|
موقف فرنسا
يأتي الموقف الفرنسي من السودان ومشكلة جنوب السودان، في إطار التنافس الفرنسي ـ الأمريكي في القارة. وعلى ضوء التراجع في العلاقات السودانية الأمريكية، وفي محاولة لترسيخ وجودها على الساحة السودانية، باعتبار أن ذلك يحقق لها مصالح اقتصادية، إضافة إلى إمكانية مواجهة الحركة الأمريكية في القارة الأفريقية ـ حصلت شركة توتال الفرنسية على حق التنقيب عن النفط في جنوب السودان، في عام 1983، كما عملت شركة فرنسية في مشروع شق قناة جونقلي.
وكان التنسيق بين السودان وفرنسا قد بدأ في الثمانينيات، حين كانت الدولتان تدعمان الرئيس حسين حبرى في تشاد. وأُبعد اللاجئون التشاديون، الذين اتخذوا من محافظة دارفور الواقعة على الحدود التشادية ـ الليبية، مقرا لهم. كما سلّم السودان الإرهابي كارلوس إلى فرنسا، في أغسطس 1994 .
أعلنت الحكومة الفرنسية، في 22 يناير 1997، عن قلقها إزاء التطورات، التي يشهدها السودان. وصرح "جاك روميلات"، الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية، بالآتي: "إننا نشعر بالقلق والأسف لوضع الحرب الأهلية المستمر في الجنوب، والذي يمتد في الوقت الحاضر إلى شرق السودان". وأضاف، "أن النزاع لن يجد تسوية دائمة إلاّ بحل سياسي يتم التفاوض في شأنه، ويستجيب لآراء السّكان المعنيين".
سعت فرنسا لتوطيد علاقاتها مع السودان، لأن ذلك يعود عليها بفوائد اقتصادية. كما يُمْكنها من خلال هذه العلاقة، إيجاد قناة اتصال مع الحركات الإسلامية في الجزائر، والتوصل من خلال هذه القناة لاتفاقيات أساسية تتعلق بالحد من العمليات الإرهابية لهذه الجماعات في فرنسا، على وجه التحديد .
ونتيجة لمتانة علاقات باريس مع الخرطوم، توترت علاقات فرنسا مع الحركة الشعبية لتحرير السـودان. ونتيجة لصفقة تسليم الإرهابي كارلوس، سهلت فرنسا للسودان استخدام المناطق الحدودية مع الدول الحليفة لفرنسـا، للهجوم على مواقع الجيش الشعبي في جنوب السودان. كما زودت فرنسا السودان بمعلومات استخبارية، من أهمها صور ملتقطة بالأقمار الصناعية لمواقع قوات الجيش الشعبي، والمراكز السكانية .
|