الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
حملة الليطاني
خريطة لبنان
اُنظــــر كـــذلك
 
سلام الجليل الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1982، (سلام جليل)
مذبحة قانا الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1996، (مذبحة قانا)
الحرب الأهلية اللبنانية
الجمهورية اللبنانية

مقدمة: الاجتياح الإسرائيلي للبنان (1978، الليطاني)

          مع مطلع عام 1978، كانت مهمة تحقيق الأمن في جنوب لبنان، قد خرجت تماماً من يد السلطة اللبنانية، وأصبحت رهن التطورات المقبلة في أزمة الشرق الأوسط. وقد عبّر عن ذلك، فؤاد بطرس، وزير الخارجية والدفاع اللبناني، في ذلك الوقت، في كلمته أمام لجنة الدفاع والشؤون الخارجية بمجلس النواب اللبناني، يوم 24 أكتوبر 1977، حيث ذكر أن "الجنوب اللبناني، أصبح، الآن، ورقة ضغط لأكثر من فريق، يستخدمها في السباق الدبلوماسي" . كما يؤكد فؤاد بطرس المعلومات، التي توافرت لدي العديد من المراقبين، بأن الوضع في جنوب لبنان، أصبح مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بمؤتمر جنيف. فإسرائيل يمكنها أن تشن هجوماً واسعاً، لاجتياح الجنوب اللبناني، كورقة ضغط على الدول العربية، للذهاب إلى  جنيف، من دون تمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية. كما أنه في حالة نجاح انعقاد مؤتمر جنيف في موعده المحدد، في آخر ديسمبر 1977، قد يجد الجنوب اللبناني الفرصة للحل وتحقيق الأمن".

          والواقع أن هذه المرحلة الزمنية المهمة، شهدت العديد من المتغيرات التي كان أولها وأهمها:
مسيرة السلام، التي بدأتها مصر بمبادرة رئيسها الراحل محمد أنور السادات إلى زيارة القدس، في 19 نوفمبر 1977، وما أعقبها من تحركات، واتجاهات ما بين الرفض والموافقة، للانضمام إلى المسيرة. وقد اتجهت التحليلات السياسية لأي أزمة، تتصاعد في المنطقة، في هذا التوقيت، إلى ربطها بزيارة القدس، ومعطيات السلام الجديدة. وهذا هو ما عبّر عنه، وزير الخارجية اللبناني.

          ومنطقة الشرق الأوسط، بدولها العديدة، كانت، في هذا الوقت، تعبُر مرحلة تاريخية ما بين الحرب والسلام. وكان لا بد أن يصاحب هذا العبور أزمات وصراعات، تعكس آثارها علي مسيرة الأمم المختلفة. وأقلّ هذه الانعكاسات هو توقع إعتداءات، أو الشروع فيها. وهذا ما حدث فعلاً، على الجانب الإسرائيلي، على الرغم من أن إسرائيل، كانت تخوض، فعلاً، حرب استنزاف ضد المقاومة الفلسطينية، تؤثر فيها في المجالات المختلفة. والواقع أن اشتراك إسرائيل في حروب الاستنزاف، على طول حدودها، في فترات مختلفة، جعلها تواجه مصاعب اقتصادية حادة، لأن الحفاظ على جيش تقليدي قوي، أصبح عبئاً ثقيلاً على الدولة اليهودية .

          والمتغير الثاني: هو شعور إسرائيل بحرية العمل الفدائي الفلسطيني، من دون وجود سلطة لتحجيمه. وللأسف، فإن منظمة  التحرير الفلسطينية، أخطأت، للمرة الثانية، في الجنوب اللبناني، خطأها الأول نفسه، في شرقي الأردن. فلم تسعَ لتحقق الحد الأدنى من التنسيق والتعاون مع السلطة اللبنانية، بل إنها انحازت إلى فئة دون أخرى، واختلفت أهدافها مع الأهداف السورية داخل لبنان. ومن ثمّ، أصبح وجودها في الجنوب اللبناني، "أو عموم لبنان"، شيء غير مرغوب فيه، سواء من جانب السلطة اللبنانية، أو من جانب إسرائيل. ومن ثم، وقعت بين حَجَرَي الرحا ... لذا، فإن "حملة الليطاني"، كان هدفها تدمير المقاومة الفلسطينية، والتخلص منها نهائياً.

          المتغير الثالث: كان على أرض لبنان نفسها، حيث أصبحت ميداناً لصراعات، إقليمية وعالمية، بين أطراف رئيسية، تستغل هذه الساحة، بأسلوب "الحرب بالوكالة". فوجود قوات سورية في لبنان (حوالي 25 ألف مقاتل في ذاك الوقت) كان واقعاً قننه مؤتمر الرياض، عام 1976، باشتراك قوات رمزية من الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية والسودان، لإعطاء هذه القوات صفه "القوات العربية". كما ساعدت القوات السورية على "تمرير" مساعدات، عراقية وإيرانية، إلى بعض الأطراف. وفي المقابل، كان هناك مساعدات، غربية ومسيحية، للفئات المارونية، وحزب "الكتائب". وكان هناك مساعدات سوفيتية لليساريين اللبنانيين. ومن خلال تلك المساعدات، كانت الحرب تدور بين الفئات  المتصارعة، ولم يكن من السهل على دولة "حدودية"، مثل إسرائيل، أن تقف مكتوفة اليدين ... بمعني أن لا يكون لها وجود، سواء من طريق التحالف "مع جيش لبنان الجنوبي"، أو الوجود بقواتها نفسها، وهذا ما حدث فعلاً.

------------------



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة