الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
حملة الليطاني
خريطة لبنان
اُنظــــر كـــذلك
 
سلام الجليل الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1982، (سلام جليل)
مذبحة قانا الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1996، (مذبحة قانا)
الحرب الأهلية اللبنانية
الجمهورية اللبنانية

الملحق (د)

اتفاقية سايكس ـ بيكو 16 مايو 1916

          تفاهم سري، استعماري، بين بريطانيا وفرنسا، متمم لاتفاق رئيسي بين بريطانيا وفرنسا وروسيا، لتقسيم السلطنة العثمانية، والاستيلاء على المشرق العربي ـ سورية الطبيعية ـ في أعقاب دخول الأتراك الحرب إلى جانب ألمانيا. وقد توصلت فرنسا وبريطانيا إلى الاتفاق النهائي في شأن التفاهم السري، بعد أن عيّنت الحكومة الفرنسية جورج بيكو، قنصلها العام في بيروت، في 9 نوفمبر 1915، مندوباً سامياً، مكلفاً بمفاوضة الحكومة البريطانية في شأن مستقبل الولايات العربية في السلطنة العثمانية، مع مندوب الحكومة البريطانية، مارك سايكس، عضو مجلس العموم البريطاني، والمهتم بالشؤون العربية، المندوب السامي البريطاني لشؤون الشرق الأدنى. وفى خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام1916، تم تبادل إحدى عشرة رسالة، تحددت بموجبها، بنود الاتفاقية، التي سميت باسم المتفاوضَين، والتي وُقَعَت سراً، في القاهرة، في 16مايو 1916. وكان سايكس وبيكو قد زارا روسيا القيصرية، في مارس من العام نفسه، حيث قّدما إلى سيرجي زازنوف، وزير الخارجية الروسي، مسودة الاتفاقية، التي وافق عليها، مقابل موافقة فرنسا وبريطانيا على استيلاء روسيا على تبريزوند، وأرظروم، وبحيرة فان وبتليس، في آسيا الصغرى، وعلى الاستيلاء على البحر الأسود، بعد انتهاء الحرب، كأسلاب مقابل الأسلاب البريطانية والفرنسية.

          أمّا الخطوط العامة لاتفاقية سايكس ـ بيكو، فقد تضمنت، إلى جانب الاعتراف باستقلال شبه الجزيرة العربية، تقسيم العراق وسورية، باستثناء فلسطين، إلى أربع مناطق، على الشكل التالي:

  1. منطقة سورية الداخلية، وتشمل مدن دمشق وحمص وحماه وحلب، في الغرب، والامتداد غرباً لتشمل منطقة الموصل شرقاً.
  2. المنطقة الواقعة إلى الجنوب من منطقة سورية الداخلية، وحدودها، غرباً، خط يسير تقريباً من غزة إلى العقبة، ويصل عبر شرقي الأردن، شرقا،ً حتى المنطقة (4)، وبامتداد شمالي، يصل حتى بلاد فارس، وامتداد جنوبي، يصل حتى الخليج العربي.
  3. منطقة تشمل مقاطعة سيليسيا، في آسيا الصغرى وجزء من سورية الساحلية، على أن تكون مدن دمشق وحمص وحماه وحلب خارج هذه المنطقة.
  4. ومنطقة تشمل المساحات الممتدة من بغداد إلى البصرة.

          أمّا فلسطين، غرب الأردن، وجنوب الجليل فقد، شكلت بموجب اتفاقية سايكس ـ بيكو، مع استثناء النقب ومنطقة حيفا ـ عكا  لإلحاقها بالمنطقة الخاضعة لبريطانيا.

          في المنطقتين 1و 2، اتفقت بريطانيا وفرنسا على إبداء الاستعداد للاعتراف بدول عربية، شبه مستقلة، أو باتحاد كونفيدرالي عربي، بين هذه الولايات، تحت رئاسة زعيم عربي، وعلى أساس أن تحتفظ فرنسا في المنطقة (1)، وبريطانيا في المنطقة (2)، بتسمية المستشارين الأجانب، وبالحصول على امتيازات اقتصادية. بينما تحتفظ فرنسا في المنطقة (3)، وبريطانيا في المنطقة (4) بالحق في ممارسة السيطرة السياسية، وفق رغبة كل منهما، بعد التوصل إلى اتفاق مع الدولة العربية الكونفيدرالية.

