|
2. الموقف الدولي
أ. الأمم المتحدة
نقلت وكالات الأنباء في 27 فبراير 2001، أن صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) أعلن انه نقل جوا أكثر من 2800 من الأطفال المجندين بعيداً عن جهات القتال في جنوب السودان، تتراوح أعمارهم بين 8 أعوام و18 عاما، وقد تمت العملية من منطقة الصراع في ولاية بحر الغزال عبر رحلات طيران سرية استغرقت خمسة أيام.
وفي 20 أبريل 2001، دعت لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة اليوم إلى اتفاق وقف إطلا نار شامل ودائم ومراقب جيدا في السودان. وكذلك إلى احترام حقوق الإنسان، مع إقرارها، في الوقت نفسه، بتحسن نسبي ناجم عن التقارب السياسي. وفي قرار صادقت عليه 28 دولة من الثلاث والخمسين الأعضاء في اللجنة، وامتنعت 25 دولة أخرى عن التصويت عليه، طلبت اللجنة من الحكومة السودانية وجميع الحركات المسلحة جنوب البلاد أن تتخذ، على الفور، إجراءات لوقف إطلاق النار، يكون مقدمة لحل تفاوضي للنزاع.
كما طلبت الوثيقة من الطرفين احترام حقوق الإنسان وحمايتها. وأعربت اللجنة عن قلقها العميق لانعكاسات النزاع المسلح على الوضع في مجال حقوق الإنسان.
إلا أنها أعربت عن ارتياحها لما سجل من جوانب إيجابية في البلاد خلال عام 2000، منها إدراج مبدأ احترام حقوق الإنسان والحريات أل أساسية في الدستور السوداني، وتشكل محكمة دستورية، واعتماد قانون حول الجمعيات والأحزاب السياسية، واستقبال اللاجئين من بلدان أخرى في السودان، وكذلك رغبة الحكومة المعلنة في التوصل إلى وقف إطلاق النار.
وفي 21 مايو 2001، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف أنها ستستأنف اليوم رحلاتها إلى السودان بعد أن علقتها في 9 مايو 2001، إثر الهجوم الذي تعرضت له إحدى طائراتها، وقتل خلاله مساعد أول قائد الطائرة.
وذكر بيان: إن الحادثة المأساوي نتج عن تضافر عوامل موضوعية، وليس عن هجوم مدبر، أو عمل متعمد يستهدف المنظمة الدولية للصليب الأحمر.
وفي 15 يونيه 2001، أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة أن سفينة محملة بأكثر من عشرة آلاف طن من المساعدات الغذائية ستصل إلى بورسودان اليوم وقد قدمت هذه المساعدات كل من ألمانيا واليابان وهولندا والسويد لمكافحة الجفاف والتخفيف من معاناة السكان في جنوب السودان.
كما تناقلت وكالات الأنباء العالمية أن مكتب الأمم المتحدة في الخرطوم أعلن عن تشكيل وحدة طوارئ للمساعدة في تقديم المساعدات الإنسانية لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين فروا من الحرب في ولاية غرب بحر الغزال. وجاء في بيان المكتب الذي وزع في الخرطوم يوم 15/6/2001، إن مهمة هذا الفريق ستكون دعم الجهود السودانية الهادفة إلى تقديم مساعدات إنسانية للمهجرين الذين فروا من الهجوم الذي شنه الجيش الشعبي لتحرير السودان في ولاية غرب بحر الغزال.
ويتألف الفريق من ممثلين عن الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية والبرنامج العالمي للغذاء، بالإضافة إلى دول مانحة وسيعقد اجتماعات دورية حتى احتواء الأزمة الراهنة.
وأوضح البيان: أن فريقا مشتركاً، يضم ممثلين عن الأمم المتحدة، ومنظمات غير حكومة، يقوم حالياً بتقويم حاجات المهجرين.
وفي 9 سبتمبر 2001، زار السودان وفد من الأمم المتحدة برئاسة كينزو أوشيما مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يرافقه توم روال سينج مبعوث الأمين العام الخاص بالشؤون الإنسانية. وذكر أن الزيارة تستمر أربعة أيام، يجري خلالها الوفد محادثات مع المسؤولين في شان عملية شريان الحياة التي تشرف عليها الأمم المتحدة لإغاثة المتضررين من الحرب في جنوب السودان. كما سيزور المسؤولان الدوليان مناطق تسيطر عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان في جنوب السودان.
ودعا وزير الدولة للخارجية، شول دينق، الذي استقبل الوفد في المطار إلى نقل الإغاثة بالكامل من داخل السودان، وتوحيد عملية شريان الحياة بجعل رئاستها بالخرطوم،مؤكداً أن الحكومة جهزت مطار الأبيض لغرب السودان لاستقبال الطائرات الكبيرة، حتى تساعد في نقل الإغاثة من داخل السودان إلى المناطق المختلفة، بما فيها المناطق التي تسيطر عليها حركة التمرد.
وكان السودان قد طالب الأمم المتحدة، قبل أكثر من عام، بإيقاف نقل الإغاثة لداخل السودان من قاعدة لوكوسيكو بشمال كينيا، لأنه يتهم المنظمات العاملة هناك بمساعدة الحركة الشعبية في عملياتها الحربية. كما اشتكت الحكومة، دوماً، من أن أجهزة الاتصال التي تستخدمها المنظمات ساعدت حركة التمر في الجنوب على إحراز تقدم في العمليات العسكرية.
كما طلب الدكتور دينق السماح لسودانيين بمراقبة الإغاثة التي تنقل من كينيا، ولكن المبعوث الدولي طلب مناقشة الأمر بين الخرطوم ونيروبي وأفاد أنه سيجري محادثات مع المسؤولين في الحركة الشعبية العقبات التي تعترض سير العلميات الإنسانية. وسيزور كنزو مدينة الضعبين حيث لجأ الآلاف من السكان المتأثرين بالعمليات العسكرية في بحر الغزال.
وفي 19 سبتمبر 2001، اختتم الدكتور فرانسيس دنيق ممثل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون النازحين زيارة رسمية للسودان استغرقت أسبوعاً، وقف خللها على أوضاع النازحين، وناقش خطة لوضع الأسس القانونية لمعاملة النازح كما يعمل اللاجئ. وأوضح فرانسيس (وهو ابن أحد أشهر سلاطين الدينكا في السودان) في مؤتمر صحفي، أن عدد النازحين داخليا ـ بسبب الحرب والجفاف والتصحر ـ يفوق الأربعة ملايين نسمة، وأن السودان هو أكثر البلدان تأثرا بالنزوح الداخلي. وقال: إنه تم الاتفاق مع المسؤولين في الحكومة السودانية على عقد مؤتمر عالمي بالسودان حول النزوح، العام المقبل على ضوء المبادئ الهادفة حول النزوح الداخلي.
ووعد فرانسيس بتقديم مقترحات للأمين العام للأمم المتحدة، بعد مشاهداته ولقاءاته بالمسؤولين حول أوضاع النازح. وأكد أن الأمم المتحدة ـ مع احترامها للسيادة الوطنية والمسؤوليات المنطوية عليها ـ تستهدف التعاون مع الحكومات لمحاولة تفهم مشكلات النازحين داخلياً، وتوفير المساعدة والحماية وما ينبغي أن يقوم به كل بدل معني.
وفي خطوة مفاجئة قرر مجلس الأمن الدولي يوم 28/9/2001 رفع العقوبات المفروضة على السودان منذ 26 أبريل عام 1996، إثر محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وتمثلت العقوبات في تقليص التمثيل الدبلوماسي للبعثات والقنصليات السودانية في الخارج، وفرض حظر على سفر بعض المسؤولين السودانيين.
وكانت مجموعة عدم الانحياز (أوكرانيا، وبنجلاديش وتونس وجامايكا وسنغافورة وكولومبيا، ومالي، وموريشسيوس) قد تقدمت بالقرار.
وقد وافق المجلس على القرار بأغلبية أربعة عشر عضواً، وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت؛ نتيجة لضغوط التيار المحافظ داخل الإدارة الأمريكية وداخل الكونجرس، ونتيجة لضغوط المجموعات الدينية المسيحية التي أثارت مسألة الرق في السودان والحرب الأهلية الدائرة في جنوب السودان.
وقد رحب مجلس الأمن في قراره بانضمام السودان إلى الاتفاقات ذات الصلة للقضاء على الإرهاب، وتوقيعه على الاتفاقية الدولية لمكافحة الهجمات الإرهابية بالقنابل عام 1997، وتوقيعه على الاتفاقية الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب لعام 1999.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بقرار مجلس الأمن وقال: إن القرار رسالة من المجلس للدول التي تخضع للعقوبات بأنها سترفع، أو تعلق إذا نفذت الدول ما هو مطلوب منها.
ورحبت الحكومة السودانية بالقرار، وقال وزير الخارجية: إن السودان أثبت للعالم أنه أرض سلم وأمة تعايش. وأبعد ما يكون من الإرهاب والعنف.
ويقول المراقبون: إن قرار مجلس الأمن يمهد الطريق لبحث كل القضايا الأخرى التي كانت موضع خلاف مع الإدارة الأمريكية مثل ملف حقوق الإنسان والحرب الأهلية في جنوب السودان.
ورحبت جامعة الدول العربية بالقرار، ووصف الأمين العام للجامعة القرار: بأنه خطوة مهمة وإجراء عادل تجاه دولة عربية، وأعرب عن أمله أن يتخذ مجلس الأمن خطوة مماثلة تجاه ليبيا، بعد أن أوفت بالتزاماتها المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وإذا كان التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية عن الإرهاب الصادر في أبريل 2001 يعد السودان ملاذاً آمناً للإرهاب الدولي. وكارثة لحقوق الإنسان، وفق تعبير الرئيس جورج بوش في مايو 2001، فما الذي حدث حتى يحظى السودان بمديح الناطقين الرسميين الأمريكيين، وحتى ترفع واشنطن اعتراضها على قرار مجلس الأمن برفع العقوبات عن السودان منذ 1996؟.
يجيب مسؤول أمريكي بأنه "إذا ما جعلنا يوم 11 سبتمبر بداية النظام العالمي الجديد، فإن الخرطوم عبّرت بوضوح شديد عن رغبتها في أن تكون إلى جانب واشنطن في حربها المعلنة ضد الإرهاب". إذ قدم السودان في الآونة الأخيرة معلومات دقيقة عن تنظيم القاعدة، وعرضاً "ضمنياً" بإمكان استخدام الولايات المتحدة مرافق وقواعد عسكرية في الحملة المرتقبة ضد الإرهاب الدولي. وعبرت واشنطن عن تقديرها لمسلك السودان.
ومن المعروف أن السودان كان ولا يزال موضوع صراع بين اليمين الأصولي المسيحي، وبين شركات النفط، فالتيار الأصولي يريد من الإدارة أن تفرض قيوداً مالية شديدة على الاستثمارات النفطية، وأن تمنع الشركات العاملة في السودان من طرح أسهمها في الأسواق المالية الأمريكية، وهو ما تعارضه الشركات النفطية التي لا تتوقف عن التذكير بالآثار السلبية الناجمة عن هذه السياسة في حالات أخرى مثل إيران وليبيا.
ويقول بعض الخبراء في الشؤون السودانية: إنّه من المتوقع أن تتطور العلاقات بين السودان والولايات المتحدة بسبب المصلحة المشتركة للطرفين حالياً، مما قد يمهد الأجواء لاستثمارات نفطية أمريكية كبيرة في السودان، ويعدّ هذا هدفاً أساسياً للخرطوم التي تريد الاستفادة من الدعم الأمريكي لإنهاء الحرب الأهلية، ولزيادة المداخيل النفطية التي بلغت خمسمائة مليون دولار ـ في عام 2001 عن طريق المزيد من الاستثمار ـ خصوصاً في مناطق الجنوب، حيث يتوافر مخزون نفطي كبير.
وفي أوائل أكتوبر 2001 زار مقرر حقوق الإنسان للسودان الخرطوم وقال للصحافيين عقب لقائه وزير العدل السوداني: "أقدر جهود الحكومة وتعاونها، واعترف أن السودان لا يعاني مشكلة دينية، ولكنه يعاني من ممارسات خاطئة". وقد رد عليه وزير العدل السوداني بالقول: إن المسلمين والمسيحيين يعيشون حياة مثالية في السودان وإن الأخطاء متبادلة.
وبعد زيارة المبعوث الأمريكي للسلام في السودان للخرطوم أعلن، في مؤتمر صحافي يوم 14/11/2001 أنه عرض على المسؤولين الحكوميين تمديد الهدنة المعلنة بأربعة أسابيع، لتوصيل الغذاء بجبال النوبة، لأجل غير مسمى، أو لمدة أطول في إطار إيجاد مناخ مواتٍ لتحقيق السلام في السودان والبلاد من منطقة جبال النوبة لتكون نموذجاً يمكن تعميمه على مناطق الصراع الأخرى بالجنوب. وبعد موافقة الحكومة السودانية بدأت مفوضية العون الإنساني بالتعاون مع منظمات تابعة للأمم المتحدة يوم 16/11/2001 بإسقاط 99 طناً من المواد الغذائية بجبال النوبة خلال ست رحلات جوية في إطار توصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين بالمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة والتمرد.
وأوضح مدير إدارة الطوارئ بمفوضية العون الإنساني، في تصريحات صحافية: أن الحكومة وافقت برنامج الغذاء العالمي على إجراء عمليات الإسقاط في أربع مناطق تقع تحت سيطرة الحركة الشعبية وهي مناطق: كاودا، وسرف الجاموس، والكركر وجلا. وتكوّنت لجنة من الجهات ذات الصلة للتنسيق فيما بينها لإنجاح هذه العمليات الإنسانية.
وقال إن عمليات الإسقاط كانت قد بدأت يومي 14 و 15 نوفمبر 2001 حيث تم إسقاط 288 طناً من الحبوب عبر 26 رحلة، وأن المبعوث الرئاسي الأمريكي شهد عمليات الإسقاط التي نفذت في (كاودا) يوم 15/11/2001.
ب. الاتحاد الأوروبي
وصل إلى الخرطوم وفد من الاتحاد الأوروبي، برئاسة فرانك كونين، رئيس الإدارة الأفريقية بالخارجية البلجيكية (رئيسة الاتحاد) لتقويم جولة الحوار مع الحكومة السودانية للعام 2001.
واجتمع الوفد مع وزير الخارجية مصطفى عثمان إسماعيل صباح يوم 8/12/2001 وقد تناولت المحادثات القضايا التي تقع في دائرة اهتمام الاتحاد، والتي تناولتها المرحلة الثانية التي بدأت في يناير 2001، وهي ترتكز حول تطور السلام، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، ونظام الحكم.
وقد بحث الجانبان سبل تطبيع العلاقات، وأبدى الوفد الأوروبي تقدير الاتحاد للتطورات التي تناولها الحوار.
وبدأ الوفد جلسة محادثات مع مطرف صديق، وكيل الخارجية السودانية، للاتفاق على النقاط التي سيجري حولها الحوار في الجولة الجديدة في يناير 2002. ويقود الاتحاد الأوروبي عبر سفرائه في السودان ـ منذ عامين ـ حواراً حول القضايا المتعلقة بالسلام والديمقراطية تمهيداً لتطبيع العلاقات.
وقد أكدت الحكومة السودانية للوفد التزامها ببذل المزيد من الجهود في مجالات السلام، والديمقراطية، وحكم القانون، وحقوق الإنسان.
وقال بيان مشترك صدر يوم 10/12/2001 ـ في ختام محادثات الوفد: إن الجانبين بحثاً مؤشرات محددة فيما يتعلق بمجالات الحوار. ووعد الاتحاد الأوروبي بأن تبدأ وحدة إدارة برنامج المساعدات الإنسانية، الخاصة بالاتحاد، نشاطها في السودان بحلول يناير 2002.
وذكر البيان: أن الجانبين يؤكدان أن الحوار يهدف إلى تطبيع منفصل للعلاقات بينهما، واتفقا على الحاجة إلى استمرار الحوار وتكثيفه سنة أخرى؛ الأمر الذي يعطي الفرصة للتقويم المشترك لأوجه التقدم الملموس، الذي يمكن التحقق منه، فيما يخص الديمقراطيّة وحقوق الإنسان. كما سيشمل التقويم ما يتحقق بشأن عملية السلام، لما لها من أولوية متقدمة.
|