إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
  

857 ـ يوسف عليه السلام

يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم أبو الأنبياء، عليهم جميعاَ السلام. وأمه راحيل، وله أخ شقيق واحد هو بنيامين، وله من أبيه عشرة أخوة غير أشقاء. وعندما كان يوسف صغيراً، رأى في منامه أحد عشر كوكباً والشمس والقمر يسجدون له، فأخبر أبيه بذلك، فطلب منه يعقوب ألا يقص ذلك علي اخوته لئلا يكيدوا له. وكان يوسف أحب أولاد يعقوب إلي قلبه، وكان ذلك سبباً في غيرة اخوته وتآمرهم عليه. ففي أحد الأيام طلب أبناء يعقوب من أبيهم إرسال يوسف معهم يرتع ويلعب، وتعهدوا بالمحافظة عليه وحمايته، وبعد تردد وافق يعقوب، وفي الطريق ألقوا بيوسف في غيابت الجب "بئر عميقة قليلة الماء" بعد أن جردوه من قميصه ولطخوه بدم كذب، وجاءوا أباهم عشاء يبكون مدعين أن ذئباً أكله، عندما كان يحرس لهم متاعهم بينما كانوا يستبقون، وجاءت قافلة من المسافرين إلي مصر، فأرسلوا واردهم، فأدلى بدلوه في البئر فتعلق به يوسف، وخرج سالماً، وأخذوه معهم إلي مصر، وباعوه بثمن بخس دراهم معدودة، واشتراه العزيز حاكم مصر، وجعله صاحب أمره ونهيه والمتصرف في كل شئ في بيته. ويبدو أن حسن تصرف يوسف وجمال صورته وخَلْقِه أغويا زوجة حاكم مصر فدعته ذات يوم إلي نفسها، وهي علي ما هي عليه من شباب وجمال ومال ومنصب، فأبى وامتنع عنها، ورداً علي تمنعه ادعت أمام زوجها كذباً أن يوسف راودها عن نفسها. ولكن تبين لزوجها صدق يوسف وكذبها بعد أن شهد شاهد من أهلها عليها، فوجه إليها اللوم، وأمرها بالاستغفار لذنبها، وأمر يوسف بكتمان الأمر. ولما شاع الخبر في المدينة رأي العزيز أنه لا يمحو العار وكف ألسنة الناس عنهم إلا بالزج بيوسف في غياهب السجن. ودخل يوسف السجن وكانت هذه هي المحنة الثانية التي تعرض لها يوسف بعد المحنة الأولي وهي إلقاء إخوته له في غيابت الجب. فاستقبل يوسف المحنة الجديدة بقلب صابر، ودخل مع يوسف فتيان أحدهما كبير الخبازين عند الملك والثاني رئيس سقاته. وقد أعجبهما في يوسف كثرة عبادته لربه، وأفعاله الطيبة. فقد أعطى الله تعالى يوسف الهداية والتربية والتوفيق وعلمه من لدنه علماً عظيماً. وحينا أصبحا علي رؤيا أهمتهما أسرعا إليه يستفتيانه في أمرهما، وتحقق تأوله لرؤياهما فيما بعد، إذ إن تأويل الرؤيا جزء مما هداه ربه إليه وعلمه إياه. وأمضى يوسف في السجن بضع سنين تراوح بين 3 و 9 . وذات ليلة رأى الملك في منامه أن سبع بقرات عجاف يأكلن سبع بقرات سمان، وسبع سنابل خضر يأكلهن سبع يابسات، ولم يجد عند أحد تفسيراً لحلمه الغريب، ثم إن عزيز مصر علم بأمر يوسف من رئيس سقاته الذي كان معه بالسجن، فأمر بإحضار يوسف من السجن لتفسير الحلم. فجاءه بالخبر اليقين، وهو أنه سيأتي علي مصر سبع سنين مُخْصِّبة يتبعها سبع سنين مجدبة تأتي علي مخزون السنين السبع السابقة، لذلك فإن عليهم الاقتصاد في سنين الخصب والادخار من أيام الرخاء لأيام الشدة والشقاء. سُر الملك بتأويل يوسف لرؤياه، وأعجبته حكمته فقربه منه وعينه أميناً علي مخازن الحبوب في مصر، وكان يوسف قد أصر علي عدم الخروج من السجن قبل أن تُعلن براءته مما اتهم به، وتحقق ذلك بظهور الحجج الدامغة علي براءته وإدانة امرأة العزيز وظهر الحق باعترافها أنها هي التي راودته عن نفسه فاستعصم. مرت السبع سنين المُخصبة وأعد يوسف عدته لذلك ثم جاءت السبع المجدبة واشتد الجدب في أنحاء الأرض، ونظراً لوفرة الحبوب في مصر خلال فترة الجدب أرسلت الأقوام المجاورة الرسل لشراء الحبوب، وأرسل يعقوب أولاده لشراء الحبوب من مصر أيضاً، فعرفهم يوسف دون أن يعرفوه، فجهزهم بالطعام وأكرمهم واشترط عليهم إحضار أخيهم بنيامين شقيقه في المرة القادمة إن هم أرادوا الطعام، ويبدو أن القحط كان شديداً مما جعل يعقوب يسمح بسفر ابنه ولكن بشروط اشترطها علي أولاده، وعندما حضر بنيامين أقام له يوسف حفلة وأمر بأن يدس في نهايتها كأساً ذهبية في متاعه واتهمه بسرقتها وحكم عليه بأن يصبح عبداً له، وعندما حاول اخوته تخليصه باستبدال أحدهم ببنيامين والعودة به إلي بلاد كنعان تنفيذاً لشروط أبيهم، لكن محاولاتهم فشلت لتعهدهم السابق بأن من وجد الصواع في رحله يؤخذ عبداً للملك، وعاد الأخوة وأبلغوا أباهم بما حدث، فلم يصدقهم، وزاد حزنه حتى ابيضت عيناه من وفقد بصره. وأرسل يعقوب أولاده للمرة الثالثة لمصر ليشتروا طعاماً ويتحسسوا له شأن يوسف وأخيه، وفي هذه المرة كشف لهم يوسف عن نفسه، ولام أخوته علي ما سبق أن فعلوه به، وسأل الله أن يغفر لهم، وطلب إليهم إحضار والدهم. وقد أحس يعقوب بما لديه من بصيرة الإيمان بقرب لقاء يوسف بعد أن غادرت العير أرض مصر، وما لبث أن جاءه البشير يلقي عليه قميص يوسف، فارتد بصيراً وقرت عينه، ثم شد يعقوب وآله الرحال إلي مصر، فلما دخلوا علي يوسف سجد له أبواه واخوته الأحد عشر وكان ذلك مصداقاً لقوله تعالى: إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَابُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ للإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيم

. وعند ذلك قال يوسف لأبيه: يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيم (100) رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

.

وقد ذكر القرآن الكريم قصة يوسف عليه السلام كاملة في سورة يوسف.