الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الموقع الجغرافي للسودان
تضاريس السودان
التقسيم الإداري للسودان
التوزيع القبلي للسودان
قناة جونجلي
أماكن معسكرات الفصائل

ح. إثيوبيا

          اعتذرت الحكومة الإثيوبية عن عقد لقاء بين الرئيس السوداني عمر البشير والصادق المهدي زعيم حزب الأمة المعارض كان مقرراً أن يتم يوم 19/11/99 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بيد أن حزب الأمة أكد وجود اتفاق مبدئي لعقد لقاء بين المهدي والبشير، يجري الترتيب لزمان انعقاده ومكانه في القريب العاجل.

          وذكرت مصادر إثيوبية أن الحكومة اعتذرت عن عدم الترتيب لعقد اللقاء لكونها لم تبلغ بنية الطرفين بذلك.

          وجددت المصادر ذاتها: التزام إثيوبيا بدور مجموعة الإيقاد في الوساطة بين هذه الدول والحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، مشيرة إلى أن إثيوبيا لا تود أن يُفهم أنها تخرج عن هذا الخط، كما أنها لا تمانع مستقبلاً من استضافة لقاء يجمع كل الأطراف السودانية بهدف تحقيق المصالحة.

          ووصفت المصادر لقاء البشير مع رئيس الوزراء الإثيوبي بأنه كان خطوة في اتجاه تطبيع العلاقات بين البلدين.

ط. جيبوتي

          في خطوة مفاجئة، قد تكون فاتحة لاتفاق شامل بين الحكومة السودانية والمعارضة وبمبادرة من الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي، التقى في جيبوتي يوم 25/11/1999 الرئيس السوداني عمر حسن البشير والصادق المهدي رئيس الوزراء السابق، زعيم حزب الأمة المعارض. وفي الاجتماع توصل الطرفان إلى اتفاق سياسيّ أُطلق عليه اسم "نداء الوطن" وقد حدد الاتفاق أسس الحل السياسيّ الشامل ومبادئه في السودان، ودعا إلى إقامة نظام ديمقراطي تعددي وفيدرالي، مع حكم رئاسي.

          ووقّع على الاتفاق وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان إسماعيل نيابة عن الفريق البشير والحكومة السودانية. كما وقّع عليه مبارك المهدي أمين العلاقات الخارجية في حزب الأمة نيابة عن حزبه، وعن الصّادق المهدي.

          وناشد الاتفاق القوى السياسية الأخرى تأييد الإعلان والانضمام إليه، لتحقيق الوحدة والسّلام والوفاق كما ناشد كافة الأشقاء والأصدقاء لدعم الوفاق وتحقيقه لأبناء السودان كافة.

          وعن آليات الحل السياسيّ؛ أشار الاتفاق، الذي وصف بأنه: إعلان مبادئ، إلى الحوار والتفاهم السوداني ـ السوداني، ودفع جهود السلام والحل الشامل عبر مبادرتي "الإيقاد"، و"المصرية ـ الليبية المشتركة"، على أن يشكل الاتفاق الموقع في جيبوتي أساس الحوار.  

          وجاء في الاتفاق: تتبنى أطراف النزاع المبادئ المذكورة، لإنهاء الحرب الأهلية، وعقد اتفاقية سلام عادل، تُبنى على أن تكون المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات كما ينص الاتفاق على أن: "لا تنال أي مجموعة وطنية امتيازاً بسبب انتمائها الديني أو الثقافي أو العرقي".

          واستناداً على الاتفاق؛ فإن القوى السياسية السودانية تلتزم بإقامة نظام ديمقراطي تعددي ويرى الاتفاق: أن النظام الديمقراطي الملائم للسودان هو النظام الرئاسي الفيدرالي، مع مراعاة التعددية الدينية والثقافية في البلاد، بما يحقق التعايش، ويضمن المبادئ الموجهة للدستور. (مرفق نص البيان).

          وقد فجر اتفاق جيبوتي أزمة هددت بانقسام بين المعارضة السودانية. وقال فاروق أبو عيسى؛ المتحدث باسم التجمع الوطني السوداني المعارض: إن الاتفاق يتعلق بحزب الأمة وأحد أجنحة النظام، ولم نستشر بشأنه وبالتالي لنا طرفاً فيه.

          وقال الصادق المهدي ـ من جانبه ـ : "إن التجمع المعارض، بوصفه الحالي، قد حُلّ، وليست له هيكلية تستطيع قيادة حركة المعارضة حرباً أو سلماً، أو عملاً داخلياً".

          كما قال إنّ أي رفض من جانب التجمع لن يكون موضوعياً، فنحن قمنا بعمل متفق عليه داخل التجمع الذي أصبح بالفعل جسماً غير قادر على التحرك، ومن جانبنا أعلنا بأننا سنتحرك ملتزمين بالمرجعيات والأهداف المشتركة. ونتوقع من التجمع الشكر والتقدير لما أنجزناه من عمل لم يخرج عن أهدافه ومقرراته المعلنة.

          وقد أصدر التحالف الوطني (قوات التحالف السودانية) بياناً صحافياً، وصف فيه ما يجرى الآن على الساحة السياسية بأنه مناورات ومحاولات لإنقاذ نظام الجبهة الإسلامية القومية الحاكم في الخرطوم، ولا يخدم الشعب السوداني في تحقيق تطلعاته المشروعة في إقامة الدولة الحديثة الديمقراطية الموحّدة.

          أما محمد المعتصم الحاكم، المسؤول الإعلامي للحزب الاتحادي فقد أكدّ رفض التجمع وحزبه للاتفاقات الثنائية التي يرى أنها "لا تفيد وتعطل الحل، وتؤدي إلى تجزئة السودان، مؤكداً أن اتفاق جيبوتي شأن خاص بحزب الأمة، والصادق المهدي، ولا يعني التجمع المعارض".

          ومن جهة أخرى قال إسماعيل عمر جيلي، رئيس جيبوتي للصحافيين: إن بلاده ستدعو وترحب باجتماع مقبل بين الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس التجمع الوطني المعارض محمد عثمان الميرغني وزعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق، وأية أطراف سودانية أخرى تريد الانضمام للاتفاق السوداني بين البشير والمهدي.

          وقال الفريق البشير لدى عودته إلى الخرطوم مساء 27/11/99 في تصريحات صحافية: إن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه مع المهدي ثنائي إلاّ أنه يتحدث عن الحل الشامل لقضايا السودان وأن هناك وساطات جارية لعقد لقاء بينه وبين محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني المعارض. وقال: إنه على أتم استعداد للقاء أي من قيادات المعارضة في الخارج. وأضاف: إن الاتفاق بينه وبين المهدي أكد على حرية العمل السياسيّ والتنافس الحر للوصول إلى السلطة عبر الوسائل الديمقراطيّة واعتماد نظام يقوم على الشكل الرئاسي الفيدرالي.

          وقد رحبت جبهة الإنقاذ الديمقراطية التي تضم الفصائل الموقعة على اتفاقية الخرطوم للسلام بالنداء، وذكرت مصادر مطلعة أن الدكتور حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) ورئيس المجلس الوطني (البرلمان) أبدى تحفظاً تجاه بعض بنود الاتفاق.

          وأضافت المصادر أن الترابي وعدداً من أعضاء الهيئة القيادية في المؤتمر الوطني الحاكم، اعترضوا على البند الذي يقول: "تلتزم القوى السياسية بإقامة نظام ديمقراطي تعددي يكفل حقوق الإنسان وحرياته الأساسية".

          وقالوا خلال مناقشة إعلان مبادئ الحل السياسيّ في اجتماع القطاع السياسي للمؤتمر الوطني مساء 27/11/99: إن هذا البند يتعارض مع الدستور وقانون التوالي السياسي المنبثق عنه. وقرر القطاع السياسي إحالة الاتفاق للهيئة البرلمانية لترى مدى اتساقه مع مواد الدستور، خاصة أَن البشير أكدّ أن هذا الاتفاق متسق مع الدستور.

          وأعلن مجلس الوزراء السوداني ترحيبه بالاتفاق ووصف المجلس في اجتماعه يوم 28/11/99 الاتفاق بأنه: "خطوة تتسق ومنهج ثورة الإنقاذ الوطني ومساعيها لتحقيق الوفاق والاستقرار في البلاد".

          وقد اتهم ممثل الحركة الشعبية لتحرير السودان في مصر ومنطقة الخليج أروب نيال، حزب الأمة بأنه يعمِل داخل التجمع بأجندة خفيّة. وقال: "إن الاتفاق الذي وقعه حزب الأمة مع الحكومة في جيبوتي أخيراً، لا يَعني الحركة الشعبية، وتعّده اتفاقاً جزئياً قائماً على المصلحة الحزبية". ووصف الاتفاق بأنه خرق واضح لمقررات القضايا المصيرية في أسمرة عام 1995، وكذلك مبادئ الإيقاد. وقال: إن حزب الأمة استغل الوضع العسكري للتجمع، من خلال قوات الحركة الشعبية، وليس لحل المشكلة السودانية، إنما هو اتفاق لمصلحة حزب الأمة وحده. وأضاف: إن الحركة الشعبية لو كانت تسعى لحل جزئي؛ لجاءت باتفاق أفضل من هذا عشرات المرات وذلك منذ عام 1993 في أبوجا (نيجيريا).

          وأضاف إن الحركة متمسكة بالحل السياسيّ الشّامل الذي يستند إلى مقررات أسمرة، ولذلك لن تقدّم أية تنازلات عن موقفها مطلقاً، بل ستواصل النضال من أجل تحقيق الأهداف التي تمّ الاتفاق عليها داخل التجمع الوطني الديمقراطي.

          كما أصدر الحزب الشيوعي بياناً يوم 28/11/1999 قال فيه: إن الاتفاق الذي وقع عليه المهدي في جيبوتي مع الرئيس عمر البشير، وضع حزب الأمة خارج الإجماع الذي شيّده التجمع الوطني الديمقراطي طيلة ما يزيد على عشر سنوات.

          وأكد الحزب أن مما يزيد من خطورة تلك الخطوة أنها تمت في الوقت الذي كانت فيه قوى التجمع بمختلف فصائله تسعى لبلورة الحلّ السياسيّ الشامل في صورته النهائية، وحددت السادس من ديسمبر 99 موعداً لاجتماعه في كمبالا لهذا الغرض.

          وتابع البيان: "لقد اتخذ حزب الأمة خطوة منفردة دون تفويض من التجمع، ودون تشاور معه، رغم الالتزامات المتكررة ببند الحلول الجزئية والانفرادية". ووصف الاتفاق: بأنه محاولة لضرب وحدة التجمع، ونفخ الروح في النظام الدموي الذي تهتز الأرض تحت قدميه ويوشك أن يلفظ أنفاسه.

          وأكد الحزب إدانته ورفضه لجوهر الاتفاق والكيفية التي تمت به، ودعا أطراف التجمع للتمسك بوحدته، ولعقد اجتماع طارئ لاتخاذ الخطوة المناسبة، وفق التقاليد، والمبادئ الثابتة للتجمع.

          أما حزب الأمة فقد عقد اجتماعاً لكل كوادره على رأسهم المكتب التنفيذي، والمكتب الاستشاريّ في القاهرة مساء يوم 28/11/99 وتم تدارس الاتفاق الذي وقع عليه في جيبوتي حزب الأمة والحكومة، وأعلن أعضاء الحزب موافقتهم وتأييدهم للاتفاق بالإجماع، وأكّدوا مباركة كل الخطوات التي يتخذها رئيس الحزب في هذا الاتجاه.

          وأصدر حزب الأمة بياناً يوم 28/11/99 أيدّ فيه الاتفاق وقال فيه: إن المهدي والوفد المرافق له واصل نشاطاته في جيبوتي في أعقاب التوقيع على إعلان مبادئ الحل السياسي الشامل، حيث التقى رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي ووزير الخارجية الإثيوبي، وشرح لهما ما دار في اللقاء مع وفد الحكومة، وأهمية إعلان المبادئ بالنسبة لجهود الحل السياسيّ الشامل في السودان. وقد تفهّم رئيس الوزراء الموقف، وأعلن وزير الخارجية ترحيب إثيوبيا بهذه التطورات على طريق الحلّ السياسيّ الشامل.

          وأضاف البيان: أن الوفد التقى أيضاً سكرتير منظمة "الإيقاد" وشرح له اتفاق إعلان المبادئ وسلمه نسخة منه، كما سلمه ورقة الحزب للحل السياسيّ الشامل في السودان، ومقترحاته فيما يتعلق بالتنسيق بين مبادرة الإيقاد والمبادرة المصرية الليبية المشتركة، ومقترحات الحزب لتطوير "الإيقاد" لتصبح مبادرة شاملة لأطراف النزاع السوداني كافة، وجيران السودان في القرن الأفريقي وشمال أفريقيا.

          والتقى أيضاً المهدي، ضمن نشاطاته والوفد المرافق بالمبعوث الكيني الخاص لمبادرة الإيقاد في السودان، وشرح له أهمية الاتفاق على إعلان المبادئ وضرورة التنسيق بين المبادرتين (الإيقاد والمصرية ـ الليبية المشتركة)، وضرورة تطوير مبادرة الإيقاد لتستوعب الأطراف والجيران كافة.

          وأشاد حزب الأمة بانضمام جيبوتي إلى لجنة وساطة الإيقاد حول النزاع السوداني لدورها الواصل بين العرب وأفريقيا. كما أشاد بقرار القمة بالترحيب بالمبادرة المصرية ـ الليبية المشتركة، مما يفتح المجال للتنسيق بينها وبين مبادرة الإيقاد لتتكامل الجهود في سبيل التوصل إلى السلام، والتحوّل الديمقراطي في السودان.

          وقد عقد اجتماع تشاوري طارئ للتجمع الوطني الديمقراطي المعارض في القاهرة مساء يوم 28/11/99 بحضور الأعضاء الموجودين في القاهرة، ما عدا حزب الأمة، أعلن فيه المؤتمرون رفض الاتفاق بين الرئيس البشير والصادق المهدي، ووصفوه بأنه خروج صريح على مواثيق التجمع الوطني ومقررات مؤتمر القضايا المصيرية بأسمرة عام 1995، ولا سيما فيما يتعلق بقضية الحرب والسلام وعلاقة الدين بالسياسة وتفكيك دولة الحزب الواحد ومحاسبة النظام في جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان.

          وبعد الاجتماع صدر بيان جاء فيه: "إن الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي (مبارك المهدي) الذي وقع على الاتفاق نيابة عن حزب الأمة، ما عاد يمثل إرادة التجمع الوطني الديمقراطي بعد توقيعه على الاتفاق الثنائي المشار إليه مع وزير خارجية النظام، وبالتالي أوصى المجتمعون بتجميد عضويته إلى حين انعقاد هيئة القيادة المقبل الذي سيبتّ في أمره".

          وأضاف البيان: "إن المجتمعون لاحظوا أن هذا الاتفاق جاء بعد سلسلة من الخطوات التي ظل حزب الأمة يتخذها خروجاً على مبادئ التجمع الوطني ومقرراته، وأن هذا الموقف الجديد يتطلب من حزب الأمة أن يتراجع عنه.

          ويرى المراقبون والمحللون أن هذا الاتفاق يعدّ مهماً لعدد من الأسباب منها:

 

أولاً:

يعني الاتفاق ضمناً أن الدستور السوداني الحالي يجب أن يخضع لإعادة صياغة؛ وبذلك الحكومة الحالية مجرد حكومة انتقالية.

 

ثانياً:

يمثل الاتفاق إجماعاً داخل الائتلاف السوداني الحاكم المكون من القادة الأصوليين والعسكريين. ويذكر أن التنافس من وراء الكواليس بين البشير والترابي كان عاملاً أدّى إلى تأخير أي اتفاق. ولكن خطوة البشير الأخيرة ألزمت النظام بأكمله بالتغيير، كما أنه وضع نفسه في موقع المحاور الأساسي للمعارضة في المراحل الحاسمة المقبلة.

 

ثالثاً:

حدد الاتفاق، وبتفصيل مدهش أحياناً ـ الأسس التي سيقوم عليها مستقبلاً النظام السياسيّ في البلاد. فقد نصّ الاتفاق على التزام قوي بحقوق الإنسان. كما وردت في المواثيق الدولية، والتزام واضح بتطبيق نظام سياسيّ تعددي.

          وأكد الاتفاق أيضاً على الفيدرالية والمساواة بين المواطنين بصرف النظر عن العرق والدين واللغة والجنس. إذا تمت صياغة دستور سوداني قائم على هذه المبادئ، فإن البلاد ستظهر مجدداً جمهورية ديمقراطية حديثة يمكن مقارنتها بجنوب أفريقيا.

          ولم يتطرق الاتفاق إلى النظام الاقتصادي المرتقب، إذ لم يرد ما يشير إلى اقتصاد السوق، والملكية الخاصة، غير أن النظام السياسيّ المطروح لن يعمل في ظل عدم وجود نظام اقتصادي حديث قائم على أساس اقتصاد السوق.

          وأظهر الاتفاق، بصورة واضحة، أن النظام الحاكم الحالي هو الذي قدّم معظم التنازلات، حيث إن موافقة البشير على التعامل مع الصادق المهدي رئيس الوزراء الأسبق، على أساس متكافئ تعكس مدى يأس النظام الحاكم، ومع ذلك فإن المهدي من جانبه، قدّم عدداً من التنازلات، فقد تغاضي عن موقفه السابق تجاه قيام "لجنة الحقيقة والمصالحة" على غرار ما حدث في جنوب أفريقيا، لفحص سجل الحكومات التي تعاقبت على الحكم في السودان منذ استقلاله عام 1956.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة