|
ليبيـــا
اتسمت العلاقات الليبية السودانية في فترة حكم الرئيس نميري بالتوتر، خاصة في الفترات التي تميزت بعلاقات حسنة بين ليبيا والاتحاد السوفيتي. ويرجع ذلك إلى .
- العلاقات المصرية السودانية الوثيقة في تلك الفترة.
- اختلاف الخط السياسي السوداني عن الخط السياسي الليبي. فقد حسّنت حكومة الرئيس نميري علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية، في حين أن ليبيا تتجه ناحية الاتحاد السوفيتي.
- التدخل الليبي في تشاد إلى جانب حكومة جكوني عويدي، في حين ساندت كل من مصر والسودان النظام الشرعي المتمثل في حسين هبري.
- قيام التحالف الليبي الإثيوبي المدني، مع وجود عداء مستحكم بين السودان وإثيوبيا، وانحياز ليبيا إلى الجانب الإثيوبي.
وقد اتُهمت ليبيا بإمداد متمردي الجنوب، بالسلاح والعتاد اللازم، لإثارة الاضطرابات في الجنوب.
وبقيام نظام حكم جديد في السودان، يحاول أن يبنى سياسته على حسن الجوار، حاولت ليبيا أن تستغل ذلك في تطبيق أساليب الحكم الليبية وأنظمتها على السودان، بهدف السيطرة عليه. فاعترفت بالحكومة الجديدة، وتبادلت الزيارات معها.
وكانت ليبيا عند وقوع اضطرابات الجنوب في نوفمبر 1987، قد أمدت الحكومة السودانية بمساعدات عسكرية لقمع حركات التمرد. وكان هدف ليبيا من ذلك منع السودان عن تقديم معاونات لتشاد، إضافة إلى أنها تهدف إلى أن يتغاضى السودان عن وجود قوات ليبية في إقليم دارفور، تشن هجمات على تشاد من الشرق.
تأثر موقف ليبيا، في فترة حكم الرئيس نميري، من مشكلة الجنوب، بالمصالح الليبية في المنطقة، وبالعلاقات السودانية الليبية، والعلاقات السودانية التشادية. ففي الفترة التي تتوافق فيها المصالح الليبية وتتمشى مع العلاقات الحسنة بين السودان وليبيا، كانت ليبيا تدعم السودان بالأسلحة والذخائر وقاذفات القنابل لإنهاء تمرد الجنوب، في حين أن ما يحدث خلال فترات توتر العلاقات بين الدولتين كان خلاف ذلك تماماً، بل كانت ليبيا تساند المتمردين لإثارة الاضطرابات للحكومة السودانية.
شهدت العلاقات الليبية ـ السودانية في فترة الرئيس البشير تذبذباً، فقد أخذت في التنامي منذ يونيه 1991، حين التقى الرئيس الليبي والرئيس السوداني في شهر يونيه في الخرطوم، لبحث خطوات تحقيق الوحدة الاندماجية بين الدولتين. ولكن في الأشهر التي تلت ذلك اللقاء، بدأت العلاقات في التدهور التدريجي، حيث أثارت ليبيا موضوع التنسيق بين الجبهة الإسلامية القومية في السودان، والإخوان المسلمين في ليبيا، ووجود معسكرات تدريب للإسلاميين الليبيين في شرق السودان. ولمّا زار الفريق البشير ليبيا في نوفمبر 1991، لم يستقبله العقيد القذافي .
توقفت ليبيا منذ مارس 1993 عن إرسال شحنات النفط للسودان، وطلبت من السودان سداد مبلغ 200 مليون دولار مستحق عليه. وأوقفت برنامج التكامل. وعند زيارة الرئيس البشير لليبيا في 27 مارس 1993، طالبه الرئيس القذافي باتخاذ عدة إجراءات لتحسين العلاقات بين الدولتين منها:
- إبعاد الجبهة الإسلامية عن السلطة.
- تحسين العلاقات مع مصر.
- محاكمة حسن الترابي زعيم الجبهة الإسلامية، بصفته مسؤولاً عن جرائم عديدة في حق الشعب السوداني، وبعض الدول العربية.
ووقّعت ليبيا مع السودان في أغسطس 1994 على محضر لآلية تفعيل ميثاق التكامل. وفي شهر ديسمبر 1994 أوقفت ليبيا منح تأشيرة الدخول للسودانيين إليها، لمدة أربعة أشهر، حتى تتمكن من تقنين الوجود السوداني في ليبيا.
في يناير 1995، أعلنت ليبيا عن مباحثات في شأن وحدة بينها وبين تشاد، وفي سبتمبر 1995، أبعدت ليبيا عشرات الآلاف من العمال السودانيين، الذين دخلوا ليبيا بطرق غير مشروعة. وأعلنت ليبيا عن الكشف عن تنظيم إرهابي، على علاقة بالجبهة القومية في السودان، يعمل على زعزعة النظام في ليبيا.
بدأ الزعيم السوداني زيارة إلى ليبيا في الحادي عشر من شهر أبريل 1997. وحاول الرئيس الليبي دعوة الرئيس الأوغندي لزيارة ليبيا، لعقد لقاء مع الرئيس السوداني في إطار وساطة ليبية، لتخفيف حدة التوتر بين الدولتين. ولكن الرئيس الأوغندي اعتذر عن الحضور، وأرسل وفداً مكون من: وزير الخارجية "إيريا كاتيغايا"، ووزير الدولة للدفاع "أماما إمبابازى". وأجرى الرئيس السوداني محادثات مع الوفد، بحضور "عمر المنتصر" أمين اللجنة الشعبية للاتصال الخارجي، في بلدة رأس أجدير على الحدود الليبية ـ التونسية. وأعرب الرئيس البشير عن ارتياحه لهذا اللقاء.
حدت العقوبات المفروضة على ليبيا، نتيجة لأزمة لوكيربي، من حرية التحرك الليبي تجاه الأزمة في السودان، خاصة مع تدهور الموقف الاقتصادي والعسكري الليبي.
|