الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

 
حملة الليطاني
خريطة لبنان
اُنظــــر كـــذلك
 
سلام الجليل الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1982، (سلام جليل)
مذبحة قانا الاجتياح الإسرائيلي للجمهورية اللبنانية، 1996، (مذبحة قانا)
الحرب الأهلية اللبنانية
الجمهورية اللبنانية

صدور قرار مجلس الأمن الرقم (425)

تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 425 لسنة 1978

          وُوفِق على قرار مجلس الأمن الرقم 425، يوم 19 مارس 1978، بعد مشاورات استمرت لمدة يومين كاملين (18، 19 مارس 1978). والقرار قُدّم من الولايات المتحدة الأمريكية، ويقضي بإيقاف النيران، وانسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني وحلول قوات للأمم المتحدة فوراً في هذه المناطق، على أن تكون هذه القوات تابعة للحكومة اللبنانية (ويلاحظ أن القرار لم يحدد أماكن وجود قوات الأمم المتحدة، هل على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية، أو على ضفاف نهر الليطاني، الذي وصلت إليه القوات الإسرائيلية، وتوقفت على ضفته الجنوبية! وقد تمت الموافقة على القرار بأغلبية 13 صوتاً، وامتناع الاتحاد السوفيتي وتشيكوسلوفاكيا عن التصويت.

ويقرأ النص الرسمي للقرار الرقم 425 الصادر في 19 مارس 1987 كما يلي :

"إن مجلس الأمن، استناداً إلى رسالتي الممثل الدائم للبنان، غسان التويني، والممثل الدائم لإسرائيل،  حاييم هرتسوج، وبعد أن استمع إلى كلمتي المندوبين الدائمَين للبنان وإسرائيل، وإذ يعرب عن قلقه البالغ لتفاقم الوضع في الشرق الأوسط، واقتناعاً منه بأن الموقف الراهن يعوق تحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط.

1. يطلب أن تحترم بدقة، وحدة وسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي، داخل حدوده المعترف بها دولياً.

2. يدعو إسرائيل، إلى توقف عملياتها العسكرية ضد وحدة وسلامة أراضي لبنان، وأن تسحب قواتها دون إمهال من كامل الأراضي اللبنانية.

3. يقرر، بناءً على طلب الحكومة  اللبنانية، أن تنشئ فوراً قوة مؤقتة تحت سلطته لجنوب لبنان، من أجل تأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية، وإقرار السلام والأمن الدوليين، ومساعدة الحكومة اللبنانية على تأمين عودة سلطاتها الفعلية إلى المنطقة، على أن تكون هذه القوة مؤلفة، من عناصر تقدمها الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.

يرجو الأمين العام للأمم المتحدة، أن يُقدم إليه، خلال الأربع والعشرين ساعة القادمة، تقريراً حول تطبيق هذا القرار".

ردود الفعل تجاه القرار

          مثلما يحدث دائماً في شأن القرارات الصادرة في خصوص الصراع العربي ـ الإسرائيلي، فقد لازم إصدار القرار تباين في ردود الفعل، نتيجة لاختلاف المواقف والأهداف على الساحتين، الإقليمية والدولية، علماً أن هذا التباين، لم يغير في الأمر شيئاً، لأن إسرائيل، دائماً لا تنفذ قرارات الأمم المتحدة، حتى ولو كان مشروع القرار نابعاً من الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. وقد كانت ردود الفعل كالآتي:

أولاً: الفلسطينيون

          على الرغم من أن العمليات العسكرية، دارت بين الفلسطينيين وإسرائيل، إلاّ أن القرار خلا تماماً من أي ذكر للفلسطينيين. ورأت منظمة التحرير الفلسطينية، من وجهة نظرها، أن القرار غير متوازن، وجاء في مصلحة إسرائيل، ومن أجل خدمة أهدافها في الجنوب اللبناني، ويستهدف الوجود  الفلسطيني أساساً. كما أن وضع قوات دولية تحت سلطة الحكومة اللبنانية، لم يكن الهدف منه معروفاً، خصوصاً مع استمرار تنازع السلطة في لبنان، في تلك الفترة. لذلك، فإن السلطة الفلسطينية وضعت علامة استفهام أمام مستقبل استخـدام تلك القوات. ولكل هذا، عارضت منظمة التحرير الفلسطينية هذا القرار بشدة.

ثانياً: إسرائيل

          رأت إسرائيل أن القرار ناقص، وغير متكامل، إذ لم ترد فيه فقرة عن الإرهاب الذي يُرتكب ضد إسرائيل. ورأت أن انسحابها، قبل أن تحقق مهمتها بالقضاء على المقاومة الفلسطينية في الجنوب اللبناني، يأتي ضد مصلحتها، بل ضد أمنها، الذي تلتزم الولايات المتحدة الأمريكية بتحقيقه. وقد انعكس هذا التصور في عدم استجابة إسرائيل الفورية لتنفيذ القرار، إذ استمرت في احتلال الجنوب اللبناني لفترة طويلة بعد ذلك، لم تنتهي حتى الآن.

ثالثاً: الدول العربية

          راوحت مواقف الدول العربية ـ كعادتها ـ بين مؤيد ومعارض، ومحايد. وقد زاد من هذا الانقسام، أن معظم الدول العربية، في هذا التوقيت، كانت تعارض مسيرة السلام، التي بدأتها مصر، بزيارة الرئيس السادات إلى القدس في نوفمبر1977. في الوقت نفسه، فإن تجربة العرب مع القرار 242 وما تلاه من قرارين الرقمين (338، 339)، جعلها تعلم مقدماً، أن مثل هذه القرارات لن تنفذها إسرائيل. ولذلك، كان الاهتمام العربي يتجه إلى إيقاف القتال أساساً، من أجل حماية المقاومة الفلسطينية، وعدم تركها في الساحة منفردة في مواجهة إسرائيل.

رابعاً: القوتَّان العُظمَيان

          كانت الولايات المتحدة الأمريكية، حريصة على إنجاح قرار إيقاف القتال، بما يحقق مصلحتها في المنطقة، وأمن إسرائيل لأن مشروعه صدر عنها. والمدقق في نص البيان، يرى أن واشنطن، كانت تهدف إلى استكمال مسيرة السلام، الذي بدأت مصر أولى خطواته، كما تريد أن تظهر موقفاً متوازناً تجاه دول المنطقة، فضلاً عن أن لبنان مرتبط بمصالح سياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية، تريد أن تبقي عليها، حتى لا تطأ أقدام الاتحاد السوفيتي تلك الدولة.

          أمّا الاتحاد السوفيتي، فقد امتنع عن التصويت، ولم يستخدم حق النقض "Veto " ضد القرار، لأنه كان يرغب في إيقاف القتال، حتى لا تتورط سورية في هذه الحرب. كما كان يرغب في إدانة إسرائيل لعدوانها. ولكن الاتحاد السوفيتي كان يلوح، في الوقت نفسه، للولايات المتحدة الأمريكية أنه كقوة عظمى، كان يجب أن يكون هناك تنسيق بينهما قبل طرح القرار، كما حدث في الجولات العربية ـ الإسرائيلية السابقة .

قوات الأمم المتحدة ودورها في لبنان

تشكيل قوات الأمم المتحدة في لبنان، اليونيفيل
UNIFIL" United Nations Interim Force In Lebanon
 "

          قدّم الأمين العام للأمم المتحدة، كورت فالدهايمKurt Waldheim، تقريراً إلى مجلس الأمن عن تشكيل قوات مؤقتة. وتم إقراره في 19 مارس 1978، بناء على مشروع قرار قدمته بريطانيا.وقد نص التقرير " على أن تتكون القوة من أربعة آلاف جندي، مسلحين بأسلحة دفاعية، لا تستخدمها إلاّ في حالة الدفاع الشرعي، لمقاومة أي محاولة لمنعها بالقوة من تأدية واجباتها". وستكون  نفقات هذه القوة في حدود 68 مليون دولار، لمدة ستة أشهر، تؤمن على أساس أنها نفقات للمنظمة الدولية، يتعين على الدول الأعضاء أن تتحملها، كل بحسب نصيبها في ميزانية الأمم المتحدة. وستكون هذه القوات مسؤولة عن حفظ الأمن في منطقة العمليات، ولذلك فعليها أن تشرف على الدخول والخروج منها، كما ينبغي عليها التعاون مع السلطات اللبنانية، بما فيها الجيش والشرطة، من أجل إعادة السيادة اللبنانية على هذه المنطقة.

