إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

452 ـ عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله آل سعود (1268 ـ 1346هـ) (1852 ـ 1928م)

آخر حكام الدولة السعودية الثانية الفترة الأولى  (1291 ـ 1293هـ) (1875 ـ 1876م) ـ الفترة الثانية  (1307 ـ 1309هـ) (1889 ـ 1891م)   

عبدالرحمن بن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمّد بن سعود بن محمّد بن مقرن بن مرخان بن إبراهيم بن موسى بن ربيعة بن مانع بن ربيعة المريديّ.. وينتهي نسبه إلى بكر بن وائل من بني أسد بن ربيعة. آخر أئمة الدولة السعودية الثانية.

والإمام عبدالرحمن هو رابع أبناء الإمام فيصل بن تركي آل سعود وهم عبدالله، ومحمد، وسعود، وعبدالرحمن. والإمام عبدالرحمن هو والد الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الحديثة.

وبعد وفاة والده الإمام فيصل بن تركي في (رجب 1282هـ / نوفمبر 1865م)، بويع عبدالله بن فيصل بالرياض. ولم يمضى عام على توليه الحكم حتى خالفه أخوه سعود بن فيصل، الذي كان يطمع في إزاحة أخوه عبدالله بن فيصل عن الحكم، والاستيلاء على الحكم بدلاً منه، وتمكن سعود من جمع أتباع له ومؤيدين، لقتال أخيه عبدالله، ونشبت بينهما معارك، وفي معركة ماء جودة وهزمت قوات سعود بن فيصل، قوات عبدالله بن فيصل بقيادة أخيهما محمد بن فيصل وكان ذلك في عام 1287هـ/1870م، واستولى سعود على الأحساء، وفي العام التالي واصل تقدمه فاستولى على الرياض، وخلع أخاه في محرم 1288هـ / مارس 1871م.

وكان عبدالله قد لجأ إلى العثمانيين في الاحساء. وانتهزت الدولة العثمانية هذه الفرصة التي سنحت لها بالقتال الدائر بين الأخوين فأرسل مدحت باشا حملة عسكرية قوية عام 1288هـ/ 1871م، إلى منطقة الأحساء، واحتلتها وأطلقت عليها اسم ولاية نجد. وكان مدحت باشا قد وعد الإمام عبدالله بن فيصل بتعينه قائم مقام على نجد ولكنه أخلف وعده، وقد ترتب على هذه الحملة انسلاخ المنطقة الشرقية عن الدولة السعودية الثانية. فزاد بذلك ضعف الدولة السعودية الثانية. واستفاد آل رشيد من الفتنة الأهلية فأخذوا يوسعون دائرة نفوذهم في البلدان النجدية.

وبعدما تولى أخيه سعود الحكم، أرسله من الرياض إلى بغداد لمفاوضة العثمانيين في التخلي لآل سعود عن الأحساء، فأقام في بغداد نحو عامين، ولم يدرك بغيته، فعاد إلى نجد. وأغار على الأحساء بقوة من قبيلة عجمان بهدف إخراج العثمانيين منها فاحتلها إلا حصناً يسمى (الكوت)، واعترضته قوة بقيادة العثمانيين وأخفق في مسعاه، فرجع إلى الرياض.

وفي ذي الحجة 1291هـ / يناير 1875م، مات أخوه سعود بن فيصل، فبايعه الأهالي فيها بالإمارة وتولى عبدالرحمن بن فيصل الحكم في الرياض. وبذلك يكون الإمام عبدالرحمن قد تسلم الحكم مبايعة في شهر ذي الحجة من عام 1291هـ، يناير 1875م. واستمر في الحكم سنتين. وكان أخوه الأكبر عبدالله بن فيصل في ذاك الوقت في (عتيبة) بعيداً عن الرياض، عاصمة الدولة السعودية الثانية. فلما علم عبدالله بذلك زحف إلى الرياض، فتنازل عبدالرحمن عن الإمامة لأخيه عبدالله بن فيصل في أواسط عام 1293هـ، / يونيه 1876م، ودخل عبدالله بن فيصل الرياض. إلا أن ذلك لم يستمر طويلاً. فثار عليه أبناء أخيه سعود بن فيصل وأخذوا يحرضون القبائل عليه وعسكروا في (الخرج) وهاجموا الرياض فظفروا بعمهم عبدالله بن فيصل عام 1302هـ،/ 1884م، وحبسوه فيها. مما فتح الباب لتدخل الأمير محمد بن عبدالله الرشيد في شؤون الرياض، ودبت الفوضى فقويت شوكة محمّد بن الرشيد (حاكم حائل) فهاجم الرياض، وفرّ أبناء سعود. وأخرج الإمام عبدالله بن فيصل من سجنه، وولى سالم السبهان حاكماً على الرياض، واصطحب معه إلى حائل الإمام عبدالله بن فيصل وأخوه عبدالرحمن، ونظراً لحدوث الفتنة الأهلية وضعف الدولة السعودية الثانية، ازداد نفوذ آل الرشيد في الرياض، كما تمكن آل الرشيد من بسط نفوذهم إلى مناطق نجد الأخرى. ولما اشتد المرض بالإمام عبدالله بن فيصل، أذن ابن الرشيد له لأخيه عبدالرحمن بالعودة إلى الرياض، وما أن وصلا إليها حتى توفي الإمام عبدالله بعد وصوله بيومين، وذلك في عام 1307هـ، / 1889م. فبايع الناس في الرياض أخاه عبدالرحمن بن فيصل، وعلم الإمام عبدالرحمن أن ابن السهبان حاكم آل رشيد يدبر مذبحة لآل سعود فسجنه عبدالرحمن بن فيصل. فهاجمه محمد بن رشيد انتصاراً لعامله ابن السهبان، وحاصر الرياض لمدة شهر أو يزيد، فثبت له أهل الرياض بزعامة عبدالرحمن، فلم يتمكن من دخولها. وطلب ابن الرشيد وفداً للتفاوض حول الصلح، فجاءه وفد مكون من محمد بن فيصل أخي الإمام عبدالرحمن، والشيخ عبدالله بن عبداللطيف، ومعهما الفتى عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود ـ الملك عبدالعزيز فيما بعد ـ واتفقوا على أن يطلق سراح سالم بن سهبان على أن تكون العارض تابعة لآل سعود بزعامة عبدالرحمن بن فيصل، وأطلق سراح ابن سهبان ورحل إلى حائل. وصفا الجو لعبدالرحمن مدة قليلة. بعدها هاجم محمد بن عبدالله بن الرشيد القصيم وفتك بسكانها، وينوي على مواصلة هجومه على الرياض، وفي ظل هذه الظروف رأى الإمام عبدالرحمن أنه ليس باستطاعته محاربة ابن الرشيد، فرحل مع أهله عن الرياض (1308هـ / 1890م) إلى صحراء الدهناء، وتنقل في البادية، وبعد أن حصل على إذن من أمير البحرين الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، أرسل النساء إلى البحرين.

وكان ابن الرشيد قد عين محمد بن فيصل بن تركي على الرياض، فحاول عبدالرحمن بن فيصل ومعه المؤيدين العودة إلى الرياض واسترداد الحكم، فدخلها سلماً، فزحف ابن الرشيد على الرياض بجيش قوي على الرياض، واستطاع هزيمة قوات عبدالرحمن في وقعة حريملاء عام 1309هـ، 1891م، وعلى أثر ذلك عاد عبدالرحمن وابنه عبدالعزيز إلى البادية، ومكث بها لمدة سبعة أشهر حتى أذنت لهما الدولة العثمانية بالإقامة في الكويت. وعندئذ انتقل عبدالرحمن ومعه آل سعود الذين كانوا في قطر للإقامة في الكويت عام 1310هـ، / 1892م. التي استقر بها نحو عشر سنوات. وخلال فترة وجوده في الكويت شارك الشيخ مبارك الصباح في حروبه ضد آل الرشيد في وقعة الصريف في 17 ذي القعدة 1318هـ، 7 مارس 1901م.

واستأذنه ابنه عبدالعزيز في مناوشة آل الرشيد، فأذن له، فخطط عبدالعزيز وجهز واتجه صوب الرياض، واحتلها في وثبة جريئة شجاعة واسترد الرياض من عجلان أمير آل الرشيد بعد قتله واستسلام الحامية الرشيدية، في 5 شوال 1319هـ، 15 يناير 1902م. ونودي بأن الملك لله ثم لعبدالعزيز آل سعود. وعاد الإمام عبدالرحمن بن فيصل إلى الرياض. وبهذا الحدث التاريخي بدأ ظهور الدولة السعودية الحديثة، ومن ثم بدأ تاريخ الملك عبدالعزيز آل سعود كمؤسس أول وحقيقي لتلك الدولة.

وتسلم الملك عبدالعزيز مقاليد الحكم بعد تنازل والده الإمام عبدالرحمن بن فيصل له عن الحكم والإمامة في اجتماع كبير عقد بالمسجد الكبير بالرياض بعد صلاة الجمعة عام 1320هـ/ 1902م، وظل الأب يشرف على أعمال ابنه طوال حياته وظل الابن يجل والده ويقدر آراءه ويحترمها.

وعاش الإمام عبدالرحمن بن فيصل إلى أن شهد مُلك ابنه عبدالعزيز يمتد من خليج فارس إلى البحر الأحمر، ومن اليمن إلى حدود الشام. وكان الإمام عبدالرحمن بن فيصل على جانب من العلم، زاهداً بعيداً عن مظاهر الترف، يميل إلى الهوادة، ولم يكن مثير للفتن، ولا ناقض عهد حتى مع أعدائه.

وتوفي الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي آل سعود في مدينة الرياض بعد عامين من دخول الحجاز في بوتقة الدولة السعودية الحديثة.