إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / العراق والكويت، الجذور ... الغزو ... التحرير / التطور السياسي لإمارة الكويت ومشكلاتها الحدودية (1914 ـ 1961)






مواني العراق البحرية
منطقة رأس الخليج العربي
ميناء أم قصر العراقي
ميناء البصرة العراقي
ميناء خور الزبير
المناطق الزراعية العراقية
المياه الإقليمية العراقية والجرف القاري
الحدود الجنوبية العراقية
السعودية في اتفاقية العقير
الكويت بالاتفاقية البريطانية-العثمانية (انجليزي)
الكويت بالاتفاقية البريطانيةـ العثمانية



أولاً: التطور السياسي لإمارة الكويت، ومشكلاتها الحدودية ( 1914 ـ 1931)

أولاً: التطور السياسي لإمارة الكويت، ومشكلاتها الحدودية  (1914 ـ 1931)

1. الكويت والحرب العالمية الأولى

بعد نشوب الحرب العالمية الأولى، في 28 يوليه 1914، سقطت رموز التبعية للدولة العثمانية، عن مناطق واسعة، من تلك التي كانت تابعة لها، قبْل دخول الدولة الحرب إلى جانب دول الوسط. فقد حدث ذلك في الكويت، كما حدث في مصر، وإن كان، بالنسبة إلى الأولى، لم يقتصر الأمر على مجرد إسقاط الرموز، وإنما امتد إلى الإسهام في إسقاط الوجود العثماني في العراق نفسه، حسبما وَرَدَ في الكتاب، الذي وجّهه المقدم نوكس Knox، القائم بأعمال المقيم السياسي البريطاني في الخليج (أُنظر وثيقة مستخرج من خطاب المقيم السياسي البريطاني في الخليج إلى سعادة السير مبارك الصباح، شيخ الكويت، مشتملاً على تعهدات محددة له من الحكومة البريطانية في 3 نوفمبر 1914 في 3 نوفمبر 1914، إلى الشيخ مبارك بن صباح الثاني.

ونص هذا الكتاب على، أن يهاجم شيخ الكويت أم قصر، وصفوان، وبوبيان. وأن يعتمد على غيره من الشيوخ، الذين يمكن الاعتماد عليهم، لتحرير البصرة من السيطرة العثمانية، أو اتخاذ الترتيبات اللازمة، لمنع وصول الإمدادات العثمانية إليها، ريثما تصل القوات البريطانية القادمة من الهند. وبالفعل، استطاع أمير الكويت مهاجمة هذه المراكز، وضمها إلى إمارته، واعترفت بريطانيا بملكية الكويت لهذه المراكز.

        وقد تضمن هذا الكتاب :

أ. اعتراف الحكومة البريطانية بأن تكون مشيخة الكويت، حكومة مستقلة، تحت الحماية البريطانية.

ب. إعطاء وعد بتحقيق مصالح شيخ الكويت، بأن تبقى بساتين النخيل، الواقعة ما بين الفاو والبصرة، في حيازته، وحيازة نسله من بعده، معفاة من الضرائب والرسوم.

ج. إعطاء وعد بعدم إعادة البصرة إلى الحكومة العثمانية، ولا تسلم لها أبداً.

والواقع أن الشيخ مباركاً، بما له من بُعد نظر سياسي، استطاع أن يتعاون مع الحلفاء، ضد العثمانيين والألمان، أثناء الحرب العالمية الأولى، فتمكن من الحصول على تأييد بريطانيا ودعمها السياسي. بل إن الشيخ جابر الثاني بن مبارك، الحاكم الثامن لإمارة الكويت (1915 ـ 1917)، سار على نهج أبيه، فأعلن رسمياً وقوف الكويت إلى جانب بريطانيا والحلفاء ضد الدولة العثمانية وحلفائها.

والواقع أن ما ترتب على الحرب، من سقوط الإمبراطورية العثمانية، وظهور العراق الحديث، تحت الانتداب البريطاني، قد غير من الخريطة السياسية للمنطقة، في ما يمكن رصده، سواء بالنسبة إلى العراق أو الكويت .

بالنسبة إلى العراق ، فللمرة الأولى في التاريخ الحديث، يظهر على الخريطة السياسية في المنطقة، كيان سياسي، تحت اسم العراق، وتطابق الكيانان الجغرافي والسياسي.

أما بالنسبة إلى الكويت، فإن " ظل السيادة العثمانية"، الذي كان قائماً، حتى قيام الحرب العالمية الأولى، قد انزاح تماماً، خاصة بعد تسليم الدولة العثمانية، سواء في المادة 132 من معاهدة سيفر، في 10 أغسطس 1920، أو تسليم الجمهورية التركية، في المادة 16 من معاهدة لوزان، عام 1923، بالتنازل عن كل حقوقها في البلاد العربية .

فضلاً عن ذلك، فإن فرض الانتداب البريطاني على العراق، وفرض الحماية البريطانية على الكويت، قد وضعا البلدين، أول مرة، تحت سيطرة قوة دولية واحدة. وليس هناك أقوى من اعتراف هذه القوة بالوجود المتمايز للكيانَين السياسيَّين، العراقي والكويتي. كذا ليس أفضل من سعيها لتخطيط الحدود بينهما، على أساس أنه ليس لها مصلحة في فرض أوضاع خاطئة، يمكن أن تتسبب بعدم الاستقرار بين الشعوب التي تحكمها .

2. تطور العلاقات الكويتية ـ النجدية (السعودية)، والخلافات الحدودية بينهما خلال الفترة (1914 ـ 1931)

الواقع، أن الحدود الكويتية ـ النجدية (السعودية)، قد خُططت في مشروع اتفاقية 29 يوليه 1913، بين بريطانيا والدولة العثمانية، والتي حال نشوب الحرب العالمية الأولى، دون التصديق عليها. وفي عام 1915، اعترفت بريطانيا بأن نجْداً والأحساء[1] دولة مستقلة .

وقد اختلفت سياسة الكويت، حيال نجْد والأحساء، في عهد الشيخ سالم بن مبارك، الحاكم التاسع لإمارة الكويت (1917 ـ1921)[2]، عن سياسة عهدَي والده، وأخيه جابر. وكان سالم بن مبارك، في عهد أبيه، قد قاد قوة كويتية، في ديسمبر 1915، لمساعدة عبدالعزيز آل سعود، المحاصَر في الهفوف، من قِبل العجمان[3]، واستطاعت القوة الكويتية فك الحصار عن الهفوف، وهزيمة العجمان. وكان عبدالعزيز يأمل، بعد هزيمة العجمان، أن يلاحقهم ويُنزل بهم أشد أنواع العقاب، ويطاردهم حيث يذهبون. غير أن الشيخ سالماً، بتوجيه سابق من والده مبارك، قد منح العجمان، بعد هزيمتهم، مأوى في أراضي الكويت، فلم يتمكن عبدالعزيز من ملاحقتهم. وقد كانت هذه الحادثة، هي بداية النزاع، بين الكويت، سلعبدالعزيز آل سعود، ذلك النزاع الذي كان من نتائجه موقعة الجهراء، في 10 أكتوبر 1920، بين الكويت والإخوان[4]، بقيادة زعيمهم فيصل بن سلطان الدويش.

أ. موقعة الجهراء )10 أكتوبر 1920 (

تُعَدّ موقعة الجهراء[5] معْلماً في تاريخ الكويت الحديث، إذ برهنت على صلابة موقف الشيخ سالم ابن مبارك في الدفاع عن أراضي الكويت كافة. فقد جمع فيصل بن الدويش، زعيم الإخوان، قواته ليهاجم الكويت، ببدء حصار الجهراء. وعندما تيقن الشيخ سالم، من نية الهجوم التي كانت مبيتة لدهم مدينة الكويت نفسها، شرع يخطط للدفاع عنها، وذلك بأن طلب من أهلها جميعاً المعاونة على بناء سور جديد، لحمايتها من هجمات الإخوان، وقوات عبدالعزيز. وأُنجز بناء السور في شهري[6]. قد وقع ما كان في حسبان الشيخ سالم، حين بدأت جماعات الإخوان تتحرك، بقيادة فيصل بن الدويش، متجهة صوب الكويت، شمالاً. ورأى الشيخ سالم، أن خط الدفاع الأول عن الكويت، لا بدّ أن يكون في الجهراء، فتوجّه إليها مع العديد من سكان مدينة الكويت. وفي العاشر من أكتوبر 1920، وقع الهجوم المرتقب، وكانت المعركة، في بدايتها، في غير مصلحة الكويت.

واضطر الشيخ سالم إلى اللجوء إلى القصر الأحمر، والتحصن به، ضد هجمات جيش فيصل بن الدويش، الذي كان يفوق الكويتيين عدداً. ولا ريب، أن وقوف الشيخ سالم في الجهراء، للدفاع عنها من القصر الأحمر، كان أمراً له أهميته العسكرية، لأن إرهاق جيش الدويش حول الجهراء، قد كفى مدينة الكويت شرّه

أما أثر هذه المعركة في الكويت، فكان بعيد المدى، فقد وقف أهلها صفاً واحداً لمواجهة غزو أراضيهم. وعلى الصعيد الدولي، فإن القتال الكويتي ـ السعودي، أجبر بريطانيا على أن تنفذ وعودها، طبقاً لاتفاقية 1899 مع الكويت، إذ إن الطائرات البريطانية، المرابطة في العراق، المحتل من قِبل بريطانيا، ألقت المنشورات المحذرة للغزاة، وعمدت السفن الحربية البريطانية إلى المرابطة في ميناء الكويت، على مرأى من الغزاة، كنوع من الإنذار لهم. إضافة إلى أن هذه الغزوة، قد عجلت بعقد مؤتمر لاحق، في العقير، عام 1922.

ومن العوامل الأخرى، التي عجلت، كذلك، بمؤتمر العقير، ضرورة تسوية المشكلات الحدودية، التي أُثيرت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، خاصة بعد زوال الإمبراطورية العثمانية، ومنها مشكلة الحدود بين العراق ونجْد، إذ كانت بريطانيا تُعنى بشؤون العراق، كذلك، في إطار نظام الانتداب. وفي هذا السياق، عُقد مؤتمر العقير، وعلى جدول أعماله مسائل الحدود بين العراق ونجْد، وبين نجد والكويت، وبين العراق والكويت

ب. مؤتمر العقير )27 نوفمبر ـ 2 ديسمبر 1922(

أدت العوامل السابقة، ولا سيما غزوة الجهراء، إلى عقد مؤتمر العقير (أُنظر وثيقة نص اتفاقية العقير في شأن تعين الحدود، بين الكويت ونجد وإعادة النظر في الحدود، بين نجد والعراق في 2 ديسمبر 1922الذي يُعَدّ أهم مؤتمر عُقد في منطقة الخليج، في أعقاب الحرب العالمية الأولى. إذ إنه قرر السيادة الإقليمية للوحدات السياسية في المنطقة، ووضع أسس الحدود السياسية بين كل من العراق ونجْد والكويت. وقد ترأس المؤتمر السير[7] (أُنظر وثيقة مستخرج من خطاب المقيم السياسي البريطاني في الخليج إلى سعادة السير مبارك الصباح،شيخ الكويت مشتملاً على تعهدات محددة له من الحكومة البريطانية في 3 نوفمبر 1914) برسي كوكس، المندوب السامي البريطاني في العراق. ومثّل نجد السلطان عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود نفسه. ومثّل العراق صبيح نشأت، وزير الأشغال. بينما مثّل الكويت الوكيل السياسي البريطاني فيها، الرائد جيمس كارميشيل مور "G.James Carmichale More". وكانت الحجة البريطانية لتبرير هذا التجاهل للتمثيل الكويتي، هي أن الكويت محمية بريطانية، تتولى عنها بريطانيا الشؤون الخارجية كافة. وكان الهدف الأساسي من انعقاد المؤتمر، هو تحديد الحدود بين الكويت ونجْد والعراق.

كانت اتفاقية 1913، قد حددت حدود الكويت على النحو التالي:

"خط الحدود يبدأ على الساحل عند مصب خور الزبير، في الشمال الغربي، ويعبر تماماً جنوب أم قصر، وصفوان، وجبل سنام. وتترك لولاية البصرة هذه المحلات وآبارها. وعند الوصول إلى الباطن، تتبعه حتى الجنوب الغربي، تاركة آبار الصفاة والحبرة والهبة والوربة وأنطه، حتى تصل إلى البحر، بالقرب من جبل منيفة. وهذا الخط مشار إليه باللون الأخضر، في الخريطة (انظر خريطة الكويت بالاتفاقية البريطانية ـ العثمانية) و(خريطة الكويت بالاتفاقية البريطانية ـ العثمانية "إنجليزي" ) الملحقة بهذه الاتفاقية".

وإذا كانت حدود الكويت، هي تلك التي حددتها اتفاقية عام 1913، بين بريطانيا والدولة العثمانية. فإن معاهدة المحمرة، التي عقدت في مدينة بوشهر، في 5 مايو 1922، هي التي أوضحت معالم الحدود بين نجد (السعودية) والعراق، ووافق عليها السلطان عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، سلطان نجْد وملحقاتها، آنذاك. إلاّ أنه عاد لينقضها بعد قليل، في العام نفسه، قبل عقد مؤتمر العقير في 2 ديسمبر 1922. فقد رفض هذه الحدود لأنها أضافت إلى العراق ما ليس له، ولأنها أبقت، كذلك، حدود الكويت مع نجد والأحساء، كما كانت عليه في اتفاقية 1913. كما كان يعدها ضد طموحاته، الرامية إلى اقتطاع جزء كبير من أراضي الكويت. وشرع السلطان عبدالعزيز يحاول فرض إعادة النظر في حدوده، مع كلٍّ من الكويت والعراق، معتمداً على الإخوان، كأداة للضغط، في سبيل تحقيق أهدافه وطموحاته. وإزاء التوتر في المنطقة، وتعدد الغزوات، والغزوات المضادّة، ورغبة في إرضاء السلطان عبدالعزيز آل سعود، ألغت بريطانيا اتفاقية عام 1913، ويقتضي هذا، ضرورة بذل جهود أخرى للتوصل إلى تحديد وتعيين وتخطيط حدود مستقرة، بين الوحدات السياسية في المنطقة، وهو ما تبلور في عقد مؤتمر العقير في 12 ربيع الثاني 1341 هـ، الموافق 2 ديسمبر 1922، والذي يُعَدّ مكملاً لمعاهدة المحمرة .

قد جرت مفاوضات العقير، في الفترة من 27 نوفمبر حتى 2 ديسمبر 1922، في ميناء العقير، السعودي، الواقع إلى الجنوب من الخُبر. وانتهت أعمال المؤتمر إلى توقيع بروتوكولات متممة لمعاهدة المحمرة، وسميت " معاهدة المحمرة وبروتوكولات العقير" .

وعند بدء أولى جلسات المؤتمر، بدا أن السير برسي كوكس، كان حريصاً على رسم الحدود بين الدول المعنية، لأسباب مختلفة، فكان يريد أن:

(1)   يبرز العراق، كدولة ذات كيان، وذات حدود واضحة، لكي تستطيع، ممثلة في ملكها فيصل بن الحسين، أن توقّع اتفاقات نفط وغيرها مع بريطانيا.

(2)   تتوقف نجْد، عن اعتداءاتها، على حدود جيرانها، في الشمال والشمال الشرقي والشمال الغربي، أي على حدود العراق والكويت وشرق الأردن.

(3)   تكون الكويت دولة حدود، تفصل بين العراق، ونجْد، وبذلك، تمنع بريطانيا الاحتكاك بينهما.

وإزاء اختلال توازن القوى، على المستوى الإقليمي، في مصلحة السلطان عبدالعزيز آل سعود، إذ أصبح أكبر حاكم في شبه الجزيرة العربية والخليج العربي، فقد استمر في مطالبه، التي حظيت برضا بريطاني، على الرغم من التظاهر البريطاني، أثناء جلسات المؤتمر، بالحياد والمثالية، خصوصاً وأنه كان هناك جلسات خاصة، بين السلطان عبدالعزيز، والسير برسي كوكس.

وقد نجحت الدبلوماسية البريطانية، ممثلة في السير برسي كوكس، في تمرير اتفاق حول الحدود، بين نجْد والعراق، ونجْد والكويت. إذ استغل كوكس دهاءه في استثمار الخلافات الأساسية، التي كان محورها مطالب السلطان عبدالعزيز آل سعود ورغبته، فعمد إلى فتح خريطة شبه الجزيرة العربية، ورسم بالقلم الأحمر، خطاً للحدود، يبدأ من الخليج العربي إلى جبل عنيزة، الواقع بالقرب من حدود إمارة شرق الأردن. وبذلك أعطى العراق مساحة كبيرة من الأرض، التي تطالب بها نجْد، وأعطى نجْداً ثلثَي أراضي إمارة الكويت. وإلى الجنوب والغرب من إمارة الكويت، رسم منطقتَي حياد. سمِّيت الأولى منطقة الكويت المحايدة، والثانية منطقة العراق المحايدة.

وقد عُينت الحدود، رسمياً، بموجب هذه الاتفاقية، فبدأت الحدود الكويتية مع نجْد، من نقطة على شاطئ الخليج العربي، تقع جنوب رأس القليعة، وتمتد غرباً، بإمتداد قوس دائرة، قطرها 40 ميلاً، ومركزها بلدة الكويت، حتى تقاطع خط الدائرة مع خط العرض 29 ْ شمالاً. ثم تسير الحدود من نقطة التقاطع هذه، في خط شبه مستقيم، طوله نحو 90 كم، يتجه نحو الشمال الغربي، حتى نقطة تقاطع وادي العوجة ووادي الباطن، وذلك في موقع الرقعي، الذي يُعَد ملتقى حدود ثلاث دول، هي: الكويت، السعودية والعراق. (انظر خريطة الكويت بالاتفاقية البريطانية ـ العثمانية) و(خريطة الكويت بالاتفاقية البريطانية ـ العثمانية "إنجليزي").

وبالنسبة إلى المنطقة المحايدة، بين الكويت ونجْد )السعودية(، فقد أوضحت الاتفاقية، أن هذه المنطقة، تقع إلى الجنوب من الحدود المذكورة مع الكويت. وتبدأ من نقطة على ساحل الخليج تقع شمال رأس مشعاب، وتمتد بامتداد خط مستقيم، يتجه غرباً، مع مسار أحد خطوط العرض (شمال خط العرض 28 ْ) على حافة منخفض الشق، ويبلغ طوله 70 كم. ثم يتجه خط الحدود في اتجاه الشمال الغربي، متتبعاً وادي الشق، حتى يلتقي بنقطة الحدود الكويتية ـ السعودية، عند تقاطعها وخط العرض 29 ْ شمالاً، ويقدَّر طوله بنحو 90 كم. وتبلغ مساحة المنطقة المحايدة 5770 كم2. واتفق على أن يكون للدولتَين فيها حقوق اقتصادية مشتركة، متساوية. ولذلك، فإن الدولتَين تتقاسمان دخْل نفط حقل الوفرة البري، وحقل الخفجي البحري، منذ ظهور النفط في هذه المنطقة. (أُنظر خريطة منطقة رأس الخليج العربي).

وثمة العديد من الملاحظات حول اتفاقية الحدود بين الكويت ونجْد، التي أُقرت في مؤتمر العقير، ووقعتها الأطراف المعنية، في 2 ديسمبر 1922، تتلخص في الآتي :

(1)   حسرت اتفاقية العقير الحدود الكويتية الجنوبية نحو مائة وستين ميلاً (أي حوالي 256كم). فجاءت التسوية كلها على حساب تقليص حدود الكويت، والاعتراف بضم الكثير من القبائل، التي كانت تابعة لها إلى نجْد.

(2)   رسمت تلك الاتفاقية منطقتَين محايدتَين. الأولى بين السعودية والكويت، من جهة الجنوب، وسمِّيت منطقة الكويت المحايدة. والأخرى بين العراق والسعودية، في الشمال، وسمِّيت منطقة العراق المحايدة. وكان الهدف من إقامة هاتَين المنطقتَين، هو تسهيل انتقال القبائل البدوية، التابعة للأطراف المعنية، في تلك البلاد، لارتياد الماء ورعي الأغنام.

(3)   أثارت مسألة تمثيل الكويت في المؤتمر الاستنكار، إذ مثّل الكويت، في مؤتمر، يحدد إقليمها برسم حدوده، ممثل بريطاني. وهو ما عَبّر عنه حاكم الكويت، صراحة، للسير برسي كوكس، وإنْ قبِل، في نهاية الأمر، توقيع الاتفاقية، كأمر واقع.

(4)   ادَّعى السير برسي كوكس، في تبريره لاقتطاع ثلثَي مساحة الكويت، وضمها إلى نجْد، أن سلطة الكويت على الصحراء، قد أصبحت أضعف مما كانت عليه في عهد الشيخ مبارك، يوم وُضعَت الاتفاقية البريطانية ـ العثمانية، في عام 1913، وأن هذا قد أوجب عليه إعادة تخطيط الحدود، بين الكويت ونجْد، على أساس جديد.

(5)   واجهت عملية تخطيط الحدود بين كلٍّ من الكويت ونجد والعراق، صعوبات بالغة، إذ تفتقر طبيعة الأرض إلى معالم، يمكن خط الحدود أن يرتكز عليها. كما أن مفهوم الحدود السياسية، كان جديداً في تلك المناطق، وكانت القبائل ترتاد الصحراء، الممتدة بين البلدان الثلاثة، للرعي، وكانت علاقات التبعية، تعتمد على العلاقات القائمة بين رؤساء القبائل وحكام تلك البلاد. وعلى هذا تُرِكَت الآبار مشاعاً بين القبائل، والمناطق التي تختلط فيها القبائل، أصبحت محايدة. وهكذا، انبثقت فكرة المناطق المحايدة، بين الكويت وجيرانها.

(6)   عُدَّت اتفاقية العقير، على الرغم مما أَحاط بها، مهمة جداً، إذ أنها أوجدت، للمرة الأولى في تاريخ المنطقة، عملية تخطيط الحدود على أرض الواقع، أو ما يسمى ترسيم الحدود على الأرض، وربطته بمفهوم السيادة الوطنية، مستهدفة بذلك تحقيق موضوعية لرسم تلك الحدود.

(7)   حددت الاتفاقية تحديداً حاسماً، تبعية الجزر الآتية للكويت: وربة، وبوبيان، في الشمال. ومسكان، وفيلكا، وعوهه، في الوسط. وكُبر، وقاروة، وأم المرادم، في الجنوب. وقد أصدرت السلطات الكويتية، بين عامَي 1948 و1965، عدة بلاغات وأحكام، تتعلق بموضوع المياه الإقليمية الكويتية، التي حُدِّدَتْ بستة أميال بحرية، بغرض تحديد الامتيازات النفطية (أُنظر خريطة السعودية في اتفاقية العقير). وحددت المياه الإقليمية للجزر بثلاثة أميال بحرية. وحددت المياه الإقليمية للمنطقة المحايدة، بين الكويت والمملكة العربية السعودية، بستة أميال .

(8)   أشارت اتفاقية العقير، إلى أن هناك اتفاقية أخرى ستليها، في شأن الحدود في المنطقة المحايدة. وهو ما يعني أن التسوية في خصوصها، كانت مؤقتة، كي يتسنى للكويت ونجْد، استغلال مواردها بالتساوي، إلى أن توضع التسوية النهائية للحدود.

(9)   لم ترسم اتفاقية العقير، ولم تخطط نظاماً معيناً لإدارة المنطقة، وإن ابتدعت سابقة، صارت مثالاً ناجحاً لتخطيط الحدود، في الحالات المماثلة. وربما يعود السبب في ذلك إلى أن تلك المساحة الشاسعة، لم تكن مأهولة بالسكان، وقتذاك، إذ لم يكن النفط، بعد، قد اكتشف فيها، فلم تكن هناك حاجة عملية إلى ضبط إدارة المنطقة، والتدقيق في علاقات الكويت ونجْد بها. وبقي الحال أشبه بنظام السيادة المشتركة، حتى تفجرت المشاكل، مع تزايد عمليات الكشف عن النفط، وظهرت الحاجة الماسة إلى وضع نظام دقيق لإدارة المنطقة المحايدة. وهو ما تمكن الجانبان من التوصل إليه، في يوليه 1965. وقد جرى بين الكويت والمملكة العربية السعودية اتفاق آخر، عام 1969، قسمت بموجبه، هذه المنطقة بين الدولتَين، إدارياً، وذلك بخط مستقيم، يوازي خط حدود المنطقة المحايدة السابق )أُنظر خريطة منطقة رأس الخليج العربي( ، ويقع إلى الشمال منه، ويساويه في الطول. في حين بقي من خط الحدود الثاني، الذي يساير وادي الشق، ما مسافته 50 كم فقط. وانتقلت، بموجب هذه الاتفاقية، حدود الكويت جنوباً، كما انتقلت حدود المملكة العربية السعودية شمالاً، إلى جنوب حقل الوفرة. ولكن الاتفاقية، لم تغّير من الحقوق الاقتصادية، أي أن الاستغلال الاقتصادي للمنطقة المحايدة، ما زال مناصفة بين البلديَن، طبقاً لاتفاق يوليه.

لم يقتصر الشعور بالظلم، في شأن الاتفاق الذي تمخض به مؤتمر العقير، على الشيخ أحمد الجابر الصباح[8] أمير الكويت، بل شمل الأطراف الممثلة في المؤتمر. وأثيرت الشكوك حول موافقة السلطان عبدالعزيز آل سعود، على الحدود النجدية ـ الكويتية، خاصة أن المؤتمر، لم يؤدِّ إلى حل المشاكل، ومنع الغزوات، إذ عاد الإخلال بالأمن، بعد توقيع الاتفاقية بأربعة أشهر فقط. وفي محاولة أخرى، للتوفيق بين الأطراف المعنية، وجهت بريطانيا الدعوة لحضور مؤتمر، يعقد في الكويت[9]. في 17 ديسمبر 1923، عُرِفَ بمؤتمر الكويت الثاني

ج. مشكلة التبادل التجاري )المسابلة( بين الكويت ونجد:

كانت الكويت مركزاً مهماً للتبادل التجاري، يأتيها التجار من الأقطار المجاورة كافة، كالعراق وسورية ونجْد. وكان أغلب القادمين إلى الكويت للتجارة، هم أهالي نجْد[10]. واستمر ازدهار سوق الكويت، حتى عام 1921، حين عزم السلطان عبدالعزيز آل سعود، على منع رعاياه من التجارة مع الكويت، لهدفَين أساسيَّين:

أولهما: رغبته في تحويل مواطنيه إلى موانئ بلاده، كالقطيف والعقير والجبيل.

ثانيهما: رغبته في استيفاء رسوم جمركية من أهالي نجْد، الذين يستوردون حاجاتهم من الكويت، من دون رسوم، لعدم وجود مراكز جمركية بين البلدين، وكتب عبدالعزيز آل سعود، إلى الشيخ أحمد الجابر، يخبره بعزمه منع رعاياه من التجارة مع الكويت، متعللاً باضطراره إلى ذلك، وأنه لا يستطيع الرجوع عن قراره، إلاّ في حالة قبول الشيخ أحد اقتراحات ثلاثة:

(1) إقامة موظفين سعوديين بالكويت، لجباية الرسوم الجمركية على البضائع، الخارجة منها إلى نجْد.

(2) دفع شيخ الكويت ما يقابل قيمة الرسوم، التي تفرض على التجارة.

(3) تعيين موظفين، من قِبل شيخ الكويت، لتحصيل الرسوم، وتسليمها لسلطان نجْد وملحقاتها

(4) وقد رفض الشيخ أحمد الجابر الاقتراحات الثلاثة. كما رآها الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، مخالفة لتعهدات بريطانيا لشيوخ الكويت .

وعلى الرغم من اتفاق العقير، عام 1922، الذي يُعَدّ اتفاق سلام، شن عبدالعزيز آل سعود، سلطان نجْد وملحقاتها، عام 1923، حرباً اقتصادية على الكويت، إذ فرض عليها حصاراً، استمر حتى عام 1937. ولم يفلح كل المحاولات المبذولة لتسوية المسألة بطريقة ودية، بل أحكم عبدالعزيز آل سعود حصاره الاقتصادي، واتّبع سياسة قاسية على الحدود مع الكويت .

وفي نطاق اهتمام الحكومة البريطانية بتسوية المسألة، اجتمع كبار المسؤولين في كلٍّ من وزارة الخارجية، ووزارة المستعمرات، ومكتب الهند، في 12 أغسطس 1931، لدراسة المسائل المعلقة، بين نجْد والكويت، وفي مقدمتها مشكلة التبادل التجاري. وتعددت الاجتماعات، وطُرحت صيغ عديدة للتسوية، لم يلقَ أي منها نجاحاً. وانتهت المفاوضات باقتراح السلطان عبدالعزيز آل سعود، اختيار محكّمين، من الكـويت ونجْد، من بينـهم عدد من كبـار التجـار، ليحـاولوا التـوصل إلى اتفـاقية مرْضية للطـرفين. وقد سـاعدت مساندة الملك عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السـعودية[11]، للشيخ جابر الأحمد، أمير الكويت، خلال تعرضه لأزمة المجلس التشريعي، عام 1938، التي عُرفت بأزمة المجلس، على تقارب البلدَين، وعلى عقد معاهدة صداقة وتجارة بينهما، في 20 أبريل 1942[12].

3. تطور العلاقات الكويتية ـ العراقية، والخلافات الحدودية بينهما خلال الفترة (1914 ـ1931)

ترتبط الكويت والعراق بروابط قوية، ذات أصول تاريخية. فإلى جانب صِلات القربى والنسب والجوار والدين واللغة المشتركة، هناك الصّلات التاريخية الوثيقة. وكانت الكويت تعتمد على العراق في كثير من أمورها الحيوية، إذ كانت تستورد منه الماء والغذاء، فضلاً عن وجود ممتلكات زراعية واسعة لشيوخها في البصرة والفاو وغيرهما، تدر دخلاً كبيراً على الأُسرة الحاكمة.

وطوال حكم العثمانيين، لم يكن للعراق وحدة سياسية بهذا الاسم، بل كان يتكون من عدة ولايات، يحمل كلُّ منها اسماً مستقلاً، ولم تتحد، إلاّ في عهد الملك فيصل بن الشريف حسين، فظهر اسم العراق. وفي الوقت نفسه، كانت الكويت وحدة سياسية (إمارة واحدة). أي كانت السيادة العثمانية على الكويت سيادة اسمية فقط، بينما كان العراق تحت السيادة العثمانية الكاملة. أمّا علاقة الكويت بالبصرة أو بغداد، فلم تظهر أنها علاقة تبعية لهما. وإنما كانت قنوات اتصال بينها وبين الإدارة العثمانية فيهما.

أ. موقف بريطانيا من العلاقات الكويتية ـ العراقية:

يظهر الدور البريطاني في العلاقات الكويتية ـ العراقية في إطار أوسع، هو العلاقات بين الكويت والعراق ونجْد. ذلك أن بريطانيا كانت تتخوف من العلاقات والروابط القوية، بين الكويت والعراق، التي تجعل الأولى، تعتمد على الثانية، في كثير من حاجاتها الحيوية، اعتماداً، لا تستطيع معه الاستغناء عنها. ولذا، بذلت بريطانيا جهوداً واسعة، لإبعاد التأثير العراقي عن الكويت، خوفاً على مركزها فيها. وتمثّل ذلك في العمل على تعطيل الخطوط البرقية، وإزالة مكتب البريد العراقي، المقام في الكويت، وإلحاقه بحكومة الهند. كما قررت بريطانيا، أن تستمر الكويت تحت الحماية البريطانية، وصرفت النظر عن الرأي الداعي إلى ضمها إلى الإدارة البريطانية في العراق[13].

كما أصرّت على أن تكون الاتصالات كافة من طريقها. وأحكمت إشرافها على جميع الأمور في علاقة البلدَين. وإزاء حرص بريطانيا على منع أي اتصال مباشر بين الكويت والعراق، كان لزاماً عليها التدخل لحل المشاكل بينهما، التي تمثلت في إعفاء مَزارع الشيخ مبارك، في البصرة، من الضريبة، وفي نقل مياه شط العرب إلى الكويت، وفي مشكلة التهريب.

ب. موقف بريطانيا من تثبيت الحدود الكويتية ـ العراقية

كان من أهم القضايا، التي عُني بها الشيخ أحمد الجابر الصباح، أمير الكويت، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، هي تثبيت الحدود مع جيرانه.

وبعد أن نجحت بريطانيا، في مؤتمر العقير، في تثبيت الحدود بين العراق ونجْد من جهة، وتعيين الحدود الكويتية مع نجد وتخطيطها، والتصديق على اتفاقية العقير، الموقعة بين أمير الكويت، وسلطان نجْد وملحقاتها، آنذاك، عبدالعزيز آل سعود، من جهة أخرى، لم يتبقَّ سوى مسألة تسوية الحدود بين الكويت والعراق. فتحوّل الشيخ أحمد الجابر نحو المطالبة بتثبيت حدود بلاده مع العراق، الذي تبوأ عرشه الملك فيصل بن الحسين بن علي، في أغسطس 1921[14]. (انظر وثيقة نص اتفاقية العقير في شأن تعين الحدود، بين الكويت ونجد وإعادة النظر في الحدود، بين نجد والعراق في 2 ديسمبر 1922)

 ووجّه حاكم الكويت رسالة، مؤرخة في أول أبريل 1923، إلى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، الرائد مور، هذا نصها )أُنظر وثيقة نص رسالة الشيخ أحمد جابر الصباح، أمير الكويت إلى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، في أول أبريل 1923، يستفسر فيها عن شكل الحدود، بين الكويت والعراق(.

"بعد التحيـة. أعـرف، الآن، أنه قد ثُبتت الحدود بين نجْد والكويت، كما ورد في الاتفاقية، إلاّ إنني ما زلت لا أعرف شكل الحدود بين العراق والكويت. وسأكون مسروراً، لو زودتني هذه المعلومات لأطّلع عليها".

وواصل الشيخ أحمد الجابر سعيه في هذا السبيل، فبعث برسالة أخرى إلى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، مؤرخة، في 4 أبريل 1923 (أُنظر وثيقة نص رسالة الشيخ أحمد جابر الصباح، أمير الكويت إلى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت في 4 إبريل 1923، يطالب فيها بالحدود نفسها، التي طالب بها الشيخ سالم بن مبارك الصباح)، يشرح فيها حدود الكويت، التي يطالب بها، وهي: من نقطة التقاء وادي العوجة مع الباطن، وشرقاً، إلى جنوب آبار صفوان وجبل سنام، وأم قصر، وإلى سواحل جزيرتَي بوبيان ووربة، وعلى طول الساحل إلى الحدود الحالية للكويت ونجْد. ومن ضمن هذه المنطقة الجزر التالية: مسكان وفيلكا وعوهه، وكُبر، وقاروة، وأم المرادم.

وبادر الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، الرائد مور، إلى إبلاغ المندوب السامي البريطاني في العراق، السير برسي كوكس، مطالب شيخ الكويت، في رسالة بعثها إليه في اليوم عينه، 4 أبريل 1923(أُنظر وثيقة نص مذكرة الوكيل السياسي البريطاني في الكويت إلى المندوب السامي البريطاني في العراق في 4 إبريل 1923، يستفسره عن الحدود، بين الكويت والعراق)، أشار فيها إلى أنه لا يعرف شكل الحدود بين الكويت والعراق، وأن شيخ الكويت، يطالب بالجزء الشمالي من الخط الأخضر، على الخريطة، المرفقة بمسوّدة الاتفاقية البريطانية ـ العثمانية، الموقعة في 29 يوليه 1913.

وجاء رد كوكس، في 19 أبريل 1923، على شكل خطاب، أرسله إلى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت (أنُظر وثيقة رسالة المندوب السامي البريطاني، السير برسي كوكس، إلى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، الرائد " مور" في 19 أبريل 1923 في شأن تبليغ أمير الكويت اعتراف الحكومة البريطانية بالحدود الكويتية ـ العراقية).

(1)   وتضمن الإشارة إلى الرسائل المتبادلة في شأن تحديد الحدود بين الكويت والعراق، ومطالب شيخ الكويت في خصوصها. وانتهى إلى القول: "يمكن إخبار الشيخ بأن طلبه حول الحدود والجزر، المشار إليها أعلاه، معترف به، من قِبَل حكومة صاحب الجلالة". وكان قرار الحكومة البريطانية هذا، الذي عبّر عنه مندوبها السامي في العراق، هو أول توضيح رسمي للحدود الكويتية ـ العراقية، بعد تشكيل الدولة الحديثة في العراق.

(2)   وورث العراق عن بريطانيا، بعد انتهاء فترة الانتداب البريطاني عليه (1921ـ 1932)، التزاماتها تجاه شيوخ الكويت، التي وعدت بها بريطانيا شيخ الكويت، في رسالة المقيم السياسي البريطاني في الخليج، في 3 نوفمبر 1914(أُنظر وثيقة مستخرج من خطاب المقيم السياسي البريطاني في الخليج إلى سعادة السير مبارك الصباح، شيخ الكويت مشتملاً على تعهدات محددة له من الحكومة البريطانية في 3 نوفمبر 1914 إلى الشيخ مبارك الصباح، مقابل المجهود الكبير، الذي بذله في طرد القوات العثمانية من أراضي الكويت وجنوبي العراق، في البصرة، خلال الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918) ولهذا السبب تُبُودلت الرسائل بين وزارة الخارجية البريطانية ورئيس وزراء العراق، نوري السعيد، على أساس أن الكويت كيان سياسي، ودولي، مستقل. وقد أكد أحد محاضر وزارة الخارجية البريطانية، المؤرخ في 6 نوفمبر 1929 استقلالية دولة الكويت وأن شيخ الكويت، يرتبط بعلاقات تعاهديه، مع حكومة صاحب الجلالة[15]. ومعترف به، كحاكم مستقل.



[1] المقصود بنجد، هنا، هو السعودية . وكان لها العديد من الأسماء، خلال تطورات الأحداث، فقد كانت تسمى إمارة نجد، حتى عام 1906، وكان حاكمها يُسمى أمير نجد. ومن عام 1906 حتى عام 1916، كانت تسمي نجداً، وكان حاكمها، يُطلق عليه، سلطان نجد. ومن عام 1916 حتى عام 1926، سميت بنجد والأحساء، وسمي حاكمها سلطان نجد وملحقاتها. وبدءاً من عام 1926 حتى عام 1932، سميت بالحجاز ونجد وملحقاتها، وأصبح حاكمها يُطلق عليه ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها. ومن المعروف أن أطراف الدولة السعودية، بوضعها الحالي، لم تلتئم، إلاّ في 17 جمادى الأولى 1351هـ، الموافق 18 سبتمبر 1932. وهو تاريخ صدور الأمر الملكي الرقم 2716، بتوحيد المملكة العربية السعودية، وقد أُعلن هذا الأمر، في يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351 هـ، الموافق يوم 22 سبتمبر 1932، الموافق اليوم  الأول من شهر الميزان. وكان حاكمها، منذ عام 1902 وحتى عام 1952، هو الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل.

[2] كان الشيخ سالم بن مبارك (1917 ـ 1921) شديد الشكيمة، متمسكاً بتعاليم الدين الحنيف. وقد خشى الإنجليز أن تميل الكويت إلى جانب العثمانيين، وتندفع إلى مساعدة الدولة العلَّية، بقوة. ولقد كان سالم حريصاً على الاضطلاع بذلك الدور، إلاّ أنه لم يؤدِّه، رسمياً، خشية تدخّل الإنجليز في أمور الكويت الداخلية. ولكنه، فيما يبدو، أخذ يؤيد استمرار تدفق القوافل، المحملة بالبضائع، إلى سورية، حتى ضج الإنجليز بذلك الأمر، واحتجوا عليه، بشدة، حتى إنهم هددوا الكويت، قائلين: "إن بريطانيا لن تنفّذ وعدها بالمحافظة على سلامة الكويت، إذا تعرضت لخطر غزو خارجي، إن لم يكُفّ الشيخ سالم عن سياسته المنحازة إلى الدولة العثمانية".

[3] من الأخطاء الشائعة بين العرب، أن العجمان من العجم، أو من بلاد فارس. أما الحقيقة فهي، أنهم من قبائل اليمن، من عرب قحطان، وهم ينتسبون إلى همدان، وهو جدهم مذكر بن يام بن أصا بن رافع بن مالك بن جشم بن خيوان بن همدان.

[4] الإخوان، اسم يُطلق على رجال القبائل البدوية الذين تركوا حياة الترحال واستقروا، بتشجيع من الملك عبدالعزيز، في مستوطنات سمَّوْها `هِجَر`، ومفردها `هجرة` إشارة إلى هجرهم نمط حياتهم الأولى. وتسمَّوا بالإخوان، إشارة إلى أخوّتهم الدينية بدلاً من العصبية القبلية التي درجوا على التمسك بها. والأمر الذي دفعهم إلى تغيير نمط حياتهم تلك، هو اقتناعهم بأن حياة البادية لا تتماشى مع حرصهم على التفقُّه في الدين وإقامة شعائره على الوجه الصحيح. أسهم الإخوان مع الملك عبدالعزيز في جهاده لتوحيد المملكة، وكانوا عاملاً حاسماً في ترجيح كفته على كفة خصومه. ومن أبرز زعمائهم، فيصل الدويش، شيخ قبيلة مطير الذي استقر في هجرة الأرطاوية، وسلطان بن بجاد بن حميد، أحد شيوخ قبيلة عتيبة، الذي استقر في هجرة الغطغط. غير أن بعض فئات الإخوان جنحت في آخر المطاف إلى الغُلوّ، وعانت البلاد تشدّدها، إلاّ أن الملك عبدالعزيز تمكّن، بحزمه وحنكته، من السيطرة على الموقف. ويُعَد توطين الإخوان من أُولى الخطوات التي خطتها المملكة نحو توطين البادية

[5] الجهراء قرية كبيرة، على الطراز العربي، قريبة من خليج الكويت، وتبعد عن مدينة الكويت 18 ميلاً، بالطريق الغربي. وهي أهم قرية زراعية في الأراضي الكويتية، إذ تضم عدداً وافراً من الآبار. وهي محطة القوافل القادمة من البصرة. وموقعها مرتفع، يطل على البحر، فترى السفن المبحرة في خليج الكويت

[6] بقي هذا السور قائماً حتى عام 1957، حين تقرر توسيع مدينة الكويت، خارج السور، ولم يبق قائماً منه سوى بواباته.

[7] مُنح لقب سير عندما تولى منصب مندوب سامي في العراق. اُنظر جدول يوضح المندوبين الساميين والسفراء البريطانيين في العراق الفترة من 1920 إلى 1961

[8] لم يرضَ الشيخ أحمد الجابر عن هذا التخطيط، وعَدَّه ظلماً من بريطانيا لبلاده، خاصة أنه لم يمثل تمثيلاً حقيقياً في المؤتمر، الذي حددت فيه حدود بلاده. وقد سأل الشيخ أحمد الجابر السير `برسي كوكس`: `لماذا فعل ذلك، دون استشارته على الأقل؟`، فأجاب بأن السيف كان أقوى من القلم، وأنه لو لم يسلم تلك الأراضي لابن سعود، لكان، بكل تأكيد، أخذها، وربما أكثر منها، بقوة السلاح، وأنه قد أرضى جار الكويت القوي، وزرع في نفسه شعوراً ودياً تجاه الكويت

[9] يُعَدّ هذا المؤتمر من أهم المؤتمرات، التي عُقدت في شبه الجزيرة العربية، في تلك الفترة. وفيه ظهر التحالف بين بغداد والحجاز وإمارة شرق الأردن، ضد نجد، مما حدا السلطان عبدالعزيز، سلطان نجد وملحقاتها، على أن يوجِّه قواته ضد الشريف حسين، في الطائف (الحجاز)، تراجع على أثرها الشريف حسين إلى مكة المكرمة، حتى تمكنت قوات السلطان عبدالعزيز من هزيمته، صباح 5 ربيع الأول 1343هـ (1924). واضطر الشريف حسين بن علي، إلى قبول التنحي عن حكم الحجاز. وقد قبل السلطان عبدالعزيز أن يشارك في المؤتمر، على مضض، أمام التهديد البريطاني. وعقد المؤتمر ثلاث دورات، من دون أن يحقق أي نتائج إيجابية

[10] كان أهالي نجد يفضلون الكويت على البصرة وغيرها، لعدة أسباب، أهمها قربها من نجد، ولما لهم معها من علاقات تجارية طويلة الأمد، وروابط القربى، التي تربطهم بأهلها، فضلاً عن أن متاجر الكويت، كانت تبيع كل السلع، مثل التمر والأرز وحبال الخيام وغيرها، وكانت أهم ميزة لتجارة الكويت، بالنسبة إلى أهالي نجد، هي أن التجار الكويتيين كانوا يبيعونهم بالدَّين، لمدد طويلة

[11] تغير اسم الحجاز ونجد وملحقاتها، إلى اسم المملكة العربية السعودية، التي تأسست في 22 سبتمبر 1932، وأصبح يُطلق على مؤسسها لقب الملك عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية

[12] نصت الاتفاقية على ضرورة مرور القوافل من نقط حدود معينة، وتعيين موظفين من البلدَين عند هذه النقط. كما اشتملت الاتفاقية على ملحق متعلق بتبادل المجرمين

[13] رد اللورد باسفيلد Passfield ، وزير المستعمرات البريطاني، أن ضم الكويت إلى العراق، سيؤدي إلى إضعاف النفوذ البريطاني في الكويت.

[14] تم اختيار الأمير فيصل ملكاً على العراق، وتوج في 18 ذي الحجة 1339هـ، الموافق 23 أغسطس 1921، بعد إجراء استفتاء شعبي كانت نتيجته 96%.

[15] الملك جورج الخامس، تولى عرش بريطانيا، في الفترة من 1910 إلى 1936.