إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية / الوحدة اليمنية والحرب الأهلية (1994)






المناطق القابلة للانفجار العسكري
المرحلة الأولى
المرحلة الثالثة
المرحلة الثانية
انتشار بعض قوات الشطرين
اليمن الجنوبي
اليمن الشمالي
جغرافية مسرح العمليات اليمني



القسم الرابع: الجدل حول قانون الانتخابات

القسم الرابع: الجدل حول قانون الانتخابات

(انظر ملحق صورة طبق الأصل من وثيقة قانون الانتخابات العامة رقم 41 لسنة 1992، الصادر في 8 يونيه 1992 .)

1. استبشر الشعب اليمني خيراً بالوحدة، لأن تحقيقها، يُنهي الصراع السياسي بين شطري اليمن، ويتوجه بعد هذا التاريخ صوب التحديث، وبناء الدولة اليمنية المنشودة. إلاّ أن تقاسم الحكم بين حزبين، كانا ينفردان في حكم شطري البلاد، المؤتمر الشعبي العام في الشمال، والحزب الاشتراكي في الجنوب، واختلاف أساليب الإدارة ونقل الموروث الاجتماعي، جعل من أشهر الوحدة (30 شهراً) فترة انتقالية، المقصود منها التهيئة للانتقال إلى الشرعية الدستورية، لكن عدم المقدرة على الوفاء بكل التزامات الوحدة، وإزالة مظاهر التشطير، وصعوبة إجراء الانتخابات النيابية، بانتهاء الفترة الانتقالية في 21 نوفمبر 1992، تسبب في تمديد الفترة الانتقالية إلى 35 شهراً، وإعلان يوم السابع والعشرين من (نيسان) أبريل 1993، موعداً لإجراء أول انتخابات في تاريخ اليمن، على أساس التعددية الحزبية، التي شكلت منعطفاً مهماً في التجربة اليمنية برمتها. وفور إجراء الانتخابات، انتقلت الوحدة اليمنية إلى الشرعية الدستورية الدائمة.

2. في مايو 1992، أقر مجلس النواب قانون الانتخابات، الذي أعدته لجنة حكومية مشكلة من وزارة الشؤون القانونية، والعدل، والأوقاف، والإرشاد. وقد تضمنت نصوصه، تنظم إجراءات العملية الانتخابية، وتقسيم الجمهورية إلى 301 دائرة انتخابية متساوية، وشروط الترشيح، وإقرار مبدأ تكافؤ الفرص للمرشحين، وتشكيل لجنة عليا للانتخابات، من عدد لا يقل عن خمسة أعضاء، ولا يزيد عن سبعة.

وقد دار جدل طويل، بين الأحزاب والهيئات السياسية المختلفة، حول قانون تنظيم العملية الانتخابية. واتهمت أغلبية الأحزاب الحكومة، بأنها قدمت لمجلس النواب مشروعاً آخر، غير الذي تم الاتفاق عليه.

وأيدّ اليمن الشمالي الانتخابات بقوة، واهتمام زائد، لأن تعداده السكاني 13 مليون نسمة، في مقابل حوالي 3 مليون نسبة في الجنوب.

وتتلخص الخلافات حول المشروع، في الآتي:

أ.  نظراً لارتفاع نسبة الأمية في اليمن إلى حوالي 56%، فقد سبق الاتفاق على استخدام الألوان، والعلامات، في البطاقات الانتخابية، واستعانة الأمي بشخص يختاره هو، للمساعدة في اختيار مرشحيه. كما اتفقت الأحزاب، على ضرورة استقالة رئيس الوزراء، والوزراء، الذين يرشحون أنفسهم، كما اقترحوا تجميد المال العام في الدعاية، وألا تُسيء الدعاية إلى أي طرف. إلاَ أن المسائل التي اتفق عليها لم تدرج في القانون.

ب. انتقدت القوى السياسية المادة الخاصة، بعدد أعضاء اللجنة العامة للانتخابات، لعدم كفاية عددها، لتمثيل كافة الأحزاب.

ج. أضافت الحكومة قيداً جديداً، لم يُتفق عليه، وهو إلزام المرشح بأن يُزَكيه من 300 شخص، حتى يكون ترشيحه صحيحاً.

د. لم يتم تطبيق قانون الأحزاب السياسية، الذي يحتم ابتعاد العسكريين عن الأحزاب.

3. وأدت الخلافات بين الحزبين الحاكمين، وإضافة إلى التوتر الأمني، إلى عدم الالتزام بما ورد بالقانون حرفياً، والالتفاف حول بعض مواده. وعلى الرغم من الجدل الدائر، والتحفظات التي عبّرت عنها الأحزاب السياسية، والكثير من النواب، إلاّ أن القانون وُوفق عليه في منتصف مايو 1992، وصدر في 8 يونيه 1992. ونظراً لريبة القوى السياسية والأحزاب، من نزاهة الحكومة، في إشرافها على الانتخابات، طالبت الأولى بحكومة ائتلاف وطني، تنهي اقتسام السلطة بين الحزبين الحاكمين، ولكن شيئاً من ذلك لم يتحقق. ولكن أدت الضغوط إلى صدور قرار من مجلس الرئاسة، بزيادة أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، لتتألف من 17 عضواً، برئاسة القاضي عبدالكريم الإيرياني. واقترحت اللجنة تأجيل موعد الانتخابات إلى 18 فبراير 1993، تمّ تأجيلها مرة أخرى إلى 27 أبريل 1993.

4. نتائج الانتخابات الرسمية:

أ. فتحت اللجنة العليا للانتخابات، باب الترشيح لعضوية مجلس النواب، لمدة عشرة أيام، بدءاً من 28 (آذار) مارس 1993.

وقد بلغ عدد المرشحين 4781 مرشحاً حزبياً، توزعوا على 19 حزباً وتنظيماً، بينهم حزب المؤتمر الشعبي العام 290 مرشحاً، والحزب الاشتراكي 288 مرشحاً، والتجمع اليمني للإصلاح 246 مرشحاً، وحزب البعث العربي الاشتراكي 160 مرشحاً، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري 96 مرشحاً، وحزب رابطة أبناء اليمن 90 مرشحاً، وحزب الحق 62 مرشحاً، واتحاد القوى الشعبية 24 مرشحاً، والتجمع الوحدوي اليمني 13 مرشحاً. وتنافس في المعركة الانتخابية خمسون امرأة، بينهم 16 مرشحة حزبية.

ب. نتائج الانتخابات (انظر جدول نتائج الانتخابات اليمنية):

(1) يتضح من نتائج الانتخابات الرسمية، أن حزب المؤتمر الشعبي العام، حصل على 121 مقعداً، يليه التجمع اليمني للإصلاح، الذي حصل على 62 مقعداً، ثم الحزب الاشتراكي، الذي حصل على 56 مقعداً، والأحزاب الثلاثة مجتمعة حصلت على 239 مقعداً، أي ما نسبته 80%، من جملة مقاعد مجلس النواب اليمني، في حين حصل المستقلون على 49 مقعداً، أي ما نسبته 16%، أما الأحزاب الخمسة الباقية الفائزة، فقد حصلت على 13، مقعداً بنسبة 4%.

(2) أعلنت وزارة الخارجية اليمنية، النتائج النهائية للانتخابات في 10 (أيار) مايو 1993. وقد حصل المؤتمر الشعبي العام، على عدد أصوات إجمالي قدره 640.237 صوتاً، من جملة الأصوات، التي أعطيت إلى مرشحي الأحزاب، أي ما نسبته 40%، ويليه الحزب الاشتراكي اليمني، بعدد أصوات 414.045 صوتاً بنسبة 26.5%، يليه التجمع اليمني للإصلاح بعدد أصوات 380.625 صوتاً، بنسبة 24%، وتشاركت الأحزاب الأخرى الفائزة في نسبة الـ9.5% الباقية.

(3) أفرزت نتائج أول انتخابات، في ظل الوحدة اليمنية، نوعاً من التوازن السياسي بين القوى الثلاث الكبرى الفائزة، الأمر الذي قاد عملياً إلى تشكيل الائتلاف الثلاثي الحاكم.

(4) أسفرت نتائج الانتخابات، عن نتائج، اعتبرها المحللون، بمثابة نقطة تحول، في اتجاه تفجير الأزمة السياسية في اليمن. فقد أدت إلى اختلال التوازن النسبي الذي كان قائماً قبل الانتخابات، حيث ستختفي الثنائية، التي انطبعت في الحياة السياسية في اليمن، منذ عام 1990، لتفسح المجال، لمشاركة ثلاثية، بدخول حزب التجمع اليمني للإصلاح، طرفاً في المعادلة السياسية، وسيشارك في اقتسام الحقائب الوزارية، ولم يكن ذلك في صالح الحزب الاشتراكي، الذي كان ينظر إلى حزب الإصلاح، وحزب المؤتمر، على أنهما طرف واحد يمثل الشطر الشمالي. وقد يستتبع ذلك تقليص نصيب الحزب الاشتراكي. في المناصب العليا في السلطة، وفي الحكومة الجديدة، وكذلك تضاؤل وزنه في البرلمان اليمني. وقد أدت تلك المستجدات، إلى حدوث تناقض، بين وضع الحزب الاشتراكي الكاسح، والمسيطر على الشطر الجنوبي، وبين الدور المحدود، الذي أصبح يمثله، ولم يعد يجد في استمرار الوحدة مكسباً له، بل، على العكس من ذلك، وجد فيها خسارة فادحة.

وقد علق الدكتور عبدالكريم الإيرياني، على نتائج الانتخابات بقوله: "إن المنافسة الحقيقية كانت بين حزب المؤتمر وحزب التجمع للإصلاح، وليس بين المؤتمر والاشتراكي، كما كان يشاع".