|
د. الإجراءات الأمنية الإسرائيلية
مع تكرار الانفجارات، تحولت إسرائيل إلى ثكنة عسكرية، إذ انتشرت قوات الجيش والشرطة، في القدس وتل أبيب وحيفا. واتخذت العديد من الإجراءات ضد الفلسطينيين. أهمها تحديد إقامة فلسطينيي الضفة وغزة، في مدنهم وقراهم، وعدم السماح لهم بالتحركات، بما فيها تحركات سيارات الإسعاف، وحظر خروج المسؤولين الفلسطينيين وممثلي منظمات الإغاثة الدولية، من الأراضي الفلسطينية. وأوقفت تصاريح العمل، أو السماح للعمال الفلسطينيين بالعبور إلى داخل إسرائيل. ووُضعت خطة، للفصل بين المناطق، الفلسطينية والإسرائيلية، وتأمين المواصلات العامة. واستُعين بـ 17 ألف عامل من أوروبا الشرقية، تعويضاً عن العمالة الفلسطينية. ومُنح الجيش جميع الصلاحيات للقضاء على الجماعات، التي تقف وراء العمليات الإرهابية. وهَدَمت أو دَهَمت قوات الأمن الإسرائيلية مساكن عائلات بعض عناصر "حماس" في الضفة الغربية، ومن بينها منزل يحيي عياش، حيث اعتُقل والده وأخواه، كما اعتقل عشرات الفلسطينيين المشتبه فيهم. بينما أعلن "إيهود باراك"، وزير الخارجية، أن إسرائيل مستعدة لمهاجمة عناصر حماس، داخل الدول العربية. كما أعلن "بنيامين نتانياهو Benjamin Netanyahu" زعيم الليكود، "أن إسرائيل لا يمكنها، بعد الآن، الاعتماد على رئيس السلطة الفلسطينية، ياسر عرفات. وأعلن بيريز، أن إسرائيل لن تنسحب من مدينة الخليل، في الضفة الغربية، حتى تُلغى الفقرات الداعية إلى تدمير إسرائيل، من ميثاق منظمة التحرير ويُنزع سلاح المنظمات الفلسطينية، ويُقبض على زعماء المنظمات الإرهابية.
هـ. الإجراءات السياسية الإسرائيلية
كان أهم إجراء اتخذته الحكومة الإسرائيلية، هو استمرار مسيرة السلام، إذ أعلن شيمون بيريز ثقته بأن غالبية الشعب الفلسطيني تريد السلام، وأن الرافضين له من الفلسطينيين هم قلة. وقال إنه لا يساوره شك في أن الشعب الإسرائيلي، هو الآخر، يريد السلام. وإن القضية، الآن، أصبحت لا تتعلق بمبدأ السلام، ولكنها تنحصر في: "إلى أي مدى نحن مستعدون لدفع الثمن الضروري للسلام؟" . ومن جانب آخر، اتجهت إسرائيل إلى الضغط، بشدة، على الرئيس ياسر عرفات، عبر القنوات الدبلوماسية المختلفة، من أجل إلزام الجانب الفلسطيني إلغاء البنود، الواردة في الميثاق الوطني الفلسطيني، المتعلقة بتدمير إسرائيل، في موعد أقصاه بداية الثلث الأخير من أبريل 1996 ( قبل موعد الانتخابات الإسرائيلية بشهر واحد ). في الوقت عينه، أوقفت الحكومة الإسرائيلية مباحثات السلام مع سورية، التي كانت منعقدة في ولاية ميريلاند، في الولايات المتحدة الأمريكية، واستدعت وفدها المشارك في المباحثات، نظراً إلى الأحداث وتطورها، ونظراً إلى غموض الموقف السوري تجاه الأحداث.
و. اشتعال الموقف على الجبهة اللبنانية
لم تكن الجبهة المشتعلة في الجنوب اللبناني، بعيدة عن ترقب القيادة الإسرائيلية، إذ بدأت تتخذ العديد من الإجراءات الأمنية تحسباً للموقف، مع زيادة نشاط الدوريات، البرية والجوية. وربما يكون ذلك قد أغرى المقاومة اللبنانية ( بأن تشارك منظمة حماس جهادها ضد إسرائيل ). وهذا ما يدل عليه البيان، الصادر عن حزب الله، بعد العملية التي قام بها يوم 5 مارس 1996، إذ ذكر أن مجموعة من رجاله، "فجرت عبوة ناسفة، لدى مرور دورية إسرائيلية على طريق حولا، في عمق الشريط الحدودي المحتل. وأن هذه العملية مهداة إلى منفذ عملية تل أبيب". وفي اليوم عينه، أعلنت جماعة الجيش الثوري الإسلامي، في فلسطين، بياناً "بأن مجموعة منها قامت، قبل ساعات من العملية، التي نفذها حزب الله، بالهجوم، بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، على مدرعة إسرائيلية، تقل ستة جنود. وأن هذه العملية مهداة إلى مجموعة استشهاد بيت المقدس" .
أمّا إجمالي خسائر العمليات، في هذا اليوم، فكان مصرع أربعة عسكريين إسرائيليين، بينهم ضابط، برتبة كولونيل (عقيد)، وإصابة تسعة آخرين. وقد ردت القوات الإسرائيلية، بعنف، على هذه العملية، بقصف جوي ومدفعي، مما أدّى إلى استشهاد اثنين من رجال المقاومة.
في الوقت نفسه، اتسعت الإدانة الأمريكية ـ الأوروبية ـ الإسرائيلية، لتشمل إيران وسورية وليبيا، بحجة أن الأولى تموّل العمليات الإرهابية، والثانية صامتة أمام الأحداث العنيفة في المنطقة، مما يدل على تأييد ضمني. أمّا الثالثة، فإن تصريحات المسؤولين فيها، بأنهم "مرتاحون للانفجارات الأخيرة"، يعطي دلالة على أن ليبيا تؤيد الإرهاب .
ز. ردود الفعل الفلسطينية تجاه الإجراءات الإسرائيلية
أكّدت المصادر الفلسطينية الرسمية، أن هذه الانفجارات موجهة ضد عملية السلام، وضد مصالح الشعب الفلسطيني، وتجربته الوطنية. وأدان الرئيس عرفات، في الوقت عينه، الحصار، الذي تفرضه إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة، ووصفه بأنه انتهاك صارخ للاتفاقات الموقعة بين الجانبين. كما أعلنت السلطة الفلسطينية حالة التأهب بين صفوف قواتها، وشنّت حملة اعتقالات ضد الجماعات الدينية. وقُدِّر المعتَقَلون بحوالي 500 فرد، من بينهم بعض قادة حماس. وتم تجميع الأسلحة من أعضائها، وتفتيش مكاتبها، ووضع مساجدها تحت إشراف السلطة الفلسطينية. في الوقت نفسه، لم ترضخ حماس للأمر الواقع، على الرغم من إعلانها إيقاف العمليات، من جانبها، لمدة 90 يوماً، وهددت باستئناف عملياتها، إنْ استمرت الإجراءات العنيفة ضدها. وكان على الرئيس عرفات موازنة الموقف، بين الحفاظ على مسيرة السلام، والمكاسب، التي حصلت عليها السلطة الفلسطينية، نتيجة اتفاقات السلام، وبين ضرورة الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني، وتخفيف إجراءات، القهر التي تتبعها إسرائيل ضده، والاحتفاظ باتصالات مباشرة مع الإسرائيليين، لتجنّب اتخاذ قرار قهري، لإعادة احتلال الضفة وغزة ( طبقاً لتهديد إيهود باراك، وزير الخارجية الإسرائيلي، 8 مارس 1996 ). فضلاً عن تحسين صورة الفلسطينيين أمام الرأي العام العالمي، وإقناع أمريكا وأوروبا، بأن السلطة الفلسطينية ضحية لهذه العمليات أيضاً، مثل إسرائيل تماماً، حتى يضمن استمرار دعم الغرب للقضية الفلسطينية ( على الرغم من ذلك، فقد جمدت واشنطن معوناتها للسلطة الفلسطينية، بدءاً من يوم 5 مارس 1996، إلى أجل غير مسمى ) .
4. مؤتمر قمة صانعي السلام، في شرم الشيخ ( 13 مارس 1996 )
في مرحلة ما قبل الانفجارات، كان هناك تخطيط لمؤتمر إقليمي، لدعم عملية السلام. تحضره مصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن، وأطراف أخرى. وكان هذا المؤتمر، يهدف إلى دعم موقف المفاوض الفلسطيني، في مباحثات الوضع النهائي مع إسرائيل، التي كان مفروضاً عقدها في 4 مايو 1996 ( ولكن الأحداث، حالت دونه ). ومع تصاعد الانفجارات، كان هناك اتصالات مستمرة، بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل والفلسطينيين، وأوروبا، في محاولة لإيجاد حلول سريعة، لاحتواء الموقف، والعمل على عدم تصعيده، وتشجيع الأطراف على الاستمرار في مسيرة السلام. وقد اقترح الرئيس مبارك على الرئيس كلينتون، عقد اجتماع موسع للأطراف المختلفة. ودارت مشاورات حول مكان الاجتماع وتوقيته، ومَن سيحضره، والموضوعات التي ستطرح خلاله. وقد اختيرت مصر مكاناً لعقده؛ إذ إن الفكرة فكرتها، وهي دولة قريبة جداً من الأحداث. كما تم اختيار المكان في مدينة شرم الشيخ، كرمز إلى تحقيق السلام بين مصر وإسرائيل . ودار حوار بين مصر وأمريكا حول تسمية المؤتمر، واستقر الرأي على اسم "قمة صانعي السلام". وتحددت أهداف المؤتمر في الآتي:
- صيانة السلام.
- دعم الأمن والاستقرار في المنطقة، لِما فيه خير شعوبها.
- مواجهة العنف والإرهاب.
ووُجهت الدعوة إلى المؤتمر باسم الرئيسين، مبارك وكلينتون. وحضرته ثلاثون دولة، ممثلة في رؤسائها، أو رؤساء وزرائها، أو وزراء خارجيتها. وكان من بين الحاضرين، إضافة إلى الرئيس مبارك، الرئيس بيل كلينتون، والرئيس جاك شيراك Jacques Chirac، والرئيس بوريس يلتسن Boris Nikolayevich Yeltsin، والرئيس ياسر عرفات، والملك الحسن الثاني، والملك حسين بن طلال، والمستشار الألماني هيلموت كول Helmut Kohl، ورئيس الوزراء البريطاني جون ميجور John Major، ورئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز وغيرهم، وقاطع المؤتمر كل من سورية ولبنان، لأسباب تتعلق بهما.
وعُقد المؤتمر لمدة يوم واحد، تخلله جلستا عمل، تبادل الرؤساء فيهما كلماتهم وحواراتهم، التي شدّدت على ضرورة الالتزام بمسيرة السلام. وقد عبّر الرئيس المصري عن ذلك، بقوله: "إن مستقبل الشرق الأوسط، بما فيه إسرائيل، مرهون بتحقيق السلام الشامل، العادل، وإنهاء نصف قرن من الصراع الدامي، حتى نضع المنطقة على أعتاب عهد جديد من المصالحة. إن التقدم على طريق السلام، أثار حفيظة أعداء السلام، فأثاروا الخراب والإرهاب، بهدف إعاقة جهود التنمية".
نتائج المؤتمر
حقق المؤتمر ثلاثة أهداف رئيسية:
|
الأول:
|
من خلال اتفاق، شمله البيان الختامي للمؤتمر، نص على الآتي:
- الدعم الكامل لعملية السلام في الشرق الأوسط. والعمل على استمرار العملية لتحقيق السلام العادل، والدائم، والشامل، في المنطقة.
- تأكيد تعزيز الأمن والاستقرار، ومنع أعداء السلام من تحقيق هدفهم، في تدمير الفرصة الحقيقية للسلام.
- الإدانة الشديدة لكل أعمال الإرهاب، بجميع صوره وأشكاله، مهما كانت دوافعه، وأيّاً كان مرتكبوها، واعتبار أن الأعمال الإرهابية، التي حدثت، مؤخراً، في إسرائيل، هي دخيلة على القيم، الأخلاقية والروحية، لكافة شعوب المنطقة. وعَزْم المؤتمرون على الوقوف، بكل حزم، ضد هذه الأعمال، وحثهم كافة الحكومات على الانضمام إليهم في هذه الإدانة لتلك الأعمال الإرهابية.
