ على سلامة كمبوديا وحيادها. ولكن، في 1970، تورطت كمبوديا في الصراع، وتهدد أمنها بشدة. وبدأ سيهانوك يواجه الجماعات الشيوعية، من الخمير، الذين اتخذوا اسم الحزب الشيوعي لكمبوديا CPK، واقترن ذلك بثورة عارمة، بين صفوف الفلاحين، في المناطق الغربية. كانت قد اشتعلت جذوتها، منذ 1967، وواجهها وزير الدفاع الكمبودي، لون نول Lon Nol، بقتل المئات منهم. فاشتعلت الثورة، واتخذ الثوار لقب الخمير الحمر، الذين شنوا الغارات على أهداف حكومية.

ومنذ 1969، بدأ القصف الأمريكي الكثيف، على الساحل الكمبودي، لمواقع الشماليين والفيتكونج، بطائرات ب- 52، التي نفذت 3875 طلعة على الساحل الآنف، ألقت فيها 108823 طناً من القنابل على المواقع الآنفة. أعقب ذلك، أن نقل الشماليون والفيتكونج مراكزهم، ومواقعهم، إلى داخل كمبوديا، مبتعدين عن الساحل؛ لتجنب القصف.

في 18 مارس 1970، بينما كان سيهانوك خارج البلاد، اشتعلت المواجهات بين طوائف من الكمبوديين وطوائف فيتنامية. فبادر لون نول إلى عزل سيهانوك، ثم أمر الشماليين والفيتكونج بمغادرة قواعدهم ومراكزهم، في كمبوديا. وتولى لون نول، الحكم في البلاد. وبدأ مذابح للفيتناميين، وإلقاء جثثهم في نهر الميكونج. بدأ الخمير الحمر ثورة عارمة ضد الحاكم الجديد، يساندهم الشماليون والفيتكونج وحلفاؤهم، واستولوا على المناطق الريفية، وعلى خمسة من سبعة طرق سريعة مؤدية إلى فنوم بنه، العاصمة. وتبع ذلك، تدخل قوات نظامية شمالية، شنت الهجمات على الجيش الكمبودي. وازداد القصف الأمريكي للقوات الشمالية والفيتكونج، داخل كمبوديا. وحتى بعد انسحاب القوات الأمريكية البرية، في مايو 1970، تواصل القصف الجوي الأمريكي.

مع زيادة حدة الثورة، فقد لون نول، إلى أكتوبر 1970، نحو ثلثي أراضي كمبوديا، وامتد زحف الخمير الحمر، بعد استيلائهم على 16 مدينة رئيسية، من بين 19، وقطعوا جميع الطرق المؤدية إلى العاصمة، وسببوا للجيش الحكومي 3888 قتيلاً، و7895 جريحاً، و6095 مفقوداً. وفي 1971، سقطت صواريخهم على العاصمة نفسها، ودمروا بصواريخهم جميع الطائرات الميج المقاتلة. وفي أكتوبر 1971، أمكن للخمير الحمر مع القوات الشمالية، إبادة أغلب كتائب لون نول.

وفي 1972، قطعوا جميع الطرق والإمدادات عن العاصمة. واستمر توغلهم وهجومهم حتى 28 يناير 1973، عندما طلب لون نول وقف إطلاق النار، فرفض الأمير نوردوم سيهانوك، الذي كان يقود المواجهة، من منفاه في الصين، ذلك الطلب. وصعدت واشنطن قصفها دعماً للون نول، حتى 15 أغسطس 1973، ملقية 227465 طناً من القنابل، في الأشهر الستة السابقة وحدها؛ فنجحت في تأخير سقوط العاصمة في أيدي الخمير الحمر.

وفي ديسمبر 1973، استأنف الخمير الحمر حصارهم للعاصمة وقصفها. ثم استأنفوه، مرة أخرى، في يناير 1975، بعد أن دعمتهم الصين الشعبية؛ فأصبح عددهم ستين ألفاً، في 175 كتيبة. فأغرقوا السفن التي كانت تحمل المؤن والإمدادات، إلى العاصمة، وقطعوا جميع الطرق والاتصالات، وفر لون نول، في أول أبريل 1975، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حاملاً معه 200 ألف دولار من الخزانة العامة. واستسلمت العاصمة، في 17 أبريل 1975.

وبلغت الخسائر الحكومية: 50 ألف قتيل، و200 ألف جريح. وكسب الشيوعيون النصر، لا السلام. فقد تحول أصدقاء الأمس إلى أعداء اليوم.

لقد تناسى الفيتناميون والكمبوديون مبادئهم الماركسية، وبدأت الخلافات تنشب بينهم على الحدود المشتركة، الممتدة 600 ميلاً. وتطورت الخلافات إلى حرب، وفي 4 مايو 1975، أغار جنود الخمير الحمر على جزيرة فو كوك Phu Quok الفيتنامية.

وفي 10 مايو، استولوا على جزيرة بولو بانجانج Poulo Panjang، وطردوا مواطنيها. وفي 26 مايو، رد الفيتناميون بهجمات استعادت الجزيرة الآنفة، وضمت إليها جزيرة بولو واي Poulo Wai الكمبودية. ثم أعادتها فيتنام إلى كمبوديا، مع أسرى الحرب، بعد مفاوضات سلمية، في أغسطس 1975.

في 30 أبريل 1977، تجدد الصراع المسلح، بين فيتنام  وكمبوديا. وقصفت المدفعية الكمبودية محافظة آن جيانج An Giang، في غرب دلتا الميكونج. ثم تقدم لواءان كمبوديان، وكتيبتان مستقلتان، فاجتاحت 13 قرية حدودية، ومنشآت عسكرية وبوليسية.

وفي  سبتمبر 1977، توغل الكمبوديون، أربعة أميال إلى محافظة تاي ننه. وفي ذلك الوقت، كانت الصين تدعم كمبوديا، دعماً كاملاً. ردت فيتنام بهجوم بوحداتها النظامية، وتوغلت 12 ميلاً، داخل أراضي كمبوديا. ثم، في 26 ديسمبر 1977، أرسلت فيتنام وحدات، من ثماني فرق، ضمت 60 ألف جندي، تدعمها المدفعية، ودبابات ت- 62، وطائرات A- 37؛ للهجوم الكاسح على كمبوديا. فاحتلت معظم محافظة سفاي رينج Svay Rieng الكمبودية، الممتدة 400 ميلاً مربعاً، على  الحدود، وتوغلت إلى نحو 15 ميلاً، من الأراضي الكمبودية. وإزاء المقاومة الشرسة، انسحبت الوحدات الفيتنامية، في يناير 1978.

تجددت الاشتباكات، في ديسمبر 1978، عندما هجمت القوات الفيتنامية، تحالفها قوات موالية من الخمير الحمر؛ على أراضي كمبودية، بالقرب من سنول Snuol، وفر الآلاف من رجال القوارب. ثم في يناير 1979، شن مائة ألف جندي فيتنامي، ضمن 12 فرقة، هجوماً على 40 ألف كمبودي، على الحدود، في غزو سافر لأراضي كمبوديا، بتخطيط من الجنرال فان تين دونج، فألحقت هزيمة ساحقة بالخمير الحمر، وبدأت في تنصيب حكومة موالية لها في كمبوديا. ثم في فبراير 1979، غزت الصين شمال فيتنام، ولكنها هزمت وردت على أعقابها. واستولت القوات الفيتنامية على كراتيي Kratie، على الميكونج، شمال فنوم بنه، في 30 ديسمبر 1979، ثم على كومبونج شام Kompong Cham.

وفي 5 يناير 1980، طوقت القوات الفيتنامية العاصمة، فنوم بنه، من ثلاث جهات. وفر الأمير نوردوم سيهانوك، على متن طائرة مدنية صينية، كما فر بول بوت، وأغلب القادة الكمبوديين، إلى الجبال، جهة الغرب. وتحركت جماعة كمبودية معارضة، بقيادة هنج سامرين Heng Samrin، فاستولت على العاصمة، وشكلت حكومة، وأطلقت على البلاد، اسم جمهورية كمبوديا الشعبية People΄s Republic of Kampuchea. ومع ذلك، استمرت وحدات الخمير الحمر في مقاومة القوات الفيتنامية الغازية، في صورة حرب عصابات، وهجمات مضادة؛ ما جعل فيتنام ترسل تعزيزات أخرى، من 50 ألف جندي، إلى كمبوديا، في فبراير 1980. وردت الصين بإرسال تعزيزات إلى الخمير الحمر، عبر تايلاند، ضمت 150 ألف جندي؛ لتخفيف الضغط على الخمير الحمر. وشن جيش التحرير الكمبودي المعارض هجوماً على شمال فيتنام. وتدفقت جموع اللاجئين والمشردين، من كمبوديا. وتواصل احتلال فيتنام لأغلب أراضي كمبوديا، حتى عام 1984، عندما شن الفيتناميون هجوماً واسعاً على بقية المناطق العسكرية الكمبودية، تلاه غزو شامل، في يناير 1985؛ ما أجبر 150 ألف مدني كمبودي على الفرار إلى تايلاند. وتوغلت القوات الفيتنامية، وازداد تدفق التعزيزات والمساعدات الصينية إلى الخمير الحمر، عبر لاوس وتايلاند، وشرد أغلب سكانهما.

وكانت المجاعة قد تفشت، في فيتنام ، في 1985؛ عقب فشل برنامج المزارع الجماعية Farm Collectivization. ثم رشح الحزب الفيتنامي نجوين فان لنه Nguyen Van Linh، سكرتيراً عاماً، وأقر برنامج الإصلاح الاقتصادي الليبرالي، في وقت كان الرئيس السوفيتي ميخائيل جورباتشوف Mikhail Gorbachev، قد بدأ برنامج إصلاحات، تضمن خفض المعونات لفيتنام، وكان الاتحاد السوفيتي، قد خرج مهزوماً من أفغانستان، وبدأ يضغط على فيتنام لسحب قواتها من كمبوديا. وبدأت فيتنام، بالفعل، في ذلك  الانسحاب، الذي تم، في سبتمبر 1979. بعد أن خسر الجيش الفيتنامي: 23300 قتيلاً، كثير منهم بسبب الملاريا والألغام، و55000 جريحاً.

في 1981، بدأت إدارة الرئيس الأمريكي، رونالد ريجان Ronald Regan، في إجراء عمليات تحقيق سرية في لاوس، وتايلاند، والولايات المتحدة الأمريكية؛ بهدف إثارة موضوع أسرى الحرب Pow/ Mia Issue.

أما في كمبوديا، فقد اتفقت الجماعات الكمبودية المتنازعة، في أغسطس 1990، على تشكيل مجلس وطني أعلى، وقبول إشراف قوات حفظ السلام، التابعة للأمم المتحدة، على الانتخابات الحرة فيها. وعادت العلاقات تتحسن، مرة أخرى، بين فيتنام وكمبوديا.