          أمّا فلسطين، فقد قضت الاتفاقية بوضعها تحت إشراف دولي، بغية تأمين المصالح الدينية للدول الحليفة، وتُفصل فلسطين الشاملة، للأماكن المقدسة، عن الأراضي التركية، وتخضع لنظام خاص، يتم تحديده بموجب اتفاق بين روسيا وفرنسا وبريطانيا. ونصت فقرة أخرى على إقامة إدارة دولية، بعد التشاور مع روسيا وغيرها من الحلفاء، ومع ممثلين عن شريف مكة. ومع ذلك، فقد منحت الاتفاقية بريطانيا حق السيطرة على ميناءَي حيفا وعكا، كجيب داخل المنطقة الدولية، وأن تسيطر بريطانيا على سكة الحديد، المزمع تمديدها، لتصل بين حيفا والخليج. ولا بد من الإشارة إلى مطامع فرنسا في فلسطين، قبل الحرب العالمية الأولى، إلى درجة أن العديد من المسؤولين البريطانيين، كانوا ينظرون إلى سورية الطبيعية ـ الشاملة لفلسطين ـ على أنها منطقة نفوذ فرنسية. غير أن قيام الجيوش التركية بتهديد قناة السويس، عبر فلسطين، أثناء الحرب، رجح كفة القوى البريطانية ـ بما فيها القوى المؤيدة للفكرة الصهيونية ـ المصرة على ضرورة استيلاء بريطانيا على فلسطين، لأسباب إستراتيجية ودينية. وكان المدخل إلى الحوار مع فرنسا، حول هذا الموضوع، هو اعتبار فلسطين موضع اهتمام الحلفاء والمحايدين والعرب، ومن ثم عدم التسليم بالادعاءات الفرنسية بأحقية السيطرة على فلسطين. وقد استخدم البريطانيون الحركة الصهيونية، ثم وعد بلفور، إضافة إلى احتلال الجيوش، البريطانية فيما بعد، كوسائل لفرض الحكم البريطاني على فلسطين.

          ويلاحظ أن تقسيم المناطق بين الدولتين الاستعماريتين، قد تقيد بملكيتهما ومصالحهما في خطوط السكك الحديدية لكل منهما. كما أن تقسيم المرافئ والمناطق الموصلة بينها، راعى المصالح الاستراتيجية الإمبراطورية، بما في ذلك النفطية منها، وبما ينسجم مع التخطيط والتفكير الإستراتيجيين الاستعماريين، منذ أن تهددت المصالح الغربية في المنطقة، بقيام دولة عربية مستقلة، وحدت مصر والمشرق العربي، أيام محمد علي الكبير في العقد الرابع من القرن التاسع عشر. ومن الجدير بالذكر، أن هذه التقسيمات كانت مصدراً من مصادر الصراعات بين الشركات الاحتكارية النفطية، فيما بعد.

          وعلى الرغم من بعض التعديلات، التي طرأت على الخطة البريطانية ـ الفرنسية، فإن اتفاقية سايكس ـ بيكو، شكلت الأساس الفعال لخطة تمزيق المشرق العربي، والحيلولة دون نَيل العرب لأمانيهم القومية المشروعة في الوحدة والاستقلال. كما تشكل اتفاقية سايكس ـ بيكو أبرز أمثلة الخداع الاستعماري للشعوب، إذ قامت بريطانيا بالتفاوض فيها وإبرامها، في الوقت الذي كانت تَعدُ فيه العرب بتأييد أمانيهم القومية التحررية، إذا ما هم حاربوا إلى جانبها، ضد السلطنة العثمانية، بموجب مراسـلات حسين ـ مكماهون، إضافة إلى أن مثل هذه الاتفاقيات الاستعمارية، تَنتهك بشـكل فاضح مبدأ تقرير المصير، الذي ادعـى الحلفاء الالتزام به.

____________________



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة