الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الموقع الجغرافي للسودان
تضاريس السودان
التقسيم الإداري للسودان
التوزيع القبلي للسودان
قناة جونجلي
أماكن معسكرات الفصائل

ج. الولايات المتحدة

          عقدت في القاهرة يوم 18/7/99 ندوة حول مستقبل العلاقات المصرية ـ الأمريكية.

          وفي الندوة قال السفير الأمريكي بالقاهرة: إنه أطلع وزير الخارجية المصري على طبيعة المهمة الموكلة للمبعوث الأمريكي إلى السودان، مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية لم تنته بعد من ترشيح اسمه. وأنه في حالة بدء مهمته، فإن مصر سوف تكون طرفاً في الحوار حول هذا الموضوع.

          وحول الهدف من وراء مهمة هذا المبعوث، التي تزامنت مع توصية من مجلس النواب الأمريكي بفرض منطقة حظر جوي على الطيران السوداني في الجنوب. وقال السفير: إننا نحاول التركيز على الوضع الإنساني بهذه المنطقة. وأضاف قائلاً: إن إرسال مبعوث لهذا الغرض يهدف أيضاً إلى التنسيق بشأن إقرار السلام بالجنوب الذي تجري مناقشته تحت رعاية منظمة الإيقاد، الأمر الذي سيكون له تأثير على تحسين الوضع الإنساني.

          وحول تطورات العلاقة بين السودان وواشنطن قال السفير الأمريكي: إن حكومته أوضحت موقفها بما لا يدع مجالاً للبس بأهمية تغيير سياسة حكومة السودان التي قال: إنها ما زالت تأوي الإرهابيين. وأكد أن مستقبل العلاقات السودانية ـ الأمريكية مرهون تماماً بالتوصل إلى حل لقضية الإرهاب.

          وفي اليوم الأول من شهر سبتمبر 99 أكّد مسؤول في الإدارة الأمريكية أن اتصالات تجرى مع المسؤولين في الحكومة البولندية؛ للتأكيد من المعلومات التي أفادت أن عشرين دبابة من طراز تي 55 كانت جزءاً من صفقة دبابات بولندية إلى اليمن، وصلت إلى السودان.

          وقال المسؤول في تصريحات للصحافيين، إذا تأكد ذلك تكون الحكومة البولندية قد خرقت القانون الأمريكي المتعلق بفرض العقوبات الأمريكية على السودان، والذي يفرض عقوبات على الدول التي تخرقه.

          وأضاف قائلاً: إذا تأكد ذلك فإننا سنفرض عقوبات على بولندا تتضمن وقفاً للمساعدات الاقتصادية والمالية التي نقدمها لبولندا. كما أن علاقات التعاون المتينة بين الولايات المتحدة وبولندا ستتأثر حتماً إذا تأكد تحويل الدبابات إلى السودان.

          وفي وقت لاحق أعلنت الولايات المتحدة أنها سترسل مبعوثاً خاصاً للسودان، وفي أعقاب ذلك أعلنت بعض قيادات التجمع الوطني المعارض تحفظاتها على قرار الإدارة الأمريكية وحمّلوا الحكومة الحالية في السودان مسؤولية هذا القرار. وقال بعض قيادات المعارضة: إن خطوة مهمة كهذه كان لابد أن تتم بالتشاور مع القوى السياسية السودانية التي تعارض هذا النظام، فيما أكد أمين المنظمة السودانية لحقوق الإنسان؛ بأن المنظمة مع وجود مراقبين دائمين لأوضاع حقوق الإنسان في السودان وليس مبعوثاً أمريكياً.

          وشدّد مسؤول الشؤون الخارجية في الحزب الاتحادي الديمقراطي على رفض أي تدخّل أجنبي في الشأن السوداني، وحمّل النظام مسؤولية هذا التدخل.

          وطالب رئيس الدائرة السياسية لقوات التحالف السودانية أمريكا والمجتمع الدولي أن يتعاملوا مع السودان بوصفه كياناً موحداً، له قوى سياسية تعمل على معالجة الأسباب التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار.

          ووصف عدد من المسؤولين السودانيين قرار الإدارة الأمريكية بتعيين مبعوث للسودان بأنه عمل شرير يستهدف السودان. وتدخّل سافر في الشأن الداخلي للسودان.

          وأصدر الاتحاد العام للمحامين السودانيين (المؤيد للحكومة) بياناً وصف فيه القرار الأمريكي بأنه خارج إطار الشرعية الدولية، وتمثيل حلقة جديدة من حلقات التآمر ضد السودان وتمهيداً لشر يحاك ضد السودان.

          وطالب أمين المؤتمر الوطني (التنظيم الحاكم) بولاية الخرطوم الحكومة بعدم منح إذن دخول للمبعوث الأمريكي. وقال: إذا وافقت الإدارة الأمريكية على تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في قصف مصنع الشفاء، يمكن أن توافق الحكومة السودانية على دخول المبعوث الأمريكي للأراضي السودانية.

          وأكد وزير الخارجية من جانبه، أن السودان ليس متعجلاً لإصدار بيان حول المبعوث، بل سيراقب حركة الكونجرس، وما يجري في أروقته وأروقة الإدارة الأمريكية، وسيحتفظ بحقه في اتخاذ الخطوة المناسبة التي تتوافق مع مصالحه الوطنية.

          وقال في تصريح نقلته وكالة الأنباء السودانية الرسمية: إن أمريكا أخفقت في معالجة قضاياها مع السودان، وهي غير مؤهلة لتحقيق السلام في البلاد، كما أخفقت في إقناع الرأي العام العالمي بما يجري داخل السودان.

          وفي 28/9/99 ذكرت مصادر دبلوماسية مصرية إن الولايات المتحدة أبلغت الإدارة المصرية أنها تؤيد جهود المصالحة المصرية الليبية لتحقيق المصالحة الداخلية في السودان بين الحكومة والمعارضة، إضافة إلى ما تقدم به مجموعة (الإيقاد) من جهود تسير في نفس الاتجاه.

          ونفت الولايات المتحدة عبر هذه التأكيدات، وبصورة قاطعة، ما تردد عن إقدامها إلى تعزيز خطوات تقسيم السودان. وأنها تتطلع إلى نهوض السودان بمسؤولياته ودوره.

          وأكدت واشنطن أنها مع أي مبادرة تحقق السلام على أرض السودان. واستبعدت أن يكون تعيين مبعوث لها في جنوب السودان، يهدف إلى التدخل السياسي في السودان. وقالت: إن مبعوثها مكلف بالتعامل مع الموقف الإنساني.

          إلاّ أن المصادر قالت: ليست هناك أي بوادر تشير إلى احتمال رفع اسم السودان من قائمة الدول التي ترعى الإرهاب.

          وذكرت مصادر عربية مطلعة في القاهرة أن وزارة الخارجية الأمريكية طلبت من السلطات المصرية وبصورة رسمية إشراك هاري جونستون المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان في الاجتماعات التنظيمية التي ستعقدها الفصائل السودانية المنضوية تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي في كل من القاهرة وكمبالا على التوالي التي ستبدأ في السادس عشر من أكتوبر 99.

          وقد أبدت القاهرة تحفظاً على حضور المبعوث الأمريكي لهذه الاجتماعات، لأنها ذات طابع تنظيمي. كما أن الحكومة السودانية نفسها لم تحدد موقفها من التعامل مع هذا المبعوث.

          وأوضحت بعض المصادر أن السلطات الليبية رفضت بشدة أي اتجاه لإشراك المبعوث الأمريكي في أي اجتماعات خاصة بالمعارضة السودانية ووصفت ذلك بأنه تدخل مرفوض في الشؤون الداخلية للسودان.

          وفي يوم 23/10/1999 اجتمعت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت مع جون قرنق زعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان في العاصمة الكينية نيروبي، وفي الاجتماع بحث الجانبان احتمال تقديم الولايات المتحدة معونات غذائية لقوات قرنق والجهود الرامية إلى إنهاء الحرب في السودان.

          وأبلغ قرنق الصحافيين، عقب الاجتماع الذي استمر ساعة، أنه بحث أمر المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى المساعدات الغذائية.

          وتمسك قرنق بمسيرة السلام، لكنه اتهم الخرطوم بأنها لم تتخذ قراراً بعد بالسعي إلى حل سلمي، وأنها تستغل محادثات السلام لكسب الوقت مع استمرارها في برنامجها العسكري.

          وأبدت الوزيرة الأمريكية استعداد بلادها للتوسط بين الحكومة والجيش الشّعبي لتحرير السودان. كما أنها أكدت أن واشنطن تدعم جهود الدول الأعضاء في الإيقاد لتحقيق السلام في السودان، ولا تدعم أي جهود أخرى يقترحها البعض مثل مصر وليبيا.

          وقد تباينت مواقف السياسيين الشماليين والجنوبيين تجاه تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية التي أعلنت فيها تأييدها لمبادرة الإيقاد وتحفظها حيال المبادرة المصرية ـ الليبية المشتركة. فقد أوضح نائب رئيس المجلس الوطني أن رفض أمريكا للمبادرة المشتركة يأتي من الرفض الأمريكي المجمل لليبيا، وأن الانحياز الأمريكي للإيقاد هو انحياز لفصل جنوب السودان.

          وقال صمويل أرو أحد السياسيين البارزين في الجنوب: إن على المعارضة وحركة التمرد تحقيق السلام قبل تنفيذ مخطط أمريكا.

          وقال وزير الخارجية السوداني في تصريحات صحافية: "إذا كان التصريح الذي أبدت فيه أولبرايت استعداد بلادها للتوسط بين الحكومة وحركة التمرد يوحي بتوجّه جديد للسياسة الأمريكية تجاه السودان ومشكلة جنوب السودان؛ فهو جدير بأن ينظر إليه بإيجابية. وأكد بأن الإدارة الأمريكية يمكن أن تؤدي دوراً كبيراً ومهماً في قضايا السودان، وخاصة مشكلة الجنوب إذا ما تدخّلت تدخّلاً إيجابياً".

          ومن جهة أخرى انتقد الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة المعارض، تصريحات أولبرايت التي أكدت أن واشنطن تدعم ـ بشكل حصري ـ جهود الإيقاد لتحقيق السلام في السودان. وأعلن المهدي لوكالات الأنباء قائلاً: "أما من حيث الجوهر فإن الإيقاد لا يمكن أن تكون وحدها منبراً لتناول الشأن السوداني، ولا يمكن أن تكون إطاراً مناسباً لحل القضية السودانية إلاّ إذا وسعت أجندتها لتشمل كل المشكلات السودانية في الشمال والجنوب".

          وأكد المهدي: إذا أكدت أولبرايت أن واشنطن لا تدعم المبادرة المصرية ـ الليبية لكنها لا تقاومها فإن ذلك يخصها، فنحن نأخذ ذلك في الحسبان.

          وفي القاهرة التقى المبعوث الأمريكي للسودان هاري جونستون بوزير الخارجية المصري يوم 28/10/99. وبعد اللقاء وصفه المبعوث الأمريكي بأنه كان مفيداً مشيراً إلى أنه حمل إلى الوزير المصري رسالة من وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت مؤكداً أن بلاده تقدّر الدور التاريخي الخاص لمصر في السودان.

          وأضاف: وفي ضوء قناعتنا بذلك فإننا اتفقنا على أهمية استمرار الحوار بين مصر والولايات المتحدة حول سبل التوصل إلى تسوية دائمة للوضع بالسودان.

          وبعد الاجتماع أعلن المبعوث الأمريكي للصحافيين أن بلاده مهتمة بالتوصل إلى تسوية سياسية شاملة ودائمة تكون كفيلة بالحفاظ على وحدة السودان. وأكد ضرورة الأخذ بوجهات نظر كاملة الأطراف من خلال مبادرة الإيقاد، مشيراً إلى أهمية التوصل إلى تسوية دائمة تأخذ في الحسبان حق تقرير المصير لجنوب السودان، والقضايا الوطنية الأخرى مثل الديموقراطية ودور الدين والدولة.

          ومن جهة أخرى أعلن السفير السوداني بالقاهرة أنه سيلتقي المبعوث الأمريكي الخاص بالسودان في القاهرة.

          وذكرت مصادر مطلعة أن القاهرة نصحت الخرطوم بالتحاور مع المبعوث الأمريكي المكلف القضية السودانية، واستطلاع أفكاره وآرائه بشأن الحلول المطروحة.

          وفي 12/11/99 اتصل المبعوث الأمريكي هاري جونستون، عبر الهاتف، بالعميد عبدالعزيز خالد رئيس المكتب السياسي العسكري للتحالف الوطني حيث أكد مساعيه لاستعجال توفير الدعم التنموي للمناطق التي يسيطر عليها التجمع الوطني، والعمل على دفع الجهات المختصة بالعون الإنساني والتنمية للوقوف على حقيقة الأوضاع في تلك المناطق.

          وفي خطوة مفاجئة وقع الرئيس الأمريكي بيل كلينتون يوم 29/11/99 مشروع قرار يقضي بانتهاج سياسة أكثر تشدداً تجاه الحكومة السودانية، وذلك بتسليم المساعدات الغذائية بصورة مباشرة لقوات الجيش الشعبي لتحرير السودان في الجنوب.

          ويهدف أنصار هذه الخطة، داخل وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي الأمريكيين، إلى تعزيز العمليات العسكرية للمعارضة الجنوبية، ولعزل النظام السوداني الذي تتهمه واشنطن بدعم الإرهاب الدّولي. ويرى معارضو هذا الاتجاه، بمن في ذلك بعض مسؤولي الإدارة الأمريكية، ووكالات الغوث: أن إعطاء المساعدات الغذائية للمعارضة مباشرة، يُعدّ مثالاً آخر لسياسة التدخل التي تقحم الولايات المتحدة في الحرب الأهلية، تماماً كما فعلت إدارة الرئيس الأسبق رونالد ريجان التي ساعدت جماعات حرب العصابات المناوئة للشيوعية في أفريقيا، وأمريكا الجنوبية.

          وتعتقد جوليا تافت، مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون اللاجئين والمساعدات الإنسانية: أن تقديم الغذاء للمقاتلين هو استخدام الغذاء سلاحاً في الحرب؛ الأمر الذي ينتهك مبدأ الحياد في مسألة توفير الأغذية خلال النزاعات.

          إلاّ أن مشروع القرار وجد مساندة مجموعة من أعضاء مجلس النواب والشيوخ، وتأييد سوزان رايس مساعدة وزيرة الخارجية للشئون الأفريقية، وجايل سميث مدير القسم الأفريقي لمجلس الأمن القومي الأمريكي.

          وذكر جون بندرجاست المستشار الخاص لرايس: أن المساعدات الغذائية قد تمكن الجنوبيين من الاحتفاظ بمواقعهم في الأراضي التي يقاتلون فيها الجيش الحكومي والمليشيات التي تدعمها الحكومة. وأضاف: إن المساعدات الغذائية ستمكن من إعادة إمداد قوات المعارضة في المناطق التي تعاني نقصاً في الأغذية. ويأمل بندرجاست أن تساعد هذه المعونات الغذائية قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان في الاحتفاظ بمواقعها الحالية، أو توسيع نطاق المناطق التي تسيطر عليها بحيث يصعب الاحتفاظ بخطوط للإمداد والتموين.

          واعترف بندرجاست باحتمال اندلاع معركة داخلية في الإدارة الأمريكية حول تطبيق الاقتراح المطروح. والجدير بالذكر أن الرئيس كلينتون ووزيرة الخارجية مادلين أولبرايت لم يتخذا أي موقف عام تجاه هذه القضية، رغم أن وزيرة الخارجية قد تسلمت أوراقاً من مكتب مساعدتها لشئون اللاجئين تعارض هذه السياسة. وكان مسؤولون آخرون في الإدارة الأمريكية قد ذكروا أن جهود عزل السودان لا تعدو أن تكون ضرباً من العبث؛ ذلك لأن دولاً حليفة للولايات المتحدة مثل فرنسا وبريطانيا وكندا، بدأت في السعي إلى التقارب مع الخرطوم للاستثمار في قطاع النفط الناشئ. ويذكر أن الصين قد حصلت على نصيب كبير في شركة النفط الحكومية.   

          ويعتقد بيتر بيل مدير منظمة (كير) العالمية التي تقدم عوناً غذائياً لشمال السودان وجنوبه على السواء، بأن الإدارة الأمريكية يجب أن تبذل المزيد من الجهود في دعم محادثات السلام بدلاً من محاولات تعزيز موقف الجيش الشعبي لتحرير السودان.

          ويرى بيل: أن المرحلة الراهنة تمثل وقتاً حرجاً لمحاولة التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء أطول النزاعات في القارة الأفريقية؛ لأن النظام في الخرطوم عازم على الاستفادة من عائدات النفط في تعزيز آلته الحربية. ويرى بيل؛ أن إمداد معارضي الحكم بالغذاء سيطيل أمد النزاع بدلاً من حلّه.

          وقد أعلن السودان يوم 1/12/99 رفضه للقرار الأمريكي، ووصفه بأنه يهدد الأمن القومي السوداني.

          وأعلن علي عبدالرحمن النميري، وزير الدولة بوزارة الخارجية ـ في تصريحاته لوكالة الأنباء السودانية الرسمية؛ أن القرار يؤكد عدم احترام الإدارة الأمريكية لميثاق الأمم المتحدة، وهو خرق واضح للأعراف والمبادئ الدولية التي توضح أن تكون آلية التعامل في المجال الإنساني عبر الأمم المتحدة، وأن هناك اتفاقاً بين الأمم المتحدة والسودان على آلية محددة تتولى عبرها الدول تقديم المساعدات الغذائية لجنوب السودان وهي عملية شريان الحياة.

          وقال الوزير: إن الأمم المتحدة أشادت بتعاون السودان معها، وأن القرار الأمريكي سيؤدي إلى إحداث فجوة غذائية بجنوب السودان، وكارثة إنسانية محققة، ويجد رفضاً من كثير من المنظمات الحكومية وغير الحكومية العاملة في مجال الإغاثة، وأعلنت بعضها: أنها لا تنوي التعامل مع الإدارة الأمريكية في مساعيها لتقديم الغذاء للمتمردين. كما أن هناك أطرافاً أمريكية ترفض هذا القرار، وتتساءل عن آلية تنفيذه في ظل عزوف المنظمات غير الحكومية على تنفيذه.

          وأكد النميري: أن القرار يتسق مع القصف الأمريكي غير المبرر لمصنع الشفاء، والتآمر ضد السودان، واستخدام الغذاء سلاحاً ضده، وفرض عقوبات جائرة تبنى على اتهامات كاذبة.

          ووصف حسن عابدين، وكيل وزارة الخارجية، القرار الأمريكي بأنه تبنٍ سافر لحركة التمرد سياسياً وعسكرياً، وأن أمريكا ظلت دائماً تدعم الحركة بصورة سافرة ومستترة.

          وفي نوفمبر 99 أبلغ المبعوث الأمريكي للسلام في السودان هاري جونستون قادة المعارضة السودانية أن حكومته ستوجه دعوة لهم لزيارة بلاده لمزيد من التشاور حول القضية السودانية.

          وقالت مصادر حضرت اجتماعات التجمع في كمبالا في الفترة من السابع إلى الحادي عشر من ديسمبر 99، أن محمد عثمان الميرغني، رئيس التجمع، عرض الدعوة الأمريكية على المجتمعين، لكنها قوبلت باعتراضات شديدة، خاصة من جانب فاروق أبو عيسى الناطق الرسمي باسم التجمع الذي أعلن رفضه صراحة على وضع المعارضة السودانية تحت الوصاية الأمريكية. وشدّد على عدم إدراج الدعوة في جدول أعمال التجمع.

          وقال التيجاني الطيب، ممثل الحزب الشيوعي، في هيئة قيادة التجمع: إنه لا يمكن قبول هذه الدعوة دون التشاور بشأنها مع دول الجوار؛ نظراً لما قد تسببه من حساسيات في هذا الوقت، وما يمكن أن تتركه من آثار سلبية على علاقة التجمع ببعض الدول وداخل الشارع السوداني. إلاّ أن الطيب أشار، في الوقت نفسه، إلى أن التجمع لم يرفض الدعوة الأمريكية وإنما أجّل القرار بشأنها بعد دراستها دراسة مستفيضة.

          وبعد الإجراءات التي أتخذها الرئيس البشير في السودان في 12/12/99 بإعلان حالة الطوارئ وحل البرلمان، قال مسؤول في الإدارة الأمريكية للصحافيين: إن الولايات المتحدة تتابع وتراجع وتراقب ما اتخذه الرئيس السوداني من قرارات وتقوّم ما حدث وما سيحدث خلال الأيام القليلة المقبلة، وتأثير ذلك على السياسة الخارجية للسودان، وعلى علاقة الولايات المتحدة وسياستها نحو السودان، وأشار إلى أن الأمور ستضح خلال أيام.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة