|
ز. إريتريا
واستمراراً للاتهامات المتبادلة بين الحكومتين الإريترية والسودانية، اتهم الناطق باسم القوات المسلحة السودانية إريتريا بحشد قواتها على الحدود المشتركة مع السودان بهدف شن هجمات على قطاع البحر الأحمر، وقال في تصريحات للصحافيين يوم 14/1/99: إن القوات السودانية تراقب بدقة التطورات الجارية في هذا الشأن. وأنها على أهبة الاستعداد لصدّ أي هجوم وفي أي اتجاه كان. وأوضح أن القيادة العسكرية السودانية كانت تتوقع الهجوم الإريتري في ديسمبر 1998.
ومن جهة أخرى، اتهم مسؤول دائرة أوروبا والمنظمات الدولية في وزارة الخارجية الإريترية في تصريحات صحافية يوم 11/3/1999، الحكومتين السودانية والإثيوبية كالتنسيق في النزاع الحدودي الحالي من أجل احتلال أسمرة، وتغيير نظام الحكم القائم، وإقامة حكومة بديلة تابعة.
وفي إطار علاقات الإدارة الإريترية بالمعارضين السودانيين استضافت قيادة الجبهة الشعبية الديمقراطية والعدالة الحاكمة في إريتريا يوم 19/5/99 قيادة حزب الأمة السوداني المعارض، حيث تم استعراض تطورات القضية السودانية ومبادرات الحل السياسي.
وفي الاجتماع أكدت القيادة الإريترية موقفها المبدئي من قضايا الشعب السوداني وأكدت أنها ترحب باجتماع هيئة قيادة التجمع الوطني الديمقراطي المزمع عقده في بداية شهر يونيه 99.
وقال بيان مشترك صدر عقب الاجتماع: إن إريتريا تؤكد حرصها على تحقيق السلام والاستقرار الديمقراطي في السودان، لأن علاقتها بالسودان علاقة مصيرية، وعلاقة الشعبين علاقة إستراتيجية يجب على القيادات السياسية دعمها وتطويرها.
وجددت أسمرة تأكيدها على العلاقة الخاصة والمتميزة مع التجمع السوداني المعارض وثقتها فيه بصفته ممثلاً شرعياً للشعب السوداني، رغم عملية التطبيع الجارية مع حكومة الخرطوم، جاء ذلك التأكيد خلال اجتماع سكرتير الجبهة الشعبية الديمقراطية والعدالة في إريتريا مع هيئة قيادة التجمع في أسمرة يوم 9/6/1999.
وقد حضر الاجتماع مستشار الرئيس أفورقي للشؤون العربية والمسؤول السياسيّ لشؤون الأفريقية في الجبهة نيابة عن الرئيس أسياس أفورقي.
كما حضر الاجتماع محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الذي أكد على خصوصية العلاقة بين الشعبين السوداني والإريتريّ.
وتحدث في الاجتماع الصادق المهدي رئيس حزب الأمة الذي وصف النظام في السودان بأنه ظالم، ولا بد من العمل على إسقاطه، وإيجاد نظام ديمقراطي؛ وذلك بالبحث عن حلول ديمقراطية تكون مخرجاً من هذه الأزمة.
أما الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان؛ فأكّد أن الحل السلمي الذي يهدف إلى تفكيك النظام لا غبار عليه، إلاّ أن الحلّ السلمي يرتبط ارتباطاً عضوياً بالآليات الأخرى. وهي دعم المقاومة الجماهيرية في الداخل لإحداث انتفاضة والاستمرار في التصعيد الشامل للعمل العسكري. للضغط على النظام وإجباره على قبول الحل السلمي، وإلا يمكن أن يؤخذ منه عنوة.
وكشفت مصادر مطلعة؛ أن افتتاح اجتماعات المعارضة السودانية في أسمرة تزامن مع زيارة سرية قام بها وفد رسمي سوداني إلى العاصمة الإريترية ضم وزير الإعلام ووزير الدولة للإعلام استغرقت يوماً واحداً، عقد خلالها الوفد اجتماعات مع المسؤولين الإريتريين.
ووصفت مصادر إريترية مهمة الوفد الحكومي السوداني بأنها: سياسية ـ أمنية، تصب في إطار الجهود لتحسين العلاقات بين البلدين.
وأثار وصول الوفد الحكومي السوداني في هذا التوقيت، اجتهادات وتكهنات حول احتمال عقد لقاءات مع أطراف في المعارضة، إلاّ أن مسؤولين في التجمع الوطني نفوا ذلك، وقالوا: إنهم فوجئوا بوجود الوفد الحكومي في أسمرة.
وفي يوم 13/6/99 اختتمت المعارضة السودانية اجتماعاتها في أسمرة بتأكيد التزامها بالحل السياسي للأزمة السودانية. وأكد التجمع الوطني في نهاية اجتماعاته أن هيئة قيادته هي السلطة العليا، المنوط بها الإشراف على الحل السياسي وشكلت لهذا الغرض لجنة لصياغة الموقف التفاوضي للتجمع، على أن تقدم اللجنة تقريرها إلى اجتماع هيئة قيادة التجمع المقبل.
وقال قرنق، في تصريح للصحافيين، قبل مغادرته أسمرة: "إن الحل السلمي الذي تتحدث عنه الآن أقرب نموذج له دولة جنوب أفريقيا حيث اتفق النظام القديم مع المؤتمر الوطني الأفريقي على تفكيك شامل وسلمي ومتفاوض عليه لنظام التفرقة العنصرية حيث تم تفكيكه سلمياً".
وفي البيان الذي أصدره التجمع في ختام اجتماعاته، حسم الجدل الذي دار في أروقته حول الحوار مع الحكومة ولقاء جنيف الذي عقد في شهر مايو 99 بين الصادق المهدي وحسن الترابي.
وطالب التجمع في بيانه الحكومة السودانية بإجراء عدد من التدابير شرطاً لتوفير مناخ ملائم للحوار، وتجميد أي مواد في الدستور تقيد الحريات العامة، أو تسمح بذلك، وفق الملاحظات التي أوردها المؤتمر الخاص لحقوق الإنسان في السودان في تقريره المعتمد بلجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وقانون الطوارئ والصلاحيات الاستثنائية في قانون الأمن العام، وإلغاء قانون التوالي، ورفع الوصاية عن النشاط السياسيّ والنقابي. وكفالة حرية التنقل والتعبير والتنظيم، وإطلاق سراح المعتقلين وإسقاط الأحكام عن المحاكمين سياسياً، وإعادة الممتلكات المصادرة.
وأكد البيان الختامي حق الشعب السوداني في استثمار موارده، وفي مقدمتها البترول، في مناخ يمكنه من الاستفادة من عائداته، ولكن النظام الحالي يحول عائدات ثرواتنا الوطنية ومواردها لتغذية الحرب الأهلية وقمع الشعب وبناء دولة الحزب الواحد، وزعزعة الاستقرار الوطني والإقليمي.
وقال البيان: لذا فإن مناطق استخراج البترول وتصديره تظل أهدافاً عسكرية مشروعة، كما دعا الاجتماع لاستمرار التضامن لكشف انتهاكات حقوق الإنسان ووقف قصف مناطق السكان المدنيين، وأدانتهما من قبل المجتمع الدولي وتقديم المساعدات اللازمة.
وعلى صعيد آخر قالت تقارير صحافية من الخرطوم: إنّ الحكومة السودانية أبلغت وزير الخارجية القطري الذي يتابع ملف المصالحة السودانية الإريترية باعتراضها على التصريحات التي تضمنها خطاب الأمين العام للحزب الحاكم في إريتريا أمام اجتماع المعارضة السودانية بأسمرة التي أوضح فيها بجلاء أن إعادة العلاقات السودانية الإريترية لا تعني تخلّي أسمرة عن المعارضة السودانية، أو سحب الدعم اللوجستي والإعلامي منها. وقد تزامنت التصريحات الإريترية مع توقيع الجانبين الإريتري والسوداني لعدد من اتفاقات التفاهم، والتي في مقدمتها عدم استضافة أي من الحكومتين لأنشطة معادية لحكومة البلد الآخر.
واستجابة من أسمرة للاتفاق الذي أبرمته مع الجانب السوداني في يوليه 99 نشرت صحيفة (الرأي العام) اليومية المستقلة في الخرطوم يوم 14/8/99، استناداً إلى مصادر لها في القاهرة، جاء فيها: إن الرئيس الإريتري أسياس أفورقي خيّر المعارضين السودانيين المقيمين في إريتريا بين الخروج من بلاده، أو البقاء فيها لاجئين. ونقلت الصحيفة عن مصدر حكومي ـ لم تذكر اسمه ـ أنَ الخطوة الإريترية مهمة في طريق المصالحة السياسية والاقتصادية الشاملة بين البلدين، وأن ما قام به الرئيس الإريتري، يأتي في سياق استجابة للاتفاق بين الخرطوم وأسمرة على إنهاء العمل العسكري وقفل الحدود أمام المعارضة من كلا الطرفين.
ومن جهة أخرى ذكرت مصادر دبلوماسية موثوق بها في الخرطوم: أن الحكومة السودانية لم تتلق بلاغاً رسمياً من الحكومة الإريترية حول طلب أسمرة من المعارضة السودانية مغادرة إريتريا أو معاملتهم معاملة اللاجئين، مشيرة إلى أن هذه الخطوة ستلقى ترحيباً لدى الحكومة السودانية في حال حصولها.
إلاّ أن الأمين العام لحزب الأمة الموجود في أسمرة نفى هذه الأنباء مؤكداً أنها شائعات لا أساس لها من الصحة.
ورداً على اتهامات الحكومة السودانية للسلطات الإريترية بحشد قواتها على الحدود السودانية، وصفت أسمرة يوم 7/10/99 الاتهامات السودانية الموجهة إليها بأنها منافية للواقع ولا أساس لها من الصحة. وقال وزير الخارجية الإريترية للصحافيين: إن الخرطوم تتحمل وحدها مسؤولية فشل اتفاق الدوحة المُبرم بين البلدين، مضيفاً أن اتفاق الدوحة كان محاولة تكتيكية من قبل نظام الخرطوم وأن الإدارة السودانية فشلت في تنفيذ نصوص اتفاق الدوحة وبنوده وهذا يرجع إلى عدم احترامها للعهود والمواثيق المبرمة.
ونفى الوزير الإريتري وجود قوات سودانية معارضة في بلاده.
وفي تطور لافت طالبت إريتريا في بيان لوزارة الخارجية يوم 26/10/1999 بتعزيز مبادرة دول الإيقاد الخاصة بحل المشكلة السودانية عوضاً عما اسمته (محاولات بديلة) مشيرة إلى المبادرة المصرية ـ الليبية المشتركة. وقد اتهم بيان أسمرة المبادرة المشتركة بأنها هشة وتتعارض مع مبادرة الإيقاد.
وقد أبدت القاهرة أسفها للبيان الإريتري وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة: إن البيان يثير علامات الاستفهام، خاصة أنه صدر بعد انتهاء جولة لوزيرة الخارجية الأمريكية في عدد من الدول الأفريقية لم تكن من بينها إريتريا.
كما استغربت المصادر موقف أسمرة حيال المبادرة، خاصة أن الموقف الإريتري يعطي الأولوية لمبادرة الإيقاد. ورأت أن وصف أسمرة للمبادرة بأنها هَشّة يفتقد إلى اللياقة ويمس مصالح الآخرين.
إلاّ أن المصادر ذاتها استبعدت أن يؤثر هذا الموقف سلباً في العلاقات المصرية ـ الإريترية. وإن أشارت إلى أنه سيثير ضيق طرفي المبادرة، ولا سيما في ضوء حرص أسمرة على وجود علاقات طيبة لها مع الدولتين. علماً بأن رئيسها أسياس أفورقي اعتاد زيارتهما معاً في كل تحركاته، وزارهما عدة مرات خلال أقل من سنة. ولمحت المصادر إلى أنه سبق لأسمرة أن عارضت اتفاقاً رعته القاهرة بشأن المصالحة بين الأطراف الصومالية.
|