الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة    

ج. الصحوة الإسلامية وظهور حركات تدعو إلى الجهاد

استهدفت مخططات اليهود تغييب الإسلام، كعقيدة محركة للجهاد، عن ساحة المواجهة، وذلك لعلمهم أنه لا قبل لهم بحرب دينية، يحركها الإسلام في المنطقة!

لكن سياستهم في تحييد الإسلام، ومحاولاتهم لإقصائه عن حياة الناس وصراعهم مع اليهود، باءت بالفشل، ولم تحقق أهدافها. فبعد أن ظنوا بأنهم استطاعوا سلخ أبناء الشعب الفلسطيني عن عقيدتهم، وتحويلهم إلى علمانيين لا دين لهم، فوجئوا بصحوة نضجت على نار هادئة، واستوى عودها، وتحولت إلى تيار جارف يصعب إيقافه.

والحقيقة أن الشعب الفلسطيني جرب كثيراً من المعتقدات والمبادئ، التي غزت السّاحة العربية في ظل الاستعمار الغربي، وسُمح لها بالانتشار بين مختلف فئات الناس، وقدم لها الدعم والتسهيلات لتأخذ مجراها، وتنتشر أفكارها، مما شكل عاملاً من عوامل تفريق الشعب، وترسيخ جذور الخلاف بين أبنائه. ولمّا أن جرب الفلسطينيون ذلك، ورأوا النتائج السّلبية التي عادت عليهم بأنواع من الشرور، وجدوا أن الحل لمشاكلهم والخلاص منها، إنما يكون بالعودة إلى القرآن والسنة.

ومن هنا ظهرت بدايات الصّحوة في أواخر السبعينات، وبدأت تنتشر بسرعة فاقت كل التوقعات، وزحفت نحو مناطق الفلسطينيين، الذين يقطنون في المجتمعات اليهودية في المناطق المحتلة عام 1948، وطالت الصحوة كل فئات المجتمع، وأثرت على عرب النقب، الذين وجدوا فيها ضالتهم لتخليص شبابهم من شرك الخدمة العسكرية، التي انخرطوا فيها نتيجة لجهلهم بأمور الدين.

هذه الصحوة، التي شملت كل مناطق فلسطين المحتلة، أدت إلى ظهور حركات إسلامية تدعو للجهاد والمقاومة، مثل حركة المقاومة الإسلامية "حماسالتي تُعد فرعاً من فروع جماعة الإخوان المسلمين، وحركة الجهاد الإسلامي.

إن حركة المقاومة الإسلامية "حماسانطلقت من فكر سياسي، يرتكز على الدين الإسلامي فهماً وعقيدة وسلوكاً واجتهاداً، من أجل بناء منهج حياة تنبع منه إرادة جهادية، تمكِّن الأمة من إثبات أفضليتها الخيرة، إلى جانب الأقوام والأمم. وإلى ذلك أشار بيان الحركة الصادر في 30 سبتمبر 1991، حيث جاء فيه: "فالإسلام منهجها، ومنه تستمد أفكارها ومفاهيمها وتصوراتها عن الكون والحياة، وإليه تحتكم في تصرفاتها، ومنه تستلهم ترشيد خطاها..".

كان ظهور حماس قوياً خلال الانتفاضة الأولى، حيث صدر بيانها الأول في 14 ديسمبر 1987، الذي بدأت من خلاله توجيه فعاليات الانتفاضة.

هذه الصحوة الإسلامية، التي شهدتها فلسطين المحتلة، شملت أنشطة دعوية وتوجيهية مختلفة. فقد أنشئت مراكز لتحفيظ القرآن الكريم، بلغ عددها مع نهاية العام 2000 حوالي 600 مركز، وأنشئت مدارس ذات صبغة دينية، حيث اتضحت حقيقة اليهود، المبنية على ما ورد في القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا.. (المائدة: 82). وقوله تعالى: لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جُدُر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون (الحشر: 14). وغير ذلك من الآيات والأحاديث النبوية، التي فصّلت حال اليهود، وحذرت منهم، وبينت كيفية قتالهم.

هذا كله أعطى دفعاً قوياً للانتفاضة، لتأخذ شكلها العنيف، وسط إصرار عجيب على المواصلة، على الرغم من الجراحات والمصائب.



الصفحة الأولى الصفحة السابقة الصفحة التالية الصفحة الأخيرة