إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات علمية / الأرقام





لوحة الأعداد
وثيقة اكتشفت في العراق
أقدم الأرقام العربية
الرسوم المختلفة للصفر
الزوايا في الأرقام العربية
العصا الإنجليزية
استخدام الأصابع في العدّ
عد النقود




الفصل الثالث

الفصل الثاني

العرب وإسهامهم في تطور الأرقام والحساب

    اطلع العرب على حساب الهنود، فأخذوا عنه نظام الترقيم، وهذَِّبوه، وكوَّنوا منه سلسلتين، الهندية والغبارية. الهندية هي التي نستعملها، أما الغبارية، فلأن أهل الهند كانوا يأخذون غباراً لطيفاً، ويبسطونه على لوح "تخت"، ويرسمون عليه الأرقام، التي يحتاجون إليها في عملياتهم الحسابية، ومعاملاتهم التجارية.

    ولقد قسَّم العرب الحساب إلى غباري، وهو الحساب الذي يُحتاج فيه إلى استعمال أدوات كالقلم والورق، وإلى هوائي، وهو الحساب الذهني الذي لا يحتاج إلى استعمال أدوات. واشتغل العرب بالجبر فجعلوه علماً ونظماً، وهم أول من أطلق لفظة الجبر على العلم المعروف الآن بهذا الاسم، وعنهم أخذ العالم لفظة الجبر، وهم أول من ألَّف فيه بصورة علمية منظمة، عندما كلَّف الخليفة المأمون محمد بن موسى الخوارزمي[1] أن يضع كتاباً في الجبر والمقابلة[2]، يكون سهل المنال، لينهل منه علماء العرب. وقد استفاد علماء أوروبا من هذا الكتاب، واعتمدوا عليه في بحوثهم، وأخذوا عنه الكثير من النظريات، ولقد سبق الغربيون العرب إلى نشر هذا الكتاب، والتعليق عليه، فلم يُعثر على الأصل العربي لكتاب "الجمع والتفريق" أو أي كتاب في الحساب لمحمد بن موسى الخوارزمي، وإنما عُثر على عدد من الترجمات اللاتينية، والراجح أنها اعتمدت على أصل واحد لترجمة لاتينية ترجع إلى القرن الثاني عشر الميلادي، وقد طُبعت إحدى هذه الترجمات في روما عام 1857، وأُعيد طبعها عام 1963. وفي الكتاب الأول شرح للنظام العشري في الترقيم، وقد وُضعت الأرقام بعضها فوق بعض، وفيها دائرة صغيرة للصفر، غير أن الأرقام التي كُتبت فيه، هي الأرقام الرومانية، ومن الواضح أن هذه الأرقام كتبها المترجم، الذي لم يشر إلى أشكال الأرقام في الكتاب الأصلي.

أولاً: البدايات الأولى

    في حدود المائة العاشرة قبل الميلاد، ظهر الخط المعروف ب "المسند"، وذلك في بلاد اليمن القديم، واستخدم العرب صوراً معينة للأرقام (أُنظر شكل أقدم الأرقام العربية). فعبَّروا عن العدد من 1 إلى 4 بخطوط عمودية. وأما الرقم 5 فيرمزون إليه بالحرف خ الذي هو الحرف الأول من كلمة (خمس)، وإذا أرادوا الإشارة إلى الرقم 6 وضعوا خطاً عمودياً على الجانب الأيسر لحرف الخاء، أما الرقم 7 فيرمزون إليه بوضع خطين على الجانب الأيسر لحرف الخاء، وثلاثة للرقم 8، وأربعة للرقم 9. وأمّا الرقم 10 فيرمزون إليه بحرف العين، الذي يُمثل الحرف الأول من كلمة عشرة. وأمّا الرقم 100 فيرمزون إليه بالحرف م، وهو الحرف الأول من كلمة مائة. وأما الرقم 1000 فيرمزون إليه بحرف ألف أي الحرف الأول من الكلمة أيضاً. فيلاحظ هنا أن العرب الجنوبيين استعملوا الحروف الأولى من أسماء بعض الأرقام عوضاً عن الأرقام نفسها.

    والظاهر أن استعمالهم حرف الخاء مقام العدد (5) جعلهم يحارون بعض الحيرة في التعبير عن العدد (50) الذي يبدأ مثل العدد (5) بحرف الخاء، ولما كان من الصعب كتابة ال (5) عشر مرات للتعبير عن العدد (50)؛ فكَّروا في حل آخر، فالعدد (50) هو نصف العدد (100)، فلما كان حرف الميم يدل على المائة، وهو حرف يظهر في "المسند" على شكل خط عمودي، يرتكز عليه مثلثان قاعدتاهما ملتصقتان على ذلك العمود، فإن كل مثلث يعبر في الواقع عن الرقم (50)، فأبقوا على مثلث واحد (الأعلى) مرتكزاً على الخط العمود.

    ثم بعد ذلك، جاءت مرحلة استخدم العرب فيها أرقاماً مشتقة من الأرقام السريانية، المنحدرة من الأرقام الآرامية الفينيقية، وهذا واضح في نقش عُثر عليه يسمى نقش النمَّارة، المكتوب بالخط النبطي العربي القديم، والذي يعود إلى عام 223م، ونجد السنين مؤرَّخة فيه بالأرقام السريانية. وكذلك نقش حرَّان الذي يعود إلى عام 568م، والمكتوب بخط عربي، إلا أن تاريخ السنين المدون في السطر الثالث منه مكتوب بالأرقام السريانية.

ثانياً: حساب الجُمَّل:

    هجر العرب أنظمة الترقيم، التي ورثوها عن الفينيقيين والآراميين، واستخدموا طريقة التعبير عن الأرقام بالحروف الهجائية. وكانوا قبلها، بزمن يسير، يعبِّرون عن العدد بالكلمات، فيقولون مثلاً (ستمائة وخمسون ديناراً)، ثم عندما شعروا بالحاجة الملحة إلى الحساب ـ بعد الإسلام، ونزول القرآن الكريم ـ وانتشار الرسالة الإسلامية وقيام دولتها الكبرى، ولم يكن لديهم ما يرمزون به إلى الأعداد، لبعد العهد بخط المسند وحروفه وأرقامه، الذي ساد في اليمن وغيرها من قديم؛ وانقطاع العلاقة بينهم وبين الأرقام السريانية. اقتبسوا فكرة حساب الجُمل عن البلاد التي فتحوها، عندما وجدوا أن المصريين يستعملون نظام الترقيم بالحروف القبطية، بينما في الشام تُستعمل الحروف اليونانية. وتقوم هذه الطريقة "حساب بالجُمل" على إعطاء كل حرف من حروف الهجاء قيمة عددية موجبة ثابتة، لا تتغير (أُنظر جدول حساب الجمل).

    ثم بعد ذلك، يلجأون إلى التركيب للتعبير عن الأعداد من 2000 إلى 9000.000 وغيرها، عن طريق القاعدة المرتكزة على حرف غ أي 1000، (أُنظر جدول حساب الجمل للتعبير عن الأعداد من طريق القاعدة المرتكزة على حرف غ)

    فإذا أرادوا كتابة الرقم "1240" مثلاً كتبوا "مرغ" لأن الميم أربعون، والراء مائتان، والغين ألف، حيث يراعون، عند تركيب الجمل، أن يكون الحرف المعبِّر عن عدد أكبر هو المقدم، ثم يليه العدد الأصغر، وهكذا، فنجد:

رب          =            202

ريح          =            218

شعب         =            372

    وقد استمر حساب الجُمل، زمناً طويلاً، يستعمله العرب في علومهم، وأعمالهم التجارية، وجداولهم الفلكية، وحساب أوزانهم، فعلى سبيل المثال، نرى في كتاب "القانون" لأبي الريحان البيروني، الذي عاش فيما بين سنة 362 و 440 هجرية (937 ـ 1048م) يكثر استعمال طريقة حساب الجُمل.

ثالثاً: الأرقام العربية ـ الهندية:

    بعد انتشار الإسلام، اشتد التعطش إلى العلم، وبخاصة علم الحساب، فقد كان لا بد من التدقيق في ضبط أوقات الصلوات في جميع البلدان الإسلامية مهما كانت الفروق في الطول والعرض، ومهما كان اختلاف مطالع الهلال. كما كان لا بد من ضبط بداية الصيام، وأول الفطر، ويوم الوقوف بعرفة، ووسائل قسمة الفيء والغنائم قسمة عادلة، وحساب الفرائض في المواريث، حسبما أرادها الله عز وجل، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ]تعلموا الفرائض وعلموها، فإنها نصف العلم، وهو ينسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي[.

    وكان لا بد من ضبط الحسابات في الدواوين المختلفة. كل ذلك جعل علماء المسلمين يرون أن علم الحساب فرض واجب، وقد قال أبو حامد الغزالي: "إن علم العدد من فروض الكفايات، التي لا تسقط عن الأمة إلاّ متى قام بها بعض أفرادها".

    وهكذا، كان لا بد لعلماء المسلمين من إيجاد طريقة في الحساب تكون أسهل من حساب الجُمل، فاتخذوا الأرقام الهندية، لأنهم وجدوها سهلة وواضحة، وليس فيها أي تعقيد، وهناك روايتان في هذا الشأن:

الأولى: أن الأرقام التسعة، ومعها الصفر، قد أدخلها راهب يسمى سويرس سيبخت، في حوالي عام 622م، من الهندية إلى السريانية، ثم إلى العربية. وقد عُثر على أجزاء من كتابه ذلك الراهب، حيث ينحي فيه باللوم الشديد على الناس؛ لشدة إعجابهم بما هو رومي، وفي معرض التدليل على أن لدى غير الروم ما يستحق الإعجاب، يذكر الراهب أن الهنود بتسعة أرقام فقط يستطيعون أن يكتبوا أي عدد، كائناً ما كان. وهذه أقدم إشارة إلى الأرقام الهندية.

الثانية: أن العرب أخذوه عن عالم هندي وفد على الخليفة العباسي المنصور في عام 154هـ (773م)، وهناك من يقول أن المنصور تلقَّى هدية من الهند وفيها كتاب مغلَّف بغلاف ثمين. وكان فيه الأرقام والحساب. ويسمى السند هند.

    ومهما يكن من أمر، فقد أخذ العرب الأرقام عن الهنود فهذَّبوها، واستخدموها. وقد أصبح ذلك من الحقائق المسلَّمة التي لا تحتاج إلى مزيد بحث أو بيان، بعد أن ذكر المؤرخ اليعقوبي أن الأرقام العربية، أخذوها عن الهند وهي من وضع أحد ملوكهم، وأن ابن النديم عزاها إلى السند، وأن ابن الياسمين قد عدَّها "من جملة أعمال أهل الهند ، وأن نصير الدين الطوسي ذكر أنها "منسوبة إلى الهند".

    وهكذا نقل الفلكي محمد بن إبراهيم الفزاري الأرقام الهندية، وبيّن في كتابه "السند هند الكبير"، أشكال الأرقام الهندية. وكان الفزاري هذا عالماً بالنجوم، وهو الذي قيل عنه: "أربعة لم يُدرَك مثلهم في فنونهم: الخليل بن أحمد، وابن المقفَّع، وأبو حنيفة، ومحمد بن إبراهيم الفزاري".

    ولكن الجانب الذي شغل عدداً من الباحثين، ولم يتفقوا على نتيجة قطعية فيه، حتى اليوم، هو السؤال عن ذلك الشكل الخاص الذي أخذه العرب، أو رسموا به أرقام الهنود. يذكر أحد المستشرقين أن الهنود كانت لديهم عدة طرق في الترقيم:

    منها الطريقة البرهمية التي يوجد فيها "لكل اسم من أسماء الأعداد إشارة خاصة، والأعداد الصغرى تُكتب على اليمين، والكبرى على اليسار، وأغلب هذه الإشارات العددية تشبه الأحرف، ولكن لم يكن في نظامهم إشارة للصفر".

    ويمكن القول أن العرب، بعد أخذهم شكل تلك الأرقام، أجروا عليها من التعديل والتشذيب، ومنحوها من الذوق والانسيابية واللمسة الفنية ما جعل لها صورة متميزة، وشكلاً خاصاً، وطرقة معينة في الكتابة. وربما كانوا يستهدفون، بهذا التطوير، أن يجعلوا تلك الأرقام أكثر شبهاً وقرباً إلى حروف أبجديتهم ذات القيمة العددية أيضاً، في الشكل والرسم، ولعل هذا التحوير هو الذي جعل بعض الباحثين حائراً في الأمر، إذ يرى العرب يطلقون على الأرقام، التي يستعملونها، اسم الأرقام الهندية، ولكنها، في الوقت نفسه، تغاير صور الأرقام التي يستعملها الهنود.

    ويبقى السؤال قائماً، ما هي أشكال تلك الأرقام، التي أخذها العرب عن الهنود، وأضفوا عليها من التحسين والتجميل ما أملاه ذوقهم الأصيل؟

وما هي السمات والملامح المميزة للأرقام الجديدة؟

    وهل كانت الصورة الأولى الرائدة هي تلك التي كتب بها عرب المشرق أرقامهم، وما زالوا يستعملونها حتى اليوم 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7، 8، 9   ؟ أم تلك التي يكتب عرب المغرب  والتي تسمى الأرقام الغبارية 1 2 3 4 5 6 7 8 9 ؟

أم أن كلتي الصورتين المذكورتين، قد وُلدتا معاً كما تولد التوائم؟

    إن العرب، عندما وقفوا على الأشكال المتعددة للأرقام الهندية قاموا بتهذيبها، وكوَّنوا من ذلك سلسلتين اشتهرت إحداهما باسم الأرقام الهندية، وعُرفت الثانية باسم الأرقام الغبارية.

    ويبدو أن استعمال كلمتي "الهندية" و"الغبارية"، وتكرار إطلاقهما على تلكم المجموعتين، قد أحدث كثيراً من الخلط والالتباس، ونشأ عنه جدل وخلاف كبيران، في حين أن هاتين التسميتين لا تعنيان وجود شيئين متغايرين، بل هما اسمان ينبئان عن مسمى واحد، هو الرقم المنقول نفسه. إذ يسمي "الهندي" تارة لأنه مأخوذ من الهند ويسمي "الغباري" تارة أخرى لأن أهل الهند يتخذون لوحاً أسود اللون ينثرون عليه الغبار، ويرسمون من الأرقام ما شاءوا. ولذلك يُسمى حساب الغبار.

    ولقد انتشر استعمال هذين النظامين من الأرقام في الدول العربية آنذاك خلال القرن الهجري، وفي هذين النظامين للأرقام استعمل العرب الصفر، الذي اشتق من دائرة ذات مركز في الوسط، وقد استعمل الإطار الخارجي للدائرة ليكون هو الصفر في الأرقام الغبارية. أمّا الأرقام الأخرى، الهوائية، فقد أخذت النقطة الموجودة في مركز الدائرة تعبيراً عن الصفر. وقد استخدم الخوارزمي الأرقام الهوائية في كتابه "حساب الجبر والمقابلة" في حوالي عام 200 هجرية، في عهد الخليفة المأمون، وقد سميت هذه الأرقام بالأرقام الهندية، أو الأرقام الخوارزمية، وكانت شهرة الخوارزمي، وشهرة مؤلفاته عاملاً أساسياً في انتشار هذه الأرقام في المشرق العربي، والبلدان الإسلامية الأخرى، إذ أن مؤلفاته كانت هي المعمول بها في الدولة العباسية خلال تلك المرحلة، وقد ساعد ذلك على انتشار الأرقام الهندية، ومكَّنها من إزاحة سلسلة الأرقام الغبارية في هذه الأجزاء من الدولة الإسلامية. أما الأرقام الغبارية، فهي الأرقام التي استُعملت في المغرب العربي، وفي الأندلس إبان الحكم الإسلامي، وانتقلت إلى أوروبا والغرب عن طريق البلاط البابوي في روما ليُطلق عليها هناك اسم الأرقام العربية Arabic Numbers. وهذه الأرقام العربية الغبارية تتكون من عشرة أشكال بسيطة بما فيها الصفر، ويمكن تركيب وكتابة أي عدد منها مهما كان كبيراً من هذه الأرقام، والأشكال العشرة. وهذه الميزة الطبيعية أعطت السبق للأرقام العربية بنوعيها على الأرقام الرومانية، أو الأرقام المكوَّنة من أشكال وحروف عديدة، وكذلك على الأرقام العربية القديمة المرتبطة بحساب الجُمَّل، والمكوَّنة من مجموع الحروف الأبجدية، كما أن الأرقام العربية، بنوعيها، سهلة الاستعمال، والتركيب، والكتابة، ويمكن فهمها وكتابتها ب سهولة تامة، ودونما عناء أو صعوبة، وهي صالحة للنظام العشري، ولجميع العمليات الحسابية والجبرية والرياضية، التي لم يكن ممكناً القيام بها بدون الأرقام العربية المبسَّطة، وهذا هو الذي مكنَّ الأرقام العربية من التحول إلى أرقام عالمية مستعملة في الشرق والغرب، وهي أداة علم وتقنية رفيعة، بدونها ما كان للإنسانية أن تصل إلى ما وصلت إليه من علم وتطور، ورقي وازدهار.

رابعاً: الزوايا في الأرقام العربية الغبارية

    ترتبط الأرقام العربية بعلم الزوايا، فكل زاوية تمثل رقماً واحداً، فالرقم واحد يتكوَّن من زاوية واحدة، والرقم اثنان يتكوَّن من زاويتين، والرقم ثلاثة يتكوَّن من ثلاث زوايا، وهلم جراً... إلى أن نصل إلى العدد تسعة، فنراه مكوَّنا من تسع زوايا. (أُنظر شكل الزوايا في الأرقام العربية)

    أما الصفر، فهو الدائرة، لأنها ليست رقماً أو عدداً وإنما هي مكوَّنة من لا شيء. والقصد من استعمالها هو الدلالة على موقع الفراغ بالنسبة للأرقام.

    ويرى آخرون أن هذه الأرقام تقترب من أشكال بعض الحروف العربية، وقد جمعها بعضهم في الأبيات التالية:

ألف وحاء ثم حج بعـــده     عين وبعد العين عو تُرسم

هاء وبعد الهاء شكلٌ ظـاهر     يبدو كمخطاف إذا هو يرقم

صفران ثامنها وقد ضُما معاً     والواو تاسعها بذلك تُختم

1     2      3      4     5        6      7      8     9

أ      ح     حج     عـ     عو     لا    7       8     و

ولكن هذا الرأي لم يلق قبولاً.

خامساً: خلاف كبير:

انقسم كثير من النقاد إلى فريقين:

الفريق الأول يرى أن الأرقام الشرقية هي الأصل، وأنها هي التي شاعت قديماً وحديثاً، واستعملت في المخطوطات العامة، أو في مخطوطات الحساب، ويقدم هذا الفريق أدلة كثيرة، ووثائق تدل على ما يقول. ويؤكد على ضرورة التمسك بهذه الأرقام العربية الأصيلة، وعدم الاستجابة لدعوى توحيد الأرقام العربية على الأرقام الغبارية المستخدمة في دول الغرب، ودول المغرب العربي حفاظاً على الهوية العربية. ويتساءل أفراد هذا الفريق:

هل ستجني الأمة العربية من وراء تغيير أرقامها الشائعة المتداولة فائدة في دنيا العلم، أو ثمرة في حقول المعرفة؟

    ويقولون إن الأخذ بالأرقام الغبارية سيؤدي إلى تغيير النطق بها لتنسجم مع الكتابة، فيقال في الخمسة والعشرين "عشرون خمسة"، وما هكذا نطقت العرب. يُضاف إلى ذلك أن الكتابة بالأرقام الغبارية تستغرق وقتاً أطول في الكتابة. ويقولون إن الأخذ بالأرقام الغبارية، التي هي مرتبطة الآن بالأجانب، فيه تنكر للتراث العربي والإسلامي، الذي سارت معه الأرقام قروناً طويلة، وسيؤدي ذلك إلى حرمان الأجيال الجديدة منه، وليس في ذلك مصلحة للعرب والمسلمين، وسيؤدي أيضاً إلى إنفاق أموال طائلة من أجل إعادة طبع الكتب بالأرقام الجديدة، وتغيير أجهزة الطباعة، وأرقام آلات الكتابة التي تعد بالملايين. وسيؤدي إلى قطع الصلة بكتب التراث العربي الإسلامي، وتحويل ما يزيد على ألف مليون عربي ومسلم إلى أسلوب جديد في كتابة الأرقام. والأخطر من ذلك كله هو البدء بالتفكير في الخطوة الجديدة، وهي الأخذ بالحرف الأوروبي لينسجم مع الأرقام، أي أنه العودة إلى ما دعا إليه المستعمرون، وأنصارهم، وهو الأخذ بلغات أوروبا ليتقدم العرب والمسلمون، بعد أن تأخروا لأخذهم بلغة القرآن. وأخطر من ذلك أن الدول الإسلامية ستهتز الصورة لديها، وربما فكَّرت بتغيير حروفها وأرقامها ما دام العرب أنفسهم لم يحافظوا على تراثهم ولغة دينهم.

    ووصل بعض أفراد هذا الفريق إلى القول بأن الدعوة إلى تغيير الأرقام فتنة، وأنها ستصيب العرب والمسلمين جميعاً، وقد قال الله سبحانه وتعالى: ]وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب[ w، (سورة الأنفال، الآية: 25).

أما الفريق الثاني فيرى أفراده أن شكل الأرقام الغبارية هو الأصل، وأن العرب المغاربة ظلوا يستخدمونها، ثم اقتبسها الغربيون عن طريق عرب الأندلس، وإن المغاربة لا يزالون يستعملون طريقة أجدادهم في كتابة الأرقام، ولا يُظن أنهم يكتبون الأرقام الإفرنجية، وإنما الفرنجة هم الذين يكتبون الأرقام المغربية. أما الصفر فكان يُرسم عند الهنود على شكل دائرة في قطبها نقطة، فاستعمل عرب المشرق النقطة تاركين الدائرة، واستعمل عرب المغرب الدائرة دون النقطة. وأن الأرقام العربية الغبارية، التي يستعملها العالم المتطور المتحضر، هي لغة الحضارة والتقدم، وأساس العلم والتقنية المعاصرة، وكانت هذه الأرقام هي المرتكز الأساسي الحضاري الذي مرجعه التطور الرقمي، وعلم الحساب، الذي برع فيه المسلمون، ونُقل عنهم عبر الأندلس إلى أوروبا والعالم. وأن هذه الأرقام، ليست إفرنجية، بل هي عربية، والعرب هم الوحيدون الذين لا يستعملونها، وأنه يجب على العرب العودة إليها، وتلك مسؤولية الجميع، وبالأخص المهنيين، ومن بينهم المهندسون العرب، وأنه لمن المؤلم أن يظل العالم العربي منقسماً على نفسه، فمتى نوحِّد الجهود، ونتبنى الأرقام الغبارية في كافة أقطارنا العربية. قد وافقت على الدراسة التي أعدتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم حول موضوع توحيد الأرقام العربية، واستخدام الأرقام الغبارية في المنظمات العربية التابعة للجامعة العربية (أنظر ملحق تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في شأن توحيد استعمال الأرقام العربية) و(ملحق تقرير المنظمة العربية للمواصفات والمقاييس في شأن استعمال الأرقام العربية الغبارية)، وإذا كانت المؤسسات العلمية، والمنظمات العربية، والجمعيات العلمية، والمكاتب الاستشارية في المشرق العربي، والعديد من المؤسسات المصرفية، تساند استعمال الأرقام الغبارية لأسباب عديدة، أهمها:

1. أنها أرقام عربية الأصل.

2. أنها تحمل اسم الأرقام العربية Arabic Numbers في اللغات الأجنبية، وأنها تُستعمل في جميع أنحاء العالم.

3. أنها تغني عن ترجمة الجداول الرياضية، وتخفف أعباء ترجمة الأرقام في الكتب العلمية.

4. أنها تحل مشكلة الصفر، فهو دائرة متميزة في الأرقام الغبارية، لا نقطة ضائعة، مما قد يسبب اللبس أو الغموض.

5. أنها تحقق مبدأ عالمية الأرقام الذي هو مبدأ مفيد، ذو مردود متميز في العلاقات الدولية.

    وهكذا، يطالب أفراد هذا الفريق بانطلاقة في الجامعات، والمؤسسات العلمية، وبحملة في الصحافة لتوعية الناس، وحثهم على تقبل الأرقام الغبارية، وضرورة استعمالها على لوحات السيارات وترقيم الشوارع والوحدات، والأحياء السكنية. وأن أقطار المشرق العربي، ومنها دول مجلس التعاون الخليجي مدعوة لأن تأخذ زمام المبادرة لإحلال الأرقام الغبارية محل الأرقام الحالية لمسايرة لغة وأسلوب العصر، والبدء في تعليمها لأطفالنا في المدارس من الآن. ويعتبر أفراد هذا الفريق أن ثمة أمثلة رائدة، ومنها جميع إصدارات بيت القرآن في البحرين ومطبوعات الشركة السعودية للأبحاث والتسويق في جريدة الشرق الأوسط، ومجلة "المجلة" و "سيدتي" و "المسلمون"، وجريدة "الأيام" ومجلة "صدى الأسبوع" في البحرين وجريدة "الأولى" الكويتية منذ إصدارها وغيرها.

    كان هذا هو الخلاف بين الفريقين، ولكلٍ حججه وأدلته، عرضها البحث بإيجاز، وأحال صور الوثائق التي تقدم بها الفريقان إلى ملاحق البحث. ومن الواضح أن بقاء الوضع الحالي هو أسلم الأمور، وأصح الاتجاهات، دون خوض تجارب، ومعارك، وإنفاق الأموال الطائلة فيما لا يجدي. وطالما أن النصوص الأولى أثبتت أن العرب استخدموا الأرقام المشرقية، فلا شك أنها هي الأقدم، وأن الحقائق التالية يجب وضعها في الاعتبار:

1. إن الأرقام العربية الأولى (الشرقية)، هي غير الأرقام التسعة التي وجدت متناثرة في اللغات الهندية المختلفة.

2. إن أول من حفظ لنا هذه الأرقام بشكلها الحالي هو الخوارزمي.

3. إن الفلكي محمد بن إبراهيم الفزاري ألَّف كتاباً سماه "السند هند الكبير"، ونقل فكرة الأعداد من الهنود، ووضع لها الأشكال التي عليها بأمر الخليفة المنصور.

4. إن النظام العشري غير منقول عن الأمم الأخرى، وإنما هو أصيل عرفه العرب في بيئتهم. وإنه كان بابلياً، ولا يُستبعد أن يكون الهنود قد أخذوه عن البابليين.

5. إن الأرقام والحروف الأبجدية اختلفت لدى الهنود أنفسهم في إقليم ما عنه في إقليم آخر.

6. إن شكل الرقم العربي ليس كشكل الرقم الهندي، والاختلاف بينهما واضح.

7. إن أبا الريحان البيروني (المتوفي عام 440هجرية ـ 1048ميلادية)، أشار إلى طريقة الهنود في استخدام الحروف الأبجدية والأرقام بقوله: "وليس يجرون على حروفهم شيئاً من الحساب كما نجريه على حروفنا في ترتيب الجمل، وكما أن صور الحروف تختلف  في بقاعهم كذلك أرقام الحساب، وتسمى "إنك"، والذي نستعمله نحن مأخوذ من أحسن ما عندهم، ولا فائدة في الصور بأرقام هي كالنقوش أو كحروف أهل الصين ولا تُعرف إلا بالعادة وكثرة المزاولة، ولا تُستعمل في الحساب على التراب".

8. إن الخوارزمي ذكر نوعين لشكل الأرقام، وقد ساد الأول، وما يزال مستعملاً، وأما الثاني فاستخدمه أهل المغرب، وسار أصلاً للأرقام المستعملة في العالم الآن.

9. إن الأرقام ظهرت مع الصفر مرسوماً نقطة في كتب عربية أُلِّفت منذ سنة 787م قبل أن تظهر في الكتب الهندية.

10. إن هناك من علماء العرب من يؤكد أن الأرقام الشائعة في المشرق العربي هي أرقام آرامية، فينيقية، بنطية، تدمرية، فهي لذلك عربية الأصل لا شك في ذلك، ولا عبرة بما يقوله بعض الإخوة في المغرب، أو غيرهم.

    وقد قال أحد علماء الغرب البارزين، وهو بارون كارول دو: "إن المسلمين قد وفَّقوا توفيقاً كبيراً في علوم مختلفة، وهم الذين علَّموا الناس استعمال الأعداد، ونظموا الجبر والمقابلة على شكل علم صحيح. أما الذين يستدلون على الأصل الهندي لها استناداً إلى أن الإقليدس سماها "أحرف الهند"، أو إلى ما أشبه ذلك من الأقوال، فهذا ليس دليل أصل للأرقام نفسها، وإنما هو طريقة وأسلوب، وليس يوجد أي دليل قطعي يؤيد ما يستدلون به. وفوق ذلك إن الجزيرة العربية، والهلال الخصيب ـ وهما موطن أجداد العرب الأوائل ـ سبقاً بحضارتهما حضارات الأرض الأخرى، وفيها عُرفت اللغة والنظم والتجارة، والعمارة، والأعداد قبل الهند وفارس، وغيرهما. فلا يُعقل نُكران تأثيرهم على الحضارات المجاورة لهم.

11. خلاصة القول: وحتى لو تم التسليم، جدلاً، بالأصل الهندي للأرقام العربية، فإن العرب هم الذين تبنَّوها، وهذَّبوها، وطوَّروها بما يناسب أقلامهم، وأحرفهم، وهم الذين أسدوها خدمة للعالم، ولا يُعرف ذلك لغيرهم. ولا يعيب العرب اقتباسها من الهنود. ومن ثم فهذه الأرقام أخذت طابعها العربي، وسايرت الحرف العربي هندسة وشكلاً طوال أربعة عشر قرناً متواصلة ملتصقة بالثقافة والتراث والهوية.

سادساً: هل الصفر من ابتداع العرب والمسلمين؟

عرف العرب الصفر[3] (أُنظر شكل الرسوم المختلفة للصفر) منذ الأزل. ويظهر ذلك من قول الرسول r، )إن ربكم حيىٌ كريم يستحي من عبده، إذا رفع يديه إلى السماء أن يردهما صفرا( (رواه أبو داود في السنن).

    وهناك رأي يقول أن البابليين ابتدعوا الصفر، وأن علماء الحساب العرب، الذين استخدموا النظام الستيني، قد ورثوا الصفر ضمن ما ورثوه من علم الحساب البابلي، وأنهم لم يأخذوه عن الهنود، لأن العرب استعملوا الصفر في مؤلفاتهم من عام 259 هجرية (أي 873 ميلادية، بينما لم يستعمله الهنود سوى عام 256هجرية (879 ميلادية).

    ورأى آخر يقول إن العرب أخذوا الصفر عن الهنود، الذين كانوا يستعملون كلمة (سونيا) أي (الفراغ) لتدل على معنى الصفر، ثم انتقلت هذه اللفظة الهندية إلى العربية باسم الصفر.

فوائد الصفر

    على أية حال، لا شك أن علماء العرب هم الذين طوَّروا الصفر، الذي سهَّل العمليات الحسابية تسهيلاً لا حدود له. واختاروا النقطة لتعبر عنه، لأن النقطة ذات أهمية كبيرة في الكتابة العربية، ويعتبرها العرب المميز والضابط بين الحروف، فعلى سبيل المثال، إذا وُضعت النقطة فوق الحرف ب كانت نوناً، وإذا كانت أسفل كانت باء، وإذا كانت نقطتان فوقها صارت تاء، وإذا كانت النقطتان من أسفل كانت ياء، وهلم جراً. من هذا المنطق استعمل العرب النقطة لتعبِّر عن الصفر مع الأعداد، فأعطوها الوظيفة التي لها مع حروف الضبط والتمييز. وقد أبان الخوارزمي موقع الصفر في عمليات الجمع والطرح، وأشار إلى أنه يجب أن يوضع إلى يمين العدد.

    ويعتبر الرياضيون أن الصفر أعظم اختراع توصلت إليه البشرية فبدون الصفر يستحيل إيجاد الكمية الموجبة، والكمية السالبة في علم الكهرباء، والموجب والسالب في علم الجبر.

    ولولا الصفر، واستخدامه في الترقيم، لما فاقت الأرقام العربية غيرها من الأرقام، ولما فضلتها الأمم المختلفة على الأنظمة العددية الأخرى. ومن هذا المنطلق استعمل العرب النقطة لتعبِّر عن الصفر مع الأعداد، فأكسبوا الأعداد وظيفتها، فمثلاً الواحد إذا وضِعت نقطة عن يمينه صار عشرة، والخمسة إذا وضِعت نقطتان عن يمينها صارت خمسمائة. ولولا الصفر لما استطعنا أن نَحُلَّ كثيراً من المعادلات الرياضية من مختلف الدرجات بالسهولة التي نحلها بها الآن، ولما تقدمت فروع الرياضيات تقدمها المشهود، وبالتالي لما تقدمت المدنية هذا التقدم العجيب.


 



[1] عاش محمد بن موسى الخوارزمي في بغداد فيما بين سنة 164 و 235 هـ (780 ـ 850م) وتوفي هناك. وقد برز في زمن خلافة المأمون، ولمع في علم الرياضيات والفلك، حتى عيَّنه المأمون رئيساً لبيت الحكمة. ووضع تحت أمره المال والرجال، وسمح له بالارتحال إلى أي بلد شاء، طالما كان هدفه الدرس والبحث. طوَّر الخوارزمي علم الجبر ولقب بأبي الجبر، ونُسب إليه هذا العلم في جميع أنحاء المعمورة، وأوجد نظاماً لتحليل جميع معادلات الدرجة الأولى والثانية ذات المجهول الواحد بطرق جبرية وهندسية. وصفه جورج سارتون بأنه كان 'أعظم رياضي في ذلك العصر، بل هو أحد أعظم الرياضيين في كل العصور'. وقد ترجم الغربيون اسم الخوارزمي إلى Alchwarismi وAlgoritmi وAlgorism، ومن ذلك جاء اسم اللوغاريتم. وقد صار كتاب الخوارزمي المرجع الأول للمؤلفين والمترجمين من عرب وأعاجم. وظل كتاب الخوارزمي في الجبر معروفاً في أوروبا باللغة اللاتينية، إلى أن عثر على أحد نصوص الكتاب باللغة العربية في مخطوطة محفوظة في أكسفورد (مكتبة بودلين)، وصدرت في نشرة عربية بالحروف المطبعية عام 1831م.

[2] الجبر والمقابلة: الجبر أحد الفروع الرئيسية في الرياضيات، ومؤسسه العالم العربي الخوارزمي وهو أول من استخدم التعبيرات الجبرية وأول من حل معادلات من الدرجة الثانية الجبرية، والجبر تعبير استخدمه الخوارزمي من أجل حلّ المعادلات بعد تكوينها، ومعناه أن طرفاً من طرفي المعادلة يكمل ويزاد على الآخر، والأجناس المتجانسة المتساوية في الطرفين تسقط منها وهو المقابلة. واسم الجبر في جميع لغات العالم مشتق من كلمة الجبر التي استخدمها الخوارزمي.

[3] الصفر: عرَّفه ابن منظور بأنه: الشيء الخالي، وأنه، في حساب طريقة العد عند الهنود: الدائرة في البيت يفني حسابه. وقد ظهر عند أبي الحسن الإقليدس "الفصول في الحساب الهندي"، على شكل نجمة خماسية غير مفرغة من الداخل، وفي مخطوطات أخرى على شكل نقطة، وبأشكال أخرى.

[4] سلفستروس الثاني. طفل لقيط، وجده الرهبان أمام باب أحد الأديرة في فرنسا عام 920م، فالتقطوه، وأطلقوا عليه اسم جيربرت، وعاش في الدير نحو اثنين وعشرين عاماً، تعلَّم خلالها قواعد اللغة والحساب والموسيقى على يد رئيس الدير. وفي عام 967، أعجب الكونت يوريل البرشلوني بالراهب "جيربرت"، فأستأذن الرهبان في اصطحابه معه إلى أسبانيا وأمضى جيربرت ثلاثة أعوام في أسبانيا وسمع أحاديث كثيرة عن الأمراء المسلمين، وولعهم بالعلوم والآداب، فتعلق بهم، وعشق دراسة الرياضيات والفلك على أيدي أساتذة عرب، وكان من أهم ما تعلَّمه الأعداد العربية. ثم فر إلى فرنسا إثر اضطرابات في البلاط الملكي، ثم في عام 991، اختاره أعضاء مجلس الأساقفة لرئاسة الأسقفية، ودخل في نزاعات مع البابوية بسبب رفض البابا اعتبار انتخابه قانونياً. فعاد إلى أسبانيا والتحق ببلاط الإمبراطور الجديد أوتو الثالث. وفي عام 998 عينه أوتو رئيساً لأساقفة رافنا، إحدى مدن إيطاليا في عام 999 توفي البابا جريجوري الخامس، فعُيَّن جيربرت في مكانه في 9/ 4/ 999، واختار لنفسه اسم سيلفستروس الثاني. وقد اشتهر بإنجازاته الفكرية والعلمية المتعمقة، ومن أشهر كتاباته، كتاب "المعدادAbacus " عن استخدام الأرقام العربية، التي تعلمها في الأندلس، ولكنه فشل هو وتلاميذه في نشر هذه الأرقام التسعة، وإرسائها في أوروبا رغم أن الغرب كله لم يعرف علم الرياضيات كعلم له أصوله قبل هذا الرجل. توفي في 12/ 5/ 1003، وظهرت الأساطير عن سعة معرفته، وعزاها البعض إلى إنه كان "ساحراً"، وعزاها آخرون إلى أنه كان معه شيطان يعلمه وأنه كان يهرب ليلاً من الدير إلى أسبانيا ليتعلم على يد العرب علم الفلك والعلوم الأخرى، وإنه تعلم على أيديهم إحضار الجان، وفنون السحر والإضرار بالناس، وقال آخرون أنه كان لديه رأس اصطناعي يجيب على الأسئلة الموجهة إليه.

[5] ولد ليوناردو في سبعينات القرن الثاني عشر في مدينة بيزاPisaبإيطاليا وكان والده يعمل موظف جمارك في شمال أفريقيا، وقنصلاً للجالية البيزية هناك، حيث اختلط بالتجار العرب القادمين من بلاد المغرب، واعتاد على طرق كتاباتهم وحساباتهم السريعة. وتلقى ابنه ليوناردو تعليمه على يد معلم عربي يسمى `سيدي عمر`، فدرس الرياضيات العربية. ثم زار الشاب ليوناردو مصر وسورية وصقلية، ودرس سبل استخدام الجداول الحسابية، والمعادلات المتنوعة. ثم ألف كتابه `كتاب الحساب` في عام 1202م، الذي استسهله بقوله: `إن الأرقام التسعة ومعها الصفر يمكن كتابة أي عدد بها`. جذب هذا الكتاب انتباه الامبراطور فردريك الثاني، فاستدعى ليوناردو إلى البلاط، وهناك أدهش رجال البلاط معلومه الرياضيه وذكائه الحاد في حل معضلات المسائل. وكان ليوناردو يقرأ الأرقام، كالعرب، من اليمين إلى اليسار. في عام 1225، أهدى مؤلفه `كتاب الأعداد التربيعية` إلى الامبراطور. وفي عام 1228، أصدر نسخة معدَّلة من كتابه الأول. ولا يُعرف عنه شيء، منذ ذلك العام حتى عام 1240، عندما خصَّصت له بيزا مرتباً سنوياً، مدى الحياة، مقداره عشرون ليرة سنوية، مع مخصصات أخرى، مقابل الخدمات التي أداها لمدينته.

[6] في أي مثلث قائم الزاوية (كالموضح في الشكل) تكون نسب أضلاعه متساوية وثابتة وتسمى النسب كالتالي:جيب الزاوية (جا) = طول الضلع المقابل للزاوية/طول الوتر = س/ص جيب تمام الزاوية (جتا)= طول الضلع المجاور للزاوية/طول الوتر = ع/ص ظل الزاوية (ظا)= طول الضلع المقابل للزاوية/طول الضلع المجاور للزاوية = س/ع

[7] مثال المتوالية الحسابية: أ1، أ2، ... ، أن، ... مثلاً: 0، 1، 1، 2، 3، 5، 8، 13، ... مثال المتوالية الهندسية: أ، أس، أس2، أس3، أس4، ...، أسن-1، ... مثلاً: 2، 4، 8، 16، 32، 64، 128، ...

[8] يقترن الجبر في العصر الحديث باسم عالم الرياضيات الفرنسي فيثViete، فهو أول من ترك طريقة الخوارزمي في استعمال ألفاظ اللغة، واقتصر على استعمال حروف الهجاء. فميز ما كان يسمى حينئذ Logistica Numerosa أي `حساب العدد`، عما يسمى الآن Logistica Speciosaأي `علم الأنواع` أي علم الجبر والرمز.