الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
حملة الليطاني
خريطة لبنان
اُنظــــر كـــذلك
 
سلام الجليل الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1982، (سلام جليل)
مذبحة قانا الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1996، (مذبحة قانا)
الحرب الأهلية اللبنانية
الجمهورية اللبنانية

الملحق (هـ)

مؤتمر سان ريمو، أبريل 1920

          مؤتمر دولي، عقده الحلفاء الغربيون، واليابان المنتصرون على ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، في مدينة سان ريمو الإيطالية، لبحث مصير السلطنة العثمانية، ورسم معالم معاهدة صلح مع تركيا المهزومة في الحرب، ولتقسيم المشرق العربي بين بريطانيا وفرنسا وتجزئته وفق خطة سايكس ـ بيكو السرية الاستعمارية، ولإضفاء الشرعية الدولية على هذا التقسيم، وعلى وعد بلفور البريطاني للحركة الصهيونية، بإقامة وطن قومي يهودي في فلسطين. وقد مثل بريطانيا لويد جورج، وفرنسا جورج كليمنصو، وإيطاليا فرانسيسكو نيتي Francesco Saverio Nitti، وجميعهم رؤساء حكومات، بينما مثل الولايات المتحدة الأمريكية سفيرها في روما، ومثل الحركة الصهيونية زعيمها، حاييم وايزمن Chaim Weizmann ، بصفته مراقباً.

          وكان مجلس الحلفاء الأعلى، قد عقد اجتماعاً تمهيدياً، في لندن، استمر من 12 إلى 23 فبراير1920، لمناقشة مستقبل فلسطين وسورية (ولبنان) والعراق. وقد تمت مناقشة مصير المشرق العربي، من دون أي حسبان لوعود الحلفاء، التي قطعوها للعرب، أثناء الحرب، ومنها منحهم الاستقلال، لقاء الانضمام إلى الحلفاء ضد عدوتهم تركيا. كما تناسى المؤتمر مبادئ الرئيس الأمريكي، وودرو ولسون Woodrow Wilson ، التي تضمنت الاعتراف بحق تقرير المصير للشعوب. وتجاهل رغبات شعوب فلسطين وسورية ولبنان المعلنة، والموثقة في تقرير لجنة كينج ـ كرين، وهي اللجنة التي تشكلت، في الأساس، لهذا الغرض، من قٍبل الحلفاء أنفسهم، فضلاً عن النداءات القوية، الصادرة عن الملك فيصل بن الحسين، والجمعيات والمؤتمرات العربية بما فيها المؤتمر السوري العام، والانتفاضات الشعبية القوية، بما فيها انتفاضة أبريل1920. أمّا الرئيس الأمريكي ولسون، فقد استجاب للضغط الصهيوني، لاستثناء فلسطين وشعبها من ممارسة حق تقرير المصير.

          وافق المؤتمرون على الإطار النهائي لمعاهدة الصلح مع تركيا، التي سميت، فيما بعد، بمعاهدة سيفر. كما ناقشوا موضوع اقتسام نفط الموصل، وحصلت فرنسا على ربع أسهم الشركة المحتكرة لإنتاج النفط في العراق، وتعهدت السماح بمرور أنابيب النفط في سورية ولبنان، وصولاً إلى شاطئ البحر الأبيض المتوسط. وقد اتخذ المؤتمرون قراراً، في 25أبريل بتوزيع الانتدابات من فئة (أ) على البلدان العربية في المشرق العربي. فوضعوا سورية ولبنان تحت الانتداب البريطاني. ودمجوا وعد بلفور في صك الانتداب على فلسطين، دون مراعاة للمادة 22 من ميثاق عصبة الأمم، التي نصت على "أن رغبات أهل البلاد، يجب أن تكون عاملاً رئيسياً في اختيار الدولة المنتدبة".

          وإضافة إلى اقتسام أسلاب الحرب في المشرق العربي، بحث المؤتمرون أمر النزاع بين فرنسا وألمانيا، على اثر إقدام الألمان على تكثيف وجودهم العسكري في منطقة وادي الرور. فرفضوا طلب ألمانيا زيادة قواتها إلى 200 ألف رجل، لأنه يشكل خرقاً لمعاهدة فرساي (1919)، وتهديداً لفرنسا، التي كانت قد احتلت ثلاث مدن ألمانية رئيسية، رداً على زيادة القوات الألمانية في الرور، ولم تنسحب منها، إلا بعد أن رضخ الألمان لقرارات مؤتمر سان ريمو في هذا الصدد.

          غذت قرارات مؤتمر سان ريمو المعارضة العربية القوية لخطط الحلفاء، في مصادرة الاستقلال العربي. وأدّت إلى صب الزيت على النار في فلسطين والعراق. فاشتدت حدّة الانتفاضة في فلسطين، وامتدت إلى ثورة العراق، من الجنوب إلى الموصل. واضطرت بريطانيا إلى تهدئة الأوضاع، من طريق تقديم بعض التنازلات، مثل منح الشعب العراقي الاستقلال الشكلي. أما في سورية، فقد أدى مؤتمر سان ريمو إلى سقوط حكومة الركابي، المهادنة للفرنسيين، وقيام حكومة جديدة برئاسة هاشم الأتاسي، أعلنت برنامجاً وطنياً قوياً، تمسكت، بموجبه، بالاستقلال التام، وبرفض فكرة الوطن اليهودي في فلسطين، وبرفض كل تدخل أجنبي. ومع ذلك، فقد حاول الملك فيصل مهادنة الفرنسيين، إلا أن القوات الفرنسية، زحفت نحو دمشق، فتصدى لها وزير الحربية السوري، يوسف العظمة، بعد أن حشد بعض القوات لمقاومة الهجوم الفرنسي، فوقعت معركة ميسلون، حيث استشهد القائد العظمة، وتمكن الجيش الفرنسي من دخول مدينة دمشق، وإنهاء العهد الفيصلي فيها. وما هي إلاّ فترة وجيزة، حتى أعلن قائد القوات الفرنسية فصل لبنان عن سورية، وقيام دولة لبنان الكبير، في الأول من سبتمبر1920.   

____________________



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة