إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / اليمن... الثورة والحرب (1962 ـ 1970)، حرب اليمن من وجهة النظر المصرية





ميناء الحديدة
ميناء صليف
إجراءات تأمين قاعدة الحديدة
أعمال المقاومة الملكية
أعمال قتال الجانبين على المحور الشرقي
أعمال قتال الجانبين في المنطقة الشمالية
أعمال قتال الجانبين، يوليه 1967
أعمال قتال الجانبين، يونيه 1967
التوزيع الجغرافي للقبائل
السيطرة على المحور الساحلي
العملية نسر
العملية اكتساح
العملية صقر
العملية قادر
القوات المصرية والجمهورية، يوليه 1967
القوات المصرية والجمهورية، يونيه 1967
القوات المصرية، نهاية أبريل 1966
القوات الجمهورية، مايو 1967
توزيع قوات الجمهوريين بمنطقة الجوف
تطهير صحن العقبة
تضاريس اليمن
عمليات الجانبين للسيطرة على المحور
عملية جبل اللوز
فتح وتطهير طريق السر
فتح طريق المطمة ـ الحميدات
قتال المنطقة الشمالية
قتال الجمهوريين لتأمين منطقة أرحب
قتال الجانبين للسيطرة على منطقة السوده
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الأوسط
قتال الجانبين للسيطرة على المحور الشمالي
قتال الجانبين للسيطرة على طريق الحديدة
قتال الجانبين للسيطرة على ذيبين
قتال الجانبين بمنطقة الجوف
قتال الجانبين بالمنطقة الشمالية
قتال الجانبين بالمنطقة الشرقية
قتال الجانبين على المحور الأوسط
قتال الجانبين على المحور الشرقي
قتال الجانبين على المحور الشرقي 1962
قتال الجانبين في المنطقة المركزية
قتال الجانبين في المنطقة الغربية
قتال الجانبين في جبلي حرم ورازح
قتال الجانبين في قطاع جبل رازح
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على مأرب
قتال قوات الجمهوريين للسيطرة على الحزم

منطقة العمليات البحرية
مسرح الحرب اليمنية
المسرح اليمني
الجمهورية العربية اليمنية
القصف الجوي 1963
القصف الجوي 1964
القصف الجوي 1965
القصف الجوي يناير ـ مايو 1967
القصف الجوي يونيه ـ ديسمبر 1967
طرق التسلل



تمهيـــــــــــد

ثالثاً: أبرز السمات الجغرافية للمسرح اليمني، وأثرها في أعمال القتال

1.    الموقع والحدود

يقع المسرح اليمني بين خطَّي الطول 30, 542 و 21, 546 شرقاً، وخطَّي العرض 40, 512 و 32, 517 شمالاً، في الجزء الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة العربية. ويحد اليمن من الشمال والشرق المملكة العربية السعودية، ومن الجنوب المحميات البريطانية (عند اندلاع الثورة اليمنية)، ومن الغرب، البحر الأحمر. وتوضح المعاهدتان المعقودتان بين المملكة المتوكلية اليمنية، وكل من بريطانيا والمملكة العربية السعودية، عام 1934، الحدود السياسية لليمن عند قيام الثورة (انظر ملحق معاهدة الطائف بين المملكة اليمانية والمملكة العربية السعودية)، و(ملحق معاهدة الصداقة والتعاون المتبادل بين اليمن وبريطانيا)، و(خريطة الجمهورية العربية اليمنية)، و(خريطة المسرح اليمني).

2.    طبوغرافية المسرح البري ومناخه

          ‌أ.         عـام

يُعد المسرح اليمني من المسارح الجبلية الصحراوية الوعرة، التي تقلّ فيها الطرق المرصوفة، ومحاور التحرك الممهدة. كما كان يفتقر إلى المطارات الحديثة، القادرة على استقبال وتشغيل الطائرات النفاثة، والموانئ العميقة المجهزة بأرصفة الشحن والتفريغ، الملائمة لعمليات النقل البحري الكثيفة.

ويمكن تقسيم المسرح اليمني، من ناحية طبوغرافيته ومناخه، إلى ثلاثة أقاليم رئيسية، لكل منها سماته الخاصة، هي: السهل الساحلي (سهل تهامة)، والهضبة الوسطى، والهضبة الشرقية (انظر شكل الأقسام الرئيسية لتضاريس اليمن).

ومن الناحية المناخية، يمكن تحديد الفصول الأربعة في اليمن، على النحو التالي:

        (1)    فصل الربيع، ويشمل أشهر يناير وفبراير ومارس، ومناخه معتدل بوجه عام.

        (2)    فصل الصيف، ويشمل أشهر أبريل ومايو ويونيه، ومناخه شديد الحرارة فــي المناطق المنخفضة، ومعتدل في المرتفعات.

        (3)    فصل الخريف، ويشمل أشهر يوليه وأغسطس وسبتمبر، ومناخه معتدل.

        (4)    فصل الشتاء، ويشمل أشهر أكتوبر ونوفمبر وديسمبر، ومناخه شديد الـبرودة، وخاصة في المرتفعات.

    ‌ب.   السهل الساحلي (انظر خريطة الجمهورية العربية اليمنية)، و(شكل الأقسام الرئيسية لتضاريس اليمن)

ويُسمى سهل تهامة، أو السهل الغربي. وهو يمتد من الحدود اليمنية ـ السعودية شمالاً، حتى باب المندب جنوباً، بطول 400 كم. ويقع بين ساحل البحر الأحمر غرباً، والحافة الغربية للمرتفعات الساحلية (أول أجزاء الهضبة الوسطى)، بعرض يراوح بين 25 و 70 كم.

ويقرب ارتفاع السهل الساحلي، عند الساحل، من مستوى سطح البحر. ثم يرتفع تدريجياً في اتجاه الشرق، حتى يصل إلى منسوب 200 متر، عند الحافة الغربية للمرتفعات الساحلية. ويمكن اعتبار خط الكونتور 200 متر الحد الشرقي للسهل الساحلي.

وتتميز أراضي ذلك السهل بالاستواء في بعض المناطق، والتموج في مناطق أخرى. ويقطعها عدة أودية متسعة، وضحلة، تجري فيها مياه السيول، المنحدرة من المرتفعات الساحلية. ويكثر بتربته الحصى والحجارة في الجهة الشرقية منه، بينما تكثر الكثبان الرملية المتحركة قرب الساحل. أما حول مجاري الأودية، فالتربة طينية رملية، خصبة، صالحة للزراعة، عدا مناطق المخاضات والسبخات الرخوة، مثل منطقة الصليف (السليف).

وأهم وديان السهل الساحلي، التي تنحدر من الشرق إلى الغرب، هي أودية حيران، عين، سهام، أصالة، سردود، مور، رماع، زبيد، حيدان والغيل.

وأبرز مدن السهل، هي:

        (1)    الحديدة، ويقدر سكانها بـ 30000 نسمة (عام 1962).

        (2)    زبيد، ويقدر سكانها بـ 15000 نسمة (عام 1962).

        (3)    بيت الفقيه، ويقدر سكانها بـ 10000 نسمة  (عام 1962).

إضافة إلى تلك المدن المهمة، يوجد في السهل الساحلي العديد من المدن الأخرى، مثل المخا، الزيدية، حرض، ميدي. وأبرز موانئ السهل، هي الحديدة، والمخا، وصليف (سليف).

ويتسم السهل الساحلي بمناخ مداري، تراوح فيه درجة الحرارة بين 536 و 545 صــيفاً، بينما يصل الحد الأدنى للحرارة في الشتاء إلى 516. كما يتسم السهل بقلّة الأمطار، وارتفاع نسبة الرطوبة في الهواء، التي تصل من 60 % إلى 80%، طوال أيام السنة.

وباستثناء طريق الحديدة صنعاء، الذي يقطع السهل الساحلي عند منتصفه، لم يكن في ذلك السهل، عند قيام الثورة اليمنية عام 1962، أي طرق مرصوفة أو ممهدة. وكل ما كان فيه منها، لا يزيد على بعض الطرق والمدقات الترابية، الطولية والعرضية، لربط المدن المهمة في ذلك السهل بعضها ببعض، فضلاً عن الاتصال بالمدن الرئيسية في الهضبة الوسطي (انظر خريطة الجمهورية العربية اليمنية).

    ‌ج.   الهضبة الوسطى (انظر شكل الأقسام الرئيسية لتضاريس اليمن)

تقع الهضبة في الجزء الأوسط من اليمن، بين سهل تهامة والهضبة الشرقية. وتمتد من الحدود اليمنية جنوباً، حتى الحدود الشمالية للبلاد. ويمكن تقسيم الهضبة الوسطى إلى ثلاث مناطق مختلفة، لكل منها سماتها الخاصة، هي: المرتفعات الساحلية، والمرتفعات العليا المركزية، والمرتفعات الجنوبية.

        (1)    المرتفعات الساحلية (انظر شكل الأقسام الرئيسية لتضاريس اليمن)

تقع هذه المرتفعات بين السهل الساحلي والمرتفعات العليا المركزية. وهي سلاسل جبلية، يراوح ارتفاعها بين 200 و1500 متر فوق مستوى سطح البحر. وتتسم هذه المرتفعات بالتضاريس الوعرة، التي تقطعها أودية عميقة، تجري في ممرات ضيقة، لها انحدارات حادة. ويتجه أغلب هذه الأودية غرباً، نحو السهل الساحلي، حيث تنتهي في البحر الأحمر. بينما تتجه الأودية، الواقعة أقصى جنوب هذه المرتفعات، إلى خليج عدن.

        (2)    المرتفعات العليا المركزية (انظر خريطة الجمهورية العربية اليمنية)، و(شكل الأقسام الرئيسية لتضاريس اليمن)

تقع هذه المرتفعات في القسم الأوسط من اليمن، بين المرتفعات الساحلية والهضبة الشرقية. وتمتد من الحدود اليمنية السعودية شمالاً، حتى مدينة "آب" جنوباً. ويراوح ارتفاعها بين 1500 و 3000 متر فوق مستوى سطح البحر. إلا أنه يوجد بعض القمم الأكثر ارتفاعاً، بين "آب" و"صنعاء"، يصل ارتفاع بعضها إلى 3700 متر.

ويتسم الجزء الغربي من هذه المرتفعات بكثرة وعورة تضاريسه، مقارنة بالجزء الشرقي منها. ويقع وسط هذه المرتفعات عدد من الأحواض الجبلية (يطلق عليها اسم القيعان أو الحقول)، تمتد على طول الطريق الطولي، الواصل بين آب في الجنوب، وصعدة في الشمال، وهي سهول زراعية، تحيط بها الجبال الجرداء من جميع جوانبها.

وتعدّ هذا الأحواض مراكز مهمة للاستيطان، إذ توجد بها العاصمة، وعدد من المدن الرئيسية في اليمن. وأهم تلك الأحواض، من الجنوب إلى الشمال: قاع الحقل (يريم)، قاع شرعة (ذمار)، قاع جهران (معبر)، قاع الرحبة (صنعاء)، قاع البون الكبير (عمران )، قاع البون الصغير (رايدة )، قاع سفيان، قاع صعدة. ويراوح عرض هذه القيعان بين 5 و 10 كم، ويتجاوز ارتفاع بعضها 2000 متر فوق مستوى سطح البحر.

        (3)    المرتفعات الجنوبية (انظر خريطة الجمهورية العربية اليمنية)، و(شكل الأقسام الرئيسية لتضاريس اليمن)

تشمل هذه المرتفعات الأطراف الجنوبية من الهضبة الوسطى، وتمتد من آب شمالاً، حتى الحدود اليمنية جنوباً، أي المنطقة الواقعة أسفل خط تقسيم المياه الجنوبي.

ويتسم مناخ الهضبة الوسطى، عموماً، باعتدال الحرارة، وقلة الرطوبة، معظم أشهر السنة، عدا فصل الشتاء، حين تشتد البرودة، وتتساقط الثلوج على قمم الجبال المرتفعة. وتهطل الأمطار بغزارة، في معظم أيام السنة، على المرتفعات الجنوبية، وتقلّ نسبياً، كلما اتجهنا شمالاً، مما يسمح بزراعة سفوح المرتفعات وقيعانها، في معظم الأجزاء الوسطى والجنوبية للهضبة، وبعض الأجزاء الشمالية. وعلى ذلك، يتركز معظم سكان الهضبة الوسطى في القسمين الجنوبي والأوسط منها، نتيجة لوفرة الأمطار، وخصوبة التربة. بينما يقلّ عدد السكان، وتنخفض كثافتهم، كلما اتجهنا شمالاً، حيث تنخفض  كمية الأمطار، وتقلّ خصوبة التربة.

    ‌د.    الهضبة الشرقية (انظر خريطة الجمهورية العربية اليمنية) و(شكل الأقسام الرئيسية لتضاريس اليمن)

تمتد هذه الهضبة من الحافة الشرقية للهضبة الوسطى، حتى الحدود الشرقية للجمهورية اليمنية. وتنحدر تدريجياً في اتجاه الشرق، حتى تبلغ ارتفاع 1000 متر فوق مستوى سطح البحر. وتلتقي في نهاية امتدادها الشرقي، الأطراف الغربية للنطاق الرملي لصحراء الربع الخالي، حيث ينخفض ارتفاعها إلى أقلّ من 1000 متر. ويشغل حوض الجوف الجزء الأوسط من الهضبة، حيث ينحدر السطح نحو الشرق. أمّا في شمال الهضبة، فينحدر السطح شمالاً.

وتتسم الهضبة الشرقية بقلّة أمطارها، وارتفاع درجة حرارتها، وجفافها. ويغلب على الأجزاء الغربية منها مناخ المناطق شبه الصحراوية ونباتاتها. بينما يغلب على باقي الهضبة مناخ المناطق الصحراوية ونباتاتها.

وتتصف الهضبة الشرقية، عموماً، بقلّة مواردها الزراعية، عدا بعض المناطق، المبعثرة في الأودية، التي تسيل فيها مياه الأمطار. وعلى ذلك، تكاد تكون الهضبة خالية من السكان، عدا بعض التجمعات السكانية، الموجودة في الواحات وبطون الأودية، مثل أودية أملح وعظلة ومأرب وحريب والجوبة والجوف.

3.    أثر طبوغرافية المسرح البري ومناخه في الأعمال العسكرية[1]

    ‌أ.    السهل الساحلي

        (1)    يعدّ السهل من المناطق المفتوحة، المكشوفة، التي يصعب فيها تحديد الأهداف البرية، لقِلة المعالم والهيئات الطبوغرافية المميزة.

        (2)    تتسبب المخاضات المائية، والسيول المندفعة في الأودية، المنتشرة في ذلك السهل، بالحد من التحركات البرية من الشمال إلى الجنوب أو العكس.

        (3)    يعدّ السهل الساحلي صالحاً لتحرك وفتح القوات بصفة عامة، باستثناء مناطق المخاضات والسبخات والغرود الرملية(النفود، أو الرمال المتحركة).

        (4)    نتيجة لامتداد السهل الساحلي، وقِلة السواتر به، فإنه يعد من المناطق الملائمة لأعمال القتال الجوي، ضد القوات البرية المكشوفة في العراء.

        (5)    تحد درجة الحرارة، والرطوبة العالية، في فصل الصيف، من قدرة الأفراد وطاقتهم على العمل. كما يحد تكاثر السحب المنخفضة، في النصف الثاني من اليوم، من الرؤية الرأسية، ويؤثر نسبياً في أعمال القتال الجوي.

    ‌ب.   الهضبة الوسطى

        (1)    تحد وعورة السلاسل الجبلية في الهضبة، من قدرة القوات البرية على التحرك والمناورة والفتح، إذ لا تزيد السعة التكتيكية، في تلك المناطق، على كتيبة مشاة، كما يصعب فيها استخدام المدرعات.

        (2)    تصعب أعمال القتال الجوي في مواجهة حرب العصابات، وأعمال التسلل في المرتفعات الجبلية لهذه الهضبة، فضلاً عن صعوبة مراقبة التحركات الليلية، لسهولة الإخفاء. ولكن يمكن استخدام أعمال القتال الجوي ضد الأهداف الكبيرة نسبياً، مثل القرى ومناطق التجمع والحشد، في الأحوال الجوية الحسنة.

        (3)    تعد القيعان والسهول، المنتشرة في الهضبة، صالحة لفتح القوات وتحركاتها. كما تصلح كمناطق للتمركز والتجمع والإبرار الجوي. وتعد تلك المناطق صالحة لإنشاء المطارات، وعمل القوات الجوية والمدرعات.

        (4)    يمكن القوة الجوية أن تؤدي دوراً فعالاً، لتعويض صعوبة استخدام المدرعات في المناطق الوعرة من الهضبة. إلا أن ذلك يتطلب وجود مساعدات ملاحية متقدمة، للتغلب على مشاكل السحب المنخفضة، التي تغطي قمم الجبال، وتهدد سلامة الطيران، خاصة في موسم الأمطار، الذي يمتد قرابة سبعة أشهر (من مارس حتى سبتمبر)، ويؤثر في المطارات وأراضي الهبوط الترابية، فيتوقف الطيران منها.

        (5)    تعد المرتفعات والمناطق الوعرة في الهضبة، من أنسب المناطق لحرب العصابات. كما تعد المضايق ملائمة لعمليات قطع الطرق ونصب الكمائن.

        (6)    تشكل البرودة القارصة، التي تصل إلى درجة التجمد، في مرتفعات الهضبة الوسطى شتاء، مشكلة كبيرة، تحد من قدرة القوات العاملة في تلك المرتفعات.

    ‌ج.   الهضبة الشرقية

        (1)    نتيجة لطبيعة هذه الهضبة المفتوحة، والممتدة ، فهي تصلح لأعمال التحرك والفتح والمناورة للقوات البرية، كما تصلح لاستخدام المدرعات. إلا أنه نتيجة لطبيعتها الصحراوية، وندرة المياه فيها، فإنها تحتاج إلى جهد إداري أكبر، لتزويد القوات، التي تعمل في تلك الهضبة، بكافة احتياجات الإعاشة.

        (2)    تعد الهضبة الشرقية من أصلح المناطق لأعمال القتال الجوي، بسبب طبيعتها المكشوفة، التي يصعب الاستتار فيها. كما تصلح طبيعتها لإنشاء المطارات وأراضي الهبوط، لخدمة القوات التي تعمل فيها.

        (3)    باستثناء الفترات، التي تكثر فيها الرمال المثارة، وتقلّ فيها الرؤية، فإن مناخ الهضبة الشرقية، لا يؤثر في أعمال القتال البري والجوي بشكل حاد.

4.    أثر طبوغرافية المسرح البري في الطرق ومحاور التحرك (انظر شكل التوزيع الجغرافي للقبائل اليمنية)

فرضت طبوغرافية المسرح البري أماكن واتجاهات محاور التحرك والطرق، التي تربط أجزاء المسرح ومدنه بعضها ببعض. ومن وجهة النظر العسكرية، فإن ذلك المسرح، عند قيام الثورة، كان يحتوي على عدة محاور، طولية وعرضية، للتحرك من دول الجوار إلى داخل اليمن، تتصل بمحاور التحرك الداخلية، التي تربط أجزاء الدولة ومدنها بعضها ببعض. ويمكن تقسيم تلك المحاور كما يلي:

    ‌أ.    المحاور الطولية، من الشمال إلى الجنوب

        (1)    المحور الساحلي الغربي (انظر خريطة الجمهورية العربية اليمنية)، و(خريطة المسرح اليمني): يمتد هذا المحور بطول سهل تهامة، من جيزان في المملكة العربية السعودية شمالاً، حتى مفرق المخا جنوباً. وهو يصلح لسير مختلف الحملات الآلية، ويتصل بجميع موانئ السهل الساحلي. ويتميز بتوافر المياه وسبل الإعاشة.

ويتفرع من هذا المحور بعض الطرق الطولية، غير المرصوفة، والمدقات، أبرزها:

              (‌أ)   طريق ميدي ـ اللحية ـ صليف (سليف) ـ الحديدة ـ زبيد ـ المخا.

              (‌ب)  طريق حرض ـ عبس ـ الزهرة ـ الزيدية ـ باجل.

كما يتفرع منه عدد من الطرق العرضية، أبرزها:

              (‌أ)   طريق ميدي ـ حرض، ويمتد إلى صعدة.

              (‌ب)  طريق صليف (سليف) ـ الزيدية الطور، ويمتد إلى حجة وعمران.

              (‌ج)  طريق الحديدة ـ باجل، ويمتد إلى صنعاء (مرصوف).

              (‌د)   طريق المخا ـ تعز.

وإن كانت هذه الطرق العرضية السابقة، لاتسمح إلاّ بتحرك أرتال متتالية، وفتح محدود للقوات. إلاّ أنها تسمح بأعمال المناورة من المحور الساحلي، إلى داخل الهضبة الوسطى. كما يعد المحور الساحلي أحد المحاور الرئيسية للاقتراب من الشمال إلى داخل اليمن أو العكس، ويتميز بسعته التكتيكية، الكبيرة نسبياً (حتى تشكيل فرقة).

        (2)   المحور الداخلي (المركزي) (انظر خريطة الجمهورية العربية اليمنية)، و(خريطة المسرح اليمني)

يمتد هذا المحور جنوباً، من ظهران ونجران، داخل الأراضي السعودية، إلى صعدة وعمران، حتى صنعاء. ويستمر جنوباً، ماراً بذمار وآب، حتى يتصل بالطريق العرضي المخا ـ تعز ـ عدن. ويمر هذا المحور بمنطقة المرتفعات العليا المركزية، وأعلى قممها. وعلى ذلك، فإن القتال فيه يحتاج إلى وحدات مشاة جبلية، أكثر من حاجته إلى وحدات آلية، إذ تعد مضايق هذا المحور والمرتفعات، التي على جانبيه، مناطق قتْل ملائمة لمثل تلك الوحدات.

ويتفرع من هذا المحور بعض الطرق الطولية، غير المرصوفة، والمدقات الموازية، مثل طريق رايدة ـ الحيفة (أرحب) ـ الروضة ـ صنعاء، فضلاً عن بعض الطرق العرضية، غير المرصوفة، في اتجاه الشرق، أبرزها:

            (‌أ)     طريق رايدة ـ المطمة ـ الحزم، ويمتد شرقاً حتى يقاطع المحور الشرقي.

            (‌ب)    طريق صنعاء ـ جيحانة ـ صرواح (سرواح)، ومنها إلى مأرب وحريب.

            (‌ج)    طريق صنعاء ـ نهم ـ مأرب.

            (‌د)    طريق ذمار ـ رداع ـ السوادي ـ البيضاء.

ويمثل المحور الداخلي، المركزي، طريق الاقتراب الرئيسي من دول الجوار إلى قلب اليمن، حيث يمر بأهم المدن والهيئات الحاكمة، التي تسيطر على شرقي البلاد وغربيها، وتتصل به الطرق العرضية، التي تربطه بكل من المحور الساحلي والمحور الشرقي. كما تتوافر فيه سبل الإعاشة، إلا أن مصادر المياه فيه محدودة. وسعته التكتيكية، لا تزيد على لواء مدفوع في كتائب متتالية.

        (3)   المحور الشرقي (انظر خريطة الجمهورية العربية اليمنية)، و(خريطة المسرح اليمني)

يمتد هذا المحور جنوباً، من وادي نجران في الأراضي السعودية، ماراً بطريق نجران إلى شرق وادي خب، فالجوف الأسفل، ومنه إلى الحزم ومأرب وحريب. ويعد هذا المحور صالحاً لسير وفتح القوات الآلية والمدرعة. وتبلغ سعته التكتيكية حتى فرقة مشاة، أو مشاة آلية أو مدرعة. ويفتقر المحور إلى سبل المعيشة، خاصة المياه.

    ‌ب.   المحاور العرضية (انظر خريطة الجمهورية العربية اليمنية)، و(خريطة المسرح اليمني)

        (1)    المحور العرضي الشمالي الأول

يمتد هذا المحور من البقع شرقاً، إلى الصفرا وسحار وساقين، ومنها إلى الظاهر وحرض وميدي. وهو يسمح بالتحرك والمناورة والفتح، في حدود سعته التكتيكية، التي لا تزيد على كتيبة مشاة، أو كتيبة آلية، وإن كان يفضل فيه استخدام وحدات المشاة والصاعقة والإبرار الجوي.

        (2)    المحور العرضي الشمالي الثاني

يمتد هذا المحور من وادي الجوف شرقاً، إلى الحزم والمطمة، ومنها إلى حوث والقفلة وميدي. ولا يسمح هذا المحور إلا بتحرك أرتال متتالية، وإمكانية الفتح فيه محدودة، وسعته التكتيكية حتى كتيبة، يتسع أحياناً، ويضيق أخرى. إلا أنه يسمح بأعمال المناورة العرضية شرق وغرب المحور الطولي المركزي، ويفضل فيه استخدام وحدات المشاة والصاعقة والإبرار الجوي.

        (3)    المحور العرضي الشمالي الثالث

يمتد هذا المحور من الجوف إلى ذيبين وعمران، ومنها إلى حجة والطور والزهرة واللحية. وهو مثل المحور السابق في صفاته وسعته.

        (4)    المحور العرضي الشمالي المركزي

يمتد هذا المحور من مأرب شرقاً، إلى نهم والأشراف وصنعاء، ومنها إلى مناخة وباجل والحديدة، وسعته التكتيكية محدودة، إذ يضيق عند مروره في سلاسل المرتفعات، المركزية والساحلية، على الرغم من اتساعه في طرفيه، الشرقي والغربي. ويشكل المحور المركزي أهم المحاور العرضية، لارتباطه بالعاصمة السياسية للبلاد، وأهم المدن والهيئات، المسيطرة في شرقي البلاد وغربيها.

        (5)    المحور العرضي الجنوبي الأول

يمتد هذا المحور من شرق مأرب إلى صرواح (سرواح) والوتدة، ومنها إلى العرقوب وجيحانة وصنعاء. وهو مثل سابقه، يتسع في نصفه الشرقي، ويضيق في النصف الغربي.

        (6)    المحور العرضي الجنوبي  الثاني

يمتد هذا المحور من البيضا، إلى رداع وذمار، ومنها إلى باجل والحديدة. وسعته التكتيكية لا تزيد على كتيبة.

        (7)    المحور العرضي الجنوبي  الثالث

يمتد هذا المحور من قعطبة إلى آب والعديين، ومنها إلى حيس والخوخة. وسعته التكتيكية لا تزيد على كتيبة.

5.    طبيعة منطقة العمليات البحرية وأثرها في الأعمال العسكرية

    ‌أ.    طبيعة منطقة العمليات البحرية[2] (انظر خريطة منطقة العمليات البحرية)

باستثناء أعمال النقل البحري بين الموانئ المصرية واليمنية، في البحر الأحمر، فقد دار باقي أعمال قتال القوات البحرية في الجزء الجنوبي من هذا البحر، بمحاذاة الساحل اليمني، بين خطَّي الطول 00, 41ْ و 30َ,41ْ شرقاً، وخطًّي العرض 40َ,12ْ و 30َ,17ْ شمالاً.

ويتصف الشاطئ على طول الساحل اليمني، في تلك المنطقة، بالانخفاض، وتكسوه الرمال. وعلى امتداد ذلك الساحل، تكثُر الصخور المرجانية والجزر الصخرية، التي تمتد إلى الممـر الرئيسي للملاحة، بجوار جزيرة ذي قار، وجزيرتَي حنيش الكبرى والصغرى.

وتتراوح أعماق الصخور المغمورة بالمياه ما بين قَدَمَيْن وثلاثة أقدام. ويمكن مشاهدة بعض تلك الصخور بوضوح نهاراً، ومن ثم لا تعد عقبة ملاحية في وضح النهار. وفي بعض المناطق المائية، عند جزر حنيش، يمكن رؤية تلك الصخور على عمق، يصل إلى أكثر من 100 قدم، بسبب صفاء المياه، مما يجعلها تبدو وكأنها قريبة من السطح.

وفي الصيف، عندما تنحسر مياه البحر (يهبط سطح البحر)، تبرز بعض الكتل الصخرية والشعب المرجانية، التي تمتد بمحاذاة الساحل، وتلتحم به في بعض الأماكن التحاماً، لا تترك معه إلاّ مداخل محدودة للموانئ والمراسي اليمنية الرئيسية، لا تسمح بمرور أكثر من سفينة واحدة، في وقت واحد. ويعد الساحل اليمني، على امتداده، غير صالح للإبرار البحري، باستثناء بعض المناطق المحدودة، بالقرب من الموانئ الرئيسية.

وأبرز الموانئ على الساحل اليمني، هي، من الشمال إلى الجنوب: "اللحية"، "صليف"، "الأحمدي"، "الحديدة "، "المخا". إلاّ أن ميناء الحديدة، كان هو الميناء الرئيسي لاستقبال وترحيل معظم وحدات الدعم المصرية. كما كان القاعدة البحرية لوحدات القوة البحرية بالمسرح اليمني. وتوضح البيانات التالية، وخريطة منطقة العمليات البحرية وشكل ميناء الحديدة، وشكل ميناء صليف، السمات الخاصة بأهم هذه الموانئ:

        (1)   ميناء الحديِّدة (انظر شكل ميناء الحديدة)

يعد الميناء الرئيسي للجمهورية العربية اليمنية. وهو مقام على الطرف الجنوبي لخور الكثيب. وقد أُنشئ الميناء لاستقبال السفن، التي تصل حمولتها إلى 10 آلاف طن، ولا يزيد غاطسها على 8,4 أمتار (نظراً إلى العمق المحدود لممر دخول الميناء، الذي لا يزيد على 95,7 أمتار). وإضافة إلى الرصيف الرئيسي، الذي يبلغ طوله 500 متر، ويسمح برسو ثلاث سفن، في الوقت الواحد، يوجد رصيف آخر صغير للنفط، فيه رافعات ومستودعات للنفط. وقد زودت البحرية المصرية الميناء بوسائل الإرشاد الملاحي، الذي يُعدّ إجبارياً للسفن، ويبدأ من منطقة انتظار شمال الحديدة، ثم عبْر الممر الملاحي، إلى حوض الميناء.

        (2)   ميناء صليف (انظر شكل ميناء صليف)

هو ثاني الموانئ اليمنية، في الأهمية، ويقع على مسافة 80 كم شمال الحديدة، ومدخله الوحيد شمال جزيرة كمران. ويتم استقبال السفن على المخطاف، بعيداً عن الميناء بمسافة 6,1 كم، إذ يبلغ عمق القاع 19,12متراً.

    ‌ب.   أثر طبيعة العمليات البحرية في الأعمال العسكرية[3]

تحد طبيعة منطقة العمليات البحرية، أمام الساحل اليمني، نشاط الغواصات، نظراً إلى الخصائص الهيدرولوجية، وطبيعة القاع، ومحدودية المناطق الصالحة للملاحة، والتي تقيد حرية عمل الغواصة، وتؤدي إلى سهولة اكتشافها.

كما يحد الساحل اليمني، بصفة عامة، من استخدام الألغام، لصعوبة بثها في مناطق الشُّـعب المرجانية، فضلاً عن الأعماق البعيدة في المناطق الصالحة للملاحة. وعلى ذلك، فإن المناطق الوحيدة، الصالحة لبث الألغام، هي ممرات الاقتراب، من الموانئ والمراسي، الأمر الذي يتطلب استخدام الطائرات العمودية، للقيام بمهمة كسح تلك الألغام، في المياه الضيقة، التي لا تناسب عمل وحدات الكسح البحري.

وتقلل الجزر والصخور المغمورة بالمياه، على جانبَي الممرات الملاحية، المؤدية إلى الموانئ، من قدرة السفن على المناورة داخل تلك الممرات، في حالة تعرضها لأدنى تهديد جوي، أو عند بث الألغام في تلك الممرات.

ويستأثر الممر الملاحي الداخلي بين ميناء اللحية وميدي، بأهمية خاصة، لأنه الطريق المؤدي إلى الحدود اليمنية ـ السعودية، كما أنه يسيطر على الطريق الساحلي.

وتُعَدّ الزوارق والوحدات البحرية، ذات الغاطس المحدود، والطائرات العمودية، والمدفعية، والصواريخ الساحلية، هي أنسب نُظُم الأسلحة لحماية الساحل اليمني وتأمينه.

 



[1]   المصادر الرسمية المصرية.

[2]   المصادر الرسمية المصرية.

[3]   المصادر الرسمية المصرية.