مدى نجاح قوات الأمم المتحدة في لبنان

          حدّد قرار مجلس الأمن الرقم 425 ثلاث مهام لقوات الطوارئ الدولية، هي: "تأكيد انسحاب القوات الإسرائيلية، وإعادة السلام والأمن الدوليين، ومساعدة الحكومة اللبنانية على فرض سيطرتها على الجنوب".

          والمهام، طبقاً للمنطوق الوارد أعلاه، تعد مثالية، ولكنها لا تتماشى مع مفهوم إسرائيل أو إدارتها، أو على إمكانيات الحكومة اللبنانية وجهدها. فإسرائيل لم تستجب لفكرة الانسحاب، إلاّ بعد أن يتحقق هدفها في تدمير المقاومة الفلسطينية. وهذا يتطلب وقتاً، وجهداً لا يتلاءمان مع استئناف القوة الدولية لمهامها. والمقاومة الفلسطينية كانت تستند إلى اتفاقية القاهرة، التي منحتها شرعية الوجود في الجنوب اللبناني، واتفاقية "شتوره" ، التي نظمت الوجود الفلسطيني في الجنوب، ورحيلها الآن ليس أمراً سهلاً، لأنها لو أرادت، فإلى أين؟ وقد سبق لها أن طُردت من الأردن في أعقاب أحداث أيلول الأسود، عام 1970. إذاً، فهي تدافع عن وجودها بكل ما تملك، ولا سيما أن الحكومة اللبنانية واجهة حكم رمزية فقط لدولة لبنان. أمّا إمكانياتها، فلم تكن تسمح بالسيطرة على أي شيء خارج  بعض ضواحي بيروت .

          لذا، وجدت قوات الأمم المتحدة صعوبات جمة في تعاملها مع الأطراف الثلاثة، وصلت إلى حد الصدامات المسلحة، التي سقط فيها قتلى وجرحى من القوات الدولية. فقد وقع صِدام مسلح بين القوات الدولية (الفرنسيين) والمقاومة الفلسطينية في صور، يوم 2 مايو 1978. وتجاوز القتلى والجرحى من القوات الدولية 32 فرداً، سواء نتيجة الاشتباك أو التورط في حقول ألغام.

          وكانت القوات الدولية عازمة على تنفيذ مهامها، طبقاً لقرار مجلس الأمن، الذي يدعو إلى إحلالها محل القوات الإسرائيلية التي تنسحب، مع الحيلولة دون تسلل الفلسطينيين جنوباً، أو حتى وجودهم المسلح. وقد رفض العديد من منظمات المقاومة وقف أو إنهاء وجودهم المسلح في الجنوب، على أساس أنه عمل مشروع ضد إسرائيل، ويستند إلى اتفاقيات عربية، لا تملك المنظمة الدولية سلطة إلغائها. وأدى ذلك، في النهاية، إلى استمرار وجود المقاومة في الجنوب اللبناني، واستمرار الاشتباكات بينها وبين القوات الدولية، التي وصلت إلى ذروتها يوم 2 مايو، عندما حاولت القوات الدولية الاستيلاء على بعض المواقع الفلسطينية في حوض نهر الليطاني، قرب مدينة صور.

          ولم تقتصر الأزمة بين القوات الدولية والفلسطينيين فقط، بل إنها تصاعدت، في الوقت نفسه، مع القوات الإسرائيلية وحلفائها "الميليشيات المسيحية"، جنوبي لبنان. فقد اصطدمت تحركات الميليشيات في الجنوب اللبناني مع مواقع القوة الدولية، ومن ثم، اتهمتها إسرائيل بأنها تنحاز إلى جانب الفلسطينيين ضد هذه الميليشيات. كما كانت التحركات الإسرائيلية الكثيرة في الجنوب اللبناني، لمعاونة الميليشيات أو الإغـارة على مواقع فلسطينية، أو القبض على فلسطينيين، تشكل إزعاجاً شديداً للقوات الدولية. بل إن إسرائيل اتهمت القوات  الدولية بمعاونة الفلسطينيين على استقرارهم في الجنوب، في مناطق أخلاها الجيش الإسرائيلي، وسلمها إلى القوات الدولية، وخصوصاً منطقة جُوَيّا. وقد أدى التصادم المستمر بين القوات الدولية والفلسطينيين من جانب، وبينها وبين الإسرائيليين والميليشيات المسيحية من جانب آخر، إلى أن لجأت هذه القوات إلى ما يسمى "بسلبية الإجراءات"، بدءاً من عام 1979، حين انكمشت في نقاط محددة، مع تنشيط الدوريات، والتقليل من المواجهات. وعلى الرغم من ذلك، استمرت في الصدام ضد الجانب الإسرائيلي والميليشيات المسيحية، في الوقت الذي تحسنت فيه صورة المقاومة الفلسطينية بتعاونها مع القوات الدولية. ويذكر بعض الجنود الهولنديين لإحدى صحفهم، في صيف عام 1979، انطباعهم عن المعاملة الإسرائيلية السيئة لجنود القوات الدولية بقولهم: "إنه من المؤسف أن النازيين، لم ينهوا المهمة، كما يجب، مع اليهود في أوروبا" .

آثار الغزو الإسرائيلي في أطراف الصراع

          لَمْ تحقق حملة الليطاني الهدف الإسرائيلي منها، إلاّ علي المدى القصير فقط. ومع توالي الأيام، زالت هذه الآثار، ولم يبقَ إلاّ ما تحمّله الطرفان من الخسائر: الإسرائيلي من جانب، واللبناني ـ الفلسطيني من جانب آخر. وأضيفت نتاج هذه الحملة إلى سجل الفشل الإسرائيلي، وهو الذي أدى بها أن تكرر هذا الغزو (بصورة أقلّ جدية) في يونيه 1981، ثم بصورة أشـمل في عملية "سـلام الجليل"، عام1982.

          وعلى الرغم من ذلك فإن آثار الغزو ظلت لفترة، ليست بالقصيرة، مؤثرة على الأوضاع في لبنان، سواء في جانب الدولة اللبنانية أو في الجانب الفلسطيني. كما كان لها ردود فعل مضادة على الوجود السوري في لبنان. وامتدت آثارها أيضاً على المستويين، العربي والعالمي. وكان أول ردود الفعل هذه، ما حدث من مظاهرات تأييد ضخمة للفلسطينيين، شهدتها عاصمتا سورية والأردن ومدنهما، سرعان ما انقلبت إلي احتجاج على موقف قوات الردع، السورية والعربية، في لبنان، لأنها لم تتدخل ضد العدوان الإسرائيلي، وتساند الفلسطينيين. وقد سجلت هذه الفترة خروج اللاجئين الفلسطينيين من معسكراتهم في الأردن، للتظاهر تأييداً لأشقائهم في لبنان، وتسجيل أسمائهم للتطوع للاشتراك في المعركة. وأرسل بعض الدول العربية مساعدات للفلسطينيين، عبر سورية، وكان في مقدمها  العراق. ويمكن حصر الآثار في الأطراف المختلفة، في الآتي:

الآثار في لبنان (الدولة) بأطرافها المتعددة

          تأثر لبنان من جراء الغزو كثيراً، وتعارضت الاتجاهات. فبينما تحركت رئاسة الدولة لاتخاذ إجراءات ترمي إلى تحقيق سيطرتها، وتصحيح الأوضاع السيادية والأمنية في لبنان، كانت الجبهة اليمينية، "المتحالفة أساساً مع إسرائيل"، تفكر وتقرر كيف تحقق أهداف إسرائيل في التخلص من الوجود الفلسطيني على أرض لبنان. وكان هناك ثلاثة اتجاهات في لبنان، هي كما يلي:

أولاً: مؤسسة الرئاسة اللبنانية: الرئيس إلياس سركيس

          سارع في محاولة احتواء الموقف، ولمّ أركان السيادة اللبنانية. وكان لا بد له أن يحدد موقف "قوات الردع السورية"، واستخدامها في فرض السيطرة على الجنوب اللبناني. وعُقدت قمة اللاذقية، في 31 مايو 1978، بين الرئيسين سركيس والأسد، حيث تقرر إشراك عناصر من الجيش السوري مع قوات الأمن والجيش اللبناني، للوصول إلى منطقة الجنوب اللبناني، وفرض السيطرة عليه، بالتعاون مع قوات الأمم المتحدة، تنفيذاً للقرار الرقم 425.

          وهنا، بدأت أزمة جديدة في لبنان، حيث عارضت القوى السياسية اللبنانية إشراك القوات السورية. وكانت وجهة نظر المعارضين، أن دخول هذه القوات، سيؤدي إلى "تدويل المشكلة اللبنانية". ومع اشتداد المعارضة، وقعت حادثة اغتيال نجل رئيس الجمهورية السابق، سليمان فرنجية، وبعض أفراد الأسرة والمقربين، احتجاجاً على تأييده لدخول القوات السورية إلى الجنوب. وقد أدى ذلك، إلى مواجهة بين القوات السورية وحزب "الكتائب". وتأزمت الأمور حتى كادت الحرب الأهلية أن تشتعل مرة أخرى. وقد حسمها الرئيس سركيس بتهديده بالاستقالة، فتراجعت الأطراف المختلفة عن  مواقفها، لِما ستسببه تلك الاستقالة من تدهور في الموقف، وعدم إمكان انتخاب رئيس جديد للبنان . وقد استغل الرئيس سركيس هذه الظروف في اتخاذ عدداً من الإجراءات لمصلحة "لبنان الدولة"، كان منها:

  1. تقنين شرعية القوات السورية في لبنان، والحدّ من صلاحياتها.
  2. فرض تنفيذ اتفاقيتَي القاهرة والرياض، الخاصتين بتنظيم الوجود الفلسطيني على أرض لبنان والتزام الفلسطينيين بهما.
  3. الإسراع في عملية بناء قوات الجيش والأمن ا يين، لإقرار السيادة اللبنانية، ومن ثم، إمكان الاستغناء عن قوات الردع السورية.
  4. ترتيب أوضاع لبنان من الداخل، والحد من سيطرة الميليشيات المسلحة، وإيجاد صيغة لتعايش الفئات اللبنانية المختلفة مع بعضها في سلام، في ظل لبنان موحد.

          ولا شك أن الرئيس سركيس، كان مبالغاً مع آماله لتحقيق كل هذه الإجراءات. ولكنها كانت بداية، دخلت في متاهات الشدّ والجذب، وكثيراً منها لم يتحقق، ولكن القليل تحقق فعلاً، وكانت له آثاره في دولة لبنان.

ثانياً: "الجبهة اللبنانية" (القوى اليمينية)

          كانت هذه الجبهة هي التي ترفع لواء "التخلص من المقاومة الفلسطينية على أرض لبنان". وفي الاجتماع الذي عقدته الجبهة اللبنانية، برئاسة كميل شمعون وسليمان فرنجية، لبحث العدوان الإسرائيلي على جنوبي لبنان، ووسائل مواجهته ، تم الاتفاق على أنه: "إذا كانت الجبهة اللبنانية غير مهتمة بالخسائر في صفوف الفلسطينيين، واللبنانيين المتحالفين معهم، إلاّ أنها معنية بالآثار السياسية، التي خلّفها اجتياح إسرائيل للجنوب". وهي، كما تراها الجبهة:

  1. انتهاك السيادة اللبنانية، بشكل يتنافى مع الأعراف والمواثيق الدولية.
  2. الإمعان في "التأزم" الناتج عن الوجود الفلسطيني في لبنان. وفي رأي بعض أعضاء الجبهة، أنه إذا كان هذا الوجود، بالشكل الذي يتخذه حالياً، يتعارض مع السيادة اللبنانية، فإن إزالته ليست مهمة إسرائيلية، ولا يمكن تحقيقها على الطريقة الإسرائيلية، بل هي مهمة لبنانية ـ فلسطينية ـ عربية مشتركة، تتم بالأسلوب الهادف إلى توزيع الفلسطينيين على الدول العربية، أي "توطين الفلسطينيين"، من جهة، وضبط تجاوزاتهم، وتخفيف أسلحتهم من جهة أخرى. وتركّزت جهود الجبهة في تأكيد أن كل اتفاقيات السلطات اللبنانية مع المقاومة  الفلسطينية، سقطت نتيجة لتجاوزاتها، التي أدت إلى هذا العدوان الإسرائيلي. ومن ثمّ، فإن اتفاقيتَي القاهرة وشتوره، قد سقطتا بدورهما. وطالب زعماء الجبهة بإنهاء الوجود الفلسطيني المسلّح على جميع الأراضي اللبنانية. وهذه النقطة بالذات، آثارها كميل شمعون، وتولى تبليغها إلى الرئيس سركيس.


الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة