إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / الدولة السعودية الثالثة (تأسيس المملكة العربية السعودية)






السعودية في الوقت الحالي



الدولة السعودية الثالثة

الفصل الثامن

العلاقات السعودية ـ العربية، في عهد الملك عبدالعزيز

 

1. العلاقات السعودية ـ الخليجية

لقد اقتصرت علاقات الملك عبدالعزيز، أثناء توحيده للبلاد السعودية، على القوى المحيطة بمنطقة نجد. ولكن بعد هذه المرحلة، توسعت تلك العلاقات، لتشمل عدة قوى أخرى. وقد اعتمدت العلاقات السعودية الخارجية، في عهده على مبدأين. المبدأ الأول، هو الوضوح والاحترام المتبادل. والمبدأ الثاني، هو تحقيق المصلحة العامة للوطن. ويمكن الحديث، أولاً، عن العلاقة السعودية بإمارات الخليج العربي ومشيخاته.

لقد ارتبطت المملكة العربية السعودية بعلاقات تاريخية مميزة، بإمارات الخليج العربي ومشيخاته. فإلى جانب الجوار الجغرافي، هناك علاقات، أسرية وقبلية وسياسية واقتصادية، متينة، بين هذه الكيانات السياسية. ويرجع تاريخ هذه العلاقات إلى عهد الدولتَين السعوديتَين، الأولى والثانية. وقد قدر الملك عبدالعزيز الموقف النبيل، الذي وقفته كلٌّ من البحرين وقطر والكويت، تجاه والده، الإمام عبدالرحمن الفيصل آل سعود، وأسرته، حينما خرجوا من الرياض، سنة 1309هـ/1891م، بعد غلبة الأمير محمد بن عبدالله بن رشيد، واستيلائه على الرياض، وانتهت بذلك الدولة السعودية الثانية. ولقد توجه الملك عبدالعزيز، مع والده، إلى قطر، ثم البحرين، ثم الكويت، حيث لقيا كل حفاوة وإكرام وتقدير.

ويتفق الكتاب والمؤرخون، على أن الفترة الأولى من حياة الملك عبدالعزيز، التي قضاها في الكويت، كانت المدرسة الأولى في حياته، تلقى فيها أول دروسه السياسية والحياتية العملية. فقد كان شاباً يافعاً، قوياً، تعلم الصبر، وتحمّل الشدة، واختلط بالناس، على اختلاف مستوياتهم. وتزوج في الكويت، وهو ابن الخامسة عشرة. وقد شارك الرجال في خبرتهم، وارتاد مجالسهم العديدة. وكان من بينها مجلس السيد خلف باشا النقيب، الذي كانت تجتمع فيه شخصيات الكويت وأعيانها.

وبعد أن تمكن الملك عبدالعزيز من توحيد البلاد السعودية، وتوطيد حكمه، والتغلب على أعدائه، قام بزيارة البحرين، في 25 رمضان سنة 1348هـ/ 24 فبراير سنة 1930م، وهو في طريق عودته من لقاء الملك فيصل، ملك العراق، في عرض الخليج، على ظهر باخرة بريطانية ـ للتعبير لشيخ البحرين عيسى بن خليفة،عن شكره لشعب البحرين الصديق.

وبينما كان الملك عبدالعزيز في الظهران، في 12 ـ 17 ربيع الأول عام 1358هـ / 2 ـ 7 مايو 1939م، يتفقد منشآت النفط، التي أقيمت هناك، زاره الشيخ حمد بن عيسى، ليسلم عليه. ودعاه لزيارة البحرين. وفعلاً، لبى الملك تلك الزيارة، وتحركت اللنشات من الخُبر إلى المنامة. ولم يدع أهل البحرين وسيلة لإدخال السرور إلى قلب الملك عبدالعزيز، إلا عمدوا إليها، وبالغوا في تكريمه.

ويقول الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار: "ومضى الملك عبدالعزيز، ومعه حرسه، إلى البحرين. فاستقبلته جموع كثيرة من أهلها. ولبست البحرين أبهى حللها، استقبالاً للملك العربي الكبير. وسار الملك، والجماهير تحييه، وتهتف بحياته هتافاً عالياً".

وقد قام حكام البحرين بزيارات عديدة إلى المملكة العربية السعودية. وحرص القادة في البلدَين على تمتين علاقتهم، الشخصية والرسمية.

أما الكويت، فقد كانت علاقتها بالمملكة العربية السعودية عميقة الجذور، وترجع إلى عهد الدولة السعودية الأولى. وبعد سقوط الدولة السعودية الثانية، عام 1309هـ/1891م، توجه الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود، مع ابنه، الأمير عبدالعزيز، الذي كان في الثانية عشرة من عمره، إلى الكويت، للإقامة بها، ولقيا الحفاوة والإكرام من شيخها، محمد بن صباح. ولما وصل الشيخ مبارك بن صباح إلى الحكم، في الكويت، توطدت علاقته بالأسرة السعودية، خاصة بالأمير عبدالعزيز.

واشترك الإمام عبدالرحمن بن سعود، وابنه، في حملة الشيخ مبارك على نجد، ضد ابن رشيد، التي انتهت بهزيمة ابن صباح، في موقعة الصريف، في 17 مارس 1901م. وقدم الشيخ مبارك الدعم للأمير عبدالعزيز، في حملته لفتح الرياض. وفي سنة 1328هـ/1910م، زار الأمير عبدالعزيز الكويت، ووقف مع الشيخ مبارك، ضد زعيمَي المنتفق والظفير. واشترك معه في غزوة هدية.

ولكن تلك العلاقة طرأ عليها شيء من التوتر، في أواخر عهد الشيخ مبارك الصباح، نتيجة لتغير الظروف في المنطقة. وكان من أقوى أسباب ذلك التوتر، اتباع الشيخ مبارك بن صباح سياسة، كان يظن أنها تحفظ التوازن بين القوى المتنافسة في المنطقة، مثلما حدث من قبوله للعجمان، الفارين من وجه الأمير عبدالعزيز، بعد معركة كنزان، عام 1333هـ/ 1915م. ومن أسبابها تسرب نوع من الغيرة السياسية في نفسه، نتيجة نجاح الأمير عبدالعزيز في بسط سيطرته على نجد والأحساء.

وتوفي الشيخ مبارك، في 21محرم 1334هـ/30 نوفمبر 1915م، الذي كان يلقبه الأميرعبدالعزيز بـ "والدي". وخلفه في حكم الكويت ابنه، الشيخ جابر بن مبارك، الذي انتهج سياسة ودية تجاه الأمير عبدالعزيز. وكان ذلك نتيجة لعاملَين. أولهما، مشاعر الصداقة الشخصية، التي تربط بينهما. وثانيهما، توقيع الأمير عبدالعزيز مع الحكومة البريطانية معاهدة دارين، أو القطيف، في صفر عام 1334هـ/ ديسمبر 1915م، تعهد فيها بعدم الاعتداء على أراضي الكويت، وبقية بلدان الخليج، التي تحت حمايتها. وكان من نتائج تلك السياسة الودية، طلب الأمير جابر من قبيلة العجمان، المناوئة للأمير عبدالعزيز مغادرة الكويت. وزار السلطان عبدالعزيز الكويت، في محرم 1335هـ/نوفمبر 1916م.

غير أن وفاة الأمير جابر، في ربيع الثاني سنة 1335/ يناير 1917م، وتولي أخيه، الشيخ سالم بن مبارك الصباح، الحكم في الكويت، أديا إلى توتر في العلاقات السعودية ـ الكويتية، وذلك بسبب سماح الشيخ سالم للعجمان باستئناف نشاطهم ضد نجد، عبر الكويت؛ وبسبب تصرف غير مسؤول، أقدم عليه فيصل الدويش، أحد قادة الأمير عبدالعزيز، حينما هاجم الكويت، من دون علم الأمير أو موافقته. وقد أظهر عدم رضاه تجاه ما قام به الدويش. كما أرسل الأمير عبدالعزيز رسالة إلى الشيخ سالم أعرب فيها عن أسفه لما قام به الدويش. وردّ إليه المنهوبات.

ولكن الشيخ سالم الصباح، أعد قوة رابطت في "الجهراء"، إلى جوار الكويت، استعداداً لمهاجمة نجد. وكاتب قبيلة شمر، طالباً مساعدتها. وسار فيصل الدويش إلى الجهراء، يقود أربعة آلاف مقاتل من الإخوان، بينهم 500 فارس. وجمع الشيخ سالم قواته، فبلغت نحو ثلاثة آلاف مقاتل. والتقى الفريقان في موقعة الجهراء، في 10 أكتوبر1920م. وحملت قوات الدويش على قوات ابن صباح، فارتدت إلى القصر الأحمر، بين الجهراء والكويت. فلحق بهم الدويش وحاصرهم. هنا طلب الشيخ سالم مساعدة الإنجليز، الذين أرسلوا له طرادَين وطائرتَين، حلقتا فوق معسكر الإخوان، وألقتا منشوراً، تنذرهم فيه بأن ما قاموا به، هو ضد مصالح بريطانيا، ومخالف لأوامر ابن سعود. وانسحب الإخوان، وارتدوا إلى نجد. وهدأت الأوضاع قليلاً.

ولما طلبت سلطنة نجد من حكومة الكويت، أن تخصها بجزء من دخل الجمارك، لأن معظم البضائع الواردة إلى الكويت تباع لأهل نجد ـ اعتذرت عن قبول هذا الطلب، ورفضت الحجة، لأنها تمس استقلالها. فأعلنت سلطنة نجد مقاطعة، اقتصادية وتجارية، ضد الكويت، ومنعت المتاجرة معها.

وفي الوقت نفسه، طلب السلطان عبدالعزيز من بريطانيا، أن تتدخل لحل مشكلة الحدود بينهما؛ وكانت تسعى لتنظيم العلاقات، السياسية والتجارية، بين البلدين. فذهب وفد كويتي، برئاسة الشيخ أحمد الجابر الصباح، في 29جمادى الأولى عام 1339هـ/9 فبراير1921م، لمقابلة السلطان عبدالعزيز والتفاهم معه مباشرة، وكانت بينهما صداقة حميمة. وفي أثناء المحادثات، التي كانت تجري في "حفر العتش"، في الدهناء، تُوفي الشيخ سالم الصباح، في 15جمادى الآخرة 1339هـ/24 فبراير1921م، وآلت الأمور في الكويت إلى الشيخ أحمد الجابر الصباح. فأوقف الملك عبدالعزيز المباحثات. وقال للشيخ أحمد الجابر: "الآن، وقد صار الأمر إليك، فلا أرى حاجة لتدوين الشروط، التي اتفقنا عليها، بشأن تحديد الحدود بيننا وبينكم". ثم تناول الملك الورقة، التي كتبت فيها الشروط، ومزقها، وقال: "إني أفوضك، وأترك لك وضع الحلول التي تراها، وأتعهد بتنفيذها". فشكره الشيخ أحمد الجابر الصباح، وعاد مع وفده إلى الكويت. وفي عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح تمهدت الطريق لحل المشكلات بين البلدَين. وانعقد، في العقير، مؤتمر، برئاسة المندوب السامي البريطاني في العراق، برسي كوكس، توصل إلى تعيين الحدود بين المملكة العربية السعودية والكويت. ووقعت اتفاقية في هذا الشأن، في 12 ربيع الثاني سنة 1341هـ/2 ديسمبر 1922م، فصدق عليها الملك عبدالعزيز، ثم الشيخ أحمد الجابر الصباح. (انظر ملحق اتفاقية الحدود، بين نجد والكويت).

بدأت، بعد ذلك، العلاقات السعودية ـ الكويتية بالتحسن. وعاد الصفاء بين البلدَين. وكان ثمرة ذلك عقد ثلاث اتفاقيات بين المملكة العربية السعودية والكويت. هي:

·    اتفاقية الصداقة وحسن الجوار.

·    اتفاقية تجارية.

·    اتفاقية تسليم المجرمين.

وقد تم توقيع هذه الاتفاقات الثلاث، في 26 ربيع الثاني سنة 1362هـ/الموافق 1 مايو 1943م. وكان آخر ما عُقد بين البلدَين، في عهد الملك عبدالعزيز، هو الاتفاق على تحديد المنطقة المحايدة بينهما، وذلك سنة 1367هـ / 1948م. وتقدَّر مساحة المنطقة المحايدة بنحو ألفَي ميل مربع. وطول ساحلها، على الخليج العربي، حوالي 55 ميلاً. وبموجب ذلك الاتفاق، تقتسم الحكومتان، السعودية والكويتية، حصيلة ما يستخرج من نفطها، مناصفة.

وفي 20 شعبان سنة 1354هـ/ 16 نوفمبر 1935م، سألت مجلة "كوكب الشرق" القاهرية، أمير الكويت، الشيخ أحمد الجابر الصباح، عما إذا كان هناك خلاف بينه وبين الملك عبدالعزيز فقال:

"إن علاقتنا على أحسن ما يرام، من الاتفاق والوئام. وعدا ذلك، يظن البعض أن علاقتي الشخصية مع الملك عبدالعزيز، إن هي إلا مجرد صداقة بحكم الجوار، وما تجمعنا به اللغة والدين. ولكن، لا. فإننا لسنا بأصدقاء فحسب، قل إنا شقيقان بحق، يفتدي أحدنا أخاه بنفسه. وقد تشاركنا في السراء والضراء، وعشنا معاً ردحاً من الزمن، أكلنا وشربنا سوياً، وحاربنا جنباً إلى جنب، مراراً عدة. ويرجع عهد صداقتنا الأخوية هذه، إلى خمسة وثلاثين عاماً مضت، قضى منها جلالته بيننا أكثر من نصفها. وكنا وما نزال خير مثل للصداقة الأخوية، من حيث المحبة والألفة وثبات الصداقة، التي لا تؤثر فيها حادثات الدهر، فكيف بالصغائر، التي يقوم بها ذوو الأغراض، الذين يحاولون الصيد في الماء العكر؟".

ومن هذا المنطلق، سارت العلاقات السعودية ـ الكويتية. وأخذت تتطور، عبر الزمان، من حسن إلى أحسن. وكان لحكمة القادة، في كلٍّ البلدَين، الأثر الكبير في توطيد عرى هذه العلاقة، وتمتين أواصرها.

أما علاقة المملكة العربية السعودية بدولة قطر، في عهد الملك عبدالعزيز، فإن تاريخ هذه العلاقة، يعود إلى عصر الدولة السعودية الأولى، التي امتد نفوذها ليشمل مناطق متعددة من الخليج العربي. وفي عهد الدولة السعودية الثانية، كانت العلاقات السعودية ـ القطرية، تمر في مرحلة جيدة، خاصة في عهد الإمام فيصل بن تركي، الذي تزامن مع عهد الشيخ قاسم بن محمد آل ثانٍ، أمير قطر. ويقول الدكتور أحمد العناني:

"والحقيقة، أن جذور العلاقات السعودية ـ القطرية، تعود بدايتها إلى منتصف القرن التاسع عشر للميلاد، حين كانت شخصية الإمام فيصل بن تركي، قد اتضحت معالمها، وراحت تحقق الأبعاد الحقيقية لطموح الرجل، الذي كان قد عقد العزم على استرداد مكانة وهيبة وحدود الدولة السعودية الأولى، على حالها في حكم أجداده، وذلك في فترة، لم يعد فيها من ينافس النفوذ البريطاني في الخليج".

على أن العلاقات الجيدة، بين الإمام فيصل بن تركي والشيخ قاسم بن محمد آل ثانٍ، حاكم قطر، تعود إلى أمور عدة، لعل من أهمها:

·    الاهتمام الشديد، في قطر، بشؤون الدين والوعظ. وهو أمر لفت انتباه الرحالة الإنجليزي، وليم بالجريف (William G. Palgrave)، الذي زار كلاًّ من قطر والرياض، مبيناً التزام القطريين بالمذهب السلفي.

·    الدعم المستمر من الإمام فيصل، لموقف القطريين من جيرانهم، ذلك الموقف الذي تدهور كثيراً، بعد وفاة الإمام فيصل بن تركي آل سعود.

وبعد سقوط الدولة السعودية الثانية، ظلت العلاقات بين أسرة آل ثانٍ وأفراد البيت السعودي، حميمة ومتطورة. وخير مثل على ذلك، قبول أمير قطر إقامة أسرة الإمام عبدالرحمن الفيصل بقطر، بعد خروجهم من الرياض. وحينما استرد الملك عبدالعزيز ملك آبائه، رحب القطريون كثيراً بهذا الإنجاز، وفرحوا بانتصاراته المتلاحقة. ولا شك أن الملك عبدالعزيز، قد وجد كل العون والمساعدة، من الشيخ قاسم بن محمد آل ثانٍ، وقد تجلى التعاون المثمر بينهما في أمور عدة، أهمها:

·    إقامة الإمام عبدالرحمن الفيصل، وأسرته، فترة، بقطر بعد سقوط الدولة السعودية الثانية.

·    لقاء الزعيمَين، عبدالعزيز وقاسم، في طريق سلوى، سنة 1322هـ/1905م.

·    مساعي الشيخ قاسم، على المستوى الدبلوماسي، في مصلحة الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن.

·    الاحترام المتبادل بين الفريقَين، وقبول شفاعة الشيخ قاسم لبعض المناوئين للأمير عبدالعزيز.

وبعد وفاة الشيخ قاسم بن محمد آل ثانٍ، خلفه ابنه، عبدالله، الذي حرص على استمرار العلاقات الحميمة بابن سعود وتعزيزها.

أمّا العلاقات بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، في عهد الملك عبدالعزيز، فيعود تاريخها، أيضاً، إلى عهد الدولتَين السعوديتَين، الأولى والثانية. فقد استطاعت الدولة السعودية الأولى، الاستيلاء على واحة البريمي. وحينما قامت الدولة السعودية الثالثة، واستطاع الملك عبدالعزيز الاستيلاء على الأحساء، سنة 1331هـ/1913م، عاد نفوذ آل سعود يظهر، مرة أخرى، في الخليج العربي، فبعثت مشكلة البريمي من جديد. ولطالما قام نزاع حول هذه الواحة، بين الدولة السعودية، من ناحية، وسلطنتَي مسقط وأبو ظبي، من ناحية أخرى. ومع أن واحة البريمي، قد دخلت تحت الحكم السعودي، في فترة الدولتَين السعوديتَين، الأولى والثانية، كما أنها خضعت، في عهد الدولة السعودية الحديثة، للسلطة السعودية، إذ أخذ سكانها يدفعون، طوعاً، الزكاة الشرعية إلى آل سعود ـ إلا أن سلطان مسقط، وحاكم مشيخة أبو ظبي، أنكرا، بإيعاز من الإنجليز، شرعية الوجود السعودي في الواحة، وادعيا ملكيتها، وطالبا باستعادتها، وتأكيد حقهما. وقد وقفت انجلترا من ورائهما تؤيدهما، وتنادي بأن الواحة من أملاكها، وأنها باعتبارها متعاقدة معهما، ومسؤولة عن أمنهما الخارجي، فهي تتولى الدفاع عن حقوقهما.

ويؤكد كثير من الكتاب، أن إثارة بريطانيا مشكلة البريمي، يعود إلى فشل البريطانيين في الحصول على امتياز التنقيب عن النفط، في المملكة العربية السعودية، ونجاح الأمريكيين في الاستئثار بهذه الصفقة؛ مع أن المملكة العربية السعودية، قد أعطت الفرصة للشركات الإنجليزية، للمنافسة "لكن تردد الشركات البريطانية، وعدم رغبتها في الدخول في مثل هذه المغامرة، فتح الباب أمام الشركات الأمريكية، التي قدمت عروضاً أكثر إغراءً، وأقلّ تكلفة، مما أدى إلى فوزها بعقد التنقيب عن البترول، في 29 مايو سنة 1933".

ويذكر الأستاذ أمين سعيد ما قاله الملك عبدالعزيز، في هذا الموضوع، في حديثه مع السير أندرو ريان، الذي اقتبسه الكاتب من الوثيقة الرقم (7)، من الوثائق المتعلقة بالتحكيم في قضية البريمي ـ فيقول:

"نحن لم نقصر. وإنما الذي قصر، هو الحكومة البريطانية وشركاتها؛ فلما انقضى الأمر، أخذ بعض الموظفين البريطانيين يقولون، إن ابن سعود قاومنا وعمل، وعمل. وندموا على ما فات، فأرادوا الانتقام، باقتطاع واحة البريمي من أملاكنا".

وقد حدث ما توقعه الملك عبدالعزيز، حول نية بريطانيا، في ما قامت به سنة 1934، أي بعد عام واحد من إنهاء صفقة عقد التنقيب عن النفط، بين المملكة العربية السعودية والشركة الأمريكية. ففي تلك السنة، طلبت الحكومة البريطانية ضرورة تخطيط الحدود بين المملكة السعودية، من جهة، وسلطنة مسقط، ومشيخة أبو ظبي، من جهة ثانية، على أساس "الخط الأزرق" و"الخط البنفسجي"، اللذَين ورد ذكرهما في الاتفاقيتَين، المعقودتين بين الحكومة البريطانية والحكومة التركية، في عامَي 1912م و1913م. وقد رفضت الحكومة السعودية الاعتراف بشرعية هاتَين الاتفاقيتَين. ومع نشوب الحرب العالمية الثانية، توقفت المحادثات حول مشكلة البريمي. إلا أنها عادت، من جديد، في سنة 1949م. فاتفق الطرفان على عقد مؤتمر، في لندن، في 8 أغسطس سنة 1951، حضره الأمير فيصل بن عبدالعزيز، وأصدر سلسلة من المقررات، تعد مقدمة لمؤتمر الدمام. وعقد مؤتمر في الدمام، في 28يناير سنة 1952، عرضت فيه الحكومة السعودية فكرة الاستفتاء. ولكن بريطانيا، رفضت ذلك العرض.

مما أدى إلى الاتفاق على "اتفاقية التوقف لعام 1952" (انظر ملحق نص اتفاقية التوقف وملاحقها، المعقودة بين الحكومة العربية السعودية والحكومة البريطانية، في شأن قضية الحدود، في منطقة (البريمي) وما جاورها)، التي تضمنت تجميد الأوضاع على ما هي عليه، ريثما يتم الاتفاق على حل سلمي.

2. العلاقات السعودية ـ اليمنية، في عهد الملك عبدالعزيز

في سنة 1338هـ/1920م، دخلت منطقة عسير تحت الحكم السعودي. ومن ذلك التاريخ، تبدأ العلاقات الحقيقية، بين الملك عبدالعزيز والإمام يحيى بن محمد حميد الدين، إمام اليمن، حيث أصبح بلداهما متجاورين، ويبدأ فصل جديد في العلاقات السعودية ـ اليمنية. فقد أبدى إمام اليمن، في مناسبات عديدة، ميولاً غير ودية، تجاه الملك عبدالعزيز، فكان يحلم بتكوين دولة عربية إسلامية، تضم الحرمَين الشريفَين، تحت زعامته.

وحينما زحفت القوات السعودية تجاه الحجاز، أبرم إمام اليمن معاهدة صداقة مع الشريف حسين، نصت على أن أي اعتداء على أي منهما، يعتبر اعتداءً على الآخر. هذه الاتفاقية، أثارت حفيظة ابن سعود، وكونت لديه قناعة تامة، بأن إمام اليمن يضمر شراً، وأن هذه الاتفاقية، لم يقصد بها سوى مقاومة الانتصارات السعودية المتلاحقة.

وكان لحادثة الحجاج اليمنيين، التي وقعت في منطقة التنومة، التابعة لإمارة أبها، أثرها في توتر العلاقات بين الملك عبدالعزيز وإمام اليمن. فقد قام ابن عايض بتمرد على الحكم السعودي، في منطقة عسير في سنة 1340هـ/1921م، فهب إلى مساعدته ملك الحجاز، الشريف حسين بن علي. وكانت القوات التابعة للملك عبدالعزيز، تحارب المتمردين في تلك المنطقة. وفي هذه الأثناء، وصلت إلى أبها قافلة يمنية، في طريقها إلى مكة. فنصحها أمير أبها بتغيير اتجاهها، حتى لا تتعرض للخطر. غير أنها لم تستمع إلى نصيحته. وواصلت سيرها إلى المنطقة، التي كانت تدور فيها المعارك. وطلب منها أتباع الملك عبدالعزيز أن تعود، فرفضت. فظنوها تنتمي إلى جيش المتمردين، وهي تتنكر بلباس الحج، فهاجموها وقتلوا أعداداً منها.

ولما علم الملك عبدالعزيز بذلك، أرسل اعتذاراً رسمياً إلى إمام اليمن. كما بعث إليه ما أُخذ من القافلة. واعتقد، حينها، أن تلك الحادثة، قد انتهت، من دون مضاعفات. وقد رد إمام اليمن على الملك عبدالعزيز، بخطاب شكر. وطلب منه أن يتولى شخصياً التحقيق في الموضوع. إلا أن الإمام، أخذ يبدي مواقف غير ودية تجاه الملك عبدالعزيز. ومن ذلك، معارضته لاتفاقية مكة المكرمة، التي عقدت بين الملك عبدالعزيز والسيد حسن بن علي الإدريسي، سنة 1345هـ/ 1926م، والتي بموجبها، أصبحت جيزان خاضعة للحكم السعودي. كما أن الإمام يحيى حميد الدين، امتنع عن حضور المؤتمر الإسلامي، الذي دعا إليه الملك عبدالعزيز، في مكة المكرمة، في حج عام 1345هـ/1926م. وقام إمام اليمن بعقد معاهدة مع إيطاليا، لإمداد اليمن بالسلاح. كما احتلت قواته منطقة (العُرّ). وعرض الإمام التوسط بين ابن سعود والشريف حسين، مما يعني عدم موافقته على سيطرة ابن سعود على الحجاز.

وقد شهدت الفترة ما بين 1345 ـ 1350هـ/1926 ـ 1932م، توتراً في العلاقات السعودية ـ اليمنية، نجم عن مشاكل الحدود المتنازع فيها في عسير. ولكن الملك عبدالعزيز، حاول حل تلك المشاكل من طريق التفاوض. فعُقِدت معاهدة صداقة وحسن جوار، بين البلدَين، في شعبان 1350هـ/ديسمبر 1931م. (انظر ملحق معاهدة صداقة وحسن جوار، بين المملكة الحجازية والنجدية وملحقاتها وبين مملكة اليمن)، ركز مجمل فقراتها حول معاملة كل طرف رعايا الطرف الآخر.

ومع أن الإمام يحيى حميد الدين، قد وقّع معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع الملك عبدالعزيز، إلا أنه كان يعد العدة لإثارة الفتن والقلاقل، في المناطق، التي يسيطر عليها السعوديون، مستخدماً الإدريسي وأتباعه في اليمن، أداة لهذا الغرض. وسمح لأفراد من حزب الأحرار الحجازي، الذي خطط لحركة حامد بن رفادة، في شمالي المملكة، في أوائل عام 1351هـ/1932م ـ بالدخول إلى اليمن والاجتماع إلى الأدارسة لتحريضهم على الثورة من الجنوب. وفي أواخر شوال سنة 1351هـ/24 فبراير 1933م، تم القضاء على تمرد السيد حسن الإدريسي، في جازان، وقامت حكومة الملك عبدالعزيز بإلغاء اتفاقية مكة، لعام 1345هـ/1926م، مع الإدريسي، وضمت جازان وصبيا وصامطة وأبا عريش إلى حكم ابن سعود. وهرب السيد حسن الإدريسي، وابن أخيه، عبدالوهاب الإدريسي، وعدد من أهله، إلى اليمن، فأجارهام الإمام يحيي. وطلب الملك عبدالعزيز من الإمام يحيى إعادتهم إليه، ولكنه رجا الملك أن يعفو عنهم، وأن يبقى السيد حسن الإدريسي، وأسرته، في صنعاء. فوافق الملك عبدالعزيز على ذلك، وخصص لهم مرتبات مالية كافية، على أن يضمن عدم قيامهم بأي نشاط ضده.

لكن استمرار نشاط الأدارسة في إثارة الفتن، داخل الحدود السعودية، جعل الملك عبدالعزيز يكتب إلى الإمام، طالباً أن يجتمع وفدان، يمثلانهما، للتوصل إلى أهداف، أهمها تثبيت الحدود بين بلدَيهما بصورة واضحة.

وقد وافق الإمام يحيي حميد الدين على ذلك. فتوجه وفد سعودي إلى صنعاء، برئاسة خالد أبو الوليد القرقني، وعضوية تركي بن ماضي وحمد السليمان الحمدان. ووصل الوفد إلى اليمن، ليجد الأعلام مرفوعة، ابتهاجاً باستيلاء القوات اليمنية على نجران، وذلك سنة 1352هـ/1933م.

ولم تكن هناك مفاوضات جادة، خاصة من جهة اليمنيين. فعاد الوفد السعودي، من دون الوصول إلى اتفاق. ويقول الدكتور العثيمين: "ونتيجة لتقارير الوفود السعودية المتكررة إلى اليمن، المفسرة لأسباب فشل المفاوضات بينها وبين الوفود اليمنية، ومساندة إمام اليمن لمن كانوا في بلاده، من السعوديين المتمردين، ومحاولته إثارة القبائل السعودية، وأعماله في نجران ـ اقتنع الملك عبدالعزيز، أن ما يضمره الإمام يحيى، من رغبة في السلم، لا يتفق مع ما يعمله. لذلك، أمر بعض قواته، بقيادة الأمير فيصل بن سعد، بالتوجه إلى جنوب البلاد، تحسباً للطوارئ"، الأمر الذي أزعج الإمام يحيى حميد الدين. فاستفسر من الملك عبدالعزيز عن سبب ذلك، فأجابه بأن أعماله، وما تنشره جرائده الرسمية، يثيران الشك، ويدعوان إلى الحذر.

وطلب الملك عبدالعزيز من الإمام يحيى الدخول في مفاوضات تدور حول الأمور:

·    الاعتراف بالحدود، وتثبيتها بمعاهدة.

·    إعادة الأدارسة.

·    حل مسألة نجران.

وقد تبودلت برقيات عديدة، بين الملك عبدالعزيز والإمام يحيى حميد الدين. ومن قراءة تلك البرقيات تتضح محاولة إمام اليمن تأجيل التوصل إلى حلول للمشكلات القائمة. ولكن في نهاية الأمر، وافق الإمام يحيي على أن ينتقل الأدارسة من الأماكن القريبة من الحدود، إلى (ذهب حجر)، في داخل اليمن. واقترح أن تعقد معاهدة، لمدة عشرين سنة، يثبت فيها كلٌّ من الطرفين على ما في يده، فعلاً، من البلاد. وقد وافق الملك عبدالعزيز على ذلك. ولكن الإمام، عمل على تصعيد الأحداث، إذ قامت قواته، التي يقودها ابنه، بالتسلل إلى جهات جازان، كجبل فيفا، وبني مالك. فأبرق الملك عبدالعزيز إلى إمام اليمن مستنكراً ذلك، ومنبهاً إلى خطر الأمر. كما أمر قواته المرابطة في بيشة، أن تسير إلى تهامة. وأمر ابنه، سعوداً، أن يتوجه إلى أبها، وابنه، فيصلاً، أن ينطلق من الحجاز، عبر الساحل، جنوباً. فأنزعج الإمام يحيى حميد الدين. وبعث جواباً على برقية الملك عبدالعزيز السابقة، موضحاً أنه كتب إلى ابنه، أن يمتنع عن أي حركة. كما طلب الإمام يحيى من الملك عبدالعزيز، أن يحدد مكاناً، يجتمع فيه مندوبان عنهما، من أجْل الاتفاقية التي سبقت الموافقة عليها. فرد عليه الملك عبدالعزيز، بأنه سيفعل ما يرغب الإمام، بالنسبة إلى القوات، وأنه يرحب بوفد يمني. واقترح أن يكون الاجتماع في أبها، حيث يوجد ولي العهد الأمير سعود.

وقد وافق الإمام يحيى على اقتراح الملك عبدالعزيز، على عقد الاجتماع في أبها. فوصل إليها الوفد اليمني، في 2 ذي القعدة سنة 1352هـ/16 فبراير1934م، برئاسة عبدالله بن الوزير. وبدأت المفاوضات مع الوفد السعودي، برئاسة فؤاد حمزة، وذلك في الخامس من شهر ذي القعدة. ولكن المحادثات سارت بخطى متعثرة، بسبب تعنت الوفد اليمني وغطرسته، وإصراره على عدم مناقشة مسألة نجران، وادعائه بأن الملك عبدالعزيز، قد تنازل عنها للإمام. وقد فند الوفد السعودي تلك الادعاءات، بأدلة تاريخية واضحة. وتبادل الملك عبدالعزيز البرقيات مع الإمام يحيى حميد الدين، لإنجاح المحادثات، موضحاً للإمام، أنه لا بدّ من انسحاب القوات اليمنية من الجبال، التي استولت عليها في جيزان؛ وتحديد الحدود بمعاهدة؛ وإبعاد الأدارسة إلى المكان المتفق عليه سابقاً، داخل اليمن؛ وإيجاد حل لقضية نجران. فرد الإمام يحيي على الملك عبدالعزيز بالموافقة على المسائل الثلاث الأولى. ولكنه أصر على تبعية نجران له.

واقترح الملك عبدالعزيز، أن يكون إقليم نجران إقليماً محايداً، بين الطرفَين؛ أو يكون ما في يد كلٍّ منهما، تابعاً لمن هو في يده. فرفض الإمام ذلك الاقتراح. وهكذا، وصلت مساعي الحل السلمي إلى طريق مسدود. ولم يكن أمام الملك عبدالعزيز، إلا استعادة حقوقه، بالقوة.

الحرب السعودية ـ اليمنية

في 6 ذي الحجة 1352هـ/21مارس 1934م، تقدمت القوات السعودية نحو قوات الإمام، لاستعادة ما استولت عليه من الأراضي السعودية. وقد انقسمت القوات السعودية إلى جبهتَين: جبهة شرقية، بقيادة الأمير سعود بن عبدالعزيز. وجبهة غربية، بقيادة الأمير فيصل بن عبدالعزيز.

وقد استطاعت القوات السعودية، أن تهزم القوات اليمنية، وتتوغل إلى مدينة الحديدة، التي تمكن الأمير فيصل من دخولها، في يوم 21 محرم سنة 1353هـ /7 مايو 1934م.

وسعت عدة جهات، عربية وإسلامية، إلى الصلح بين البلدَين، وإطفاء نار الحرب. وقبل الملك عبدالعزيز الوساطة بشروطه، التي قبلها الإمام يحيي. وتوقف القتال، في 29 محرم 1353هـ/15مايو1934م. وبدأت المفاوضات بين الوفدَين، السعودي، برئاسة الأمير خالد بن عبدالعزيز، واليمني، برئاسة عبدالله بن الوزير. وانتهت بعقد صلح بين الطرفَين، مما أدى إلى توقيع معاهدة الطائف، بين البلدَين، في 6 صفر سنة 1353هـ/19 مايو 1934م، التي اشتملت على عدة فقرات، أهمها (انظر ملحق معاهدة صداقة إسلامية وأخوّة عربية، بين المملكة العربية السعودية والمملكة اليمنية):

·    إنهاء حالة الحرب بين البلدَين، وتستبدل بها حالة سلم دائم وصداقة وطيدة.

·    اعتراف كلٍّ منهما باستقلال الآخر وملكه.

·    تنازل الإمام يحيى حميد الدين، عن أي حق، يدعيه باسم الوحدة اليمانية أو غيرها، في البلاد، التي هي، بموجب هذه المعاهدة، تابعة للمملكة العربية السعودية، والتي كانت بيد الأدارسة، أو آل عايض، أو في نجران، وبلاد يام. ويتنازل الملك عبدالعزيز عن أي حق، يدعيه، من حماية واحتلال أو غيرهما، في البلاد، التي هي، بموجب هذه المعاهدة، تابعة لليمن، من البلاد التي كانت بيد الأدارسة أو غيرها.

·    عدّ الحدود الموضحة في المعاهدة حدوداً فاصلة بين البلدَين.

انسحبت قوات كلٍّ من الطرفَين إلى الأراضي، التي حددتها المعاهدة له. وأخلى الأمير فيصل الحديدة. وسلم الإمام يحيي الأدارسة وأسرهم، وهم ثلاثمائة شخص، في 14 ربيع الأول 1353هـ/26 يونيه 1934م، للأمير فيصل بن عبدالعزيز، في الحديدة، ثم أرسلوا إلى مكة المكرمة، وأنزلوا فيها مكرمين معززين.

محاولة اغتيال الملك عبدالعزيز، في الحرم المكي

بعد توقيع معاهدة الطائف، وفي يوم عيد الأضحى، العاشر من ذي الحجة سنة 1353هـ/17 مارس 1935م، قام ثلاثة رجال بمحاولة اغتيال الملك عبدالعزيز، وابنه، ولي العهد، الأمير سعود، وهما يطوفان طواف الإفاضة، في الحرم المكي. ولكن حرس الملك عبدالعزيز، استطاع قتل المهاجمين. وقد ثبت من التحقيقات السعودية، أنهم يمنيون، وهم:

·    النقيب علي حزام الحاضري، مستخدم في الجيش اليمني المتوكلي.

·    صالح بن علي الحاضري، مزارع.

·    مسعد بن علي بن حجير، جندي في الجيش اليمني المتوكلي.

وأبرق الإمام يحيى إلى الملك عبدالعزيز، مستنكراً ما قام به أولئك الرجال. كما أن الحكومة السعودية، لم تسمح لهذا الحادث، أن يؤثر في ما توصل إليه البلدان من اتفاق، فبرّئت ساحة ولي عهد اليمن من الإشاعات، التي اتهمته بأنه وراء ما حدث.

وتنفيذاً لمعاهدة الطائف، شُكلت هيئتان سعوديتان ـ يمنيتان، لتخطيط الحدود بين بلدَيهما، في تهامة والجبال. فقامتا بتثبيت أعمدة على هذه الحدود، من شمال ميدي، على ساحل البحر الأحمر إلى الربع الخالي، وذلك سنة 1354هـ/1935م.

وبدأت العلاقات السعودية ـ اليمنية بالتحسن. وانضم اليمن، عام 1356هـ/1937م، إلى معاهدة الأخوّة العربية، التي عُقدت بين المملكة العربية السعودية والمملكة العراقية، في عام 1355هـ/1936م. كما أن الملك عبدالعزيز، وقف إلى جانب أحمد بن الإمام يحيى، في مقاومة حركة التمرد، التي قام بها عبدالله بن الوزير، والتي أدت إلى اغتيال ذلك الإمام، في سنة 1368هـ/1949م.