إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

734 ـ محمد علي باشا (1769م ـ 1848م)

حكم مصر من عام 1805 إلي عام 1848

محمد علي باشا بن إبراهيم أغا بن علي. والمعرف بمحمد علي الكبير، مؤسس آخر دولة ملكية بمصر، والتي حكمت مصر من عام 1805 إلي عام 1953م، ولد عام 1769م الموافق عام 1183هـ من سلالة ألبانية ببلدة (قولة) أحد المواني الصغيرة التي على الحدود بين ترافية ومقدونية. والسنة التي ولد فيه (محمد علي) هو نفس العام الذي ولد فيه (ولنجتون) القائد الإنجليزي العظيم و(نابليون) الفاتح الكبير،

وتوفي والده إبراهيم أغا وهو في سن الطفولة فتولى أمره عمه (طوسون)، غير أن هذا وافته المنية بعد مدة وجيزة فقام بأمر تربيته أحد أصدقاء والده وقد تبناه وعُني به حتى بلغ الثامنة عشرة من عمره، فتعلم طرفاً من الفروسية واللعب بالسيف، وكشاب صغير التحق محمد على بالخدمة في الجيش، وتزوج إحدى قريباته وكانت من ذوات اليسار وأنجبت له أبنائه (إبراهيم، وطوسون، ومحمد سعيد)، وخدم حاكم قوله واكتسب رضاه بما كان يأتيه من ضروب المهارة والحذق في جباية الأموال من القرى المجاورة التي كانت لا تؤدي ما عليها إلا بالشدة واستعمال القوة الجبرية، وأعانته ثروة زوجته على الاتجار في الدخان وكون منها ثروة جيدة، واستفاد من مرافقة تاجر الدخان (ليون) واكتسب منه كثير من العادات والآداب الفرنسية. وبلغ محمد علي الثلاثين من عمره عام 1798م وكان لا يزال في مسقط رأسه بين أولاده إبراهيم وطوسون وإسماعيل.

وعندما بدأ الباب العالي حشد جيوشه لمهاجمة الجيش الفرنسي بقيادة (نابليون بونابارت) انضم محمد على مرة أخري للجيش، ورافق فرقة من الجنود بقيادة (علي أغا) ابن حاكم قولة (الشوربجي) ووصل إلى ميناء أبو قير والتحم بالجيش الفرنسي، وقد أشرف (محمد علي) على الغرق في البحر لولا أن قيض الله له (السير سدني سميث) بانتشاله من الماء بيده وأنزله في سفينته، ثم عاد إلى بلدته، ثم عاد إلى مصر عام 1801م كمعاون لرئيس كتيبة قولة مع جيش (القبطان حسين باشا) الذي جاء ليساعد القائد الإنجليزي (أبركرومبى) على إجلاء الفرنسيين، ولكونه متميز ترقي إلي رتبة أعلي، وعندما غادر الجيش الفرنسي مصر بقى محمد على في مصر وكان علي علاقة جيدة بالقائد المصري الجديد (خسرو باشا)، وبمساعدة المصريين أصبح محمد على نائب للسلطان العثماني ثم عين والياً عليها في 17 مايو 1805م، وكان له خلال ولايته إصلاحات كثيرة في مجالات مختلفة منها:

في التعليم أنشأ كثير من المدارس وأرسل البعثات لتلقي العلم في أوروبا، وكان يحتم علي من يدخل في خدمته من الأجانب، أن يلبسوا الزي المصري، ويتكلموا اللغة العربية، ويؤلفوا بها أو ينقلوا كتبهم مترجمة إلي اللغة العربية، وأنشأ جريدة الوقائع المصرية.

وفي مجال الصناعة، أقام المصانع، والمعامل لكي يستغني عن الدول الأجنبية في سد احتياجات الجيش والأسطول، ويسيطر بنفسه علي جميع الموارد، وساعده علي ذلك وجود المواد الخام ورخص أجور العمال.

أما في مجال الزراعة أعاد تقسيم الأراضي، إلي مناطق، يخصص كل منها لزراعة محصول معين ووزعها علي الفلاحين لزراعتها ورعايتها والاستفادة بغلتها نظير دفع الأموال الأميرية، وأدخل تحسينات في طرق الزراعة، والاستعانة بالآلات الحديثة في الزراعة، وأدخل زراعات جديدة لمصر مثل القطن وقصب السكر، وعمل علي إصلاح نظام الري، وأنشأ كثيراً من الترع والجسور والقناطر،

وفي مجال التجارة عمل علي الاستفادة من موقع مصر بين القارات الثلاث وباعتبارها حلقة اتصال بين الشرق والغرب. وعني بالمواني وأنشأ الطرق لتسهيل انتقال التجارة.

وبالنسبة للمجال العسكري جند المصريين في الجيش، وأنشأ المدرسة الحربية، ووضع النواة الأولي للبحرية، وأنشأ الأسطول المصري. مما ساعد هذا الأسطول علي الاشتراك في عدة حروب والانتصار فيها، ومن أهمها حرب المورة، التي خاضتها القوات المصرية لمساعدة قوات السلطان ضد الثوار، وأنشأ دار الصناعة البحرية في الإسكندرية (الترسانة البحرية حاليا)، وذلك لتلبية احتياجات الأسطول المصري من السفن، وأنزلت أول سفينة من الأسطول الجديد في 3 يناير 1831

كما أجري عدة إصلاحات إدارية بمصر ، فأنشأ مجلس الدواوين ، والديوان العالي وكان مقره القلعة ويرأسه الوالي، وله فروع في الحكومة، مثل ديوان المدارس، وديوان الحربية، كما أنشأ مجلس المشورة سنة 1829، ويتكون من كبار رجال الحكومة والأعيان والعلماء. وأمر بمسح أراضي القطر ثم قسمها سبع مديريات، يحكم كلا منها مدير، ثم قسم كل مديرية إلي مراكز يحكم كلا منها مأمور، وقسم المركز إلي نواح يرأس كلا منه شيخ بلد، وأنشأ وظيفة الصراف لجمع الأموال والضرائب ، وأنشأ الشاهد وهو ما يعرف حاليا بالمأذون.

وأباد محمد علي، المماليك في الحادثة المشهورة بمذبحة القلعة سنة 1811م، وكان لمحمد على باشا الكثير من الحملات الحربية خارج مصر وداخلها، وقد حقق فيها كثيراً من الانتصارات العسكرية.

وحققت الميزانية المصرية في عهده فائضاً، فعلي سبيل المثال كانت ميزانية مصر في عام 1821م يقدر فيها الدخل بمبلغ 1.200.000 جنيه والمصروفات بأقل من ذلك بقليل، أما عام 1833م فكانت الإيرادات فى الميزانية تقدر بمبلغ 2.500.000 جنيه والمصروفات بمليوني جنيه، كما كان الدخل في ميزانية عام 1838م يقدر بمبلغ 4.500.000 جنيه والمصروفات 3.500.000 جنيه.

ونتيجة لانتصارات وفتوحات محمد على، وخشية الدول الأوربية والسلطان من توسع هذه الفتوحات، اتفق السلطان العثماني مع الدول الأوربية، علي حرمانه من الفتوحات التي اكتسبها، فانكمش محمد علي في ولاية مصر، وحصل علي حق وراثة حكم مصر والسودان حتى آخر شخص ذكر في عائلته. وفي عام 1843، في أواخر أيام محمد علي، انتشر الطاعون بالماشية في البلاد، وتبعه هبوط النيل، فأصبحت البلاد على حافة الخراب، وفي نفس العام اجتاح الجراد زراعة البلاد، فقرر محمد علي اعتزال الحكم 1847م، وفي عام 1848م مرض محمد علي، وتوفى بالإسكندرية في 2 أغسطس 1849م، ودفن بمسجده بالقلعة.