الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
الموقع الجغرافي للسودان
تضاريس السودان
التقسيم الإداري للسودان
التوزيع القبلي للسودان
قناة جونجلي
أماكن معسكرات الفصائل

موقف إيران

        أبدت الثورة الإيرانية تشككاً تجاه ثورة الإنقاذ أول قيامها عام 1989، إلاّ أن العلاقات بين البلدين أخذت في التطور التدريجي، واتخذت أبعاداً متنوعة في الجوانب السياسية والعسكرية والأمنية والقضائية والاقتصادية. وشهد عام 1991 تقارباً بين السودان وإيران، جاء مـتوافقاً مع المصالح والأهداف المرحلية لنظام الحكم في كلا الدولتين، وركزت إيران على البعد الثقافي.

        في عام 1992 وقعت إيران والسودان عدداً من الاتفاقيات، في مجال التسلح والتدريب العسكري والقضائي. وفي شهر ديسمبر 1992، وقعتا بروتوكولا للتعاون بين أجهزة المخابرات في الدولتين. وبرزت بعض الخلافات في وجهات النظر بشأن تنفيذ بعض الاتفاقيات، أو حول بعض القضايا، مثل التسوية السلمية في المنطقة. وكان أحد الخلافات الرئيسية يتعلق بطرد السودان حركة الجهاد الإسلامي الإريتري من أراضيه، وهي الجبهة الإريترية المعارضة لنظام الرئيس الإريتري أفورقي، وتتمركز في شرق السودان. ولم تنفذ البروتوكولات طبقاً لما كان مخططاً لها، باستثناء مجالي النفط والتعاون الأمني.

        في مارس 1995، وقعت الدولتان على آلية جديدة لتنفيذ الاتفاقيات المتعثرة، في مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي والثقافي. أما في المجال النفطي، فإن الاتفاقيات تتيح للسودان الحصول على النفط من إيران بأسعار خاصة، مما مكّن الحكومة السودانية من مواصلة القتال في الجنوب.

        وفي المجال الأمني أدت الاتفاقيات العسكرية والتعاون العسكري، إلى حدوث تقدم ملموس في هذا الجانب. ووقعت إيران والسودان في شهر أبريل 1995، اتفاقاً حصلت إيران بمقتضاه على تسهيلات في ميناء بورسودان، لأغراض التموين والإمداد لمدة 25 عاماً. وفي المقابل حصل السودان على التزام إيراني بإمداد السودان بأنواع مختلفة من الأسلحة، ومنحاً لتدريب الضباط السودانيين ـ حوالي مائة ضابط ـ في المعاهد العسكرية الإيرانية. واشتملت صفقة السلاح على طائرات عمودية، وقطع مدفعية، ورادارات، وجسور متحركة. وكانت هذه الصفقة لأسلحة صينية الصنع، بلغت قيمتها 300 مليون دولار، دفعتها إيران. كما بدأت إيران في شق طرق وتعبيدها في جنوب السودان.

        سعت طهران بالوساطة في النزاع بين السودان وأوغندا منذ عام 1995، بهدف تخفيف الضغوط الإقليمية على السودان. وأدى الاتفاق، الذي وُقِع في طهران في نوفمبر 1996 نتيجة لهذه الوساطة، إلى منع كل من أوغندا والسودان والجماعات المعارضة المسلحة، التي تعارض نظام الحكم في الدولتين، من الوجود في أراضيهما، في حدود 100 كيلومترٍ من الحدود المشتركة بين البلدين.

        وأيدت إيران وحدة السودان وعدم استقلال جنوب السودان، كما أدانت أي انتهاك لوحدة الأراضي السودانية. ويعتبر هذا الموقف، هو الموقف الرسمي الإيراني من مشكلة الجنوب .

منظمة الإيقاد

        شكلت قمة الإيقاد في سبتمبر 1993، لجنة رباعية من كل من رؤساء إريتريا، وإثيوبيا، وأوغندا، وكينيا بهدف الوساطة بين الحكومة السودانية وفصائل جيش التحرير الشعبي لجنوبي السودان "S. P. L. A" لإيجاد تسوية سلمية للنزاع. وفي نوفمبر من العام نفسه، أُنشئت لجنة دائمة من وزراء خارجية هذه الدول الأربع للقيام بجهود الوساطة التفصيلية.

        اجتمعت اللجنة الرباعية على المستوى الوزاري، في ديسمبر 1993 ويناير 1994. ورفعت تقريرها إلى اجتماع قمة في نيروبي في مارس 1994. وحددت القمة منتصف مارس 1994، موعداً لأطراف الصراع لبدء التفاوض. وتوصل الاجتماع إلى الاتفاق حول كيفية توصيل مواد الإغاثة لمناطق الصراع.

        وفي يونيه 1994، اجتمعت اللجنة الرباعية على المستوى الوزاري، وتوصلت إلى وضع مسّودة مشروع يتضمن مبادئ لحل مشكلة الجنوب، شملت النقاط الآتية :

  1. ضرورة التوصل إلى اتفاق حول تقرير المصير للجنوب، عن طريق الاستفتاء.
  2. إن حق تقرير المصير لا يعني الانفصال، وحتى يمكن حل المشكلة في إطار السودان الواحد، فيجب الإقرار بالحقائق الآتية:
    أ. تباين الثقافات والديانات لشعب السودان.
    ب. تأكيد الحقوق السياسية والاجتماعية لكل القبائل والقوميات.
    ج. تأكيد حق الحكم الذاتي.
    د. قيام حكومة ديموقراطية بفصل الدين عن الدولة، من خلال التأكيد على حرية الاعتقاد والتفكير في القانون.
    هـ. التوزيع العادل لثروات البلاد.
    و. تثبيت الحقوق الأساسية في الدستور.
    ز. تأكيد استقلال السلطة القضائية.
  3. الاتفاق على استحالة إيجاد حل بالطرق العسكرية، وأن الخيار الوحيد هو الحل السلمي.
  4. في حالة تعثر التسوية، فالخيار الآخر هو إجراء الاستفتاء في الجنوب لتقرير مصيره.

        أبدى وفد جنوب السودان قبوله بكل ما جاء في مشروع الإيقاد، واستعداده للتفاوض بموجب ذلك، بينما تحفظ وفد الحكومة على مسألتي تقرير المصير وعلمانية الدولة . ولم تحقق قمة الإيقاد أي تقدم في جهود التسوية. واستمرت العمليات العسكرية قائمة بين الطرفين.

        على ضوء تردي العلاقات بين السودان، وكل من أوغندا وإريتريا، بما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما وبين السودان، وحدوث اشتباكات على الحدود، فقدت قمة الإيقاد مصداقيتها وتوقفت عن مساعيها. وفي 25 مارس عام 1997 جُددت المساعي مرة أخرى بوساطة من إيران وجنوب أفريقيا، وعُقدت قمة للإيقاد في نيروبي. وتدخل في الوساطة الرئيس "نيلسون مانديلا"، ولكن المحاولة لم تؤدِ إلى نجاح .



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة