الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
بطاريات صواريخ أرض/جو
مواقع بطاريات الصواريخ
 
بيروت خلال حرب الجليل
عمليةالسلام من أجل الجليل
مراحل وتطور أعمال القتال
الحجم والأوضاع الإبتدائية
اُنظــــر كـــذلك
 
الليطاني الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1978، (الليطاني)
مذبحة قانا الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1996، (مذبحة قانا)
الحرب الأهلية اللبنانية
الجمهورية اللبنانية

الموقف الإسرائيلي، بعد انتهاء الأسبوع الأول من القتال

مع انتهاء الأسبوع الأول من العملية العسكرية الإسرائيلية، كان يمكن ملاحظة المؤشرات التالية:

  1. دفعت إسرائيل إلى هذه العملية، أعداداً ضخمة من القوات، البرية والجوية والبحرية، بلغت نسبتها إلى أعداد المقاتلين، الفلسطينيين واللبنانيين، 1:8، في بداية القتال، 1:12، أثناء القتال.
  2. ركّزت إسرائيل جهودها الرئيسية في الشريط الساحلي، في الأيام الأولى، بهدف الوصول إلى أقرب نقطة تمركز من العاصمة اللبنانية.
  3. تعمدت الحكومة الإسرائيلية التعتيم على أهداف العملية الحقيقية، مما أربك الوضع، الدولي والعربي، إضافة إلى بعض أعضاء الحكومة أنفسهم.
  4. لم يقدم رئيس الحكومة، ووزير الدفاع، تقييماً صحيحاً، في شأن حجم العملية وأهدافها. وعلى الرغم من وصول القوات الإسرائيلية إلى مشارف بيروت، إلا أنها كانت لا تزال تخوض المعارك.
  5. على الرغم من التفهم الأمريكي التام، لدوافع العملية العسكرية في لبنان، والدعم المطلق لها، فإن تبايناً بدأ يظهر بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية في ما يتعلق بكيفية التسوية السياسية.

وقف إطلاق النيران، يوم الجمعة 11 يونيه

          بينما كانت إذاعة إسرائيل تعلن، في الثانية فجراً، أن وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ على كل جبهات لبنان، استمرت الطائرات الإسرائيلية في قصف كل من بيروت والجبل، والبقاع. كما شاركت القطع البحرية الإسرائيلية في قصف الأماكن الساحلية، خاصة، بعد فشل محاولة جديدة للإنزال البحري في منطقة الأوزاعي. وأكّدت بعض المصادر الصحفية أن حجم القوات الإسرائيلية في لبنان، وصل بنهاية يوم 11 يونيه، إلى نحو 100 ألف جندي .

          وأعلنت دمشق الموافقة على وقف إطلاق النار، على أساس الانسحاب الإسرائيلي الشامل من الأراضي اللبنانية. أما منظمة التحرير الفلسطينية، فقد حددت موقفها برسالة بعثت بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، السيد خافيير بيريز دي كويلار Javier Perez deCuellar ، مؤكدة التزامها بوقف إطلاق النار في ضوء قرارَي مجلس الأمن رقمي 508 ، 509. أما البرقيتان الرقمان 386، 387، في 12 يونيه، فهما يوضحان موقف لبنان تجاه وقف إطلاق النار.

الموقف العسكري على المحاور المختلفة

المحور الساحلي، لم يتوقف إطلاق النار على المحور الساحلي، إذ استمرت المعارك عنيفة على الخط الممتد من الأوزاعي وخلدة وبرج البراجنة والشويفات، وخط سوق الغرب ـ عاليه. وحاولت إسرائيل تنفيذ عملية إبرار بحري في منطقة خلدة، ولكن "القوات المشتركة" وحركة "أمل" تمكنتا من صدّها، مما أدى إلى لجوء إسرائيل إلى القصف البحري والجوي، المركز ضد هذه المنطقة.

وفي الدامور، تمكنت المقاومة الفلسطينية من قتل الجنرال يكوتئيل آدام ومرافقيه، أثناء اجتماعهم في الدامور . ويكوتئيل هو الرجل الثاني في رئاسة الأركان الإسرائيلية. وبعد مقتل الجنرال آدام، أخذ الإسرائيليون ينتقمون من الدامور ويهدمونها تهديماً، بواسطة الطيران الإسرائيلي. أمّا المنازل، التي بقيت في أعقاب القصف الجوي المكثف، فقد هدمتها الجرافات الضخمة (البلدوزرات).

وفي صيدا، في الجنوب اللبناني، أوردت تقارير أولية للصليب الأحمر اللبناني، أن ثمة ألف قتيل، على الأقل، وثلاثة آلاف جريح، في صيدا. وأن الوضع أصبح مأسوياً في المدينة، بسبب نقص الغذاء والماء والمواد الطبية. وذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن عدد النازحين في جزين، يُقدر بنحو 200 ألف شخص، معظمهم من سكان صيدا، الذين هجروها نتيجة للقصف الإسرائيلي العشوائي.

وفي بيروت، قصفت القوات الإسرائيلية أحياءها، مما أدى إلى إصابات عديدة بين المدنيين.الملحق الرقم (20).

الخسائر الإسرائيلية في نهاية يوم 11 يونيه

          ذكر الناطق العسـكري الإسرائيلي ، "أن 23 جندياً إسرائيلياً قُتلوا، و240 جرحوا، و11 فقدوا، في معارك يومَي الخميس والجمعة 10 و 11يونيه 1982. وبذلك ترتفع الخسائر، وفق البيانات الإسرائيلية إلى 91 قتيلاً و660 جريحاً و19 مفقوداً، منذ بدء الغزو الإسرائيلي للبنان".

أعمال القتال، يوم 12 يونيه

في اليوم التاسع للاجتياح الإسرائيلي للبنان، أعلنت إسرائيل قبول وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية في بيروت، ابتداء من التاسعة ليلاً (سعت 2100)، مشددة على أن ذلك لا يعني إجراء مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية. وصدر هذا الإعلان نتيجة لتحركات دبلوماسية سوفيتية، للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية. وكذلك نتيجة للدور السياسي، الذي مارسته المملكة العربية السعودية مع الجانب الأمريكي، حيث تم الاتصال بين وليّ العهد السعودي، الأمير فهد بن عبدالعزيز، والرئيس الأمريكي، رونالد ريجان. كذلك تمت اتصالات عدة بين ياسر عرفات، رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وبعض المسؤولين السعوديين. وأعلنت القوات المشتركة موافقتها على وقف إطلاق النار.

          وبالفعل، ساد الهدوء، فجأة، جبهات القتال، في بيروت، والضاحية الجنوبية، والساحل الممتد من الأوزاعي حتى خلدة صعوداً إلى منطقة عالية. وكالعادة، وقبل بدء سريان وقف إطلاق النار، صعّـدت إسرائيل عملياتهـا، التي استمرت طوال النهار، وتخللتها اشتباكات ضارية على محور خلدة ـ الأوزاعي، حيث أُحبطت 5 محاولات إنزال إسرائيلية، مهدت لها إسرائيل، بقصف من البحر والجو، على أحياء سكنية، في عمق المنطقة الغربية، والضاحية الجنوبية، ومطار بيروت، وقرى منطقة عاليه.  وحوصر عدد من الإسرائيليين على خط الساحل في محيط فندق فرساي، بعد فشلهم في التقدم تجاه الأوزاعي.

          قرر شارون العمل على جبهة عاليه ـ بحمدون، ضد القوات السورية، وذلك بهدف إبعاد السورييـن عن قطاع الجبل اللبناني. وعُدّ ذلك بداية جولة جديدة من الحرب، وتطوراً لا بدّ منه في عملية كان يجب أن تكون تسميتها الحقيقية "فرض نظام جديد في لبنان".

          واستمرت معركة الجبل، على محور عاليه ـ بحمدون، أربعة أيام، إلى أن حسمها سلاح الجو في مصلحة الجيش الإسرائيلي. ولا شك أن معركة الجبل، قد وفرت لإسرائيل موقفاً تفاوضياً أفضل من السابق.

          وبعد 18 ساعة من القصف الجوي الإسرائيلي على أحياء بيروت، أعلنت إسرائيل، من طرف واحد، وقف العمليات العسكرية، ضد بيروت، والضواحي الجنوبية في برج البراجنة، وحي السلم، وخلدة، والجبل. وكان هذا الإعلان مفاجئاً لكل الأوساط السياسية والعسـكرية، التي أكدت عنف المواجهة، التي قوبلت بها إسرائيل، وفشلها في تحقيق أي تقدم جديد على محور خلدة ـ الجبل، وأن هذه المواجهة كانت السبب في إسراعها بالموافقة على وقف إطلاق النار.

          وفي صيدا، عجزت القوات الإسرائيلية عن التقدم داخل المدينة، لأن القوات المشتركة استطاعت، من خلال تشكيل مجموعات فدائية مسلحة، إيقاع الذعر بين صفوف الإسرائيليين. أمّا عن الأضرار التي نزلت بالمدينة، فهي جسيمة، وتفوق كل تصور. فقد أحال القصف بعض أحيائها إلى أفران من الأسمنت والبشـر، حتى يخيل الناظر إلى الدمار أنه أمام ستالينجراد Stalingrad أخرى. وعلى الرغم من مرور سبعة أيام منذ اختراق القوات الإسرائيلية للأراضي اللبنانية، إلاّ أن صيدا ومخيم عين الحلوة، استمرا في مقاومة الغزو الإسرائيلي، وتركّزت المعارك على المدخل الشمالي الشرقي، ومحور جسر الأولي ـ شرحبيل، والنافعة، حتى حدود ضاحية القياعة .

          أمّا الموقف على الساحة السياسية، على المستويَين، الأمريكي والإسرائيلي، فقد أوضحه السفير غسان تويني، لوزير الخارجية، فؤاد بطرس، مؤكداً أن الموقف الأمريكي، يدور حول وحدة لبنان، وتقوية الحكم المركزي، وتحقيق أمن إسرائيل .الملحق الرقم (21).

          أمّا موقف إسرائيل، فيجيء على لسان سفيرها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، موشي أرينز، الذي يطالب بتوقيع اتفاق سلام، بين لبنان وإسرائيل، يؤدي إلى سحب جميع القوى والجيوش الأجنبية من لبنان.

أعمال القتال، يوم 13 يونيه

الموقف العسكري

          وسعت إسرائيل نطاق اجتياحها للبنان، فاحتلت قواتها، ليلاً، بلدة بعبدا، والسرايا والمستشفى الحكومي بها. ثم واصلت تقدمها إلى "ضاحية الحدث"، وأدركت، بعد منتصف الليل، مشارف الشويفات. ورافـق هذه القوات إلى بعبدا وزير الدفاع الإسرائيلي، أرييل شارون.

          وقعت هذه التطورات الخطيرة على إثر انهيار وقف إطلاق النار، الذي بدأ تنفيذه يوم 11 يونيه، وتجدد القتال على محور خلدة ـ الأوزاعي، ورافقه قصف مدفعي وصاروخي، من البر والبحـر والجو، شمل عدة أحياء في المنطقة الغربية من بيروت، والضاحية الجنوبية، والمطار.  وصدّت القوات السورية والقوات المشتركة وحركة أمل، تقدم الإسرائيليين على محور خلدة، واتهمت إسرائيل بخرق وقف إطلاق النار.  

          وفي هذه الأثناء، انتشرت الآليات الإسرائيلية في بعبدا، ثم تقدمت إلى "الحدث"، عبْر مشـارف الأنطونية. ثم دخلت أحياء "الحدث" بعد أن دمرت موقعاً للجيش اللبناني، ووصلت، فجراً، إلى مشارف الشويفات.  وبذلك أصبح الإسرائيليون يحيطون بالقصر الجمهوري، ويبعدون عن العاصمة نحو ستة كيلومترات .

تطورات الموقف والدعوة إلى انسحاب القوى الأجنبية من لبنان

الموقف الأمريكي

          للمرة الأولى منذ بدء الغزو الإسرائيلي للبنان، دعا وزير الخارجية الأمريكية، ألكسندر هيج، صراحة، إلى خروج كل القوات الأجنبية من لبنان. ورفض في حديث تليفزيوني، أجرته معه شبكة (ABC News)، الدعوة إلى انسحاب إسرائيلي، لا يكون مرتبطاً بانسحاب سوري وفلسطيني من لبنان.

الموقف الألماني

          وبالتصور نفسه، تحدث هانز ديتريش جينشر Hans-Dietrich Genscher ، وزير الخارجية الألماني الغربي. فأكّد أن الانسحاب الإسرائيلي لن يُنهي الأزمة اللبنانية، إنما سيعيد الأمور إلى ما كانت عليه. واقترح البحث عن حل يعيد للبنان سيادته، بضمان دولي.

الموقف العربي

          شهد الوطن العربي حدثاً مهماً، إذ انتقل إلى رحمة الله عاهل المملكة العربية السعودية، الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود، مما أثار مخاوف الشعَبْين، اللبناني والفلسطيني، نظراً إلى الدور الذي كانت تمارسه المملكة على الصعيد العالمي، لوقف الاجتياح الإسرائيلي. ولكن مبايعة الأمير فهـد بن عبدالعزيز، ملكاً، أعادت الطمأنينة إلى النفوس، خاصة أن الملك الجديد كان على صِلة بالأزمة اللبنانية، ويتولى الضغط لوقف الغزو الإسرائيلي، منذ بداية الاجتياح.

الموقف اللبناني

          وعلى الساحة الداخلية اللبنانية، انصبت الجهود الرسمية على البحث في أفضل الوسائل، الواجب إيجادها لمواجهة مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، والدعوة إلى تشكيل حكومة طوارئ. كما دعت الحركة الوطنية في بيان لها، إلى تعزيز وحدة الصف الوطني، وأعلنت استمرارها في النضال حتى تحرير لبنان .

الموقف الإسرائيلي

خلال الأسبوع الثاني من الحرب، بدأت تصريحات القادة الإسرائيليين، تكشف الأهداف الكامنة للعملية العسكرية. فوزير الدفاع، شارون، يقول: "إنه يجب على سكان يهودا والسامرة وقطاع غزة، أن يدركـوا، الآن، أنـه لا توجـد جهة سواهم، مؤهلة لحل مشكلاتهم. وأن تلك المسألة ما زالت مرتبطة بالتطورات النهائية في بيروت، وبالحدّ الذي سيتضاءل إليه حجم منظمة التحرير الفلسطينية. إني أعتقد أن عرب يهودا والسامرة وقطاع غزة، سينهضون لإجراء مفاوضات. وفي الأيام القادمة، عندما تهدأ جبهة الحرب، سنشن هجوم السلام على عرب المناطق، من أجل إيجاد اتصال مركز معهم، للحِوار، بهدف إقامة الحكم الذاتي".



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة