|
ب. الولايات المتحدة
أوفدت الإدارة الأمريكية (توني هال) النائب الديمقراطي بمجلس النواب الأمريكي في زيارة السودان في نهاية مايو 1998 استغرقت أربعة أيام التقى خلالها بالمسؤولين في الخرطوم، ووقف على الظروف الإنسانية في ولاية بحر الغزال (جنوبي السودان) وقال هال في تصريحات أدلى بها يوم 31/5/1998، بعد وصوله إلى العاصمة الكينية نيروبي: إنه شاهد في بحر الغزال كواسر تنقض على جثث راح أصاحبها ضحايا المجاعة، أو سقطوا أثناء فرارهم من تجار الرقيق الذين يلاحقونهم. ودعا الولايات المتحدة إلى التحرك فوراً لوضع حدٍّ لهذا الوضع.
وروى: أنه شاهد آلاف الأشخاص يعبرون المستنقعات الآسنة المليئة بالحشرات في ولاية بحر الغزال يقودهم تجار مسلحون، إلى حيث يبيعونهم رقيقاً.
وقال هال: إنه شاهد كثيراً من الأطفال والبالغين يعانون سوء تغذية شديد، ووصف سكان بحر الغزال بأنهم (كمركب تائه)، ووصف الوضع بأنه غير إنساني شديد القسوة.
وأكد أنه سيتحدث شخصياً إلى الرئيس الأمريكي بيل كيلنتون لكي يزيد المساعدة الإنسانية الأمريكية لهذه المنطقة.
واتهم النائب الأمريكي الأمم المتحدة بأنها لم تفعل شيئاً لمنع هذه المرحلة الأخيرة من الحملة على سكان جنوب السودان.
كما انتقد الجيش الشعبي لتحرير السودان؛ لأنه وافق على أن يعيد إلى صفوفه أحد قادة المتمردين (كاربينو كوانين بول) الذي مارست قواته أعمال القتل بحق المدنيين في الجنوب، عندما انضم ـ لفترة ـ إلى قوات الحكومة.
ج. بريطانيا
استضافت العاصمة البريطانية لندن يوم 26/4/1998 مؤتمراً بعنوان: "مشكلة جنوب السودان وآفاق السلام" نظمه المجلس القومي السوداني في بريطانيا وجمعية الصداقة البريطانية ـ السودانية.
ودعا المؤتمر إلى تأييد اتفاقية الخرطوم للسلام وتفعيلها على أرض الواقع. وناشد الحركة الشعبية لتحرير السودان، بقيادة جون قرنق، الانضمام إلى مسيرة السلام في السودان.
وأكد المؤتمرون أن السلام في جنوب السودان لا يتحقق إلاّ عن طريق المفاوضات والحوار المستمر بين الأطراف المعنية.
وقد شارك عدد من البريطانيين في مناقشات المؤتمر ومداولاته بمداخلات، سواء من خلال تجارب بعضهم في العمل العسكري والسياسي في جنوب السودان، أو من خلال دراستهم الأكاديمية لمشكلة جنوب السودان، ودعوا جميعاً إلى ضرورة مواصلة الحوار والمفاوضات بين الأطراف المعنية للوصول إلى إحلال السلام والاستقرار في جنوب السودان.
كما تحدثت نخبة من الأكاديميين والسياسيين السودانيين في جلسات المؤتمر، فتناولوا الأبعاد التاريخية لمشكلة جنوب السودان، وسياسة الإدارة البريطانية في السودان أثناء الاستعمار البريطاني للسودان. وتناول الباحثون تطورات المشكلة منذ الاستقلال إلى وقت انعقاد المؤتمر. كما أشار بعضهم إلى جهود الحكومات السودانية المتعاقبة، منذ الاستقلال لحل مشكلة الجنوب.
وتحدث أحد الباحثين عن الأبعاد الإقليمية والدولية للمشكلة وتفاعلاتها، والعوامل الخارجية في تأجيج الصراع بين الشمال والجنوب.
كما تناول المؤتمر الآثار الاقتصادية والاجتماعية للحرب الأهلية في جنوب السودان.
وتناول المؤتمرون ملامح من مسودة الدستور الجديد في إشارة إلى أهم بنوده التي تطرقت للحريات العامة، وحرية التنظيم السياسيّ، إلى جانب تضمينه لبنود اتفاقية الخرطوم للسلام الموقعة بين الحكومة وفصائل جنوبية، عدا فصيل العقيد قرنق.
وفي محاولة لإيجاد حل للنزاع الدائر في السودان وصل إلى الخرطوم يوم 14/7/1998 وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني، والمكلف الملف السوداني وكان قد التقى ممثلي الجيش الشعبي لتحرير السودان في نيروبي، حيث طالبهم بتوفير ممر آمن لإمدادات الغذاء وهو أول عضو في الحكومة البريطانية يزور السودان منذ عشرة أعوام وشارك الوزير البريطاني يوم 15/7/1998 في مؤتمر حول آفاق السلام في السودان، قبل أن يغادر الخرطوم متوجهاً إلى القاهرة.
وكان المسؤول البريطاني قد أدلى بتصريحات قال فيها: إنّه يقوم بزيارة السودان ممثلاً لشركاء الإيقاد، ولكنه لا يتوقع الكثير من زيارته، وأعرب عن خيبة أمله لعدم موافقة الحكومة السودانية على زيارة وزراء أوروبيين آخرين من شركاء الإيقاد.
ورداً على تصريحات وزير الدولة البريطاني أدلى مصدر مسؤول بالخارجية السودانية بتصريحات حادة قال فيها: إن حكومة السودان لم توافق على زيارة الوزير البريطاني، بصفته ممثلاً لشركاء الإيقاد التي تسعى لحل المشكلة بين الحكومة وحركة قرنق؛ حيث لم يتلق السودان من منظمة الإيقاد أو من رئاسة منبر شركاء الإيقاد ـ الذي يضم دولاً أوروبية تدعم الإيقاد ـ، ما يفيد أنه ينوب عنهم من هذه الزيارة. وأضاف المصدر: إن تحفظ السودان على استقبال وفد من شركاء الإيقاد ليس له أية علاقة بما ذهب إليه الوزير البريطاني، خاصة أن السودان يقدر عالياً دور الوزيرين المعنيين وهما وزيرا خارجية إيطاليا وهولندا؛ لما قاما به، ويقومان، من جهود لدعم مسيرة السلام في السودان وأن التحفظ أتى من باب الالتزام بما تم الاتفاق عليه بإبقاء مظلة الإيقاد منبراً للتفاوض وهو ما تم التأكيد عليه مجدداً في الزيارة الأخيرة لوزير خارجية كينيا الشهر الماضي. وقال المصدر: إن ما ذكره المسؤول البريطاني من أنه لا يتوقع الكثير من زيارته للخرطوم، يجعلنا نتساءل عن مغزى إطلاق مثل هذه التصريحات استباقاً للأحداث؟. وأن هذا يدعو السودان للمشاركة في الانطباع حيث؛ إننا لم نلحظ أي تغيير في موقف بريطانيا غير المشجع تجاه قضية السلام في السودان.
وفي لندن قال الوزير البريطاني عقب عودته من السودان: إن طرفي الصراع في الحرب الأهلية هناك يتعرضان إلى ضغوط أخلاقية من أجل المحافظة على وقف إطلاق النار. وأشار إلى وجود إشارات على احتمال إجراء محادثات سياسية بين طرفي النزاع، مشيراً إلى أن الهدنة التي أعلنت اعتباراً من يوم 10/يوليه لمدة ثلاثة أشهر، ستمنح الطرفين مزيداً من الثقة للدخول في مباحثات.
وأعلن أن هناك اعترافاً واسعاً الآن بضرورة إجراء استفتاء لسلطات الجنوب من أجل تقرير المصير، وأضاف: يتعين علينا الآن إيجاد آلية يمكن من خلالها الوصول إلى الاستفتاء.
د. الجامعة العربية
نظّمت الجامعة العربية في الخرطوم في منتصف يونيه 1998 ندوة بعنوان (تطوير التدريب الدبلوماسي وترقيته في الدول العربية) وفي الندوة أعلن الأمين المساعد للجامعة للشؤون العربية دعم الجامعة ووقوفها الثابت مع السودان في مواجهة الأخطار التي تهدد استقراره ووحدته وسلامة أراضيه ومؤازرة جهود حكومته لتحقيق الاستقرار والسلام في جنوب السودان.
ومن جهته تمنى وزير الخارجية السوداني أن تكون هذه الندوة بادرة خير لإعادة أجواء التضامن والتلاحم العربي في جميع المجالات طياً لسلبيات الماضي القريب واستشراقاً لغد مأمول.
وأضاف: إن السودان يواجه تحديات متجددة؛ منها التآمر المستمر على حدوده، ومحاولات طمس هويته العربية والإسلامية.
وفي الوقت الذي انعقد فيه مفاوضات السلام بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان في أديس أبابا أصدرت الجامعة العربية بياناً يوم 5/8/1998 قالت فيه: "إنها تتابع باهتمام بالغ مفاوضات السلام الحالية المنعقدة في العاصمة الإثيوبية تحت رعاية منظمة الإيقاد. وأعربت عن أملها في أن تؤدي هذه الجولة إلى تحقيق السلام وإنهاء الحرب في جنوب السودان. وأكّدت موقفها الثابت القائم على الحرص على صون وحدة السودان شعباً وأرضاً.
وطالب الأمانة العامة للجامعة؛ الأطراف السودانية كافة بالاستجابة لنداءات المجتمع الدولي الرامية إلى وقف شامل لإطلاق النار؛ لتمكين المساعدات الإنسانية الملحة من الوصول إلى المناطق المتضررة من الحرب في جنوب البلاد.
|