الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الموقع الجغرافي للسودان
تضاريس السودان
التقسيم الإداري للسودان
التوزيع القبلي للسودان
قناة جونجلي
أماكن معسكرات الفصائل

مؤتمر المائدة المستديرة

         انعقد المؤتمر في جوبا، تحت إشراف لجنة من أساتذة جامعة الخرطوم المحايدين، وبحضور مراقبين من مصر والدول المجاورة، ومنظمة الوحدة الأفريقية. كما شكل السياسيون الجنوبيون  في الداخل جبهة الجنوب، كجناح لحزب سانو.

         وكان المؤتمر يهدف إلى مناقشة العلاقات الدستورية بين الجنوب والشمال. وقد أعدت سكرتارية المؤتمر بحثاً عن المشكلة، تضمن:

  1. جذور المشكلة.
  2. الاختلافات بين الشمال والجنوب فيما يتعلق بالآتي: التباين الثقافي، اختلاف الأجناس، اختلاف العادات والتقاليد.
  3. إنّ مشكلة الجنوب ليست ذات تأثير على جنوب السودان فحسب، بل على كل أفريقيا.
  4. أثر الممارسات الكنسية والتبشيرية، ودورها في تعميق المشكلة.
  5. دور الحكم العسكري، والتزامه بالحل العسكري.

         أدان الجنوبيون في المؤتمر سياسات الحكم العسكري السابق، وطالبوا بالحل السياسي للمشكلة. وظهر من خطابات السياسيين الجنوبيين أنهم يستبعدون الانفصال، بل يتطلعون إلى حل في إطار السودان الموحد، ولكن لا بدَّ من معالجة الفوارق بين الشمال والجنوب اقتصادياً، وثقافياً واجتماعياً.

         بدأت الاختلافات والانقسامات والشكوك وعدم الثقة، بين الجنوبيين داخل المؤتمر. وانقسموا إلى ثلاثة أقسام: مطالبون بالاتحاد الفيدرالي، ومطالبون بالاستقلال التام، ومطالبون بحق تقرير المصير والاستفتاء: إما الوحدة أو الانفصال، أو حكم ذاتي في إطار سودان موحد فيدرالي.

         وكلف المؤتمر لجنة ببحث المستقبل السياسي للسودان. ولكن حكومة السيد سر الختم الخليفة استقالت، قبل أن ترفع اللجنة توصياتها.

التطور العسكري للمشكلة في ظل حكومة سر الختم الخليفة

         استمر المتمردون في إقامة المعسكرات على الحدود، وانضم إليهم الهاربون من القوات النظامية. ولكن الحكومة نفّذت العفو العام، وأمرت القوات النظامية بعدم تعقب المتمردين، والاكتفاء بصد هجومهم. فكثّف المتمردون هجماتهم على الجيش، الذي تدهورت معنوياته، ومعها الحالة الأمنية. وتوقف دولاب العمل في الجنوب، وانهارت الإدارة والخدمات.

تطور المشكلة في عهد حكومة محمد أحمد محجوب "يونيه 1965"

         في يونيه 1965، خلفت حكومة "محمد أحمد محجوب" حكومة "سر الختم الخليفة". وركّزت الحكومة على إجراء الانتخابات في الشمال، دون الجنوب نتيجة لانهيار الأمن في الجنوب. ولجأت الحكومة للتشدد العسكري مع التمرد، وسعت لتحسين العلاقات مع دول الجوار، لمنع وصول الدعم إلى المتمردين. ونظراً لميول الحكومة وتمشيها مع سياسة الدول الغربية في المنطقة، فقد تركت هذه الدول للحكومة حرية العمل ضد التمرد في الجنوب.

تطور المشكلة في عهد حكومة الصادق المهدي "أغسطس 1966"

         تابعت الحكومة تحسين العلاقات مع دول الجوار، ونادت بالحل السلمي ومعارضة اللجوء إلى القوة العسكرية لحل المشكلة. ولاح أمل للتسوية عبر المفاوضات، وبدا أن الصادق المهدي أكثر تعاطفاً لحل المشكلة. ودعت الحكومة وفد مجلس الكنائس لتفقد الجنوب، ووضع توصيات بما يراه مناسباً لحل المشكلة.

تطور المشكلة في عهد حكومة محمد أحمد  محجوب الثانية والثالثة: "مايو 1967 ـ 1969"

         تابع محمد أحمد محجوب سياسته المتشددة، وأهمل توصيات مجلس الكنائس. واتخذت الحكومة من القوة أسلوباً لنشر العربية والإسلام وتحقيق الوحدة. وبقيام حرب 1967 العربية الإسرائيلية، قطع السودان علاقاته مع بريطانيا وفرنسا. فسعت الدول الغربية إلى إثارة الاضطرابات في الجنوب ضد الحكومة، وقدمت التسليح الحديث إلى المتمردين. وتوقفت أوغندا عن مطاردة المتمردين في أراضيها. وأمدت إثيوبيا المتمردين بالأسلحة، بتأثير بريطانيا والولايات المتحدة والكنيسة. وساعدت أفريقيا الوسطى المتمردين على مهاجمة القوات السودانية، في مديرية بحر الغزال. وشكل المتمردون حكومة مؤقتة لجنوب السودان، ثم حكومة النيل المؤقتة، التي سيطرت عليها قبيلة الدينكا. وفشلت الحكومتان في توحيد الكلمة، على الرغم من انضمام حركة "أنيانيا" إليهما. ويرجع ذلك إلى عمق الخلافات على الزعامة والنزاعات القبلية.  

         في عام 1969، نشأ فراغ سياسي دستوري سببه أن حزبيّ الائتلاف "الأمة والاتحاد الديموقراطي"، اختلفا اختلافاً ترجع جذوره لأسباب أهمها الأحداث التي صاحبت الانتخابات العامة في عام 1968، أثناء توحد الحزب الاتحادي الديموقراطي وانشطار حزب الأمة. ثم اتحد حزب الأمة فكان ذلك سببا في إعادة النظر في الائتلاف. لكن الحزب الاتحاد الديموقراطي لم يكن مستعدا  لإجراء مراجعة جذرية في الائتلاف القائم، خاصة وأن قيادة الحزب الاتحادي الديموقراطي تواجه ضغطاً نيابياً وتحدياً لنفوذها. وقدّم النواب مذكرة طالبوا فيها رئيس الحزب بإصلاحات جذرية. وعندما طال أمد الخلاف بين الحزبين، قدم رئيس الوزراء "محمد أحمد محجوب"، استقالته، وأصرّ على ألاّ يستأنف مسؤولياته إلاّ إذا أتفق الحزبان.

الحكم العسكري الثاني: "1969 ـ 1985"

         عقب الانقلاب العسكري في 25 مايو 1969، واستيلاء القوات المسلحة على السلطة بقيادة جعفر نميري، إعترفت الحكومة بجميع العوامل التي أدت إلى قيام مشكلة الجنوب وتفاقمها. وأصدرت الحكومة "بيان 9 يونيه" يوضح موقفها من المشكلة، واشتمل البيان على الآتي:

  1. الاعتراف بأن هناك مشكلة خلقها الاستعمار، وتطورت على مر السنين بواسطة السياسيين الشماليين والجنوبيين على السواء.
  2. الاعتراف بالتطور غير المتكافئ بين الشمال والجنوب.
  3. النظرة الحزبية الضيقة أضرت بحل مشكلة الجنوب.
  4. عدم تمرس السياسيين وإدراكهم أدى إلى تفاقم  المشكلة.
  5. الإقرار بالاختلافات والتباين في العادات والتقاليد والثقافة، بين الشمال والجنوب.
  6. يكمن حل مشكلة الجنوب في التوصل إلى حكم ذاتي إقليمي، في نطاق السودان الموحد.
  7. استمرار فترة قانون العفو العام ومّدها.
  8. وضع برنامج اجتماعي ثقافي للجنوب.
  9. تعيين وزير لشؤون الجنوب ("عُين في المنصب جوزيف قرنق"، وهو شيوعي).
  10. تدريب كادر جنوبي متمرس لتولي المسؤولية.
  11. إنشاء لجنة خاصة للتخطيط الاقتصادي في الجنوب.
  12. إعداد ميزانية خاصة للجنوب، تستهدف رفع مستواه ليسترد عافيته في وقت قريب.

         لقيت  حكومة الرئيس نميري التأييد من الجنوبيين، عدا قادة الأنيانيا والسياسيين في الخارج. فقد اعتبروا "بيان 9 يونيه" مفروضاً عليهم لأنه صدر من جانب واحد، وليس نتيجة مفاوضات ومباحثات بين الطرفين.

         زار وزير الجنوب أوغندا لإقناع الجنوبيين بالسياسة الجديدة. وزار الرئيس نميري مدن الجنوب لشرح سياسته، وحثّ اللاجئين والمتمردين على العودة. وجوبهت هذه الجهود بعقبات نتيجة لنقص التمويل والكوادر المدربة. واستأنف المتمردون عملياتهم مع خريف يوليه 1969، على الرغم من تعزيزات القوات المسلحة السودانية. واستغلت المشكلة كل من  الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة وإسرائيل، وغُذيّ التمرد في الداخل والخارج باستخدام أوغندا وإثيوبيا. وعلى الرغم من ذلك تناقص عدد اللاجئين الجنوبيين في الخارج.

حكومة الأنيانيا

         تكونت جبهة في الجنوب برئاسة "جوزيف لاجو"، أطلقت على نفسها "جبهة تحرير الأنيانيا". ثم أعقبها تشكيل حكومة لجنوب السودان في المنفى، برئاسة السيد "أقري جادين"، في أغسطس 1967. وضمت هذه الحكومة مختلف المجموعات والفعاليات السياسية، المرتبطة بمسألة الجنوب خارج السودان. ونسقت الحكومة بين المجموعات الجنوبية، كما لعبت لاحقاً دوراً مهماً في المصالحة الوطنية، وتمكنت من الحصول على تأييد الكنيسة. وفي مارس 1969 تغير اسم الحكومة المؤقتة في المنفى إلى "حكومة النيل"، وأسندت رئاستها إلى "قوردون مورتات مايين"، الذي كان قد شغل منصب رئيس جبهة الجنوب، وكان عضواً في مؤتمر المائدة المستديرة. وعندما سيطرت قبيلة الدينكا على حكومة النيل المؤقتة، برزت الخلافات بين الاستوائيين والدينكا من جانب، وبين التنظيمات، التي أُنشئت من جانب آخر. وفي يوليه 1969 أعلن الجنرال "تافنق" حكومة الأنيدي، واتخذت معسكري" موروتو، أونجكيبول" مقرا لها،  وشغل العميد "جوزيف لاقو" منصب وزير المواصلات والتخطيط.

         قام "جوزيف لاجو" في يوليه 1970  بانقلاب عسكري ضد حكومة الأنيدي، وأعلن تنظيمه الجديد "حركة تحرير جنوب السودان"، من داخل معسكر "اونجكيبول". وبذا انحلت تلقائياً حكومة الأنيدي وحكومة النيل المؤقتة، وصارت السلطات بيد قوات الأنيانيا. وشكّل الجنوبيون حركة تحرير جنوب السودان، "S.S.L.M" في يناير 1971، كقيادة موحدة في المفاوضات.

وتتمثل أهم الخطوات، التي اتخذتها  حكومة الرئيس نميري لتحسين علاقاتها مع الجنوب، في الآتي:

  1. تعيين حوالي 644 من الجنوبيين للعمل في قوات الشرطة في المديريات الجنوبية. وكان  تعيينهم من قبل يتم من أبناء الشمال، ثم يدفع بهم إلى الجنوب.
  2. التحاق حوالي سبعة عشر طالباً جنوبياً بالكلية الحربية، عام 1970.
  3. قبول دفعة خاصة في كلية الشرطة، عددها ستة طلاب جنوبيين.
  4. تعين عدد من العسكريين الجنوبيين قادة في صفوف القوات المسلحة والشرطة.
  5. تعين لجنة للتخطيط الاقتصادي، مقرها جوبا.
  6. تعيين الجنوبيين في مجالس المديريات الجنوبية.
  7. فتحت مدرسة ثانوية علياً في ملكال، وعُين مديراً لها من أبناء الجنوب. وأعيد فتح مدرسة المساعدين الطبيين في جوبا، وأسندت عمادتها إلى أحد أبناء الجنوب.

         وكان القتال في الجنوب قد أدى إلى تشرد المواطنين في الغابات والدول المجاورة، وأورثتهم الحرب الفقر والمجاعة والأمراض. ومع فشل أنيانيا في تحقيق تقدم ملموس، زاد عدد المنادين بحل المشكلة. وبصدور "بيان 9 يونيه"، والاعتراف بمبدأ الحكم الذاتي، واختيار "أبيل الير" وزيراً للجنوب، وتكثيف اتصالاته مع الجنوبيين والكنائس، وافقت قيادة الجنوبيين في أغسطس 1971 على التفاوض لإيجاد حل سلمي.

         قدم "أبيل ألير" مذكرة إلى  الحكومة في أكتوبر 1970، تدعوها إلى إجراء مفاوضات مع الجنوب، اشتملت على الآتي: "إن على الحكومة أن تراجع موقفها من مسألة الحوار مع المتمردين، خاصة وأن الحل الذي اقترحناه والمتعلق بالحكم الذاتي معلوم للجميع. كما أن قادة المتمردين يواصلون ثورتهم وهم معروفون لنا. ونحن لا نفقد شيئاً بتحسس موقف الثوار من الحلول التي اقترحناها، وقد يكون القادة المسؤولون عن التمرد راغبين في تحديد الحكم الذاتي الإقليمي من حيث السلطة، والمؤسسات والقيم، ويأتي ذلك بتشجيع المتمردين على تقديم مقترحاتهم داخل الإطار الذي رسمناه".

         وأرسل "مادنق دي قرنق"، ممثل حركة تحرير جنوب السودان، خطاباً عن طريق السفير "عابدين إسماعيل"، سفير السودان في لندن، أوضح فيه أن الوحدة لم تكن موضع نزاع في يوم من الأيام. وضمّن خطابه الشروط التالية:

  1. وقف الأعمال العدائية، بما في ذلك إنشاء الجسور، والنقاط العسكرية الجديدة في منطقة الحرب.
  2. تعيين فريق مراقبين من منظمة الوحدة الأفريقية في جوبا، لهم حرية التنقل في جنوب السودان، لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار.
  3. أن تعترف حكومة السودان بالأنيانيا، كممثل وحيد للجنوب في المحادثات.
  4. أن تبدأ المحادثات التمهيدية خارج السودان تحت رئاسة منظمة الوحدة الأفريقية، أو رئيس آخر لدولة أفريقية.
  5. إطلاق سراح كلمنت أمبورو، السياسي الجنوبي المخضرم الذي كان معتقلاً.

         ولكن لهجة الخرطوم خلال الفترة الممتدة من عام 1969 إلى الجزء الأول من عام 1971، كانت لهجة حرب، ولم يصدر عنها شيء سوى تشجيع بعض الأفراد من الأنيانيا على الإستسلام، وترحيبها بعودة مادنق إلى أرض الوطن، إذا ما أراد ذلك.

محاولة انقلاب 19 ـ 21 يوليه 1971

         قام الرائد "هاشم العطا"، الذي فُصل من مجلس قيادة الثورة في نوفمبر 1970، يعاونه المقدم "بابكر النور"، والرائد "فاروق عثمان حمدالله"، بمحاولة انقلاب في الساعة الثالثة ظهر يوم 19 يوليه 1971، واعتقلوا رئيس وأعضاء مجلس قيادة الثورة. وأعلن الرائد "هاشم العطا" أن الانقلاب يهدف إلى: تصحيح مسار الثورة، والعودة بها إلى خطها السليم وهو الاشتراكية، ومعاداة السامية، والاستقلال والديموقراطية، وإبعاد العناصر الموالية للوحدة العربية بقيادة مصر وليبيا، وقمع نشاط الانفصاليين. وكان هذا إشارة تهديد واضحة إلى السودانيين الجنوبيين في الغابة، ومثقفيهم في الخرطوم. وقد فشل هذا الانقلاب الذي لم يستمر أكثر من ثلاثين ساعة للأسباب الآتية.

  1. اعتقال عدد كبير من الضباط، وأبعاد آخرين بينهم ضباط الصف والجنود عن وحداتهم، بسبب الشك في ولائهم وتأييدهم للانقلاب، مما أوغر صدور الأغلبية من رجال الجيش في المدن الثلاث.
  2. ارتكاب الرائد "هاشم العطا" لخطأ قاتل بدعوته المدنيين للتجمع في مسيرة جماهيرية في الثاني والعشرين من يوليه، ورفعوا أعلامهم الحمراء. فأثاروا الخشية على الوطن من الخضوع للواء الشيوعية، فانضم إلى معارضي الانقلاب، الإخوان المسلمون والطائفيون، خاصة الأنصار.
  3. اعتقال ليبيا لكل من المقدم "بابكر النور"، الذي عين رئيساً لمجلس قيادة الثورة الجديد، والرائد "فاروق حمدالله" وهما في طريقهما من لندن إلى السودان، وأُرسلا إلى الخرطوم وتم إعدامهما.
  4. سقوط طائرة عراقية تحمل وفداً لمباركة الانقلاب، فوق الأراضي السعودية.
  5. تمتع مجلس قيادة الثورة برئاسة الرئيس نميري بتأييد كبير، خاصة داخل القوات المسلحة.

         أدت هذه العوامل إلى انحسار موجة الانقلابيين، وشجعت على مقاومة الانقلاب. وأدى ذلك إلى تغييرات حادة في سياسات السودان الداخلية والخارجية، وإلى الانتقال من اليسار إلى اليمين، وإلى تعقب اليساريين وإنزال العقاب بهم، والبحث عن حلفاء جدد، وإلى تحول مفاجئ من الشرق إلى الغرب، مما يهدد المقاومة المسلحة في الجنوب، واللاجئين في الأقطار المجاورة بفقدانهم التأييد الذي كانوا ينعمون به. وأصيب جناحا الحزب الشيوعي السوداني المتنازعين بضربة قاصمة، أعدم فيها عبدالخالق محجوب، والشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق.

تولي "أبيل ألير" مسؤولية مكتب شؤون الجنوب

         عقب تعيين "أبيل ألير" مسؤولاً عن مكتب شؤون الجنوب، بدأ في معالجة مشكلة الجنوب بالحوار مع قوات الأنياينا وجناحها السياسي، وحركة تحرير جنوب السودان. وقدم "أبيل ألير" مقترحاً في أغسطس من عام 1971، يتكون من اثنتي عشرة نقطة إلى رئيس الوزراء ورئيس الدولة، أهمها النقاط الآتية:

  1. أن يؤكد رئيس  مجلس قيادة الثورة ورئيس الوزراء، عزم الحكومة على التمسك ببيان التاسع من يونيه سنة 1969م.
  2. أن يُوُسّع قانون العفو العام لينطبق على كل الأشخاص، الذي قاموا في الماضي، أو يقومون الآن، بأعمال تتعارض مع قوانين البلاد، شريطة أن تكون هذه الأعمال قد ارتكبت لتنشيط الثورة في جنوب السودان، منذ الثامن عشر من أغسطس 1955 إلى يوم الوصول إلى التسوية.
  3. أن يصبح المواطنون الجنوبيون مسؤولين عن الشؤون المحلية في الإدارة الإقليمية، والحكم المحلى، وقوات الشرطة والسجون، وعن تطوير الثقافات المحلية، وتنمية وترقية اللغات الإقليمية؛ وأن تنشأ سلطة تنفيذية، وهيئة تشريعية، تُنتخب بالطرق الديموقراطية، يكون لها سلطة محددة في الحصول على المال، بفرض الضرائب وغيرها من السبل لتوفير الدعم المالي والفني اللازمين، لخدمة المصلحة العامة في جنوب السودان.
  4. تلتزم الحكومة المركزية بمبدأ ضمان الحقوق الأساسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، وألاّ تكون هناك تفرقة بين المواطنين بسبب الجنس أو الدين أو اللغة، مما يعنى عدم حرمان أي مواطن سوداني من تقلد المناصب الرسمية بسبب جهله باللغة العربية.
  5. أن يُضمّن ما يتم الاتفاق عليه، حول الحكم الداخلي للجنوب، في دستور البلاد، وأن تكون الدراسات، التي يُجريها فريق من المستشارين الجنوبيين تحت إشراف وزير شؤون الجنوب من جهة، والدراسات التي يُجريها الدكتور "جعفر محمد على بخيت" وزير الحكم المحلي في ذلك الوقت، والسيد "عبدالرحمن عبدالله" وزير الإصلاح الإداري والخدمة العامة من الناحية الإخرى، أساساً لمقترحات الحكومة حول الحكم الإقليمي في الجنوب. (أوصت كلتا الدراستين، فيما بعد، بأن يُشَكِل الجنوب بمديرياته المختلفة إقليماً واحداً).
  6. أن تكون السياسة الخارجية والدفاع الوطني، والاقتصاد، والتخطيط التعليمي، والمواصلات السلكية واللاسلكية، والعملة، والجنسية، والهجرة من اختصاص الحكومة المركزية، إذ كان من اللازم تحديد اختصاصات السيادة، التي لا يجوز للإقليم الجنوبي ادعاؤها، ولا يجوز أن تخضع للنقاش أثناء الحوار.
  7. يحق للعائدين، سواء كانوا ممن يحملون السلاح ضد الحكومة، أو السياسيين في المنفى أو غيرهم، الاشتراك التام وغير المشروط في الأعمال السياسة، والاقتصادية، والمحلية في مستوى السلطتين المركزية والإقليمية ، وأن تُوفّر الوظائف للعائدين حتى في المراكز الحساسة، بما فيها الجيش والشرطة والمواقع السياسة.
  8. أن يوطّن العائدون في ديارهم الأصلية، وتوفر لهم المشاريع الزراعية، وغيرها من المؤسسات ذات الصبغة الاقتصادية، تحقيقاً للرفاهية الاجتماعية والاقتصادية في جنوب السودان.
  9. أن تدعو الحكومة كل المواطنين لنبذ سائر أعمال العنف، وإراقة الدماء، وأن يعملوا على تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية السليمة، درءاً  للفقر والجهل والمرض.
  10. استيعاب قوات الأنيانيا في القوات المسلحة.

وقد وافق الرئيس نميري على ما جاء بالمقترحات، وأبدى ملاحظتين :

  1. الأولى: اقترح أن تمنح الحكومة المواطنين، الذين فقدوا ممتلكاتهم خلال الحرب الأهلية تعويضات عنها، تفاديا للنزاع، الذي قد يقع بين العائدين من المنفى وأهل القرى والمدن الذين بقوا في أماكنهم.
  2. الثانية: أنه يعتزم أن يعين مواطنين جنوبيين في مراكز محافظين في الجنوب بدرجة وزراء، وأنهم سيكونون مسؤولين لرئيس الجمهورية عن طريق وزير شؤون الجنوب، الذي تزاد مسؤولياته، ويرفع مستوى وزارته، على أن يكون هذا وضعاً مؤقتاً غرضه تأكيد صدق عزم الحكومة على حل المشكلة. وأكد أيضاً حرصه على تحقيق المساواة بين المواطنين في كل أرجاء السودان، وضمان حقوقهم السياسية والاقتصادية والثقافية.

         أما عن استيعاب الأنيانيا في القوات المسلحة، فقد أبدى الرئيس تحفظاً عليه، واشترط أن تتوافر في أفراد الأنيانيا المستوعبين الشروط، التي يقتضيها الاستيعاب، فضلاً عن اللياقة الطبية والمؤهلات الأخرى.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة