إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات سياسية عسكرية / كوسوفا... التاريخ والمصير





انتشار القوات
التقسيم المؤقت
تأثير ضربات حلف شمال الأطلسي
شكل توزيع القوات

أهم الأهداف التي تعرضت للقصف



رابعاً: الأمم المتحدة وأزمة كوسوفا

المبحث الثالث

الأمم المتحدة من الأزمة ، ومحاولات التسوية

أولاُ: الأمم المتحدة وأزمة كوسوفا

1. دور مجلس الأمن في معالجة الأزمة

تكشف قراءة قرارات مجلس الأمن، عن محدودية الدور، الذي أدّته الأمم المتحدة في أزمة كوسوفا. فعلى الرغم من تعدد القرارات، التي صدرت عن مجلس الأمن، في شأن قضية كوسوفا، فإن الإجراءات، التي اتخذها مجلس الأمن، حيال هذه الأزمة، اقتصرت على فرض حظر عسكري على الاتحاد اليوغسلافي وكوسوفا. وعلى الرغم من أن المجلس تناول القضية، في إطار أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إلاّ أن دوره انتهى بالتنويه، أن هذا الموقف يهدد سلم المنطقة وأمنها؛ وبالتهديد باستخدام إجراءات إضافية، في حالة عدم التوصل إلى حل سلمي للقضية. ولم يستطع المجلس اتخاذ أي خطوات إضافية؛ وفرض حلف شمال الأطلسي عليه أمراً واقعاً، من خلال الإقدام على استخدام القوة العسكرية في مواجهة يوغسلافيا، من دون انتظار قرارات جديدة عن المجلس. وتحوّل دور المجلس، بعد ذلك، إلى إضفاء المشروعية فقط، على قرارات الحلف وسلوكه، خلال مراحل تطور الأزمة، وانتهاء بفرض مشروعه للتسوية السلمية.

وفي ضوء توتر العلاقات، بين يوغسلافيا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبيَّين، في عام 1993، بسبب رفض السلطات اليوغسلافية التعاون مع مراقبي مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبييَّن، في كوسوفا ـ أصدر مجلس الأمن، في 9 أغسطس 1993، قراره الرقم (855)، الذي أقر فيه كلَّ الجهود، التي يبذلها ذلك المؤتمر، في هذا الإطار. وطالب المجلس السلطات اليوغسلافية بإعادة النظر في رفضها التعاون مع المراقبين، وسرعة استئناف نشاطهم؛ فضلاً عن زيادة أعدادهم. ومن ثَم، فقد اقتصر هذا القرار على معالجة قضية محددة، وهي عدم تعاون السلطات اليوغسلافية مع المراقبين الدوليين.

ومع انفجار الأزمة، في أوائل عام 1998، أصدر مجلس الأمن قراره الرقم (1160)، في 31 مارس 1998، الذي أيد فيه الجهود، التي تبذلها منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، ومجموعة الاتصال الدولية، في التوصل إلى تسوية للأزمة. كما دان المجلس الأعمال العدائية كافة، وأعمال العنف والإرهاب، سواء التي تمارسها قوات الجيش والشرطة اليوغسلافية، تجاه المدنيين في كوسوفا، أو الأعمال التي ينفذها جيش تحرير كوسوفا. ودعا المجلس القيادة الألبانية، في كوسوفا، إلى إدانة أعمال الإرهاب، والعمل على تحقيق أهدافها السياسية، من خلال إتباع الطرق السلمية. كما أكد المجلس ضرورة التزام الدول الأعضاء بالسيادة اليوغسلافية، والوحدة الإقليمية للاتحاد اليوغسلافي

إلاّ أن التطور المهم، الذي تضمنه هذا القرار، هو الانتقال إلى العمل، وفقاً لأحكام الفصل السابع من الميثاق، في تناول المشكلة؛ حيث دعا القرار يوغسلافيا إلى ضرورة اتخاذ الخطوات الضرورية، للتوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار المباشر. ودعا إلى الاستناد في هذا الحوار، إلى الإجراءات الواردة في بيانات مجموعة الاتصال الدولية، الصادرة في 9 و25 مارس 1998؛ والاستناد إلى مبدأ الوحدة الإقليمية للاتحاد اليوغسلافي؛ والأخذ في الحسبان حقوق ألبان كوسوفا، والمواطنين كافة، الذين يعيشون فيها. وأيد المجلس منح كوسوفا، درجة أكبر، من الاستقلالية والإدارة الذاتية. وفي تطور أكثر تصعيداً، فرض مجلس الأمن حظراً عسكرياً على يوغسلافيا وكوسوفا (الفقرة 8 من القرار)، يشمل حظر بيع كلًّ من يوغسلافيا وكوسوفا أو إمدادهما بالأسلحة أو المعدات العسكرية، أو المعدات ذات الصلة بهذين الصنفَين. وقرر المجلس إنشاء لجنة خاصة، تضم الدول الأعضاء في المجلس، تكون مهمتها متابعة تنفيذ هذا الحظر؛ من خلال الحصول على البيانات المتعلقة بالإجراءات، التي تتخذها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، من أجل تنفيذ الحظر المفروض، وإعداد التقارير والبيانات، المتعلقة بعمليات خرق هذا الحظر. وأكد المجلس أن الفشل في التوصل إلى تحقيق تقدم، نحو حل سلمي للموقف في كوسوفا، سوف يقوده إلى اتخاذ "إجراءات إضافية"؛ وهي العبارة، التي أثارت الكثير من النقاش، فيما بعد. والملاحظة التي تجدر الإشارة إليها في هذا القرار، هي أنه على الرغم من انتقال المجلس إلى العمل، وفقاً لأحكام الفصل السابع، إلاّ أنه لم يَر في الوضع في كوسوفا، حتى ذلك الحين، "تهديداً للسلم والأمن الدوليَّين".

وإزاء تصاعد عمليات العنف، وتدهور الموقف في كوسوفا، وازدياد تدفّق اللاجئين إلى الدول الأوروبية ـ أصدر المجلس القرار الرقم (1199) (سبتمبر 1998)، الذي أكد حق اللاجئين في العودة إلى منازلهم؛ فضلاً عن إعادة تأكيد ما ورد في القرار الرقم (1160). وأعاد المجلس تأكيد ضرورة وقف أعمال العنف كافة، واتخاذ الخطوات الضرورية، من جانب السلطات اليوغسلافية، لوقف تدهور الوضع الإنساني، والتوصل إلى تسوية سلمية للأزمة، من خلال البدء بحوار مباشر، ومن دون شروط مسبقة، بينها وبين القيادة الألبانية، في كوسوفا.

وقد أقر المجلس عدداً من الإجراءات والمطالب،  الواردة في بيان مجموعة الاتصال الدولية، الصادر في 12 يونيه 1998، والتي دارت حول وقف كل الأعمال، التي ترتكبها القوات الأمنية، وتؤثر في المدنيين وحفظ النظام؛ وتمكين المراقبين الدوليين، في كوسوفا، من تنفيذ مهامهم، وضمان عودة اللاجئين إلى منازلهم، وضمان التعاون مع المنظمات الخاصة بعمليات المساعدات الإنسانية. كما أصر المجلس على ضرورة إدانة القيادة الألبانية في كوسوفا، على كافة الأعمال الإرهابية، وإتباع كافة العناصر الألبانية الوسائل السلمية، في تحقيق أهدافها.

وقد أخذ القرار (1199) اتجاهاً أكثر تصعيداً، عندما عَدَّ تدهور الموقف في كوسوفا  "تهديداً للسلم والأمن في المنطقة"؛ وانتهى إلى أن عدم تنفيذ الإجراءات الواردة في القرارَين (1160) و(1199)، سوف يدفع بالمجلس إلى اتخاذ "إجراءات إضافية، للحفاظ على السلم والاستقرار في المنطقة"، على نحو ما ذهب إليه القرار (1160).

وفي 24 أكتوبر 1998، صدر عن مجلس الأمن القرار الرقم (1203)، الذي أعاد تأكيد كل الالتزامات، التي أقرتها القرارات السابقة. وركز هذا القرار، بشكل خاص، في تأييد المجلس للاتفاق، الموقع بين يوغسلافيا ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، في 16 أكتوبر 1998؛ والاتفاق، الموقع في 15 أكتوبر 1998، بين الحلف ويوغسلافيا. وأعاد القرار التأكيد على أن عدم التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة، يُشكل تهديداً للسلم والأمن في المنطقة

وفي 14 مايو 1999، صدر عن مجلس الأمن القرار الرقم (1239)، الذي تناول قضية اللاجئين، وتضمّن تأييد مجلس الأمن للجهود، التي تبذلها الدول الأعضاء، والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ومنظمات المساعدات الإنسانية الدولية، العاملة على توفير الاحتياجات الإنسانية الضرورية للاجئين. ودعا المجلس إلى إيصال هذه المساعدات، إلى كل المواطنين، المتضررين من الأزمة. كما أكد القرار ضرورة السّماح بحُرية وصول هذه المنظمات، إلى أماكن اللاجئين؛ وحق هؤلاء في العودة إلى منازلهم.

ويلاحظ صدور هذا القرار، إبّان استمرار الغارات العسكرية لحلف شمال الأطلسي على يوغسلافيا. إلاّ أنه خلا من أي إشارة إلى الأعمال العسكرية، وما إذا كانت متسقة مع القرارَين السابقَين. كما خلا القرار، من أي حديث عن تهديد للسلم والأمن الدوليَّين في المنطقة، واكتفى  بتناول قضية اللاجئين فقط.

ثم صدر القرار الرقم (1244)، في 10 يونيه 1999، ليدعم قبول يوغسلافيا المبادئ، التي وضعتها "مجموعة الثمانية"، في 6 مايو، كأساس للتسوية السلمية لأزمة كوسوفا.

وحدد القرار العناصر الرئيسية لإتمام عملية التسوية السلمية للأزمة، في:

أ. البدء بتطبيق خطة للانسحاب الفوري، والكامل، من كوسوفا؛ تشمل قوات الجيش والشرطة، والقوات شبه العسكرية اليوغسلافية.

ب. يتزامن مع هذا الانسحاب، نشر "قوات أمن دولية"، و"قوات مدنية دولية"، تحت إشراف الأمم المتحدة؛ على أن يتولى تشكيل القوات المدنية ونشرها، ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة، يختاره الأمين العام، بالتشاور مع مجلس الأمن.

والملاحظ في القرار (1244)، أنه منح الحلف سلطات وصلاحيات أكبر، في السيطرة على قوات الأمن الدولية؛ إذ اكتفى بمنح الدول الأعضاء، والمنظمات الدولية، حق تشكيل هذه القوات، تحت إشراف قيادة موحدة، على أن تشكل قوات الحلف القوة الرئيسية بينها (الفقرة 7، والفقرة 4 من الملحق 2 من القرار). ولم يطالب إلاّ بضرورة تعيين السكرتير العام أحد ممثليه، للاضطلاع بمهمة التنسيق بين عمل القوات المدنية، وقوات الأمن الدولية (الفقرة 6 من القرار)؛ بينما وضع القرار القوات المدنية، تحت الإشراف المباشر للأمم المتحدة.

وحدد القرار وظيفة قوات الأمن الدولية في:

أ. ضمان وقف إطلاق النار، وضمان انسحاب قوات الجيش والشرطة اليوغسلافية، ومنعها من العودة، مرة أخرى، إلى كوسوفا.

ب. تجريد جيش تحرير كوسوفا، والجماعات الألبانية الأخرى، من السلاح.

ج. تهيئة بيئة أمنية، تسمح بعودة اللاجئين إلى منازلهم، بشكل آمن.

د. تهيئة البيئة اللازمة لإقامة إدارة انتقالية، إضافة إلى تهيئة البيئة اللازمة، لضمان تدفق المساعدات الإنسانية الدولية.

هـ. ضمان الحفاظ على الاستقرار والنظام، إلى حين اضطلاع القوات المدنية بدورها ومسؤولياتها؛ فضلاً عن حماية القوات المدنية.

كما حدد المجلس المهام الموكولة إلى القوات المدنية الدولية، في:

أ. العمل على تحقيق قدر أكبر من الاستقلالية، والحكم الذاتي، في كوسوفا.

ب. أداء الوظائف الإدارية المدنية، عندما تحتاج الظروف إلى ذلك.

ج. العمل على تنمية مؤسسات إقليمية وتنظيمها، تضطلع بالحكم الذاتي الديموقراطي، إلى حين التوصل إلى تسوية سلمية دائمة؛ على أن تنتقل الاختصاصات الإدارية لهذه القوات إلى تلك المؤسسات، تمهيداً لانتقالها إلى المؤسسات، التي تنجم عن عملية التسوية النهائية.

د. تأسيس قوات شرطة محلية.

هـ. الإشراف على عمليات إعادة البناء في كوسوفا، والتنسيق مع المنظمات الإنسانية الدولية، في تنظيم عمليات المساعدات الإنسانية لكوسوفا، وضمان عودة اللاجئين إلى منازلهم.

ولم يحدد المجلس فترة محددة لعمل هذه القوات؛ إذ قرر أن مدة عمل هذه القوات تستمر 12 شهراً، تمتد إلى ما بعد ذلك، ما لم يقرر المجلس غير ذلك؛ وهو ما يعني أن انتهاء عمل هذه القوات، يحتاج إلى صدور قرار جديد عن مجلس الأمن.

2. التكييف القانوني للأعمال العسكرية، لحلف شمال الأطلسي، في ضوء قرارات مجلس الأمن

إنّ التكييف القانوني للأعمال العسكرية، لحلف شمال الأطلسي، في كوسوفا، لا بد أن يكون في ضوء عاملَين رئيسيَّين:

العامل الأول: تعريف الأمم المتحدة لمفهوم "العدوان".

العامل الثاني: الضوابط، التي حددتها الأمم المتحدة، ممثلة في ميثاقها، لاستخدام القوة في العلاقات الدولية.

عرّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في قرارها الرقم (3314)، في الدورة التاسعة والعشرين، "الاعتداء"، لكونه الشّكل الأكثر خطراً من الاستخدام غير المشروع للقوة ـ بأنه "استخدام للقوة المسلحة، من جانب دولة، ضد السيادة، أو الوحدة الإقليمية، أو الاستقلال السياسي، لدولة أخرى؛ أو بأي شكل آخر، لا يتفق وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، سواء بشكل فردي أو جماعي" (المادة 1 من القرار)؛ ما لم يكن استخدام القوة العسكرية، يستند إلى أحكام ميثاق الأمم المتحدة (الفقرة 6 من القرار).

من ناحية أخرى، نصّ ميثاق الأمم المتحدة، في مادته الثانية، على أنه لا يجوز للدول الأعضاء، في علاقاتها الدولية، اللجوء إلى استخدام القوة، أو التهديد باستخدامها، ضد الوحدة الإقليمية، أو الاستقلال السياسي لأي دولة أخرى؛ أو بأي شكل، لا يتفق وأغراض الأمم المتحدة. وقد أورد الميثاق استثناءين فقط في استخدام القوة العسكرية، في العلاقات الدولية. الأول، ورد في المادة (51)، وهو حالة الدفاع عن النفس (سواء بشكل فردي أو جماعي)، في حالة التعرض لهجوم مسلح، من قبل دولة أخرى، إلى أن يتخذ مجلس الأمن الإجراءات الضرورية، لإعادة السلم والأمن الدوليَّين. ومعنى ذلك أن إجراءات الدفاع عن النفس، لا تؤثر، في حال من الأحوال، في سلطة مجلس الأمن أو اختصاصاته، في اتخاذ أي إجراءات، في أي وقت، يراها ضرورية للحفاظ على السلم والأمن الدوليَّين.

أمّا الاستثناء الثاني، فيشمل استخدام القوة العسكرية، في الحالات، التي يرى فيها مجلس الأمن تهديداً للسلم والأمن الدوليين، أو أنها تشكل "اعتداء"، يستوجب التدخل العسكري؛ على أن يجري هذا التدخل، وفقاً لإْذن من مجلس الأمن، وتحت إشرافه. ومعنى ذلك، أن استخدام القوة العسكرية، سواء بشكل فردي أو جماعي، في إطار الاستثناء الأخير، يتطلب شرطَين ضروريَّين. الأول، أن يرى مجلس الأمن أن هناك تهديداً للسلم والأمن الدوليَّين. والثاني، تصريح مباشر من المجلس، باستخدام القوة العسكرية.

وبالنظر إلى تعريف الأمم المتحدة لمفهوم "العدوان"؛ والضوابط، التي وضعها الميثاق لاستخدام القوة، في العلاقات الدولية، فقد أثارت العمليات العسكرية لحلف شمال الأطلسي، في كوسوفا، التساؤلات حول مدى مشروعيتها. فعلى الرغم من أن قرار مجلس الأمن الرقم (1160)، الصادر في 31 مارس 1998، استند إلى أحكام الفصل السابع من الميثاق، فإنه لم يرَ أن الوضع في كوسوفا، يشكل "تهديداً للسلم والأمن الدوليَّين". واكتفى بفرض حظر عسكري على يوغسلافيا؛ ودعوة أطراف الأزمة إلى العمل على التوصل إلى تسوية سلمية. وعلى الرغم من أن القرار نص على إمكانية اتخاذ "إجراءات إضافية"، في حالة الفشل في التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة (الفقرة 19 منه)، فإن التفسير القانوني لهذه الفقرة، يذهب إلى أنها لا تشكل أساساً قانونياً لعمل عسكري، في مواجهة يوغسلافيا.

وعلى الرغم من أن القرار الرقم (1199)، أخذ اتجاهاً أكثر تصعيداً، عندما نصّ على أن الموقف في كوسوفا، يشكل تهديداً للسلم والأمن في المنطقة؛ فإنه لم يقدم، كذلك، أساساً قانونياً لعمل عسكري، مكتفياً بالإشارة إلى أن عدم تنفيذ ما جاء في القرارَين (1160) و(1199)، سوف يجعل مجلس الأمن يتخذ "إجراءات إضافية، لاستعادة الأمن والسلم في المنطقة" (الفقرة 16 من القرار).

وعلى الرغم من نص المادة (53) (الفقرة 1)، من ميثاق الأمم المتحدة، على جواز اعتماد مجلس الأمن، إذا رأى ضرورة ذلك، على الترتيبات، أو المنظمات الإقليمية، في تنفيذ الأعمال، التي يراها، فإنها اشترطت ضرورة أن يكون ذلك بتفويض، أو إذْن من المجلس. كذلك، من الضروري الإشارة إلى المادة (103) من الميثاق، التي نصت على أنه في حالة التعارض بين التزامات الدول الأعضاء، في إطار الأمم المتحدة، وبين التزاماتها في إطار المعاهدات الدولية الأخرى ـ فإن الأولوية تكون للالتزامات، التي يفرضها الميثاق.

وهكذا، فإن أياً من القرارَين (1160) و(1199)، فضلاً عن نصوص المواد السابقة، لا يقدم أساساً قانونياً للأعمال العسكرية، لحلف شمال الأطلسي، في مواجهة يوغسلافيا. فالتفسير المنطقي لنص القرار (1199)، على جواز إقدام مجلس الأمن على اتخاذ "إجراءات إضافية"، في حال فشل التسوية السلمية ـ يعني الحاجة إلى ضرورة صدور قرار جديد عن المجلس، يسمح بتنفيذ قراراته، بالقوة؛ وهو ما كان يصعب تحقيقه، بسبب معارضة روسيا لصدور مثل هذا القرار عن مجلس الأمن. وإزاء هذا الموقف، اُضطر الحلف إلى شن ضرباته الجوية، من دون انتظار قرار جديد، يصدر عن مجلس الأمن.

وقد اتفقت التفسيرات على عدم كفاية القرارَين (1160) و(1199)، كأساس قانوني للقيام بعمل عسكري، في مواجهة يوغسلافيا؛ ومن ثم، عدم مشروعية الأعمال العسكرية للحلف؛ مع تأكيد السكرتير العام للأمم المتحدة، ضرورة صدور قرار جديد عن المجلس، يسمح باستخدام القوة العسكرية، كشرط مسبق، لأي عمل عسكري. وهو ما دفع الأمين العام إلى انتقاد الأعمال العسكرية للحلف، وتأكيد ضرورة أن يظل مجلس الأمن المصدر الأول، لتحديد مشروعية استخدام القوة العسكرية. وقد استندت السلطات اليوغسلافية إلى هذه التفسيرات، وطالبت، في الأول من فبراير 1999، بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن، للنظر في تهديد الحلف بشن ضرباته الجوية على يوغسلافيا؛ وأن هذا التهديد، هو "تهديد بالاعتداء ضد دولة مستقلة، عضو في الأمم المتحدة".

وفي مقابل هذه التفسيرات، أكد قادة الحلف، من جانبهم، مشروعية العمل العسكري، في مواجهة يوغسلافيا. وقد استندوا في ذلك إلى عدد من المبررات، أهمها:

أ. عدم إذعان السلطات اليوغسلافية، لمطالب المجتمع الدولي.

ب. عدم اتخاذ أي إجراءات جادة، نحو تسوية الأزمة.

إلاّ أن أهم المبررات، تمثلت في استناد قرارات مجلس الأمن إلى أحكام الفصل السابع؛ ووصف القرار (1199) الموقف في كوسوفا، بأنه "تهديد للسلم والأمن"؛ وصعوبة استصدار المجلس قراراً جديداً، في الأفق المنظور، يسمح باستخدام القوة العسكرية، في مواجهة يوغسلافيا، في ضوء معارضة روسيا؛ وذلك في الوقت، الذي يتفاقم فيه الوضع الإنساني. وبمعنى آخر، استند الحلف إلى المعايير، الإنسانية والأخلاقية، التي تفرض التدخل العسكري.

والنقطة التي تجدر الإشارة إليها في قرارات مجلس الأمن، وقد مثلت إحدى الركائز الأساسية، التي اعتمد عليها الحلف، في سياق تبريره للأعمال العسكرية في كوسوفا، وتأكيد مشروعيتها ـ  هي تأييد قرارات مجلس الأمن لكافة المطالب والجهود، التي بذلتها دول الحلف، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، التي سبقت العمل العسكري، بل إن قرارات المجلس وكلت إلى المنظمتَين السابقتَين العديد من المهام. فقد دعا القرار (1160) إلى تسوية الأزمة، وفقاً لمعايير وأُسُس منظمة الأمن والتعاون الأوروبية. كما أيد القرار جهود المنظمة في التوصل، إلى تسوية سلمية للأزمة؛ فضلاً عن مطالبته منظمة الأمن والتعاون الأوروبية، بضرورة إفادة السكرتير العام للأمم المتحدة، بتطورات الموقف في كوسوفا، والإجراءات التي تتخذها المنظمة حيال هذه التطورات (الفقرة 13 من القرار 1160). وعلى الرغم من أن ذلك يُعد أمراً منطقياً؛ لأن الحلف، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية، هما المنظمتان الإقليميتان، المعنيتان أكثر من غيرهما، بالأمن والتعاون في المنطقة؛ فإن تأييد قرارات مجلس الأمن لكل الجهود، التي بذلتها هاتان المنظمتان على السياق والنمط، اللذين جاءت بهما القرارات ـ أوجد فرصة كبيرة لتفسير هذه القرارات على نحو، يؤكد مشروعية العمل العسكري من جانب حلف شمال الأطلسي.

3. مستقبل نظام الأمن الجماعي، في ضوء أزمة كوسوفا

إن إقدام حلف شمال الأطلسي على استخدام القوة العسكرية، على هذا النحو من الاستقلال النسبي عن مجلس الأمن، بغض النظر عن التفسيرات المختلفة لقرارات المجلس؛ ومن دون الاستناد إلى تفويض مباشر وصريح منه، باستخدام القوة العسكرية، أثار الكثير من التساؤلات حول مستقبل النظام الأمني الجماعي، الذي يمثله مجلس الأمن؛ وما إذا كانت أزمة كوسوفا، تمثل سابقة في إرساء تحوّل الحلف من حلف عسكري، يُدافع عن أعضائه، لدى تعرضهم لهجوم عسكري (وفقاً للمادة 5 من المعاهدة المؤسسة للحلف)؛ أو بمعنى آخر، التحول من كونه نظاماً للأمن الجماعي الإقليمي، نشأ في إطار المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، إلى حلف ذي مهام عسكرية أخرى أوسع نطاقاً؟

الواقع هو أن مستقبل نظام الأمن الجماعي، الذي تمثله الأمم المتحدة، يرتبط بمستقبل الجدل الواسع النطاق، داخل الحلف، في شأن مستقبله، بعد تغيُر البيئة الإستراتيجية الأمنية في أوروبا، عقب انتهاء الحرب الباردة. فالتصور الأول لمستقبل الحلف، وتؤيده بعض الدول الأوروبية، خاصة فرنسا، يؤكد ضرورة التمسك بالإطار القانوني، الذي وضعته الأمم المتحدة لاستخدام القوة العسكرية؛ ومن ثَم، التمسك بالحفاظ على نظام الأمن الجماعي، الذي تمثله المنظمة الدولية، وأن يظل مجلس الأمن، هو المرجع الأول، في تحديد مشروعية استخدام القوة، أو التهديد باستخدامها. وعلى ذلك، يظل الحلف يعمل في إطار المادتَين (51) و(53) من ميثاق الأمم المتحدة، وفي إطار المادة (5) من ميثاق الحلف.

ويرى التصور الثاني ضرورة توسيع اختصاصات الحلف، على أن يُدافع عن أعضائه، لدى أي تهديد، بصرف النظر عن مصدره، أو نطاقه الجغرافي. وتؤيده، بقوة، الولايات المتحدة الأمريكية. وهو يدعو إلى إعطاء الحلف قدراً أكبر من حرية الحركة، فيما يتعلق بقرار استخدام القوة العسكرية، أو التهديد باستخدامها؛ وهو ما يمنحه حق اتخاذ القرار، في شأن استخدامها، استناداً إلى أساس قانوني ملائم، وفي إطار "روح" ميثاق الأمم المتحدة، خاصة الحالات، التي تفرض التدخل العسكري لأسباب إنسانية؛ ومن دون أن ينتظر صدور قرار صريح عن مجلس الأمن، يقضي باستخدام القوة العسكرية.

وإفساح المجال للحلف، للعمل، فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان، والمشكلات العِرقية، خارج الإطار القانوني لاستخدام القوة العسكرية، في العلاقات الدولية؛ أو خارج نطاق المادة (5) من ميثاق الحلف ـ ينطوي على خطر ناجم عن كون هذه القضايا، لا تزال محل خلاف شديد في المجتمع الدولي، بسبب وجود قدر من الاختلافات الثقافية، إضافة إلى وجود دولتَين، بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، (روسيا والصين)، لا تشاركان الحلف في المصالح، الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية؛ وهو ما قد يؤدي إلى تعويق عمل مجلس الأمن، ونظام الأمن الجماعي، بسبب استخدام حق النقض (الفيتو).

وفي الواقع، يزداد خطر مثل هذه العلاقة، بين الأمم المتحدة والحلف، في ضوء وجود العديد من مصادر الصراع، العِرقي والإثني، وتزايد احتمالات تفجرها، في العديد من مناطق العالم عامة، وفي منطقة البلقان خاصة.

ولا شك أن حسم هذا الجدال في مصلحة أي من التصورين، سوف يُلقي بظلاله على مستقبل نظام الأمن الجماعي. فإذا ما حُسِم في مصلحة التصور الثاني، فلا يمكن، في هذه الحالة، قبول فكرة أن ما حدث في كوسوفا، يمثل حالة خاصة، أو استثناء، لا يقاس عليه؛ إذ يصبح دور مجلس الأمن مقتصراً على إضفاء المشروعية على قرارات الحلف، من خلال إصدار قرارات، تتضمن دعم قرارات الحلف وسلوكياته ومساندتهما، على نحو ما حدث خلال تطورات أزمة كوسوفا.

ثانياً: محاولات التسوية

كان لرفض الرئيس اليوغسلافي، سلوبودان ميلوسوفيتش، لعدد من الحلول والخطط، الرامية إلى التسوية السلمية، أثر في ما فرض عليه من القرارات، والحصار الدولي، والعقوبات الاقتصادية، التي دمرت البقية الباقية من البِنية التحتية، وسحقت الشعب اليوغسلافي.

وقد تمثلت هذه الحلول والخطط، في مطالبة دول حلف شمال الأطلسي، الرئيس اليوغسلافي بالوقف الفوري للعنف، في كوسوفا؛ وذلك من طريق الاستجابة للمطالب الدولية، والخضوع لشروط الحلف. ولما لم يستجب لهذه المطالب، تقدَّم بعض الدول الأوروبية؛ إضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة؛ وكذلك، الدول الإسلامية؛ ثم روسيا؛ وأخيراً، مجموعة الدول الثماني الصناعية، بمبادرات سلام، بغرض اجتياز الأزمة، والتوصل إلى حل سلمي، لإبعاد شبح الحرب عن المنطقة.

1. الجهود الدولية

أ. خطة السّلام الألمانية

(1) تقدمت ألمانيا بمشروع خطة سلام (أبريل 1999)، لإنهاء الأزمة في كوسوفا؛ تتضمن وقف غارات الحلف الجوية على يوغسلافيا، لمدة 24 ساعة، لمنح بلغراد فرصة، لسحب قواتها المسلحة من الإقليم. وقد تضمنت الخطة النقاط التالية:

(أ) انسحاب القوات اليوغسلافية من كوسوفا.

(ب) عودة اللاجئين الألبان إلى ديارهم، في كوسوفا.

(ج) تشكيل قوة دولية، لحفظ السلام في الإقليم، بتفويض من الأمم المتحدة؛ على أن تكون تحت قيادة حلف شمال الأطلسي.

(2) نشطت ألمانيا في الحصول على موافقة الدول الكبرى على خطتها، بكونها رئيسة كلٍّ من مجموعة الدول الثماني، والاتحاد الأوروبي، في تلك الفترة؛ تمهيداً لاستصدار مجلس الأمن قراراً، في هذا الشأن.

وقد قوبلت هذه الخطة بردود فعل مختلفة:

·   أيدت دول الاتحاد الأوروبي الخطة الألمانية، في ختام اجتماعها، في بروكسل، في 14 أبريل 1999، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان.

·   أيد الاتحاد الأوروبي، قيام إدارة مؤقتة دولية في كوسوفا، عند انتهاء النزاع في الإقليم؛ على أن يُعهد بها إليه.

·   حظيت الخطة بتأييد دول حلف شمال الأطلسي.

·   استقبلت واشنطن الخطة الألمانية بفتور وتحفّظ شديدّين، من دون رفض أو قبول.

·   وافقت روسيا، بتحفظ، على نقاط الخطة، عدا النقطة المتعلقة بـ " تشكيل وإرسال قوة لحفظ السلام في الإقليم".

·   رفضت بريطانيا، الخطة رفضاً قاطعاً؛ وطالبت باستمرار العمليات العسكرية الأطلسية، بلا هوادة، إلى أن يقبل الرئيس اليوغسلافي شروط الحلف كافة، من دون تحفظ.

·   رفض الرئيس اليوغسلافي رفضاً قاطعاً، أي تسوية سياسية، في ظل استمرار ضربات حلف شمال الأطلسي.

ب. خطة كوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة، للسلام

تقدم كوفي أنان، أمين عام الأمم المتحدة، في الفترة نفسها، بخطة سلام، شابهت نقاط خطة أخرى، تقدمت بها اليونان والتشيك. وقوام الخطتَين:

(1) الوقف الفوري لجميع أعمال العنف.

(2) انسحاب القوات العسكرية الصربية؛ وكذلك، الشرطة الخاصة، والوحدات النظامية، من الإقليم.

(3) نشر قوة عسكرية دولية.

(4) عودة اللاجئين إلى كوسوفا.

وقد حظيت خطة الأمين العام بالقبول من الدول الإسلامية، والمنظمات، الإقليمية والدولية، بما فيها الاتحاد الأوروبي، وحركة عدم الانحياز، وحلف شمال الأطلسي.

أما خطة السلام اليونانية ـ التشيكية، فوجدت تأييداً كبيراً، من جانب دول المنطقة، خاصة سلوفينيا، وإيطاليا.

ج. خطة السلام الإسلامية

تقدمت لجنة الاتصال، التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي (أبريل 1999)، بعدة اقتراحات، يمكن تصنيفها خطة سلام، تدعم مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، حيال تسوية الأزمة في كوسوفا، سياسياً. وعماد هذه الخطة:

(1) العودة  الفورية لجميع اللاجئين الألبان، من أبناء إقليم كوسوفا؛ ورفض سياسة التوطين المؤقت لهم، بما ينطوي عليه من أخطار شديدة على قضيتهم.

(2) الإصرار على انسحاب كل أفراد القوات الصّربية، إلى خارج نطاق الإقليم.

(3) الإقرار والاعتراف بحق الإقليم في تقرير مصيره.

(4) ضمان تعبئة الموارد، والمساعدات الإنسانية، وتوصيلها إلى أبناء كوسوفا؛ ومساعدة اللاجئين، والعمل على تخفيض معاناتهم، في ظل هذه الظروف.

(5) رفض أي تشتيت، أو توزيع لأبناء الإقليم بين دول البلقان، أو أي مناطق بعيدة، حتى يتسنى ضمان عودتهم إلى أراضيهم وديارهم.

د. خطة السلام الروسية

في أبريل 1999، تقدم المبعوث الروسي، فيكتور تشيرنوميردين، بخطة سلام، تضمنت النقاط الآتية('الهيئة العامة للاستعلامات، جريدة `الجرائد العالمية`، العدد الصادر في 30 أبريل 1999، ص 3.'):

(1) العودة الآمنة للاجئين والمشردين.

(2) استئناف المحادثات، لإيجاد حل سياسي، يمنح كوسوفا حكماً ذاتياً.

(3) إجراء تخفيض لعدد الجيش اليوغسلافي، والشرطة، في كوسوفا؛ ورحيل قوات حلف شمال الأطلسي عن حدود يوغسلافيا.

(4) مساعدة دولية لإعادة بناء الاقتصاد اليوغسلافي.

(5) وجود دولي في كوسوفا، تحت مظلة الأمم المتحدة، في ظل مشاركة روسية.

(6) تقديم مساعدات إنسانية إلى اللاجئين.

وكان المبعوث الروسي تشيرنوميردين، قد صرح، أن الرئيس اليوغسلافي، ميلوسوفيتش، قد وافق، للمرة الأولى، على وجود دولي، تحت مظلة الأمم المتحدة، وبمشاركة روسيا.

وقد فسرت الخارجية الروسية "الوجود الدولي"، بأنه موافقة على وجود بعثة مدنية دولية في كوسوفا، وليس قوة عسكرية؛ لإزالة الالتباس، الذي ساد العواصم الغربية، حول "طبيعة موافقة الرئيس اليوغسلافي".

وقد قوبلت هذه الخطة بردود فعل مختلفة، أهمها:

·   أكد حلف شمال الأطلسي، ضرورة انتشار قوة عسكرية دولية. كما أكدت مصادره أن الدول الغربية، سترفض أي مشروع، لا يسمح بنشر قوة عسكرية دولية في كوسوفا، لضمان الأمن في الإقليم.

·   رحبت ألمانيا بالخطة الروسية، خاصة ما يتعلق بقبول وجود دولي في كوسوفا.

·   أظهرت فرنسا نوعاً من الحذر، في التعامل مع نتائج مهمة تشيرنوميردين. كما استبعد فيدرين، وزير الخارجية الفرنسي، اضطلاع كوفي أنان، بمهمة وساطة في كوسوفا؛ لأنه يريد التحرك على أرض مدعومة دبلوماسياً.

على الرغم من كل هذه المحاولات والخطط، لتبديل الوضع من حالة الحرب إلى السلم، خاصة في ظل التشدد الزائد من الأطراف المتنازعة، سواء من قبل الرئيس اليوغسلافي، أو من قبل حلف شمال الأطلسي، فقد تعذَّر التوصل إلى صيغة اتفاق، تُرضي أطراف النزاع؛ مما جعل روسيا تبذل الجهد، بالاتفاق مع الدول الصناعية السّبع الكبرى، لتقديم صيغة أخرى للسلام، هي التي أنهت الحرب، بعد ثمانية وسبعين يوماً متواصلة، من القصف الجوي الأطلسي، على يوغسلافيا.

2. اتفاقية مجموعة الدول الثماني

في 6 مايو 1999، اجتمع في بون وزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، ألمانيا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، كندا) إضافة إلى روسيا. وتوصلوا إلى اتفاقية سلام، تتضمن "نشر وجود دولي، مدني وأمني، فعال، توافق عليه الأمم المتحدة وتقره". وتضمنت الاتفاقية النقاط الآتية('الهيئة العامة للاستعلامات، جريدة `الجرائد العالمية`، العدد  الصادر في 30 أبريل 1999، ص 6.'):

أ. الوقف الفوري لأعمال العنف والقمع، في كوسوفا.

ب. انسحاب القوات العسكرية، والشرطة، والقوات شبه النظامية، من كوسوفا.

ج. نشر وجود دولي، أمني ومدني، فعّال، تدعمه وتقره الأمم المتحدة، قادر على ضمان التوصل إلى الأهداف المشتركة.

د. قيام إدارة انتقالية في كوسوفا، يقررها مجلس الأمن، لتوفير الشروط لحياة طبيعية مسالمة، لجميع سكان كوسوفا.

هـ. عودة حرة وآمنة لجميع اللاجئين والنازحين، وفتح كوسوفا، من دون عوائق، أمام المنظمات الإنسانية.

و. مباشرة العملية السياسية، للتوصل إلى اتفاق إطار سياسي انتقالي، ينص على حكم ذاتي واسع لكوسوفا، ويأخذ في الحسبان اتفاقات رامبوييه، ومبادئ السيادة، ووحدة التراب لجمهورية يوغسلافيا الاتحادية، وبقية بلدان المنطقة، ونزع سلاح جيش تحرير كوسوفا.

ز. اعتماد نهج واسع النطاق، للتنمية الاقتصادية والاستقرار، في هذه المنطقة المتأزمة.

وقد أكدت الخارجية الأمريكية أن أي وجود أمني دولي، داخل إقليم كوسوفا، لا بدّ أن يكون محوره قوات من الولايات المتحدة الأمريكية، وحلف شمال الأطلسي.

كما أعلنت الخارجية الألمانية؛ لكون ألمانيا رئيسة مجموعة الدول الثماني، لعام 1999 ـ التفويض إلى المديرين السياسيين للشؤون الخارجية، لدول مجموعة الدول الثماني، إعداد عناصر قرار لمجلس الأمن الدولي؛ و"جدول أعمال"، يحددون فيه المراحل المطلوبة لخطة السلام.

وقد حظيت هذه الاتفاقية بالترحيب والتأييد، على النحو الآتي:

أ. رحب الرئيس الأمريكي بالاتفاقية، ووصفها بأنها خطوات ذات مغزى إلى الأمام. إلاّ أنه أكد الالتزام بإستراتيجية حلف شمال الأطلسي، ومواصلة الضربات الجوية، إلى جانب العمل الدبلوماسي. كما أبدى تفاؤله بفرصة حقيقية للسلام.

ب. رحب حلف شمال الأطلسي بالاتفاقية، ووصفها بأنها تمثل تقدماً جوهرياً؛ مع تأكيد ضرورة التعاون بين الحلف وروسيا، حتى يمكن إنهاء الأزمة في الإقليم.

ج. رحب كوفي أنان، كذلك، بالاتفاق، وعدّه خطوة على طريق إيجاد تسوية سياسية للحرب في كوسوفا.

د. دعت روسيا إلى ضرورة إجراء مفاوضات مع يوغسلافيا ـ بعد التوصل إلى الاتفاقية ذلك أن انتشار أي قوة دولية في الإقليم، يجب أن يحظى بموافقة بلغراد، ومجلس الأمن.

هـ. رحب رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، بهذه الخطوة، ووصفها بأنها تمثل تقدماً واضحاً. وشدد على ضرورة عدم التفاوض حول شروط الحلف لإنهاء العمليات العسكرية.

أما على الجانب الصربي، فقد جرت عدة مباحثات واجتماعات مطولة، بين الرئيس اليوغسلافي، والمبعوثَين الأوروبيَّين للسلام: الرئيس الفنلندي، مارتن اتيساري، ورئيس الوزراء الروسي الأسبق، فيكتور تشيرنوميردين، الذي أدى دوراً واضحاً في المباحثات، التي أعلنت على أثرها موافقة ميلوسوفيتش على اتفاقية مجموعة الدول الثماني، ممثلاً عن حكومته، والبرلمان الصربي (أيد الخطة في البرلمان 136 نائباً صربياً، في حين رفضها 74 نائباً، وامتنع 4 نواب عن التصويت، وغاب 26 نائباً عن حضور الجلسة).

وبعد إقرار الاتفاقية من قبل حلف شمال الأطلسي، وكوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة، أعلن وليام كوهين، وزير الدفاع الأمريكي، ضرورة عقد اتفاق عسكري بين الحلف وبلغراد، حول انسحاب القوات الصربية؛ وذلك قبل أن تُوقَف الغارات الأطلسية على يوغسلافيا. 

3. الاتفاق العسكري، بين حلف شمال الأطلسي وبلغراد

أُبرم في كومانوفو (شمال شرقي مقدونيا) مساء 9 يونيه 1999، اتفاق عسكري، بين وفدَي حلف شمال الأطلسي، برئاسة مايكل جاكسون؛ والحكومة اليوغسلافية، برئاسة نائب رئيس أركان الجيش اليوغسلافي، الجنرال سفيتوزر ماريا نوفيتش، (اُنظر ملحق الاتفاق العسكري بين حلف شمال الأطلسي وبلغراد)؛ وذلك بعد مفاوضات طويلة، تعثرت، في البداية، بسبب بعض المقترحات، التي تقدم بها الجانب اليوغسلافي؛ وهي مقترحات لا تضمن العودة الآمنة للاجئي كوسوفا، ولا الانسحاب الكامل للقوات الصربية.

وفي الوقت الذي كُثفت فيه الاتصالات الدبلوماسية، من جانب، والغارات الجوية، من جانب آخر، لتجاوز مشكلة المماطلة اليوغسلافية، ووضع العقبات أمام المفاوضين؛ توصل وزراء خارجية مجموعة الدول الثماني (في كولونيا بألمانيا)، إلى اتفاق على مشروع قرار حول كوسوفا، لعرضه على مجلس الأمن، للمصادقة عليه، (اُنظر ملحق النقاط الرئيسية لمشروع قرار مرفوع إلى مجلس الأمن الدولي، للمصادقة عليه)

وقد هددت روسيا بعرقلة قرار مجلس الأمن، ما لم يتوقف قصف حلف شمال الأطلسي ليوغسلافيا أولاً. وفي الوقت نفسه، أصر الغربيون على عدم وقف القصف، قبل بدء الانسحاب الصربي من كوسوفا. وحسمت المشكلة بالأنباء، التي وردت بانسحاب وحدات للشرطة الصربية من الإقليم، وتهيئة وحدات أخرى للانسحاب؛ مما يعد مبرراً كافياً لوقف غارات حلف شمال الأطلسي.

ومضت المفاوضات بين الطرفَين، حلف شمال الأطلسي واليوغسلافي، وحققت تقدماً كبيراً؛ إذ طلب الوفد اليوغسلافي تمديد مدة الانسحاب لبضعة أيام، وتعديل بعض وسائله، التي وردت في خرائط الحلف؛ وجعل عمق الحزام من الأراضي الصربية حول كوسوفا 15 كم، بدلاً من 25 كم. ورافقت هذه المفاوضات تحركات دبلوماسية أخرى، تجاه موسكو وبكين. وأسفرت الجهود جميعها عن توقيع اتفاق للسلام، تزامن فيه بدء انسحاب القوات اليوغسلافية؛ مع وقف غارات الحلف الجوية؛ مع صدور قرار عن مجلس الأمن، أكد عمل قوات حفظ السلام الدولية، وأضفى الشرعية الدولية على هذا الاتفاق، من طريق تأييد الأمم المتحدة له، من خلال قرار مجلس الأمن الدولي، الرقم (1244).

وقد اسُتقبل هذا الحدث المهم، بردود فعل مختلفة، من قِبل الأوساط، الإقليمية والدولية، على الوجه الآتي:

أ. استقبل السكان إعلان توقيع الاتفاق، بإطلاق نيران المدافع الجوية، والأسلحة الخفيفة، تعبيراً عن فرحتهم وابتهاجهم بالحدث.

ب. أكد جيش تحرير كوسوفا، أنه لن يهاجم القوات اليوغسلافية، أثناء انسحابها من الإقليم. كما أكد ممثله السياسي، أن الجيش مستعد لضبط النفس؛ ولكنه لن يتخلّى عن حقه، في الدفاع عن نفسه.

ج. أشاد الرئيس الأمريكي، كلينتون، بالاتفاق، وعَدَّه خطوة إلى الأمام. وأكد عزم الحلف على إعادة ألبان كوسوفا إلى ديارهم، وعلى العمل بطريقة، تؤدي إلى دعم العلاقة بين روسيا والغرب. كما شكر للرئيس الروسي، بوريس يلتسن، الدور البناء، الذي أدته روسيا، في محاولة إنهاء الحرب اليوغسلافية، سلماً.

د. أكد توني بلير، رئيس وزراء بريطانيا؛ والمستشار الألماني، جيرهارد شرودور، أن الاتفاق يمثل خطوة كبيرة إلى الأمام.

هـ. أشاد الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، بالاتفاق، مؤكداً أن مرحلة أساسية قد انقضت، على طريق إعادة السلام إلى يوغسلافيا، بفضل التعاون بين روسيا وشركائها.

و. رحبت مصر بالاتفاق، على لسان وزير خارجيتها، عمرو موسى، الذي أشار إلى أنه بعد توقيع الاتفاق، تنتقل مشكلة كوسوفا من مرحلة التصادم العسكري، إلى مرحلة التسوية السياسية، وإلى الإجراءات، التي تنفذها آليات الأمم المتحدة. وهنا، يكون دور الأمم المتحدة مهماً وفعالاً في، عودة الشرعية الدولية، والعمل في إطارها. كما أشار إلى أن بدء الحل السياسي، يعني عودة اللاجئين إلى الإقليم، واحترام حقهم في حكم أنفسهم، واحترام السيادة العامة ليوغسلافيا.

4. دخول الوحدة الروسية إلى بريشتينا

قبل دخول قوات الحلف إلى كوسوفا، وفقاً لخطة الانسحاب، الموقّعة بينه وبين الجيش اليوغسلافي، وصلت وحدة روسية، في 12 يونيه 1999، آتية من البوسنة، إلى بريشتينا، عاصمة كوسوفا، وتمركزت حول المطار. وقد سارعت الحكومة اليوغسلافية إلى مساعدتها، من طريق فتح الطرق لها والمعابر، لتصل بأسرع وقت ممكن إلى الإقليم.

وعلى الرغم من عدم معرفة صاحب القرار، في دخول هذه القوات الروسية؛ فإن هناك اعتقاداً، أن روسيا، بالاتفاق مع بلغراد، سارعت إلى إرسال هذه القوات، للسيطرة على المناطق، التي ترغب في جعلها تحت السيطرة الصّربية؛ وهي المناطق الشمالية، الغنية بمناجم الذهب والفضة والنحاس والحديد، والتي تحرص صربيا على الاحتفاظ بها، احتياطاً لأي تجزئة، أو تقسيم ممكن حدوثه، في المستقبل.

على الرغم من تأكيد روسيا، على لسان وزير خارجيتها، إيفانوف، عدم معرفة مَنْ أصدر التعليمات إلى القوات الروسية في البوسنة، بالتحرك إلى بريشتينا، من دون التنسيق مع الحلف؛ فإنه من الواضح أنها خطوة سياسية، غايتها استعادة روسيا مركزها أمام العالم، بعد عجزها عن مساعدة بلغراد، عسكرياً، خلال فترة القصف الجوي؛ وإخفاقها في التوصل إلى اتفاق لوقف القصف، بالشروط، التي كانت تعرضها أو تطالب بها يوغسلافيا؛ فضلاً عن أنها لم تؤدِّ دوراً في المباحثات، التي جرت بين الحلف والجيش اليوغسلافي، على الرغم من وجود ضابط روسي مراقب.

وقد طابق المخطط الروسي، بعدم التنسيق ما بين القوات الروسية، وقائد القوات الدولية في كوسوفا، سياسةَ بلغراد، الداعية إلى تقسيم الإقليم، وجعل منطقته الشمالية "منطقة أمنية"، بين صربيا وكوسوفا، تكون السّيطرة الصربية فيها أمراً واقعاً.

وقد أسهم وصول القوات الروسية إلى بريشتينا، في تهدئة روع الصّرب، من سكان كوسوفا، وأثار شعورهم بالأمان؛ بعد أن كانوا قلقين، يتوقعون أعمالاً انتقامية، من قِبل الألبان، بعد خروج قوات الأمن الصربية.

وقد أسفر هذا الحدث عن تفجر خلافات جديدة، بين الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، حول الدور الروسي في عملية حفظ السلام في كوسوفا؛ فضلاً عن الخلافات السابقة، الخاصة بمكانة الوحدات الروسية في إطار القوة الدولية، لحفظ السلام في الإقليم؛ وسعي روسيا لكي يكون لها قطاع خاص، وهو ما رفضته واشنطن، بحجة أن وجود هذا القطاع الروسي، سيعني تقسيم كوسوفا، خاصة في ظل رفض اللاجئين الكوسوفيين العودة إلى منطقة، يسيطر عليها الروس.

5. اتفاق هلسنكي

في 18 يونيه 1999 وقَّعت، في هلسنكي، الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، اتفاقاً، في شأن مشاركة القوات الروسية في مهمة حفظ السلام، في كوسوفا (اُنظر ملحق اتفاق هلسنكي بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية)؛ واستُوحِيَتْ خطوطه العريضة من الاتفاق المبرم، عام 1995، بين الطرفَين، في شأن قوة الاستقرار في البوسنة SFOR، التي يشارك فيها 1500 روسي. وهو الاتفاق، الذي يحقق أمرَين أساسيَّين، يتمثلان في الحفاظ على وحدة القيادة اللازمة، لتمكين قوة حفظ السلام KFOR، من العمل بفاعلية. كما يعطي روسيا دوراً فريداً، من خلال ما نصّ عليه من عمليات للقوات الروسية، في إطار قطاعات من KFOR، تديرها الولايات المتحدة الأمريكية، وفرنسا، وألمانيا.

وقد مُنحت موسكو، بموجب هذا الاتفاق، وضعاً خاصاً بها، ضمن قوة حفظ السّلام الدولية في الإقليم، يُبقي القوات الروسية تحت قيادة موسكو، على أن يكون هناك ممثل روسي، في قيادة القوات الدولية.

أما عدد القوات الروسية، فقد تخلّت روسيا عن إرسال قوة، تصل إلى 10 آلاف جندي، واستبدلت بها قوة مؤلفة من 3600 جندي، يندمجون في القطاعات التابعة لقيادة حلف شمال الأطلسي، في الإقليم؛ على أن يرفع هؤلاء الجنود تقاريرهم إلى قيادتهم الروسية، التي سيكون لها ممثلوها في القيادة الموحدة KFOR.

واشتمل الاتفاق، كذلك، على خطة لفتح مطار بريشتينا، أمام كل دول حفظ السلام، بعد أن كانت القوات الروسية قد احتلته، بشكل منفرد، قبل وصول قوات السلام التابعة للحلف.

وقد قوبل هذا الاتفاق بردود فعل مختلفة، أبرزها:

أ. وصف الرئيس الأمريكي، بيل كلينتون، مباحثات هلسنكي بأنها ناجحة. وعزا نجاحها إلى دور يلتسين والوزراء الأربعة: وزيرَي الدفاع والخارجية الروسيَّين، إيجور سيرجيف، وايفانوف؛ ونظيرَيهما الأمريكيَّين، كوهين، وأولبرايت. كما أكد ضرورة وجوب التعاون بين الأطراف المختلفة، والحفاظ على كلًّ من الصرب والألبان.

ب. أكد الرئيس الروسي، يلتسين، أن الأطراف جميعها، يجب أن تتحمل مسؤوليتها، تجاه الحرب في كوسوفا؛ وهذا هو الأساس لتحقيق السلام الدائم، والشامل، في المنطقة. كما أشار إلى أن هدفه؛ هو إعادة بناء جو الصداقة مع الغرب، مرة ثانية، بعد خلافاتهما بسبب أزمة كوسوفا، معرباً عن ارتياحه وسعادته بنجاح هذا الاتفاق.

6. اتفاق نزع أسلحة جيش تحرير كوسوفا

في صباح 21 يونيه 1999، في بريشتينا، مقر قيادة KFOR، وقّع الجنرال مايكل جاكسون، قائد قوة السلام الدولية في كوسوفا KFOR، اتفاقاً لنزع سلاح جيش تحرير كوسوفا، مع هاشم تقي، المتحدث الرسمي باسم الجيش؛ وذلك بحضور المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جيمي روبين؛ لعلاقته الطيبة بتقي، منذ محادثات رامبوييه.

وافق جيش تحرير كوسوفا، بمقتضى الاتفاق، على أن يتخلى عن صفته العسكرية، ويتغير، ليستمر وجوده بشروط جديدة.

وقد تضمن الاتفاق عدة نقاط، أهمها:

أ. يسلم جيش تحرير كوسوفا جميع أسلحته، إلى قوة KFOR، باستثناء الأسلحة الخفيفة، خلال مهلة، مدتها ثلاثة أشهر. وبناء على ذلك، تُجمع كافة الأسلحة، التي يزيد عيارها على 12.7 ملم، في أماكن محددة، لتطّلع عليها قوة KFOR، خلال ثلاثين يوماً، بدءاً من تاريخ توقيع الاتفاق.

ب. لا يُسمح لمقاتلي جيش تحرير كوسوفا، في أي وقت، بدءاً من 21 يونيه 1999 ـ بحمل أسلحة من أي نوع، على بعد أقلّ من مترَين من الطرقات الرئيسية والمدن، والحدود الخارجية للإقليم.

ج. يفكك مقاتلو جيش تحرير كوسوفا، جميع مواقعهم القتالية وتحصيناتهم، ومراكز المراقبة على الطرقات؛ ويزيلون الألغام، والمواقع المفخخة، التي نصبوها؛ وذلك خلال مهلة أربعة أيام، من تاريخ توقيع الاتفاق.

د. يُمنع جيش تحرير كوسوفا من إطلاق النار. كما يجب عليه الانسحاب من مناطق النزاع، مع نزع الأسلحة؛ ويلتحق أفراده بالمجتمع المدني، وفق الاتفاقات، التي أبرمت في رامبوييه، ووافق عليها وفد ألبان كوسوفا.

هـ. يمتنع جيش تحرير كوسوفا، عن اللجوء إلى القوة؛ ويتوقف عن مزاولة أي عمل عسكري؛ ويلتزم عدم مهاجمة المدنيين في كوسوفا أو احتجازهم أو إرهابهم.

و. تحويل الجيش إلى منظمة مدنية.

ز. تأخذ الأسرة الدولية في حسبانها، إمكانية التحاق مقاتلي الجيش "بقوة شرطة جديدة"، تُشكل من أبناء كوسوفا (المدنيين والعسكريين)، على غرار الحرس الوطني في عدد من الولايات الأمريكية؛ للمساعدة على تحويل الحكم الذاتي، والآمن، الذي تعهدت به اتفاقيات السلام، إلى حقيقة واقعة.