مقترحات البحث الأشكال والخرائط الصور المحتويات

مقاتل من الصحراء

الفشل في صَفوان (تابع)

          وعلى الرغم من التهاني التي تبادلتها وشوارتزكوف مع قادة قوات التحالف الآخرين، إلاّ أنني أعتقد أن شعورنا الداخلي بعدم الارتياح انعكس في حادثة وقعت أثناء المؤتمر الصحافي الذي أعقب المباحثات. صعدت، بعد شوارتزكوف، إلى المنصة لأُجيب عن أسئلة المراسلين العرب والغربيين. سألني أحد الصحفيين العرب:" هل تعتقدون أن السلام قد تحقّق؟". فأجبته بتلقائية: " نعم، والآن أخلع خوذة الحرب وأضع على رأسي قبعة ( طاقية ) السلام ". وفعلت ذلك وأنا أجيب عن السؤال.

          ولكن الواقعة التي أقصدها حدثت قبل ذلك بلحظات، عندما سألني أحد الصحفيين الغربيين إذا كان أي من أسرى الحرب قد مات أثناء الأسْر. فقاطعني شوارتزكوف قبل أن أبدأ الإجـابة، وهمهـم: "أفـضل عدم الإجـابة عن هذا السؤال ". فتظاهرت بأنني لم أسمع ما قاله، ولكنه كرّر كلماته مرة ثانية وثالثة. وظل يقول عندما يتكرر السؤال: " أُفضل عدم الإجابة "، ويضيف: " لا تدخل في التفاصيل ". لم تصل مقاطعاته الفظّة إلى أسماع معظم الحاضرين، لأنه كان يتكلم دون أن يحرك فكَّه. ولكن شبكة cnn كانت تستخدم لاقط صوت (ميكروفون) يمكن أن يلتقط الأصوات من بُعد 20 قدَماً، فبثَّتْ الموقف برُمَته إلى جميع أنحاء العالم، مما سبّبّ لكلينا شيئاً من الحرج.

          لِمَ تصرّف شوارتزكوف على هذا النحو؟ أعتقد أنه فعل ذلك بسبب توتّره وبدافع الصداقة التي تجمعنا. كان يعرف أن مباحثات صفوان لم تحقَّق ما كنتُ أْصْبُو إليه، وكان يخشى أن يدفعني الغضب أو الإحباط إلى أن أقول شيئاً يلقي بظلال من الشك على كل ما توصلنا إليه. ولكني لم ألقِ بالاً إلى مقاطعاته، بحكم العلاقة الودية التي كانت تجمعنا.

          كان أحد الآراء التي سمعتها في تفسير تصرّفه على هذا النحو، أن شوارتزكوف ربما شعر، بعد انتهاء الحرب، أنه لم يعد في حاجة إلى المزيد من تعاوني. كما لَمَسْتُ أن ضباط أركانه لم يكونوا راغبين في أن أتحدث إلى مراسلي وسائل الإعلام على الإطلاق. ومن المرجح أنهم أرادوا أن يُظهِروا قائدهم وكأنه " البطل الأوحد " في حرب الخليج!.

سابق بداية الصفحة تالي