الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الموقع الجغرافي للسودان
تضاريس السودان
التقسيم الإداري للسودان
التوزيع القبلي للسودان
قناة جونجلي
أماكن معسكرات الفصائل

2. الموقف الدولي

أ. الأمم المتحدة

          أفادت نشرة صادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان في التاسع من أكتوبر 1997، أنه تقرر توسيع خطة تحسين الأمن الغذائي لمواطني المناطق المتضررة من الحرب الأهلية في السودان، ليشمل العمل سبع مناطق بإضافة محافظات البحر الأحمر وملكال وكردفان الغربية إلى المناطق الثلاث التي كان عمل البرنامج يغطيها أصلا، وهي جوبا وواو، وكاوقلي وذلك في الفترة من 1997 إلى 2001.

          وقالت النشرة إن خطة إصلاح تلك المناطق سترتكز على برنامج ناجح للقضاء على الفقر وتوفير الأمن الغذائي تعرف باسم "خطة تنمية المناطق" وتهدف هذه الخطة والخطة السابقة التي تحمل اسم "خطة إصلاح المناطق" إلى مساعدة الجماعات المحلية على تلبية حاجاتها الأساسية وتمهيد السبل للتعمير والتنمية على المدى البعيد. وأضافت النشرة أن المرحلة الجديدة من المشروع تشمل تدابير التوطين المشردين وجمع شمل الأسر.

ب. الولايات المتحدة

          في الوقت الذي كان فيه وزير الخارجية السوداني يتفاوض، في نيروبي، مع رئيس أركان الجيش الشعبي لتحرير السودان للتوصل إلى وقف إطلاق النار في الجنوب. اتخذت الولايات المتحدة يوم 4/11/1997 قراراً بفرض عقوبات اقتصادية على السودان.

          وفي أول رد فعل رسمي من الخرطوم على قرار واشنطن أعلنت الحكومة السوداني يوم 5 نوفمبر 1997 أنها ستتخذ تدابير عقابية، وفقا لمعايير المعاملة بالمثل, وقال بيان أصدرته وزارة الخارجية السودانية: إن سلوك الولايات المتحدة يعدّ عدوانا يستهدف الضغط على السودان للتراجع عن النهج الحضاري الذي ارتضاه والسياسات المستقلة التي ترفض الإملاء.

          واتهم البيان أمريكا بأنها وقتت إصدار القرار في وقت تتواصل فيه المحادثات بين الحكومة وحركة التمرد في نيروبي، بهدف الضغط على حكومة السودان لإضعاف موقفها وتقديم الدعم المعنوي لحركة التمرد ودول الجوار المعادية التي ظلت تتلقى الدعم الأمريكي أيضا بغرض إفشال محادثات السلام والركون إلى خيار الحرب.

          وقال البيان: ويتناقض صدور هذا القرار من الناحية العملية مع تأكيدات الحكومة الأمريكية أنها تشجع مسيرة السلام في السودان, والحكومة السودانية في رفضها للقرار الأمريكية إنما تنظر إلى انعكاساته السياسية السالبة على السالم والاستقرار في السودان والقرن الأفريقي. ودعا البيان الأحرار في العالم بشجب هذا القرار الجائر وإدانته، بوصفه عملاً عدوانياً يستهدف الاستقرار والسلم الدوليين.

          وفي القاهرة انتقدت جامعة الدول العربية القرار الأمريكي، ووصفته بأنه أمر يتناقص مع القواعد الدولية الجديدة التي تؤكد أن العقوبات تضر بالشعوب أكثر من أنظمة الحكمة. كما أثبتت الخبرة العملية عدم جدوى هذه العقوبات. وقال الأمين العام المساعد للجامعة للشؤون العربية السفير أحمد بن حلمي: إن الجامعة العربية ترفض مثل هذه العقوبات,. ولكن هذا لا يعني التنصل من مسؤولة محاربة الإرهاب ومحاصرة عناصر والمحرضين عليه.

          ورداً على العقوبات الاقتصادية الشاملة التي تبنتها الإدارة الأمريكية ضد الحكومة السودانية، قرر السودان قطع علاقاته المصرفية مع الولايات المتحدة. وأصدر البنك المركزي منشورا إلى البنوك التجارية كافة، أمرها فيه بعد استخدام نظام مقاصة الدولار الأمريكي وعدم تنفيذ أي عقود تصدير واستيراد مع أي شخص أمريكي، إلا بعد الحصول على رخصة سارية المفعول من مكتب الرقابة إلى الأصول الأجنبية.

          ووجه البنك، البنوك السودانية الاتصال بمراسليها، لإجراء عدد من التحويلات على أن تشتمل على السداد في تاريخ الاستحقاق بأية عملة قابلة للتحويل، عدا الدولار الأمريكي وأن يتم السداد بوساطة أي بنك، عدا البنوك الأمريكية.

          وبالنسبة للصادرات، اشترط البنك التعاقد وإصدار اعتمادات بأية عملة قابلة للتحويل عدا الدولار الأمريكي، بسعر الصرف للعملة المختارة مقابل الدولار، وأن ينفذ السداد عن طريق أي بنك عدا البنوك الأمريكية. واشترك البنك الإجراءات ذاتها بالنسبة لسداد اعتمادات الواردات.

          ووجه البنك المصارف المختلفة لإخطار عملائها ومراسليها بإجراء التحويلات الخاصة بالإيرادات غير المنظورة بأية عملة قابلة للتحويل عدا الدولار، وعدم التعامل مع الشيكات المصرفية أو الحوالات أو أوامر الدفع والشيكات المعتمدة وأية وسائل دفع أخرى.

          واستثنى البنك من الإيرادات غير المنظورة؛ تحويلات السودانيين المقيمين في أمريكا الشمالية، وتحويلات الأمم المتحدة وموظفيها والسفارات الأجنبية والمنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات الإغاثة غير الحكومية.

          ووجه البنك توجيهات عامة تقضي بأن تستمر البنوك في حفظ الحسابات، الحرة الخاصة بالدولار الأمريكي؛ وفقاً لضوابط التعامل بالنقد الأجنبي.

          وعلى الصعيد السياسي أعلن المجلس الوطني السوداني (البرلمان) إدانته القوية لقرار الولايات المتحدة وعمله على مقاومته بكل السبل.

          وقال المجلس: إنه عبر موافقته بالإجماع على مشروع قرار للرد على قرار الإدارة الأمريكية إنما يعبر عن رفضه للحيثيات غير الأخلاقية التي استتر وراءها القرار، ودعا المجلس إلى استنفار طاقات الشعب السوداني، والتصدي لكل احتمالات تداعيات السياسة العدوانية لأمريكا. وطالب باتخاذ الإجراءات والتدابير الاقتصادية والتجارية والمالية. واستقصاء كل التدابير العدوانية الواردة في القرار الأمريكي، بما يحفظ سيادة البلاد، ويرد العدوان صاعاً بصاع، وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل.

          ووجه المجلس الوطني بتنفيذ القوانين والاتفاقات وأعمال الأعراف التي تحكم العلاقات الدبلوماسية، ومنها تصحيح الوضع الشاذ للسفارة الأمريكية بالخرطوم (حيث يقيم السفير المعتمد وبقية الدبلوماسيين في نيروبي)، وتصحيح حركة الطائرات الأمريكية التي تعبر الفضاء السوداني، من دون أن تلتزم بقوانين الطيران الدولية. كما طالب المجلس الحكومة بتقييد حركة المسؤولين الأمريكيين عبر أراضي السودان وموانئه، وتقييد حركة الأفراد الأمريكيين العاملين في مؤسسات ذات منشأ أمريكي في أراضي السودان وموانئه، وحظر نشاط المنظمات الأمريكية العاملة في السودان والمستظلة بمنظمة الجمعيات التطوعية.

          وفي إطار جولة أفريقية شملت؛ أوغندا، ورواندا، والكنغو الديموقراطية، وأنجولا، وجنوب أفريقيا، وزيمبابوي، وإثيوبيا. عقدت وزيرة الخارجية الأمريكية، مادلين أولبرايت، اجتماعاً في العاصمة الأوغندية كمبالا يوم 10 ديسمبر 1997، مع قيادات من التجمع الوطني الديموقراطي السوداني المعارض. وقالت مصادر مطلعة: إن اللقاء رتب بطلب من الجانب الأمريكي وحضرته إلى جانب أولبرايت، سوزان رايت، مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية، وأعضاء الوفد المرافق لها، بينما حضره من جانب المعارضة السودانية مبارك المهدي الأمين العام للتجمع الوطني الديمقوراطي، والعقيد جون قرنق عضو هيئة قيادة التجمع ورئيس القيادة العسكرية المشتركة لقوات المعارضة والعميد عبدالعزيز خالد عضو هيئة القيادة ورئيس قوات التحالف السودانية، وفاروق أحمد آدم، نائب الأمين العام للتجمع ومسؤول العلاقات الخارجية بالحركة الشعبية لتحرير السودان دينق ألور، والدكتور منصور خالد، نائب الأمين العام للتجمع.

          وقال مسؤولون أمريكيون: إن أولبرايت أكدت، خلال اللقاء، تأييدها لقيام نظام جديد في الخرطوم يناقض الإرهاب. وأضاف المسؤولون؛ أن أولبرايت حثت قيادات التجمع المعارض على إحداث التغيير في السودان، سواء بالسبل السلمية أو العسكرية.

          وقال مسؤول أمريكي رفيع: إن رسالة أولبرايت تركز على توحيد صفوف المعارضة لضمان فترة انتقالية مستقرة ولسمية سواء تم تغيير النظام القائم في الخرطوم من خلال الانتخابات أو المفاوضات أو السبل العسكرية.

          وقال مسؤول أمريكي آخر: إن اجتماع أولبرايت مع المعارضة يستهدف إظهار تأييدنا لنظام في المستقبل لا يسمح بأن تصبح الخرطوم جحراً للأفعى، يعني بذلك للأنشطة الإرهابية. وذكر المسؤول الأمريكي أن سياسة واشنطن هي محاولة عزل السودان، واحتواء الخطر الذي يتهدد الدول المجاورة.

          ووصف مسؤولون أمريكيون السودان بأنه "الدولة الوحيدة في المنطقة الواقعة جنوب الصحراء التي تشكل خطراً مباشراً على المصالح الأمريكية.

          وقد أصدرت قيادات المعارضة التي شاركت في الاجتماع بياناً أكدت فيه على:

 

1-

الإشادة بالدور الأمريكي ضد نظام الجبهة وجرائمه بتوسيع نطاق الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان وإشاعة الإرهاب وزعزعة استقرار الدول المجاورة.

 

2-

إن نظام الجبهة نظام ميؤوس من إصلاحه ولا سبيل للاستقرار والسلام إلا بإزالته.

 

3-

إن التجمع الوطني الديموقراطي قد أقام بديلاً فاعلاً لنظام الجبهة على ضوء مقررات أسمرا، ولكنه ما زال أمام التجمع الكثير الذي يجب تحقيقه.

          وأشار البيان إلى أن أولبرايت أكدت، في مطلع حديثها: "موقف حكوماتها الثابت ضد نظام الجبهة بسبب سياسته المناهضة للسلام وحقوق الإنسان والديموقراطية، وأنها ستستمر في سياسة الضغط على ذلك النظام، كما أنها من جانب آخر، تؤكد العزم على دعم التجمع سياسياً ودبلوماسياً، وفي مجال المعونات الإنسانية والتنموية، في المناطق المحررة، كما ناشدت التجمع لتوحيد صفوفه وخطابه حتى يكسب ثقة المجتمع السوداني والمجتمع الدولي.

          ومن جانب آخر تساءلت أولبرايت عن إمكانية تحقيق نجاح في محادثات الإيقاد المرتقبة. وقدر رد عليها الدكتور جون قرنق: بأنه لا يعول كثيراً على تلك المفاوضات، إزاء موقف الجبهة المتعنت حول قضيتي الفصل بين الدين والدولة والديموقراطية التعددية.

          وفي الخرطوم وصف السودان اجتماع أولبرايت مع قادة المعارضة في أوغندا بأنه: عمل عدواني سافر وتدخل في شؤون السودان وتهديد مباشر لأمن المنطقة.

          وقال وزير الإعلام السوداني، الطيب محمد خير: إن اجتماع أولبرايت مع بعض قادة العمالة يؤكد أن أمريكا تخلت عن حذرها ومراوغتها وظهرت على حقيقتها وكشفت عن قناعها الزائف. وأن تصريحات الوزيرة الأمريكية لا تستهدف السودان وحده، إنما تستهدف التوجه الوطني في البلاد العربية، وتكشف بوضوح عن النزعة العدوانية الأمريكية.

          ووصف محمد الأمين خليفة الأمين العام للمجلس الأعلى للسلام لقاء أولبرايت بقادة المعارضة بأنه عمل عدواني، وأضاف: أن الإدارة الأمريكية لا تستطيع أن تغير إرادة السلام في السودان، والسودان قادر على حماية أرضه وممتلكاته.

          وقال الدكتور غازي صلاح الدين، الأمين العام للمؤتمر الوطني، في تعليقه على اللقاء: إن واشنطن تثبت لنا كل صباح جديد أنها مغرورة، وجاهلة، وفاشلة في آن واحد، ولو أن وزيرة الخارجية الأمريكية أمّلت في أن يحدث التغيير على أيدي الذين اجتمعت بهم في أوغندا، فإن انتظارها سيطول. وأضاف غازي: إن التصريحات الأخيرة لا ترعبنا، إلا أنه ينبغي على الحكومة السودانية أن تتعامل معها بحزم، وأن تحمل الحكومة الأمريكية مسؤولية أي تصعيد جديد في عمليات الإرهاب والتمرد التي يقودها التجمع لأنها تأتي بدعم مباشر، مادي وسياسي منها، وأن التصريحات تثير أسئلة مشروعة ومهمة حجول جدوى العلاقة مع أمريكا وقيمتها، وأن الإجراء المنطقي هو أن تستدعي الحكومة السودانية ممثل الحكومة الأمريكية في السودان وتطلب منه أن ينفي هذه التصريحات أو التنصل منها بوصفها إعلان حرب صريح، وإلا سيؤخذ في الحسبان اتخاذ الخطوات المناسبة لوضع العلاقة في موضعها الصحيح.

          وفي واشنطن رد مسؤول في الإدارة الأمريكية على التصريحات الرسمية السودانية التي اتهمت فيها الولايات المتحدة بالعداء للسودان، وأنها تستهدف وحدته، وأنها معادية لأي توجه وطني في الدول العربية الإسلامية والأفريقية. وقال: هذه التصريحات تهدف إلى صرف الرأي العام عن الاهتمام بالقضايا والمشكلات الأساسية وهي سياسات الحكومة السودانية. وأضاف: إن الولايات المتحدة حريصة على وحدة السودان وليست عدواً للسودان والشعب السوداني، وإنما هي مهتمة بالسودان وتسعى لرفع معاناة الشعب السوداني وإنهائها. وقال: إن اجتماع أولبرايت مع قادة المعارضة من الشمال وقادة كانوا في الحكم يوما ما، وليس مع قرنق وحده، يعكس حرصنا على وحدة السودان.

          وعن الاجتماع بين أولبرايت والمعارضة والانتقادات، التي وجهت لذلك الاجتماع، قال: "إنه من الخطأ تجاهل المعارضة، ومن الأفضل لها أن تكون متحدة ولها أجندتها الواضحة المعبرة عن نظام لا يدعم الإرهاب، ولا ينتهك حقوق شعبه، ولا يهدد استقرار جيرانه، نظام يعمل بجدية لإنهاء الحرب الأهلية ونظام يعيد التعددية السياسية والديموقراطية. وقال: "ومع ذلك، فإننا لا نوفر للمعارضة دعما عسكريا أو أسلحة فتاكة".

          وتابع المسؤول: "إن القول إن الولايات المتحدة تعادي أي توجه وطني في كل الدول العربية الإسلامية والأفريقية، قول سخيف، ويعكس مشكلة في الحكومة السودانية ذاتها، وفي سياساتها نفسها.

ج. بريطانيا

          في الثامن من سبتمبر 1997، استقبل ويزر الدولة بوزارة الخارجية البريطانية، ديرين فاتشت، المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، السيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني ورئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي بحضور بيتر فورد رئيس القسم الأفريقي بوزارة الخارجية البريطانية.

          وفي اللقاء قدَّم الميرغني شرحاً وافياً لتطورات القضية السودانية والتحرك السياسي والدبلوماسي للتجمع الوطني الديموقراطي، ولقاءاته مع رؤساء دول الجوار. وأوضح الميرغني رؤية التجمع الوطني الديموقراطي حول قضية السلام في السودان مبينا أن القضية هي قضية السودان وليست قضية الجنوب، لأن مسألة جنوب السودان قد حلت من خلال مؤتمر القضايا المصيرية الذي عقد بأسمرا. كما أكد الميرغني على موقف التجمع وقراره بعدم إجراء أي حوار ثنائي مع نظام الخرطوم، حيث يسعى النظام بشتى السبل على إحداث شروخ في صفوف المعارضة عبر الحوار الثائي.

          وأكد وزير الدولة البريطاني موقف بلاده الثابت تجاه قضية السلام في السودان، والتأمين على وحدته، والدفاع عن حقوق الإنسان، مؤكد بأن موقف بريطانيا سيظل داعماً للمعارضة السودانية إيمانا منها بقضية الوحدة والسلام والديموقراطية والتعددية، وحقوق الإنسان.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة