الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
بطاريات صواريخ أرض/جو
مواقع بطاريات الصواريخ
 
بيروت خلال حرب الجليل
عمليةالسلام من أجل الجليل
مراحل وتطور أعمال القتال
الحجم والأوضاع الإبتدائية
اُنظــــر كـــذلك
 
الليطاني الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1978، (الليطاني)
مذبحة قانا الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1996، (مذبحة قانا)
الحرب الأهلية اللبنانية
الجمهورية اللبنانية

مناقشة الخطة أمام مجلس الوزراء الإسرائيلي

         في أوائل عام 1982، أتاحت قضايا الأمن المثارة داخل إسرائيل، الفرصة لشارون وإيتان، لإقناع الحكومة بضرورة التحرك من أجل العمل داخل لبنان. وأعـلن الرجلان، أمام مجلس الوزراء، أنه إذا كان مكتوباً على إسرائيل اتخاذ إجراء عسكري حاسم، كما ترى أجهزة الاستخبارات، فمن الأجدر، إذاً، التفكير في لبنان أكثر من الجولان. وأكدا أن الإسرائيليين، عـلى كل حال، لا يستطيعون الاستمرار في ترك قواتهم على هذا النحو في جبهتين، ولا البقاء طويلاً داخل لبنان ، بحجة أن الأسرة الدولية، ستعارض ذلك الإجراء. ومن ثم، يجب أن تؤدي عملية غزو لبنان إلى الإسراع بإخراج القوات السورية ومنظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وإلى إنشاء حكومة لبنانية موالية لإسرائيل.

         وفي واشنطن، التقى ساغي، مدير الاستخبارات الإسرائيلية، وزيرَ الخارجية الأمريكي، ألكسندر هيج، وأفهمه بوضوح، أن كل انتهاك جديد لوقف إطلاق النار، من جانب الفلسطينيين في الجنوب اللبناني، يزيد من قلق القيادة الإسرائيلية، في القدس. كما أطلعه أيضاً على إعادة بناء التحصينات الدفاعـية الفلسطينية، وعلى إعادة توزيع القوات الفلسطينية جنوبي لبنان. كما حذر الأمريكيين من أنه إذا استمرت انتهاكات وقف إطلاق النار، فإن إسرائيل ستتحرك. واستمرت الإدارة الأمريكية على رأيها، مما أدى إلى تأجيل العملية لعدة أشهر.

         وفي لبنان، عادت السفن الإسرائيلية لترسو، من جديد، قبالة جونيه. كان الزائر، هذه المرة، هو الجنرال روفائيل إيتان، رئيس الأركان، والجنرال ياكونيل آدام، إضافة إلى ضباط آخرين، ومندوبين عن الموساد. ثم تبع ذلك عدة رحلات مكوكية من أجل تنسيق الخطط المشتركة. وبدأ بشير الجميل في إقامة اتصالات مع مختلف المجموعات في لبنان، من أجل إنشاء جبهة موحدة في مواجهة سورية والفلسطينيين. وكان ينتظر بصبر نافذ الوقت، الذي تقدم فيه إسرائيل لبنان إليه على طبق من فضة.

         وفي القدس، ومن أجل إقناع الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين، بذل شارون جهداً كبيراً ليؤكد أن إسرائيل لا تنوي إقامة "نظام جديد" في لبنان، ولا محاربة السوريين، بل هدفها هو القضاء على الخطر الإرهابي. وعلى كلٍ، كان جميع المراقبين غير مقتنعين بأن هذه العملية، لن تورط القدس في نزاع مع دمشـق. وكانوا يتوقعون، أن النتائج ستكون مأساوية، والقضية الفلسطينية سـتصبح شائكة أكثر فأكثر، وسيزداد نفوذ الاتحاد السوفيتي، في المنطقة، وستنزلق إسرائيل في الصراعات، التي لا تنتهي، بين مختلف الطوائف اللبنانية .

         كانت الخطتان اللتان عرضهما شارون، واللتان طُرحتا على الحكومة الإسرائيلية، ستؤديان بطبيعة الحال، إلى تفجر الموقف. ففي حين كانت "الخطة الكبرى" توصل جيش الدفاع الإسرائيلي إلى مشارف بيروت ومحاصرتها، وكذلك قطع طريق بيروت ـ دمشـق، فإن "الخطة الصغرى"، كانت ستوصل جيش الدفاع الإسرائيلي إلى مسافة 45 كم إلى الشمال من الحدود الإسرائيلية. وكانت "الخطة الكبرى"، ترتكز على مبدأ الاختراق من ثلاثة محاور على جبهة واسعة: من جبل حرمون إلى المتوسط. والأخرى كانت لا تختلف عنها، إلا في الأهمـية. فإذا كانت الأولى سـتؤدي حتماً، في اتجاهها أكثر نحو الشرق، إلى مواجهة مع السوريين، فإن الثانية أيضاً كانت تنطوي على نزاع مفتـوح. وفضلاً عن ذلك ، فإن "الخطة الكبرى" ستوقظ في منطقة الشوف الخصومات المحلية الخامدة منذ زمن طويل، مما يُحيي بعض الآمال للمسيحيين، إذ سـيعيد لهم جيش الدفاع الإسرائيلي سيطرتهم على هذه المنطقة، في حين تتولى إسرائيل مهمة الشرطة داخل لبنان. وكان من المفترض، بعد القضاء على الضغط العسكري السـوري، أن تتجاوز "الخطة الصغرى"مدى الـ45 كم المتوقعة، بمعنى انتقال القوات الإسرائيلية إلى تنفيذ أهداف "الخطة الكبرى"، ولكن كان من المحتمل أن يرتفع حجم الخسائر الإسرائيلية، بسبب استعداد الجانب الآخر.

         ومن وجهة النظر العسكرية، اعتمدت الخطة الكبرى على أن تحتل القوات المحمولة جواً بعض المحاور الأساسية، قبل السوريين. ولكن إذا حدث الانتقال من "الخطة الصغرى" إلى "الخطة الكبرى"، فإن انتشار القوات الإسرائيلية والفلسطينية على هذه المحاور الاستراتيجية، سيتطلب تقدُم المدرعات الإسرائيلية عبْر الجليل، على طرقات ضيقة ومتعرجة، حيث تصبح المعارك أكثر صعوبة ودموية .

         ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية، كانت تفكر في أنه إذا استبعدت "الخطة الكبرى"، وجرى تفضيل الأخرى عليها، يصبح من الممكن تلافي النتائج المأسوية للحرب. لكن، في الواقع، سـارت الأمور على غير هذا النحو. فخلال شهر فبراير1982 ، أوشكت الحرب أن تقع على الحدود الشمالية، حيث كان الوضع متفجراً، إذ كانت الدبابات وقوافل المشاة وشاحنات التموين، تشق طريقها بشكل مكشوف، وتنتشر في مواقع حساسة. واستمر كل من بيجن وشارون وإيتان في الإعلان أمام الصحفيين: "إننا لن ندع الإرهابيين يضربوننا تحت غطاء وقف إطلاق النار" . وهكذا، كان بيجن على اقتناع بأن الشكل، الذي تضمن فيه إسرائيل أمنها، مبرراً تماماً.

         وفي 12 فبراير، اتصل سام لويس، السفير الأمريكي، بنائب المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، حنان باراون، وأبلغه أنه وفقاً للمعلومات المتاحة، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي يُعِد العُدة لعملية وشيكة. ويبدو أن هذا الأمر لا يأخذ في حسبانه المحادثات الأخـيرة مع فيليب حبيب، التي كان هدفَها انفراج في الجو السياسي، وحل قضايا المنطقة، ومن ثم، الشروع في العمل. ثم أعرب عن أمنيته أن تكون كل هذه المعلومات دون أساس ، وإلاّ فإن أزمة جديدة، يمكن أن تقع في إطار العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية. ومن الفور، أبلغ باراون رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الرسالة الصريحة. وكان رد بيجن على السفير موجزاً: "معلوماتكم ليس لها أي أساس ، نرجوكم عدم استخدام التهديدات ضدنا، واتركونا نواصل الحوار، كما ينبغي أن يكون".

         وفي لقاء بين بيجن والسيناتور الأمريكي جـون جلين John Herschell Glenn، والسيناتور وليم كوهين William S. Cohen ، قال بيجن: "في ما يختص بوقف الأعمال العسكرية، اسمحوا لي أن أطلعكم على الخطوط الكبرى، التي تم الاتفاق عليها بيني وبين فيليب حبيب. إن وقف الأعمال العسكرية يفترض احترام النقاط التالية :

  1. الامـتناع عن أي عمل عدائي، في البحر والبر والجو، ضد أهداف إسرائيلية. ولا يقتصر فقط على أعمال التسلل من لبنان.
  2. عدم توجيه أي نشاط عسكري ضد لبنان.
  3. الامتناع عن أي عمل عدائي ضد المنطقة التي يسيطر عليها حداد (هذا البند غالباً ما انتهكه الفلسطينيون).
  4. إن إسرائيل تعُدّ كل عمل إرهابي موجه ضد الإسرائيليين واليهود في العالم، انتهاكاً للاتفاق المعقود. (هذا البند أيضاً لم يُحترم، إذ حدثت هجمات في فيينا وأثينا وروما وبرلين).

         وأكّد بيجن أنه خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي، ألكسندر هيج، اقترحتُ عليه صيغة حول أننا لن نتدخل، إلاّ للرد على "استفزاز كبير".

الطريق إلى الحـرب

         في 25 مارس 1982 ، بدأت الحرب بالاقتراب، حين ألقيت قنبلتان يدويتان على سيارة تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي كانت تسير على الطريق الرئيسي في غزة، وأدى انفجارهما إلى مقتل جندي واحد وجرح ثلاثة آخرين. ودعا مناحم بيجن مجلس الأمن الإسرائيلي، لمناقشة الموقف المتفجر، واقترح شارون، خلال الاجتماع، إرسال الطيران الإسرائيلي لقصف أهداف فلسطينية داخـل لبنان. إلاّ أن العديد من الوزراء، رأوا أن رد الفعل هذا، يمكن أن يؤدي إلى نزاع عام. وتأجل تنفيذ هذا الاقتراح.

         وفي الوقت الذي تصاعد فيه الموقف، خلُصت الحكومة الأمريكية، بعد تحليل للأحداث، أن إسرائيل سوف تجتاح الأراضي اللبنانية قريباً. وكان فكر بيجن و شارون، يتجه نحو إنشاء منطقة عازلة بين المنطقة، التي تسيطر عليها منظمة التحرير الفلسطينية، وبين المستوطنات الإسرائيلية الشمالية، لتجنب القصف. وكذلك تدمير، أو، على الأقل، إلحاق أضرار بالبنية التحتية لمنظمة التحرير الفلسطينية في جنوبي لبنان.

         وفي واشنطن، كانت الإدارة الأمريكية ترى، أن القتال في لبنان يتوقف على ثلاثة عوامل : اتساع العـمل العسكري، وعزم قادتِه على تحقيق أهدافهم، وأخيراً الوقت الذي سيتاح لهم، قبل وصول قوات الفصل. وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تشك في إمكانية تحقيق إسرائيل شيئاً من اجتياحها لبنان. أمّا وزير الدفاع الإسرائيلي، فكان متفائلاً حول فرص نجاح هذه العملية.

         وفي أبريل 1982، أصبحت الحرب قاب قوسين من الاندلاع. ففي الثالث منه، قُتل أحد موظفي السفارة الإسرائيلية في باريس، واستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي حكومته في الرد باستخدام سلاح الطيران. ويبدو أن بعض الوزراء لم يعجبهم ذلك الرأي، وبدأت وسائل الإعلام تندد بقوة بكل تدخل في لبنان. ولكن هذه التنديدات كانت تتحطم على أبواب مكتبَي بيجن و شارون ولا تجد أذناً صاغية. وكان بعـض أعضاء مجلس الأمن الإسرائيلي في الكنيست، على اقتناع بأن شارون سيدفع الحكومة إلى اتخاذ قرار لتنفيذ عملية عسكرية واسعة في لبنان.

         وكان شارون يرى، أنه استعد، بالفعل، لتنفيذ عمل عسكري كبير داخل لبنان، ولكنه سيترك اختيار الوقت لمجلس الوزراء. وأكّـد أن الأحوال الجوية ستصبح، بمرور الوقت، أكثر ملاءمة، وأنه من المنتظر وقوع اشتباكات مع سورية، عندما تتسع العمليات في لبنان. وبرر شارون تصميمه على العمل ضد لبنان، بأن النشاطات الإرهابية، كما يدعي، تزداد يوماً بعد يوم.

         وفي 21 أبريل 1982، وإزاء انفجار عبوة ناسفة تحت سيارة، يقودها ضابط إسرائيلي، في الجنوب اللبناني، أصدر بيجن أوامره بشن غارات جوية على لبنـان. وبالفعل، قصف الطيران الإسرائيلي، في اليوم التالي، ثلاث قواعد في لبنان، وأسقط طائرتَي ميج ـ 23 سوريتين. وأعلن بعد الغارة الجوية، أمام أعضاء مجلس الأمن الإسرائيلي في الكنيست: "إننا عدنا إلى نقطة تجعلنا نعُدّ أنفسنا غير مرتبطين بأي عهود مع الولايات المتحدة الأمريكية أساساً،أو أي جهة أخرى سبق إعطاء وعود لها بعد قيام إسرائيل بعدوان على لبنان".

         وفي 9 مايو 1982، كان اللقاء، في واشنطن، بين شارون وكل من وزير الخارجية الأمريكي، ألكسندر هيج، ووزير الدفاع، كاسبار واينبرجر Caspar Willard Weinberger. وأبلغ شارون واينبرجر القرار الإسرائيلي حول التدخل في لبنان، شارحاً الأسباب، قائلاً: "إننا لن نتساهل أمام أي هجوم فلسطيني. وإذا تطلبت الأحداث، فإننا سنتدخل. أهدافنا محددة، ولا نسعى إلى الحرب ضد سورية. لذا، يجب ألاّ تحيركم ردود فعلنا بعد اليوم". ورد واينبرجر: "بعض القضايا ليست من اختصاصي. يجب مناقشة هذه القضية مع وزير الخارجية. أمّا نحن، فنستطيع بحث نقاط عملية، كالمساعدة التي يمكن أن نقدمها إليكم". وبهذا الرد، رفض واينبرجر أن يكون شريكاً في جريمة، تريد أن ترتكبها إسرائيل.

         وفي لقاء شارون وزير الخارجية الأمريكي، ألكسندر هيج، أعلن شارون أن إسرائيل قررت العمل، إذ قال: "إننا لا نرى وسيلة أخرى للدخول إلى هذه المنطقة (يقصد لبنان) وتوضيح الأمور فيها. سنقضي على البنية التحتية، السياسية والعسكرية، لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي سنـتخلص منها لسنوات عـديدة. فهدفنا ليس إقامة لبنان مستقل، ولا طرد السوريين مـنه، إنما مثل هذه الأمور يمكن أن يكون نتيجة ثانوية …" . ورد هيج قائلاً: "إننا نفهم مشـكلتكم، وآمل أن تدركوا أنه، من وجهة النظر الدولية، إذا كنا حساسين تجاه الاستفزازات الحقيقية، فليس في إمكاننا أن نبقى هكذا تجاه غارات متكررة. لا بدّ لنا من العثور على أسلوب لحل القضية، من طريق خلق ظروف جـديدة. إننا نتمنى أن ينسحب السـوريون من لبنان، ونريد حكومة قوية في بيروت، حليفة لإسرائيل، كما أننا نريد أيضاً انسحاب منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان".

         وقد شعر شارون من حديث هيج، أن الولايات المتحدة الأمريكية أعطته الضوء الأخضر. وفي نهاية اللقاء، كان انطباع هيج، أن إسرائيل تفكر في "عملية كبيرة". ولكن شارون طمأنه بأن الأمر لن يصل حد تدخلٍ واسع النطاق، وأن العمليات ستوقف، بعد تحقيق أهدافها.

         وفي 16 مايو 1982 ، دُعيت الحكومة الإسرائيلية إلى الانعقاد ، وكانت مناقشة "الخطة الكبرى" لا تزال على جدول الأعـمال. فأعرب الوزراء عن العديد من التحفظات ، إلاّ أن شارون طالب باتخاذ قرار حاسم. وقال: "إنه من الآن فصاعداً، عندما يُنتهك وقف إطلاق النار، ستوضع فورا "الخطة الكبرى" موضـع التنفيذ". وأكّد، خلال الاجتماع، أنه أبلغ واشنطن بهذا القرار، في ردٍ على رسالة من وزير الخارجية الأمريكية ألكسندر هيج إلى بيجن، الذي أعلن، بدوره، إنه من الآن فصاعداً، إذا أصيب مواطن إسرائيلي بجروح أثناء هجوم إرهابي، أو إذا تعرض أي هدف يهودي لهجوم، فإن إسرائيل ستتدخل من الفور. وإذا ما قصف الفلسطينيون مرة أخرى الجليل، فسيجتاح جيش الدفاع الإسرائيلي لبنان، من أجل القضاء نهائياً على قواعد هؤلاء الإرهابيين".

         وفي يوم الثلاثاء 3 يونيه، اغتيل السفير الإسرائيلي، شلومو أرجوف Shlomo Argov في لندن. وفي اليوم نفسه، طلب بيجن عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء، وكان يعرف مقدماً أنه، في ظل هذه الظروف، لا يمكن أن يُرفض له أي طلب. فوافق مجلس الوزراء على قصف بعض الأهداف في جنوبي لبنان. وكانت إسرائيل تعلم مسبقاً أن الفلسطينيين سيردون، بقصف مستوطنات الشمال. وهذا ما حدث بالفعل، إذ سقطت القذائف على المستوطنات الإسرائيلية. فبدأ سلاح الجو الإسرائيلي يتدخل ليحسم المعركة، وشُرع في دعوة الاحتياطي، وبدأ الحشد الإسرائيلي نحو الشمال. وأيقن الجميع أن العمليات العسكرية ستعلن خلال ساعات.

         أعلنت الحكومة الإسرائيلية بياناً، تُحدد فيه، بوضوح، أهداف العملية : "لقد كَلّفت حكومة دولة إسرائيل جيش الدفاع بوضع كل مستوطنات الجليل خارج مدى مدفعية الفلسطينيين، الذين حشدوا في لبنان مراكز قيادتهم وقواعدهم. إن الاسم "الرمزي" للعملية هو "سلام الجليل". وخلال هذه العملية العسكرية، لن نهاجم الجيش السوري، إلاّ إذا هاجم قواتنـا. وستحاول إسرائيل توقيع معاهدة سلام مع لبنان المستقل، القادر على صيانة سلامة أراضيه". ثم ما لبث شارون أن جاهر بهدف آخـر للحرب، عندما أعلن أن إبعاد السوريين عن لبنان، هو "الجولة الثانية" لهذه الحرب، التي كان يجب، في رأيه، تسميتها عملية "فرض نظام جديد في لبنان" .

         كان ضرب بنية المقاومة الفلسطينية التحتية هدفاً أساسياً لحرب "سلام الجليل". وذلك بعد أن تعاظمت القوة العسكرية للمقاومة الفلسطينية، التي أصبحت تهدد أمن مستعمرات إسرائيل الشمالية. وتحت شعار "إبعاد المخربين" 40 كلم شمالاً، خاض الجيش الإسرائيلي الحرب. لكن هذا الشعار سرعان ما سقط خلال أيام الحرب الأولى، بعد أن عَبَرت المدرعات الإسرائيلية خط نهر الأولي، شمالي صيدا، وأكملت سيرها نحو بيروت والجبل، منفذة ما اصطُلح على تسميته "الخطة الكبرى"، التي انتهت بحصار بيروت، وترحيل المقاومة الفلسطينية عنها.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة