الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
القوات الدولية في قانا
 
حزب الله في لبنان
المخيمات الفلسطينية
لبنان 96
موقف القوات المختلفة في لبنان
اُنظــــر كـــذلك
 
الليطاني الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1978، (الليطاني)
سلام الجليل الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1982، (سلام جليل)
الحرب الأهلية اللبنانية
الجمهورية اللبنانية

2. الموقف بعد صدور تقرير الأمم المتحدة

أ. الموقف الأمريكي

بعد أن أصدرت الأمم المتحدة تقريرها، الذي أشارت فيه إلى أن إسرائيل، قصفت معسكر القوات الدولية في قانا في جنوبي لبنان، عن عمد، مما أسفر عن مصرع أكثر من مائة شخص من المدنيين اللبنانيين، أصدرت الحكومة الإسرائيلية تقريراً مضادّاً، حظي بتأييد أمريكي، وزعمت فيه أن عملية قصف معسكر قانا، كانت عارضة، واتهمت الأمم المتحدة بنشر معلومات خاطئة عن هذه العملية. وقد أكّد الرئيس الأمريكي دعمه الكامل للرواية الإسرائيلية حول المذبحة، وقال:"إنها خطأ من نوع تلك الأخطاء، التي تحدث دائماً في الحروب، وليست عملاً متعمداً".  ودافع كلينتون عن الدعم الأمريكي المتزايد لإسرائيل، وأن سياسة بلاده في الشرق الأوسط، ما زالت عادلة، ومتوازنة، وصادقة. وأكّد أن بلاده، ستشارك في جهود إعادة تعمير لبنان. كما أعرب كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، عن استيائهما من تقرير الأمم المتحدة عن مذبحة قانا، الذي أكّد أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على المعسكر الدولي في جنوبي لبنان، كان متعمداً. وأعربت مادلين أولبرايت، مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، عن انزعاجها الشديد من الاستنتاج، الذي توصل إليه التقرير، والذي قدمه بطرس غالي، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى مجلس الأمن، في 7مايو 1996. وأعلن المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيكولاس بيرنز، انزعاج الولايات المتحدة من نتائج التقرير الدولي، وقال بيرنز، بلهجة متشددة، إن الأمين العام، اختار استخلاص نتائج غير مبررة من وراء حادث قانا، من شأنها أن تستقطب الوقيعة، بدلاً من استخلاص الدروس العملية لمنع تكراره. وأضاف المتحدث، قائلاً: إنه يبدو كما لو أن علينا أن نرجع إلى نفق زمني، ونعيد مناقشة هذه المسائل ، في وقت لا يحتمل الاستقطاب، وينبغي علينا فيه أن نتحرك إلى الأمام. وأكد بيرنز، أنه من السخف الإيحاء بأن هناك قصفاً متعمداً لمعسكر الأمم المتحدة. وزعم أن مقاتلي حزب الله، كانوا يعملون بالقرب من قواعد المنظمة الدولية، وأن إسرائيل تستحق إيضاحاً، بسبب عدم اتخاذ الأمم المتحدة إجراءات ضد إرها بيين من حزب الله، كما سمّاهم.

وفي مجلس الأمن، بذلت الولايات المتحدة الأمريكية العديد من الضغوط، من أجل عدم إدانة إسرائيل بعدوانها وقصْفها المدنيين في جنوبي لبنان، خاصة بعد أن أعلن بطرس غالي، الأمين العام للأمم المتحدة، التقرير ، الذي أكّد فيه أن القصف الإسرائيلي لمعسكر القوات الدولية والمدنيين اللبنانيين، في قانا، لم يكن على سبيل الخطأ غير المقصود، بل الأرجح أنه كان متعمداً.

وقد أوضحت واشنطن، منذ بداية المشاورات في مجلس الأمن، أنها ستعارض أي محاولة لتوجيه إدانة صريحة إلى إسرائيل. وإزاء الضغوط الأمريكية، تراجع لبنان، في اللحظة الأخيرة، عن تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن، بإدانة إسرائيل.  وكانت مصر قد أعدَّت مشروع قرار، يدين العدوان الإسرائيلي، ويطالب إسرائيل بتعويض لبنان عن الدمار والخسائر، اللذين لحقا به، وتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 425، بالانسحاب من الأراضي اللبنانية.

وفي ضوء المعارضة الأمريكية لأي إدانة لإسرائيل، تدخلت مجموعة الدول الأوروبية، الأعضاء في مجلس الأمن، وهي: فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، بصيغة وسط، للتقريب بين مشروع القرار المصري، الذي يمثل وجهة النظر، اللبنانية والعربية، وإصرار واشنطن على عدم إدانة إسرائيل. وعلى الرغم من أن مشروع البيان الأوروبي، لا يدين إسرائيل صراحة، إلاّ أن الوفد الأمريكي أصر على رفض الصيغة الأوروبية أيضاً. وقررت المجموعة العربية داخل المجلس، عدم قبول أي صيغة لبيان أو مشروع قرار، يصدر عن مجلس الأمن، إذ لم تدن إسرائيل.

ومن الواضح، أن الأمم المتحدة، وبطرس غالي، معاً، قد تعرضا لهجوم متعدد الجوانب. إذ ذكرت وكالة "رويتر"، أن الأمم المتحدة، تحولت إلى كرة، يتقاذفها مرشحو الرئاسة الأمريكية: فالمرشح الجمهوري، بوب دول Bob Dole ، حرص، في حملته الانتخابية، على مهاجمة بطرس غالي. وأكّد أن الولايات المتحدة الأمريكية، ستعيد الأمور إلى نصابها. أمّا بات بوكانن Pat Buchanan ، وهو أحد المرشحين المنافسين، فقد وصف بطرس غالي بالعجرفة، وشكّك في دور الأمم المتحدة. وكذلك الرئيس كلينتون، انبرى يدافع عن إسرائيل، قائلاً إن من حقها الدفاع عن نفسها، ومتذرعاً بأن الخطأ وارد، حتى مع استخدام التكنولوجيا المتقدمة، في إشارة إلى مذبحة قانا.

ب. الموقف الإسرائيلي

  • رفض ديفيد بيلينج، نائب المندوب الإسرائيلي، في الأمم المتحدة، التقرير، ووصفه بأنه لم يأخذ في الحسبان المعلومات، التي قدمتها إسرائيل إلى الأمم المتحدة. واحتج إيهود باراك، وزير الخارجية الإسرائيلي، في اتصال هاتفي مع بطرس غالي، بعد عدة ساعات من إعلان التقرير، على ما أسماه "مزاعم الأمم المتحدة، التي وردت في التقرير"، واصفاً إياها بأنها تتسم بالسخف. ونقل بيان لبعثة إسرائيل لدى الأمم المتحدة، أن باراك حذر من أن اتهامات المنظمة الدولية لبلاده، قد تضر بالعلاقات بين إسرائيل وقوات الأمم المتحدة، في لبنان.
  • أمّا رئيس الوزراء الإسرائيلي، شيمون بيريز، فقد حمّل الأمم المتحدة، بتبجح واضح، مسؤولية مذبحة قانا زاعماً أنه كان يجب على قوة الطوارئ الدولية في لبنان، عدم إيواء لاجئين في معسكرها، من دون إبلاغ إسرائيل، وقال إنه يعتقد أن رجال حزب الله، اختبأوا في المعسكر، بعد إطلاقهم عدداً من الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية .
  • وزعمت إسرائيل، في ردها على تقرير الأمم المتحدة، أن قواتها لم تتعمد إطلاق النار على موقع قوات الطوارئ الدولية، وأن التحقيقات أثبتت، أن القصف المدفعي، تم بناء على معطيات خاطئة.
  • زعم الجيش الإسرائيلي، أن عيوباً في خرائطه العسكرية، كانت السبب الرئيسي لقصف قاعدة الأمم المتحدة، في قانا في جنوبي لبنان.
  • ونفى دوري دروس، المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، في مقابلة مع شبكة CNN الإخبارية الأمريكية، علم القوات الإسرائيلية بوجود مدنيين لبنانيين، في الموقع التابع للأمم المتحدة، في قرية قانا. وقال إن الرؤية من الجو، كانت سيئة. ووصف القصف المدفعي الإسرائيلي للموقع، بأنه كان مأساوياً، زاعماً أن مثل هذه الأشياء، يحدث في أوقات الحرب. غير أنه أكّد عدم معاقبة الضباط والجنود الإسرائيليين، الذين تسببوا بهذا الحادث.
  • ودافع الجنرال ماتان فيلناي، مساعد رئيس الأركان الإسرائيلي، عن قرار الجيش قصف قانا، قائلاً: "إنه كان يستهدف موقعاً لحزب الله، تطلق منه قذائف الهاون على القوات الإسرائيلية".  واعترف فيلناي بتحليق طائرة استطلاع فوق الموقع، قبل القصف المدفعي وبعده، لاستكشاف ما حدث. غير أنه أضاف أنها كانت في مهمة مختلفة، وتم استدعاؤها، نظراً إلى الظروف الجوية السيئة. وقال إن الخطأ الذي أظهره التحقيق، كان في عدم دقة هوامش السلامة، المسموح بها للمدفعية الإسرائيلية؛ لأن موقع القاعدة الحقيقي، يبعد قليلاً عما تشير إليه خرائط الجيش الإسرائيلي. وزعم أنه لم يكن لدى إسرائيل نية قصف قاعدة للأمم المتحدة، لكن القصف، كان يستهدف موقع هاون لحزب الله، قرب القاعدة.
  • قال الجنرال دان هاريل، قائد سلاح المدفعية الإسرائيلية: إن الخطأ في تقدير المسافة، جعل وحدة المدفعية تعتقد، أن قاعدة حزب الله المستهدفة، تقع بعيداً عن القاعدة الدولية نحو 350 متراً، في حين أن المسافة الفعلية، كانت 180 متراً فقط. وقال أن هذا الخطأ في التقدير، لم يصحح، إلاّ بعد إطلاق أول قصفة، زاعماً أن القصف، كان يستهدف تأمين وحدة برية إسرائيلية، تعرضت لهجوم من حزب الله. وأضاف أن المدفعية الإسرائيلية، أطلقت 30 قذيفة، خلال تسع دقائق، لوقف مقاتلي حزب الله، وأن قذيفتين أو ثلاثاً، أصابت القاعدة الدولية إصابة مباشرة. أما تيمور جوكسيل، المتحدث باسم قوات حفظ السلام الدولية، في الجنوب اللبناني، فردّ على الادعاءات الإسرائيلية، قائلاً: "إن الجيش الإسرائيلي، كان على علم بأن مدنيين لبنانيين، لجأوا إلى قانا"، مشيراً إلى أن مقر الأمم المتحدة، أبلغ الجيش الإسرائيلي، فور بدء عملية "عناقيد الغضب" بأن ستة آلاف شخص، لجأوا إلى مراكز الأمم المتحدة. وقال جوكسيل، رداً على ما ذكرته إسرائيل: "إن شريط الفيديو، يوضح أن القصف المدفعي، لم يكن مجرد دفعة أو دفعتين من القذائف، وأن طائرة استطلاع إسرائيلية، كانت فوق قانا، في ذلك الوقت، تدير، وتصحح نيران المدفعية".

ج. الموقف العربي من تقرير الأمم المتحدة

أبلغ مندوبو الدول العربية في الأمم المتحدة، بطرس غالي، الأمين العام للمنظمة الدولية، استياء دولهم بخلوّ التقرير من الإدانة الصريحة لإسرائيل. وقالوا عند اجتماعهم مع غالي، إن التقرير، جاء مخيباً للآمال. ولم يتضمن إدانة الجرائم الوحشية الإسرائيلية في لبنان. وأكّدوا أنهم سيسعون إلى إصدار قرار، يدين إسرائيل، على الرغم من هجوم كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، على التقرير، الذي حمّل إسرائيل مسؤولية هذه الجريمة. كما طلبوا من بطرس غالي، إدراج التقرير، كوثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة، تدين تعمد إسرائيل قصف المدنيين. وقال غالي إنه يرفض التكهنات، التي أثيرت حول احتمال فرض حظر على نشر التقرير، على أساس أنه سري.

خامساً: نتائج العدوان الإسرائيلي

1. حقائق مؤثرة على أبعاد الحملة الإسرائيلية

قبل أن نتحدث عن أبعاد الحملة الإسرائيلية، هناك عدة حقائق، يجب أن نتوقف عندها، كمؤشرات ذات أبعاد مؤثرة في كل ما ترتب على هذه الحملة من تداعيات، هي على جانب كبير من الخطر. وهي:

     أ.

صدر تصريح عن موظف في المكتب الصحفي الأمريكي، في البيت الأبيض، مفاده أن إسرائيل قد أخذت الضوء الأخضر من واشنطن، قبيل البدء بعملياتها العسكرية ضد حزب الله.

    ب.

أعلنت إسرائيل، هي الأخرى، رداً على طلب لبنان عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن، لبحث عدوانها على شعب لبنان وأراضيه، ووقف هذا العدوان، أنها لن تستجيب لأي طلب بوقف عملياتها العسكرية في الجنوب اللبناني، إلاّ إذا طلبت ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الوحيد لإسرائيل.

    ج.

إن أي قرار يصدر بإدانة إسرائيل من مجلس الأمن، هو معرض للسقوط، وذلك بعد أن أعلنت واشنطن، أيضاً، أن أي قرار في هذا الشأن، لا يكون متوازناً، سيقابل، من جانبها، بالاعتراض.

    د.

إن دول الاتحاد الأوروبي، بعد أن كان منتظراً أن يكون لها وحدة موقف جماعي، تجاه العدوان على لبنان، حدث ما صدّع وحدة هذا الموقف، إثر انفراد وزير الدفاع البريطاني بموقف، أعلن فيه تأييده لإسرائيل.

2. الحصيلة السياسية للأطراف المشتركة في الأزمة

تشابكت أدوار الأطراف المشتركة في هذه الأزمة، واستطاع كل طرف، من خلالها، تحقيق بعض من أهدافه، التي يمكن إبرازها في الآتي:

    أ.

فإسرائيل، وهي محور هذه الأزمة، والبادئة بتفجيرها، على هذه الصورة من حجم عملياتها العسكرية، الجوية والبرية والبحرية، فكرت في التراجع الفوري، ووقف العدوان، الذي تصيب خسائره الفادحة شعب لبنان، أكثر مما تصيب حزب الله ... لماذا؟  لأن عنصر الاندفاع، الذي شكل الأزمة على هذه الصورة المفجعة، أصبح مرتبطاً بالمفهوم العام لأيديولوجية التركيب السياسي، بين الحزبين المتصارعين على الحكم في إسرائيل، وهما حزب العمل، بقيادة شيمون بيريز، رئيس الوزراء، وحزب الليكود، بقيادة بنيامين نتانياهو. ويتمثل ذلك المفهوم العام في حجم أصوات الإسرائيليين، التي يحصل عليها كل طرف في الانتخابات. ومن ثم، فإن شيمون بيريز، لا يهمه، من أجل أن يكسب المعركة الانتخابية، سوى الظهور بأنه رجل الأمن القوي، في مواجهة تكتل الليكود، وأنه أحد الصقور، التي يمكن الاعتماد عليها، لتحقيق أمن إسرائيل.

    ب.

أمّا إيران، وهي القوة، التي لا يشك أحد في أنها وراء دعم حزب الله في لبنان، فهي الطرف الأقوى، الذي يستطيع الضغط على حزب الله، وإيقاف أي عمليات عسكرية، من داخل لبنان، ضد المدنيين في شمالي إسرائيل. ومن أجل ذلك، فإن الضغوط الودية، من جانب بعض الدول الأوروبية، التي لها علاقات صداقة بإيران، مثل فرنسا، قد تجد صداها الإيجابي في طهران، من أجل التدخل لوقف هجمات حزب الله على إسرائيل.

    ج.

أمّا لبنان، البلد الذي قدِّر له أن يظل في وجه المدفع، فساحته هي الساحة العربية الوحيدة الساخنة في مواجهة إسرائيل، بدأ يتجه، إثر القضاء على حربه الأهلية، نحو التعمير والبناء. ولم يكد يبدأ، حتى فُرض عليه شوط آخر من أجل تحرير أرضه، تلازم مع كارثة أخرى، من قصف إسرائيلي لتدمير ما بناه. والنتيجة أن لبنان، هو الخاسر الوحيد في هذا الصراع، بين إسرائيل وحزب الله، وأن المنتصر هو حزب الله، الذي بدأ دعم صفوفه وقدراته، ليقف في مواجهة الآلة العسكرية الإسرائيلية.

    د.

وفي شأن سورية، تساءل البعض، خلال الحملة الإسرائيلية، لماذا لم تتخذ دمشق الوسائل الضاغطة، التي تستطيع أن تعيد بها إلى القيادة الإسرائيلية صوابها، وتذكرها أن عليها أن تفكر، وأن تعيد حساباتها مراراً، إذا لم تتراجع عن الاستمرار في هذه المعركة غير المتكافئة؟ ترى سورية، أن لها سياسة ثابتة، تقوم على إستراتيجية، تتمسك بها تجاه حركة الصراع مع إسرائيل. وقيادتها تعتقد، أن الصراع هو صراع حضاري، لا انفعالي، وأنها في خوضها معاركها المصيرية، تحتفظ لنفسها باختيار الزمان، الذي تراه ملائماً لتحرك حاسم. ومن ثم، فإنها في دائرة هذا الصراع، لا تعطي لخصمها فرصة استدراجها إلى التوقيت، الذي يختاره للدخول في مواجهة عسكرية معها، وبذلك تفوت عليه الفرصة، وتحبط مخططه، انتظاراً للتوقيت المناسب، الذي يحقق الأهداف السورية.

هـ.

أمّا حزب الله فمن الواضح، أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، أضفتا كياناً معنوياً، وأدبياً، على وجوده في المنطقة. ذلك أنهما في تحركهما، كانتا تحاولان أن تعودا إلى اتفاق 1993، بين حزب الله وإسرائيل، لتجعلا منه قاعدة انطلاق، في التعامل المستقبلي بين الجانبين. فواشنطن، أضفت، من خلال المشروع، المكون من ست نقاط، لتسوية الأزمة بين إسرائيل وحزب الله، كياناً إقليمياً على حزب الله، وكأنه دولة داخل دولة، هي المعنية بلغة التخاطب، بل محور الاهتمام في كل تداعيات هذه الأزمة.

والأهم من ذلك، وعلى الرغم من الخسائر، التي سببتها إسرائيل للشعب اللبناني، بقتلها الأطفال والنساء، وهدم منازل الفقراء وتشريدهم ... فإن حزب الله خرج من كل هذه المذابح سالماً، بل أصبح طرفاً قوياً في الصراع مع إسرائيل، يُحسب حسابه، بدليل تلك المبادرة، التي تقدمت بها الولايات المتحدة الأمريكية.

هذه هي، باختصار، حصيلة العدوان الإسرائيلي على لبنان، الذي لم يمنع حزب الله من ممارسة نشاطه القتالي ضد القوات الإسرائيلية، بل جعله يدير حرب استنزاف ضد إسرائيل، التي أسرعت إلى تقديم مبادرة للانسحاب، في مارس 1998، شريطة ضمان أمن حدودها، الأمر الذي يؤيد ما قيل سابقاً، إن حزب الله هو الفائز الوحيد من هذه الحملة.

3. الحصيلة العسكرية للعدوان

ذكرت جريدة "معاريف" الإسرائيلية، في عددها الصادر في 4 مايو 1996،"أن المدفعية الإسرائيلية، أطلقت 20 ألف قذيفة، متعددة الأوزان، ونفذ سلاح الجو الإسرائيلي 16 ألف طلعة، استهدفت 410 أهداف، كما شارك سلاحا الطيران والبحرية، في ضرب 50 جسراً، وأكثر من 30 مفترق طرق.

وأضافت الجريدة، أن ما بين 170 مدنياً و200 مدني لبناني، قتلوا في عملية "عناقيد الغضب"، إضافة إلى مقتل ضابط وجندي سوريين، وإصابة 10 آخرين بجروح.

وقالت الجريدة إنه في المقابل، أطلق رجال المقاومة اللبنانية 700 صاروخ على شمالي إسرائيل، أسفرت عن مقتل 5 جنود من الميليشيا اللبنانية، الموالية لإسرائيل، وإصابة عشرين آخرين، إضافة إلى إصابة 3 جنود إسرائيليين و63 مستوطناً، وإلحاق أضرار بألف وخمسمائة وخمسين منزلاً ومشروعاً صناعياً.

وقدرت الجريدة الخسائر، التي نزلت بالبنية التحتية اللبنانية بنحو 500 مليون دولار.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة