|
ج. ليبيا
ذكرت وكالات الأنباء أن ليبيا تقوم بوساطة بين إريتريا والسودان مع وصول الرئيس الإريتري إلى طرابلس يوم 2/2/1998 والرئيس السوداني عمر البشير للمشاركة في قمة سباعية لدول جنوب الصحراء، تضم رؤساء دول النيجر، وتشاد، ومالي، وبوركينا فاسو، والسودان، ويمثل نيجيريا وزير خارجيتها، كما شاركت مصر وتونس مراقبين.
وأكد الرئيس السوداني أن هذه الوساطة لتقريب وجهات النظر مع إريتريا، ونزع فتيل التوتر بينهما على أساس حل المشكلات القائمة، التي تتمثل في سحب الجيش المرابط على الحدود المشتركة، وإيقاف نشاط المعارضة في كلا البلدين.
وقال البشير: ليس لدي ما يمنع من لقاء الرئيس الإريتري، ونفى أن يكون الحكم في الخرطوم قد خطط لتغيير نظام الحكم في أسمره، وأشار إلى دعم بلاده الكامل للثورة والدولة الإريتريين، ولأفورقي شخصياً وقال كيف نبني بنياناً ثم نعمل على تكسيره؟
ورحبّ بالجهود التي تبذلها مصر وليبيا لعقد لقاء وحوار مع المعارضة الشمالية.
وضمن الجهود الليبية لمصالحة سودانية، استقبل الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي يوم 4/3/1998 السيد / محمد عثمان الميرغني رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي، والتجمع الوطني الديمقراطي السوداني المعارض. وشارك في المحادثات أمين اللجنة الشعبية للوحدة وكان القذافي، الذي يحتفظ بعلاقات جيدة مع الحكم في الخرطوم، قد استقبل في ديسمبر 1997 السيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني.
وذكرت عدة مصادر أن الزعيم الليبي يقوم بجهود لمصالحة سودانية.
د. إريتريا
بينما تتهم الحكومة السودانية الحكومة الإريترية بحشد قواتها على الحدود مع السودان؛ أكد الرئيس الإريتري أسياس أفورقي، في مباحثاته مع الرئيس المصري حسني مبارك، موقف بلاده الواضح الذي يتمثل في ضرورة تسوية مشكلة الجنوب في إطار الحل السلميّ لها، وبما يحفظ وحدة السودان. وقال إنه: يقطع بعدم وجود أي حشود أو قوات إريترية داخل السودان، وقال أنه التقى عدة مرات قائد قوات المعارضة السودانية، وأبلغه أنه لا دور لإريتريا في النزاع القائم بين المعارضة والحكومة، كما أن المعارضة ليست بحاجة إلى أي دعم إريتري.
وعبّر الرئيس الإريتري عن حبّه وتقديره للسودان وشعبه وامتنانه للدعم التاريخي الذي تلقاه على مدار الثلاثين عاماً الماضية. وأكد الموقف الإريتري لا يسعى للتدخل في شؤون السودان بأي صورة مباشرة، أو غير مباشرة، وأن إريتريا مع حل مشكلة الجنوب في إطار السودان الموحد.
وفي نيروبي: نفى بيان، وزعته وزارة الخارجية الإريترية، الاتهامات السودانية حول دخول قوات إريترية للقتال إلى جانب قوات المعارضة في الجنوب.
وفي وقت لاحق، قالت صحيفة الأنباء الحكومية يوم 16/2/1998: إن أجهزة الأمن في ولاية البحر الأحمر السودانية، كشفت عن حالات تسلل لمجموعة إريترية بشرق هيا بمحافظة سنكات، عبر الأودية المحيطة بالمنطقة على ظهور الإبل.
وتفسر حكومة الولاية هذا التسلل؛ بأنه محاولة لتخريب المنشآت الحيوية المهمة والإستراتيجية. وأعلن الوالي أن الولاية وضعت خطة شاملة لتطويق عمليات التخريب.
وفي يوم 2/3/1998 أصدرت القوات المسلحة بياناً، تحدثت فيه عن معارك بينها وبين قوات إريترية على الحدود يوم 26/2/1998.
وقال البيان: إن القوات المسلحة أجهضت هجوماً إريترياً على بعض النقاط الحدودية في كسلا (شرقي السودان)، وسحقت المعتدين في خمس نقاط حدودية، واستولت على مجموعة من الأسلحة والذخائر، واحتسبت شهيداً واحداً.
وقال البيان: إن الاعتداء الآثم كنا نرصده في إطار حشود القوات الإريترية في الحدود وإطار استهداف النظام الإريتري للبلاد. وقد تم تنفيذ هذا العدوان بقوات إريترية، شملت مجموعة من الدبابات، والمدفعيات، والآليات، والجنود الإريتريين.
واصلت الحكومة السودانية اتهامها للإدارة الإريترية بمواصلة اعتداءاتها على الأراضي السودانية، حيث أعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية في بيان له أن القوات الإريترية شنت هجوماً صباح يوم 4/3/1998 على قرى (عواض وقلسة وحضرة الحدودية)، قال: إن القصف تواصل إلى ما بعد منتصف النهار؛ مما أدى إلى تأثر تلك القرى، تدمير بعض مصادر المياه والمدارس بها.
وقبيل مغادرة أسمرة والتوجه إلى جيبوتي لحضور اجتماعات منظمة الإيقاد، استقبل الرئيس الإريتري السيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني مساء يوم 16/3/1998.
وقالت مصادر سودانية إن اللقاء تناول الموقف الراهن والتطورات المتعلقة بالقضية السودانية وذكرت أن الرئيس الإريتري أكد موقف إريتريا الواضح والداعم لقضية أهل السودان. كما أشاد الميرغني بموقف إريتريا حكومة وشعباً، ومؤازرتهم لأهل السودان في استرداد الحرية والديمقراطية وتحقيق السلام والوحدة الوطنية.
وفي 18/3/1998 استضافت العاصمة الإريترية أسمرة، اجتماعات هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي المعارض في الخارج، بحثت فيه تفعيل نشاطاتها واستمعت إلى مطالبة حزب الأمة بضرورة إجراء إصلاحات في بنية التجمع وسياساته وهيكلته. لمعالجة الجمود الذي أصاب التجمع في بعض الجوانب وأدى إلى التضارب في تنفيذ المسئوليات.
وفي المؤتمر، أعلنت هيئة قيادة التجمع رفضها لأية مبادرات سلمية خارجية؛ ما لم تحقق تسعة شروط منها: إقامة حكم ديمقراطي تعددي، ومحاسبة كل من اقترف جرماً في حق الشعب والوطن.
وفي الوقت الذي تستضيف فيه أسمرة اجتماعات هيئة قيادة التجمع الوطني، جدّد السودان اتهامه إريتريا بمهاجمة حدوده الشرقية، وقال بيان أصدرته القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في وقت متأخر مساء يوم 18/6/1998: إن القوات الإريترية قصفت سبعة مواقع حدودية سودانية (لم يحددها البيان) قصفاً مكثفاً، مستخدمة كافة أنواع المدفعية والدبابات، أعقبته بهجوم دحرته القوات المسلحة
وأضاف البيان: إن القوات الإريترية اضطرت للتراجع مخلفة وراءها مجموعات من القتلى، وكميات من الأسلحة، ومهمات عسكرية أخرى.
وشهدت العلاقات الإريترية ـ السودانية مزيداً من التوتر إثر التفجيرات التي تعرضت لها مواقع متعددة في العاصمة السودانية الخرطوم يومي 29 و30/6/1998؛ حيث استهدفت تلك التفجيرات بعض المرافق الإستراتيجية والخدمية؛ مثل محطات الطاقة الكهربائية، وخزانات الوقود، وبعض الجسور.
وأصدرت وزارة الداخلية بياناً أكدت فيه: أن المتهمين الذين اعتقلوا في أعقاب التفجيرات أدلوا باعترافات كاملة واعترفوا بالجهات التي وقفت وراء الجريمة بالتخطيط والدعم بالمال والمعدات.
وذكرت صحيفة الجمهورية، التي تصدر في الخرطوم، في عددها الصادر يوم 4/7/1998 أن المعلومات المتوفرة لدى الأجهزة المختصة تؤكد تورط إريتريا وبعض أطراف التجمع المعارض في محاولات التفجيرات. وقالت الصحيفة: إن إريتريا زوّدت المعارضين بالمتفجرات ودرّبت عناصر من المعارضة على استخدامها، وتم نقلها عبر الحدود بالجمال، وأشرفت السلطات الإريترية على وضع خطط تنفيذها، بالتنسيق مع قيادات في التجمع. وتم تضييق حلقة التخطيط على قيادات التجمع خوفاً من تسرب المعلومات حول العملية. ولكن تصريحات محمد عثمان الميرغني، رئيس التجمع، ينقل الحرب إلى العمق، وإفادات مجموعة معارضة أخرى بتحويل العمليات إلى المدن؛ أدّت إلى متابعة خيوطها واعتقال بعض الحلقات التخريبية في وقت مبكر.
وقال الرئيس السوداني عمر البشير وهو يتحدث في لقاء جماهيري يوم 4/7/1998 في عطبرة. وسط شمال السودان، أن الأعداء والعملاء المارقين فشلوا في زعزعة الوضع، بانتهاجهم سياسات عدوانية شتى انتهت بتأليب بعض دول الجوار (في إشارة إلى إريتريا) وإن أسلوب التفجيرات لجأ إليه أعداء السودان، لأن أهل السودان رفضوا أن يتبعوهم ويبيعوا دينهم، ويفجروا مؤسساتهم؛ لذلك جاءوا بأنفسهم لينفذوا هذا المخطط الإجرامي.
وتوقعت الصحف السودانية تحسناً في العلاقات السودانية الإريترية على ضوء زيارة الرئيس الإريتري إلى ماليزيا. وألمحت الصحف إلى أن رئيس وزراء ماليزيا يتوسط بين البلدين. وتفاءلت الصحف أكثر عقب زيارة الرئيس الإريتري إلى ليبيا يوم 26/7/1998.
إلاّ أن مصدراً عسكرياً سودانياً مسؤولاً أعلن يوم 27/7/1998 أن الحكومة السودانية لاحظت، منذ يوم 26/7/1998، وجود حشود عسكرية إريترية على الحدود بين البلدين في شرق السودان.
وقال المصدر: إن هذه الحشود مسنودة بكتيبتين مدرعتين، وتتأهب لشنّ هجوم على السودان. وأضاف المصدر: إن السودان يراقب عن كثب وهو على استعداد للردّ على أي عدوان.
وكانت المعارضة السودانية، منذ مطلع عام 1997 تعلن أنها تشن هجمات على قوات حكومية في شرق البلاد ولكن الحكومة السودانية ظلت تحمل إريتريا مسؤولية هذه الهجمات.
وفي يوم 28/7/1998 أعلنت القوات المسلحة أن الحدود الشرقية تعرضت لهجوم إريتري بمشاركة قوات المعارضة الشمالية وقوات التمرد، استخدمت فيه قوات المشاة، يدعمها عدد من الدبابات، وأسلحة الإسناد الناري، وشاركت في القصف مدفعيات بأعيرة مختلفة، بالإضافة للهاونات والصواريخ، واستمر القصف ثلاث ساعات من داخل الأراضي الإريترية.
وذكر بيان، أصدره الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة: أن القوات المسلحة كانت مستعدة لصد الهجوم لتوفر المعلومات، وبدأت برد الفعل منذ اللحظات الأولى للقصف، وتم صد الهجوم في كل الجبهات ولكن ما زالت المعارك تدور حول إحداها (لم يحددها).
وفي اليوم التالي، أعلنت القوات المسلحة أنها تمكنت من استكمال انتصارها على قوات المعارضة بحسم المعركة لصالحها حول منطقة (عواض) شرقي كسلا مكبدة قوات المعارضة خسائر في الأرواح والعتاد.
لكن القيادة العسكرية المشتركة للتجمع المعارض قالت: إن الكتيبة الخضراء هاجمت معسكر عواض الذي يبعد 12 كيلومتر عن كسلا وكبدت القوات الحكومية 25 قتيلاً واستولت على بعض الآليات والأسلحة.
وجاءت هذه التطورات العسكرية، في الوقت الذي أعلن فيه مصدر رسمي في الخرطوم، أن جولة جديدة من مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان ستجري من يوم 4/8/1998 إلى 6/8/1998 في أديس أبابا، وذكر أن هذه الجولة ستتمحور حول مسائل تقرير المصير لجنوب السودان والعلاقة بين الدين والدولة.
وشن المجلس الوطني (البرلمان) هجوماً حاداً على إريتريا، في بيان له صدر في الخرطوم يوم 29/7/1998، ووصف نظامها بالهمجية والتصرفات العدوانية على الأمة العربية والإسلامية، ومحاولات توسيع الصراع المستمر في القارة الأفريقية وتعميقه.
وفي الوقت الذي بدأ فيه وزيرا الخارجية في السودان وإريتريا محادثات في الدوحة بمشاركة وزير الخارجية القطري في إطار وساطة قطرية يوم 9/11/1998؛ اتهم الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية إريتريا بالاستمرار في عدوانها على السودان، وقال في تصريحات صحافية: إن القوات الإريترية قصفت منطقة (حفرت) على الحدود السودانية الإريترية بالراجمات من ناحية بلدة (تمرات) داخل عمق الأراضي باتجاه مواقع القوات السودانية، ومُّدّت قوات إريتريا التي حشدت شمال شرق مدينة كسلا الحدودية بنحو ثلاث كتائب مسنودة بعدد من المدفعيات والدبابات، توطئة لتنفيذ أعمال هجومية على بعض المواقع السودانية.
ووصفت بعض صحف الخرطوم هذه العمليات بأنها: "تطلق رصاصة الرحمة على المبادرة القطرية".
|