إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الثالث: الخلاف حول دستور دولة الوحدة

القسم الثالث: الخلاف حول دستور دولة الوحدة

(انظر ملحق صورة طبق الأصل لمشروع دستور دولة الوحدة الموقع في 30 ديسمبر عام 1981. وملحق  صورة طبق الأصل من وثيقة دستور الجمهورية اليمنية الصادر في 1 أكتوبر 1994م. وملحق النص الحرفي لدستور الجمهورية اليمنية الصادر في 1 أكتوبر 1994م.):

1.      صيغ دستور الوحدة، في نهاية عام 1981:

تضمن الدستور العديد من المواد، التي لم تعد متوافقة مع ما مر به الشطران، طوال الأعوام المتصلة، وحتى قيام الوحدة، الأمر الذي أوجد حالة انفصام بين الواقع العملي، من جهة، ومواد الدستور، من جهة أخرى، ولا سيما تلك المواد، التي تعلقت بالوضع الاقتصادي، والاجتماعي لدولة الوحدة. وعلى الرغم من ذلك، فقد جرى الاستفتاء والموافقة على الدستور، يومي 15، 16 مايو 1991، وبذلك توثق الارتباط بين الوحدة والديموقراطية بدرجة أكبر، إلاّ أنه ثار جدل حاد، حول دستور الوحدة، بين الاتجاه الإسلامي، بجماعاته وعلمائه من ناحية، والاتجاه العلماني، وحزبه الاشتراكي من ناحية أخرى. وباتساع دائرة هذا الجدل، وتعدد أبعاده وامتداده، أصبح يمثل تهديداً لإكمال عملية الوحدة ذاتها. وقد بات واضحاً أن التجربة اليمنية، وهي في طريقها لتأسيس سلطة شرعية موحدة، تجمع بين نظامين مختلفين، اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، تواجه الكثير من التحديات والعقبات.

وعلى الرغم من أنّ الإعلان عن قيام دولة الوحدة، كان في مايو 1990، ثم جرى الاستفتاء على دستور الوحدة والموافقة عليه في منتصف مايو 1991، وإلاّ أنّ الجدل حول هذا الدستور، كان قائماً قبل الاستفتاء، وظل مستمراً بعده. وذلك أنّ هذا الدستور، كان يتعلق بالفترة الانتقالية، ومن المفترض أن ينتهي العمل به بنهاية هذه الفترة، التي كان محدداً لها "نهاية عام 1992"، وكان المطلوب بعد ذلك، صياغة جديدة لدستور دولة الوحدة.

2. الجدل حول الإطار الدستوري:

أ. آراء الاتجاه الإسلامي:

(1) انتقد الاتجاه الإسلامي، بزعامة العلماء، خاصة حزب التجمع اليمني للإصلاح، أكبر الأحزاب الإسلامية، دستور الوحدة، لأنه، حسب رأيهم، يشتمل على نصوص تتعارض مع الشريعة الإسلامية، وتتناقض مع أحكام القرآن والسنة النبوية. وسجل العلماء ملاحظاتهم على الدستور، في رسالة وجهوها إلى كل من رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الشورى. وفي تلك الرسالة أكدوا، على تمسكهم بالوحدة، وأشادوا بالدستور السابق لليمن الشمالي، والمكاسب التي حققها، في المجالات الاجتماعية والتربوية والتشريعية، وقالوا إن إقرار مشروع دستور الوحدة، من دون تعديله معناه إهدار كل تلك المكاسب، وغرس جذور العلمانية.

ثم أوردوا في رسالتهم الملاحظات التالية، مدعمة بالنصوص والأدلة:

(أ) أغفل الدستور هوية اليمن العربية الإسلامية، وألغى هيمنة الشريعة الإسلامية على القوانين، والعلاقات الاقتصادية.

(ب) تضمن الدستور نصوصاً، تؤدي إلى الإشراك بالله، في الحاكمية والتحليل والتحريم[1].

(ج) ألغى الدستور الفوارق بين الرجل والمرأة، في النص القائل، إن المواطنين جميعاً متساوون في الحقوق والواجبات، ولا يُفَرّق بينهم، بأسباب الجنس والعقيدة.

(د) لم ينص الدستور على الدفاع عن الدين والوطن، وألغى فريضة الزكاة، والحدود، والقصاص، ولم يشترط الإسلام فيمن يتولى ولاية عامة، كما لم يُقِمْ للمقومات الدينية، والأخلاقية، والوطنية، في بناء الأسرة، وزناً.

(هـ) أباح المشرّع، الحريات الشخصية من دون قيود شرعية، وألغى ضمانات حفظ الدماء، والأعراض، والحريات والأموال.

(و) كذلك انتقد العلماء في رسالتهم، المادة التي تسوي بين المسلمين والكافرين، واستنتجوا من ذلك، أن لكل الكافرين والمرتدين أن ينظموا أنفسهم في أحزاب، وينشروا كفرهم، وأفكارهم المعادية للإسلام.

وختم العلماء رسالتهم بالعبارة: "إن أوضح سمة، اتسم بها مشروع الدستور، انه يؤسس العلمانية اللادينية في هذا البلد العريق في إسلامه".

(2) ومع ازدياد ضغوط العلماء، والأحزاب الإسلامية، وتصعيد مطالبهم بتعديل مشروع الدستور، أصدر مجلس الرئاسة بقيادة علي عبدالله صالح، بياناً جاء فيه، عدم جواز وجود أي نص في الدستور، يتعارض وأحكام الشريعة الإسلامية. وكان الهدف من ذلك البيان آنذاك، هو طمأنة الإسلاميين وتهدئة الأوضاع، ريثما يتم الاستفتاء على الدستور. إلاّ أن، الشيخ عبدالله الأحمر بن حسين الأحمر، رئيس حزب الإصلاح، وقيادات الحزب، طالبوا بوضع البيان الصادر من الرئاسة، كمقدمة لمشروع الدستور، قبل التصويت عليه، بينما رأت بعض الفئات المثقفة "جمعيات رجال الأعمال، والمهندسين، والمحامين، ورابطة الأدباء، ورابطة الفنانين"، أن البيان يعد خضوعاً، لما وصفوه بقوى التخلف. وقد رفض مجلس الرئاسة مطالب العلماء، وقيادات حزب الإصلاح، من جعل البيان مقدمة للدستور. ومن ثمّ نظم حزب الإصلاح مسيرة جماهيرية سلمية ضخمة، للمطالبة بتعديل مواد الدستور. ولمّا لم يستجب مجلس الرئاسة لمطالبهم، أصدر العلماء فتواهم، التي توجب مقاطعة الاستفتاء على مشروع الدستور، والاستمرار في المطالبة بتعديله، ليتوافق مع كتاب الله والسنة، والنص فيه على أن يكون كتاب الله، وسنة رسوله، فوق الدستور والقانون.

(3) حاول خصوم الاتجاه الإسلامي، الربط بين مطالبهم ـ آنفة الذكر ـ بتعديل الدستور، ومسألة الوحدة، وتصوير تلك المطالب على أنها تعني "رفض الوحدة"،بين شطري اليمن، على الرغم من تأكيد الاتجاه الإسلامي ـ بعلمائه وأحزابه ـ على أن تعديل الدستور لا صلة له بمسألة الوحدة، بل إن تأييد الإسلاميين للوحدة ليس فيه مجال للشك، خاصة وأن "الوحدة فريضة شرعية توجبها محكمات النصوص، التي تحث على الجماعة والائتلاف، وضرورة يقتضيها الواقع العملي الذي لا مجال فيه للدويلات الصغيرة. ويظل الاختلاف القائم بين الإسلاميين، وغيرهم، في هذا الأساس المقترح لدولة الوحدة، وهل هو الإسلام أم العلمانية أم هو مزيج مهلهل من هذا وذاك؟. وأوجز الشيخ عبدالمجيد الزنداني "أحد قادة حزب الإصلاح، والعالم المعروف"، هذه المعركة حول الدستور فقال: "إن حقيقة المعركة أن هناك قوماً يريدون الوحدة لا دينية، وآخرين يريدونها إسلامية، والعلمانيون شريحة صغيرة جداً في الشّمال والجنوب، أما المسلمون فهم الشعب اليمني في الشمال والجنوب"، وقال أيضاً: "نحن نطالب بالحرية، وأن نحتكم للقضاء إذا اختلفنا، وألا يستخدموا الإرهاب، وأن يعطوا الشعب المسلم حريته، ليقول رأيه، وأن الطرح الذي فرضه علينا الحزب الاشتراكي اليمني في الجنوب، وبعض الأحزاب الاشتراكية في الشمال، يقول: اتركوا حكم الله لتكونوا مهيئين للاتحاد معنا، ونحن نعتبر ذلك ردة، لأن طاعة المسلم، لمن لا يحكم بشرع الله، تساوي ألا يُبقى للمسلم ولا ركعة صلاة واحدة، وإذا كانوا يفهمون أن عدم تفريطنا في الإسلام، يساوي مقولة أننا لا نريد الوحدة، فهذا شيء نحتاج فيه إلى محكمة، وعقلاء يفهمون ويقضون". وقد أعلن حزب التجمع للإصلاح برنامجه الانتخابي، تحت شعار: "أوضاع نصلحها ، وشريعة تحكمنا، وعلمانية نرفضها".

ب. آراء العلمانيون من قادة ومثقفي الأحزاب الاشتراكية "خاصة الحزب الاشتراكي":

أصّر العلمانيون من جانبهم، على ضرورة بناء دولة الوحدة، على أساس علماني[2]، دون الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية، ويرى العلمانيون أن مشروع الدستور، رغم أنه محل اعتراض ونقد من الإسلاميين، إلا أنه غير علماني بما فيه الكفاية.



[1]  أورد العلماء في رسالتهم مثال على نص المادة ( 31 ) والتي تقول أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون يصدره مجلس النواب، بينما يرى العلماء، أن الجرائم والعقوبات منصوص عليها في الكتاب والسنة، ولا يتوقف التحريم أو العقاب على صدور القانون.

[2]  أدلى علي سالم البيض، أمين الحزب الاشتراكي، بتصريح لجريدة 14 أكتوبر اليمنية، في 24 ديسمبر 1989، قائلاً: ` إنه يجب الشروع في تطبيق برنامج واسع لإصلاحات شمولية، على طريق تأسيس دولة الوحدة العلمانية`. كما صرح طه علي صالح، أحد واضعي مشروع دستور الوحدة، لجريدة 14 أكتوبر اليمنية، في 21 ديسمبر 1989، قائلاً: ` إن العقوبة البشعة محرمة دستورياً في هذا المشروع، سواء قطع اليد، أو الجلد، وإن الإعدام هو أبشع وأبشع.