- دعم الاتفاقات الإسرائيلية ـ الفلسطينية. واستمرار عملية المفاوضات، وتدعيمها، سياسياً واقتصادياً. وتعزيز الوضع الأمني للطرفين. ومساندة جهود كل الأطراف، لمنع استغلال أراضيهم للأغراض الإرهابية
.
|
|
الثاني:
|
هو بث الطمأنينة في قلوب شعوب المنطقة، نظراً إلى الاهتمام العالمي الواسع بهذه القضية، وحضور هذا الحشد من قمم العالم، لبحث جوانب المشكلة، مما يضع حدّاً لتصاعد الموقف، ويعود بالمسيرة، على قدر الإمكان، إلى أوضاع ما قبل التفجيرات.
|
|
الثالث:
|
هو وضع قرارات المؤتمر موضع التنفيذ، وإيجاد آليات، تتولى تلك المسؤولية. وكان ذلك من خلال مؤتمر واشنطن، الذي حضره وزراء خارجية الدول، التي حضرت المؤتمر، والتي شملت إجراءاتها قراراً بألا يقتصر عمل هذه الآلية على إدانة الإرهاب، الذي يسـتهدف إسرائيل وحدها. وإنما ينبغي أن يستهدف، أيضاً، الإرهاب المضاد، الذي يتعرض له الفلسطينيون، وتحقيق الأمن لكل الأطراف، وليس أمن إسرائيل وحدها .
|
وعلى الرغم من الجهود المكثفة، عالمياً وإقليمياً، من أجل عدم تصاعد الأحداث، ودعم استمرار عملية السلام، إلاّ أن حزب الله نفّذ هجوماً انتحارياً في الجنوب اللبناني، في 20 مارس 1996، أدى إلى مصرع ضابط إسرائيلي في الشريط الحدودي، مما أدى إلى تصعيد الموقف، وحدوث اشتباكات كثيفة، شبه يومية. كما تبادل حزب الله وجيش إسرائيل التهديدات بشن مزيد من الهجمات. وقد استخدمت إسرائيل الطيران والمدفعية، بكثافة، في قصف قرى لبنانية، والمواقع العسكرية، في محاولة منها لردع حزب الله، عن أعماله التعرضية ضد الجيش الإسرائيلي. ولكن حزب الله، بادر بقصف المستعمرات الإسرائيلية، في الجليل الأعلى، رداً على عنف النيران الإسرائيلية وعشوائيتها، وانتقاماً للخسائر، التي حدثت في قرى الشريط الحدودي، جنوبي لبنان، يوم 31 مارس 1996، إذ رأى الشيخ حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، أن الهجوم الإسرائيلي على قرى الجنوب، هو انتهاك "لتفاهم يوليه عام 1993" لوقف إطلاق النار، الذي أشرفت عليه الولايات المتحدة الأمريكية. وقد رغبت إسرائيل في تهدئة الموقف، حتى لا تتكرر أحداث النصف الأول من مارس. لذلك، كثفت اتصالاتها الدبلوماسية، وخصوصاً مع واشنطن، لبذل الجهد لاحتواء الموقف، وإقناع سورية وحزب الله بالمحافظة على الهدوء في لبنان. على أن تقوم إسرائيل بالتحقيق في قصف قواتها بعض القرى اللبنانية .
5. انعكاسات الأحداث على الانتخابات الإسرائيلية
لم تكـن الانتخابات، المقرر إجراؤها في 29 مايو 1996، غائبة عن أي قرار، اتخذته حكومة "العمل" تجاه الأزمة داخل إسرائيل، أو في الشريط الحدودي اللبناني ـ الإسرائيلي. بل إن أول تصريح لرئيس الوزراء، شيمون بيريز، عقب انفجار 3 مارس 1996، أعلن فيه "أن الهجمات، التي شنتها حركة المقاومة الإسلامية ( حماس )، أدت إلى رفع شعبية اليمين المتطرف داخل إسرائيل". كما أشارت استطلاعات الرأي إلى تلاشي هامش التفوق بين بيريز، قطب العمل، ونتانياهو، قطب الليكود. والخريطة السياسية للانتخابات، أوضحت أن الليكود، التقط الأحداث، وبنى عليها سياج خطته لتحطيم حزب العمل، ذي الشعبية الأكبر، في هذا الوقت من أجل الفوز في الانتخابات. وفي مقابل ذلك، فإن شيمون بيريز، اضطر إلى إثبات أنه صقر من الصقور. وراح يتخذ القرارات، السياسية والأمنية، التي تؤدي إلى مزيد من العنف تجاه الفلسطينيين، وتجاه اللبنانيين، في سبيل تأمين شعب إسرائيل، وإقناعه بأن أي رئيس وزراء آخر، لن يمكنه فعل المزيد من الإجراءات. وقد أخطأ بيريز في ذلك، مرتين. الأولى، أنه فقد مصداقيته أمام الفلسطينيين، وأهمهم عرب إسرائيل، فخسر أصواتهم. والثانية، أنه ألغى، مؤقتاً، سياسة الاعتدال، من برنامج حكم حزب العمل، الذي تم انتخابه، عام 1992، على أساسه. ومن ثمّ، وجد شعب إسرائيل نفسه أمام اختيار أحد "صقرين"، وفضل أن يختار "الصقر المدرب"، نتانياهو، وليس الصقر "المصطنع"، بيريز.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يا تُرى كان لأحداث الربع الأول من عام 1996، صِلة بمؤامرة لإسقاط حزب العمل، الذي يبني برنامجه في الحكم على تحقيق السلام، أو أن الأحداث كانت عارضة، وهي التي أثرت في الانتخابات؟ ونكتفي في هذا المجال بكلمات من حديث للرئيس ياسر عرفات، أثناء وجوده في القاهرة، يوم 4 مارس، للتنسيق في خصوص الموقف المتصاعد، أشار فيها إلى "من يقف خلف هذه الانفجارات، التي تهدف لنسف عملية السلام" ، فاتّهم (الحزب السري) "في السلطة الإسرائيلية، بتدبير هذه الانفجارات. أولاً، لإيقاف التفاوض في المرحلة النهائية من التسوية الفلسطينية، التي هي، الآن، على الأبواب. وثانياً، لإضعاف فرص نجاح بيريز وحزب العمل، في الانتخابات الإسرائيلية القادمة، باعتباره معتدلاً. والحزب السري هم كبار الجنرالات، والساسة الإسرائيليون، المعارضون لمسيرة السلام. إنهم أعضاء المنظمة السرية "إيال"، التي تعمل على قتل الفلسطينيين والإسرائيليين، المناصرين لمسيرة السلام. هم أشبه بكبار جنرالات الجيش الفرنسي، الذين تحالفوا مع عتاة اليمين، لمعارضة الرئيس الفرنسي الأسبق، شارل ديجول Charles de Gaulle، وعرقلة قراره التاريخي بالانسحاب من الجزائر، ووقف الحرب ضد حركة التحرير الجزائرية. هناك تنسيق بين المتطرفين الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب. هناك اختراقات. وهناك تعاون مشترك بينهم. لقد رصدنا خمسة اجتماعات، تمت بين المتطرفين الإسرائيليين ومنظمة فلسطينية متشددة. بل إن حوادث اغتيال فتحي الشقاقي، ويحيى عياش، وهاني عابد، وكمال كميل وغيرهم، تثبت أن الاختراقات قائمة …".
وهكذا، أغلق الباب على أحداث الربع الأول من عام 1996. وقد ازداد القلق داخل الكيان الإسرائيلي، على الرغم من الهدوء المفتعل، لأن خوض المعركة الانتخابية، على أسس جديدة، وفي أعقاب أحداث عنيفة، جعل الناخب الإسرائيلي يعيش في حيرة، لمن يعطي صوته؟ في الوقت عينه، بدأ فصل جديد في شمالي إسرائيل، وعلى حدودها مع لبنان، نتيجة التصعيد غير المحسوب "للصقر الجديد"، الذي يريد أن يثبت ذاته. وبهذا، فقد حكم على المنطقة بأسرها، أن تعيش أيام قلق، وتنظر إلى هذه المنطقة بحساسية بالغة.
------------------------
|