الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الموقع الجغرافي للسودان
تضاريس السودان
التقسيم الإداري للسودان
التوزيع القبلي للسودان
قناة جونجلي
أماكن معسكرات الفصائل

المبحث الثالث عشر
الصراع خلال عام 1998م

أولاً: الصراع المسلح

1. في جنوب السودان

          أعلن رياك مشار رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية في السودان أن 38 شخصاً قتلوا خلال اشتباكات استمرت أكثر من أسبوع بين أفراد قوة عسكرية مؤيدين لمرشحين قبليين متنافسين في انتخابات محلية.

          وقال مشار إن القتال بدأ في 9 يناير 1998 بين جنود تابعين لقوة دفاع جنوب السودان كانوا يحرسون منطقة امتياز نفطي لشركة صينية خارج بلدة بانتيو في محافظة الوحدة على بعد 750 كيلو متر جنوب الخرطوم.

          وكشفت صحيفة الأنباء الحكومية أن النائب الأول لرئيس الجمهورية السوداني زار منطقة بانتيو يوم 18 يناير 1998 بهدف تسوية هذا الخلاف العسكري. وقالت الصحيفة: إن النائب الأول تمكن من إجراء مصالحة بين الطرفين.

          وبينما رحبت الحكومة السودانية بعودة سبعة آلاف من صفوف التمرد من بينهم ثلاثة آلاف مسلح واعتبرت ظاهرتهم دليلاً على ضعف حركة قرنق، واتساع الانشقاقات فيها، تعرضت مدينة واو ثانية أكبر مدن جنوب السودان إلى هجوم واسع من حركة قرنق يوم 29/1/1998، وقد أعلنت الحركة أنها استولت على ستة مواقع استراتيجية داخل المدينة. وبدا أن الهجوم تم بالتعاون بين قوات قرنق وقوات قائد سابق كان قد انشق عنه هو كاربينو كوانين بول الذي سّرب مجموعة من مقاتليه إلى داخل المدينة تحت غطاء أنهم من العائدين إلى صفوف الحكومة والمنشقين على الحركة. وكان كوانين بول قد اشترك في توقيع معاهدة سلام مع الحكومة ولكنه اعتكف بعد ذلك في منطقته رافضاً العودة للخرطوم أو تسلم منصب نائب رئيس مجلس التنسيق للجنوب الذين أسند إليه.

          ووصفت الحكومة السودانية الهجوم بأنه عملية غدر، بينما رحّبت حركة قرنق بعودة القائد كوانين إلى صفوفها. وأصدر وزير الإعلام السوداني والناطق باسم الحكومة السودانية بياناً قال فيه: إن هذا الحادث الطارئ الذي تعرضت له مدينة (واو) لن يؤثر على مسيرة السّلام، ولم يؤثر على حركة تدفق المواطنين المنشقين عن الحركة والراغبين في السلام. وأكد أن القوات المسلحة صدّت الهجوم وأن المعارك تدور لتنظيف المدينة.

          وبينما أعلنت الحكومة السودانية الأحوال في (واو) مستتبة، وأشارت إلى أن حركة الطيران مستمرة بين الخرطوم وواو، أعلنت حركة قرنق أنها احتلت مدينة (أويل) في شمال بحر الغزال، وأن قواتها ما تزال تسيطر على مواقعها داخل مدينة واو، لكنها اعترفت أن القوات الحكومية استعادت السيطرة على المطار.

          وفي الخرطوم عقد رياك مشار رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية مؤتمراً صحفياً يوم 1/2/1998 استبعد فيه اشتراك كاربينو كوانين في أحداث واو واتهم قرنق بالتآمر لإفشال عملية السلام ولم يستبعد مشار مشاركة أوغندا خلال الفترة القادمة في عمليات عسكرية في جنوب السودان.

          وأكد مشار استنكار مجموعته لهذه المؤامرة وأعلن من جديد استعدادهم للدفاع عن الاتفاقية وتحقيق الأمن والاستقرار بقوة السلاح أو بالحوار.

          وفي العاصمة الكينية نيروبي، قالت جمعية خيرية نرويجية: إن طائرة للحكومة السودانية قصفت يوم 5/3/1998 مستشفى في بلدة (ياي) الواقعة في منطقة تسيطر عليها قوات قرنق في جنوب السودان؛ مما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص، وإصابة 46 آخرين. وقال مسؤول الاتصال بالجمعية: إن الطائرة السودانية ألقت حوالي 13 قنبلة حوالي الساعة الحادية عشرة صباحاً، أصابت خمس منها المستشفى مباشرة؛ مما أدى إلى تدمير غرفة العمليات، وملجأ حصين للطوارئ في فناء المستشفى.

          وتواصلت العمليات العسكرية في جنوب كردفان، حيث أعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية يوم 16/5/1998 أن الجيش السوداني وقوات الدفاع الشعبي تمكنت من تحقيق انتصارات ساحقة على الجيش الشعبيّ لتحرير السودان في مناطق الجبال الشرقية والغربية، وجبال النوبة واستعادت مناطق (جلد) و (تيمين) وما حولهما، التي كانت تمثل مواقع مهمة للمتمردين، حيث يتوافر فيها المرعى والمياه، وكافة احتياجات الحياة.

          وأضاف الناطق باسم القوات المسلحة أنهم كبّدوا الخوارج ثلاثين قتيلاً، واحتسبوا سبعة شهداء. وأضاف: إن القوات المسلحة اجتاحت معسكرات المتمردين في منطقة بحر العرب (جنوب دارفور) وأنهت وجودهم، بعد أن كبدت الخوارج خسائر عدة في الأرواح.

          وكانت منطقة التماس بين ولايتي دارفور وكردفان (غربي السودان) من جهة، حيث تسكن قبائل عربية، وبحر الغزال (جنوبي السودان) حيث تسكن قبيلة الدينكا من جهة أخرى، قد شهدت مصادمات أدّت إلى نهبّ أبقار العرب، وقتل العشرات من الطرفين. واتهمت الحكومة قوات كاربينو (الذي انسلخ عن اثقافية الخرطوم للسلام) بالقيام بعمليات غدر ونهب للسكان الآمنين، واستنفر العرب فرسانهم لاسترداد أبقارهم ومطاردة المهاجمين.

          وقد انضم الفرسان إلى صفوف القوات المسلحة حيث أعلنت صحيفة الأنباء السودانية يوم 21/5/1998 أن القوات المسلحة وفرسان المجاهدين (عرب المسيرية في كردفان) تمكنت من تدمير معسكرات الخوارج في مناطق (مريال باي) و (نيام ليل) ببحر الغزال، وكبدت قوات المتمردين خسائر فادحة واستولت على مدافع وذخائر وأجهزة اتصال.

          وذكرت صحيفة (الأسبوع) السودانية أن جماعة مسلحة قتلت نهار يوم 16/6/1998 (13) شخصاً خلال هجوم بالأسلحة النارية على منزل والي ولاية شمال بحر الغزال في مدينة (أويل)، بينما كان الوالي في مهمة رسمية في العاصمة الخرطوم.

          وقال الوالي: إنه أبلغ رئيس الجمهورية ورئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية بالحادث، وأن رئيس الجمهورية أمر بتشكيل لجنة من جهات الاختصاص للتحقيق في الحادث.

          وأكّد الوالي أن جميع القتلى من حرسه الشخصي، عدا مدنياً واحداً كان موجوداً ساعة الهجوم في المنزل.

          وكان الوالي ـ وهو عضو في الجبهة المتحدة الديمقراطية للإنقاذ، التي تضم فصائل جنوبية التحقت بصفوف الحكومة عام 1997 ـ قد تعرّض لانتقادات من زعماء القبائل ومن مسؤولين سياسيين في ولايته، وطالبوا بتنحيته؛ لاتهامه بعد الأهلية. وتقول مصادر جنوبية: إنّ جماعات من العرب الرحل، ويسمون في المنطقة بالمراحيل ـ يقيمون معسكراً على بعد كيلو متر واحد من منزل الوالي.

          وأعلن رياك مشار قائد قوات دفاع جنوب السودان: إن المعارك تجددت بقوة يوم 17/7/1998 بين فصيلين جنوبيين مواليين لحكومة الخرطوم في ولاية الوحدة (جنوبي البلاد).

          وفي تصريح للصحافيين، إثر لقائه الرئيس السوداني عمر البشير في الخرطوم، اتهم خصمه بولينو ماتيب قائد جيش الحركة الموّحدة لجنوب السودان بإحراق عدد كبير من القرى؛ ممّا أدى إلى خسائر مادية جسيمة في منطقة (لير).

          وأوضح أن المعارك استمرت إلى يوم 18/7/1998. ومن ناحيته، اتهم ماتيب ـ في حديث نشرته صحيفة الجمهورية ـ قوات مشار بخرق وقف إطلاق النار عندما هاجمت مقاتليه في مخيم قريب من بانتيو عاصمة ولاية الوحدة الاتحادية نافياً أن تكون قواته أحرقت قرى.

          ومن جهة أخرى اصدر الفصيل المتحدة الذي يقوده لام أكول وزير النقل السوداني بياناً يوم 30/8/1998 قال فيه: إنّ قواته تعرضت الأسبوع الماضي لهجوم من قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يقوده العقيد جون قرنق. وأضاف أن الهجوم أسفر عن مقتل ثلاث أشخاص ونهب (64) رأساً من البقر، ووقع الهجوم في منطقة ينبورة في ولاية أعالي النيل.

          والفصيل المتحد، منشق من الانشقاق الذي قاده عام 1991 لام أكول ورياك مشار على الجيش الشعبي، ووقع لام أكول على اتفاق منفصل مع الحكومة المركزية في نهاية عام 1997 انضم على إثره لمسيرة الإنقاذ، بينما كان مشار وعدد آخر من المنشقين قد وقعَوا على ميثاق مع الحكومة عام 1996 ثم على اتفاقية الخرطوم للسلام عام 1997.        

          وفي الولاية الاستوائية جنوبي السودان دارت معارك داخل مدينة توريت وحولها وأعلن الجيش الشعبي لتحرير السودان في بيان صدر في القاهرة يوم 19/9/1998 عن مقتل (131) جندياً سودانياً حكومياً وإصابة مئات آخرين بجروح في هجوم شنه المتمردون في كل من حاميتي الجبلين وليريا على مسافة 50 كيلومتر إلى الجنوب من مدينة جوبا الاستراتيجية. وأشار البيان إلى وقوع (30) أسيراً من الجيش الحكومي في أيدي المتمردين فضلاً عن الاستيلاء على معدات عسكرية. واعترف الجيش الشعبي بخسارة (11) من مقاتليه وإصابة (38) آخرين بجروح.

          وفي بيان ألقاه وزير الدفاع السوداني أمام المجلس الوطني (البرلمان) يوم 8/10/1998 كشف تفاصيل معارك ضارية وهجمات على مواقع القوات المسلحة السودانية في شرق الاستوائية. وتعدّ هذه التفاصيل الأولى من نوعها حول هذه المعارك.

          وقال الوزير في بيانه: بالرغم ما توفر لهذه القوات المعتدية من دعم محلي وإقليمي ودولي كبير، وصل إلى حد مشاركة بعض المنظمات الدولية بطائراتها لتوفير حرية المناورة، لم تتمكن القوات المهاجمة من تحقيق نجاحات تذكر سوى قطع طريق جوبا ـ توريت في بعض مواقع الربط ومنطقة ليريا. وتم ظهر يوم 6/10/1998 تحرير كل مواقع الربط على هذا الطريق عدا موقع واحد.

          ووعد الوزير ـ في بيانه ـ أعضاء المجلس بأن القوات المسلحة ستعمل في تنفيذ خططها لإنهاء التمرد في الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي ومن ثَمّ في بقية الاتجاهات، ولتحقيق ذلك طالب الوزير بتعبئة كافة أفراد الشعب حتى يبلغ الرقم خمسين ألف مقاتل، وتحويل الميزانية العامة إلى ميزانية حرب حتى النصف الأوّل من العام القادم على الأقل؛ لنتمكن من تحديث قواتنا في ربوع البلاد وتحطيم أركان التمرد، بمحاصرته وخنقه دبلوماسياً في كل المحافل الإقليمية والعالمية لتعرية مواقفه ومواقف داعميه.

          ومن ناحية أخرى ذكرت صحيفة الأنباء السودانية الصادرة يوم 8/10/1998 أن عدد قتلى وجرحى حركة التمرد حول مدينة ليريا وحدها بلغ أكثر من (3500) فرد. كما أن أكثر من (400) جريح أوغندي يعالجون في مستشفى لوبرن بشمالي أوغندا، إلى جانب (80) من الجيش الشعبي لتحرير السودان.

          وفي بيان نشر في يوم 8/10/1998 في نيروبي أعلن الجيش الشعبي لتحرير السودان تمديد فترة وقف إطلاق النار في ولاية بحر الغزال لمدة ثلاثة أشهر تبدأ يوم 14/10/1998 وتوسيع نطاقه ليشمل منطقة أعالي النيل الغربية.

          وأوضح الجيش الشعبي ـ في بيانه ـ أن هذا القرار جاء تجاوباً مع دعوات الرئيس الكيني وبسبب المجاعة المتنامية التي تضرب جنوب السودان.

          وفي مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية السوداني في الخرطوم يوم 14/10/1998 أعلن فيه موافقة الحكومة السودانية على تمديد وقف إطلاق النار في بحر الغزال ابتداء من اليوم.

          ورغم إعلان الجيش الشعبي تمديد فترة وقف إطلاق النار، وموافقة الحكومة السودانية على ذلك، تجّدد القتال في شرق الاستوائية يوم 18/10/1998 وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في نيروبي أن المنطقة شهدت زيادة حادة في عدد الجرحى الذين تستقبلهم بعثتها الطبية وأضافت اللجنة، أنها بعثت أخيراً 33 من ضحايا الحرب من جنوب السودان إلى لوكيتشوكيو في شمال غربي كينيا، لإجراء جراحات لهم.

          وأعلن الجيش السوداني أن نحو سبعة آلاف موظف يعملون في القطاع الخاص في الخرطوم غادروا مكاتبهم يوم 18/10/1998 وبدأوا تدريباً عسكرياً لمدة شهرين تمهيداً لإرسالهم إلى جبهات القتال في الجنوب، لتعزيز القوات المسلحة النظامية التي تقاتل المعارضة الجنوبية.

          ومن جهة أخرى فشلت وساطات حكومية في أوائل نوفمبر 1998 في إجراء مصالحة بين فاولينو ماتيب قائد الجيش الشعبي المتحد، وأحد المنشقين عليه في أحدث حركة انشقاقات تقع في صفوف الفصائل المؤيدة للحكومة. واتهم مقربون من فاولينو منافسه على زعامة النوير (رياك مشار) رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية، بالتخطيط وتنفيذ انشقاق وتمرد القائد الميداني فيليب بافيان على قائده فاولينو. وأضافوا أن مشار أجرى اتصالات مباشرة مع فابيان وأقنعه بضرورة الانشقاق على قائده؛ مقابل تولي مسؤولية قوات دفاع الجنوب إلى جانب القوات التي ينسلخ بها. وتذكر المصادر نفسها، أن الهدف الأساس من هذا التحريض كان محاصرة القوات الأساسية التابعة لفاولينو في منطقة غرب النوير، وقطع الإمداد عنها، واستقطاب كبار الضباط والجنود، وإقناعهم بالانضمام كقوات دفاع الجنوب.

          وأكدت مصادر فاولينو أن المؤامرة فشلت لأن الضباط والجنود رفضوا إطاعة أوامر بافيان وأن الأخير نفسه طلب العفو، إلاّ أن كبار القادة رفضوا ذلك، وتنفي مصادر جنوبية أخرى أن يكون فابيان قد طلب العودة، وأكدت أن الوضع ما زال غامضاً في ظل تدهور الوضع الأمني وصراع المصالح بين رياك وفاولنيو في ولاية الوحدة (جنوب السودان) وأن الانشقاقات والانشقاقات المضادة ستؤدي إلى سقوط اتفاقية الخرطوم للسلام؛ لأن الصراع يدور أساساً بين من وقعوا عليها مع الحكومة.

          ولإنهاء الصراع بين الفصيلين دعا بعض المسؤولين في السودان إلى فرض حالة الطوارئ على ولاية الوحدة بعد إخفاق كل الجهود لوقف الصراع.

          ويعلل الذين دعوا لهذه الخطوة بأن إعلان حالة الطوارئ يوفر للقوات النظامية حرية الحركة لمتابعة عمليات النهب المسلح ويسمح للقوات المسلحة بالمشاركة في العمليات بجانب قوات الشرطة. كما أنه سيؤثر على سير الحياة في تلك الولاية وستسود الطمأنينة العامة.

          وكان الصراع بين مشار وماتيب، المحتدم منذ مطلع هذا العام، قد انتقل أخيراً إلى الخرطوم حيث جرت عمليات خطف وهجوم على منازل يمتلكها الطرفان. مما دعا الحكومة السودانية إلى مداهمة مقار الفصائل الجنوبية المتحالفة معها فجر يوم 19/11/1998، وجردتها من كل أسلحتها. وتباينت آراء المسؤولين السودانيين وقادة الفصائل الجنوبية بشأن هذا الإجراء. فقد أصدر مجلس تنسيق الولايات الجنوبية بياناً قال فيه: إن المجلس يقر بالمسؤولية الكاملة والمباشرة لسلطات ولاية الخرطوم في الحفاظ على الأمن والنظام، ويعلن المجلس من هذا المنطلق موافقته التامة وتأييده المطلق بجميع التدابير والإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات الأمنية لجمع السلاح من عناصر الفصائل الجنوبية الموجودة حالياً في الولاية.

          أما الدكتور لام أكول وزير النقل وزعيم الفصيل المتحد، فقد ندّد بما قامت به السلطات. وأوضح أن اتفاقات السلام تنص على أن تجلس كل الأطراف سوياً في حالة حدوث أمر يخص الاتفاقات وحظرت على أي طرف أن يتصرف منفرداً، والحكومة طرف في الاتفاقات، ولا يحق لها اتخاذ قرار منفرد يتعلق بأي بند من بنود الاتفاقات.

          وأعلن مدير شرطة ولاية الخرطوم أن جمع الأسلحة تم بنجاح وبمعاونة من الجهات المختصة، واتفق على أن تحتفظ بعض الشخصيات المهمة بأسلحتها بغرض الحراسة الشخصية. وأضاف أن لجنة الأمن أبدت استعدادها لحماية كل من يطلب الحماية من قادة تلك الفصائل.

          وفي مساء 23/11/1998 أصدر خمسة من قادة الفصائل الجنوبية الموقعة على اتفاقية السلام بياناً شديد اللهجة دانوافيه ـ دون تحفظ ـ إجراءات سلطات الأمن ووصفوها بأنها إساءة لعملية السلام وعمل على إفشالها. وأضاف القادة: إن الأسلحة التي لدى الفصائل لا تتعدى الخمسين وكلها مسجلة عند القيادة العامة للقوات المسلحة.

          وأضاف البيان: إننا حريصون على استتاب الأمن في ولاية الخرطوم وفي كل أنحاء السودان، لكن الذي حدث كان يمكن أن يؤدي إلى فتنة لولا يقظة قادة الفصائل.

          وقد وقع على البيان: د. لام أكول رئيس الفصيل المتحد ووزير النقل، وبيتر لي نائب رئيس جبهة الإنقاذ (رياك مشار) ووزير الدولة بديوان الحكم الاتحادي، وجوزيف ملوال عضو جبهة الإنقاذ ووزير الثروة الحيوانية، ولورانس لوال قائد فصيل بحر الغزال، ونائب الأمين العام للمؤتمر الوطني، والقائد مكواج دينق عضو جبهة الإنقاذ ووزير الدولة بمؤسسة التنمية الوطنية.

          ومما يذكر أن الإنقاذ هي المظلة السياسية التي تقف تحتها الفصائل التي وقعت على اتفاق الخرطوم للسلام عام 1997.

          وفي إطار الانشقاقات تعرض منزل العقيد جون قرنق في نيروبي إلى هجوم ليل السبت 14/11/1998 بهدف اغتياله، ألاّ أنه كان خارج المنزل، واستمر الهجوم قرابة نصف ساعة ودارت معركة بين المهاجمين وقوات الشرطة المكلفة بحراسة المنزل وحرس قرنق الخاص أسفرت عن مقتل مهاجمين، وأحد حراس قرنق، واعتقلت الشرطة الكينية ستة من المهاجمين الذين يتبعون لقوات كاربينو كوانين بول الذي كان قد انشق عن قرنق ثم عاد وتحالف معه قبل أشهر.

          وقالت مصادر الشرطة الكينية: إن كوانين بول ونائبه الدكتور أمون، واثنين من أنصاره لجأوا إلى سفارة زامبيا في نيروبي عقب الحادث. إلاّ أن السفير الزامبي والشرطة الكينية نجحوا في إقناعهم بمغادرة السفارة.

          وقالت المصادر: إن كاربينو طلب نقله وزوجاته الثلاث وأطفاله إلى مطار جومو كينياتا الدولي والسماح له بالسفر إلى دولة أكثر أمنّاً، إلاّ أن طلبه رفض وتم إقناعه بالبقاء في منزله.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة